بسم الله الرحمن الرحيم
عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللهِ”. رَواهُ التِّرمذيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ أَيْ مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يُحَاسَبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ وَإِنَّمَا يَخِفُّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا.
فالْكَيِّسُ (أَيِ الْعَاقِلُ الْمُتَبَصِّرُ فِي الْأُمُورِ النَّاظِرُ فِي الْعَوَاقِبِ) مَنْ دَانَ نَفْسَهُ أَيْ حَاسَبَهَا وَأَذَلَّهَا وَاسْتَعْبَدَهَا وَقَهَرَهَا حَتَّى صَارَتْ مُطِيعَةً مُنْقَادَةً وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِهِ فَالْمَوْتُ عَاقِبَةُ أَمْرِ الدُّنْيَا؛ فَالْكَيِّسُ مَنْ أَبْصَرَ الْعَاقِبَةَ وَالْعَاجِزُ الْمُقَصِّرُ فِي الْأُمُورِ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا (مِنَ الْإِتْبَاعِ أَيْ جَعَلَهَا تَابِعَةً لِهَوَاهَا) فَلَمْ يَكُفَّهَا عَنِ الشَّهَوَاتِ وَلَمْ يَمْنَعْهَا عَنْ مُقَارَنَةِ الْمُحَرَّمَاتِ وَتَمَنَّى عَلَى اللهِ الْأَمَانِيَّ؛ فَهُوَ مَعَ تَفْرِيطِهِ فِي طَاعَةِ رَبِّهِ وَاتِّبَاعِ شَهَوَاتِهِ لَا يَعْتَذِرُ بَلْ يَتَمَنَّى عَلَى اللهِ الْأَمَانِيَّ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ.
دعاة خير نشر الخير والفضيله هدفنا على مذهب أهل السنة والجماعة