المقدمة
الحَمدُ للهِ الَّذِي أَنشَأَ وَبَرَا، وَخَلَقَ المَاءَ وَالثَّرَى، وَأَبْدَعَ كُلَّ شَيْءٍ وَذَرَا، لَا يَغِيبُ عَن بَصَرِهِ صَغِيرُ النَّمْلِ فِي اللَّيلِ إِذَا سَرَى، ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَىٰ﴾، أَنْزَلَ الكِتَابَ عَلَى مُحَمَّدٍ فِيهِ الآيَاتُ البَيِّنَاتُ وَالهُدَى، أَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ الَّتِي لَا تَزَالُ تَتْرَى، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ المَبْعُوثِ فِي أُمِّ القُرَى، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى صَاحِبِهِ فِي الْغَارِ أَبِي بَكرٍ بِلَا مِرَا، وَعَلَى عُمَرَ الْمُلْهَمِ فِي رَأيِهِ فَهُو بِتَوفِيقِ اللهِ يَرَى، وَعَلَى عُثمَانَ زَوجِ ابْنَتَيْهِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى، وَعَلَى ابنِ عَمِّهِ عَلِيٍّ بَحْرِ العُلُومِ وَأَسَدِ الشَّرَى، وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ الَّذِينَ انتَشَرَ فَضلُهُمْ فِي الوَرَىَ، وسَلَّمَ تَسلِيمًا كَثِيْرًا، أَمَّا بَعدُ:
تنبيه: نقد لمزاعم بعض أدعياء المشيخة حول دخول غير المسلمين الجنة
ينتشرُ في هذهِ الأيامِ كلامٌ لبعضِ أدعياءِ المشيخةِ وأدعياءِ الدعوةِ إلى اللهِ يقولونَ فيهِ وهمْ أكثرُ مِن واحدٍ: إنَّ غيرَ المسلمِ يدخلُ الجنةَ ويوردونَ آيةً مِنَ القرآنِ الكريمِ فيجبُ علينا أنْ ننكرَ هذَا المنكرَ وهذهِ الآيةُ هي: ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ))، ومعنى هذهِ الآيةِ الذين هادوا الذين أي آمنوا بسيدِنا موسى في زمانِه وكانوا معهُ على دينِ الإسلامِ وماتوا على دينِ الإسلامِ والنصارى الذين نصروا عيسى وآمنوا به وكانوا معه على دينِ الإسلامِ والصابئين الذين آمنوا ببعضِ الأنبياءِ وكانوا على دينِ الإسلامِ وماتوا مسلمينَ. الآيةُ عن هؤلاءِ وليسَ عن غيرِ المسلمينَ ولأنَّ فيها وعملَ صالحًا واللهُ يقول: ((وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُوْنَ الْجَنَّةَ)) والذِي يَنْفَعُهُ العملُ الصالحُ هوَ المؤمنُ والمؤمنُ هوَ الذِي يدخلُ الجنةَ. وقد وردَ في صحيحِ مسلمٍ أنَّ سيدَنا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: (والذِي نفسي بيدِه لا يسمعُ بي أحدٌ مِنْ هذهِ الأمةِ يهوديٌ ولا نصرانيٌّ ثم يموتُ ولمْ يؤمنْ بالذي أرسلتُ بهِ إلَّا كانَ مِنْ أهلِ النارِ).
وكذلكَ اللهُ يقولُ: ((وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِيْنًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِيْ الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِيْنَ)) فَلَوْ كَانَ ينفعُهُ دينٌ سوَى الإسلامِ لَمَا قَالَ اللهُ: ((وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِيْنًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِيْنَ)) وَلَمَا قَالَ: ((إِنَّ الدِّيْنَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ)) وَلَمَا قَالَ: ((إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَافِرِيْنَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيْرًا خَالِدِيْنَ فِيْهَا أَبَدًا لَا يَجِدُوْنَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيْرًا)) وَلَمَا قَالَ فِيْ سورةِ النساءِ: ((إِنَّ الَّذِيْنَ كَفَرُوْا وَظَلَمُوْا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيْقًا، إِلَّا طَرِيْقَ جَهَنَّمَ خَالِدِيْنَ فِيْهَا أَبَدًا)).
وَرَوَى مُسلمٌ أنَّ الرسولَ قالَ لسيدِنا عمرَ: يا ابنَ الخطابِ نادِ أنَّه لا يدخلُ الجنةَ إلَّا نفسٌ مؤمنةٌ. قالَ فخرجتُ وناديتُ في الناسِ ألَا إنَّه لا يدخلُ الجنةَ إلا المؤمنونَ فلو كانَ للإنسانِ أن يختارَ أيَّ دينٍ شاءَ لَمَا أرسلَ اللهُ كلَّ الأنبياءِ بالإسلامِ ولَمَا جاهدَ موسى الكفارَ وجاهدَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الكفارَ.
ذِكرُ نَسَبِه الزّكيِّ الطَّيِّبِ الطّاهِرِ ﷺ
نكمل في شَرحِ أَلفِيَّةِ شَيخِ الحُفَّاظِ زَينِ الدِّينِ العِرَاقِيِّ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفَةِ وَوَصَلنَا إِلَى قَولِهِ:
وَأُمُّــهُ ءَامِـنَــةٌ وَالِـدُهَــا *** وَهْـبٌ يَلِيْ عَبْدُ مَنَافٍ جَـدُّهَا
وَهْوَ ابْـنُ زُهْـرةٍ يَلِيْ كِـلَابُ *** وَفِـيـهِ مَـعْ أَبِـيـهِ الِانْتِسَــابُ
(وَأُمُّهُ ءَامِنَةٌ): أي وَالِدَةُ النَّبِيِّ محمَّدٍ ﷺ هِي ءامنةُ المُسلِمَةُ المؤمِنَةُ التَقِيّةُ النّقِيّةُ الهَنِيّةُ الرَّضِيّةُ الوليّةُ صاحِبةُ الكراماتِ والْمَقاماتِ العَلِيّةِ رضيَ الله عَنها، وكانت سيدةَ نساءِ بَنِي زُهرَةَ وكذلِكَ كانَ أبوهَا، وأُمُّها هي بَرَّةُ بِنتُ عبدِ العُزَّى.
وكَانَتْ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ فِي بيتِ عَمِّهَا وُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ، فَمَشَى إِلَيْهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ أَبِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَخَطَبَ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ لابنهِ عبدِ اللهِ وزَوَّجَهَا لعَبْدِ اللَّهِ، وَخَطَبَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ ابْنَتَهُ هَالَةَ بِنْتَ وُهَيْبٍ لِنَفْسِهِ وتزوجهَا، فَكَانَ تَزَوُّجُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَتَزَوُّجُ عَبْدِ اللَّهِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، فَوَلَدَتْ هَالَةُ بِنْتُ وُهَيْبٍ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَكَانَ حَمْزَةُ عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي النَّسَبِ وَأَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَجَعَلَ اللَّهُ فِي بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ النُّبُوَّةَ وَالْخِلافَةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجعَلُ رِسَالَتَهُ.
(وَالِدُهَا، وَهْبٌ يَلِيْ عَبْدُ مَنَافٍ جَدُّهَا، وَهوَ ابْنُ زُهْرةٍ) فهِيَ ءامنةُ بِنتُ وَهْبِ بنِ عَبْدِ مَنافٍ، لَكِن عَبدُ منَافٍ جَدُّ ءامِنَةَ ليسَ هو عبدَ منافِ بنِ قصَيٍّ جدَّ الرسولِ ﷺ، بل هو عَبدُ منافِ بنِ زُهرَةَ بنِ كِلَابٍ، وهو ابنُ عَمِّ عبدِ منافِ بنِ قُصَيِّ بن كلابٍ، فكِلَابٌ له مِنَ الوَلَدِ زُهرَةُ وَقُصَيُّ، جاءَ مِن نسلِ قصيٍّ عبدُ اللهِ والدُ النبيِّ ﷺ، ومِن نَسلِ زهرَةَ ءامنَةُ والدَةُ النبيِّ ﷺ، (يَلِيْ كِلَابٌ): أي يَلِي زهرَةَ فِي النَّسَبِ كِلَابٌ، فأبُو زهرَةَ هو كِلَابٌ بنُ مُرَّةَ، وهو أبُو قصيٍّ الذِي مِن نَسلِهِ الرَّسولُ ﷺ. (وَفِيهِ مَعْ أَبِيهِ الِانْتِسَابُ) أي يَجْتَمِعُ نَسَبُ النَّبِيِّ ﷺ مِن جِهَتَيْ وَالِدَيْهِ فِي كِلابٍ، فَهُوَ جَدُّ أجدَادِ ءامِنةَ مِن جهةٍ وجَدُّ أجدادِ عبدِ اللهِ مِن جِهةٍ أُخرَى.اهـ
والقولُ الصحيحُ والمعتَمَدُ في أبوَيِ الرسولِ ﷺ أنهمَا ناجيَانِ ولم يمُوتَا كافرَينِ،
أهل الحقّ يقولون أنّ والدا النّبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم ماتا مسلمين:
قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه في كتاب الفقه الأكبر: ووالِدا الرسولِ ما ماتا كافِرَين. لكن بعضُ النُّسَّاخ حرّفوا فكتبوا ماتا كافِرين وهذا غلط شنيع، نحن لا نقول ماتا كافرَين إذ لا مانع من أن يكونا أُلهِما الإيمانَ بالله فعاشا مؤمنين لا يَعبُدان الوَثَن،
أمّا حديث (إنّ أبي وأبَاكَ في النّار) فهو حديثٌ معلولٌ وإن أخرجه مسلم.
فإن الحديث المعلول هو ما كانت فيه علة خفية تقدح في صحته مع أن ظاهره السلامة منها، كأن يكون في السند انقطاع أو إبدال راو ضعيف بثقة أو تدليس خفي أو يكون في متن الحديث إدراج أو زيادة شاذه، وراجع للزيادة في شأنه مقدمة ابن الصلاح وشرح ألفية العراقي للسخاوي، وتدريب الراوي في شرح تقريب النواوي للسيوطي.
والسّيوطيّ في مؤلَّف لهُ سَمّاه إتحافُ الحُنَفا في نَجاةِ أبَوَي المصطفى ردَّ فيهِ حديثَ مُسلِم (إنّ أبي وأباكَ في النّار).
وأمّا حديث (إن الرسولَ مكثَ عند قبر أمّه فأطال وبكى فقيل له يا رسول الله رأيناك أطلْتَ عند قبرِ أمّكَ وبكَيْتَ فقال إنّي استأذَنتُ ربّي في زيارتها فأذِن لي وطلَبتُ أن أستغفر لها فمنعني) هذا الحديث أيضًا في مسلم وهذا الحديثُ مؤوّل بأن يقالَ إنّما منَعَه من أن يستغفرَ لها حتى لا يلتبس الأمر على الناس الذينَ مات ءاباؤهم وأمّهاتُهم على عبادة الوَثن فيستغفروا لآبائِهم وأمّهاتِهمُ المشركينَ لا لأنّ أمَّ الرسولِ كانت كافرةً.
وهكذا يُرَدُّ على الذين أخذوا بظاهر الحديث فقالوا إنّ والدةَ الرسولِ مُشركةٌ لذلك ما أُذِنَ له بأن يستغفر لها،
والله يقول لنبيه ((وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُون)). والدليلُ على أنّ أمَّه كانت مؤمنةً أنها لما ولدته أضاء نورٌ حتى أبْصَرت قصورَ الشام وبين المدينة والشام مسافةٌ بعيدةٌ، رأت قصورَ بُصرَى وبُصْرى هذه من مدُن الشام القديمةِ وهي تُعَدّ من أرضِ حَوران مما يلي الأردن، فأمّه عليه السلام رأت بهذا النّور الذي خرجَ منها لما ولدتهُ قصورَ بُصرَى وهذا الحديثُ ثابتٌ رواه الحافظ ابنُ حجرٍ في الأماليّ وحسّنه، ورؤيةُ ءامنة لقصور بُصرَى يُعَدُّ كرامةً لها لأن هذا خارق للعادة.
وفي التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة للقرطبي (المتوفى 671هـ) قال: (وذلك أن فضائل النبي صلى الله عليه وسلم وخصائصه لم تزال تتوالى وتتابع إلى حين مماته، فيكون هذا مما فضله الله تعالى وأكرمه به، ليس إحياؤهما وإيمانهما بممتنع عقلًا ولا شرعًا، فقد ورد في الكتاب إحياء قتيل بني إسرائيل وإخباره بقاتله، وكان عيسى عليه السلام يحيى الموتى، وإذا ثبت هذا فما يمنع من إيمانهما بعد إحيائهما زيادة في كرامته وفضيلته).
وفي المواهب اللدنية للزرقاني في شرح المواهب اللَّدُنية (وقد بينا لك أيها المالكي حكم الأبوين، فإذا سئلت عنهما فقل إنهما ناجيان في الجنة، إما لأنهما أُحييا حتى آمنا كما جزم به الحافظ السهيلي والقرطبي وناصر الدين بن المنير وإن كان الحديث ضعيفا ،كما جزم به أولهم ووافقه جماعة من الحفاظ لأنه في منقبة وهي يعمل فيها بالحديث الضعيف، وإما لأنهما ماتا في الفترة قبل البعثة ولا تعذيب قبلها، كما جزم به الأبي وإما لأنهما كانا على الحنيفية والتوحيد ولم يتقدم لهما شرك كما قطع به الإمام السنوسي والتلمساني المتأخر محشي الشفاء، فهذا ما وقفنا عليه من نصوص علمائنا ولم نر لغيرهم ما يخالفه.اهـ وقَالَ مُلَّا عَلِيٌّ الْقَارِيْ في شرح الشفا: وَأَبُوْ طَالِبٍ لَمْ يَصِحَّ إِسْلَامُهُ وَأَمَّا إِسْلَامُ أَبَوَيْهِ أي النبي فَفِيْهِ أَقْوَالٌ وَالْأَصَحُّ إِسْلَامُهُمَا عَلَىْ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَجِلَّةُ مِنَ الْأُمَّةِ كَمَا بَيَّنَهُ السُّيُوْطِيُّ فِيْ رَسَائِلِهِ الثَّلَاثِ الْمُؤَلَّفَةِ.اهـ وَقَالَ أَيْضًا: وَأَمَّا مَا ذَكَرُوْا مِنْ إِحْيَائِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَبَوَيْهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ وَقَعَ عَلَىْ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُوْرُ الثِّقَاتُ كَمَا قَالَ السُّيُوْطِيُّ فِيْ رَسَائِلِهِ الثَّلَاثِ الْمُؤَلَّفَاتِ.اهـ
وقد أَلَّفَ السُّيُوْطِيُّ رَسَائِلَ عديدة فِيْ إِثْبَاتِ نَجَاةِ وَالِدَي سَيِّدِنَا رَسُوْلِ اللهِ ﷺ وَهِيَ مَطْبُوْعَةٌ. مِنْهَا: مَسَالِكُ الْحُنَفَا فِيْ أَبَوَيِ الْمُصْطَفَىْ، التَّعْظِيْمُ والْمِنَّةُ فِيْ أَنَّ أَبَوَيِ الرَّسُوْلِ فِيْ الْجَنَّةِ، نَشْرُ الْعَلَمَيْنِ الْمُنِيْفَيْنِ فِيْ إِحْيَاءِ الْأَبَوَيْنِ الشَّرِيْفَيْنِ، الْمُقَامَةُ السُّنْدُسِيَّةُ فِيْ النِّسْبَةِ الْمُصْطَفَوِيَّةِ، الدُّرَجُ الْمُنِيْفَةُ فِي الآبَاءِ الشَّرِيْفَةِ، السُّبُلُ الْجَلِيَّةُ فِيْ الْآبَاءِ الْعَلِيَّةِ، الْفَوَائِدُ الْكَامِنَةُ فِيْ إِيْمَانِ السَّيِّدَةِ آمِنَةَ، وَغَيْرُهَا.
ذِكرُ مَولِدِه وإرضاعِه ﷺ
وَوُلِـدَ النَّـبِـيُّ عـامَ الـفِـيـلِ *** أيْ في رَبيعِ الأَوَّلِ الفَضِيلِ
لِيَـوْمِ الِاثْـنَـيْـنِ مُـبـارَكًـا أَتَـى *** لِلَيلَـتَـينِ مِـنْ رَبِـيـعٍ خَـلَـتَا
وقـيـلَ بَـلْ ذَاكَ لثِنْتيْ عَشْــرَةْ *** وَقِـيـلَ بَـعْـدَ الفـيـلِ ذا بفَـتْرَةْ
بِأَرْبَـعِـينَ أَوْ ثَلَاثِـينَ سَـــنَـةْ *** ورُدَّ ذا الخُـلْـفُ وبَـعْـضٌ وهَّنَهْ
(وَوُلِدَ النَّبِيُّ عامَ الفِيلِ): وُلِدَ النبيُّ ﷺ في مكّةَ في بيتٍ داخلَ زُقاقِ الْمُدَكَّكِ، وهو الآنَ مكتبةٌ مغلقةٌ، قربَ الكعبةِ، يَوْمَ الِاثْنَيْنِ في الثانِي عشرَ مِن شهرِ ربيعٍ الأولِ مِن عامِ الفِيلِ.
وقيلَ عن تاريخِ ولادَتِهِ صلى الله عليه وسلم أنَّه فِي الثانِي من ربيعٍ الأولِ وقيلَ في الثانِي عشرَ منهُ وعليهِ الأكثرونَ، في العامِ الَّذِي أرسَلَ فِيهِ أبرهةُ الأشرَمُ فِيَلَتَهُ مِنَ اليَمَنِ تُجاهَ مَكَّةَ لِهَدمِ الكعبةِ، فجاءَهُ العذابُ مِن فَوقِه.
وكانَ السببُ في ذلكَ أنَّ أبرهةَ بنَ الصَبَّاحِ الحبَشيَّ المعروفَ بأبرَهةَ الأشرَمِ قد بنَى بِصنعاءَ كنِيسةً أسمَاهَا القُلَّيسَ ليَصرِفَ إليهَا الحَجَّ عَن مَكّةَ، فَأَحدَثَ رَجُلٌ مِن كنانةَ فيهَا ولَطَّخ قِبلَتَها بالنَّجاسَةِ احتقارًا لها، فحَلَفَ أبرهةُ الأشرَمُ ليَهدِمَنَّ الكعبةَ، وخَرجَ معَ جنودِهِ إلى الكعبَةِ ليَهدِمَهَا ومعَهُ فِيلٌ، فلَمَّا دنَا مِن مكّةَ أمرَ أصحابَهُ أن يَهجُمُوا على أنعامِ الناسِ في مكَّةَ، فأخذُوا إبِلًا لعبدِ المطّلِبِ، وبعَثَ بعضَ جنودِهِ فقالَ: سَلْ عن شريفِ مَكّةَ وأخبِرْهُ أنِّي لم ءاتِ لقتالٍ وإنما جِئتُ لأهدِمَ هذا البيتَ، فانطَلَقَ حتَّى دخلَ مكةَ فلَقِيَ عبدَ المطَّلِبِ بنَ هاشمٍ فقالَ له: إنّ المَلِكَ أرسَلَنِي إليكَ لأُخبِرَكَ بأنَّه لم يأتِ لقتالٍ إلّا أن تقاتِلُونَا، وإنَّما جاءَ لِهَدمِ هذَا البيتِ ثُمَّ ينصَرِفُ عَنكُم، فقالَ عبدُ المُطَّلبِ: ما لَهُ عِندَنا قِتالٌ وما لنَا به يَدٌ، إنّا سَنُخَلِّي بينَهُ وبينَ ما جاءَ له، فإنَّ هذا بيتُ اللهِ الحرامُ وبَيتُ خليلِهِ إبراهيمَ عليهِ السلامُ، فإنْ يَمْنَعْهُم فهو بَيتُهُ وحَرَمُه وإنْ يُخَلِّ بَينَهُ وبينَ ذَلِك فوَاللَّهِ ما لنا بهِ قُوَّةٌ، قال: فانطَلِق معِي إلى المَلِكِ، فلَمَّا دَخَلَ عبدُ المُطَّلِبِ على أَبرَهَةَ أعظمَهُ وكَرَّمَهُ ثم قال لِتَرجُمانِه: قل له ما حاجَتُكَ إلى المَلِكِ؟ فقالَ لَهُ التَّرجُمانُ، فقال: حاجَتِي أن يَرُدَّ عليَّ مائتَيْ بَعِيرٍ أصابَهَا، فقال أبرهَةُ لِتَرجُمانِه: قُل له لقَد كُنتَ أعجَبْتَنِي حِينَ رَأيتُكَ ولقد زَهِدتُ الآنَ فِيكَ، جِئتُ إلى بَيتٍ هو دِينُكَ لأَهدِمَه فلَم تُكَلِّمْنِي فيهِ وتُكَلِّمُنِي في الإبِل أصَبتُها، فقال عَبدُ المطّلِبِ: أنا رَبُّ هذهِ الإبِلِ (أي مالكُها) ولهذا البَيتِ رَبٌّ سيَمنَعُه، فأَمَرَ بإِبلِهِ فرُدَّت عليه، فخَرَجَ وأخبَرَ قُرَيشًا وأمرَهُم أنْ يَتَفَرَّقُوا في الشِّعابِ ورُؤوسِ الجبالِ خوفًا مِن أذَى الجيشِ إذا دَخَلَ، ففعلُوا. ومن ثم توجه إلى بيت الله وأمسك بحلقة الباب، وأنشد قائلًا:
يا رب لا أرجو لهم سواك **** يا رب فامنع منهم حماك
إن عدو البيت من عاداك **** فامنعهم أن يخربوا قُـراك
فلمَّا أصبحَ أبرهَةُ تهيَّأَ للدخُولِ فبَرَكَ الفيلُ ولم يَمشِ، فبعثُوهُ فأبَى، فضَربُوهُ فأبَى، فوَجَّهُوهُ إلى اليَمَنِ راجِعًا فقام يُهَروِلُ، ووَجَّهُوهُ إلى الشَّامِ ففعلَ مِثلَ ذلكَ، وإلى المشرِقِ ففعلَ مثلَ ذلكَ، فوَجَّهُوهُ إلى الحرَمِ فأبَى، فأرَسَلَ اللهُ طيرًا مِنَ البَحرِ لها خَراطِيمُ كخراطِيمِ الطَّيرِ، وأَكُفٌّ كأَكُفِّ الكِلابِ، وقيل كانت لها رُؤوسٌ كرُؤوسِ السِّباعِ، واختَلَفُوا في ألوانِهَا، فقيل خضراءُ، وقيل سوداءُ، وقيل بيضاءُ، وكانَ مع كُلِّ طيرٍ ثلاثةُ أحجارٍ، حَجَرانِ في رِجلَيهِ وحَجَرٌ في مِنقارهِ، وكانَ حجمُ كُلِّ حجَرٍ فوق حَبّةِ العَدَسِ ودُونَ حَبّة الحِمَّصِ، مَكتوبًا عليهِ اسمُ مَن ينزِلُ عليهِ، يَنزِلُ الحجرُ علَى رأسِ الواحدِ منهُم ويَخرجُ مِن دُبُرِه، فهَلَكُوا ولم يَدخُلُوا الحرَمَ، وانفَلَت أبو يُكْسومَ وزيرُ أبرهَةَ وطائِرٌ يَتبَعُهُ، حتَّى وصلَ إلى أبرَهةَ وأخبرَهُ بما جَرَى للقَومِ، فرَمَاهُ الطّائِرُ بِحَجَرٍ فماتَ بين يَدِيهِ، فأراهُ اللهُ كيفَ كان هلاكُ أصحابِهِ، ولم يمُت أبرهَةُ حتَّى تَقَطَّعَ جسدُهُ أُنمُلَةً أُنمُلَةً وانشَقَّ صدرُهُ عن قَلبِهِ.
(بأربعينَ أَوْ ثَلاثِينَ سَنَة): أي قيل إِنَّهُ وُلِدَ بعدَ عامِ الفيلِ بأربعينَ سنةً وقيلَ بعدَهُ بثلاثينَ سنةً وقيلَ بَعدَه بخَمسِينَ سنةً وقيل بعده بعشرِ سنينَ وقيل كان مولدُهُ بَعدَ الفِيلِ بخَمسةٍ وخَمسِينَ يومًا، وقيلَ غيرُ ذلكَ، إلّا أنّه لَم يَصِحَّ في ذَلِكَ سوَى أنّه وُلِدَ عامَ الفِيلِ. (ورُدَّ ذا الخُلْفُ وَبَعضٌ وَهَّنَهْ): أي وَرَدَّ بعضُ العلماءِ هذَا الخلافَ ونَقَلَ بعضُهُم الإجماعَ على أنَّهُ ولِدَ عامَ الفيلِ وكُلُّ ما يُخالِفُ ذلكَ فَقد رُدَّ أي حَكَمَ عليهِ جمْعٌ مِنَ العُلماءِ بالضَّعْفِ الشَّدِيدِ.
وليُعلَم أنّه يَحسُنُ الفرَحُ بيَومِ ميلادِ النّبيِّ ﷺ، فإنّه ابتهاجٌ بيومٍ وُلِدَ فيهِ رَسولُ الرّحمةِ ونَبيُّ الهُدَى والنُّورِ، وإمامُ الأنبياءِ والمرسَلِينَ، فأَعظِمْ بذلكَ اليومِ وأكرِمْ بهِ وأنعِمْ، والاجتماعُ على قِراءةِ قِصّةِ مَولِدِهِ ﷺ هُوَ اجتِماعٌ على مجموعةِ رحمَاتٍ وبركاتٍ وخيراتٍ ومبرَّاتٍ، وذلكَ لأنّ قصةَ المولِدِ الشّريفِ مُشتِملةٌ على تِلاوةِ ءاياتٍ مِنَ القُرءانِ الكَريمِ، وذِكرٌ لإِكرامِ اللهِ تعالَى رسولَهُ ﷺ وعنايَتِهِ بهِ وتَوَلِّيهِ له وحِفظِهِ، وتَشتمِلُ على ذِكرِ محاسِنِ سيّدِنَا محمّدٍ الخَلْقِيَّةِ والخُلُقيَّةِ، وتشتَمِلُ على الصَّلواتِ والتّسليماتِ وعلى القصائِدِ والمدائحِ النّبويةِ وعلى الدّعَوات والابتِهالاتِ إلى اللهِ تعالى، وإنَّ كلَّ واحدٍ مِن هذِهِ الأمورِ مشروعٌ وقُربَةٌ محبوبةٌ، وعلى هذا جرَى العُلَماءُ العامِلُونَ والأتقياءُ الصالحونَ،
ولا زالَ أهلُ الإسلامِ في سائِرِ الأقطارِ والمُدنِ الكِبارِ يَحتفِلُونَ في شَهرِ مولدِهِ ﷺ بعمَلِ الولائمِ البَدِيعةِ المُشتمِلةِ على الأمورِ الرّفِيعةِ، ويَتصدَّقونَ فِي ليالِيهِ بأنواعِ الصَّدَقاتِ، ويُظهِرُونَ السّرورَ ويَزِيدُونَ في المَبرّاتِ، ويَعتَنُونَ بقراءَةِ مولِدِهِ الكريمِ، ويَظهَرُ عليهِم مِن بَركاتِهِ كلُّ فَضلٍ عَمِيمٍ.
وقَـدْ رَأتْ إذْ وَضَـعَـتْـهُ نُـورَا *** خَـرَجَ مِـنـهَا رَأَتِ القُـصُــورا
قُصـورُ بُصْرَى قَدْ أضاءَتْ ووُضِعْ *** بَـصَـــرُهُ إِلَى السَّــمـاءِ مُـرْتَفِعْ
(وقَدْ رَأتْ إذْ وَضَعَتْهُ نُورًا، خَرَجَ مِنهَا رَأَت القُصُورَا، قُصورُ بُصْرَى): أَي وَقَد رأتْ ءَامِنةُ بِنتُ وَهبٍ رضي اللهُ عَنها حِينَ وَلَدتِ النَّبِيَّ ﷺ نورًا عَظِيمًا فأَضاءَ وانتَشَرَ حتَّى رأتْ بِطَريقِ خَرْقِ العادةِ قصورَ بُصرَى في الشَّامِ التي تَبعُدُ عن مَكّةَ أكثرَ مِن سبعِمِائَةِ مِيلٍ، (قَدْ أضاءَتْ): أي أضاءَتْ تلكَ القُصورُ مِن ذَلِك النُّورِ الَّذِي خَرَجَ مِن ءامِنةَ كرامةً لها ولمولودِهَا.
وَبُصرَى هِيَ أولُ مدينةٍ فُتِحَت مِن أرضِ الشامِ وكانَ فَتحُهَا صُلحًا في خِلَافَةِ أبي بكرٍ رضي اللهُ عنه،
(ووُضِعْ، بَصرُهُ إِلَى السَّماءِ مُرْتَفِع): أي وَلَدتهُ أُمُّه ﷺ فنَزَلَ مِن بطنِهَا واضِعًا يَدَيهِ على الأرضِ وهو شاخِصٌ ومُصَوِّبٌ بصرَهُ إلى جِهةِ السماءِ لِكَونِهَا مِنَ الآياتِ الباهِرَةِ الدّالَّةِ علَى وحدانِيَّةِ اللهِ تَعالى، ولأنَّهَا مَهْبِطُ الوحيِ ومَسكَنُ الملائِكَةِ، لَيسَ أنَّ اللهَ يسكُن السّماءَ أو فوقَهَا أو غيرَ ذلك مِنَ الأماكِنِ.
فهوَ تعالَى لَا يحتَاجُ إلى شَىءٍ، كان تعالَى موجُودًا في الأزَلِ قَبلَ المكانِ بلا جِهَةٍ ولا مَكانٍ ولا كَيفٍ، وما زالَ بَعدَ خَلْقِ المكانِ كما كانَ أزَلًا وأبدًا بلا مكانٍ ولا جِهَةٍ.
ومِنَ العجائِبِ التي ظهرَت يومَ حَملِ وَوِلَادَةِ أشرَفِ الخلقِ سيدِنَا محمدٍ ﷺ ما رُوِيَ عنِ ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنه أنَّهُ قال: كانَ مِن دِلَالَاتِ حملِ النبيِّ ﷺ أنَّ كلَّ دابَّةٍ كانَت لِقُرَيشٍ نطقَت تِلكَ اللَّيلَةَ وقالَت: حُمِلَ برسُولِ اللهِ ﷺ ورَبِّ الكعبَةِ، وهوَ أمَانُ الدنيَا وسرَاجُ أهلِهَا، وَفِي كلِّ شهرٍ مِن شهورِهِ نِداءٌ في الأرضِ ونِداءٌ في السماءِ: أَن أَبشِرُوا، فقد آنَ لِأَبي القَاسِمِ أن يَخرُجَ إلى الأرضِ ميمُونًا مبارَكًا، وكانَت أمُّهُ تُحَدِّثُ عن نفسِهَا وتقولُ: أتانِي آتٍ حينَ مَرَّ بي مِن حَملِهِ سِتَّةُ أشهُرٍ فَوَكَزَنِي برِجلِهِ في المنَامِ وقالَ: يا آمنَةُ إنكِ قد حملْتِ بخيرِ العالمينَ طُرًّا، فإذَا ولدتِيهِ فسمِّيهِ محمدًا، واكتُمِي شأنَكِ،
ومِمَّا حصلَ فِي مولِدِهِ ﷺ مِنَ الآياتِ العجيبَةِ ما قالَهُ اليَهُودِيُّ الذي قَدِمَ مكةَ تاجِرًا في الليلَةِ التِي وُلِدَ فيهَا: إنّهُ وُلِدَ في هذهِ الليلَةِ نبيُّ هذهِ الأمَّةِ، بهِ شَامَةٌ بينَ كتِفَيهِ، فيهَا شعَرَاتٌ متوَالِيَاتٌ، لا يَرضَعُ ليلَتَينِ، فعَجِبَ القومُ مِن حديثِهِ، فقَامُوا حتَّى دخَلُوا على آمِنَةَ، فقالُوا: أخرِجِي ابنَكِ، فنظرَ إليهِ وَإِلَى الشَّامَةِ بينَ كتِفَيهِ، فخَرَّ اليهودِيُّ مغشِيًّا عليهِ، فلمَّا أفاقَ قالُوا له: مَا لَكَ؟، قالَ: ذهَبتُ واللهِ نُبُوَّةُ بنِي إسرَائِيلَ وخرَجَ الكِتَابُ من أيدِيهِم، وهذَا المولُودُ يقتُلُهُم ويُبَيِّنُ أخبَارَهُم، وليَسطُوَنَّ بكُم يا معشَرَ العَرَبِ.
وفِي تلكَ الليلَةِ حُجِبَ الشياطِينُ مِنَ استِرَاقِ السمعِ، ورُمُوا بالشُّهُبِ، ونطَقَتِ الكُهَّانُ والسَّحَرَةُ وعُظَمَاءُ المُلُوكِ بمَا رأت فِي تلكَ الليلَةِ، كَكِسرَى وارتِجَاسِ إيوانِهِ، وخُمُودِ نيرانِ فارِسَ، وغَيضِ مَاءِ بُحَيرَةِ سَاوَةَ، وفَيضِ الأودِيَةِ، ورؤيَا المُؤبَذَانِ، رأَى إبلًا صِعَابًا تَقُودُ خَيلًا عِرَابًا قَد قَطَعَت دِجلَةَ وانتَشَرَت فِي بِلَادِهِم، وقد فُسِّرَت لَهُم بانقِضَاءِ ملكِهِم وظُهُورِ النَّبِيِّ العَرَبِيِّ، فلَمَّا أصبَحَ كسرَى أفزَعَهُ ما حَصَلَ لِلإِيوَانِ ثُمَّ قَصَّ الموبَذَانُ عليهِ رُؤيَا الإِبِلِ ووَرَدَهُم خَبَرُ خُمُودِ نِيرَانِ فَارِسَ فزَادَهُم هذَا غَمًّا إِلَى غَمِّهِم.
وعن عثمَانَ بنِ أبي العاصِ أنهُ قال: حدثَتنِي أُمِّي أنها شهِدَت وِلَادَةَ آمنةَ بنتِ وهبٍ لرسولِ اللهِ ﷺ ليلَةَ ولدَتهُ، قالَت: فمَا شَيءٌ أنظُرُهُ في البيتِ إلَّا نورٌ وإنِّي أنظُرُ إلى النُّجُومِ تدنُو حتى إِنِّي لأَقُولُ ليَقَعُنَّ علَيّ، وَقَالَ رسولُ اللهِ ﷺ: “مِن كَرَامَتِي عَلَى اللهِ أَنِّي وُلِدتُ مَختُونًا وَلَم يَرَ سَوأَتِي أَحَدٌ“.
وقالَ إبلِيسُ لَمَّا وُلِدَ رسولُ اللهِ ﷺ: لقد وُلِد الليلةَ ولَدٌ يفسِدُ علينَا أمرَنَا، فقالَ له جنُودُهُ: لو ذهَبتَ إليهِ فخبَّلتَهُ، فلمَّا دنَا مِن رسولِ اللهِ ﷺ بعثَ اللهُ جبريلَ فضربَهُ برجلِهِ ضربَةً فوقعَ في اليمنِ بِعَدَنٍ،
وَقَالَ رَجُلٌ للنَّجَاشِيِّ مَرَّةً: إني في مِثلِ هذهِ الليلةِ خرَجتُ حتَّى أتيتُ جبلَ أبي قُبَيسٍ، إذ رأيتُ رجُلًا ينزِلُ لهُ جنَاحَانِ أخضَرَانِ، فوَقَفَ عَلَى أَبِي قُبَيسٍ، ثُمَّ أشرَفَ على مَكَّةَ فقال: ذُلَّ الشيطَانُ وبطلَتِ الأوثَانُ وولِدَ الأمينُ، ثم نشَرَ ثوبًا معَهُ وأهوَى بِهِ نحوَ المشرِقِ والمغرِبِ، فرأيتُهُ قد جلَّلَ ما تَحتَ السماءِ، وسطعَ نورٌ كادَ يَخطَفُ بصرِي، وهالَنِي ما رأيتُ، وخفَقَ الهاتِفُ بجنَاحَيهِ حتَّى وقفَ علَى الكعبَةِ، فسطعَ له نُورٌ أشرَقَت لهُ تِهَامَةُ، وقالَ: زَكَتِ الأرضُ وأدَّت ربيعَهَا، وأومَأَ إلى الأصنَامِ التِي كانَت على الكعبَةِ فسقَطَت كلُّهَا.
مـاتَ أبـوهُ ولـهُ عـامـانِ *** وثُـلُـثٌ وَقِـيـلَ بالنُّـقـصَـانِ
عنْ قَـدْرِ ذا بـلْ صَـحَّ كانَ حَمْلَا *** ………………………….
(ماتَ أبوهُ): أي ماتَ عَبدُ اللهِ والِدُ النبيِّ ﷺ، وكانَ عبدُ اللهِ ابنَ خمسٍ وعِشرِينَ سنةً، وقيلَ: ثلاثِينَ، وقيلَ: ثمانيةً وعِشرِينَ، وقيل: ثَمانيةَ عشَرَ. (وَلهُ عامانِ وثُلُثٌ): أي وكانَ للنبيِّ ﷺ مِنَ العُمُرِ حينَ مَاتَ أبوهُ رضي الله عنهُ عامَانِ وثُلُثٌ. (وقيلَ بالنُّقصَانِ عنْ قَدرِ ذَا): أي وقيلَ كانَ عُمُرُهُ أقلَّ مِن ذلِكَ، فقِيلَ كانَ ابنَ سَبعةِ أشهُرٍ، وقيل ابنَ شَهْرَينِ، وقيلَ فِي الْمَهْدِ. (بلْ صَحَّ كانَ حَمْلًا) أَي وَقَد صَحَّ أنَّهُ ﷺ كانَ حَملًا في بَطنِ ءامنةَ رضي اللهُ عنهَا حينَ ماتَ أبوهُ رضي اللهُ عنهُ.
ومَاتَ والِدُ المصطفَى ﷺ بالمدينةِ عندَ مَرْجِعِهِ مِنَ الشّامِ من تِجارَةٍ كانَ فيهَا، حيثُ خرجَ عبدُ اللهِ إلى الشامِ إلى غزَّةَ في قَافِلَةٍ من قَوَافِلِ قريشٍ يحمِلُون تجارَةً لقريشٍ، ففرَغُوا من تجارَاتِهِم، ثم انصرَفُوا فمَرُّوا بالمدينَةِ وعبدُ اللهِ يومئذٍ مريضٌ، فقال: أتخلَّفُ عند أخوالِي بنِي عدِيِّ بنِ النجَّارِ، فأقامَ عندَهُم مريضًا شهرًا، ومضَى أصحابُهُ فقَدِمُوا مكةَ، فسألَهُم عبدُ المطلبِ عَنِ ابنِهِ، فقالُوا: خلّفنَاهُ عندَ أخوالِهِ بنِي عَدِيِّ بنِ النجَّارِ مرِيضًا، فبعَثَ عبدُ المطلِبِ أكبَرَ ولدِهِ الحارِثَ فوجدَهُ قد تُوُفِّيَ ودُفِنَ في دارِ النَّابِغَةِ، فرجَعَ فأخبرَهُ فحزِنَ عليهِ عبدُ المطلِبِ وعمَّاتُهُ وإِخوَتُهُ وأَخوَاتُهُ حُزنًا شَديدًا، ولقَد قيلَ:
أَخَذَ الإِلَهُ أَبَا الرَّسُولِ وَلَمْ يَزَلْ *** بِرَسُولِهِ الفَرْدِ اليَتِيمِ رَحِيمَا
نَفْسِيْ الفِدَاءُ لِمُفْرَدٍ فِي يُتْمِهِ *** وَالدُّرُّ أَحْسَنُ مَا يَكُونُ يَتِيمَا
……………………….. *** وأرْضـعَتْهُ حِـيـنَ كَـانَ طِـفْلا
مَـعْ عَـمِّـهِ حَـمْـزةَ لَـيْـثِ القَومِ *** ومَـعْ أبِـي سَــلَـمَـةَ الْمَخْـزُومِيْ
ثُـوَيبَةٌ وَهْـيَ إِلَى أَبِـي لهَـبْ *** أَعْـتَـقـها وَإِنَّـهُ حِـيـنَ انْقَـلـبْ
هُلْكًـا رُئِـيْ نَـومًا بِشَــرِّ حِـيـبَهْ *** لَـكِـنْ سُــقِـيْ بِعِتْقِهِ ثُوَيْبهْ
(وأرْضعَتْهُ حِينَ كَانَ طِفْلًا): أي وأرضَعَ رسولَ اللهِ ﷺ منَ المرضِعَاتِ غيرُ والِدَتِه ءامِنةَ في سِنِّ الرَّضاعِ، والمُرَادُ هنَا ثُوَيبَةُ، وقد أرضَعَهُ ﷺ غيرُهَا مِنَ المرضعَاتِ، (مَعْ عَمِّهِ حَمْزةَ لَيْثِ القَومِ): أي أرضعَتهُ ثُوَيبَةُ معَ رَضِيعَينِ ءَاخَرَينِ فهُمَا أخوَاهُ ﷺ مِنَ الرَّضَاعِ، وأحَدُ هذَينِ الرضيعَينِ هو حمزَةُ بنُ عبدِ المطلبِ ليثِ القومِ أي أسَدِهِم، فإنّه لَمّا أسلَمَ رضيَ الله عنه كان يُقاتِل بَين يدَي رَسولِ اللهِ ﷺ بِسَيفَين ويقولُ: أنا أسَدُ اللهِ وأسَدُ رَسُولِه.
(ومَعْ أبِي سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيِّ): أي وَالرَّضِيعُ الثانِي كانَ أبَا سلَمَةَ عبدَ اللهِ بنَ عبدِ الأسدِ المخزومِيِّ.
هاجَرَ الهجرَتَينِ، ويقالُ إنَّهُ أولُ مَن هاجَرَ إلى الحبَشَةِ هُوَ وامرَأَتُهُ، أسلَمَ بعدَ عَشَرَةِ أنفُسٍ، وكانَ مِنَ السابِقِينَ الأولِينَ، وكانَ إسلامُهُ هو وعُثمَانُ بنُ مظعونٍ وعُبيدَةُ بنُ الحارثِ بنِ المُطَّلِبِ وعبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ في ساعَةٍ واحدَةٍ قبلَ دخولِ النبِيِّ ﷺ دارَ الأرقَمِ.
(ثُوَيبَةٌ): أي وكانَتِ المرضِعَةُ هيَ ثويبَةَ الأسلَمِيّةَ، فأرضَعَتِ الثّلاثةَ في فَترةِ إرضاعِهَا ولَدَهَا مَسرُوحًا، فكانَ الثّلاثةُ إخوةً للنبيِّ ﷺ مِنَ الرَّضَاعِ مِن ثُوَيبَةَ، (وَهْيَ إِلَى أَبِي لهَب): أَي وكَانَت ثُوَيبَةُ أَمَةً مَملُوكَةً لأبي لهبٍ. (أَعْتَقهَا): أي فأعتَقَهَا أبو لهبٍ حِينَ بَشَّرَتهُ بولادَةِ النّبيِّ محمَّدٍ ﷺ، (وَإِنَّهُ حِينَ انْقَلَب، هُلْكًا) أي حِينَ ماتَ أَبُو لَهَبٍ فيمَا بَعدُ عَلَى الشِّركِ، (رُئِي نَوْمًا بِشَرِّ حِيبَة) أي رُؤِيَ فِي المنَامِ، وكانَ الرّائِي العبّاسَ عندَمَا كان بَعدُ على الشِّركِ كما قالَهُ بعضُ أهلِ السِّيَرِ، فرَآهُ أنّهُ في عذابٍ وأسْوَءِ حَالٍ، (لَكِنْ سُقِي بِعِتْقِهِ ثُوَيْبة).
أوَّلًا أُنَبِّهُ أَنَّ هذَا المذكورَ هُنَا منَامٌ رآهُ العبَّاسُ قَبلَ أَن يُسلِمَ وهُوَ لا يَصِحُّ ولَا يثبُتُ بهِ حُكمٌ شرعِيٌّ.
أَي أَنَّ الرائِيَ لَهُ فِي المَنَامِ رَأَى أنَّهُ سُقِيَ قَلِيلًا مِنَ المَاءِ بِسَبَبِ عتقِهِ أَمَتَهُ ثويبَةَ حِينَ بَشَّرَتْهُ بِولادةِ محمَّدِ بنِ عبدِ اللهِ ﷺ.
ولَا يَلزَمُ مِن مُجَرَّدِ رؤيَةِ ذلكَ في المنَامِ أن يُخَفَّفَ العذابُ عن أَبِي لَهَبٍ في الحقيقةِ بعدَ أنْ ثَبَت مَوتُه عَلَى الكُفرِ، فإنّ الرُّؤيَا المنامِيّةَ لا يَثبُتُ بها حُكمٌ شَرعِيٌّ، فكَيف إذَا كانَ حَملُهَا علَى ظاهِرِهَا مُصادِمًا لنُصُوصِ الشّرِيعةِ، فلا شَكَّ أنّه لا يَجوزُ إجراؤُهَا على الظّاهِرِ، ولا نِزاعَ بَين المسلِمِينَ في أنّهُ لَا تخفيفَ عَنِ الكافِرِ لشَىءٍ مِنَ العذابِ في الآخِرَةِ، فلَا يجوزُ الخروجُ عَن نَصِّ القرءَانِ الكريمِ والحديثِ الثابتِ والإجماعِ لا لأجلِ رؤيَا مَناميَّةٍ رءَاهَا أحدٌ ولا لأَجلِ بعضِ ما وُجِدَ في كثيرٍ مِنَ التآلِيفِ والتصانِيفِ وإنْ بلغَتْ ءَالَافًا مُؤلَّفةً، فَلَيسَ كُلُّ مَا فِي الكُتُبِ معتمَدًا، والقرءَانُ الكَرِيمِ هُوَ العِلمُ الحقُّ، وكلُّ ما خالَفَ القرءَانَ فَلَا الْتِفاتَ إليهِ.
وليُعلَم أَنَّ فرَحَ أبِي لَهَبٍ بمَولِدِ سيِّدِنَا مُحمَّدٍ لَيسَ لكونِهِ يكُونُ رسُولًا بل لِأنَّ العشيرَةَ زادَت واحِدًا، فلَمَّا صارَ نَبِيًّا سَبَّهُ وكذَّبَهُ، فلو قالَ شخصٌ لِجَهَلَةِ المُتَصَوِّفَةِ إِذَا كانَ هذَا حَالَ أَبِي لهبٍ لعتَاقَتِهِ ثويبَةَ أَلَا يَستَحِقُّ فِرعَونُ الفردَوسَ الأَعلَى بسبَبِ تربيَتِهِ لسيِّدِنَا مُوسَى علَيهِ السلامُ السنَوَاتِ الطِّوَالَ ولَقِيَ مِنهُ العِنَايَةَ العَظِيمَةَ حتَّى صارَ شَابًّا؟! كمَا أَنَّهُ لَا يُغتَرُّ بِكَلَامٍ مَنسوبٍ إلى بَعضِهِم مُعَارِضٍ للقُرءَانِ وَهُوَ قَولُهُم:
إِذَا كَانَ هَذَا كَافِرًا جَاءَ ذَمُّهُ *** وَتَبَّتْ يَدَاهُ وَفِي الجَحِيمِ مُخَلَّدَا
أَتَى فِي يَومِ الاثْنَيْنِ أَنَّهُ دَائِمًا *** يُخَفَّفُ عَنْهُ لِلسُّـرُورِ بِأَحْـمَدَا
فَمَا الظَّنُّ بِالعَبْدِ الَّذِي كانَ عُمْرَهُ *** بِأَحْمَدَ مَسْرُورًا وَمَاتَ مُوَحِّدَا
وَقَد رَدَّ على هذهِ الأبياتِ بعضُ شعراءِ أهلِ السنَّةِ قائِلًا:
تَبَّتْ يَدَا مَن سَبَّ حِبِّيَ أَحْمَدَا *** فَغَدًا يَرَاهُ وَفِي الجَحِيمِ مُخَلَّدَا
فَاقْرَأْ هُدِيتَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنهُمُ *** حَتَّى وَلَوْ سُرَّ الشَّقِيُّ بِأَحْمَدَا
فَالدِّينُ لَا يُؤخَذُ مِنْ رُؤْيَا وَلَا *** مِنْ قَوْلِ شَخْصٍ لِلْمُهَيْمِنِ عَانَدَا
فائدة في 3 رمضان
تحصين لرد الكيد ولو كان جيشا:
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (١١ مرة).
الفاتحة (١١ مرة).
سلام قولا من رب رحيم (١١١ مرة).
المعوذات (١١ مرة).
سورة قريش (٧ مرات).
وكذلك لرد كيد من يكيد من إنس وجن قراءة سورة الفيل سبع مرات قراءة صحيحة
وَاللهُ تَعَالَى أَعلَمُ وَأَحكَمُ وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
اللهم إنا نسألك في شهرِ رمضانَ أنْ ترزقَنَا إجابةَ الدعاءِ وصلاحَ الأبناءِ وحسنَ الأداءِ وبركةَ العمرِ والعطاءِ. اللهم عَرِّفْنَا نِعَمَكَ بدوامِهَا لَا بزوالِهَا يَا اللهُ، اللهم اجعَلْنَا سببًا في الخيراتِ والْمَبَرَّاتِ يا اللهُ.
اللهم انصرْ أهلَ السنةِ والجماعةِ اللهم انصُرْ أهلَ السنةِ والجماعةِ اللهم انصُرْ أهلَ السنةِ والجماعةِ اللهم انصُرْ مَنْ نَصَرَ الدينَ وعليكَ بأعداءِ هذَا الدينِ فإنَّهم لَا يُعْجِزُونَكَ يا قويُّ يَا عزيزُ خذْهُم أخذَ عزيزٍ مقتدرٍ اللهم أَرِحِ البلادَ والعبادَ مِنْ شرِّ أعداءِ الدينِ يَا اللهُ.
اللهم ارحَمْ شيخَنَا واجْزِهِ عنَّا كلَّ خيرٍ اللهم اجْزِهِ عنِ الإسلامِ والمسلمينَ كلَّ خيرٍ يَا ربَّ العالمينَ يا اللهُ اجْزِ مَنْ كانَ سببًا فِي هذَا الخيرِ خيرَ الجزاءِ واجْزِ مشايِخَنَا عنَّا خيرَ الجزاءَ واجْزِ القائمِينَ علَى هذه الجمعيةِ خيرَ الجزاءِ يا اللهُ.
اللهم أَدِمْ علينَا نعمةَ الأمنِ والأمانِ واجعَلْنَا آمنينَ فِي بلادِنَا وأوطَانِنَا ومجتَمَعَاتِنِا وبينَ أهلينَا بجاهِ رسولِكَ الكريمِ ﷺ، اللهم أَزِلْ مِنْ بينِ أبناءِ هذَا البلدِ الشحناءَ والبغضاءَ والفُحْشَ وأسبابَ الفُرْقَةِ والخِلَافِ يَا ربَّ العالمينَ واجْعَلْهُم علَى قلبِ رجلٍ واحدٍ، واطْرُدْ مِنْ بينِهِم مَنْ كانَ سببًا فِي الشقاقِ بينَهم يَا اللهُ ولَا تَدَعْ لَهُ سبيلًا إليهِمْ برحمَتِكَ يَا أرحمَ الراحمينَ يَا اللهُ. اللهم فرِّج عن إخواننا المسلمين المستضعفين في الشام والعراق وفلسطين وبيت المقدس وفي اليمن وفي كل بلد للمسلمين يا رب العالمين يا الله.
اللَّهُمَّ الطُفْ بالمسلمينَ وانصرْهُم يا أرحمَ الرَّاحمينَ يا رَبَّ العالمينَ، اللَّهُمَّ عليكَ بأعداءِ الدِّينِ. اللهم مُنزلَ الكتاب، سريعَ الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم. اللهم يا ناصر المستضعفين. اللهم يا مفرج كربات المنكوبين. اللهم يا رب السماوات والأرَضين. اللهم انصرنا على الصهاينة أعدائك أعداء الدين المجرمين. اللهم انصرنا وردّ كيد الكائدين. اللهم انصرنا على الظالمين. اللهم أرنا فيهم ما يثلج صدور الصامدين، يا رب العالمين. يا أرحم الراحمين، يا أكرم الأكرمين.
وَصَلَّى اللهُ على سيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِهِ وَصَحبِهِ وَسَلَّم، وَءَاخِرُ دَعوَانَا أَنِ الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.