شرح ألفية السيرة النبوية للحافظ زين الدين العراقي (14)

المقدمة

الحَمدُ للهِ الَّذِي مَنَّ عَلَينَا بِاتِّبَاعِ الطَّرِيقِ السَّوِيِّ، المُوَافِقِ لِأَهلِ السُّنَّةِ البَّعِيدِ عَن أَصحَابِ الطَّرِيقِ الغَوِّيِّ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِن قَولِ المُشَبِّهِ وَقَولِ المُجَسِّمِ وَقَولِ القَدَرِيِّ وَالمُعتَزِلِيِّ، أَحْمَدُهُ عَلَى الْفَهْمِ الْقَوِيِّ، وَأَسْتَعِيذُهُ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ الْغَوِيِّ، وَأَشْهَدُ لَهُ بِالتَّوْحِيدِ شَهَادَةً زَادَ صَفَاؤُهَا عَلَى الْوَصْفِ الْعُرْفِيِّ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ اسْتَخْرَجَهُ مِنَ الْعُنْصُرِ الزَّكِيِّ، فَبَشَّرَ بِوِلادَتِهِ انْشِقَاقُ الإِيوَانِ الْكِسْرَوِيِّ، وَجَمَّلَهُ بِنُورِ الْهَيْئَةِ ونورِ الزِّيِّ، أَرْسَلَهُ بِالدَّلِيلِ الْجَلِيِّ وَالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، وَزَهَّدَهُ فِي مُجَالَسَةِ الْغَنِيِّ الْغَبِيِّ، وَرَغَّبَهُ فِي صُحْبَةِ الْفَقِيرِ مِنَ الدُّنْيَا الْخَلِيِّ، وَجَعَلَ صَحبَهُ الأَكَابِرَ مِنهُم صُهَيْبٌ الرُّومِيُّ، وَبِلالٌ الْحَبَشِيُّ، ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ الْهَاشِمِيِّ الْمَكِّيِّ الزَّمْزَمَيِّ الأَبْطَحِيِّ الْمَدَنِيِّ التِّهَامِيِّ، وَعَلَى صَاحِبِهِ الْمَخْصُوصِ بِفَضِيلَةِ “ثَانِيَ اثنَينِ” الصِّدِّيقِ الوَفِيِّ، وَعَلَى الَّذِي كَانَتِ الشَّيَاطِينُ تَخَافُ مِنهُ إِذَا سَمِعُوا خَفْقَ نَعْلِهِ هَرَبُوا مِنَ الأَحْوَذِيِّ، وَعَلَى مُصَابِرِ الْبَلاءِ مِنْ أَيْدِي الأَعْدَاءِ، الَّذِي يَسْتَحِي مِنْهُ مَلائِكَةُ السَّمَاءِ، سَلامُ اللَّهِ عَلَى ذَاكَ الْحَيِيِّ، وَعَلَى الَّذِي مُلِئَ عِلْمًا وَخَوْفًا، وَعَاهَدَ عَلَى تَرْكِ الدُّنْيَا فَأَوْفَى، وَنَحْنُ وَاللَّهِ نُحِبُّهُ أَوْفَى مِنْ حُبِّ الرَّافِضِيِّ، ابنِ عَمِّهِ، وَكَاشِفِ غَمِّهِ، وَرَفِيقِهِ فِي حَربِهِ، المُنَاضِلِ فِي حِزبِهِ، الَّذِي فَدَاهُ بِنَفسِهِ، التَّقِيِّ لِرَبِّهِ عَلِيٍّ، وَعَلَى أَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَأَتْبَاعِهِ عَلَى مِنْهَاجِهِ السَّوِيِّ، أَمَّا بَعدُ:

ذِكرُ عَرْضِ النَّبِيّ نَفْسَه عَلَى القَبائلِ وبَيْعةِ الأنصَارِ لَهُ ﷺ
وَعَـرَضَ النَّبِيُّ نَفْسَـهُ عَـلَـى *** قَبِـيـلَـةٍ قَبِـيـلَـةٍ لِيَحْصُـلَا
إِيـوَاؤُهُ مِـنْ بَـعْـضِـهِـمْ يُبَلِّـغُ *** رِسَـالَـةَ اللهِ فَـكُـلٌّ يَـنْـزَغُ
إِلَيْهِمُ الشَّـيْطَـانُ حَتَّى يُعْرِضُوا *** عَنْ قَـوْلِـهِ وَيَهْزَؤُوا وَيَرْفُضُـوا
(وَعَرَضَ النَّبِيُّ نَفْسَهُ عَلَى، قَبِيلةٍ قَبِيلَةٍ): أي وَصارَ بعدَ ذلكَ النبيُّ ﷺ بعدَ أن رأَى تكذِيبَ قومِهِ له وإيذَائَهُم لهُ بعدَ موتِ عمهِ أبِي طالِبٍ يَعَرِضُ ﷺ نَفْسَهُ عَلَى قَبائلِ العَرَبِ في موقِفِ عَرَفةَ، يَنتَقِلُ مِنْ قَبِيلَةٍ إلى قَبِيلَةٍ.

وهو يقولُ لهم: “أَلَا رَجُلٌ يَعْرِضُ عَلَيَّ قَومَهُ فَإِنَّ قُرَيشًا مَنَعُونِي أَن أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّي“.

(لِيَحْصُلَا، إِيوَاؤُهُ مِنْ بَعْضِهمْ يُبَلِّغُ، رِسَالَةَ اللهِ): أي وفَعَلَ ذلك ﷺ لِيَحْصُلَ إِيوَاؤُهُ ﷺ وانضِمامُه إلى قبيلةٍ مِنْ بَعْضِهِم تُؤوِيهِ وتَحْمِيهِ وَهُوَ يُبَلِّغُ رِسَالَةَ اللهِ. (فَكُلٌّ يَنْزَغُ، إِلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ حَتَّى يُعْرِضُوا، عَنْ قَوْلِهِ وَيَهْزَؤُوا وَيَرْفُضُوا): فَكانَ كُلٌّ مِنهُم يَنْزَغُ إِلَيْهِم ويُفْسِدُهم الشَّيْطَانُ، حَتَّى يُعْرِضُوا عَنْ قَوْلِهِ ﷺ لهُم مِنَ القرءَانِ والمواعِظِ، فيُوَلُّوا عنه وَيَهْزَؤُوا بِهِ وَيَرْفُضُوا اتّباعَهُ ويَرمُوا بمَقَالَتِه ويَتَرَفَّعُوا عن مجالسَتِهِ، وأَبُو لَهَبٍ وراءَهُ يُكَذِّبُه ويَنْهَاهُم عَنِ اتِّباعِهِ.

حَـتَّـى أَتَـاحَ اللهُ لِلْأَنْصَـارِ *** فَاسْـتَـبَـقُـوا لِلْخَيرِ بِاخْـتِـيَارِ
(حَتَّى أَتَاحَ اللهُ لِلْأَنْصَارِ): أي ولم يَزَلِ الشأنُ على ذَلِكَ، حَتَّى إذَا أرادَ اللهُ إظهارَ دِينِه ونَصْرَ نَبِيِّهِ أَتَاحَ اللهُ تَعالَى لِلْأَنْصَارِ نُصْرَةَ الدِّينِ وَقَيَّضَهُم لِذَلِك.

وهُم الأوْسُ والخزرَجُ، فانتَهَى ﷺ إلى نَفَرٍ مِنهُم فقَعَد إليهِم ودعَاهُم إلى اللهِ، وقَرَأَ عليهِمُ القرءانَ.

واليَهُودَ كَانُوا مَعَهُمْ أي مع الأوس والخزرج فِي بِلَادِهِمْ، وَكَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَعِلْمٍ، وَكَانُوا قَدْ غَزَوْهُمْ بِبِلَادِهِمْ، فَكَانُوا إِذَا كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ قَالُوا: إِنَّ نَبِيًّا مَبْعُوثٌ الْآنَ، قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ، نَتَّبِعُهُ، فَنَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمَ، فَلَمَّا كَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أُولَئِكَ النَّفَرَ وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، أسلَمُوا وكانُوا هُمُ الذِينَ يُقَاتِلُونَ اليَهُودَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ حتَّى أخرَجُوهُم مِنَ المَدِينَةِ، فانظُرُوا إلى هذا الأمرِ كيفَ أنَّ اليهُودَ كانُوا يَتَوَعَّدُونَ الأَوسَ والخَزرَجَ بقَتلِهِم مَعَ نَبِيِّهِم، فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء بن معرور أخو بني سلمة: يا معشر يهود، اتقوا الله وأسلموا، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ﷺ ونحن أهل شرك، وتخبروننا أنه مبعوث, وتصفونه لنا بصفته! فقال سَلام بن مِشْكَم أخو بني النضير: ما جاءنا بشيء نعرفه، وما هو بالذي كنا نذكر لكم! فأنزل الله جل ثناؤه في ذلك من قوله: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ، فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ).

كما يفعَلُونَ اليومَ، يتَوَعَّدُونَ المُسلِمِينَ بقَتلِهِم مَعَ مُنتَظَرِهِم وَهُوَ الدَّجَّالُ، ولكن هيهَاتَ، فسَيَخرُجُ المهدِيُّ وسيِّدُنَا عِيسَى، ويكُونُ الهَلَاكُ لليهُودِ والدَّجَّالِ علَى أيدِي المسلمِينَ بإذنِ اللهِ تعالَى، فالفَرَجُ ءَاتٍ إِن شَاءَ اللهُ تَعَالَى.

(فَاسْتَبَقُوا لِلْخَيرِ بِاخْتِيَارِ): فَاسْتَبَقُوا لِلْخَيرِ واسْتَجابُوا للهِ ولِرَسُولِه.

وءَاوَوْا النَّبِيَّ ونَصَرُوهُ فلِذَلِك سُمُّوا الأنصارَ، وهو لَقَبٌ إِسلامِيٌّ، وكانُوا قبل ذلكَ يُعرَفُون بِبَنِي قَيْلةَ وبالأَوْسِ والخَزْرَجِ، وذلكَ بِاخْتِيَارٍ مِنهُم، لا بِمُحارَبةٍ لَهُم.

فَيُسْـلِـمُ الوَاحِـدُ مِنْهُمْ يُسْـلِمُ *** بِـهِ جَـمِـيـعُ أَهْـلِـهِ فَرُحِـمُـوا
(فَيُسْلِمُ الوَاحِدُ مِنْهُمْ يُسْلِمُ، بِهِ جَمِيعُ أَهْلِهِ فَرُحِمُوا): فَكَانَ يُسْلِمُ الوَاحِدُ مِنْهُم، ثم يَذهَبُ إلى قَومِه فيَعْرِض عليهم الإسلامَ، فيُسْلِمُ بِدَعوَتِه جَمِيعُ أَهْلِهِ وقَومِه، فَرُحِمُوا بإجابَتِهم وإسلامِهم.

لَـقِـيَ سِـتًّـا اوْ ثَـمَانِـيًا لَـدَى *** عَـقَـبَـةٍ دَعَـاهُـمُ إِلَى الهُـدَى
(لَقِيَ سِتًّا اوْ ثَمَانِيًا لَدَى عَقَبَةٍ): وكان النّبِيُّ ﷺ قَد لَقِيَ سِتّةً مِن الأَوْسِ والخَزرَجِ أسلَمُوا علَى يَدَيهِ.

وهُم: أسعدُ بنُ زُرارةَ، وعَوفُ بنُ الحارِثِ، ورافِعُ بنُ مالِكٍ، وقُطبَةُ بنُ عامِرٍ، وعُقْبَةُ بنُ عامِرٍ، وجابِرُ بنُ عبدِ اللهِ، ومنهُم مَن جَعلَ عُبادةَ بنَ الصَّامِتِ بدَلَ جابِرٍ، وقيلَ: كانُوا ثَمَانِيةً، وذلِكَ بزِيَادَةِ أَبِي الهَيْثَم بنِ التَّيِّهَانِ، ومُعاذِ بنِ عَفْراءَ، وكان لِقاءُ النَّبِيِّ ﷺ بهِم عِندَ العَقَبَةِ، وهِي مَوضِعٌ بين مِنًى ومَكّةَ، بينَهَا وبينَ مكّةَ نحوُ مِيلَينِ.

(دَعَاهُمُ إِلَى الهُدَى): فلَمَّا عرفُوا النَّبِيَّ ﷺ بصفاتِهِ التِي كانُوا يسمَعُونَها مِنَ اليهودِ أهلِ الكِتابِ ودَعَاهُمُ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى الهُدَى وَأَجَابُوهُ.

فَـآمَـنُـوا بِاللهِ ثُـمَّ رَجَـعُـوا *** لِـقَـوْمِهِمْ يَدْعُونَهُمْ فَسَـمِعُوا
حَتَّى فَشَـا الإِسْـلَامُ ثُـمَّ قَـدِمَا *** فِي قَابِـلٍ مِنْهُم وَمِمَّنْ أَسْـلَمَا
لِـبَـيْـعَـةٍ ضِـعْفُ الَّذِينَ سَلَفُوا *** كَـبَـيْـعَـةِ النِّسَـاءِ ثُـمَّ انْصَرَفُوا
(فَآمَنُوا بِاللهِ ثُمَّ رَجَعُوا، لِقَوْمِهِمْ يَدْعُونَهُمْ): بعد أَنْ ءامَنَ هؤلَاءِ النَّفَرُ مِنَ الأوسِ والخَزرَجِ، انصَرَفُوا مِن عِنْدِ رسُولِ اللهِ ﷺ ورَجَعُوا إلى بلادِهِم، حتَّى أتَوا قَوْمَهُم فأَعْلَمُوهم بما كانَ، وجَعَلُوا يَدْعُونَهُم إلى الإسلامِ. (فَسَمِعُوا، حَتَّى فَشَا الإِسْلَامُ): فَسَمِع لَهُم قومُهم وأطاعُوهُم حَتَّى فَشَا الإِسْلَامُ في الأَوْسِ والخَزرَجِ، ولَمْ تَبْقَ دارٌ مِن دُورِ الأنصارِ إلا وفِيهَا ذِكرُ النّبِيِّ ﷺ. (ثُمَّ قَدِمَا، فِي قَابِلٍ مِنْهُم وَمِمَّنْ أَسْلَمَا لِبَيْعَةٍ): أي وفِي العَامِ القَابِلِ لِهذَا العَامِ قَدِمَ مِنَ الأوْسِ والخَزْرَجِ سَبعةٌ.

هُم: ذَكوانُ بنُ عَبدِ قَيسٍ، وعُبادةُ بنُ الصّامتِ، ويَزِيدُ بنُ ثَعلبةَ، والعَبّاسُ بنُ عُبادةَ، ومُعاذُ بن عَفراءَ، وأبو الهَيثمِ مالِكُ بنُ التَّيِّهَانِ، وعُوَيمُ بنُ ساعِدةَ، وَجاءَ ممَّنْ أسلَمَ مِن الأنصارِ أيضًا خَمسةٌ هُم: أسعَدُ بن زُرارةَ، وعوفٌ، ورافعٌ، وقُطْبةُ، وعُقْبةُ، وكان مجِيءُ الكُلِّ لإعطائِهِم رَسُولَ اللهِ ﷺ العَهدَ ومُبَايَعَتَهُ عَلَى الثَّباتِ على الإسلامِ ونصرةِ النَّبِيِّ ﷺ، فكانَتِ البَيعَةُ الأُولَى.

(ضِعْفُ الَّذِينَ سَلَفُوا): أي وكان عَدَدُهم ضِعْفَ السِّتةِ الَّذِينَ مضَى الكلامُ على إِسلَامِهِم، فكانَ هؤلاءِ اثْنَي عَشَرَ فردًا، فأَسْلَمُوا وبايَعُوا. (كَبَيْعَةِ النِّسَاءِ): أي وكَمَا بايَعَ الرجالُ، بايَعَ النسَاءُ أيضًا الرسولَ ﷺ فِي الثباتِ على الإسلامِ، وأَعطَينَ العَهدَ بَما أَوصَاهُنَّ بهِ وبايَعَهُنَّ عليهِ النَّبِيُّ ﷺ. (ثُمَّ انْصَرَفُوا): أَي ثُمَّ رجَعَ الأَنصَارُ عَائِدِينَ إِلَى بِلَادِهِم يَدعُونَ إِلَى دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَلَمَّا انتَقَل الأنصارُ إلى المدينةِ، كَتَبُوا إلى النَّبِيِّ ﷺ أَنِ ابْعَث إلَينَا مَن يُقْرِئُنا القرءانَ ويُفَقِّهُنا، فبَعثَ إليهِم مُصعَبَ بنَ عُمَيرٍ، فنزَلَ علَى أسعدَ بنِ زُرارَةَ، فكانَ يدعَى المقرِئَ والقَارِئَ، وهو أوَّلُ مَن سُمِّيَ بذلِكَ، وأَسلَم على يَدِه أُسَيْدُ بنُ حُضَيرٍ وسَعدُ بنُ معَاذٍ، وذلِكَ أنَّ ابنَ مُعَاذٍ بَلَغَه اجتماعُ مُصعَبٍ معَ رِجَالٍ مِمَّن أَسْلَمَ بِبُستَانٍ، فبَعَثَ أُسَيدَ بنَ حُضَيرٍ لِيَزْجُرَهُم حيَاءً مِن خَالِهِ أسعَدَ بنِ زُرَارَةَ، فلَمَّا جاء مُتَشتِّمًا وأخذَ في كلامٍ يَزْجُرُهم به، قال له مُصْعَبُ: أَوَ تَجْلِسُ فتَسمَعُ، فإِنْ رَضِيتَ أَمرًا قَبِلتَهُ والا قمنا قال: أَنْصَفْتَ، ثُمّ رَكَزَ حَربَتَهُ وَجَلَسَ، فَكَلَّمَه مُصعَبٌ بالإِسلَامِ، وقرَأَ القرءَانَ فقالَ: ما أحسَنَ هذَا، كيفَ تَصنَعُونَ إذا دخَلتُم في هَذَا الدِّينِ؟، فتَشَهَّدَ ثمّ اغتَسَل وتَطَهَّر وصَلَّى، ثم قال: أرَى رَجُلًا إنِ اتَّبَعَكُم لم يَتَخَلَّف أحَدٌ، وسأُرسِلُهُ الآنَ، سعدَ بنَ مُعاذٍ، ثمّ انصَرَفَ، فلما رءَاهُ سَعدٌ مُقْبِلًا قال: أحْلِفُ باللهِ لقد جاءَكُم بِغَيرِ الوجهِ الذِي ذَهَبَ بهِ، فقالَ له سَعدٌ: ما فَعَلْتَ؟ فذَكَر القصَّةَ، فأَسلَمَ سَعدُ بنُ معاذٍ ثم عَادَ إِلَى قَومِهِ، فقالَ: يا بَنِي عَبدِ الأَشْهَلِ، كيف تَعْلَمُون أَمْرِي فيكُم؟، قالوا: سَيِّدُنا وأَفْضَلُنا، قال: كلامُ رِجالِكُم ونِسائِكُم عَلَيَّ حَرامٌ حتى تُؤْمِنُوا، فما أَمْسَى فيهِم رَجُلٌ ولا امرأَةٌ إلا مُسْلِمًا أو مُسْلِمةً، ويُروَى أنَّهُ سَمِعَت قريشٌ قائِلًا يَقُولُ في اللَّيلِ عَلَى أَبِي قُبَيسٍ:

فَإِنْ يُسْلِمِ السَّعْدَانِ يُصْبِحْ مُحَمَّدٌ *** بِمَكَّةَ لَا يَخْشَى خِلَافَ الْمُخَالِفِ

فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَنِ السَّعْدَانِ: أَسَعْدُ بْنُ بَكْرٍ؟ أَمْ سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ؟ فَلَمَّا كَانَتْ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ سَمِعُوهُ يَقُولُ:

أَيَا سَعْدُ سَعْدَ الْأَوْسِ كُنْ أَنْتَ نَاصِرًا *** وَيَا سَعْدُ سَعْدَ الْخَزْرَجِيِّينَ الْغَطَارِفِ (يعني الأسياد)

أَجِيبَا إِلَى دَاعِي الْهُدَى وَتَمَنَّيَا *** عَلَى اللهِ فِي الْفِرْدَوْسِ مُنْيَةَ عَارِفِ

فَإِنَّ ثَوَابَ اللهِ لِلطَّالِبِ الْهُدَى *** جِنَانٌ مِنَ الْفِرْدَوْسِ ذَاتُ رَفَارِفِ

فَلَمَّا أصْبَحُوا قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: هُوَ وَاللهِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ.

ثُـمَّ أَتَـى مِـنْ قَـابِـلٍ سَـبْـعُونَا *** وَنَـيِّـفٌ فَـبَـايَـعُـوا يُـخْـفُـونَا
بَـيْـعَـتَـهُـم لَـيْـلًا وَنِعْمَ البَيْعَةُ *** جَـزَاءُ مَـنْ بَايَـعَ فِيهَا الجَـنَّـةُ
(ثُمَّ أَتَى مِنْ قَابِلٍ سَبْعُونَا، وَنَيِّفٌ): ثُمَّ إِنَّ الأَنصَارَ اجتَمَعُوا وَقَالُوا: مَتَى نَذَرُ (نترُكُ) رسُولَ اللهِ ﷺ يَطُوفُ فِي جِبَالِ مَكَّةَ؟، فَأَتَى فِي أيّامِ التَّشرِيقِ مِنَ العامِ القَابِلِ سَبْعُونَ رَجُلًا مِنَ الأَنصَارِ وَنَيِّفٌ، أي ورَجُلٌ أو رَجُلَانِ، ومعَهُمُ امرَأَتَانِ، مِن أجلِ البَيعةِ الثّانِيَةِ.

فسَلَّمُوا على النَّبِيِّ ﷺ بمَكّةَ، فوَاعَدَهُم ليلةَ النَّفْرِ الأَوَّلِ إذَا هَدَأتِ الرِّجْلُ أن يُوَافُوهُ في الشِّعْبِ الأَيمَنِ إذَا انْحَدَرُوا مِن مِنًى في أسفَلِ العَقَبَةِ، وأَمَرهُم أَن لَا يُنَبِّهُوا نَائِمًا ولا يَنْتَظِرُوا غائبًا.

(فَبَايَعُوا يُخْفُونَا، بَيْعَتَهُم لَيْلًا): فخَرَجَ القَومُ يتَسَلَّلُونَ، وسَبَقَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ إلى ذَاكَ الْمَوضِعِ.

ومعَه العَبّاسُ رضي الله عنه، وكانَ وقتَهَا على الشِّركِ لكِنَّهُ كانَ مُنَاصِرًا لرسُولِ اللهِ ﷺ، فَبَايَعُوا النَّبِيَّ كُلُّهم وَهُم يُخْفُونَ بَيْعَتَهُم لَيْلًا، فاختارَ مِنهُم النَّبِيُّ ﷺ اثنَي عَشَر نَقِيبًا، تِسعةً مِنَ الخزرجِ وثلاثةً مِنَ الأَوْسِ.

(وَنِعْمَ البَيْعَةُ جَزَاءُ مَنْ بَايَعَ فِيهَا الجَنَّةُ): فَحَصَلَتِ البَيعَةُ المُبَارَكَةُ العَظِيمَةُ، البَيعَةُ الَّتِي كانَت نُقطَةَ تَحَوُّلٍ فِي التَّارِيخِ الإِسلَامِيِّ، الَّتِي كَانَ عَلَى إِثرِهَا الهِجرَةُ النَّبَوِيَّةُ.

وَنِعْمَ البَيْعَةُ هذهِ البيعَةُ، فإنّ جَزَاءَ مَنْ بَايَعَ مِنَ الأنصارِ فِيهَا دُخولُ الجنةِ، لأنّ النَّبِيَّ ﷺ اشتَرَطَ علَيهِم شُرُوطًا وَجَعَل لهُم على الوفاءِ بِهَا الجَنَّةَ، وذَلِكَ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ رَوَاحَةَ قالَ لرسُولِ اللهِ ﷺ لَيلَةَ العَقَبَةِ: اشتَرِط لِنَفسِكَ وَلِرَبِّكَ مَا شِئتَ، فقال: “أَشْتَرِطُ لِرَبِّي أَنْ تُصَدِّقُوْهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَشْتَرِطُ لِنَفْسِيْ أَنْ تَمْنَعُوْنِي مِمَّا تَمْنَعُونَ بِهِ أَنْفُسَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ“، قالوا: فمَا لنَا إذا فَعَلنَا ذلِكَ؟ قال: “الْجَنَّةُ“، قالوا: رَبِحَ البيعُ إذًا، لا نَقِيلُ ولَا نَستَقِيلُ، أي لا نفسخ البيعة ولا نطلب فسخها فنَزَل قولُهُ تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

وهذا فيهِ دليلٌ على أنَّ أولَ مَا دعَا إليهِ النبيُّ ﷺ هُوَ التوحِيدُ، فإنَّ هذِهِ البيعَةَ كَانَت بَيعَةً عَلَى الثَّبَاتِ عَلى التوحيدِ ونُصرَةِ الدينِ والعَقِيدَةِ، فعِلمُ التوحِيدِ لهُ شرَفٌ على غيرِهِ مِنَ العُلُومِ، لِأَنَّهُ يتَعَلَّقُ بأَشرَفِ المعلُومَاتِ، إِذ بِهِ يُعرَفُ صِفَاتُ اللهِ تَعَالَى وَمَا يَلِيقُ بِهِ ومَا يَستَحِيلُ عَلَيهِ سُبحَانَهُ، وَبِهِ يُعرَفُ مَا يَجِبُ لِلأَنبِيَاءِ وَمَا يَجُوزُ عَلَيهِم وَمَا يَستَحِيلُ عَلَيهِم، وَقَد كَانَ هَذَا مَنهَجَ النَّبِيِّ ﷺ مِن بدَايَةِ الدعوةِ إلى الإسلَامِ، حيثُ مَكَثَ رسولُ اللهِ ﷺ سنواتٍ طويلةً يدعُو الناسَ إلى التوحيدِ، ما كان يقولُ هؤلاءِ جُهَّالٌ أَبدَأُ مَعَهَم بمَكَارِمِ الأَخلَاقِ، ما كانَ يقُولُ هؤلاءِ لَن يَفهَمُوا العقِيدَةَ الآن سَأَبدَأُ معَهُم فِي التَّحذِيرِ مِنَ الفَوَاحِشِ، بَل كَانَ أولُ شيءٍ يدعُو لَهُ هوَ قولُ لا إلهَ إلا اللهُ، فَيَنبَغِي الاهتِمَامُ بعِلمِ التوحِيدِ اقتِدَاءً بالنَّبِيِّ ﷺ وسَيرًا عَلَى نَهجِهِ ومِنهَاجِهِ وشَرِيعَتِهِ.

وَمِمَّن بايَعَ رسولَ اللهِ ﷺ وَفدُ نَصِيبِينَ مِنَ الجِنِّ، حيثُ إنّ رَسُولَ اللهِ ﷺ انْصَرَفَ مِنْ الطّائِفِ رَاجِعًا إلَى مكةَ حينَ يَئِسَ مِنْ خَيْرِ ثَقِيفٍ، حَتّى إذَا كَانَ بِنَخْلَةَ قَامَ مِنْ جَوْفِ اللّيْلِ يُصَلِّي، فَمَرّ بِهِ النفَرُ مِنْ الْجِنّ الّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللهُ تباركَ وتعالى فِي سورة الجنِّ، وَهُمْ فِيمَا ذُكِرَ سَبْعَةُ نَفَرٍ مِنْ جِنِّ أَهْلِ ‌نَصِيبِينَ، وهي منطقةٌ فِي جَزِيرَةِ العَرَبِ، فَاسْتَمَعُوا لَهُ، فَلَمّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَّوْا إلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ، قَدْ آمَنُوا وَأَجَابُوا إلَى مَا سَمِعُوا، فَقَصّ اللهُ خَبَرَهُمْ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ اللهُ عزَّ وجَلَّ: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ﴾، إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، وَقَالَ تباركَ وتعَالَى: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا﴾، إلَى آخِرِ الْقِصّةِ مِنْ خَبَرِهِمْ فِي سورَةِ الجنِّ.

ومِمَّن بايَعَ النبي ﷺ في تِلكَ الفَترَةِ أيضًا وفدٌ ءاخَرُ مِنَ الجِنِّ، وَهُم جَمَاعَةٌ مِنَ الجِنِّ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فِي مَكَّةَ وأَسلَمُوا وَسَمِعُوا القرءَانَ، فعَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَصْحَابِهِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: “مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَحْضُرَ ‌أَمْرَ ‌الْجِنِّ اللَّيْلَةَ فَلْيَفْعَلْ“، فَلَمْ يَحْضُرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرِي، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّةَ خَطَّ لِي بِرِجْلِهِ خَطًّا، ثُمَّ أَمَرَنِي أَنْ أَجْلِسَ فِيهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى قَامَ، فَافْتَتَحَ الْقُرْآنَ فَغَشِيَتْهُ أَسْوِدَةٌ كَثِيرَةٌ حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، حَتَّى مَا أَسْمَعُ صَوْتَهُ، ثُمَّ طَفِقُوا يَتَقَطَّعُونَ مِثْلَ قِطَعِ السَّحَابِ ذَاهِبِينَ، حَتَّى بَقِيَ مِنْهُمْ رَهْطٌ، فَفَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَ الْفَجْرِ، والمَوضِعُ الَّذِي زَارَ فِيهِ الجِنُّ رسولَ اللهِ ﷺ مَعرُوفٌ، فِيهِ مَسجِدٌ يُسَمَّى مَسجِدَ الجِنِّ بَينَ الكَعبَةِ وَالمُعَلَّاةِ.

وَقَد ذَكَرَ العلمَاءُ أنَّ النَّفَرَ الصَّحَابَةَ الَّذِينَ استَمَعُوا لِقِرَاءَةِ النَّبِيِّ ﷺ هُم: سُلَيطٌ، وشَاطِرٌ، وخَاضِرٌ، وحَسَا، ومَسَا، ولَحقَمُ، والأَرقَمُ، والأَدرَسُ. وقَد عُرِفَ مِنَ جِنِّ الصَّحَابَةِ غَيرُ هَؤُلَاءِ، مِثلُ: حَاصِرٍ، وحَسَّانٍ و غيرِهم.

وَقَد أَسلَمَ بعدَ البيعَةِ عَدَدٌ مِن سَادَاتِ المَدِينَةِ مِنَ الأَوسِ وَالخَزرَجِ، وَمِمَّن أسلَمَ فِي هَذَا الوَقتِ مِمَّن كَانَ في قِصَّةِ إسلَامِهِ عِبرَةٌ ودَعوَةٌ إلى استِعمَالِ العقلِ السَّلِيمِ عمرُو بنُ الجَمُوحِ رضِي اللهُ عنهُ، فإنَّهُ عرَفَ أنَّ الأَصنَامَ لا تَضُرُّ ولَا تنفَعُ ولا تَحمِي حتَّى نفسَهَا، فنبَذَ عبَادَتَهَا ودخَلَ في الإِسلَامِ.

فَإِنَّهُ لمَّا قَدِمَ النّفَرُ الذِينَ بايعُوا رسُولَ اللهِ ﷺ أَظهَرُوا الإِسلَامَ بالمَدينةِ، وفِي قومِهِم بقَايَا مِن شيُوخٍ لَهُم علَى دِينِهِم مِنَ الشِّركِ، منهُم عَمرُو بنُ الجَمُوحِ، وَكَانَ عَمْرٌو سَيِّدًا مِنْ سَادَاتِ بَنِي سَلِمَةَ وشَرِيفًا مِن أشرَافِهِم، وكَانَ ابنُه مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ قَدْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ وَبَايَعَ رَسُولَ اللهِ ﷺ بِهَا، وَكَانَ عمرٌو قَدِ اتَّخَذَ فِي دَارِهِ صَنَمًا مِنْ خَشَبٍ يُقَالُ لَهُ: مُنَافَةُ، فَلَمَّا أَسْلَمَ فِتْيَانُ بَنِي سَلِمَةَ، كمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَمُعَاذِ بْنِ عَمْرٍو وَغَيْرِهِمَا، كَانُوا يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ عَلَى صَنَمِ عَمْرٍو فَيَحْمِلُونَهُ فَيَطْرَحُونَهُ فِي بَعْضِ حُفَرِ بَنِي سَلِمَةَ التي فِيهَا غائطُ النَّاسِ مُنَكَّسًا عَلَى رَأْسِهِ، فَإِذَا أَصْبَحَ عَمْرٌو قَالَ: وَيْلَكُمْ مَنْ عَدَا عَلَى إِلَهِنَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، ثُمَّ يَغْدُو ويَبحَثُ عنهُ، حَتَّى إِذَا وَجَدَهُ غَسَّلَهُ وَطَيَّبَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللهِ لَوْ أَعْلَمُ مَنْ يَصْنَعُ هَذَا بِكَ لَأُحَرِّقَهُ، فَإِذَا أَمْسَى وَقَامَ عَمْرٌو عَدَوْا عَلَيْهِ، فَفَعَلُوا بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا أَلَحُّوا عَلَيْهِ اسْتَخْرَجَهُ مِنْ حَيْثُ أَلْقَوْهُ فَغَسَلَهُ وَطَيَّبَهُ ثُمَّ جَاءَ بِسَيْفِهِ فَعَلَّقَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي وَاللهِ مَا أَعْلَمُ مَنْ يَصْنَعُ بِكَ مَا تَرَى، فَإِنْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ فَامْتَنِعْ، فَهَذَا السَّيْفُ مَعَكَ، كَأَنَّهُ بدَأَ يُفَكِّرُ فِي أمرِ دِينِهِ وأَنَّ هذَا عَاجِزٌ وجِسمٌ ومُحتَاجٌ فَكَيفَ أَتَّخِذُهُ إِلَهًا، فَلَمَّا أَمْسَوْا وَنَامَ عَدَوْا عَلَيْهِ، فَأَخَذُوا السَّيْفَ مِنْ عُنُقِهِ، ثُمَّ أَخَذُوا كَلْبًا مَيِّتًا وَرَبَطُوهُ مَعَ الصَّنَمِ بِحَبْلٍ، ثُمَّ أَلْقَوْهُ فِي بِئْرٍ مِنْ آبَارِ بَنِي سَلِمَةَ فِيهَا عِذَرُ النَّاسِ، وَغَدَا عَمْرٌو فَلَمْ يَجِدْهُ، فَخَرَجَ يَتْبَعُهُ حَتَّى وَجَدَهُ فِي الْبِئْرِ مُنَكَّسًا مَربوطًا بِكَلْبٍ مَيِّتٍ، فَلَمَّا رَآهُ أَبْصَرَ شَأْنَهُ وَعَرَفَ أَنَّهُ لَا يَستَحِقُّ الأُلُوهِيَّةَ، وَكَلَّمَهُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِهِ فَأَسْلَمَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، فَقَالَ عَمْرٌو حِينَ أَسْلَمَ، وَعَرَفَ مِنَ اللهِ مَا عَرَفَ وَهُوَ يَذْكُرُ صَنَمَهُ ذَلِكَ:

تَاللهِ لَوْ كُنْتَ إِلَهًا لَمْ تَكُنْ *** أَنْتَ وَكَلْبٌ وَسْطَ بِئْرٍ فِي قَرَنْ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ ذِي الْمِنَنْ *** الْوَاهِبِ الرَّزَّاقِ دَيَّانِ الدِّيَنْ

هُوَ الَّذِي أَنْقَذَنِي مِنْ قَبْلِ أَنْ *** أَكُونَ فِي ظُلْمَةِ قَبْرٍ مُرْتَهَنْ

بِأَحْمَدَ الْمَهْدِيْ النَّبِيِّ الْمُؤْتَمَنْ

عمرو بن الجموح رضي الله عنه وكان واحدا من زعماء المدينة، وسيدا من سادات بني سلِمة، ومن شهداء أحد.

وقصة استشهاد عمرو بن الجموح رضي الله عنه في غزوة أحد جديرة بالوقوف معها وقفة، لأخذ العبرة والفائدة منها.

على الرغم من أن عمرو بن الجموح رضي الله عنه من أصحاب الأعذار فقد كان أعرج من الذين يجوز لهم التخلف عن القتال لقول الله تعالى: {لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}.

فلما كان يومُ أحد، قال لبنيه: منعتموني الخروج إلى بدر، فلا تمنعوني الخروج إلى أحد، فقالوا: إن الله عذرك، فأتى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، إن بني يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه والخروج معك فيه، والله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة، فقال له رسول الله ﷺ: (أما أنت فقد عذرك الله، ولا جهاد عليك، وقال لبنيه لا عليكم أن تمنعوه، لعل الله يرزقه الشهادة). فدعا عمرو رضي الله عنه ربه قائلا: “اللهم ارزقني الشهادة، ولا تردني الى أهلي”، بدأت المعركة والتقى الجمعان، وانطلق عمرو بن الجموح رضي الله عنه وأبناؤه الأربعة يضربون بسيوفهم المشركين، ونال عمرو رضي الله عنه ما خرج من أجله، ودعا الله به، فقتل شهيدا في سبيل الله، قال الرسول ﷺ لقد رأيته يطأ في الجنة بعرجته).

وفي دلائل النبوة للبيهقي في قصة عبد الله بن عمرو بن حرام، قالوا: فقال رسول الله ﷺ يوم أحد: (ادفنوا عبد الله بن عمرو بن حرام وعمرو بن الجموح في قبر واحد)، ويقال: إنما أمر بذلك لما كان بينهما من الصفاء، فقال:(ادفنوا هذين المتحابين في الدنيا، في قبر واحد).

وبعد مضي ست وأربعين سنة على موتهما ودفنهما، نزل سيل شديد غطى أرض القبور، فسارع المسلمون إلى نقل أجساد الشهداء، فإذا هم كما وصفهم الذين اشتركوا في نقل أجسادهم: لينة أجسادهم، تثنى أطرافهم، وكان جابر بن عبد الله رضي الله عنه لا يزال حيا، فذهب لينقل رفات أبيه عبد الله بن عمرو بن حرام ورفات زوج عمته عمرو بن الجموح رضي الله عنهما، فوجدهما في قبرهما كأنهما نائمان، لم تأكل الأرض منهما شيئا، وعلى وجهيهما بسمة الرضا والغبطة.اهـ

ذِكرُ الهِجْرَةِ إِلَى المَدِينَةِ
وَإِذْ فَـشَـا الإِسْـلَامُ بِالْمَدِيـنَـةْ *** هَـاجَـرَ مَـنْ يَـحْفَظُ فِيهَا دِينَهْ
(وَإِذْ فَشَا الإِسْلَامُ بِالْمَدِينَة): لَمَّا خَرَجَ السَّبْعُونَ الذِينَ بايعوا الرسولَ ﷺ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ طَابَتْ نَفْسُهُ ﷺ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ حمايةً وَقَوْمًا أَهْلَ حَرْبٍ وَعُدَّةٍ وَنَجْدَةٍ، وفَشَا الإِسْلَامُ وظَهَر وانْتَشَرَ بِالْمَدِينَةِ الْمُنوَّرةِ، وَجَعَلَ الْبَلاءُ يَشْتَدُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ في مكةَ، فَضَيَّقُوا عَلَى أَصْحَابِهِ وَنَالُوا مِنْهُمْ مَا لَمْ يَكُونُوا يَنَالُونَ مِنَ الشَّتْمِ وَالأَذَى.

(هَاجَرَ مَنْ يَحْفَظُ فِيهَا دِينَه): شَكَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَاسْتَأْذَنُوهُ فِي الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: “قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، أُرِيتُ سَبْخَةً (أرضًا مالحةً) ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لابَتَيْنِ وَهُمَا الْحَرَّتَانِ (وهي أرضٌ ذاتُ أحجارٍ سُودٍ نَخِرَةٍ كأنَّهَا أُحرِقَت بِالنَّارِ)”، فَخَرَجَ إِلَيهَا المُستَضعَفُونَ جَمَاعَاتٍ لَيلًا مُستَخفِينَ، لَكِنَّ كُفَّارَ مَكَّةَ انتَبَهُوا وَصَارُوا يُحَاوِلُونَ مَنعَهُم.

مَكَثَ النبي ﷺ أَيَّامًا وخَرَجَ بعدها إِلَى أَصْحَابِهِ مَسْرُورًا وَقَالَ: “قَدْ أُخْبِرْتُ بِدَارِ هِجْرَتِكُمْ وَهِيَ يَثْرِبُ، فَمَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ فَلْيَخْرُجْ إِلَيْهَا“، فَجَعَلَ الْقَوْمُ يَتَجَهَّزُونَ وَيَتَوَافَقُونَ وَيَتَوَاسُونَ وَيَخْرُجُونَ سرًّا أفواجًا وفِرَقًا، فَنَزَلُوا عَلَى الأَنْصَارِ فِي دُورِهِمْ، فَآوَوْهُمْ وَنَصَرُوهُمْ، وَكَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ يَؤُمُّ الْمُهَاجِرِينَ بِقُبَاءَ قبلَ أن يَقدَمَ رسولُ اللهِ ﷺ لِأَنَّهُ كَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا.

ومِن عجائبِ ما حَصَلَ في هجرةِ أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ ما حصَلَ عندَمَا هَاجَرَتْ أُمُّ أَيْمَنَ مِنَ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَيْسَ مَعَهَا زَادٌ، فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الرَّوْحَاءِ وَذَلِكَ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ عَطِشَتْ عَطَشًا شَدِيدًا، قَالَتْ: فَتَسَمَّعْتُ حَفِيفًا شَدِيدًا فَوْقَ رَأْسِي، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا دَلْوٌ مُدَلًّى مِنَ السَّمَاءِ بِرِشَاءٍ أَبْيَضَ فَتَنَاوَلْتُهُ بِيَدَيَّ حَتَّى اسْتَمْسَكْتُ بِهِ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى رَوِيتُ، قَالَتْ: فَلَقَدْ كنت أَصُومُ بَعْدَ تِلْكَ الشَّرْبَةِ فِي الْيَوْمِ الْحَارِّ الشَّدِيدِ، ثُمَّ أَطُوفُ فِي الشَّمْسِ كَيْ أَظْمَأَ فَمَا ظَمِئْتُ بَعْدَ تِلْكَ الشَّرْبَةِ.

وأخرجَ البيهقيُّ فِي دلائلِ النبوةِ، فِي بابٍ سمَّاهُ بابَ مَا جاءَ فِي الْمُهَاجِرَةِ إلَى النبيِّ ﷺ التي أحيَا اللهُ تعالَى بِدُعَائِهَا وَلَدَهَا بعدَ مَا مَاتَ: عنْ أنسٍ قالَ: عُدْنَا شابًّا مِنَ الأنصارِ (أي زرناهُ)، وعندَهُ أمٌّ لهُ عجوزٌ عمياءُ، قالَ: فَمَا بَرحْنَا أنْ فاضَ، يعني: ماتَ، ومَدَدْنَا علَى وَجْهِهِ الثوبَ، وقُلْنَا لأمِّهِ: يَا هذهِ احتَسِبِي مُصَابَكِ عندَ اللهِ، قالتْ: أَمَاتَ ابْنِي؟، قُلْتُ: نعمْ، قالتْ: اللهم إنْ كنتَ تعلَمُ أنِّي هاجَرْتُ إليكَ وإلَى نبيِّكَ، رجاءَ أنْ تُعِيْنَنِي عندَ كلِّ شديدةٍ، فَلَا تَحْمِلْ عَلَيَّ هذهِ المصيبةَ اليومَ، قالَ أنسٌ: فواللهِ مَا بَرحَتْ حتَّى كَشَفَ الثوبَ عنْ وجهِهِ وطَعِمَ وطَعِمْنَا مَعَهُ، وَعَاشَ إِلَى خِلَافَةِ عُمَرَ بن الخطاب رضي الله عنه.اهـ

وهَاجَرَ إِلَى المدينة كُلُّ مَنْ أراد أن يَحْفَظ فِيهَا دِينَه الإسلامَ ويَتَمسَّكَ بِهِ، ولَم يَبْقَ بِمَكّةَ المكرَّمةِ إلا النَّبِيُّ ﷺ وأبُو بكَرٍ الصِّدِّيقُ وعَلِيٌّ رضيَ الله عنهمُا ومَن هُو مَحْبُوسٌ أو مَرِيضٌ.

فائدة: من خصائص سورة الفاتحة
فمن خواصها لمرض الطاعون أو أي نوع من أنواع الوباء: أن تقرأ 41 مرة ثم ينفخ عليه وهذا لأي مرض إن شاء الله تعالى وخصوصًا لوجع العينين.
ومن خواصها: أنّه من داوم على قراءتها بين سنّة الفجر وفرضه 41 مرة لم يطلب منزلة إلا وجدها إن شاء الله تعالى، وإن كان فقيرًا أغناه الله، وإن كان مديونًا قضى عنه دينه، وإن كان مريضا شفاه الله.
والله تعالى أعلم وأحكم والحمد لله رب العالمين.

دعاء
اللهم إِنَّا نتوسلُ إليكَ ونتوجهُ إليكَ باسمِك العظيمِ وبأسمائِك الحسنى وبحرمةِ القرآنِ العظيمِ وبسرِّ النبيينَ اللهم إنا نسأَلُكَ ونتوَجَّهُ إليكَ بحبيبِكَ محمدٍ بنبيِّك محمدٍ يا محمدٍ يا رسولَ اللهِ إنا نتوجَّهُ بكَ إلى ربِّنَا في دعَائِنَا ليُستَجَابَ لنَا، اللهم بِحُبِّكَ لحبيبكَ محمدٍ أعطِنا ما سأَلْنَا ولا تؤاخِذْنا بذُنُوبِنَا وتقصِيرِنَا يا اللهُ، ولا تؤاخِذْنا بمَا فعلَ السفهاءُ منَّا، اللهم إنَّا نسألُك بحبيبِكَ محمدٍ أنْ تستَجِيبَ دعاءَنَا هذا، اللهم ارزُقنَا نفحَةً مِنَ الحبيبِ محمَّدٍ اللهم احشُرْنَا تحتَ لواءِ حبيبِك محمدٍ اللهم لا تدَعْ لنا ذنبًا إلا غفرتَه اللهم استرْ عوراتِنَا وآمِن روعاتِنَا وقنَا شرَّ ما نتخوفُ اللهم ارزقْنا رِزقًا حسنًا وقلبًا خاشعًا وجسدًا على البلاءِ صابرًا اللهم أنبِتْ أولادَنا نباتًا حسنًا واجعَلْنَا وإيَّاهُم خُدَّامًا لدينِك يا اللهُ، واجعلْنا وإياهم حُرَّاسًا لعقيدةِ حبيبِك محمدٍ، وأنجِحْهُم في الدنيَا والآخرةِ، اللهم اختِمْ لنا بكاملِ الإيمانِ اللهم إنا نسألُكَ العفوَ والعافيةَ وحسنَ الحالِ وحسنَ الختامِ اللهم مَتِّعْنَا بأسماعِنا وأبصارِنا وقوتِنا ما أحييتَنا واجعَلْهُ الوارثَ منَّا واجعَلْ ثأرنَا على مَن ظَلَمَنا وانصرْنَا على مَن عادَانَا اللهم لا تجعَلْ مصِيبَتَنَا في دينِنا ولا تجعلِ الدنيا أكبرَ همِّنا ولا مبلغَ علمِنا اللهم لا تسلِّطْ علينَا مَن لا يرحمُنَا.

اللهم انصر إخواننا في فلسطين. اللهم رد إلينا فلسطين والمسجد الأقصى ردًّا جميلًا، اللهم انصر ضعفهم فإنهم ليس لهم سواك. اللهم إني أستودعك غزة وبيت المقدس وأهل القدس وكل فلسطين. اللهم ارزق أهل فلسطين الثبات والنصر والتمكين، وبارك في إيمانهم وصبرهم.

اللهم أعِنَّا علَى الصيامِ والقِيامِ وتقبَّل منَّا يا رَبَّ العالَمِينَ، اللهم اجعَلنَا مِن عتقَاءِ هذَا الشهرِ الكريمِ ومِنَ المقبُولِينَ يا أكرَمَ الأكرَمِينَ، اللهم أعتِقنَا فِيهِ مِنَ النيرَانِ يا اللهُ يا اللهُ يا اللهُ، اللهم أرِنَا ليلَةَ القدرِ المبارَكَةِ يا رَبَّ العالمينَ وارزُقنَا فيهَا دعوَةً مجَابَةً بجَاهِ سَيِّدِ الأولِينَ وَالآخِرِينَ يا اللهُ، اللهم ارفَعِ البَلَاءَ وَالوَبَاءَ والأَمرَاضَ عَنِ المسلِمِينَ في مشَارِقِ الأرضِ ومغَارِبِهَا إكرامًا لوِجهِ محمَّدٍ ﷺ يا ربَّ العالمِينَ، اللهم توفَّنَا عَلَى كامِلِ الإيمَانِ وارزُقنَا شهَادَةً في سبيلِكَ ومَوْتًا في بلَدِ نبيِّكَ ﷺ، واحشرنا على نُوقٍ رحَائِلُهَا مِن ذهَبٍ آمنِينَ مطمَئِنِّينَ يا رَبَّ العَالَمِينَ، اللهم ارزقنَا حُسنَ الخِتَامِ والمَوتَ على دِينِكَ دينِ الإسلامِ ورؤيَةَ سيدِ الأنَامِ سيدنَا مُحَمَّدٍ عليهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، احشُرنَا فِي زُمرَتِهِ وأَورِدنَا حوضَهُ الشريفَ يا ربَّ العالمين.

وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على سيدِ الأنبياءِ والمرسلِينَ وسلَامٌ علَى المُرسَلِينَ والحَمدُ للهِ ربِّ العالَمِينَ.

 

شاهد أيضاً

شرح دعاء “اللهم إني أسألك من الخير كله” ودلالاته في طلب الجنة والوقاية من النار

المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله الذي أنزلَ على عبده الكتاب ولم يجعل لهُ …