صحيح البخاري · كتاب العلم · الدرس (5)

المقدمة

الحَمدُ للهِ الَّذِي بِيَدِهِ الإِيجَادُ وَالإِنشَاءُ، وَالإِمَاتَةُ وَالإِحيَاءُ، خَلَقَ آدَمَ وَعَلَّمَهُ العِلمَ فَانجَلَت عَنهُ الظَّلمَاءُ، وَعَرَّفَهُ خَطَّ الخَطِّ والهِجَاءَ، وَبَثَّ مِن نَسلِهِ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ، فَمِنهُمُ العَالِمُ الذَّاكِرُ وَمِنهُمُ الجَاهِلُ النَّسَّاءُ، وَأَكثَرُهُمُ الغَافِلُونَ وَأَقَلُّهُمُ الأَلِبَّاءُ، وَلَيسَت زَرقَاءُ اليَمَامَةِ كَالأَعشَى، وَلَا النَّهَارُ كَاللَّيلِ إِذَا يَغشَى، ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾.

وَأُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ أَشرَفِ رَاكِبٍ حَوَتهُ البَيدَاءُ، وَعَلَى صَاحِبِهِ أَبِي بَكرٍ الصِّدِّيقِ مُصَاحِبِهِ فِي الشِّدَّةِ والرَّخَاءِ، وَعَلَى عُمَرَ الفَارُوقِ الَّذِي دَوَّخَ الكُفرَ فَذَلَّت لَهُ الأَعدَاءُ، وَعَلَى عُثمَانَ الصَّابِرِ وَقَدِ اشتَدَّ بِهِ البَلاءُ، وَعَلَى عَلِيٍّ الَّذِي حَصَلَ لَهُ دُونَ الكُلِّ الإِخَاءُ، وَعَلَى ءَالِهِ وَأَصحَابِهِ المُجتَهِدِينَ النُّجَبَاءِ، أَمَّا بَعدُ:
الشرح

٧ – ‌‌بَابُ مَا يُذكَرُ فِي المُنَاوَلَةِ وَكِتَابِ أَهلِ العِلمِ بِالعِلمِ إِلَى البُلدَانِ،

يَذكُرُ نَوعًا آخَرَ مِن أَنوَاعِ التَّلَقِّي، قَد لَا يَسمَعُ الطَّالِبُ مِنَ الشَّيخِ مُبَاشَرَةً وَلَا يَسمَعُ مَن قَرَأَ عَلَى الشَّيخِ وَلَا هُوَ يَقرَأُ عَلَى الشَّيخِ، إِنَّمَا وَصَلَ لَهُ رِسَالَةٌ مِنَ الشَّيخِ، أَوِ الشَّيخُ أَعطَاهُ كِتَابًا نَاوَلَهُ هَذَا الكِتَابَ، كِتَابٌ مَوثُوقٌ وَمُعتَمَدٌ نَاوَلَهُ إِيَّاهُ، وَقَد يُنَاوِلُهُ إِيَّاهُ مَعَ الإِجَازَةِ وَقَد يُنَاوِلُهُ إِيَّاهُ مِن غَيرِ إِجَازَةٍ، لَكِن هَذِهِ المُنَاوَلَةُ مِنَ الشَّيخِ لِهَذاَ الطَّالِبِ نَوعٌ مِن أَنوَاعِ التَّلَقِّي، أَنَا مَثَلًا مَا سَمِعتُ مِنَ الشَّيخِ وَلَا قَرَأتُ عَلَيهِ وَلَا قُرِئَ عَلَيهِ بِحُضُورِي فَهُوَ قَالَ لِي بَارَكَ اللهُ فِيكَ نَاوَلتُكَ هَذَا الكِتَابَ خُذ هَذَا الكِتَابَ هَذَا كِتَابٌ مِن رِوَايَتِي أَو مِن تَألِيفِي مَوثُوقٌ، فَأَنَا آخُذُ الكِتَابَ وَلَو لَم أَسمَعهُ مِنَ الشَّيخِ لَو مَا قُرِأَ عَلَى الشَّيخِ بِحُضُورِي أَو أَنَا قَرَأتُهُ عَلَيهِ يُرِيدُ أَن أَروِيَ لِلنَّاسِ هَذَا نَوعٌ مِن أَنوَاعِ التَّلَقِّي،

لَكِن مَن هَذَا الطَّالِبُ الَّذِي يُعطِيهِ الشَّيخُ الكِتَابَ مُنَاوَلَةً؟ لَا يَعرِفُ الأَلِفَ مِنَ العَصَا! لَا بُدَّ أَن يَكُونَ إِنسَانًا مُتَعَلِّمًا الدِّينَ يَعرِفُ العَقِيدَةَ وَالأَحكَامَ الضَّرُورِيَّةَ وَمُتَعِلِّمًا النَّحوَ، لَيسَ مِثلَ هَذِهِ الأَيَّامِ يُرَاسِلُونَ بَعضَ المَشَايِخِ عَلَى الإِنتَرنِتِّ وَاحِدٌ بِالصِّينِ وَوَاحِدٌ بِاليَابَانِ ، اللهُ يُبَارِكُ فِيكَ أَجِزنِي، وَهُوَ لَا يَعرِفُ كَيفَ يَقرَأُ العَرَبِيَّةَ وَلَيسَ مُتَعَلِّمًا العَقِيدَةَ، لَكِن حَتَّى يَجمَعَ وَيَقُولَ أَنَا عِندِي كَثِيرٌ مِنَ الأَسَانِيدِ وَكَثِيرٌ مِنَ الرِّوَايَاتِ، إِذَا قُلتَ لَهُ اقرَأ عَن حَاضِرٍ لَا يَقرَأُ عَن حَاضِرٍ، نَحنُ لَا نَتَكَلَّمُ عَن هَؤُلَاءِ، لِأَنَّ الشَّيخَ إِذَا نَاوَلَ أَحَدَ طُلَّابِهِ أَو أَجَازَهُ يَكُونُ مُتَأَكِّدًا مِنهُ هَذَا إِنسَانٌ يَخَافُ اللهَ ثِقَةٌ مُتَعَلِّمٌ الضَّرُورِيَّاتِ وَمُتَمَكِّنٌ فِي عِلمِ النَّحوِ لَيسَ إِنسَانًا يُخَرِّفُ وَيُحَرِّفُ، فَالعَالِمُ المُحَدِّثُ أَعطَانَا كِتَابًا يُقَالُ لَهُ بِهَذَا الفِعلِ مُنَاوَلُةٌ نَاوَلَنِي وَهَذِهِ المُنَاوَلَةُ نَوعٌ مِن أَنوَاعِ التَّلَقِّي يُرِيدُ أَن أَروِيَ عَنِ الشَّيخِ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ،

فَيَقُولُ البُخَارِيُّ: وَكِتَابُ أَهلِ العِلمِ بِالعِلمِ إِلَى البُلدَانِ، انظُر كَيفَ وَضَعَ البُخَارِيُّ المُنَاوَلَةَ مَعَ المُكَاتَبَةَ، يَكُونُ الطَّالِبُ مَثَلًا فِي بَلَدٍ آخَرَ وَالشَّيخُ المُحَدِّثُ يَكتُبُ بِخَطِّ يَدِهِ أَو يَأمُرُ ثِقَةً أَن يَكتُبَ، أَعطُوهُ لِلشَّيخِ فلان بعمان هَذَا الحَدِيثُ هَذَا مِن مَروِيَّاتِي، وَصَلَ لِلشَّيخِ فلان رِسَالَةٌ بِخَطِّ الشَّيخِ أَو بِخَطِّ مَن أَمَرَهُ الشَّيخُ وَصَلَت عِندَ الشَّيخِ فلان هَذِهِ الرِّسَالَةُ يَعرِفُ أَنَّ هَذَا خَطُّ العَاِلمِ أَو خَطُّ الثِّقَةِ الَّذِي كَتَبَ لَكِن هُوَ مَا سَمِعَ مِنَ الشَّيخِ وَمَا سَمِعَ مِمَّن كَتَبَ، هَل لَهُ أَن يَروِيَ هَذَا عَن شَيخِهِ؟ نَعَم لَهُ هَذَا نَوعٌ مِن أَنوَاعِ التَّلَقِّي يُقَالُ لَهَا المُكَاتَبَةُ، وَالبُخَارِيُّ لَمَّا ذَكَرَ المُنَاوَلَةَ وَالمُكَاتَبَةَ مَعًا هُوَ بِرَأيِهِ هِيَ مِثلُ بَعضِهَا لَكِن عِندَ بَعضِ العُلَمَاءِ المُنَاوَلَةُ أَعلَى)

وَقَالَ أَنَسٌ: نَسَخَ عُثمَانُ المَصَاحِفَ فَبَعَثَ بِهَا إِلَى الآفَاقِ،

(يَستَدِلُّ الإِمَامُ أَبُو عَبدِ اللهِ البُخَارِيُّ عَلَى أَمرِ المُكَاتَبَةِ بِمَا قَاَلُه أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنهُ نَسَخَ عُثمَانُ المَصَاحِفَ مَعنَاهُ كَتَبَ أَي أَمَرَ سَيِّدُنَا عُثمَانُ بَعضَ الصَّحَابَةِ أَن يَنسَخُوهَا فَبَعَثَ بِهَا إِلَى الآفَاقِ أَمَرَ بِكِتَابَةِ المَصَاحِفِ وَأَرسَلَهَا إِلَى الآفَاقِ فَالنَّاسُ أَقَرُّوا ذَلِكَ وَاعتَمَدُوا ذَلِكَ، فَإِذَن هَذَا أَمرٌ جَائِزٌ وَمَقبُولٌ إِذَا كَانَ هَكَذَا الأَمرُ فِي كِتَابِ اللهِ، فَمَا بَالُكَ فِي حَدِيثِ نَبِيِّنَا ﷺ، أَرسَلَ سَيِّدُنَا عُثمَانُ مُصحَفًا إِلَى مَكَّةَ المُكَرَّمَةِ وَآخَرَ إِلَى الشَّامِ وَآخَرَ إِلَى اليَمَنِ وَآخَرَ إِلَى البَحرَينِ وَآخَرَ إِلَى البَصرَةِ وَآخَرَ إِلَى الكُوفَةِ وَأَمسَكَ بِالمَدِينَةِ وَاحِدًا، المَشهُورُ أَنَّ هَذِهِ كَانَت خَمسَةً، لَكِن بَعضُ العُلَمَاءِ قَالُوا أَكثَرُ الرِّوَايَاتِ عَلَى أَنَّهَا أَربَعَةٌ)

وَرَأَى عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ

(هُوَ عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ)

وَيَحيَى بنُ سَعِيدٍ وَمَالِكٌ ذَلِكَ جَائِزًا،

(يَعنِي المُنَاوَلَةُ وَالإِجَازَةُ أَمرٌ جَائِزٌ، رَأَوهُ جَائِزًا)

وَاحتَجَّ بَعضُ أَهلِ الحِجَازِ

(بَعضُ عُلَمَاءِ الحِجَازِ وَهُوَ الحُمَيدِيُّ مِن مَشَايِخِ البُخَارِيِّ)

فِي المُنَاوَلَةِ

(يَعنِي فِي صِحَّةِ المُنَاوَلَةِ)

بِحَدِيثِ النَّبِيِّ ﷺ

(بِحَدِيثٍ فِيهِ المُنَاوَلَةُ وَمَعنَى المُكَاتَبَةِ)

حَيثُ كَتَبَ

(أَي أَمَرَ بِالكِتَابَةِ، فَالنَّبِيُّ ﷺ كَانَ أُمِّيًّا كَمَا لَا يَخفَى لَم يَكُن يَقرَأُ المَكتُوبَ وَلَا يَكتُبُ المَقرُوءَ)

لِأَمِيرِ السَّرِيَّةِ كِتَابًا

(السَّرِيَّةُ هِيَ القِطعَةُ مِنَ الجَيشِ كَانُوا اثنَي عَشَرَ رَجُلًا مِنَ المُهَاجِرِينَ وَأَمِيرُ السَّرِيَّةِ عَبدُ اللهِ بنُ جَحشٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ)

وَقَالَ: “لَا تَقرَأهُ حَتَّى تَبلُغَ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا”، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ المَكَانَ قَرَأَهُ عَلَى النَّاسِ، وَأَخبَرَهُم بِأَمرِ النَّبِيِّ ﷺ.

(مَعنَاهُ النَّبِيُّ ﷺ كَتَبَ لِأَمِيرِ السَّرِيَّةِ، مَعنَاهُ أَمَرَ بِالكِتَابَةِ لِأَمِيرِ السَّرِيَّةِ عَبدِ اللهِ بنِ جَحشٍ كِتَابًا، وَأَخبَرَهُ قَالَ لَهُ لَا تَقرَأهُ حَتَّى تَبلُغَ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى ذَلِكَ المَكَانِ قَرَأَهُ عَلَى النَّاسِ فَأَقَرُّوهُ عَلَى ذَلِكَ وَأَخبَرَهُم بِأَمرِ النَّبِيِّ ﷺ وَاعتَبَرُوا ذَلِكَ أَمرًا مَقبُولًا، فَإِذَن هَذِهِ المُكَاتَبَةُ المُستَوفِيَةُ لِلشُّرُوطِ هِيَ أَمرٌ مَقبُولٌ، لَنَا أَن نَروِيَ عَن هَذَا الشَّيخِ الثِّقَةِ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ).

٦ – حَدَّثَنَا إِسمَاعِيلُ بنُ عَبدِ اللهِ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبرَاهِيمُ بنُ سَعدٍ، عَن صَالِحٍ، عَنِ ابنِ شِهَابٍ، عَن عُبَيدِ اللهِ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ عُتبَةَ بنِ مَسعُودٍ أَنَّ عَبدَ اللهِ بنَ عَبَّاسٍ أَخبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَعَثَ بِكِتَابِهِ رَجُلًا،

(أَي بَعَثَ رَجُلًا بِكِتَابِهِ وَهُوَ أَيِ الرَّجُلُ هَذَا عَبدُ اللهِ بنُ حُذَافَةَ السَّهمِيُّ)

وَأَمَرَهُ أَن يَدفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ البَحرَينِ،

(مَعنَى: “أَمَرَهُ أَن يَدفَعَهُ” فِيهِ مَعنَى المُنَاوَلَةِ، هَذَا الصَّحَابِيُّ أَخَذَ كِتَابَ النَّبِيِّ رِسَالَةً مِنَ النَّبِيِّ ﷺ وَالنَّبِيُّ أَمَرَهُ أَن يَدفَعَهُ أَي أَن يُعطِيَ هَذَا الكِتَابَ إِلَى عَظِيمِ البَحرَينِ) (يَعنِي الَّذِي يُعَظِّمُهُ أَهلُ البَحرَينِ اسمُهُ المُنذِرُ بنُ سَاوَى)

فَدَفَعَهُ عَظِيمُ البَحرَينِ إِلَى كِسرَى،

(هَذَا عَظِيمُ البَحرَينِ أَرسَلَ هَذِهِ الرِّسَالَةَ إِلَى كِسرَى لِأَنَّ النَّبِيَّ هَكَذَا طَلَبَ ﷺ)

فَلَمَّا قَرَأَهُ

(أَي كِسرَى قَرَأَ الرِّسَالَةَ قَرَأَ الكِتَابَ)

مَزَّقَهُ،

(أَي خَرَقَ كِتَابَ الرَّسُولِ ﷺ) (مُرَادُ البُخَارِيِّ بِهَذَا أَنَّ النَّبِيَّ بَعَثَ بِرَسَائِلَ إِلَى المُلُوكِ عَن طَرِيقِ المُكَاتَبَةِ، كَتَبَهَا أَحَدُ الصَّحَابَةِ بِأَمرِ النَّبِيِّ ﷺ، فَاعتَبَرَهَا النَّبِيُّ كَافِيَةً فِي تَبلِيغِ الرِّسَالَةِ، فَهَذَا أَمرٌ مُعتُرَفٌ بِهِ وَمَقبُولٌ، هَذَا مُرَادُ الإِمَامِ البُخَارِيِّ، لَكِن فِي الحَدِيثِ فَوَائِدُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعدَمَا بَلَغَهُ هَذَا الأَمرُ مَاذَا فَعَلَ؟)

فَحَسِبتُ

(المُتَكَلِّمُ هُنَا هُوَ أَحَدُ رُوَاةِ هَذَا الحَدِيثِ وَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ شِهَابٍ الزُّهرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ)

أَنَّ ابنَ المُسَيَّبِ

(أَي سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ وَهُوَ مِن كِبَارِ التَّابِعِينَ كَمَا لَا يَخفَى)

قَالَ: فَدَعَا عَلَيهِم رَسُولُ اللهِ ﷺ أَن يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ.

(مَعنَاهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَعَا عَلَيهِم أَن يُمَزَّقُوا غَايَةَ التَّمزِيقِ، وَهَذَا الَّذِي حَصَلَ، ابنُ كِسرَى قَتَلَ أَبَاهُ مَزَّقَ بَطنَهُ، اللهُ تَعَالَى مَزَّقَ مُلكَ كِسرَى وَزَالَ مِن جَمِيعِ الأَرضِ وَاضمَحَلَّ بِدَعوَةِ نَبِيِّنَا ﷺ).

٧ – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، أَخبَرَنَا عَبدُ اللهِ

(المُرَادُ عَبدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ رَحِمَهُ اللهُ)

قَالَ: أَخبَرَنَا شُعبَةُ، عَن قَتَادَةَ، عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: كَتَبَ النَّبِيُّ ﷺ كِتَابًا

(مَعنَاهُ النَّبِيُّ ﷺ أَمَرَ كَاتِبًا أَن يَكتُبَ،

أَو أَرَادَ أَن يَكتُبَ

(هَذِهِ مَعنَاهَا الشَّكُّ مِنَ الرَّاوِي، وَالرَّاوِي هُنَا هُوَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ)

فَقِيلَ لَهُ:

(قِيلَ لِنَبِيِّنَا ﷺ)

إِنَّهُم

(أَيِ الَّذِينَ سَتُرسِلُ لَهُم)

لَا يَقرَءُونَ كِتَابًا إِلَّا مَختُومًا،

(أَي غَيرَ مَفتُوحٍ)

فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِن فِضَّةٍ نَقشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ،

(يَستَدِلُّ فِيهِ البُخَارِيُّ عَلَى أَمرِ المُكَاتَبَةِ، كَانَ يَبعَثُ النُّبِيُّ الرَّسَائِلَ وَيَختِمُ عَلَيهَا بِخَتمِهِ فَاعتَبَرَهَا تَكفِي لِتَبلِيغِ الدَّعوَةِ فَالمُكَاتَبَةُ أَمرٌ مَقبُولٌ عَلَى النَّحوِ الَّذِي ذَكَرنَاهُ فَزِيَادَةُ هَذِهِ الفَائِدَةِ أَنَّ النَّبِيَّ اتَّخَذَ خَاتَمًا وَهَذَا الخَاتَمُ نَقشُهُ مَكتُوبٌ عَلَيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ ﷺ)

كَأَنِّي أَنظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يَدِهِ،

(لِأَنَّهُ كَانَ يَلبَسُهُ فِي الخِنصِرِ الإِصبَعِ الصَّغِيرِ)

فَقُلتُ

(يَعنِي شُعبَةَ)

لِقَتَادَةَ: مَن قَالَ: نَقشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ؟ قَالَ: أَنَسٌ.

(أَنَسٌ أَخبَرَنَا صَاحِبُ النَّبِيِّ هُوَ الَّذِي قَالَ لَنَا أَنَّ خَاتَمَ النَّبِيِّ مَكتُوبٌ عَلَيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، كَيفَ كُتِبَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ؟، مَا جَاءَ فِي هَذَا الحَدِيثِ، لَكِن يَذكُرُ بَعضُ العُلَمَاءِ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي الأَوَّلِ لَفظُ الجَلَالَةِ اللهُ ثُمَّ رَسُولُ ثُمَّ مُحَمَّدٌ ،كُتِبَ لَفظُ الجَلَالَةِ اللهُ فِي الأَوَّلِ لِلتَّعظِيمِ، هَذَا مِمَّا يَختَصُّ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ، أَمَّا بِالنِّسبَةِ لَنَا إِذَا نَحنُ كَتَبنَا بِاللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ نَكتُبُ بِالتَّرتِيبِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ.

أَرَادَ بِذَلِكَ البُخَارِيُّ أَن يُبَيِّنَ عَن صِحَّةِ المُنَاوَلَةِ وَصِحَّةِ المُكَاتَبَةِ.

فأَنوَاعُ التَّلَقِّي مُتَعَدِّدَةٌ، العِلمُ لَابُدَّ أَن يُؤخَذَ بِالتَّلَقِّي لَا مِن جُوجِل وَلَا مِن يُوتيُوب، إِنَّمَا العِلمُ يُؤخَذُ بِالتَّلَقِّي.

وَالتَّلَقِّي يَكُونُ إِمَّا بِسَمَاعِ لَفظِ الشَّيخِ بَعدَ التَّأَكُّدِ أَنَّهُ إِنسَانٌ ثِقَةٌ يَخَافُ اللهَ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وَإِمَّا أَن نَقرَأَ عَلَى الشَّيخِ أَو أَحَدٌ يَقرَأُ عَلَيهِ بِحُضُورِنَا فَنَروِيَ عَنهُ، أَو يَأتِيَ الشَّيخُ وَيُعطِيَنِي كِتَابًا مِن كُتُبِهِ يَقُولُ هَذَا لِي وَاروِهِ عَنِّي، أَو يَكتُبَ الشَّيخُ رِسَالَةً لِي وَأَنَا فِي مَحَلٍّ بَعِيدٍ يَبعَثُ لِي رِسَالَةً بِخَطِّهِ أَو بِخَطِّ ثِقَةٍ أَمَرَهُ أَن يَكتُبَ، فَاسمُهَا المُكَاتَبَةُ، فَأَنَا أَروِي عَنهُ وَهُنَاكَ شَيءٌ مَا ذَكَرَهُ البُخَارِيُّ وَهُوَ الإِجَازَةُ، وَالإِجَازَةُ مَعنَاهَا أَن يُعطِيَ العَالِمُ الثِّقَةُ وَالمُحَدِّثُ الثِّقَةُ هَذَا الطَّالِبَ إِجَازَةً بِأَن يَروِيَ عَنهُ شَيئًا مَا لِمَا يَرَى مِنهُ مِن أَنَّهُ إِنسَانٌ نَجِيبٌ مُتَمَكِّنٌ فِي عِلمِ العَقِيدَةِ مُتَمَكِّنٌ فِي الأَحكَامِ الضَّرُورِيَّةِ مُتَمَكِّنٌ فِي النَّحوِ رَآهُ أَنَّهُ عَلَى خَيرٍ لَا يَخَافُ عَلَيهِ أَن يُحَرِّفَ، وَقَد يَقُولُ لَهُ أَجَزتُكَ بِصَحِيحِ البُخَارِيِّ أَو أَجَزتُكَ بِالكُتُبِ السِّتَّةِ فِي الحَدِيثِ أَو أَجَزتُكَ بِكُلِّ مَروِيَّاتِي، فَهَذَا الطَّالِبُ الثِّقَةُ الَّذِي أَخَذَ الإِجَازَةَ مِنَ العَالِمِ الثِّقَةِ لَهُ أَن يَروِيَ لِلنَّاسِ مِن مَسمُوعَاتِ هَذَا الشَّيخِ إِجَازَةً عَامَّةً بِشَرطِ أَن تَكُونَ النُّسخَةُ الَّتِي يَقرَأُ مِنهَا مَضبُوطَةٌ.

فَإِذَن مَا بَيَّنَهُ لَنَا الإِمَامُ أَبُو عَبدِ اللهِ البُخَارِيُّ أَن نَأخُذَ العِلمَ مِن أَهلِ العِلمِ وَالمَعرِفَةِ، لَيسَ مِن أَيِّ إِنسَانٍ تَصَدَّرَ لِلتَّدرِيسِ بِاسمِ الدِّينِ أَو قِرَاءَةِ الحَدِيثِ أَو قِرَاءَةِ الفِقهِ أَو غَيرِ هَذَا مِن فُنُونِ العِلمِ، لَا نُسَلِّمُ لِأَيِّ أَحَدٍ وَنَقُولُ هَذَا شَيخٌ مُعَمَّمٌ هَذَا صَاحِبُ شَهَادَةٍ طَلَعَ عَلَى التِّلفَازِ يُنَادُونَهُ الأُستَاذَ الدُّكتُورَ، إِنَّمَا يُعرَضُ كَلَامُهُ عَلَى مِيزَانِ الشَّرعِ أَوَّلًا، الإِمَامُ البُخَارِيُّ يُؤَكِّدُ عَلَى فَضِيلَةِ طَلَبِ العِلمِ مِن أَهلِ العِلمِ وَالمَعرِفَةِ وَيُؤَكِّدُ عَلَى طَرِيقَةِ كَيفَ نَتَلَقَّى العِلمَ، هَل نَأخُذُ العِلمَ مِن صَفَحَاتِ الإِنتَرنِتِّ وَبِالمُطَالَعَةِ بِالكُتُبِ مِن أَيِّ إِنسَانٍ تَصَدَّرَ لِلتَّدرِيسِ؟، أَم لَا بُدَّ مِن شُرُوطٍ مُعَيَّنَةٍ؟ نَعَم، لَا بُدَّ مِن شُرُوطٍ مُعَيَّنَةٍ، لَا يُؤخَذُ العِلمُ عَن أَيِّ إِنسَانٍ، كَمَا أَنَّ الطِّبَّ لَا يُؤخَذُ عَن أَيِّ إِنسَانٍ، وَالهَندَسَةَ لَا تُؤخَذُ عَن أَيِّ إِنسَانٍ، لِكُلٍّ أَهلٌ، وَلِكُلٍّ اختِصَاصٌ، فَكَذَلِكَ عِلمُ الدِّينِ وَهُوَ أَشرَفُ العُلُومِ فَمِن بَابِ أَولَى أَن يَكُونَ تَلَقِّي هَذَا العِلمِ مِن أَهلِ العِلمِ وَالمَعرِفَةِ الثِّقَاتِ الَّذِينَ أَخَذُوا العِلمَ بِالسَّنَدِ المُتَّصِلِ إِلَى سَيِّدِي رَسُولِ اللهِ ﷺ).

٨ – ‌‌بَابُ مَن قَعَدَ حَيثُ يَنتَهِي بِهِ المَجلِسُ وَمَن رَأَى فُرجَةً فِي الحَلقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا

(هَذَا الَّذِي سَيَذكُرُهُ البُخَارِيُّ هُنَا مِن آدَابِ المَجلِسِ) (هَذَا البَابُ مَعقُودٌ لِبَيَانِ أُمُورٍ مُهِمَّةٍ يَدخُلُ فِيهِ أَدَبُ الطَّالِبِ مِن عِدَّةِ أَوجُهٍ، بَابُ مَن قَعَدَ حَيثُ يَنتَهِي بِهِ المَجلِسُ، دَخَلتَ إِلَى مَجلِسِ العِلمِ أَينَ تَجلِسُ؟ النَّاسُ سَبَقُوكَ فِي مَجلِسِ العِلمِ أَنتَ دَخَلتَ مُتَأَخِّرًا، أَينَ تَجلِسُ؟، قَالَ: حَيثُ يَنتَهِي بِكَ المَجلِسُ، وَأَمَّا مَن رَأَى فُرجَةً فِي الحَلَقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، مَعنَاهُ مَن رَأَى فِي دَاخِلِ هَذَا المَجلِسِ فُرجَةً مِثلَ فُسحَةٍ فَرَاغٍ يَتَقَدَّمُ لِيَجلِسَ فِي هَذِهِ الفُرجَةِ)

٨ – حَدَّثَنَا إِسمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَن إِسحَاقَ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلحَةَ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَولَى عَقِيلِ بنِ أَبِي طَالِبٍ أَخبَرَهُ عَن أَبِي وَاقِدٍ اللَّيثِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَينَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي المَسجِدِ

(أَي فِي المَسجِدِ النَّبَوِيِّ)

وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذ أَقبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، فَأَقبَلَ اثنَانِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قَالَ: فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ،

(أَي فَوَقَفَا عَلَى مَجلِسِ رَسُولِ اللهِ ﷺ)

فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرجَةً فِي الحَلقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا،

(مَعنَاهُ هَذَا رَأَى فُرجَةً وَدَخَلَ إِلَى المَجلِسِ وَجَلَسَ فِي هَذِهِ الفُرجَةِ)

وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلفَهُم، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدبَرَ ذَاهِبًا،

(ثَلَاثَةُ نَفَرٍ دَخَلُوا فَوَجَدُوا النَّبِيَّ ﷺيُحَدِّثُ بَعضَ أَصحَابِهِ وَهُم فِي حَلَقَةٍ مَعَهُ

اثنَانِ مِنهُمَا دَخَلَا وَالثَّالِثُ أَدبَرَ وَذَهَبَ، الأَوَّلُ مِنهُمَا جَلَسَ عِندَمَا رَأَى فُسحَةً فِي الأَمَامِ رَأَى فَرَاغًا فَسَدَّ هَذَا الفَرَاغَ، وَالثَّانِي جَلَسَ فِي خَلفِ الحَلَقَةِ حَيثُ انتَهَى بِهِ المَجلِسُ، وَالثَّالِثُ ذَهَبَ وَأَذهَبَ عَلَى نَفسِهِ خَيرًا كَبِيرًا فَمَاذَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ)

فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ ﷺ

(أَي فَرَغَ رَسُولُ اللهِ مِمَّا كَانَ مُشتَغِلًا بِهِ)

قَالَ: “أَلَا أُخبِرُكُم عَنِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ؟، أَمَّا أَحَدُهُم فَأَوَى إِلَى اللهِ فَآوَاهُ اللهُ،

هُنَاكَ شَيءٌ فِي اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ يُقَالُ لَهُ المُشَاكَلَةُ، نَفسُ الكَلِمَةِ تَأتِي فِي الجُملَةِ فِي مَوضِعَينِ فِي مَوضِعٍ بِمَعنًى وَفِي المَوضِعِ الثَّانِي بِمَعنًى آخَرَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾، المَكرُ بِمَعنَى الخِدَاعِ وَالخُبثِ مُستَحِيلٌ عَلَى اللهِ، فَهَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ جَاءَت عَلَى بَابِ المُشَاكَلَةِ، ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ﴾، وَمَكَرُوا هُم عِندَهُم خُبثٌ وَخِدَاعٌ أَرَادُوا الضَّرَرَ لِنَبِيِّ اللهِ مُوسَى وَمَن مَعَهُ، وَمَكَرَ اللهُ جَازَاهُم عَلَى مَكرِهِم أَوصَلَ إِلَيهِمُ الضَّرَرَ مِن حَيثُ لَا يَشعُرُونَ هَذَا مَعنَاهَا.

﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾، هَذَا مِن بَابِ المُشَاكَلَةِ، نَسُوا اللهَ هُم تَرَكُوا طَاعَتَهُ أَعرَضُوا عَنِ الإِيمَانِ بِهِ نَسُوا اللهَ، فَنَسِيَهُم يَعنِي تَرَكَهُم فِي العَذَابِ عَاقَبَهُم عَلَى كُفرِهِم بِأَن جَعَلَ مَأوَاهُمُ النَّارَ، فَأَوَّلُ كَلِمَةٍ: نَسُوا اللهَ لَهَا مَعنًى، وَالثَّانِيَةُ: فَنَسِيَهُم لَهَا مَعنًى آخَرُ مَعَ أَنَّهُا نَفسُ الكَلِمَةِ.

كَذَلِكَ هُنَا أَوَى إِلَى اللهِ فَآوَاهُ اللهُ أَوَى إِلَى اللهِ، أَوَى إِلَى مَجلِسِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَجَازَاهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ بِالرَّحمَةِ وَالرِّضوَانِ، أَثَابَهُ اللهُ عَلَى حُضُورِهِ فِي هَذَا المَجلِسِ بِالثَّوَابِ وَالرَّحمَةِ.

(قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ العُلَمَاءُ مَعنَى أَوَى إِلَى الله أَي لَجَأَ إِلَيهِ، قَالَ القَاضِي وَعِندِي أَنَّ مَعنَاهُ هُنَا دَخَلَ مَجلِسَ ذِكرِ اللهِ تَعَالَى أَو دَخَلَ مَجلِسَ رَسُولِ الله ﷺ وَمَجمَعِ أَولِيَائِهِ وَانضَمَّ إِلَيهِ، وَمَعنَى آوَاهُ الله أَي قَبِلَهُ وَقَرَّبَهُ وَقِيلَ مَعنَاهُ رَحِمَهُ أَو آوَاهُ إِلَى جَنَّتِهِ أَي كَتَبَهَا لَهُ).

وَأَمَّا الآخَرُ فَاستَحيَا فَاستَحيَا اللهُ مِنهُ،

(قَالَ النَّوَوِيُّ: أَي تَرَكَ المُزَاحَمَةَ وَالتَّخَطِّي حَيَاءً مِنَ اللهِ تَعَالَى وَمِنَ النَّبِيِّ ﷺ وَالحَاضِرِينَ، أَوِ استِحيَاءً مِنهُم أَن يُعرِضَ ذَاهِبًا كَمَا فَعَلَ الثَّالِثُ، فَاستَحَى اللهُ مِنهُ أَي رَحِمَهُ وَلَم يُعَذِّبهُ بَل غَفَرَ ذُنُوبَهُ، وَقِيلَ جَازَاهُ بِالثَّوَابِ، قَالُوا وَلَم يُلحِقهُ بِدَرَجَةِ صَاحِبِهِ الأَوَّلِ فِي الفَضِيلَةِ الَّذِي آوَاهُ وَبَسَطَ لَهُ اللُّطفَ وَقَرَّبَهُ).

وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعرَضَ فَأَعرَضَ اللهُ عَنهُ“.

(أَي لَم يَرحَمهُ) (قَالَ الحَافِظُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: فِيهِ استِحبَابُ جُلُوسِ العَالِمِ لِأَصحَابِهِ وَغَيرِهِم فِي مَوضِعٍ بَارِزٍ ظَاهِرٍ لِلنَّاسِ، وَالمَسجِدُ أَفضَلُ، فَيُذَاكِرَهُمُ العِلمَ وَالخَيرَ، وَفِيهِ جَوَازُ حِلَقِ العِلمِ وَالذِّكرِ فِي المَسجِدِ وَاستِحبَابُ دُخُولِهَا وَمُجَالَسَةِ أَهلِهَا وَكَرَاهَةُ الِانصِرَافِ عَنهَا مِن غَيرِ عُذرٍ، وَاستِحبَابُ القُربِ مِن كَبِيرِ الحَلقَةِ لِيَسمَعَ كَلَامَهُ سَمَاعًا بَيِّنًا وَيَتَأَدَّبَ بِأَدَبِهِ، وَأَنَّ قَاصِدَ الحَلقَةِ إِن رَأَى فُرجَةً دَخَلَ فِيهَا وَإِلَّا جَلَسَ وَرَاءَهُم، وَفِيهِ الثَّنَاءُ عَلَى مَن فَعَلَ جَمِيلًا فَإِنَّهُ ﷺ أَثنَى عَلَى الِاثنَينِ فِي هَذَا الحَدِيثِ، وَأَنَّ الإِنسَانَ إِذَا فَعَلَ قَبِيحًا وَمَذمُومًا وَبَاحَ بِهِ جَازَ أَن يُنسَبَ إِلَيهِ وَالله أَعلَمُ).

٩ – ‌‌بَابُ قَولِ النَّبِيِّ ﷺ: “رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوعَى مِن سَامِعٍ“.

(كَلِمَةُ: رُبَّ: هِيَ حَرفُ جَرٍّ يُفِيدُ التَّكثِيرَ، مَعنَاهُ كَثِيرٌ سَيَأتُونَ بَعدِي يَبلُغُهُم كَلَامِي وَحَدِيثِي يَكُونُونَ أَوعَى أَي أَفهَمُ مِن بَعضِكُم مِمَّن يَسمَعُ كَلَامِيَ الآنَ، وَهَذَا الكَلَامُ مِن دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ)

فَالنَّبِيُّ ﷺ يُشَجِّعُ عَلَى نَشرِ العِلمِ وَتَبلِيغِ العِلمِ وَقَالَ فِيمَا قَالَ ﷺ: “بَلِّغُوا عَنِّي وَلَو آيَةً”، فَلَا يَقُلِ الوَاحِدُ مِنَّا أَنَا لَا أُبَلِّغُ العِلمَ حَتَّى تَصِيرَ رُتبَتِي مِثلَ رُتبَةِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ فِي العِلمِ، سَتَمُوتُ وَلَن تَصِيرَ مِثلَ رُتبَةِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ فِي الغَالِبِ، الرَّسُولُ قَالَ: “بَلِّغُوا عَنِّي وَلَو آيَةً”، سَاهِم فِي هَذَا الأَمرِ، قَد تَسمَعُ الحَدِيثَ الشَّرِيفَ وَالأَحكَامَ الشَّرعِيَّةَ وَتُبَلِّغَهَا لِآخَرِينَ وَقَد يَطلُعُ مِن هَؤُلَاءِ الآخَرِينَ أَشخَاصٌ أَفهَمُ مِنكَ فِي مَعَانِي الحَدِيثِ الَّذِي أَنتَ تَروِيهِ لِغَيرِكَ، اللهُ تَعَالَى يَفعَلُ مَا يُرِيدُ، كَم مِن طَالِبٍ قَد فَاقَ أُستَاذَهُ، وَهَكَذَا بَينَ أَصحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، مَا كَانَ كُلُّ الصَّحَابَةِ فِي نَفسِ رُتبَةِ أَبِي بَكرٍ وَعُمَرَ وَعُثمَانَ وَعَلِيٍّ وَسَعدٍ وَسَعِيدٍ وَأَبِي عُبَيدَةَ، لا، مِنهُمُ المُجتَهِدُونَ الكِبَارُ وَمِنهُمُ مَن كَانُوا يَأتُونَ إِلَى المُجتَهِدِينَ فَيَسأَلُونَهُم فِي مَسَائِلَ فِي الدِّينِ، لَكِنَّ النَّبِيَّ ﷺ حَثَّ الكُلَّ عَلَى أَن يُبَلِّغُوا مَا يَسمَعُونَهُ، لِأَنَّهُ قَد يَكُونُ الثَّانِي المُبَلَّغُ أَوعَى مِنَ المُبَلِّغِ السَّامِعُ، قَد يَطلُعُ أَوعَى مِن هَذَا الصَّحَابِيِّ فِي مَعَانِي هَذَا الحَدِيثِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ، الصَّحَابِيُّ رَوَى مَا حَرَّفَ وَرِوَايَتُهُ مَقبُولَةٌ فِي الحَدِيثِ فَالصَّحَابِيُّ لَا يَكذِبُ عَلَى النَّبِيِّ، لَكِن لَيسَ كُلُّ أَصحَابِ النَّبِيِّ فَهِمُوا وَاستَنبَطُوا أَحكَامًا مِن الأَحَادِيثِ الَّتِي رَوَوهَا، هَذَا مَعنَى رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوعَى مِن سَامِعٍ مِمَّن سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

٩ – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا ابنُ عَونٍ، عَنِ ابنِ سِيرِينَ، عَن عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ أَبِي بَكرَةَ، عَن أَبِيهِ ذَكَرَ النَّبِيَّ ﷺ قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ،

(مَعنَاهُ أَبُو بَكرَةَ ذَكَرَ النَّبِيَّ ﷺ عِندَمَا قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ مَرَّةً مِن يَومِ النَّحرِ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ)

وَأَمسَكَ إِنسَانٌ بِخِطَامِهِ أَو بِزِمَامِهِ

(هُوَ نَفسُهُ أَبُو بَكرَةَ هُوَ الَّذِي كَانَ يُمسِكُ بِخِطَامِ بَعِيرِ النَّبِيِّ ﷺ، هَذَا الخَيطُ الَّذِي تُشَدُّ فِيهِ الحَلقَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي أَنفِ البَعِيرِ)

قَالَ: “أَيُّ يَومٍ هَذَا؟!“،

(الرَّسُولُ ﷺ يُخَاطِبُ أَصحَابَهُ رَضِيَ اللهُ عَنهُم)

فَسَكَتنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسمِهِ، قَالَ: “أَلَيسَ يَومَ النَّحرِ؟“، قُلنَا: بَلَى، قَالَ: “فَأَيُّ شَهرٍ هَذَا؟“، فَسَكَتنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيرِ اسمِهِ، فَقَالَ: “أَلَيسَ بِذِي الحِجَّةِ؟“، قُلنَا: بَلَى،

(قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا السُّؤَالُ وَالسُّكُوتُ وَالتَّفسِيرُ أَرَادَ بِهِ التَّفخِيمَ وَالتَّقرِيرَ وَالتَّنبِيهَ عَلَى عِظَمِ مَرتَبَةِ هَذَا الشَّهرِ وَالبَلَدِ وَاليَومِ)

قَالَ: “فَإِنَّ دِمَاءَكُم وَأَموَالَكُم وَأَعرَاضَكُم بَينَكُم حَرَامٌ كَحُرمَةِ يَومِكُم هَذَا، فِي شَهرِكُم هَذَا، فِي بَلَدِكُم هَذَا،

(المُرَادُ بِهَذَا كُلِّهِ بَيَانُ تَوكِيدِ غِلَظِ تَحرِيمِ الأَموَالِ وَالدِّمَاءِ وَالأَعرَاضِ وَالتَّحذِيرُ مِن ذَلِكَ.

وَفِي يَومٍ حَرَامٍ أَي فِي يَومٍ لَهُ حُرمَةٌ، فِي شَهرٍ لَهُ حُرمَةٌ، هَذَا مُرَادُ النَّبِيِّ، وَفِي بَلَدٍ لَهُ حُرمَةٌ، يُؤَكِّدُ عَلَيهِم ﷺ أَهَمِّيَّةَ مَا سَيُلقِيهِ عَلَى مَسَامِعِهِم، فَإِنَّ دِمَائَكُم وَأَموَالَكُم وَأَعرَاضَكُم بَينَكُم حَرَامٌ).

لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ،

(يُستَفَادُ مِنهُ تَبلِيغُ العِلمِ فَيَنبغي تَبلِيغُهُ بِحَيثُ يَنتَشِرُ قَولُهُ ﷺ)

فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَن يُبَلِّغَ مَن هُوَ أَوعَى لَهُ مِنهُ“.

(هَذَا مَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ، وَفِيهِ مِنَ الفَوَائِدِ وَالمَعَانِي الشَّيءَ الكَثِيرَ، النَّبِيُّ ﷺ يُخبِرُنَا فَيَقُولُ: “إِنَّ دِمَائَكُم وَأَموَالَكُم وَأَعرَاضَكُم بَينَكُم حَرَامٌ“، وَهَلِ النَّاسُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ يَعمَلُونَ بِهَذَا الحَدِيثِ الشَّرِيفِ؟، كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لَا يَعمَلُونَ بِحَدِيثِ نَبِيِّنَا ﷺ، أَمَّا مَعنَى الأَعرَاضِ فَهُوَ جَمعُ عِرضٍ بِكَسرِ العَينِ وَهُوَ مَوضِعُ المَدحِ وَالذَّمِّ مِنَ الإِنسَانِ، وَفِي هَذَا الحَدِيثِ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، الشَّاهِدُ مَعنَاهُ الَّذِي حَضَرَ فِي المَجلِسِ، فَليُبَلِّغ مَن غَابَ عَن هَذَا المَجلِسِ عَسَى أَن يُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الحَاضِرُ إِنسَانًا غَائِبًا فَيَكُونَ هَذَا المُبَلَّغُ أَوعَى وَأَفهَمُ مِن هَذَا السَّامِعِ لِمَعَانِي حَدِيثِ نَبِيِّنَا ﷺ)

فَالنَّبِيُّ يَأمُرُهُم لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، مَن حَضَرَ مِنكُم وَسَمِعَ مِنِّي فَليُبَلِّغ مَن غَابَ، هُنَاكَ أُنَاسٌ غَابُوا عَن مَجلِسِ رَسُولِ اللهِ مَن سَيُوصِلُ لَهُم؟ يَقُولُ الصَّحَابَةُ مَا دَخلُنَا؟ لِمَاذَا لَم يَأتُوا؟ قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، مَن حَضَرَ هَذَا المَجلِسَ فَليُبَلِّغ غَيرَهُ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ الحَاضِرَ وَالسَّامِعَ مِنِّي عَسَى أَن يُبَلِّغَ مَن هُوَ أَوعَى لَهُ مِنهُ، وَيَحصُلُ أَن يُبَلِّغَ الحَاضِرُ مَن غَابَ عَن هَذَا المَجلِسِ فَيَكُونُ الغَائِبُ أَوعَى مِن هَذَا السَّامِعِ، قَد يَصِلُ لَهُ الحَدِيثُ فَيَفهَمُ مِنهُ أَشيَاءَ يَستَنبِطُ مِنهُ أَحكَامًا، هَذَا فِيهِ تَشجِيعٌ عَلَى تَبلِيغِ العِلمِ، هَذَا يُعَلِّمُنَا نَحنُ إِن كُنَّا فِي مَجلِسٍ نُعَلِّمُ فِيهِ المُختَصَرَ أَوِ القَولَ الجَلِيَّ أَوِ الصِّرَاطَ أَو نُورَ الصِّرَاطِ أَو عُمدَةَ الرَّاغِبِ أَو بُغيَةَ الطَّالِبِ نَقُولُ مَن حَضَرَ مَعَنَا فِي الدَّرسِ وَضَبَطَ المَعلُومَاتِ وَفَهِمَهَا فَليُبَلِّغ مَن غَابَ عَن هَذَا المَجلِسِ، لَا يَقُولُ أَنَا لَا دَخلَ لِي لِمَاذَا لَم يَأتِ؟، نَحنُ مَطلُوبٌ مِنَّا أَن نُسَاهِمَ فِيمَا بَينَنَا بِتَبلِيغِ هَذَا العِلمِ لِلنَّاسِ الكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ)
الدعاء

الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ سَيِّدِ المُرسَلِينَ….

نَسأَلُكَ اللهم مَن خَفِيِّ أَلطَافِكَ، لُطفًا تَهدِي بِهِ قُلُوبَنَا فَتَفرَحَ بِالحَقِّ وَتُحِبَّهُ وَتَألَفَهُ وَتَرضَاهُ وَتَثبُتَ عَلَيهِ، وَلُطفًا تَصرِفُ بِهِ عَنَّا مَا يُؤذِينَا أَو يَضُرُّنَا، وَلُطفًا تَدفَعُ بِهِ عَنَّا البَلَاءَ وَالفِتَنَ.

اللهم ارزُقنَا شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ، اكتُب لَنَا أَحسَنَ مَوتَةٍ وَأَطيَبَهَا عِندَكَ، اجعَلنَا نُحِبُّ لِقَاءَكَ وَنَستَعِدُّ لَهُ، ارزُقنَا أَحسَنَ عَمَلٍ نَختِمُ بِهِ عُمُرَنَا، هَوِّن عَلَينَا السَّكَرَاتِ، أَلهِمنَا النُّطقَ بِالشَّهَادَةِ عِندَ خُرُوجِ الرُّوحِ، وَأَحضِرنَا مَلَائِكَةَ الرَّحمَةِ بِالبُشرَى بِالجَنَّةِ عِندَ المَوتِ.

اللهم أَرِنَا نِعَمَكَ عَلَينَا وَاجعَلنَا مِنَ الحَامِدِينَ الشَّاكِرِينَ وَأَلهِمنَا الثَّنَاءَ بِهَا عَلَيكَ، رَبَّنَا أَعِنَّا بِنِعمَتِكَ عَلَى حُسنِ عِبَادَتِكَ، نَعُوذُ بِكَ مِن كُفرِ النِّعمَةِ وَمِن سُوءِ استِقبَالِهَا أَوِ استِعمَالِهَا، رَبِّ زِدنَا وَلَا تَحرِمنَا وَلَا تَقطَع عَنَّا مَا أَولَيتَنَا بِهِ.

أَسأَلُكَ اللهم بِأَنَّكَ أَنتَ اللهُ وَلَم أَكُن بِدُعَائِكَ قَطُّ شَقِيًّا أَن تُجِيرَنَا مِنَ النَّارِ وَمَا يُقَرِّبُ إِلَيهَا مِن قَولٍ وَعَمَلٍ وَنَسأَلُكَ بِوَجهِكَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ أَحيِنَا فِي هَذِهِ الدُّنيَا يَا قَيُّومُ عَلَى طَاعَتِكَ وَارزُقنَا عَمَلًا كَامِلًا وَتَوبَةً نَصُوحًا.

نَسأَلُكَ رَبَّنَا يَا ذَا المَعرُوفِ الَّذِي لَا يَنقَطِعُ أَبَدًا أَن تَغمُرَنَا بِفَيضٍ مِن جُودِكَ تَطِيبُ بِهِ أَروَاحُنَا وَنَسأَلُكَ حَنَانًا مِن لَدُنكَ تَطمَئِنُّ بِهِ قُلُوبُنَا وَنَبتَهِلُ إِلَيكَ أَن تُلقِيَ عَلَينَا رَحمَةً مِنكَ تَجعَلُنَا بِهَا مِن أَحبَابِكَ.

اللهم فَرِّجِ الكَربَ عَنِ الأَقصَى يَا رَبَّ العَالَمِينَ، يَا الله احفَظِ المُسلِمِينَ وَالمَسجِدَ الأَقصَى مِن أَيدِي اليَهُودِ المُدَنِّسِينَ، يَا الله ارزُقنَا صَلَاةً فِي المَسجِدِ الأَقصَى مُحَرَّرًا، نَسجُدُهَا شُكرًا لَكَ عَلَى النَّصرِ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، يَا الله انصُرِ الإِسلَامَ وَالمُسلِمِينَ، يَا قَوِيُّ يَا مَتِينُ انصُرِ المُسلِمِينَ فِي غَزَّةَ، يَا الله يَا مَن لَا يُعجِزُكَ شَيءٌ ثَبِّتِ المُسلِمِينَ فِي غَزَّةَ وَأَمِدَّهُم بِمَدَدٍ مِن عِندِكَ، وَارزُقهُم نَصرًا قَرِيبًا مُؤَزَّرًا، اللهم عَلَيكَ بِاليَهُودِ أَعدَاءِ هَذَا الدِّينِ، اللهم أَحصِهِم عَدَدًا، وَاقتُلهُم بَدَدًا، وَلَا تُغَادِر مِنهُم أَحَدًا، يَا الله يَا رَحمَنُ يَا رَحِيمُ اشفِ جَرحَى المُسلِمِينَ فِي غَزَّةَ وَفِلِسطِينَ، وَتَقَبَّل شُهَدَاءَهُم، وَأَنزِلِ الصَّبرَ وَالسَّكِينَةَ عَلَى قُلُوبِ أَهلِهِم، اللهم إِنَّا نَستَودِعُكَ غَزَّةَ وَأَهلَهَا، وَأَرضَهَا وَسَمَاءَهَا، وَرِجَالَهَا وَنِسَاءَهَا وَأَطفَالَهَا، فَيَا رَبِّ احفَظهُم مِن كُلِّ سُوءٍ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى سَيِّدِ الأَنبِيَاءِ وَالمُرسَلِينَ وَسَلَامٌ عَلَى المُرسَلِينَ وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

شاهد أيضاً

شرح دعاء “اللهم إني أسألك من الخير كله” ودلالاته في طلب الجنة والوقاية من النار

المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله الذي أنزلَ على عبده الكتاب ولم يجعل لهُ …