المقدمة
الحَمدُ للَّهِ العَلِيِّ القَوِيِّ المَتِينِ، القَاهِرِ الظَّاهِرِ المُبِينِ، لَا يَعزُبُ عَن سَمعِهِ أَقَلُّ الأَنِينِ، وَلَا يَخفَى عَلَى بَصَرِهِ حَرَكَاتُ الجَنِينِ، ذَلَّ لِكِبرِيَائِهِ جَبَابِرَةُ السَّلاطِينِ، وَقَلَّ عِندَ دِفَاعِهِ كَيدُ الشَّيَاطِينِ، قَضَى قَضَاءَهُ كَمَا شَاءَ عَلَى الخَاطِئِينَ، وَسَبَقَ اختِيَارُهُ لَمَّا اختَارَ المَاءَ وَالطِّينَ، فَهُؤَلاءِ أَهلُ الشِّمَالِ وَهَؤُلاءِ أَهلُ اليَمِينِ، جَرَى القَدَرُ بِذَلِكَ قَبلَ عَمَلِ العَامِلِينَ.
أَحمَدُهُ حَمدَ الشَّاكِرِينَ، وَأَسأَلُهُ مَعُونَةَ الصَّابِرِينَ، وَأُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ المُقَدَّمِ عَلَى النَّبِيِّينَ، وَعَلَى صَاحِبِهِ الصِّدِّيقِ أَوَّلِ تَابِعٍ لَهُ عَلَى هذا الدِّينِ، وَعَلَى الفَارُوقِ عُمَرَ القَوِيِّ الأَمِينِ، وَعَلَى عُثمَانَ زَوجِ ابنَتِهِ وَنِعمَ القَرِينُ، وَعَلَى عَلِيٍّ بَحرِ العُلُومِ الأَمِينِ، وَعَلَى عَمِّهِ العَبَّاسِ ذِي الفَخرِ القَوِيمِ وَالنَّسَبِ الصَّمِيمِ، وَسَلَّمَ تَسلِيمًا كَثِيرًا، أَمَّا بَعدُ:
مِن عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الَّتِي أَخبَرَ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ وَحَصَلَت بَعدَ زَمَانِهِ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
كثرة القتل
مِن أَشرَاطِ السَّاعَةِ كَثرَةُ القَتلِ بِغَيرِ حَقٍّ، وَفِي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَاَلَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَا تَذهَبُ الدُّنيَا حَتَّى يَأتِيَ عَلَى النَّاسِ يَومٌ لَا يَدرِي القَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ وَلَا المَقتُولُ فِيمَ قُتِلَ».
وَفِي سُنَنِ ابنِ مَاجَه بَعدَ قَولِ النَّبِيِّ ﷺ «إنَّ الهَرجَ القَتلُ»؛ فَقَالَ بَعضُ المُسلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّا نَقتُلُ الآنَ فِي العَامِ الوَاحِدِ مِن المُشرِكِينَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَيسَ بِقَتلِ المُشرِكِينَ، وَلَكِن بِقَتلِ بَعضِكُم بَعضًا، حَتَّى يَقتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ وَابنَ عَمِّهِ وَذَا قَرَابَتِهِ».
وَرَوَى الشَّيخَانِ عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقبَضَ العِلمُ، وَتَكثُرَ الزَّلَازِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظهَرَ الفِتَنُ، وَيَكثُرَ الهَرجُ، وَهُوَ القَتلُ القَتلُ».
وَفِي حَدِيثِ خَالِدِ بنِ الوَلِيدِ عِندَمَا ذَكَرَ الأَيَّامَ الَّتِي يَحصُلُ فِيهَا كَثرَةُ القَتلِ وَالفِتَنِ، قَالَ: فَأُولَئِكَ الأَيَّامُ الَّتِي ذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ بَينَ يَدَيِ السَّاعَةِ أَيَّامُ الهَرجِ، وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ الفِتنَةَ تُدهِشُ النَّاسَ حَتَّى يَنظُرَ الشَّخصُ هَل يَجِدُ مَكَانًا لَم يَنزِل بِهِ فتنة فَلَا يَجِدُ (أَي مِن كَثرَةِ الفِتَنِ وَالقَتلِ الحَاصِلِ بَينَ النَّاسِ).
وَفِي بَعضِ الرِّوَايَاتِ: «وَإِذَا وُضِعَ السَّيفُ فِي الأُمَّةِ لَم يُرفَع عَنهُم إِلَى يَومِ القِيَامَةِ». وَفِي رِوَايَةٍ: «وَلَا يَدرِي القَاتِلُ فِي أَيِّ شَيءٍ قَتَلَ وَلَا المَقتُولُ عَلَى أَيِّ شَيءٍ قُتِلَ، القَاتِلُ وَالمَقتُولُ فِي النَّارِ».
حوادث عبر التاريخ كثر فيها القتل
وقعة الجمل وصفين والنهروان
وَقُتِلَ فِيهَا كَمَا قَالَ ابنُ أَبِي خَيثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ نَحوٌ مِن سَبعِينَ أَلفًا، وَهَذَا القَتلُ حَصَلَ بَينَ سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَأَربَعِينَ لِلهِجرَةِ.
حادثة الحرة
وَمِن ثَمَّ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ لِلهِجرَةِ النَّبَوِيَّةِ حَصَلَت حَادِثَةٌ فِي مَدِينَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ كَثُرَ فِيهَا القَتلُ، وَهِيَ مَا يُعرَفُ عِندَ أَهلِ التَّارِيخِ بِحَادِثَةِ الحَرَّةِ، فَفِي البُخَارِيِّ عَن سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ قال: وَقَعَتِ الفِتنَةُ الأُولَى يَعنِي مَقتَلَ عُثمَانَ فَلَم تُبقِ مِن أَصحَابِ بَدرٍ أَحَدًا، ثُمَّ وَقَعَتِ الفِتنَةُ الثَّانِيَةُ يَعنِي الحَرَّةَ فَلَم تُبقِ مِن أَصحَابِ الحُدَيبِيَةِ أَحَدًا.
وَفِي ذِكرِ هَذِهِ الفِتَنِ رَوَى البُخَارِيُّ عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: حَفِظتُ مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ وِعَاءَينِ: فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثتُهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَلَو بَثَثتُهُ قُطِعَ هَذَا البُلعُومُ.اهـ قَالَ ابنُ حَجَرٍ: وَحَمَلَ العُلَمَاءُ الوِعَاءَ الَّذِي لَم يَبُثَّهُ عَلَى الأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا تَبيِينُ أَسَامِي أُمَرَاءِ السُّوءِ وَأَحوَالِهِم وَزَمَنِهِم، وَقَد كَانَ أَبُو هُرَيرَةَ يُكَني عَن بَعضِهِ وَلَا يُصَرِّحُ بِهِ خَوفًا عَلَى نَفسِهِ مِنهُم، كَقَولِهِ: (أَعُوذُ بِاللهِ مِن رَأسِ السِّتِّينَ) وَإِمَارَةِ الصِّبيَانِ، يُشِيرُ إِلَى زَمَانِ يَزِيدَ بنِ مُعَاوِيَةَ؛ لِأَنَّهَا كَانَت سَنَةَ سِتِّينَ مِنَ الهِجرَةِ.اهـ وَهُوَ هُنَا يُشِيرُ إِلَى قَولِهِ ﷺ فِي حَدِيثِ البُخَارِيِّ: «هَلَاكُ أُمَّتِي عَلَى أَيدِي أُغَيلِمَةٍ مِن قُرَيشٍ».اهـ
قَالَ ابنُ حَجَرٍ الهَيتَمِيُّ: فَاستَجَابَ اللهُ لَهُ وَتَوَفَّاهُ سَنَةَ تِسعٍ وَخَمسِينَ، وَكَانَت وِلَايَةُ يَزِيدَ سَنَةَ سِتِّينَ، فَعَلِمَ أَبُو هُرَيرَة بِولَايَةِ يَزِيدَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَاستَعَاذَ مِنهَا لِمَا عَلِمَهُ مِن قَبِيحِ أَحوَالِهِ بِوَاسِطَةِ إِعلَامِ الصَّادِقِ المَصدُوقِ ﷺ بِذَلِكَ.اهـ
وَكَانَ سَبَبُ وَقعَةِ الحَرَّةِ أَنَّ وَفدًا مِن أَهلِ المَدِينَةِ قَدِمُوا عَلَى يَزِيدَ بنِ مُعَاوِيَةَ بِدِمَشقَ، فَأَكرَمَهُم وَأَحسَنَ جَائِزَتَهُم، وَأَطلَقَ لِأَمِيرِهِم وَهُوَ عَبدُ اللهِ بنُ حَنظَلَةَ بنِ أَبِي عَامِرٍ قَرِيبًا مِن مِائَةِ أَلفٍ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا لِأَهلِيهِم عَن يَزِيدَ مَا كَانَ يَقَعُ مِنهُ مِنَ القَبَائِحِ فِي شُربِهِ الخَمرَ، وَمَا يَتبَعُ ذَلِكَ مِنَ الفَوَاحِشِ الَّتِي مِن أَكبَرِهَا تَركُ الصَّلَاةِ عَن وَقتِهَا بِسَبَبِ السُّكرِ، فَاجتَمَعُوا عَلَى خَلعِهِ، فَخَلَعُوهُ عِندَ المِنبَرِ النَّبَوِيِّ، فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ بَعَثَ إِلَيهِم سَرِيَّةً يَقدُمُهَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مُسلِمُ بنُ عُقبَةَ. وَإِنَّمَا يُسَمِّيهِ السَّلَفُ مُسرِفَ بنَ عُقبَةَ، فَلَمَّا وَرَدَ المَدِينَةَ استَبَاحَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَقَتَلَ خِلَالَ هَذِهِ الأَيَّامَ بَشَرًا كَثِيرًا حَتَّى كَادَ لَا يَفلِتُ أَحَدٌ مِن أَهلِهَا.
وَقَالَ عَبدُ اللهِ بنُ وَهبٍ عَنِ الإِمَامِ مَالِكٍ: قُتِلَ يَومَ الحَرَّةِ سَبعُمِائَةِ رَجُلٍ مِن حَمَلَةِ القُرآنِ. حَسِبتُ أَنَّهُ قَالَ: وَكَانَ فِيهِم ثَلَاثَةٌ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ. وَذَلِكَ فِي مُدَّةِ يَزِيدَ.
وَقَالَ البَرزَنجِيُّ: وَأَبَاحَ مُسلِمٌ المَدِينَةَ ثَلَاثًا يَقتُلُونَ النَّاسَ، وَوَقَعُوا عَلَى النِّسَاءِ، وَقُتلَ مِن وُجُوهِ النَّاسِ أَكثَرُ مِن سَبعِمِائَةٍ مِن قُرَيشٍ، وَمِن أَخلَاطِ النَّاسِ مِنَ المَوَالِي وَالعَبِيدِ وَالصِّبيَانِ وَالنِّسَاءِ أَكثَرُ مِن عَشَرَةِ آلَافٍ، وَرَبَطُوا الخَيلَ بِسَوَارِي المَسجِدِ الشَّرِيفِ، وَجَالَتِ الخَيلُ فِيهِ وَرَاثَت وَبَالَت بَينَ القَبرِ الشَّرِيفِ وَالمِنبَرِ، وَتَعَطَّلَ المَسجِدُ الشَّرِيفُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَم يُصَلَّ فِيهِ.
وَكَانَ ابنُ المُسَيَّبِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ فِي المَسجِدِ تِلكَ الأَيَّامِ يَسمَعُ مِنَ القَبرِ الشَّرِيفِ الأَذَانَ وَالإِقَامَةَ، وَكَانُوا يَضحَكُونَ مِنهُ وَيَقُولُونَ: انظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيخِ المَجنُونِ يُصَلِّي.
وَسَمَّوا مُسلِمًا هَذَا مُسرِفًا؛ لِإِسرَافِهِ فِي القَتلِ وَالفَسَادِ. وَكَانَ مِن غَايَةِ جَهلِهِ وَضَلَالِهِ يَقُولُ: اللهم؛ إِنِّي لَم أَعمَل بَعدَ شَهَادَةِ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ عَمَلًا أَرجَى لِي مِن قَتلِ أَهلِ المَدِينَةِ، وَلَئِن دَخَلتُ النَّارَ بَعدَهَا إِنِّي لَشَقِيٌّ. قَالَ ابنُ الجَوزِيِّ: وَصَنَّفَ بَعضُهُم كِتَابًا ذَكَرَ فِيهِ بَيَانَ مَن يَستَحِقُّ اللَّعنَ، وَذَكَرَ مِنهُم يَزِيدَ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ: «مَن أَخَافَ أَهلَ المَدِينَةِ ظُلمًا أَخَافَهُ اللهُ وَعَلِيهِ لَعنَةُ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ»، وَلَا خِلَافَ أَنَّ يَزِيدَ غَزَا المَدِينَةَ بِجَيشٍ وَأَخَافَ أَهلَهَا. وَالحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ رَوَاهُ مُسلِمٌ.
وَأُبِيحَتِ المَدِينَةُ أَيَّامًا وَبَطلَتِ الجَمَاعَةُ مِنَ المَسجِدِ النَّبَوِيِّ أَيَّامًا وَأُخِيفَ أَهلُ المَدِينَةِ أَيَّامًا، فَلَم يُمكِن أَحَدًا دُخُولُ مَسجِدِه ﷺ، وَلَم يَرضَ أَمِيرُ ذَلِكَ الجَيشِ إِلَّا بِأَن يُبَايِعُوهُ لِيَزِيدَ عَلَى أَنَّهُم خَوَلٌ لَهُ [أَي عَبِيدٌ] إِن شَاءَ بَاعَ وَإِن شَاءَ أَعتَقَ.
وَحَصَلَ القَتلُ كَثِيرًا فِي الأُمَّةِ الإِسلَامِيَّةِ فِي القَرنِ الثَّالِثِ عِندَمَا غَزَا القَرَامِطَةُ المَسجِدَ الحَرَامَ الشَّرِيفَ، فَقَتَلُوا مِنَ الحَجِيجِ مِائَةَ أَلفٍ، وَامتَلَأَت بِئرُ زَمزَمَ بِرُؤُوسِ الحَجِيجِ.
وَفِي القَرنِ الخَامِسِ عِندَمَا دَخَلَ هُولَاكُو بِلَادَ المُسلِمِينَ وَأَسقَطَ الخِلَافَةَ العَبَّاسِيَّةَ وَقَتَلَ الخَلِيفَةَ العَبَّاسِيَّ وَقَتَلَ فِي أُسبُوعٍ وَاحِدٍ فِي بَغدَادَ مِليُونَ شَخصٍ حَتَّى إِنَّهُ هُوَ وَجَيشُهُ لَم يَتَمَكَّنُوا مِنَ البَقَاءِ فِي بَغدَادَ بِسَبَبِ رَائِحَةِ المَوتَى وَالجُثَثِ وَالقَتلَى فِي بَغدَادَ، وَفِي الأَندَلُسِ كَذَلِكَ فِي نِهَايَةِ القَرنِ الأَوَّلِ كَانَ يُقتَلُ فِي بَعضِ المَعَارِكِ مِئَاتُ الأُلُوفِ، وَفِي بِلَادِ الشَّامِ عِندَمَا قَامَتِ الخِلَافَةُ العَبَّاسِيَّةُ قُتِلَ مِنَ المُسلِمِينَ مِئَاتُ الأُلُوفِ فِي فَترَةٍ قَلِيلَةٍ. وَهَذَا كُلُّهُ كَمَا أَخبَرَ نَبِيُّنَا ﷺ مِن أَنَّهُ يَكثُرُ القَتلُ فِي المُسلِمِينَ، نَسأَلُ اللهَ أَن يَحقِنَ دِمَاءَ المُسلِمِينَ وَيَحفَظَهُم وَيَحفَظَ بِلَادَهُم مِن كُلِّ سُوءٍ إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ.
من علامات الساعة التي أخبر بها النبي ﷺ وحصلت بعد زمانه عليه الصلاة والسلام
خروج نار عظيمة من أرض الحجاز
روى البخاري ومسلم عن أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى».
قَالَ ابنُ هُبَيرَةَ: هَذِهِ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ القِيَامَةِ، وَهِيَ امتِدَادُ ضَوءِ النَّارِ مِنْ أَرضِ الحِجَازِ إِلَى بُصرَى، وَهِيَ مِنْ أَرضِ الشَّامِ.اهـ وَانتَهَتِ النَّارُ إِلَى قُربِ المَدِينَةِ، وَكَانَ يَلِي المَدِينَةِ بِبَرَكَةِ النَّبِيِّ ﷺ نَسِيمٌ بَارِدٌ، وَيُشَاهَدُ مِنْ هَذِهِ النَّارِ غَلَيَانٌ كَغَلَيَانِ البَحْرِ وَانتَهَتْ إِلَى قَريَةٍ مِن قُرَى اليَمَنِ فَأَحْرَقَتْهَا، قَالَ البَعضُ: وَلَقَدْ رَأَيتُهَا صَاعِدَةً فِي الهَوَاءِ مِن حِجْرٍ مَسِيرَةَ خَمسَةِ أَيَّامٍ مِنَ المَدِينَةِ. وَسَمِعتُ أَنَّهَا رُئِيَتْ مِن مَكَّةَ وَمِنْ جِبَالِ بُصْرَى.
وقال النووي: وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ نَارَ الْحِجَازِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْحَشْرِ بَلْ هِيَ آيَةٌ مِنْ أَشْرِاطِ السَّاعَةِ مُسْتَقِلَّةٌ، وَقَدْ خَرَجَتْ فِي زَمَانِنَا نَارٌ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَكَانَتْ نَارًا عَظِيمَةً جِدًّا مِنْ جَنْبِ الْمَدِينَةِ الشَّرْقِيِّ وَرَاءَ الْحَرَّةِ تَوَاتَرَ الْعِلْمُ بِهَا عِنْدَ جَمِيعِ الشَّامِ وَسَائِرِ الْبُلْدَانِ وَأَخْبَرَنِي مَنْ حَضَرَهَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.اهـ
قال ابن كثير: وَقَدْ ذَكَرَ أَهْلُ التَّارِيخِ وَغَيْرُهُمْ مِنَ النَّاسِ، وَتَوَاتَرَ وُقُوعُ هَذَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ.
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ شَيْخُ الْحَدِيثِ وَإِمَامُ الْمُؤَرِّخِينَ فِي زَمَانِهِ شِهَابُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمُلَقَّبُ بِأَبِي شَامَةَ، فِي “تَارِيخِهِ”: إِنَّهَا ظَهَرَتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي خَامِسِ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَأَنَّهَا اسْتَمَرَّتْ شَهْرًا وَأَزِيدَ مِنْهُ. وَذَكَرَ كُتُبًا مُتَوَاتِرَةً عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي كَيْفِيَّةِ ظُهُورِهَا شَرْقِيَّ الْمَدِينَةِ مِنْ نَاحِيَةِ وَادِي شَظَا، تِلْقَاءَ أُحُدٍ، وَأَنَّهَا مَلَأَتْ تِلْكَ الْأَوْدِيَةَ، وَأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا شَرَرٌ يَأْكُلُ الْحِجَارَةَ، فَلَمْ تَزَلْ لَيْلًا وَنَهَارًا وَذَكَرَ أَنَّ ضَوْءَهَا يَمْتَدُّ إِلَى تَيْمَاءَ بِحَيْثُ كَتَبَ النَّاسُ عَلَى ضَوْئِهَا فِي اللَّيْلِ، وَكَأَنَّ فِي بَيْتِ كُلٍّ مِنْهُمْ مِصْبَاحًا، وَرَأَى النَّاسُ سَنَاهَا مِنْ مَكَّةَ. وَأَمَّا بُصَرَى فَقد قال قَاضِي الْقُضَاةِ صَدْرُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي قَاسِمٍ التَّمِيمِيُّ الْحَنَفِيُّ: أَخْبَرَنِي وَالِدِي، وَهُوَ الشَّيْخُ صِفِيُّ الدِّينِ مُدَرِّسُ بُصَرَى، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَعْرَابِ صَبِيحَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مَنْ كَانَ بِحَاضِرَةِ بَلَدِ بُصَرَى، أَنَّهُمْ رَأَوْا صَفَحَاتِ أَعْنَاقِ إِبِلِهِمْ فِي ضَوْءِ هَذِهِ النَّارِ الَّتِي ظَهَرَتْ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ.
وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَجَئُوا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ إِلَى الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ، وَتَابُوا إِلَى اللهِ مِنْ ذُنُوبٍ كَانُوا عَلَيْهَا، وَاسْتَغْفَرُوا عِنْدَ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، مِمَّا سَلَفَ مِنْهُمْ، وَأَعْتَقُوا الْغِلْمَانَ، وَتَصَدَّقُوا عَلَى فُقَرَائِهِمْ وَمَحَاويجِهِمْ، وَقَدْ قَالَ قَائِلُهُمْ فِي ذَلِكَ:
يَا كَاشِفَ الضُّرِّ صَفْحًا عَنْ جَرَائِمِنَا
لَقَدْ أَحَاطَتْ بِنَا يَا رَبِّ بَأْسَاءُ
نَشْكُو إِلَيْكَ خُطُوبًا لَا نُطِيقُ لَهَا
حَمْلًا وَنَحْنُ بِهَا حَقًّا أَحِقَّاءُ
زَلَازِلًا تَخْشَعُ الصُّمُّ الصِّلَادُ لَهَا
وَكَيْفَ يَقْوَى عَلَى الزِّلْزَالِ شَمَّاءُ
بَحْرٌ مِنَ النَّارِ تَجْرِي فَوْقَهُ سُفُنٌ
مِنَ الْهِضَابِ لَهَا فِي الْأَرْضِ إِرْسَاءُ
تَنْشَقُّ مِنْهَا قُلُوبُ الصَّخْرِ إِنْ زَفَرَتْ
رُعْبًا وَتَرْعُدُ مِثْلَ الشُّهُبِ أَضْوَاءُ
فَيَالَهَا آيَةً مِنْ مُعْجِزَاتِ رَسُولِ اللهِ يَعْقِلُهَا الْقَوْمُ الْأَلِبَّاءُ.
وَمِمَّا قِيلَ فِي هَذِهِ النَّارِ مَعَ غَرَقِ بَغْدَادَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ:
سُبْحَانَ مَنْ أَصْبَحَتْ مَشِيئَتُهُ
جَارِيَةً فِي الْوَرَى بِمِقْدَارِ
أَغْرَقَ بَغْدَادَ بِالْمِيَاهِ كَمَا
أَحْرَقَ أَرْضَ الْحِجَازِ بِالنَّارِ
مِن عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الَّتِي أَخبَرَ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ وَحَصَلَت بَعدَ زَمَانِهِ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
انتشار الزنا، وظهور الكاسيات العاريات
رَوَى الشَّيخَانِ عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أَلَا أُحَدِّثُكُم حَدِيثًا سَمِعتُهُ مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ لَا يُحَدِّثُكُم أَحَدٌ بَعدِي سَمِعَهُ مِنهُ: «إِنَّ مِن أَشرَاطِ السَّاعَةِ: أَن يُرفَعَ العِلمُ، وَيَظهَرَ الجَهلُ، وَيَفشُو الزِّنَا، وَيُشرَبَ الخَمرُ، وَيَذهَبَ الرِّجَالُ وَتَبقَى النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمسِينَ امرَأَةً قَيِّمٌ وَاحِدٌ».اهـ وَفِي رِوَايَةٍ: «مِن أَشرَاطِ السَّاعَةِ: أَن يَقِلَّ العِلمُ، وَيَظهَرَ الجَهلُ، وَيَظهَرَ الزِّنَا».اهـ
وَفِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ عَن أَبِي مَالِكٍ الأَشعَرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لَيَكُونَنَّ مِن أُمَّتِي أَقوَامٌ يَستَحِلُّونَ الحِرَ».اهـ وَهُوَ الفَرجُ، وَالمَعنَى يَستَرسلون في الزِّنَا.اهـ
وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «فَلَا يُستَحَى يَومَئِذٍ مِنَ الزِّنَا، وَالمُتَمَسِّكُ يَومَئِذٍ بِدِينِهِ كَالقَابِضِ عَلَى الجَمرَةِ، وَالمُتَمَسِّكُ يَومَئِذٍ بِدِينِهِ أَجرُهُ كَأَجرِ خَمسِينَ»، قَالُوا: مِنَّا أَو مِنهُم؟ قَالَ: «بَل مِنكُم».
فَظُهُورُ الزِّنَا صَارَ مَشهُورًا فِي كَثِيرٍ مِنَ الدِّيَارِ الإِسلَامِيَّةِ، وَكَذَلِكَ إِظهَارُ الخَمرِ وَالمُجُونِ، نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنهَا وَمَا بَطَنَ.
وَهَذَا الأَمرُ يَكثُرُ خِلَالَ الزَّمَنِ وَيَنتَشِرُ، وَلَا سَيِّمَا مَعَ مُرُورِ الزَّمَنِ وَقُربِ السَّاعَةِ، فَفِي حَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ وَابنِ حِبَّانَ يَقُولُ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُتَسَافَدَ فِي الطَّرِيقِ تَسَافُدَ الحُمُرِ»، قَالَ عَبدُ اللهِ بنُ عَمرٍو: إِنَّ ذَاكَ لَكَائِنٌ؟ قَالَ: «نَعَم لَيَكُونَنَّ».اهـ
وَرَوَى أَبُو يَعلَى عَن أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَا تَفنَى هَذِهِ الأُمَّةُ حَتَّى يَقُومَ الرَّجُلُ إِلَى المَرأَةِ فَيَفتَرِشَهَا فِي الطَّرِيقِ، فَيَكُونَ خِيَارُهُم يَومَئِذٍ مَن يَقُولُ: لَو وَارَيتَهَا وَرَاءَ هَذَا الحَائِطِ».
وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِن حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ نَحوَهُ وَفِيهِ: «يَقُولُ أَمثَلُهُم لَوِ اعتَزَلتُمُ الطَّرِيقَ».اهـ
وَقَد جَاءَ فِي أَحَادِيثِهِ ﷺ أَنَّ فِي جَهَنَّمَ وَادِيًا يُدعَى غَيًّا أَعَدَّهُ اللهُ لِلمُصِرِّينَ عَلَى الزِّنَا وَشُربِ الخَمرِ وَأَكلِ الرِّبَا.
وَفِي أَمرِ الكَاسِيَاتِ العَارِيَاتِ اللَّوَاتِي يَكُنَّ فِي الغَالِبِ سَبَبًا لِجَرِّ الشَّبَابِ إِلَى الزِّنَا وَالعِيَاذُ بِاللهِ، يَقُولُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «صِنفَانِ مِن أَهلِ النَّارِ لَم أَرَهُمَا، قَومٌ مَعَهُم سِيَاطٌ كَأَذنَابِ البَقَرِ يَضرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُؤُسُهُنَّ كَأَسنِمَةِ البُختِ المَائِلَةِ، لَا يَدخُلنَ الجَنَّةَ وَلَا يَجِدنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا» رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَهَذَا الحَدِيثُ مِن مُعجِزَاتِ النُّبُوَّةِ، فَقَد وَقَعَ مَا أَخبَرَ بِهِ ﷺ وَهُمَا مَوجُودَانِ. وَفِيهِ: ذَمُّ هَذَينِ الصِّنفَينِ. وَقَولُهُ ﷺ: «صِنفَانِ مِن أَهلِ النَّارِ لَم أَرَهُمَا»: أَي سَيَأتُونَ مِن بَعدِي.
أَمَّا الكَاسِيَاتُ العَارِيَاتُ قِيلَ: مَعنَاهُ: تَستُرُ بَعضَ بَدَنِهَا وَتَكشِفُ بَعضَهُ إِظهَارًا لِجَمَالِهَا.. وَأَمَّا (مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ) أَي: زَائِغَاتٌ عَن طَاعَةِ اللهِ تَعَالَى وَمَا يَلزَمُهُنَّ مِن حِفظِ الفُرُوجِ وَغَيرِهَا. وَ(مُمِيلَاتٌ): يُعَلِّمنَ غَيرَهُنَّ فِعلَهُنَّ المَذمُومَ. وَأَمَّا (رُؤُسُهُنَّ كَأَسنِمَةِ البُختِ) فَمَعنَاهُ: يُعَظِّمنَ رُؤُوسَهُنَّ بِالخُمُرِ وَالعَمَائِمِ وَغَيرِهَا مِمَّا يَلُفُّ عَلَى الرَّأسِ حَتَّى تُشبِهَ أَسنِمَةَ الإِبِلِ البُختِ، هَذَا هُوَ المَشهُورُ فِي تَفسِيرِهِ. وَقَولُهُ ﷺ: (لَا يَدخُلنَ الجَنَّةَ) أي لَا يدخُلنَّهَا مَعَ الأولين..
وَلِقُبحِ هَذِهِ المَعصِيَةِ أَي مَعصِيَةِ الزِّنَا حَرَّمَتِ الشَّرِيعَةُ الزِّنَا وَكُلَّ مَا يُؤَدِّي إِلَيهِ، وَأَنكَرَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى هَؤُلَاءِ النِّسَاءِ الكَاسِيَاتِ العَارِيَاتِ…
قَالَ تَعَالَى ﴿وَيَحفَظنَ فُرُوجَهُنَّ﴾.
حِفظُ الفُرُوجِ وَالجَوَارِحِ، تَوفِيقٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى، فَالمُوَفَّقُ مَن وَفَّقَهُ اللهُ. فَمِنَ الخَلقِ مَن عُصِمَ مِنَ الكُفرِ وَالكَبَائِرِ وَصَغَائِرِ الخِسَّةِ وَهُم سَادَاتُنَا الأَنبِيَاءُ عَلَيهِمُ الصَّلَاةُ وَأَتَمُّ السَّلَامُ، وَيَحفَظُ اللهُ بَعضًا غَيرَ الأَنبِيَاءِ مِن بَعضِ الآثَامِ وَطَهَّرَهُم مِنهَا وَسَمَّى ذَلِكَ تَطهِيرًا كَزَوجَاتِ النَّبِيِّ خَدِيجَةَ وَعَائِشَةَ وَغَيرَهُمَا رَضِيَ اللهُ عَنهُنَّ أَذهَبَ عَنهُنَّ الرِّجسَ..
وَالعِفَّةُ مَأمُورٌ بِهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، مَأمُورٌ بِهَا المُتَزَوِّجُ وَغَيرُ المُتَزَوِّجِ، فَهُنَاكَ ءَادَابٌ حَثَّنَا عَلَيهَا الشَّرعُ تُسَاعِدُكَ عَلَى أَن تَكُونَ مِنَ الحَافِظِينَ لِنَفسِكَ وَأَهلِ بَيتِكَ مِنَ الرَّذَائِلِ وَمَا يُؤَدِّي إِلَى الفَحشَاءِ، وَمِن ذَلِكَ أَن لَا تَخرُجَ المَرأَةُ مِن بَيتِهَا إِلَّا لِحاجة. فَقَد قَالَ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَقرَبُ مَا تَكُونُ المَرأَةُ مِن وَجهِ رَبِّهَا (أَي طَاعَةِ رَبِّهَا) إِذَا كَانَت فِي قَعرِ بَيتِهَا». وَقَالَ تَعَالَى لِنِسَاءِ النَّبِيِّ: ﴿وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾. فَقَد أَمَرَ اللهُ تَعَالَى زَوجَاتِ النَّبِيِّ ﷺ أَن لَا يَخرُجنَ مِن بُيُوتِهِنَّ إِلَّا لِحاجة، فَفِتَنُ الدُّنيَا كَثِيرَةٌ وَنَستَعِينُ بِالطَّاعَةِ لِنَحفَظَ أَنفُسَنَا مِنهَا.
فَيَنبَغِي عَلَى العَاقِلِ أَن يَحفَظَ بَصَرَهُ مِمَّا حَرَّمَ اللهُ فَإِنَّ كَثرَةَ النَّظَرِ الحَرَامِ تَغرِسُ فِي القَلبِ التَّعَلُّقَ، وَلَا يُكثِر مِنَ الجُلُوسِ فِي مَجَالِسِ النِّسَاءِ مِن غَيرِ حَاجَةٍ شَرعِيَّةٍ وَيَأمُر بَنَاتِهِ وَزَوجَتَهُ بِلُبسِ المَلَابِسِ الوَاسِعَةِ الفَضفَاضَةِ وَلَا يَخرُجنَ مُتَزَيِّنَاتٍ بَلِ المَرأَةُ تَتَزَيَّنُ لِزَوجِهَا، فَإِذَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا حَصَّنَ نَفسَهُ وَأَهلَهُ وَمَنَعَهُم مِنَ الشُّبُهَاتِ وَمَا يُؤَدِّي إِلَى الشُّبُهَاتِ لَخَفَّتِ الشُّبُهَاتُ وَقَلَّتِ الفَحشَاءُ. يَقُولُ رَبُّنَا: ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّم حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ﴾.
وَمِن قِلَّةِ الِاستِعدَادِ لِلآخِرَةِ اليَومَ إِكثَارُ النِّسَاءِ مِنَ الخُرُوجِ خَارِجَ البَلَدِ لِغَيرِ حَاجَةٍ، هَذَا هَوًى، وَمَنِ اتَّبَعَ الهَوَى هَوَى، يَرغَبنَ فِي الخُرُوجِ إِلَى خَارِجِ البَلَدِ، لَو مَنَعنَ أَنفُسَهُنَّ يَكُونُ خَيرًا لَهُنَّ عِندَ اللهِ. إِذَا كَانَ الرَّسُولُ ﷺ قَالَ: «صَلَاةُ المَرأَةِ فِي بَيتِهَا أَفضَلُ مِن صَلَاتِهَا فِي مَسجِدِي». فَمَاذَا يَكُونُ الخُرُوجُ الَّذِي اعتَادَتهُ النِّسَاءُ اليَومَ لِمُجَرَّدِ التَّنَزُّهِ، لِمُجَرَّدِ العَادَةِ وَإِعطَاءِ النَّفسِ هَوَاهَا، فَهَذَا خِلَافُ الأَولَى، فَالصَّلَاةُ فِي مَسجِدِ الرَّسُولِ ثَوَابُهَا يُضَاعَفُ إِلَى أَلفِ صَلَاةٍ مَعَ هَذَا رَغَّبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ النِّسَاءَ أَن لَا يَخرُجنَ لِلصَّلَاةِ فِي مَسجِدِهِ وَأَن يُصَلِّينَ فِي بُيُوتِهِنَّ، فَضَّلَ الصَّلَاةَ فِي بُيُوتِهِنَّ عَلَى الصَّلَاةِ فِي مَسجِدِهِ.
فَعَلَى النِّسَاءِ أَن يَرحَمنَ الشَّبَابَ وَعَلَى أَهَالِيهِنَّ أَن يَتَّقُوا اللهَ فِيهِنَّ، عَلَيهِنَّ أَن يُحَاسِبنَ أَنفُسَهُنَّ، عَادَاتٌ كَثِيرَةٌ سَرَت بَينَ المُسلِمِينَ وَهِيَ قَبِيحَةٌ وَهَذَا مِن قِلَّةِ التَّفكِيرِ فِي الآخِرَةِ، فَالقَبرُ أَمَامَنَا، القَبرُ بَيتُ الوَحدَةِ، القَبرُ بَيتُ الوَحشَةِ، القَبرُ بَيتُ الدُّودِ، القَبرُ بَيتُ الظُّلمَةِ، أَلَا يُفَكِّرنَ فِي هَذَا؟ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ﴿قُل لِّلمُؤمِنِينَ يَغُضُّوا مِن أَبصَارِهِم وَيَحفَظُوا فُرُوجَهُم ذَلِكَ أَزكَى لَهُم إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصنَعُونَ﴾ ﴿وَقُل لِّلمُؤمِنَاتِ يَغضُضنَ مِن أَبصَارِهِنَّ وَيَحفَظنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنهَا وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾. فَاغضُض بَصَرَكَ وَاحفَظ يَدَكَ وَرِجلَكَ وَقَلبَكَ مِن مُقَدِّمَاتِ الزِّنَا وَسَائِرِ مَا حَرَّمَ اللهُ، وَلَا تَقُل عَن بَعضِ الصَّغَائِرِ: هَذِهِ صَغِيرَةٌ وَتَقَعَ فِيهَا، فَإِنَّ اجتِنَابَ مَعصِيَةٍ وَاحِدَةٍ أَفضَلُ عِندَ اللهِ مِن أَلفِ حَسَنَةٍ نَافِلَةٍ، وَكُن عَلَى ذُكرٍ أَنَّ الجِبَالَ مِنَ الحَصَى الصَّغِيرَةِ.
مِن عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الَّتِي أَخبَرَ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ وَحَصَلَت بَعدَ زَمَانِهِ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
انتشار الربا
رَوَى البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «يَأتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُبَالِي المَرءُ مَا أَخَذَ مِنهُ أَمِن الحَلَالِ أَم مِنَ الحَرَامِ».اهـ وَأَخرَجَ النَّسَائِيُّ مِن وَجهٍ ءَاخَرَ عَن أَبِي هُرَيرَةَ مَرفُوعًا: «يَأتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَأكُلُونَ الرِّبَا، فَمَن لَم يَأكُلهُ أَصَابَهُ مِن غُبَارِهِ».اهـ وَعَنِ ابنِ مَسعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «بَينَ يَدَيِ السَّاعَةِ يَظهَرُ الرِّبَا وَالزِّنَا وَالخَمرُ».اهـ قَالَ عَبدُ اللَّهِ بنُ مَسعُودٍ: «إِذَا رَأَيتَ النَّاسَ قَد أَمَاتُوا الصَّلَاةَ، وَأَضَاعُوا الأَمَانَةَ، وَاستَحَلُّوا الكَذِبَ، وَأَكثَرُوا الحَلِفَ، وَأَكَلُوا الرِّبَا، وَأَخَذُوا الرِّشَى، وَشَيَّدُوا البِنَاءَ، وَاتَّبَعُوا الهَوَى، وَبَاعُوا الدِّينَ بِالدُّنيَا، فَالنَّجَا ثُمَّ النَّجَا، ثَكِلَتكَ أُمُّكَ».
وَقَالَ عَطَاءٌ الخُرَاسَانِيُّ: إِذَا كَانَ خَمسٌ كَانَ خَمسٌ: «إِذَا أُكِلَ الرِّبَا كَانَ الخَسفُ وَالزَّلزَلَةُ، وَإِذَا جَارَ الحُكَّامُ قُحِطَ المَطَرُ، وَإِذَا ظَهَرَ الزِّنَا كَثُرَ المَوتُ، وَإِذَا مُنِعَتِ الزَّكَاةُ هَلَكَتِ المَاشِيَةُ». ذَكَرَهُ أَبُو نُعَيمٍ.
فَيَنبَغِي عَلَى المُؤمِنِ أَن يُرَاعِيَ مَأكَلَهُ وَمَشرَبَهُ وَيَجتَنِبَ الحَرَامَ وَيَتَحَرَّى الحَلَالَ الَّذِي لَا يَشُكُّ فِيهِ وَلَا تَدخُلُهُ الرِّيبَةُ، وَإِذَا رَأَى مَا يُختَلَفُ فِيهِ مِنَ المَآكِلِ وَالمَشَارِبِ فَليَجتَنِبهُ وَليَتَوَرَّع عَن كُلِّ ذَلِكَ، فَقَد قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ «إنَّ أُنَاسًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللهِ بِغَيرِ حَقٍّ فَلَهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ». أَي يَتَصَرَّفُونَ بِأَموَالِ المُسلِمِينَ بِالبَاطِلِ فَفِيهَا أَنَّ التَّصَرُّفَ فِيهَا لَا يَجُوزُ بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي، وَهَذَا الحَدِيثُ يُبَيِّنُ لَنَا خُطُورَةَ أَن يَتَصَرَّفَ الإِنسَانُ فِي المَالِ عَلَى غَيرِ مَا أَحَلَّ اللهُ عَلَى غَيرِ مَا يَجُوزُ فِي شَرعِ اللهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «كُلُّ لَحمٍ نَبَتَ مِن سُحتٍ فَالنَّارُ أَولَى بِهِ»، رَوَاهُ البَيهَقِيُّ.
كَانَ بَعضُ الأَكَابِرِ وَهُوَ يُوسُفُ بنُ أَسبَاطٍ كَانَ يَقُولُ: “لِي مُنذُ ثَلَاثِينَ سَنَة ما شَكَكتُ فِى شَىء إِلَّا تَرَكتُهُ”. وَهٰكَذَا رُوِيَ عَن سُفيَانَ الثَّورِيِّ أَنَّهُ قَالَ: “مَا شَكَكتُ فِى شَىءٍ إِلَّا تَرَكتُهُ!”. وَجَاءَ عَن بَعضِ السَّلَفِ وَهُوَ سُفيَانُ بنُ عُيَينَةَ قَالَ: “لَا يَبلُغُ الإِنسَانُ كَمَالَ الإِيمَانِ، لَا يَكُونُ مِن أَهلِ الكَمالِ حَتَّى يَجعَلَ بَينَهُ وَبَينَ الحَرَامِ حَاجِزًا مِنَ الحَلَالِ لَا يَقرَبُهُ”، يَعنِى حَتَّى يَصِيرَ مِن أَهلِ الكَمَالِ لَا بُدَّ أَن يَتَوَرَّعَ عَن شَىءٍ مِنَ الحَلَالِ، أَن يَترُكَ شَيئًا مِمَّا يَحِلُّ، حَلَالٌ، لٰكِن الأَحسَن تَركُهُ.
مِن عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الَّتِي أَخبَرَ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ وَحَصَلَت بَعدَ زَمَانِهِ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
كثرة شرب الخمر
رَوَى البُخَارِيُّ عَن أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ مِن أَشرَاطِ السَّاعَةِ: أَن يُرفَعَ العِلمُ، وَيَثبُتَ الجَهلُ، وَيُشرَبَ الخَمرُ». وَمَعنَى تُشرَبَ الخَمرُ (شُربًا فَاشِيًا). وَرَوَى البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي كِتَابِ الأَشرِبَةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِيمَن يَستَحِلُّ الخَمرَ وَيُسَمِّيهِ بِغَيرِ اسمِهِ، عَن أَبِي عَامِرٍ أَو أَبِي مَالِكٍ الأَشعَرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لَيَكُونَنَّ مِن أُمَّتِي أَقوَامٌ يَستَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ وَالخَمرَ».اهـ
وَعِندَ ابنِ مَاجَه: «لَا تَذهَبُ الأَيَّامُ وَالليَالِي حَتَّى تَشرَبَ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتِي الخَمرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيرِ اسمِهَا». يَشرَبُونَهَا وَيُسَمُّونَهَا مَشرُوبَاتٍ رُوحِيَّةً بِزَعمِهِم.
وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا مُسلِمٍ الخَولَانِيَّ حَجَّ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَجَعَلَت تَسأَلُهُ عَنِ الشَّامِ وَعَن بَردِهَا فَقَالَ: يَا أُمَّ المُؤمِنِينَ إِنَّهُم يَشرَبُونَ شَرَابًا لَهُم يُقَالُ لَهُ الطِّلَاءُ، فَقَالَت: صَدَقَ رَسُولُ اللهِ سَمِعَتهُ يَقُولُ: «إِنَّ نَاسًا مِنَ أُمَّتِي يَشرَبُونَ الخَمرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيرِ اسمِهَا».
تنبيه
لَا يُوجَدُ نَبِيٌّ شَرِبَ الخَمرَ، وَسَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ لَم يَشرَبِ الخَمرَ أَبَدًا، وَأَمَّا مَا رُوِيَ وَصَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ جِيءَ لَهُ بِإِنَاءٍ مِن نَبِيذٍ فَشَرِبَهُ، المُرَادُ بِالنَّبِيذِ المَذكُورِ تَمَرَاتٌ نُبِذَت فِي مَاءٍ أَي نُقِعَت فِيهِ، كَانُوا يَصنَعُونَ ذَلِكَ لِاستِعذَابِ المَاءِ، وَلَيسَ المُرَادُ الخَمرَ.اهـ
فَالعُلَمَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ النَّبِيذَ إِذَا اشتَدَّ بِغَيرِ طَبخٍ لَا يَحِلُّ شُربُهُ.
وَقَعَ عِندَ مُسلِمٍ مِن طَرِيقِ ثَابِتٍ، عَن أَنَسٍ لَقَد سَقَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ بِقَدَحِي هَذَا الشَّرَابَ كُلَّهُ العَسَلَ وَالنَّبِيذَ وَالمَاءَ وَاللَّبَنَ، وَقَد تَقَدَّمَت صِفَةُ النَّبِيذِ الَّذِي كَانَ يَشرَبُهُ، وَأَنَّهُ نَقِيعُ التَّمرِ أَوِ الزَّبِيبِ. فَالنَّبِيذَ فِي الحَقِيقَةِ مَا نُبِذَ فِي المَاءِ وَنُقِعَ فِيهِ، وَمِنهُ سُمِّيَ المَنبُوذُ مَنبُوذًا لِأَنَّهُ نُبِذَ أَي طُرِحَ. وَجَاءَ مِن حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ ﷺ كَانَ يُنبَذُ لَهُ لَيلًا فَيَشرَبُهُ غُدوَةً، وَيُنبَذُ لَهُ غُدوَةً فَيَشرَبُهُ عَشِيَّةً.
السؤال الفقهي
رأيت شخصا يأكل أو يشرب في نهار رمضان، ماذا أفعل معه؟
إِذَا رَأَيتَ مَن يَأكُلُ أَو يَشرَبُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، فَعَلَيكَ ابتِدَاءً تَحسِينُ الظَّنِّ بِأَخِيكَ المُسلِمِ، لَكِن لَيسَ مَعنَى ذَلِكَ أَن نَترُكَهُ، بَل يَجِبُ أَن تُذَكِّرَهُ بِالصِّيَامِ، فَإِن أَبدَى لَكَ عُذرًا مِن مَرَضٍ أَو نَحوِهِ فَاقبَلهُ.
وَإِن تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ نَاسِيًا لِلصِّيَامِ فَعَلَيهِ أَن يَبصُقَ مَا فِي فَمِهِ مِن طَعَامٍ وَشَرَابٍ فَورًا بَعدَ أَن يَتَذَكَّرَ وَلَا يَبلَعُ مِنهُ شَيئًا.
وَإِن كَانَ غَيرَ مَعذُورٍ فَانْهَهُ عَن هَذَا المُنكَرِ فَتَركُ الصِّيَامِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مِنَ الكَبَائِرِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى.
مختارات من الأدعية والأذكار
يُقَالُ لِتَيسِيرِ الرِّزقِ وَالحِفظِ مِنَ المَكرُوهِ أَو مِنَ الحَرقِ وَالغَرَقِ وَالسَّرِقَةِ وَمِن شَرِّ الظَّالِمِ وَمِنَ الشَّيطَانِ وَمِنَ الحَيَّةِ وَالعَقرَبِ يُقَالُ هَذَا الذِّكرُ حِينَ يُصبِحُ وَحِينَ يُمسِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ:
دُعَاءُ الخَضِرِ
بِسمِ اللهِ مَا شَاءَ اللهُ لَا يَسُوقُ الخَيرَ إِلَّا اللهُ،
بِسمِ اللهِ مَا شَاءَ اللهُ لَا يَصرِفُ السُّوءَ إِلَّا اللهُ،
بِسمِ اللهِ مَا شَاءَ اللهُ مَا كَانَ مِن نِعمَةٍ فَمِنَ اللهِ،
بِسمِ اللهِ مَا شَاءَ اللهُ وَلَا حَولَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.
ما يقال لمن يريد أن يستجاب دعوته
رَوَى السُّيُوطِيُّ عَن أَبِي الدَّردَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنِ استَغفَرَ لِلمُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ كُلَّ يَومٍ سَبعًا وَعِشرِينَ مَرَّةً» أَو «خَمسًا وعِشرِينَ مَرَّةً» أَحَدَ العَدَدَينِ «كَانَ مِنَ الذينَ يُستَجَابُ لَهُم ويُرزَقُ بِهِم أَهلُ الأَرضِ».
الدعاء الختامي
الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِي رَسُولِ اللهِ..
اللهم إِنَّا نَسأَلُكَ بِكُلِّ اسمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيتَ بِهِ نَفسَكَ أَو عَلَّمتَهُ أَحَدًا مِن خَلقِكَ اللهم إِنَّا قَد أَسرَفنَا عَلَى أَنفُسِنَا فَاغفِر لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسرَافَنَا فِي أَمرِنَا.
اللهم إِنِّي أَسأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى اللهم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن جَهدِ البَلاَءِ وَدَرَكِ الشَّقَاءِ وَسُوءِ القَضَاءِ وَشَمَاتَةِ الأَعدَاءِ.
اللهم إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِن غَلَبَةِ الدَّينِ وَغَلَبَةِ العَدُوِّ، اللهم أَصلِح لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصمَةُ أَمرِنَا، وَأَصلِح لَنَا دُنيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصلِح لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيرٍ، وَاجعَلِ المَوتَ رَاحَةً لَنَا مِن كُلِّ شَرٍّ.
اللهم اغفِر لَنَا ذَنبَنَا كُلَّهُ، دِقَّهُ وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ.
اللهم أَحسِن عَاقِبَتَنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا وَأَجِرنَا مِن خِزيِ الدُّنيَا وَعَذَابِ النَّارِ
اللهم إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ العَفوَ فَاعفُ عَنَّا. اللهم يَا اللهُ يَا اللهُ أَذهِبِ الضِّيقَ وَالغُمُومَ عَنَّا، وَأَبعِد كَدَرَ الدُّنيَا وَالهُمُومَ عَن قُلُوبِنَا، وحَسِّن بِفَضلِكَ سِيرَتَنَا، وَجَمِّل في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ هَيئَتَنَا، وَسَدِّد في الخَيرِ مَسِيرَتَنَا، وَانشُر بَينَ الملائِكَةِ ذِكرَنَا، وَاحفَظ بَينَ الخَلقِ كَرَامَتَنَا، وَعَطِّر بَينَ النَّاسِ سُمعَتَنَا، وَارفَع بَينَ الحُسَّادِ مَهَابَتَنَا، وَإِلى جَنَّاتِ الخُلدِ أَدخِلنَا، وَفي الدَّرجَاتِ العَالِيَةِ أَنزلنَا، وَيَسِّر أُمُورَنَا، وَطَهِّر قُلُوبَنا، وَاحَفَظ فُرُوجَنا، وسَدّد خُطَانا، وَأَلهِمنَا الطَّاعَاتِ فِي مَحيَانَا، وَأَسعدنَا فِي دُنيَانا وَأُخرَانا يَا اللهُ يا اللهُ.
اللهم ارفَعِ البَلَاءَ عَن إِخوَانِنَا المُسلِمِينَ فِي غَزَّةَ وَفِلَسطِينَ اللهم اضرِبِ الكَافِرِينَ بِالكَافِرِينَ وَأَخرِجِ المُسلِمِينَ مِن بَينِهِم سَالِمِينَ
اللهم انصُر عِبَادَكَ فِي فِلَسطِينَ اللهم بِقُوَّتِكَ نَسأَلُكَ يَا اللهُ يَا سَمِيعُ يَا قَرِيبُ، يَا مُجِيبُ يَا مُنتَقِمُ يَا جَبَّارُ، يَا قَهَّارُ يَا عَظِيمَ القَهرِ أَن تَجعَلَ كَيدَ المُحتَلِّينَ فِي نَحرِهِم، وَاجعَل مَكرَهُم عَائِدًا إِلَيهِم.
رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
اللهم أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ، اللهم أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ، اللهم أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ
اللهم أَعِنَّا عَلَى الصِّيَامِ وَالقِيَامِ وَتَقَبَّل مِنَّا يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللهم اجعَلنَا مِن عُتَقَاءِ هَذَا الشَّهرِ الكَرِيمِ وَمِنَ المَقبُولِينَ يَا أَكرَمَ الأَكرَمِينَ، اللهم أَعتِقنَا فِيهِ مِنَ النِّيرَانِ يَا اللهُ يَا اللهُ يَا اللهُ، اللهم أَرِنَا لَيلَةَ القَدرِ المُبَارَكَةَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ وَارزُقنَا فِيهَا دَعوَةً مُجَابَةً بِجَاهِ سَيِّدِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ يَا اللهُ. اللهم ارزُقنَا حُسنَ الخِتَامِ وَالمَوتَ عَلَى دِينِكَ دِينِ الإِسلَامِ وَرُؤيَةَ سَيِّدِ الأَنَامِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ﷺ.
اللهم إِنَّا دَعَونَاكَ فَاستَجِب لَنَا دُعَاءَنَا وَاغفِرِ اللهم لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسرَافَنَا فِي أَمرِنَا وَمَا أَنتَ أَعلَمُ بِهِ مِنَّا وَارزُق كُلَّ مَن حَضَرَ وَاستَمَعَ لِلدَّرسِ سُؤلَهُ مِنَ الخَيرِ وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ وَسَلِّم تَسلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَومِ الدِّينِ.
وَآخِرُ دَعوَانَا أَنِ الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ