أشراط الساعة (١٧) | تداعي الأمم، ظهور الأمراض، وظهور الرويبضة

المقدمة

الحَمدُ للهِ الدَّاعِي إِلَى بَابِهِ، المُوفِّقِ مَن شَاءَ لِصَوَابِهِ، أَنعَمَ بِإِنزَالِ كِتَابِهِ، يَشتَمِلُ عَلَى مُحكَمٍ وَمُتَشَابِهٍ، فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم زَيغٌ فَيَتَّبِعُونَ مِنهُ المُتَشَابِهَ، وَأَمَّا الرَّاسِخُونَ فِي العِلمِ فَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ.

أَحمَدُهُ تَعَالَى عَلَى الهُدَى وَتَيسِيرِ أَسبَابِهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً أَرجُو بِهَا النَّجَاةَ مِن عِقَابِهِ وَالفَوزَ بِثَوَابِهِ، هَدَى المُؤمِنِينَ بِرُسُلِهِ وَأَنبِيَائِهِ، وَأَرسَلَ الخَلِيلَ إِبرَاهِيمَ بِالتَّوحِيدِ فَعَظَّمَ رَبَّهُ وَمَا شَكَّ بِهِ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ أَكمَلُ النَّاسِ عَمَلًا فِي ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى صَاحِبِهِ أَبِي بَكرٍ أَفضَلِ أَصحَابِهِ، وَعَلَى عُمَرَ الَّذِي أَعَزَّ اللهُ بِهِ الدِّينَ وَاستَقَامَتِ الدُّنيَا بِهِ، وَعَلَى عُثمَانَ شَهِيدِ دَارِهِ وَمِحرَابِهِ، وَعَلَى عَلِيٍّ المَشهُورِ بِحَلِّ المُشكِلِ مِنَ العُلُومِ وَكَشفِ نِقَابِهِ، وَعَلَى ءَالِهِ وَأَصحَابِهِ وَمَن كَانَ أَولَى بِهِ، وَسَلَّمَ تَسلِيمًا كَثِيرًا، أَمَّا بَعدُ:

مقدمة في ذكرى غزوة بدر الكبرى
يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ((إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ))، وَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ الكَرِيمِ ﷺ: ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِيْنَ))، أَرسَلَ اللهُ نَبِيَّهُ المُصطَفَى ﷺ لِيُخرِجَ النَّاسَ مِن عِبَادَةِ العِبَادِ إِلَى عِبَادَةِ رَبِّ العِبَادِ وَمِن ذُلِّ الدُّنيَا إِلَى عِزِّ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، فَكَانَ ﷺ دَاعِيَةَ خَيرٍ وَسَبَبًا لِلفَلَاحِ وَالنَّجَاحِ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ وَسَبَبًا لِنِعَمٍ أَنعَمَ اللهُ بِهَا عَلَى المُؤمِنِينَ بَعدَهُ ﷺ فَهُوَ الَّذِي هَدَانَا اللهُ بِهِ وَرَحِمَنَا اللهُ بِهِ وَأَنقَذَنَا اللهُ بِهِ مِنَ الخُلُودِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَمَنْ آمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَ نَهجَهُ فَازَ وَرَبِحَ وَقَد خَابَ مَن تَعَدَّى وَخَالَفَ أَمرَهُ.

وَإِنَّ النَّاظِرَ إِلَى سِيرَةِ أَعظَمِ الخَلقِ ﷺ يَعلَمُ أَنَّ اللهَ أَمَرَهُ بِالدَّعوَةِ إِلَى دِينِهِ وَلَم يَأذَنْ لَهُ بِالحَربِ فِي بَدءِ الأَمرِ إِنَّمَا أُمِرَ بِالدُّعَاءِ إلَى اللهِ وَالصّبْرِ عَلَى الْأَذَى، وَالصّفْحِ عَنْ الْجَاهِلِ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ قَدْ اضْطَهَدَتْ مَنْ اتّبَعَهُ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حَتّى فَتَنُوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَنَفَوْهُمْ مِنْ بِلَادِهِمْ.

فَلَمّا عَتَتْ قُرَيْشٌ وَكَذّبُوا نَبِيّهُ ﷺ وَعَذّبُوا وَنَفَوْا مَنْ عَبَدَ الله وَوَحّدَهُ وَصَدّقَ نَبِيّهُ، وَاعْتَصَمَ بِدِينِهِ، أَذِنَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِرَسُولِهِ ﷺ فِي القِتَالِ وَالِانتِصَارِ مِمَّنْ ظَلَمَهُمْ وَبَغَى عَلَيْهِمْ. وَقَد قَاتَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ رُؤُوسَ الْكُفْرِ مِنَ الْيَهُودِ وَالْمُنَافِقِينَ، فتهيَّأَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِحَرْبِهِم، وَقَامَ فِيمَا أَمَرَهُ اللهُ بِهِ مِنْ جِهَادِ عَدُوِّهِ وَقِتَالِ مَنْ أَمَرَهُ بِهِ مِمَّنْ يَلِيهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

وَفِي مِثلِ هَذَا اليَومِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِلهِجرَةِ، حَصَلَتْ غَزْوَةُ بَدْرٍ الْعُظْمَى يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ، وَيُقَالُ لَهَا: العُظمَى، وَبَدرُ القِتَالِ، وَيَومُ الفُرقَانِ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى فَرَّقَ فِيهِ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ. وَهِيَ الوَقعَةُ العَظِيمَةُ الَّتِي أَعَزَّ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهَا الإِسلَامَ، وَدَفَعَ الكُفرَ وَأَهلَهُ، وَجَمَعَتِ الآيَاتِ الكَثِيرَةَ وَالبَرَاهِينَ الشَّهِيرَةَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)).

ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ سَمِعَ بِأَبِي سُفْيَانَ صَخْرِ بْنِ حَرْبٍ مُقْبِلًا مِنَ الشَّامِ فِي عِيرٍ لِقُرَيْشٍ عَظِيمَةٍ، فِيهَا أَمْوَالٌ وَتِجَارَةٌ، وَفِيهَا ثَلَاثُونَ رَجُلًا أَوْ أَرْبَعُونَ، وَكَانَ فِي الْعِيرِ أَلْفُ بَعِيرٍ، تَحْمِلُ أَمْوَالَ قُرَيْشٍ بِأَسْرِهَا.

ولَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِأَبِي سُفْيَانَ مُقْبِلًا مِنَ الشَّامِ، نَدَبَ الْمُسْلِمِينَ (نَدَبَ النَّاسَ: أَي دَعَاهُمْ فَانتَدَبُوا: أَي أَجَابُوهُ) إِلَيْهِمْ وَقَالَ: “هَذِهِ عِيرُ قُرَيْشٍ (العِيرُ: الإِبِلُ تَحمِلُ المِيرَةَ ثُمَّ غَلَبَتْ عَلَى كُلِّ قَافِلَةٍ) فِيهَا أَمْوَالُهُمْ فَاخْرُجُوا إِلَيْهَا لَعَلَّ اللَّهَ يُنَفِّلُكُمُوهَا”. وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَنْ كَانَ ظَهرُهُ (الظَّهْرُ: الإِبلُ الَّتِي يُحمَلُ عَلَيهَا وَيُرْكَبُ. يُقَالُ: عِندَ فُلَانٍ ظَهرٌ: أَي إِبِلٌ) حَاضِرًا فَلْيَركَبْ مَعَنَا.

وَرَوَى البَيهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَرَجَ يَوْمَ بَدْرٍ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ كَمَا خَرَجَ طَالُوتُ، فَدَعَا لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ حِينَ خَرَجَ فَقَالَ: «اللهُمَّ إِنَّهُمْ حُفَاةٌ فَاحْمِلْهُمْ، اللهُمَّ إِنَّهُمْ عُرَاةٌ فَاكْسُهُمْ، اللهم إِنَّهُمْ جِيَاعٌ فَأَشْبِعْهُمْ»، فَفَتَحَ اللهُ لَهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَانْقَلَبُوا وَمَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَقَدْ رَجَعَ بِجَمَلٍ أَوْ جَمَلَيْنِ، وَاكْتَسَوْا وَشَبِعُوا “.

فَاستَشَارَ النَّاسَ، وَأَخبَرَهُم عَنْ قُرَيْشٍ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، فَقَالَ وَأَحْسَنُ. ثُمّ قَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ، فَقَالَ وَأَحْسَنُ، ثُمّ قَامَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، امْضِ لِمَا أَرَاك اللهُ فَنَحْنُ مَعَك، وَاَللهِ لَا نَقُولُ لَك كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسرَائِيلَ لِمُوسَى: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا، إِنَّا هاهُنا قَاعِدُونَ. فَوَالذِي بَعَثَك بِالْحَقّ لَوْ سِرْت بِنَا إلَى بِرْكِ الْغِمَادِ (مدينة الحبشة) لَجَالَدْنَا (المضاربة بالسيوف) مَعَك مِنْ دُونِهِ، حَتّى تَبْلُغَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ خَيرًا، وَدَعَا لَهُ بِهِ.

ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: أَشِيرُوا عَلَيّ أَيّهَا النّاس. وَإِنّمَا يُرِيدُ الْأَنْصَارَ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: لَعَلَّكَ تريدنا قال نعم فقال سعد. وَإِنِّي أَقُولُ عَنِ الْأَنْصَارِ وَأُجِيبُ عَنْهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَظْعِنْ (سَافِرْ) حَيْثُ شِئْتَ، وَصِلْ حَبْلَ مَنْ شِئْتَ، وَاقْطَعْ حَبْلَ مَنْ شِئْتَ، وَخُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا شِئْتَ، وَأَعْطِنَا مَا شِئْتَ، وَمَا أَخَذْتَهُ مِنَّا أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّا تَرَكْتَ عَلَيْنَا، وَمَا ائْتَمَرْتَ مِنْ أَمْرٍ فَأَمْرُنَا لِأَمْرِكَ فِيهِ تَبَعٌ.

وفي رواية: قَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: لقد آمَنّا بِك وَصَدّقْنَاك، وَشَهِدْنَا أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ هُوَ الْحَقّ، وَأَعْطَيْنَاك عَلَى ذَلِكَ عُهُودَنَا وَمَوَاثِيقَنَا، عَلَى السّمْعِ وَالطّاعَةِ، فَامْضِ يَا رَسُولَ الله لما أردت فنحن معك، فوالذي بَعَثَك بِالْحَقّ، لَوْ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هَذَا الْبَحْرَ فَخُضْتَهُ لَخُضْنَاهُ مَعَك، مَا تَخَلّفَ مِنّا رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَمَا نَكْرَهُ أَنْ تَلْقَى بِنَا عَدُوّنَا غَدًا، إنّا لَصُبُرٌ فِي الْحَرْبِ، صُدُقٌ فِي اللّقَاءِ. لَعَلّ اللهَ يُرِيك مِنّا مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنُك، فَسِرْ بِنَا عَلَى بَرَكَةِ اللهِ. فَسُرّ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِقَوْلِ سَعْدٍ، ثُمّ قَالَ: سِيرُوا وَأَبْشِرُوا، فَإِنّ اللهَ تَعَالَى قَدْ وَعَدَنِي إحْدَى الطّائِفَتَيْنِ، وَاَللهِ لَكَأَنّي الْآنَ أَنْظُرُ إلَى مَصَارِعِ القوم.

وَلَمَّا أَصبَحَ رَسُولُ اللهِ ﷺ صَفَّ أَصحَابَهُ قَبلَ أَن تَنزِلَ قَرَيشٌ، وَطَلَعَتْ قُرَيشٌ وَرَسُولُ اللهِ ﷺ يَصُفُّ أَصحَابَهُ وَيَعَدِّلُهُم، يُشِيرُ إِلَى هَذَا: تَقَدَّم، وَإِلَى هَذَا: تَأَخَّر، حَتَّى استَوَوا، وَدَفَعَ رَايَتَهُ إِلَى مُصعَبِ بنِ عُمَيرٍ، فَتَقَدَّمَ حَيثُ أَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَن يَضَعَهَا، وَوَقَفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَنظُرُ إِلَى الصُّفُوفِ فَاستَقبَلَ المَغرِبَ، وَجَعَلَ الشَّمسَ خَلفَهُ، وَأَقبَلَ المُشرِكُونَ فَاستَقبَلُوا الشَّمسَ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِالعُدوَةِ الشَّامِيَّةِ، وَنَزَلُوا بِالعُدوَةِ اليَمَانِيَّةِ.

قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمسَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يدعو ربه مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَجَعَلَ يقول (اللهم أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ) فَمَا زَالَ يدعو ربه، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْه، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلّ: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ) (الأنفال:9)، فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ.

وَرَوَى البَيهَقِيُّ وَالحَاكِمُ وَغَيرُهُمَا: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: “بَيْنَمَا أَنَا أَمْتَحُ (يَعْنِي أَسْتَقِي) مِنْ قَلِيبِ بَدْرٍ إِذْ جَاءَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهَا قَطُّ، ثُمَّ ذَهَبَتْ، ثُمَّ جَاءَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهَا قَطُّ إِلَّا الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا، وَأَظُنُّهُ ذَكَرَ: ثُمَّ جَاءَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، قَالَ: فَكَانَتِ الرِّيحُ الْأُولَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَزَلَ فِي أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَكَانَتِ الرِّيحُ الثَّانِيَةُ مِيكَائِيلَ نَزَلَ فِي أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ. وَكَانَتِ الرِّيحُ الثَّالِثَةُ إِسْرَافِيلَ نَزَلَ فِي أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَنْ مَيْسَرَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَأَنَا فِي الْمَيْسَرَةِ.

وَرَوَى البَيهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ قَالَ: حَضَرْتُ أَنَا وَابْنُ عَمٍّ لِي بَدْرًا وَنَحْنُ عَلَى شِرْكِنَا، فَإِنَّا لَفِي جَبَلٍ نَنْتَظِرُ الْوَقْعَةَ عَلَى مَنْ تَكُونُ الدَّبْرَةُ (الدَّبرَةُ- بفتحتين وتسكّن- وَهِيَ النُّصرَةُ وَالظَّفَرُ عَلَى العَدُوِّ، وَالدَّبرَةُ أَيضًا الهَزِيمَةُ) فَنَنْتَهِبُ، فَأَقْبَلَتْ سَحَابَةٌ، فَلَمَّا دَنَتْ مِنَ الْجَبَلِ سَمِعْنَا فِيهَا حَمْحَمَةَ الْخَيْلِ (صَوتُ الفَرَسِ دُونَ الصَّهِيلِ)، وَسَمِعْنَا فِيهَا فَارِسًا يَقُولُ: أَقْدِمْ حَيْزُومُ- فَأَمَّا صَاحِبِي فَانْكَشَفَ قِنَاعُ قَلْبِهِ (غِشَاءُ القَلبِ) فَمَاتَ مَكَانَهُ، وَأَمَّا أَنَا فَكِدْتُ أَنْ أَهْلِكَ، ثُمَّ انْتَعَشْتُ (ارتَفَعْتُ وَقُمتُ) بَعْدَ ذَلِك.

وَرَوَى الحَاكِمُ وَالبَيهَقِيُّ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، يَقُولُ: لَقَدْ رَأَيْتُ يَوْمَ بَدْرٍ رِجَالًا بِيضًا عَلَى خَيْلٍ بُلْقٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مُعَلَّمِينَ يَقْتُلُونَ وَيَأْسِرُونَ. وَكَانَ أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ يُحَدِّثُ بَعْدَ أَنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ قَالَ: لَوْ كُنْتُ مَعَكُمُ الْآنَ بِبَدْرٍ وَمَعِي بَصَرِي لَأَرَيْتُكُمُ الشِّعْبَ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ، لَا أَشُكُّ وَلَا أَمْتَرِي.

وَرَوَى السُّيُوطِيُّ وَالبَيهَقِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَوْمَ بَدْرٍ يَعْرِفُونَ قَتْلَى الْمَلَائِكَةِ مِمَّنْ قَتَلُوهُمْ بِضَرْبٍ فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَعَلَى الْبَنَانِ (أَي الأَصَابِع، وَقِيلَ: أَطرَافُهَا) مِثْلِ سِمَةِ النَّارِ قَدْ أُحْرِقَ بِهِ.

وَرَوَى الوَاقِدِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ يَوْمَئِذٍ: (هَذَا جِبْرِيلُ يَسُوقُ الرّيحَ كَأَنّهُ دِحْيَةُ الْكَلْبِىّ، إنّي نُصِرْت بِالصّبَا (الرِّيحُ الشَّرقِيَّةُ) وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدّبُورِ (الرِّيحُ الَّتِي تُقَابِلُ الصَّبَا مِن جِهَةِ المَغرِبِ. وَيُقَالُ: تُقبِلُ مِن جِهَةِ الجَنُوبِ ذَاهِبَةً نَحوَ المَشرِقِ).

وَرَوَى البَيهَقِيُّ قَالَ: كَانَ السَّائِبُ بْنُ أَبِي حُبَيْشٍ يُحَدِّثُ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: “وَاللهِ مَا أَسَرَنِي أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالَ: فَمَنْ؟ فَيَقُولُ: لَمَّا انْهَزَمَتْ قُرَيْشٌ انْهَزَمْتُ مَعَهَا، فَيُدْرِكُنِي رَجُلٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ عَلَى فَرَسٍ أَبْيَضَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَأَوْثَقَنِي رِبَاطًا، وَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَوَجَدَنِي مَرْبُوطًا، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُنَادِي فِي الْعَسْكَرِ مَنْ أَسَرَ هَذَا فَلَيْسَ يَزْعُمُ أَحَدٌ أَنَّهُ أَسَرَنِي، حَتَّى انْتُهِيَ بِي إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَا ابْنَ أَبِي حُبَيْشٍ مَنْ أَسَرَكَ؟» فَقُلْتُ: لَا أَعْرِفُهُ، وَكَرِهْتُ أَنْ أُخْبِرَهُ بِالَّذِي رَأَيْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: “أَسَرَكَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ.

وَشَبَّ أَطفَالُ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ عَلَى الإِسلَامِ النَّقِيِّ؛ فَقَدْ رَبَّاهُمُ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنهُم، وَشَهِدُوا نَبِيَّ اللهِ تَعَالَى يَمْشِي بَيْنَهُم، فَنَشَؤُوا عَلَى حُبِّهِ وَتَعَلَّمُوا فِدَاءَهُ بِأَنفُسِهِم مِن صِغَرِهِم.

وَيَقُولُ عَبدُ الرَّحمَنِ بنُ عَوفٍ بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَومَ بَدْرٍ، فَنَظَرْتُ عَن يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، فَإِذَا أَنَا بغُلَامَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا، تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بيْنَ أَضْلَعَ مِنهُمَا، فَغَمَزَنِي أَحَدُهُما فَقالَ: يا عَمِّ، هلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟ قُلتُ: نَعَمْ، ما حَاجَتُكَ إلَيْهِ يا ابْنَ أَخِي؟ قالَ: أُخْبِرْتُ أنَّهُ يَسُبُّ رَسولَ اللَّهِ ﷺ والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لَئِنْ رَأَيْتُهُ لا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حتَّى يَمُوتَ الأعْجَلُ مِنَّا، فَتَعَجَّبْتُ لذلكَ، فَغَمَزَنِي الآخَرُ، فَقالَ لي مِثْلَهَا، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إلى أَبِي جَهْلٍ يَجُولُ في النَّاسِ، قُلتُ: أَلَا إنَّ هذا صَاحِبُكُما الذي سَأَلْتُمَانِي، فَابْتَدَرَاهُ بسَيْفَيْهِمَا، فَضَرَبَاهُ حتَّى قَتَلَاهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخْبَرَاهُ، فَقالَ: أَيُّكُما قَتَلَهُ؟ قالَ كُلُّ واحِدٍ منهمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقالَ: هلْ مَسَحْتُما سَيْفَيْكُمَا؟ قالَا: لَا، فَنَظَرَ في السَّيْفَيْنِ، فَقالَ: كِلَاكُما قَتَلَهُ، وكَانَا مُعَاذَ ابْنَ عَفْرَاءَ، ومُعَاذَ بنَ عَمْرِو بنِ الجَمُوحِ.

قَالَ ابنُ سَعدٍ: وَرَجَعَتْ قُرَيشٌ إِلَى مَكَّةَ مُنهَزِمِينَ، وَرُئِيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي إِثرِهِم مُصلِتًا بِالسَّيفِ (بَارِزًا بِالسَّيفِ مِن غِمدِهِ)، يَتلُو هَذِهِ الآيَةَ ((سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ)) (وَالدُّبُرُ خِلَافُ القُبُلِ، أَي يَفِرُّونَ) [القمر:45].

وَرَوَى الطَّبَرِيُّ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، وَابنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابنُ مَردَوَيهِ، عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمْ: أَنزَلَ اللهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ بِمَكَّةَ قَبلَ يَومِ بَدرٍ: ((سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ)). قَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ جَمعٍ يُهزَمُ؟ فَلَمَّا كَانَ يَومَ بَدرٍ وَانهَزَمَتْ قُرَيشٌ نَظَرْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي آثَارِهِمْ، مُصلِتًا بِالسَّيفِ وَهُوَ يَثِبُ (يَقفِزُ) وَيَقُولُ: ((سَيُهزَمُ الجَمعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ)) فَعَرَفْتُ تَأوِيلَهَا، وَكَانَ انهِزَامُ القَومِ حِينَ زَالَتِ الشَّمسُ مِن يَومِ الجُمُعَةِ.

مِن عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الَّتِي أَخبَرَ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ وَحَصَلَت بَعدَ زَمَانِهِ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ

تداعي الأمم على أمة محمد ﷺ
رُوِيَ عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ لِثَوبَانَ: «كَيفَ أَنتُم يَا ثَوبَانُ إِذَا تَدَاعَت عَلَيكُمُ الأُمَمُ كَتَدَاعِيَكُم ‌عَلَى ‌قَصعَةِ ‌الطَّعَامِ تُصِيبُونَ مِنهُ؟» قَالَ ثَوبَانُ: بِأَبِي أَنتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِن قِلَّةٍ بِنَا؟ قَالَ ﷺ: «لَا، أَنتُم يَومَئِذٍ كَثِيرٌ، لَكِن يُلقَى فِي قُلُوبِكُمُ الوَهنُ» قَالُوا: وَمَا الوَهنُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ ﷺ: «حُبُّكُمُ الدُّنيَا، وَكَرَاهِيَتُكُم لِلمَوتِ»، رَوَاهُ أَحمَدُ فِي مُسنَدِهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَالَ ﷺ: «يُوشِكُ أَن ‌تَدَاعَى ‌عَلَيكُمُ ‌الأُمَمُ كَمَا تَدَاعَى القَومُ إِلَى قَصعَتِهِم»، قَالَ: قِيلَ: مِن قِلَّةٍ؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنَّهُ ‌غُثَاءٌ ‌كَغُثَاءِ ‌السَّيلِ، يُجعَلُ ‌الوَهنُ فِي قُلُوبِكُم، وَيُنزَعُ الرُّعبُ مِن قُلُوبِ عَدُوِّكُم، لِحُبِّكُمُ الدُّنيَا وَكَرَاهِيَتِكُمُ المَوتَ»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنَهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ قَالُوا: وَمَا الوَهَنُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «حُبُّكُمُ الدُّنيَا وَكَرَاهِيَتُكُمُ القِتَالَ». أَيِ الجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ.

قَدَّمَ سَيِّدُ الخَلقِ مُحَمَّدٌ ﷺ لِأُمَّتِهِ مَا سَتُوَاجِهُهُ فِي قَادِمِ أَيَّامِهَا إِلَى أَن يَرِثَ اللهُ الأَرضَ وَمَن عَلَيهَا، وَخَاصَّةً مَا يَتَعَلَّقُ بِالفِتَنِ وَأَنوَاعِ الشُّرُورِ الَّتِي تَضُرُّ بِهَا وَتُؤَدِّي بِهَا إِلَى أَحوَالٍ سَيِّئَةٍ مِمَّا أَخبَرَ اللهُ تَعَالَى بِهِ نَبِيَّهُ ﷺ مِنَ الغَيبِ مِمَّا سَيَكُونُ بَعدَ عَصرِهِ ﷺ وَبَعدَ وَفَاتِهِ، وَهَذَا الحَدِيثُ العَظِيمُ هُوَ نَوعٌ مِنَ الغَيبِ الَّذِي أَخبَرَ اللهُ بِهِ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا ﷺ.

هَذَا الحَدِيثُ العَظِيمُ الغَرَضُ مِنهُ وَالقَصدُ فِيهِ أَن تَكُونَ الأُمَّةُ عَلَى مَا يُحِبُّ اللهُ تَعَالَى مِنهَا أَن تَكُونَ، وَهُوَ أَن يَكُونَ هَمُّهُم وَقَصدُهُم عِبَادَةَ اللهِ سُبحَانَهُ وَطَاعَتَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، وَأَلَّا يَتَعَلَّقُوا بِالدُّنيَا وَلَذَّاتِهَا، وَإِنَّمَا يَجعَلُونَهَا طَرِيقًا إِلَى مَا عِندَ اللهِ تَعَالَى مِنَ الرِّضوَانِ وَحُسنِ العَاقِبَةِ، وَأَن يَحذَرُوا مِمَّا يَكُونُ مِن أَعدَائِهِم، فَإِنَّ أَعدَاءَ هَذِِه الأُمَّةِ لَا يَزَالُون حَرِيصِينَ عَلَى إِلحَاقِ الأَضرَارِ بِهَا مَا استَطَاعُوا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا.

وَمَعنَى: «تَتَدَاعَى الأَكَلَةُ» أَي أَنَّ الفِئَةَ أَوِ الجَمَاعَةَ الآكِلَةَ يَدعُو بَعضُهُم بَعضًا إِلَى الطَّعَامِ الَّذِي يَتَنَاوَلُونَهُ فَيَأكُلُونَهُ بِلَا مَانِعٍ وَلَا مُنَازِعٍ وَيَصِلُونَ إِلَيهَا بِشَكلٍ سَهلٍ، فَشَبَّهَ الرَّسُولُ ﷺ دَعوَةَ أُمَمِ الكُفرِ بَعضَهَا بَعضًا إِلَى مُقَاتَلَةِ المُسلِمِينَ بِذَلِكَ، فَيَدعُو الكُفَّارُ بَعضُهُم بَعضًا إِلَى المَجِيءِ عَلَيهِم لِمُقَاتَلَتِهِم وَكَسرِ شَوكَتِهِم وَسَلبِ مَا يَملِكُونَهُ مِنَ الدِّيَارِ وَالأَموَالِ لِيَأخُذُوا مَا فِي أَيدِيهِم بِلَا تَعَبٍ يَنَالُهُم.

أعداء الدين يحاربون دين الإسلام والدعاة إلى الله من زمن النبي، وهذه سنة الله في الدعاة إلى دينه
وَهَذَا الحَدِيثُ مُنطَبِقٌ عَلَى هَذَا الزَّمَانِ، وَالمُسلِمُون اليَومَ عَدَدُهُم كَثِيرٌ جِدًّا، وَلَكِنَّهُم مُشتَغِلُونَ بِالدُّنيَا، وَحَرِيصُونَ عَلَى الدُّنيَا، وَخَائِفُونَ مِنَ المَوتِ، فَصَارُوا يَخَافُونَ مِن أَعدَائِهِم وَأَعدَاؤُهُم لَا يَخَافُونَ مِنهُم.

وَمِن أَسبَابِ هَذَا الهَلَاكِ وَالتَّدَاعِي عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ حُبُّ الدُّنيَا وَالرُّكُونُ إِلَيهَا، قَالَ المُنَاوِيُّ: «حُبُّ الدُّنيَا رَأسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ» وَهَذَا بِشَاهِدِ التَّجرُبَةِ وَالمُشَاهَدَةِ،

وَحُبُّهَا يُوقِعُ فِي الشُّبُهَاتِ، ثُمَّ فِي المَكرُوهِ، ثُمَّ فِي المُحَرَّمِ، وَطَالَمَا أَوقَعَ فِي الكُفرِ، بَل جَمِيعُ الأُمَمِ المُكَذِّبَةِ لِأَنبِيَائِهِم إِنَّمَا حَمَلَهُم عَلَى كُفرِهِم حُبُّ الدُّنيَا، فَإِنَّ الرُّسُلَ لَمَّا نَهَوهم عَنِ المَعَاصِي الَّتِي كَانُوا يَلتَمِسُونَ بِهَا حُبَّ الدُّنيَا حَمَلَهُم حُبُّهَا عَلَى تَكذِيبِهِم، فَكُلُّ خَطِيئَةٍ فِي الدنيا أَصلُهَا حُبُّ الدُّنيَا.

فَحُبُّهَا هُوَ الَّذِي عَمَّرَ النَّارَ بِأَهلِهَا، وَبُغضُهَا هُوَ الَّذِي عَمَّرَ الجَنَّةَ بِأَهلِهَا، وَمِن ثَمَّ قِيلَ: الدُّنيَا خَمرُ الشَّيطَانِ، فَمَن شَرِبَ مِنهَا لَم يُفِق مِن سَكرَتِهَا إِلَّا فِي عَسكَرِ المَوتَى خَاسِرًا نَادِمًا.

وَكَانَ الرَّبِيعُ بنُ خَيثَمَ يَقُولُ: أَخرِجُوا حُبَّ الدُّنيَا مِن قُلُوبِكُم يَدخُلُهَا حُبُّ الآخِرَةِ. انتَهَى كَلَامُهُ.

مِن عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الَّتِي أَخبَرَ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ وَحَصَلَت بَعدَ زَمَانِهِ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ

ظهور الأمراض التي لم تكن في أسلافكم
رَوَى ابنُ مَاجَه فِي كِتَابِ الفِتَنِ مِن سُنَنِهِ: عَن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ قَالَ: أَقبَلَ عَلَينَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقَالَ: «يَا مَعشَرَ المُهَاجِرِينَ، خَمسُ خِصَالٍ إِذَا ‌ابتُلِيتُم ‌بِهِنَّ، ‌وَأَعُوذُ ‌بِاللهِ ‌أَن ‌تُدرِكُوهُنَّ: لَم تَظهَرِ الفَاحِشَةُ فِي قَومٍ قَطُّ حَتَّى يُعلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوجَاعُ الَّتِي لَم تَكُن مَضَت فِي أَسلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوا، وَلَم يَنقُصُوا المِكيَالَ وَالمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ المَئُونَةِ وَجَورِ السُّلطَانِ عَلَيهِم، وَلَم يَمنَعُوا زَكَاةَ أَموَالِهِم إِلَّا مُنِعُوا القَطرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَولَا البَهَائِمُ لَم يُمطَرُوا، وَلَم يَنقُضُوا عَهدَ اللهِ وَعَهدَ رَسُولِهِ، إِلَّا سَلَّطَ اللهُ عَلَيهِم عَدُوًّا مِن غَيرِهِم فَأَخَذُوا بَعضَ مَا فِي أَيدِيهِم، وَمَا لَم تَحكُم أَئِمَّتُهُم بِكِتَابِ اللهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنزَلَ اللهُ إِلَّا جَعَلَ اللهُ بِأسَهُم بَينَهُم».اهـ

وَقَد يَقَعُ الطَّاعُونُ فِي بِلَادٍ بِسَبَبِ كَثرَةِ الفَوَاحِشِ، قَالَ ابنُ حَجَرٍ: لَقَد وَقع فِي حَدِيثِ ابنِ عُمَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّاعُونَ يَنشَأُ عَن ظُهُور الفَاحِشَةِ وفِي المُوَطَّأِ بِلَفظِ: «وَلَا فَشَا الزِّنَا فِي قَومٍ قَطُّ إِلَّا كَثُرَ فِيهِمُ المَوتُ»، وَأَخرَجَهُ الحَاكِمُ مِن وَجهٍ آخَرَ مَوصُولًا بِلَفظِ: «إِذَا ظَهَرَ الزِّنَا وَالرِّبَا فِي قَريَةٍ فَقَدِ أَحَلُّوا بِأَنفُسِهِم عَذَابَ اللهِ»، وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِن حَدِيثِ عَمرِو بنِ العَاصِ بِلَفظِ: «مَا مِن قَومٍ يَظهَرُ فِيهِمُ الزِّنَا إِلَّا أُخِذُوا بِالفَنَاءِ»، وَفِي حَدِيثِ بُرَيدَةَ عِندَ الحَاكِمِ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ بِلَفظِ: «وَلَا ظَهَرَتِ الفَاحِشَةُ فِي قَومٍ إِلَّا سَلَّطَ اللهُ عَلَيهِمُ المَوتَ»، وَلِأَحمَدَ مِن حَدِيثِ عَائِشَةَ مَرفُوعًا: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيرٍ مَا لَم يَفشُ فِيهِم وَلَدُ الزِّنَا، فَإِذَا فَشَا فِيهِم وَلَدُ الزِّنَا أَوشَكَ أَن يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابٍ».

الذنوب سبب أكثر البلايا، والتوبة ترفعها
وَمَعنَى هَذَا الكَلَامِ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ البَلَاءِ يَنزِلُ بِسَبَبِ الذُّنُوبِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَت أَيدِيكُم وَيَعفُو عَن كَثِيرٍ﴾.

قَالَ ابنُ رَجَبٍ: المُؤمِنُ إِذَا أَصَابَهُ فِي الدُّنيَا بَلَاءٌ رَجَعَ إِلَى نَفسِهِ بِاللَّومِ وَدَعَاهُ ذَلِكَ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ بِالتَّوبَةِ وَالِاستِغفَارِ.اهـ

وَقَالَ ابنُ حَجَرٍ فِي شَرحِ حَدِيثِ تَوَسُّلِ عُمَرَ بِالعَبَّاسِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا: رُوِيَ أَنَّ العَبَّاسَ لَمَّا استَسقَى بِهِ عُمَرُ قَالَ: اللهم إِنَّهُ لَم يَنزِل ‌بَلَاءٌ ‌إِلَّا ‌بِذَنبٍ، وَلَم يُكشَف إِلَّا بِتَوبَةٍ، وَقَد تَوَجَّهَ القَومُ بِي إِلَيكَ لِمَكَانِي مِن نَبِيِّكَ، وَهَذِهِ أَيدِينَا إِلَيكَ بِالذُّنُوبِ وَنَوَاصِينَا إِلَيكَ بِالتَّوبَةِ، فَاسقِنَا الغَيثَ.اهـ

لَكِن إِذَا نَزَلَ البَلَاءُ فَالوَاجِبُ عَلَى المُؤمِنِ أَن يُقَابِلَهُ بِالصَّبرِ عَلَيهِ وَالتَّسلِيمِ لِأَمرِ اللهِ وَأَن يَسأَلَ اللهَ العَافِيَةَ.

مِن عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الَّتِي أَخبَرَ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ وَحَصَلَت بَعدَ زَمَانِهِ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ

ظهور الأسافل وَالتُّحُوتِ
رَوَى أَحمَدُ وَغَيرُهُ عَن ‏أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ‏ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «‏إِنَّهَا سَتَأتِي عَلَى النَّاسِ ‏سِنُونَ خَدَّاعَةٌ، يُصَدَّقُ فِيهَا الكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيؤتَمَنُ فِيهَا الخَائِنُ وَيَخُونُ فِيهَا الأَمِينُ، وَيَنطِقُ فِيهَا الرُّوَيبِضَةُ» قِيلَ: وَمَا‏ الرُّوَيبِضَةُ؟ قَالَ: «السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمرِ العَامَّةِ».اهـ

وَعَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ أَمَامَ الدَّجَّالِ [أَي قَبلَ ظُهُورِهِ] سِنِينَ خَدَّاعَةً، يُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُصَدَّقُ فِيهَا الكَاذِبُ، وَيَخُونُ فِيهَا الأَمِينُ وَيؤتَمَنُ فِيهَا الخَائِنُ، وَيَتَكَلَّمُ فِيهَا الرُّوَيبِضَةُ»، قِيلَ: وَمَا‏ الرُّوَيبِضَةُ؟ قَالَ: «الفُوَيسِقُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمرِ العَامَّةِ».اهـ

قَالَ ابنُ الأَثِيرِ: الرُّوَيبِضَةُ، تَصغِيرُ الرَّابِضَةِ وَهُوَ العَاجِزُ الَّذِي رَبَضَ عَن مَعَالِي الأُمُورِ وَقَعَدَ عَن طَلَبِهَا، وَزِيَادَةُ التَّاءِ لِلمُبَالَغَةِ.

وَجَاءَ فِي حَدِيثِ ابنِ مَسعُودٍ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَسُودَ كُلَّ قَبِيلَةٍ مُنَافِقُوهَا» أَخرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِي لَفظٍ «رُذَّالُهَا»، وَعِندَ التِّرمِذِيِّ مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ: «وَكَانَ زَعِيمُ القَومِ أَرذَلَهُم وَسَادَ القَبِيلَةَ فَاسِقُهُم»، وَحَدِيثِ ابنِ مَسعُودٍ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ الوَلَدُ غَيظًا، وَالمَطَرُ قَيظًا، وَتَفِيضَ اللِّئَامُ فَيضًا» أَخرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ. وَفِي رِوَايَةٍ: «وَيَجتَرِئُ الصَّغِيرُ عَلَى الكَبِيرِ، وَاللَّئِيمُ عَلَى الكَرِيمِ».اهـ

وَقَولُهُ: «حَتَّى يَكُونَ الوَلَدُ غَيظًا، أَي يَكُونُ الوَلَدُ غَيظَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ أَي يَعمَلُ مَا يُغِيظُهُمَا بِعُقُوقِهِ لَهُمَا وَلَا يَكُونُ طَوعَهُمَا، وَيَكُونُ المَطَرُ فِي الصَّيفِ فَلَا يَنبُتُ شَيءٌ، وتفيض اللئام فيضا أَي يَكثُرُ الشِّرَارُ كَثرَةً.

وَرَوَى أَحمَدُ عَن حُذَيفَةَ بنِ اليَمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ‏قَالَ: ‏قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ أَسعَدَ النَّاسِ بِالدُّنيَا ‏لُكَعٌ ‏ابنُ ‏‏لُكَعٍ».اهـ

قَالَ ابنُ الأَثِيرِ: اللُّكَعُ عِندَ العَرَبِ: العَبدُ، ثُمَّ استُعمِلَ فِي الحُمقِ وَالذَّمِّ. يُقَالُ لِلرَّجُلِ: لُكَعٌ، وَلِلمَرأَةِ لَكَاعِ..

وَأَخرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَظهَرَ الفُحشُ وَالبُخلُ، وَيُخَوَّنَ الأَمِينُ وَيُؤتَمَنَ الخَائِنُ، وَتَهلِكَ الوُعُولُ وَتَظهَرَ التُّحُوتُ»، قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا التُّحُوتُ وَالوُعُولُ؟ قَالَ: «الوُعُولُ وُجُوهُ النَّاسِ وَأَشرَافُهُم، وَالتُّحُوتُ الَّذِينَ كَانُوا تَحتَ أَقدَامِ النَّاسِ لَيسَ يُعلَمُ بِهِم».

صِرنَا إِلَى زَمَانٍ تَذكُرُ الأَكَابِرَ العُلَمَاءَ الأَبرَارَ الأَتقِيَاءَ فَلَا يَعرِفُ أَكثَرُ النَّاسِ لَهُم مَنزِلَةً، وَيُقَدِّمُونَ أُنَاسًا لَا يَعرِفُ الوَاحِدُ مِنهُم أُصُولَ الدِّينَ وَلَا فُرُوعَهُ وَلَا يَعرِفُ كَيفَ يَتَكَلَّمُ، صَارَ هَذَا فِي نَظَرِ البَعضِ إِمَامًا وَشَيخًا لِلإِسلَامِ، وَتَذكُرُ لَهُمُ الإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ وَمَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ وَأَحمَدَ بنَ حَنبَلٍ يَقُولُ لَكَ: هَؤُلَاءِ رِجَالٌ وَنَحنُ رِجَالٌ… إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ…. هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الرَّسُولُ ﷺ أَنَّهُ مِن أَشرَاطِ السَّاعَةِ، تَظهَرُ التُّحُوتُ وَتَنزِلُ الوُعُولُ…

وَقَد قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنِّ الإِسلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا (أَي مُحَارَبًا) وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى لِلغُرَبَاءِ»، قِيلَ: وَمَن هُمُ الغُرَبَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «الَّذِينَ يُصلِحُونَ مِن سُنَّتِي مَا أَفسَدَ النَّاسُ»، رَوَاهُ مُسلِمٌ وَالبَيهَقِيُّ وَالتِّرمِذِيُّ.

زمن النبوة وغربة الإسلام
فَإِنَّ مِنَ الفِتَنِ الَّتِي تُدمِي القَلبَ وَتَحرِقُ الفُؤَادَ وَتَنهَالُ لَهَا العَبَرَاتُ، غُربَةً تَلُفُّ الطَّيِّبِينَ الَّذِينَ عَفَّت نُفُوسُهُم وَتَمَسَّكَت قُلُوبُهُم بِسُنَّةِ الهَادِي وَهَديِهِ، وَتَطَيَّبُوا بِمِسكِ التَّوحِيدِ وَظَلُّوا عَلَى المَحَجَّةِ البَيضَاءِ، ثَبَتُوا عَلَى الحَقِّ حِينَ انحَرَفَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَمَشَوا عَلَى الطَّرِيقِ القَوِيمِ وَالصِّرَاطِ المُستَقِيمِ، وَقَامُوا بِمَا أَمَرَ اللهُ بِهِ وَاجتَنَبُوا مَا نَهَى عَنهُ، فَصَارَ الوَاحِدُ مِنهُم يُحِسُّ بِأَنَّهُ غَرِيبٌ مَنبُوذٌ لَا يَجِدُ مَن يَنصُرُهُ أَو يُطِيعُهُ فِي الحَقِّ، حَتَّى إِنَّه قَد يَلقَى هَذَا مِن أَهلِهِ وَأَقَارِبِهِ وَعَشِيرَتِهِ الَّذِينَ تَرَبَّى مَعَهُم، فَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى خَيرِ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، وَهُم مُصِرُّونَ عَلَى اللَّحَاقِ بِالدُّنيَا الفَانِيَةِ، يَطلُبُونَ الرَّاحَةَ وَالحَيَاةَ الهَنِيئَةَ فِيهَا، وَقَد نَسُوا أَو تَنَاسَوا أَنَّ وَبَالَ هَذَا عَلَيهِم عَظِيمٌ، وَمَا هَذَا كُلُّهُ إِلَا مِصدَاقُ قَولِ رَسُولِ اللهِ ﷺ: «إِنَّ الإِسلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلغُرَبَاءِ».

الثبات على الحق
فَمَن عَرَفَ كُلَّ هَذَا يَنبَغِي أَن يَثبُتَ، وَالثَّبَاتُ لَا يَكُونُ مَعَ الرَّخَاوَةِ، لَا بُدَّ مِنَ الشِّدَّةِ لِلثَّبَاتِ، فَالثَّبَاتَ الثَّبَاتَ عَلَى نَهجِ أَهلِ السُّنَّةِ يا أَحبَابَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، عَسَى رَبُّنَا أَن يُبَيِّضَ الوُجُوهَ عِندَ لِقَاءِ مُحَمَّدٍ ﷺ وَأَصحَابِهِ، وَالعِبرَةُ بِمَا عِندَ اللهِ وَلَيسَ بِمَا عِندَ النَّاسِ، فَاقطَعُوا أَحبَابِي رَجَاءَكُم مِن هَذِهِ الدُّنيَا، وَالتَفِتُوا إِلَى وَصِيَّةِ نَبِيِّكُم ﷺ، فَبِهَا النَّجَاةُ وَالنَّجَاحُ وَالفَلَاحُ، وَهِيَ لُزُومُ العِلمِ عِلمِ أَهلِ الحَقِّ أَهلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، مِيرَاثِ سَيِّدِي رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَمِيرَاثِ أَبِي بَكرٍ وَعُمَرَ وَعُثمَانَ وَعَلِيٍّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحمَدَ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ، مِيرَاثِ هَؤُلَاءِ الأَكَابِرِ.

نَسأَلُ اللهَ أَن يُثَبِّتَنَا عَلَى الحَقِّ وَيُثَبِّتَ الحَقَّ بِنَا إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ.

مِن عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الَّتِي أَخبَرَ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ وَحَصَلَت بَعدَ زَمَانِهِ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ

قلة الخير في الأمة في آخر الزمان وفساد أهل الشام
رُوِيَ فِي حَدِيثِ التِّرمِذِيِّ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِذَا فَسدَ أَهلُ الشَّامِ فَلَا خَيرَ فِيكُم: لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتِي مَنصُورِينَ لَا يَضُرُّهُم مَن خَذَلَهُم حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ». أَي قَلَّ الخَيرُ فِي الأُمَّةِ.

رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ قَولَ النَّبِيِّ ﷺ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتِي عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ»، وَعَلَّقَ البُخَارِيُّ قَائِلًا: وَهُم أَهلُ الحَدِيثِ، أَي أَهلُ العِلمِ الَّذِينَ يَشتَغِلُونَ بِعِلمِ الرَّسُولِ ﷺ. هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَشتَغِلُونَ بِعِلمِ النَّبِيِّ ﷺ وَالصَّحَابَةِ وَالأَئِمَّةِ الأَربَعَةِ هُمُ المَقصُودُونَ بِحَدِيثِ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتِي عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ»، فِي رِوَايَةٍ قَالَ: «إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ»، يَعنِي إِلَى آخِرِ الزَّمَنِ، فَهَذَا الحَدِيثُ بِإِذنِ اللهِ تَعَالَى يَزِيدُنَا ثَبَاتًا وَطُمَأنِينَةً فِي قُلُوبِنَا عَلَى حَقِّيَّةِ مَنهَجِ النَّبِيِّ ﷺ، فَهَذَا المَنهَجُ مَا زَالَ حَيًّا بَينَ المُسلِمِينَ وَإِن قَلَّ مَن يَدعُو إِلَيهِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ، وَسطَ كَثرَةِ الشُّبُهَاتِ وَكَثرَةِ الهَالِكِينَ وَكَثرَةِ الفِتَنِ.

فَقَد جَعَلَ رَبُّ العَالَمِينَ الطَّائِفَةَ المَنصُورَةَ حُرَّاسَ الدِّينِ، وَصَرَفَ عَنهُم كَيَدَ المُعَانِدِينَ؛ لِتَمَسُّكِهِم بِالشَّرعِ المَتِينِ، وَاقتِفَائِهِم آثَارَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. فَشَأنُهُم حِفظُ الآثَارِ، وَقَطعُ المَفَاوِزِ وَالقِفَارِ، وَرُكُوبُ البَرَارِيِّ وَالَبِحَارِ، فِي اقتِبَاسِ مَا شَرَعَ الرَّسُولُ المُصطَفَى، لَا يُعَرِّجُونَ عَنهُ إِلَى رَأيٍ وَلَا هَوًى. قَبِلُوا شَرِيعَتَهُ قَولًا وَفِعلًا، وَحَرَسُوا سُنَّتَهُ حِفظًا وَنَقَلًا، حَتَّى ثَبَّتُوا بِذَلِكَ أَصلَهَا، وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهلَهَا. وَكَم مِن مُلحِدٍ يَرُومُ أَن يَخلِطَ بِالشَّرِيعَةِ مَا لَيسَ مِنهَا. وَاللَّهُ تَعَالَى يَذُبُّ بِأَصحَابِ الحَدِيثِ عَنهَا. فَهُمُ الحُفَّاظُ لِأَركَانِهَا وَالقَوَّامُونَ بِأَمرِهَا وَشَأنِهَا. ﴿أُولَئِكَ حِزبُ اللهِ أَلَا إِنَّ حِزبَ اللهِ هُمُ المُفلِحُونَ﴾.اهـ

جهاد البيان
فَالثَّابِتُ عَلَى مِنهَاجِ النُّبُوَّةِ هُوَ المُتَمَسِّكُ بِعِلمِ أَهلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، وَهُوَ المُنَاضِلُ المُدَافِعُ عَن دِينِ اللهِ بِالحُجَّةِ وَالدَّلِيلِ وَالبُرهَانِ، وَيَسعَى لِنُصرَةِ مَذهَبِ أَهلِ الحَقِّ بِالكَلِمَةِ وَالبَيَانِ، وَهَذَا هُوَ جِهَادُ البَيَانِ، فَقَد قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِبَعضِ شُعَرَائِهِ: «إِنَّ المُجَاهِدَ مُجَاهِدٌ بِسَيفِهِ وَلِسَانِهِ، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَكَأَنَّ مَا تَرمُونَهُم بِهِ نَضحُ النَّبلِ»، وَهَذَا فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى جِهَادِ البَيَانِ وَأَنَّهُ أَحَدُ الجِهَادَينِ، وَأَنَّ المُؤمِنَ عِندَمَا يُجَاهِدُ الكُفَّارَ بِلِسَانِهِ بِالبَيَانِ وَإِيضَاحِ الحَقِّ وَكَشفِ الشُّبُهَاتِ وَخُصُوصًا -فِي التَّوحِيدِ- فَإِنَّهُ مُجَاهِدٌ بِلِسَانِهِ.

وَهَذَا كَانَ جِهَادَ النَّبِيِّ ﷺ قَبلَ نُزُولِ الإِذنِ بِالجِهَادِ بِالسَّيفِ، وَكَانَ كَذَلِكَ جِهَادَ أَئِمَّةِ الدِّينِ فِي ضَبطِ العِلمِ وَنَشرِهِ وَالرَّدِّ عَلَى أَهلِ الزَّيغِ وَالفَسَادِ، فَقَد كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُنَاظِرُ الدَّهرِيَّةَ وَيَرُدُّ شُبَهَهُم، وَالدَّهرِيَّةُ هُمُ القَائِلُونَ بِأَنَّ هَذَا العَالَمَ وُجِدَ صُدفَةً أَو بِفِعلِ الطَّبِيعَةِ وَأَنَّهُ لَيسَ لَهُ خَالِقٌ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى، وَأَلَّفَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ فِي التَّوحِيدِ رَسَائِلَ فِي الرَّدِّ عَلَيهِم وَعَلَى المُعتَزِلَةِ وَعَلَى المُجَسِّمَةِ الَّذِينَ يَعتَقِدُونَ أَنَّ اللهَ جِسمٌ قَاعِدٌ فَوقَ العَرشِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى، وَقَالَ فِي إِحدَاهَا: وَهُوَ كِتَابُهُ الفِقهُ الأَبسَطُ: «كَانَ اللهُ وَلَا مَكَانَ كَانَ قَبلَ أَن يَخلُقَ الخَلقَ … كَانَ وَلَم يَكُن أَينٌ وَلَا خَلقٌ وَهُوَ خَالِقُ كُلِّ شَىءٍ».

قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِذَا فَسَدَ أَهلُ الشَّامِ فَلَا خَيرَ فِيكُم»، رَوَاهُ الحَافِظُ ابنُ حِبَّانَ، الشَّامُ أَوَّلُهُ مِن عَرِيشِ مِصرَ وَءَاخِرُهُ بَالِسُ، بَالِسُ هَذِهِ بَعدَ حَلَبَ إِلَى جِهَةِ العِرَاقِ، هَذَا كُلُّهُ شَامٌ، مَعنَى الحَدِيثِ إِذَا صَارَ فَسَادٌ فِي الشَّامِ قَلَّ الخَيرُ فِي كُلِّ البِلَادِ الإِسلَامِيَّةِ، وَاليَومَ كَثُرَ الفَسَادُ فِي بَرِّ الشَّامِ.اهـ

السؤال الفقهي
إذا بلع الصائم شيئا من الماء أثناء المضمضة والاستنشاق في الوضوء، فما حكم صومه؟
مَن بَالَغَ فِي المَضمَضَةِ وَالِاستِنشَاقِ فَدَخَلَ المَاءُ إِلَى جَوفِهِ أَفطَرَ.

مختارات من الأدعية والأذكار
كنز من كنوز الجنة
رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ عَن أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ لَهُ: «يَا عَبدَ اللهِ بنَ قَيسٍ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِن كُنُوزِ الجَنَّةِ، قُل: لَا حَولَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ».

الدعاء الختامي
الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِي رَسُولِ اللهِ

اللهم اقسِم لَنَا مِن خَشيَتِكَ مَا يَحُولُ بَينَنَا وَبَينَ مَعَاصِيكَ، وَمِن طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَينَا مُصِيبَاتِ الدُّنيَا، وَمَتِّعنَا بِأَسمَاعِنَا وَأَبصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحيَيتَنَا، وَاجعَلهُ الوَارِثَ مِنَّا، وَاجعَل ثَأرَنَا عَلَى مَن ظَلَمَنَا، وَانصُرنَا عَلَى مَن عَادَانَا، وَلَا تَجعَل مُصِيبتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجعَلِ الدُّنيَا أَكبَر هَمِّنَا، وَلَا مَبلَغَ عِلمِنَا، وَلَا تُسَلِّط عَلَينَا مَن لَا يَرحَمُنَا

اللهم اجعَلنَا مِنَ العُتَقَاءِ مِنَ النَّارِ فِي هَذَا الشَّهرِ الفَضِيلِ نَسأَلُكَ اللهم فَرَجًا قَرِيبًا، وَصَبرًا جَمِيلًا، وَرِزقًا وَاسِعًا، وَنَسأَلُكَ اللهم العَافِيَةَ مِن كُلِّ بَلِيَّةٍ، وَنَسأَلُكَ اللهم تَمَامَ العَافِيَةِ، وَنَسأَلُكَ اللهم دَوَامَ العَافِيَةِ، وَنَسأَلُكَ اللهم السَّلَامَةَ مِن كُلِّ إِثمٍ، وَالغَنِيمَةَ مِن كُلِّ بِرٍّ، وَالفَوزَ بِالجَنَّةِ، وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ.

تَقَبَّلِ اللهم صَالِحَ أَعمَالِنَا وَتَجَاوَزِ اللهم عَن تَقصِيرِنَا، وَلَا حَولَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ اللهم إِنَّا نَسأَلُكَ الأَمنَ يَومَ الوَعِيدِ وَالجَنَّة يَومَ الخُلُودِ مَعَ المُقَرَّبِينَ الشُّهُودِ المُوفِينَ بِالعُهُودِ إِنَّك رَحِيمٌ وَدُودٌ وَأَنتَ تَفعَلُ مَا تُرِيدُ.

اللهم اغفِر لِنَا جِدَّنَا وَهَزلَنَا وَخَطَأَنَا وَعَمدَنَا وَكُلُّ ذَلِكَ عِندَنَا اللهم اغفِر لَنَا مَا قَدَّمنَا وَمَا أَخَّرنَا وَمَا أَسرَرنَا وَمَا أَعلَنَّا وَمَا أَنتَ أَعلَمُ بِهِ مِنَّا أَنتَ المُقَدِّمُ وَأَنتَ المُؤَخِّرُ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ اللهم اغفِر لِلمُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ الأَحيَاءِ مِنهُم وَالأَموَاتِ رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ اللهم اجعَلنَا هُدَاةً مُهتَدِينَ غَيرَ ضَالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ اللهم استُر عَورَاتِنَا وَءَامِن رَوعَاتِنَا وَاكفِنَا مَا أَهَمَّنَا وَقِنَا شَرَّ مَا نَتَخَوَّفُ. يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحمَتِكَ نَستَغِيثُ لَا تَكِلنَا إِلَى أَنفُسِنَا طَرفَةَ عَينٍ وَلَا إِلَى أَحَدٍ مِن خَلقِكَ وَأَصلِح لَنَا شَاننا كُلَّهُ بِرَحمَتِكَ يَا أَرحَمَ الرَّاحِمِينَ

اللهم انصُر إِخوَانَنَا المُجَاهِدِينَ فِي غَزَّةَ وَفِلَسطِينَ، اللهم كُن لَهُم وَلَا تَكُن عَلَيهِم. اللهم انتَقِم مِن أَعدَائِهِم، وَاقذِفِ الرُّعبَ فِي قُلُوبِهِم وَرُدَّ كَيدَهُم فِي نُحُورِهِم. اللهم انصُرِ المُرَابِطِينَ المُستَضعَفِينَ مِن أَهلِ غَزَّةَ وَفِلَسطِينَ.

اللهم إِنَّا نَسأَلُكَ بِاسمِكَ الأَعظَمِ أَن تَحفَظَ المَسجِدَ الأَقصَى؛ فَلَا يُدَنِّسهُ غَاصِبٌ، وَلَا يَعتَدِ عَلَى حُرمَتِهِ ظَالِمٌ يَا جَبَّارَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.

اللهم ارفَعِ البَلَاءَ وَالوَبَاءَ وَالأَمرَاضَ عَنِ المُسلِمِينَ فِي مَشَارِقِ الأَرضِ وَمَغَارِبِهَا إِكرَامًا لِوَجهِ مُحَمَّدٍ ﷺ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللهم تَوَفَّنَا عَلَى كَامِلِ الإِيمَانِ وَارزُقنَا شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ وَمَوتًا فِي بَلَدِ نَبِيِّكَ ﷺ، وَاحشُرنَا عَلَى نُوقٍ رَحَائِلُهَا مِن ذَهَبٍ آمِنِينَ مُطمَئِنِّينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.

اللهم أَعتِقنَا مِنَ النِّيرَانِ يَا اللهُ يَا اللهُ يَا اللهُ، اللهم أَرِنَا لَيلَةَ القَدرِ المُبَارَكَةَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ وَارزُقنَا فِيهَا دَعوَةً مُجَابَةً بِجَاهِ سَيِّدِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ يَا اللهُ. اللهم ارزُقنَا حُسنَ الخِتَامِ وَالمَوتَ عَلَى دِينِكَ دِينِ الإِسلَامِ وَرُؤيَةَ سَيِّدِ الأَنَامِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ﷺ.

اللهم إِنَّا دَعَونَاكَ فَاستَجِب لَنَا دُعَاءَنَا وَاغفِرِ اللهم لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسرَافَنَا فِي أَمرِنَا وَمَا أَنتَ أَعلَمُ بِهِ مِنَّا وَارزُق كُلَّ مَن حَضَرَ وَاستَمَعَ لِلدَّرسِ سُؤلَهُ مِنَ الخَيرِ وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ وَسَلِّم تَسلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَومِ الدِّينِ.

وَآخِرُ دَعوَانَا أَنِ الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ

 

شاهد أيضاً

شرح دعاء “اللهم إني أسألك من الخير كله” ودلالاته في طلب الجنة والوقاية من النار

المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله الذي أنزلَ على عبده الكتاب ولم يجعل لهُ …