أشراط الساعة (٢٠) | علامات قرب خروج السفياني والمهدي

المقدمة

الحَمدُ للهِ المُتَعَالِي عَنِ الأَندَادِ، المُقَدَّسِ عَنِ النَّقَائِصِ وَالأَضدَادِ، المُتَنَزِّهِ عَنِ الصَّاحِبَةِ وَالأَولَادِ، رَافِعِ السَّبعِ الشِّدَادِ، عَالِيَةً بِغَير عِمَادٍ، وَوَاضِعِ الأَرضِ لِلمِهَادِ، مُثَبَّتَةً بِالرَّاسِيَاتِ الأَطوَادِ، المُطَّلِعِ عَلَى سِرِّ القُلُوبِ وَمَكنُونِ الفُؤَادِ، قَدَّرَ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ مِنَ الضَّلَالِ وَالرَشَادِ، جَادَ عَلَى السَّائِلِينَ فَزَادَهُم مِنَ الزَّادِ، وَأَعطَى الكَثِيرَ مِنَ العَامِلِينَ المُخلِصِينَ فِي المُرَادِ، أَحمَدُهُ حَمدًا يَفُوقُ الأَعدَادَ، وَأَشكُرُهُ عَلَى نِعَمِهِ وَكُلَّمَا شُكِرَ زَادَ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ المُلكُ الرَّحِيمُ بِالعِبَادِ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ المَبعُوثُ إِلَى جَمِيعِ الخَلقِ فِي كُلِّ البِلَادِ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى صَاحِبِهِ أَبِي بَكرٍ الَّذِي بَذَلَ مِن نَفسِهِ وَمَالِهِ وَجَادَ، وَعَلَى عُمَرَ الَّذِي بَالَغَ فِي نَصرِ الإِسلَامِ وَأَجَادَ، وَعَلَى عُثمَانَ الَّذِي جهَّزَ جَيشَ العُسرَةِ فَيَا فَخرَهُ يَومَ يَقُومُ الأَشهَادُ، وَعَلَى عَلِيٍّ المَعرُوفِ بِالشَّجَاعَةِ وَالجِلَادِ، وَعَلَى الآلِ وَالأَصحَابِ وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحَسَانٍ إِلَى يَومِ التَّنَادِّ، وَسَلِّم تَسلِيمًا كَثِيرًا، أَمَّا بَعدُ:

تلخيص الفتن والوقائع والأشراط التي ستحصل في ذلك الزمان
عِندَمَا تَشتَدُّ الفِتَنُ وَتَظهَرُ أَغلَبُ أَشرَاطِ السَّاعَةِ الَّتِي أَخبَرَ عَنهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، وَمِن أَشهَرِهَا ظُهُورُ المَهدِيِّ عَلَيهِ السَّلَامُ، وَهُوَ مِنَ المَحَاوِرِ الرَّئِيسَةِ الَّتِي أَتَكَلَّمُ عَنهَا الآنَ، يَحصُلُ قَبلَ ظُهُورِهِ عَلَامَاتٌ وَفِتَنٌ وَبَعدَ ظُهُورِهِ كَذَلِكَ تَحصُلُ وَقَائِعُ وَحَوَادِثُ وَأَشرَاطٌ وَفِتَنٌ، يَنحَسِرُ نَهَرُ الفُرَاتِ عَن جَبَلٍ مِن ذَهَبٍ وَيَكثُرُ الِاقتِتَالُ عَلَى هَذَا المَالِ الكَثِيرِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، ثُمَّ يَظهَرُ السُّفيَانِيُّ فِي عُمقِ دِمَشقَ بِعَلَامَاتٍ وَمُسَمَّيَاتٍ وَأَعوَانٍ يُعرَفُ بِهَا كَمَا أَخبَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَتَشتَدُّ الفِتَنُ وَيَكثُرُ فَسَادُ السُّفيَانِيِّ فِي البِلَادِ وَتَقتِيلُهُ لِلمُسلِمِينَ وَمُجَاهَرَتُهُ بِالفِسقِ وَالفُجُورِ، وَيَظهَرُ المَهدِيُّ بِعَلَامَاتٍ وَإِشَارَاتٍ سَأَذكُرُهَا، وَزَمَنُ المَهدِيِّ يَنقَسِمُ إِلَى أَقسَامٍ، قِسمٌ قَبلَ ظُهُورِهِ لِلنَّاسِ وَنِدَاءِ المَلَائِكَةِ بَينَ يَدَيهِ بِأَنَّهُ خَلِيفَةُ اللهِ المَهدِيُّ، وَقِسمٌ بَعدَ ظُهُورِهِ قَبلَ أَن يَستَقِيمَ لَهُ الأَمرُ، وَقِسمٌ بَعدَ أَن يَملِكَ البِلَادَ وَتَستَقِيمَ لَهُ الأُمُورُ وَيُصلِحَ الفَسَادَ وَالظَّلَامَ الَّذِي كَانَ قَبلَهُ، وَقِسمٌ مِن زَمَانِهِ تَحصُلُ مَعرَكَةٌ عَظِيمَةٌ كَبِيرَةٌ يُسَمِّيهَا أَهلُ التَّارِيخِ: المَلحَمَةَ الكُبرَى، سَنَتَكَلَّمُ عَنهَا، ثُمَّ بَعدَهَا فَتحُ القَسطَنطِينِيَّةِ، ثُمَّ ظُهُورُ الدَّجَّالِ، ثُمَّ يَنزِلُ فِي زَمَانِهِ سَيِّدُنَا المَسِيحُ عِيسَى بنُ مَريَمَ عَلَيهِ وَعَلَى أُمِّهِ السَّلَامُ، ثُمَّ عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ يَقتُلُ الدَّجَّالَ، وَفِي زَمَانِ عِيسَى الَّذِي يَمتَدُّ أَربَعِينَ سَنَةً يَظهَرُ يَأجُوجُ وَمَأجُوجُ وَيَهلِكُونَ، وَبَعدَ هَلَاكِهِم تَطلُعُ الشَّمسُ مِن مَغرِبِهَا، وَبَعدَ طُلُوعِ الشَّمسِ مِن مَغرِبِهَا تَطلُعُ دَابَّةُ الأَرضِ كَمَا أَخبَرَ رَبُّنَا فِي القُرآنِ الكَرِيمِ، ثُمَّ بَقِيَّةُ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الكُبرَى.

فَهَذَا هُوَ التَّرتِيبُ لِآخِرِ الزَّمَانِ وَمَا سَيَحصُلُ، نَقُولُ هَذَا مُصَدِّقِينَ نَبِيَّنَا ﷺ مُؤمِنِينَ بِكُلِّ مَا قَالَهُ أَنَّهُ مُتَحَقِّقُ الوُقُوعِ كَمَا أَخبَرَ لَا يَكذِبُ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَا يَتَخَلَّفُ قَولُهُ وَلَا يَتَخَلَّفُ وَعدُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكُلُّ مَا أَتَى بِهِ الرَّسُولُ فَحَقُّهُ التَّصدِيقُ وَالقَبُولُ. فَسَأَجعَلُ مِحوَرَ كَلَامِي فِي قِصَّةِ وَتَرتِيبِ هَذِهِ الأَحدَاثِ عَلَى المِحوَرِ الرَّئِيسِ وَهُوَ المَهدِيُّ وَمَا يَحصُلُ قَبلَهُ وَبَعدَهُ وَفِي زَمَانِهِ عَلَيهِ السَّلَامُ.

مِن عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الَّتِي أَخبَرَ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ وَلَم تَحصُل بَعدُ

انحسار الفرات عن جبل من ذهب
يَذكُرُ الفُقَهَاءُ استِخلَاصًا مِمَّا جَاءَ فِي الأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ أَنَّ هَذِهِ العَلَامَةَ يَظهَرُ بَعدَهَا المَهدِيُّ، وَهِيَ تَحصُلُ عِندَ نَهَرِ الفُرَاتِ فِي العِرَاقِ، فَقَد ثَبَتَ فِي حَدِيثِ البُخَارِيِّ وَمُسلِمٍ: عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يُوشِكُ الفُرَاتُ أَن يَحسِرَ عَن كَنزٍ مِن ذَهَبٍ، فَمَن حَضَرَهُ فَلَا يَأخُذ مِنهُ شَيئًا» (أَي يَنكَشِفَ لِذَهَابِ مَائِهِ)، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «يَحسِرُ عَن جَبَلٍ مِن ذَهَبٍ». فَفِي بَعضِ الرِّوَايَاتِ جَاءَ بِلَفظِ: «كَنزٍ مِن ذَهَبٍ»، وَفِي بَعضِ الرِّوَايَاتِ: «جَبَلٍ مِن ذَهَبٍ». وَفِي رِوَايَةٍ عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «يَحسِرُ الفُرَاتُ عَن جَبَلٍ مِن ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، فَيُقتَلُ عَلَيهِ مِن كُلِّ تِسعَةٍ سَبعَةٌ، فَإِن أَدرَكتُمُوهُ فَلَا تَقرَبُوهُ». وَرُوِيَ عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: «تَدُومَ الفِتنَةُ الرَّابِعَةُ اثنَي عَشَرَ عَامًا [اللهُ أَعلَمُ عَن أَيِّ فِتنَةٍ هِيَ الَّتِي يَتَكَلَّمُ عَنهَا، لَكِنَّهَا فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ]، تَنجَلِي حِينَ تَنجَلِي وَقَدِ انحَسَرَ الفُرَاتُ عَن جَبَلٍ مِن ذَهَبٍ فَيُقتَلُ عَلَيهِ مِن كُلِّ تِسعَةٍ سَبعَةٌ».

وَرُوِيَ مِن حَدِيثِ عَبدِ اللَّهِ بنِ الحَارِثِ بنِ نَوفَلٍ قَالَ: كُنتُ وَاقِفًا مَعَ أُبَيِّ بنِ كَعبٍ في ظل أُجُمِ حَسَّانَ (الأُجُمُ: كالأُطُمِ وَزنًا وَمَعنًى وَهُوَ الحِصنُ أَوِ البَيتُ المُرتَفِعُ) فَقَالَ: لَا يَزَالُ النَّاسُ مُختَلِفَةً أَعنَاقُهُم فِي طَلَبِ الدُّنيَا، قُلتُ أَجَل قَالَ: إِنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «يُوشِك الفُرَاتُ أَن يَحسِرَ عَن جَبلٍ مِن ذَهَبِ فَإِذَا سَمِعَ بِهِ النَّاسُ سَارُوا إِلَيهِ، فَيَقُولُ مَن عِندَه: لَئِن تَرَكنَا الناسَ يَأخُذُونَ مِنهُ لَيُذهَبَنَّ بِهِ كُلِّهِ، قَالَ فَيَقتَتِلُونَ عَلَيهِ فَيُقتَل مِن كُلِّ مِائَةٍ تِسعَةٌ وَتِسعُونَ». وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحسِرَ الفُرَاتُ عَن جَبَلٍ مِن ذَهَبٍ يَقتَتِلُ النَّاسُ عَلَيهِ، فَيُقتَلُ مِن كُلِّ مِائَةٍ تِسعَةٌ وَتِسعُونَ، وَيَقُولُ كلُّ رَجُلٍ مِنهُم لَعَلِّي أَكون أَنا الَّذِي أَنجُو».

وَبَعدَ هَذِهِ العَلَامَةِ يَظهَرُ السُّفيَانِيُّ مِن عُمْقِ دِمَشقَ.

مِنَ العَلَامَاتِ الَّتِي أَخبَرَ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ وَلَم تَظهَر بَعدُ

خروج السفياني
وَهَذَا السُّفيَانِيُّ يَظهَرُ قَبلَ المَهدِيِّ، وَهُوَ مِن نَسلِ خَالِدِ بنِ يَزِيدَ بنِ أَبِي سُفيَانَ أَخِي مُعَاوِيَةَ، وَهَذَا السُّفيَانِيُّ يُظهِرُ الإِيمَانَ وَالصَّلَاحَ فِي مَبدَأِ أَمرِهِ وَيَخطُبُ عَلَى مَنَابِرِ الشَّامِ ثُمَّ يَظهَرُ مِنهُ الفِسقُ وَالفُجُورُ وَالمُجَاهَرَةُ بِالعِصيَانِ وَيَقتُلُ المُسلِمِينَ حَتَّى يَستَفحِلَ أَمرُهُ وَعِندَمَا يَظهَرُ المَهدِيُّ يُرسِلُ السُّفيَانِيُّ لَهُ جَيشًا فَيُخسَفُ بِهِ بَينَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةَ وَيَهلِكُ السُّفيَانِيُّ وَيَظْهَرُ أَمرُ المَهدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَرَوَى عَن مُحَمَّدِ بنِ جَعفَر بنِ عَلِيٍّ قَالَ: «السُّفيَانِيُّ مِن وَلَدِ خَالِدِ بنِ يَزِيدَ بنِ أَبِي سُفيَانَ، رَجُلٌ ضَخمُ الهَامَةِ، بِوَجهِهِ آثَارُ جُدَرِيٍّ، وَبِعَينِهِ نُكتَةُ بَيَاضٍ، يَخرُجُ مِن نَاحِيَةِ مَدِينَةِ دِمَشقَ فِي وَادٍ يُقَالُ لَهُ وَادِي اليَابِسِ، (قَالَ الزَّبِيدِيُّ: وَوَادِي اليَابِسِ: مَوضِعٌ، قِيلَ إِنَّ مِنهُ يَخرُجُ السُّفيَانِيُّ فِي آخِرِ الزَّمَانِ). يُؤتَى فِي مَنَامِهِ فَيُقَالُ لَهُ: قُم فَاخرُج. فَيَقُومُ فَلَا يَجِدُ أَحَدًا، ثُمَّ يُؤتَى الثَّانِيَةَ فَيُقَالُ لَهُ مِثلُ ذَلِكَ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ فِي الثَّالِثَةِ: قُم فَاخرُج فَانظُر إِلَى بَابِ دَارِكَ. فَيَنحَدِرُ فِي الثَّالِثَةِ إِلَى بَابِ دَارِهِ فَإِذَا هُوَ بِسَبعَةِ نَفَرٍ أَو تِسعَةٍ مَعَهُم لِوَاءٌ فَيَقُولُونَ: نَحنُ أَصحَابُكَ، فَيَخرُجُ فِيهِم وَيَتبَعُهُم نَاسٌ مِن قَريَاتِ الوَادِي، فَيَدخُلُ السُّفيَانِيُّ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ رَاكِبًا دِمَشقَ، وَمَا يَمضِي عَلَيهِ شَهرٌ حَتَّى يَجتَمِعَ عَلَيهِ ثَلَاثُونَ أَلفًا مِن كَلبٍ، وَهُم أَخوَالُهُ.

ثُمَّ إِنَّ السُّفيَانِيَّ يُفسِدُ فِي الأَرضِ وَيُظهِرُ الكُفرَ وَيَقتُل..

وَرَوَى نُعَيمُ بنُ حَمَّادٍ فِي الفِتَنِ أَنَّ السُّفيَانِيُّ يَقتُلُ كُلَّ مَن عَصَاهُ، وَيَنشُرُهُم بِالمَنَاشِيرِ، وَيَطبُخُهُم بِالقُدُورِ، سِتَّةَ أَشهُرٍ».

فَعِندَ ذَلِكَ يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ قَد قَطَعَ عَنكُمُ الجَبَّارِينَ وَالمُنَافِقِينَ وَأَشيَاعَهُم، وَوَلَّاكُم خَيرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَالحَقُوا بِمَكَّةَ، فَإِنَّهُ المَهدِيُّ وَاسمُهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللهِ.

وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي نِهَايَةِ السُّفيَانِيِّ فَإِنَّ السُّفيَانِيَّ يَدخُلُ الكُوفَةَ، فَيَبلُغُهُ ظُهُورُ المَهدِيِّ، فَيَبعَثُ إِلَيهِ، فَيُخسَفُ بِهِم، فَلَا يَنجُو مِنهُم إِلَّا بَشِيرُ المَهدِيِّ، وَنَذِيرُ السُّفيَانِيِّ، فَيُقبِلُ المَهدِيُّ مِن مَكَّةَ، وَالسُّفيَانِيُّ مِنَ الكُوفَةِ نَحوَ الشَّامِ، فَيَتَسَابَقَانِ، فَيَسبِقُ السُّفيَانِيُّ وَيَدخُلُهَا، فَيَبعَثُ المَهدِيُّ جَيشًا لِلسُّفيَانِيِّ، وَيَسِيرُ هُوَ لِبَيتِ المَقدِسِ، يَمكُثُ فِيهِ ثَلَاثَ سِنِينَ، ثُمَّ يَخرُجُ لِلسُّفيَانِيِّ فَيَتَوَجَّهُ إِلَيهِ حَتَّى يَنزِلَ بيسَانَ [وَهِيَ الآنَ غَورُ الأُردُنِّ] وَيُوَجِّهُ إِلَيهِ المَهدِيُّ أَعظَمَ رَايَاتِهِ، فَيَنهَزِمُ وَيُؤخَذُ السُّفيَانِيُّ وَيُؤتَى بِهِ أَسِيرًا، فَيُذبَحُ عَلَى الحَجَرَةِ المُعتَرِضَةِ عَلَى وَجهِ الأَرضِ الَّتِي بِبَطنِ الوَادِي عَلَى طَرَفِ دَرَجِ طُورِ زَيتَا المُقَنطَرَةِ الَّتِي عَلَى يَمِينِ الوَادِي كَمَا تُذبَحُ الشَّاةُ (هَذَا مَا جَاءَ فِي وَصفِ تَفَاصِيلِهِ فِي الأَحَادِيثِ).

رَوَى الحَاكِمُ فِي المُستَدرَكِ عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَخرُجُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: السُّفيَانِيُّ فِي ‌عُمقِ ‌دِمَشقَ، وَعَامَّةُ مَن يَتبَعُهُ مِن كَلبٍ [أَي مِن قَبِيلَةِ كَلبٍ]، فَيَقتُلُ حَتَّى يَبقَرَ بُطُونَ النِّسَاءِ، وَيَقتُلُ الصِّبيَانَ، فَتَجمَعُ لَهُم قَيسٌ [وَهِيَ مِن قَبَائِلِ العَرَبِ] فَيَقتُلُهَا حَتَّى لَا يُمنَعَ ذَنَبُ تَلعَةٍ [قَالَ ابنُ الأَثِيرِ: وَصَفَهُ بِالذُّلِّ وَالضَّعفِ وَقِلَّةِ المَنَعَةِ. وَقَالَ ابنُ مَنظُورٍ: وَمِن أَمثَالِ العَرَبِ: فُلَانٌ لَا ‌يَمنَعُ ‌ذَنَبَ ‌تَلعَةٍ؛ يُضرَبُ لِلرَّجُلِ الذَّلِيلِ الحَقِيرِ]، وَيَخرُجُ رَجُلٌ مِن أَهلِ بَيتِي [يَقصِدُ المَهدِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ] فِي الحَرَّةِ [أَي فِي المَدِينَةِ، فَهُوَ مَدَنِيٌّ وَيُبَايَعُ فِي مَكَّةَ كَمَا سَأَتَكَلَّمُ عَن ذَلِكَ] فَيَبلُغُ السُّفيَانِيَّ، فَيَبعَثُ إِلَيهِ جُندًا مِن جُندِهِ فَيَهزِمُهُم، فَيَسِيرُ إِلَيهِ السُّفيَانِيُّ بِمَن مَعَهُ حَتَّى إِذَا صَارَ بِبَيدَاءَ مِنَ الأَرضِ خُسِفَ بِهِم، فَلَا يَنجُو مِنهُم إِلَّا المُخبِرُ عَنهُم.اهـ

مُلَاحَظَةٌ: فِي التَّارِيخِ هُنَاكَ أَكثَرُ مِن شَخصٍ كَانَ يُلَقَّبُ بِالسُّفيَانِيِّ، وَلَكِنَّهُم كُلَّهُم لَيسُوا المَعنِيِّينَ بِأَحَادِيثِ رَسُولِ اللهِ ﷺ الآنِفَةِ الذِّكرِ.

المهدي عليه السلام
أحاديث المهدي متواترة ورد قول من يقول إن المهدي هو عيسى عليه السلام
لِيُعلَم أَوَّلًا أَنَّ الأَحَادِيثَ الوَارِدَةَ فِيهِ عَلَى اختِلَافِ رِوَايَاتِهَا لَا تَكَادُ تَنحَصِرُ، وَقَد بَلَغَت حَدَّ التَّوَاتُرِ، فَقَد قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الإِسنَوِيُّ فِي كِتَابِ مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ: قَد تَوَاتَرَتِ الأَخبَارُ عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ بِذِكرِ المَهدِيِّ وَأَنَّهُ مِن أَهلِ بَيتِهِ ﷺ.اهـ

إِذًا: إِنَّ أَحَادِيثَ وُجُودِ المَهدِيِّ وَخُرُوجِهِ آخِرَ الزَّمَانِ وَأَنَّهُ مِن عِترَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ مِن وَلَدِ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا بَلَغَت حَدَّ التَّوَاتُرِ المَعنَوِيِّ فَلَا مَعنَى لِإِنكَارِهَا،

فَليُعلَم أَنَّ المُحَدِّثِينَ مُتَّفِقُونَ عَلَى صِحَّةِ حَدِيثِ خُرُوجِ المَهدِيِّ فَقَد صَرَّحَ بِثُبُوتِهِ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ؛ وَالحَافِظُ السَّخَاوِيُّ وَقَالَ: «إِنَّهُ مُتَوَاتِرٌ تَوَاتُرًا مَعنَوِيًّا» انتَهَى، وَأَكثَرُ الأَئِمَّةِ الَِّذيَن أَلَّفُوا فِي الحَدِيثِ وَضَعُوا تَرجَمَةً لِخُرُوجِهِ كَالحَافِظِ نُعَيمِ بنِ حَمَّادٍ وَشَمسِ الدِّينِ مُحَمَّدٍ القُرطُبِيِّ وَأَفرَدَ بَعضُهُمُ التَّألِيفَ فِي أَخبَارِهِ كَيُوسُفَ بنِ يَحيَى السُّلَمِيِّ وَالحَافِظِ السُّيُوطِيِّ.

وَلَا عِبرَةَ بِطَعنِ أُنَاسٍ لَيسُوا مِنَ المُحَدِّثِينَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ عَدَدَ مَن رَوَى حَدِيثَ المَهدِيِّ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُونَ نَفسًا مِنهُم ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَخَمسَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ.

حديث: «لا مهدي إلا عيسى»
قَالَ البَرزَنجِيُّ: فَمَا وَرَدَ فِي بَعضِ الأَحَادِيثِ: أَنَّهُ «لَا مَهدِيَّ إِلَّا عِيسَى ابنُ مَريَمَ»، مَعَ كَونِهِ ضَعِيفًا عِندَ الحُفَّاظِ وتَأوِيلُهُ بِأَنَّهُ لَا قَولَ لِلمَهدِيِّ إِلَّا بِمَشُورَةِ عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ إِن قُلنَا إِنَّهُ وَزِيرُهُ، أَو لَا مَهدِيَّ مَعصُومًا مُطلَقًا إِلَّا عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ، أَو لَا مَهدِيَّ بَعدَ عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ،

وَقَد تَوَاتَرَتِ الأَخبَارُ عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ بِذِكرِ المَهدِيِّ، وَأَنَّهُ مِن أَهلِ بَيتِهِ. وَالأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى خُرُوجِ المَهدِيِّ أَصَحُّ إِسنَادًا، كَحَدِيثِ ابنِ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: «لَو لَم يَبقَ عَلَى الدُّنيَا إِلَّا يَومٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ اليَومَ حَتَّى يُبعَثَ رَجُلٌ مِنِّي»، أَو: «مِن أَهلِ بَيتِي»، الحَدِيثَ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِي البَابِ: عَن عَلِيٍّ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَأَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُم، ثُمَّ رَوَى حَدِيثَ أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ وَقَالَ: صَحِيحٌ.اهـ

قَالَ القُرطُبِيُّ: وَقِيلَ: المَهدِيُّ هُوَ عِيسَى فَقَط، وَهُوَ غَيرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الأَخبَارَ الصِّحَاحَ قَد تَوَاتَرَت عَلَى أَنَّ المَهدِيَّ مِن عِترَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؛ فَلَا يَجُوزُ حَملُهُ عَلَى عِيسَى. وَالحَدِيثُ الَّذِي وَرَدَ فِي أَنَّهُ: «لَا مَهدِيَّ إِلَّا عِيسَى» غَيرُ صَحِيحٍ. قَالَ البَيهَقِي فِي كِتَابِ البَعثِ وَالنُّشُورِ: لِأَنَّ رَاوِيَهُ مُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ الجَنَدِيُّ وَهُوَ مَجهُولٌ، يَروِي عَن أَبَانَ بنِ أَبِي عَيَّاشٍ وَهُوَ مَترُوكٌ عَنِ الحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَهُوَ مُنقَطِعٌ. وَالأَحَادِيثُ الَّتِي قَبلَهُ فِي التَّنصِيصِ عَلَى خُرُوجِ المَهدِيِّ، وَفِيهَا بَيَانُ كَونِ المَهدِيِّ مِن عِترَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَصَحُّ إِسنَادًا.

وَقَالَ مُلَّا عَلِيٌّ القَارِي: ثُمَّ اعلَم أَنَّ حَدِيثَ: «لَا مَهدِيَّ إِلَّا عِيسَى ابنُ مَريَمَ». ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ المُحَدِّثِينَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الجَزَرِيُّ.

اسم المهدي ونسبه، ومولده، ومبايعته، ومهاجره، وحليته، وسيرته
أَمَّا اسمُهُ: فَفِي أَكثَرِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ: مُحَمَّدٌ، وَفِي بَعضِهَا أَنَّهُ: أَحمَدُ، وَاسمُ أَبِيهِ عَبدُ اللهِ، فَقَد صَحَّ عَنهُ ﷺ، كَمَا عِندَ أَبِي دَاوُدَ، وَالتِّرمِذِيِّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَرُوِيَ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّهُ قَالَ: «يُوَاطِئُ – أَي: يُوَافِقُ – اسمُهُ اسمِي، وَاسمُ أَبِيهِ اسمَ أَبِي».

وَلَقَبُهُ: المَهدِيُّ، لِأَنَّ اللهَ هَدَاهُ لِلحَقِّ، وَالجَابِرُ: لِأَنَّهُ يَجبُرُ قُلُوبَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، أَو لِأَنَّهُ يَجبُرُ أَي يَقهَرُ الجَبَّارِينَ وَالظَّالِمِينَ وَيَقصِمُهُم.

وَكُنيَتُهُ: أَبُو عَبدِ اللهِ، وَفِي الشِّفَا لِلقَاضِي عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللهُ: أَنَّ كُنيَتَهُ أَبُو القَاسِمِ، وَأَنَّهُ جَمعٌ لَهُ بَينَ كُنيَةِ النَّبِيِّ ﷺ وَاسمِهِ.

وَأَمَّا نَسَبُهُ: فَإِنَّهُ مِن أَهلِ بَيتِ النَّبِيِّ ﷺ. ثُمَّ الَّذِي فِي الرِّوَايَاتِ الكَثِيرَةِ الصَّحِيحَةِ الشَّهِيرَةِ: أَنَّهُ مِن وَلَدِ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا، حَسَنِيٌّ أَو حُسَينِيٌّ.

وَأَمَّا مَولِدُهُ: فَإِنَّهُ يُولَدُ بِالمَدِينَةِ، رَوَاهُ نُعَيمُ بنُ حَمَّادٍ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ.

وَأَمَّا مُبَايَعَتُهُ: فَإِنَّهُ يُبَايَعُ فِي مَكَّةَ بَينَ الرُّكنِ وَالمَقَامِ لَيلَةَ عَاشُورَاءَ، كَمَا ذَكَرَ بَعضُ الفُقَهَاءِ، وَهُنَا نَتَكَلَّمُ عَن مُبَايَعَتِهِ وَلَيسَ عَن خُرُوجِهِ أَمَّا وَقتُ خُرُوجِهِ فَلَمْ يُذكَرْ.

وَأَمَّا صِفَتُهُ الخَلقِيَّةُ: فَإِنَّهُ آدَمُ [هُوَ الأَسمَرُ شَدِيدُ السُّمرَةِ، أَو هُوَ الَّذِي لَونُهُ لَونُ الأَرضِ، وَبِهِ سُمِّيَ آدَمُ عَلَيهِ السَّلَامُ] ضَربٌ مِنَ الرِّجَالِ [هُوَ الخَفِيفُ اللَّحمِ المَمشُوقُ المُستَدِقُّ] رَبعَةٌ [هُوَ بَينَ الطَّوِيلِ وَالقَصِيرِ]، أَجلَى الجَبهَةِ [هُوَ الخَفِيفُ شَعَرِ النَّزعَتَينِ مِنَ الصُّدغَينِ، وَالَّذِي انحَسَرَ الشَّعَرُ عَن جَبهَتِهِ]، أَقنَى الأَنفِ [القَنَا فِي الأَنفِ: طُولُهُ وَدِقَّةُ أَرنَبَتِهِ]، أَشَمُّهُ [يُقَالُ: فُلَانٌ أَشَمُّ الأَنفِ، إِذَا كَانَ عِرنِينُهُ رَفِيعًا]، أَزَجُّ [الزَّجَجُ: هُوَ تَقوِيسٌ فِي الحَاجِبِ مَعَ طُولٍ فِي طَرَفِهِ وَامتِدَادٍ]، أَبلَجُ [هُوَ المُشرِقُ اللَّونِ مُسفِرُهُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي وَضَحَ مَا بَينَ حَاجِبَيهِ فَلَم يَقتَرِنَا]، أَعيَنُ [الأَعيَنُ: الوَاسِعُ العَينِ]، أَكحَلُ العَينَينِ [«الكَحَلُ» بِفَتحَتَينِ: سَوَادٌ فِي أَجفَانِ العَينِ خِلَقَةٌ مِن غَيرِ اكتِحَالٍ، وَالرَّجُلُ أَكحَلُ، وَالمَرأَةُ كَحلَاءُ]، بَرَّاقُ الثَّنَايَا [أَي: لَهَا بَرِيقٌ وَلَمَعَانٌ مِن شِدَّةِ بَيَاضِهَا]، أَفرَقُهَا [أَي: ثَنَايَاهُ مُتَبَاعِدَةٌ لَيسَت مُتَلَاصِقَةً]، فِي خَدِّهِ الأَيمَنِ خَالٌ أَسوَدُ، يُضِيءُ وَجهُهُ كَأَنَّهُ كَوكَبٌ دُرِّيٌّ، كَثُّ اللِّحيَةِ، ابنُ أَربَعِينَ سَنَةً. خَاشِعٌ للهِ خُشُوعَ النَّسرِ بِجَنَاحَيهِ.

الاقتتال في منى قبيل خروج المهدي والبحث عن المهدي
وَمِنَ العَلَامَاتِ الَّتِي تَسبِقُ خُرُوجَهُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّهُ يَحُجُّ النَّاسُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، أَعنِي: سَنَةَ خُرُوجِهِ مِن غَيرِ أَمِيرٍ، فَيَطُوفُونَ جَمِيعًا فَإِذَا نَزَلُوا مِنًى ثَارَ النَّاسُ فَيَثُورُ القَبَائِلُ بَعضُهُم عَلَى بَعضٍ فَيَقتَتِلُونَ، وَيُنهَبُ الحَاجُّ، وَتَسِيلُ الدِّمَاءُ عَلَى جَمرَةِ العَقَبَةِ، وَيَأتِي سَبعَةُ رِجَالٍ عُلَمَاءَ مِن آفَاقٍ شَتَّى عَلَى غَيرِ مِيعَادٍ، وَقَد بَايَعَ لِكُلٍّ مِنهُم ثَلَاثُمِائَةٍ وَبِضعَةَ عَشَرَ، فَيَجتَمِعُونَ بِمَكَّةَ وَيَقُولُ بَعضُهُم لِبَعضٍ: مَا جَاءَ بِكُم؟ فَيَقُولُونَ: جِئنَا فِي طَلَبِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَنبَغِي أَن تَهدَأَ عَلَى يَدَيهِ الفِتَنُ، وَيُفتَحَ لَهُ القُسطَنطِينِيَّةَ، قَد عَرَفنَاهُ بِاسمِهِ وَاسمِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ [يَقصِدُونَ المَهدِيَّ عَلَيهِ السَّلَامُ].

فَيَتَّفِقُ السَّبعَةُ عَلَى ذَلِكَ فَيَطلُبُونَهُ بِمَكَّةَ وَيَقُولُونَ له بعد الاجتماع به: لَا بُدَّ أَن تَمُدَّ يَدَكَ لِنُبَايِعَكَ، هَذَا عَسكَرُ السُّفيَانِيِّ قَد تَوَجَّهَ فِي طَلَبِنَا عَلَيهِم رَجُلٌ مِن قَبِيلَةِ حَزمٍ. فَيَجلِسُ بَينَ الرُّكنِ وَالمَقَامِ وَيَمُدُّ يَدَهُ فَيُبَايَعُ، فَيَظهَرُ عِندَ صَلَاةِ العِشَاءِ مَعَ رَايَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَقَمِيصِهِ وَسَيفِهِ. فَإِذَا صَلَّى العِشَاءَ أَتَى المَقَامَ فَصَلَّى رَكعَتَينِ وَصَعِدَ المِنبَرَ وَنَادَي بِأَعلَى صَوتِهِ: أُذَكِّرُكُمُ اللهَ أَيُّهَا النَّاسُ وَمَقَامَكُم بَينَ يَدَي رَبِّكُم. وَيَخطُبُ خُطبَةً طَوِيلَةً يُرَغِّبُهُم فِيهَا فِي إِحيَاءِ السُّنَنِ وَإِمَاتَةِ البِدَعِ، فَيَظهَرُ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا عَدَدِ أَهلِ بَدرٍ وَعَدَدِ أَصحَابِ طَالُوتَ حِينَ جَاوَزُوا مَعَهُ النَّهرَ، مِن أَبدَالِ الشَّامِ وَعَصَائِبِ أَهلِ العِرَاقِ وَنَجَائِبِ مِصْرَ يَقُولُ رَسُولُ اللهِ ﷺ هُنَا عِندَ ذِكرِهِم: «إِنِّي لَأَعرِفُ اسمَ أَمِيرِهِم، وَمُنَاخَ رِكَابِهِم» كَالرُّهبَانِ بِاللَّيلِ كَالأُسُودِ بِالنَّهَارِ، وَيَأتِيهِم جَيشُ صَاحِبِ المَدِينَةِ فَيُقَاتِلُونَهُ فَيَهزِمُونَهُم وَيَتبَعُونَهُم حَتَّى يَدخُلُوا المَدِينَةَ وَيَستَنقِذُوهَا مِن أَيدِيهِم.

العلامات التي يُعرف بها والأمارات الدالة على قرب خروجه عليه السلام
أَمَّا العَلَامَاتُ: فَمِنهَا: أَنَّ مَعَهُ قَمِيصُ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَسَيفُهُ وَرَايَتُهُ مِن مِرطٍ (المِرطُ كِسَاءٌ مِن صُوفٍ) مُحَمَّلَةً مُعَلَّمَةً سَودَاءَ، فِيهَا عَلَامَاتٌ لَم تُنشَر [أَي لَم تُفتَح هَذِهِ الرَّايَةُ] مُنذُ تُوُفِّيَ ﷺ، وَلَا تُنشَرُ حَتَّى يَخرُجَ المَهدِيُّ، مَكتُوبٌ عَلَى رَايَتِهِ: البَيعَةُ للهِ.

وَمِنهَا: أَنَّ عَلَى رَأسِهِ مُنَادٍ يُنَادِي: هَذَا المَهدِيُّ خَلِيفَةُ اللهِ فَاتَّبِعُوهُ.

وَمِنهَا: أَنَّهُ يَغرِسُ قَضِيبًا يَابِسًا فِي أَرضٍ يَابِسَةٍ فَيَخضَرُّ وَيُورِقُ.

وَمِنهَا: أَنَّهُ يُطلَبُ مِنهُ آيَةٌ، فَيُومِئُ بِيَدِهِ إِلَى طَيرٍ فِي الهَوَاءِ فَيَسقُطُ عَلَى يَدِهِ.

وَمِنهَا: أَنَّهُ يُخسَفُ بِجَيشٍ يَقصِدُونَهُ بِالبَيدَاءِ بَينَ المَدِينَةِ وَمَكَّةَ.

وَمِنهَا: أَنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ قَد قَطَعَ عَنكُمُ الجَبَّارِينَ وَالمُنَافِقِينَ وَأَشيَاعَهُم، وَوَلَّاكُم خَيرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَالحَقُوا بِمَكَّةَ، فَإِنَّهُ المَهدِيُّ، وَاسمُهُ: أَحمَدُ بنُ عَبدِ اللهِ، وَفِي رِوَايَةٍ: وَوَلَّاكُمُ الجَابِرَ خَيرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، الحَقُوهُ بِمَكَّةَ، فَإِنَّهُ المَهدِيُّ، وَاسمُهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللهِ.

وَمِنهَا: أَنَّهُ تَأتِي الرَّايَاتُ السُّودُ مِن خُرَاسَانَ فَيُرسِلُونَ إِلَيهِ بِالبَيعَةِ. وَعَن عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «المَهدِيُّ مِنَّا أَهلَ البَيتِ، يُصلِحُهُ اللهُ فِي لَيلَةٍ» رَوَاهُ ابنُ مَاجَه. أَي يُصلِحُ أَمرَهُ وَيَرفَعُ قَدرَهُ فِي لَيلَةٍ وَاحِدَةٍ أَو فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ اللَّيلِ حَيثُ يَتَّفِقُ عَلَى خِلَافَتِهِ أَهلُ الحَلِّ وَالعَقدِ فِيهَا.

وَمِنهَا: أَنَّهُ يَجتَمِعُ بِعِيسَى ابنِ مَريَمَ عَلَيهِمَا السَّلَامُ، وَيُصَلِّي عِيسَى خَلفَهُ فِي بِدَايَةِ الأَمرِ. وَفِي أَيَّامِ المَهدِيِّ تَحصُلُ مَجَاعَةٌ، وَالمُؤمِنُ الكَاملِ فِي ذَلِكَ الوَقتِ يَشبَعُ بِالتَّسبِيحِ وَالتَّقدِيسِ أَي بِذِكرِ اللهِ وَتَعظِيمِهِ.

وَأَمَّا سِيرَتُهُ: فَإِنَّهُ يَعمَلُ بِسُنَّةِ النَّبِيِّ ﷺ، لَا يُهرِيقُ دَمًا بِغَيرِ حَقٍّ، يُقَاتِلُ عَلَى السُّنَّةِ، لَا يَترُكُ سُنَّةً إِلَّا أَقَامَهَا، وَلَا بِدعَةً إِلَّا أَزَالَهَا، يَقُومُ بِالدِّينِ آخِرَ الزَّمَانِ كَمَا قَامَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ أَوَّلَهُ، يَملِكُ الدُّنيَا كُلَّهَا كَمَا مَلَكَ ذُو القَرنَينِ وَسُلَيمَانُ. يَملَأُ الأَرضَ قِسطًا وَعَدلًا كَمَا مُلِئَت ظُلمًا وَجَورًا، يَحثُو المَالَ حَثيًا وَلَا يَعُدُّهُ عَدًّا، يَقسِمُ المَالَ صِحَاحًا بِالسَّوِيَّةِ، يَرضَى عَنهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ (أَي مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ) وَسَاكِنُ الأَرضِ وَالطَّيرُ فِي الجَوِّ وَالوَحشُ فِي القَفرِ وَالحِيتَانُ فِي البَحرِ.

وَيَملَأُ قُلُوبَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ غِنًى حَتَّى إِنَّهُ يَأمُرُ مُنَادِيًا يُنَادِي: أَلَا مَن لَهُ حَاجَةٌ فِي المَالِ، فَلَا يَأتِيهِ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَيَقُولُ: أَنَا. فَيَقُولُ: ائتِ السَّادِنَ – يَعنِي: الخَازِنَ – فَقُل لَهُ: إِنَّ المَهدِيَّ يَأمُرُكَ أَن تُعطِيَنِي مَالًا. فَيَقُولُ لَهُ: احثُ، حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ فِي حِجرِهِ وَأَبرَزَهُ نَدِمَ، قَالَ: فَيَرُدُّهُ فَلَا يَقبَلُ مِنهُ، فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّا لَا نَأخُذُ شَيئًا أَعطَينَاهُ. وَتَنعَمُ الأُمَّةُ فِي زَمَنِهِ نِعمَةً لَم يُسمَع بِمِثلِهَا قَطُّ، تُرسَلُ السَّمَاءُ عَلَيهِم مِدرَارًا لَا تَدَّخِرُ شَيئًا مِن قَطرِهَا، تُؤتِي الأَرضُ أُكُلَهَا لَا تَدَّخِرُ عَنهُم شَيئًا مِن بَذرِهَا، تَجرِي عَلَى يَدَيهِ المَلَاحِمُ، يَستَخرِجُ الكُنُوزَ، وَيَفتَحُ المَدَائِنَ مَا بَينَ الخَافِقَينِ، يُؤتَى إِلَيهِ بِمُلُوكِ الهِندِ مَغلُولِينَ، وَتُجعَلُ خَزَائِنُهُم حُلِيًّا لِبَيتِ المَقدِسِ، يَأوِي إِلَيهِ النَّاسُ كَمَا تَأوِي النَّحلُ إِلَى يَعسُوبِهَا (‌اليَعسُوبُ فَحلُ النَّحلِ وَسَيِّدُهَا) حَتَّى يَكُونَ النَّاسُ عَلَى مِثلِ أَمرِهِمُ الأَوَّلِ. يَمُدُّهُ اللهُ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ المَلَائِكَةِ يَضرِبُونَ وُجُوهَ مُخَالِفِيهِ وَأَدبَارَهُم تَرعَى الشَّاةُ وَالذِّئبُ فِي زَمَنِهِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَتَلعَبُ الصِّبيَانُ بِالحَيَّاتِ وَالعَقَارِبِ لَا تَضُرُّهُم شَيئًا، وَيَزرَعُ الإِنسَانُ مُدًّا يَخرُجُ لَهُ سَبعُمِائَةِ مُدٍّ. وَيُرفَعُ الرِّبَا، وَالزِّنَا، وَشُربُ الخَمرِ، وَتَطُولُ الأَعمَارُ، وَتُؤَدَّى الأَمَانَةُ، وَتَهلِكُ الأَشرَارُ، مَكتُوبٌ فِي أَسفَارِ الأَنبِيَاءِ: «المَهدِيُّ مَا فِي حُكمِهِ ظُلمٌ وَلَا عَيبٌ»، قَالَ ابنُ حَجَرٍ الهَيتَمِيُّ: وَلَا يُنَافِي هَذَا أَنَّ عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ يَفعَلُ بَعضَ مَا ذُكِرَ إِذ لَا مَانِعَ أَنَّ كُلًّا مِنهُمَا يَفعَلُهُ.

وَأَمَّا وَقتُ ظُهُورِهِ عَلَى التَّحدِيدِ: فَلَم يُعَيِّنهُ الرَّسُولُ ﷺ فَنَحنُ لَا نُعَيِّنُ، وَلَكِن لَهُ عَلَامَاتٌ عَلَى ظُهُورِهِ وَأَكبَرُهَا أَن تَمتَلِئَ الأَرضُ ظُلمًا وَجَورًا؛ وَقَدِ امتَلَأَت.

ثُمَّ تَتَمَهَّدُ الأَرضُ لِلمَهدِيِّ، وَيُلقِي الإِسلَامُ بِجِرَانِهِ، وَيَدخُلُ فِي طَاعَتِهِ مُلُوكُ الأَرضِ كُلُّهُم.

مدة بقاء المهدي عليه السلام
قَالَ بَعضُ الفُقَهَاءِ: مُدَّةُ بَقَائِهِ سَبعُ سَنَوَاتٍ، وَالتَّحدِيدُ بِالسَّبعِ بِاعتِبَارِ مُدَّةِ استِيلَائِهِ عَلَى جَمِيعِ المَعمُورَةِ. فَيَكُونُ مَعنَى الحَدِيثِ: أَنَّهُ يَملِكُ سَبعًا مُلكًا كَامِلًا لِجَمِيعِ الأَرضِ، وَذَلِكَ بَعدَ فَتحِهِ لِكُلِّ البِلَادِ.

بعض من يدعي المهدوية عبر الزمن
وَالمَهدِيُّ الَّذِي نَتَكَلَّمُ عَنهُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ثَابِتُ الخُرُوجِ وَهُوَ المَقصُودُ بِمَا ذَكَرنَاهُ عِندَ أَهلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، وَقَد خَرَجَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِي التَّارِيخِ وَقَالَ كَثِيرٌ مِنَ الجَمَاعَاتِ غَيرِ أَهلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ يَزعُمُونَ أَنَّهُ ظَهَرَ مِنهُمُ المَهدِيُّ وَهَذَا مِنَ القُرُونِ الأُولَى، وَكُلُّهُ كَذِبٌ وَافتِرَاءٌ.

الرافضة والإمامية أي الشيعة لهم قول آخر في المهدي
وَهُوَ أَنَّ المَهدِيَّ هُوَ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ العَسكَرِيُّ المُنتَظَرُ، مِن وَلَدِ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ، لَا مِن وَلَدِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، الحَاضِرِ فِي الأَمصَارِ الغَائِبِ عَنِ الأَبصَارِ، دَخَلَ سِردَابَ سَامِرَّاءَ طِفلًا صَغِيرًا مِن أَكثَرَ مِن أَلفِ سَنَةٍ، فَلَم تَرَهُ بَعدَ ذَلِكَ عَينٌ وَلَم يُحَسَّ عَنهُ بِخَبَرٍ، وَفِي بَعضِ الأَزمَانِ أَنَّهُم يَنتَظِرُونَهُ كُلَّ يَومٍ وَيَقِفُونَ بِالخَيلِ عَلَى بَابِ السِّردَابِ وَيَصِيحُونَ بِهِ: أَنِ اخرُج يَا مَولَانَا، اخرُج يَا مَولَانَا، ثُمَّ يَرجِعُونَ بِالخَيبَةِ وَالحِرمَانِ، فَهَذَا دَأبُهُم. وَلَقَد رد عليهم شاعر فقال:

مَا آنَ لِلسَّردَابِ أَن يَلِدَ الَّذِي *** كَلَّمتُمُوهُ لِجَهلِكُم مَا آنَا

فَعَلَى عُقُولِكُمُ العَفَاءُ فَإِنَّكُم *** ثَلَّثتُمُ العَنقَاءَ وَالغِيلَانَا

قَالَ البَرزَنجِيُّ: وَلَقَد أَصبَحَ هَؤُلَاءِ عَارًا عَلَى بَنِي آدَمَ، وَضِحكَةٌ يَسخَرُ مِنهَا كُلُّ عَاقِلٍ.

ثُمَّ خَرَجَ المُلحِدُ عُبَيدُ اللهِ بنُ مَيمُونَ القَدَّاحُ، وَكَانَ جَدُّهُ يَهُودِيًّا مِن بِنتِ مَجُوسِيٍّ، فَانتَسَبَ بِالكَذِبِ وَالزُّورِ إِلَى أَهلِ البَيتِ، وَادَّعَى أَنَّهُ المَهدِيُّ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ، وَمَلَكَ وَتَغَلَّبَ وَاستَفحَلَ أَمرُهُ إِلَى أَنِ استَولَت ذُرِّيَّتُهُ المَلَاحِدَةُ المُنَافِقُونَ الَّذِينَ كَانُوا أَعظَمَ النَّاسِ عَدَاوَةً للهِ وَرَسُولِهِ عَلَى بِلَادِ المَغرِبِ وَمِصرَ وَالحِجَازِ وَالشَّامِ، وَاشتَدَّت غُربَةُ الإِسلَامِ وَمِحنَتُهُ وَمُصِيبَتُهُ، وَكَانُوا يَدَّعُونَ الإِلَهِيَّةَ وَيَدَّعُونَ أَنَّ لِلشَّرِيعَةِ بَاطِنًا يُخَالِفُ ظَاهِرَهَا، وَهُم مُلُوكُ الفَاطِمِيَّةِ البَاطِنِيَّةِ أَعدَاءِ الدِّينِ، وَلَم يَزَل أَمرُهُم ظَاهِرًا إِلَى أَن أَنقَذَ اللهُ الأُمَّةَ وَنَصَرَ الإِسلَامَ بِصَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ بنِ أَيُّوبَ وَهُوَ صَلَاحُ الدِّينِ الأَيُّوبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ وَرَضِيَ عَنهُ، فَاستَنقَذَ المِلَّةَ الإِسلَامِيَّةَ مِنهُم وَأَبَادَهُم وَأَزَالَ مُلكَهُم، وَعَادَت مِصرُ دَارَ إِسلَامٍ بَعدَ أَن كَانَت دَارَ نِفاقٍ وَإِلحَادٍ فِي زَمَنِهِم.

ادعاء غلام أحمد المهدوية
وَهَذَا غُلَامُ أَحمَد القَادِيَانِيُّ يَقُولُ: «أَنَا المَهدِيُّ المَوعُودُ وَالمَسِيحُ المَعهُودُ»، يَدَّعِي الأَمرَينِ، فَيُكَذِّبُ بِنُزُولِ المَسِيحِ عِيسَى بنِ مَريَمَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرضِ لِيَحكُمَ بِشَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ فِي الأَرضِ ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُدفَنُ عِندَ الرَّسُولِ، يُنكِرُ هَذَا، وَيُنكِرُ رَجُلًا يُخرِجُهُ اللهُ تَعَالَى مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ اسمُهُ اسمُ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَاسمُ أَبِيهِ اسمُ أَبِي سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الَّذِي هُوَ مِن ذُرِّيَّةِ النَّبِيِّ ﷺ، إِمَّا حَسَنِيٌّ وَإِمَّا حُسَينِيٌّ، فَغُلَام أَحمَد يُنكِرُ هَذَا وَيَقُولُ «أَنَا المَهدِيُّ المَوعُودُ وَالمَسِيحُ المَعهُودُ»، وَكُلٌّ مِن هَذِهِ الكَلِمَاتِ مِن كَلِمَاتِهِم لَا يَجُوزُ اعتِقَادُهَا، وَهَؤُلَاءِ لَيسَ لَهُم نَصِيبٌ فِي الإِسلَامِ. وَقَد كَفَّرَهُمُ العُلَمَاءُ فِي بَاكِستَانَ بِالإِجمَاعِ.

وَقَد ثَبَتَ عَن غُلَام أَحمَد أَنَّهُ مَاتَ فِي بَيتِ الخَلَاءِ مَنكُوسًا رَأسُهُ إِلَى أَسفَلَ، فَضَحَهُ اللهُ تَعَالَى، وَالحَمدُ للهِ خَفَّت فِتنَتُهُ.

وَهَؤُلَاءِ القَادِيَانِيَّةُ لَهُمُ انتِشَارٌ فِي أَفرِيقيَا وَفِي أُورُوبَّا حَتَّى إِنَّهُم كَانَ لَهُم فِي فِلَسطِينَ دَاعٍ كَبِيرٌ فِي حَيفَا، وَكَانَ لَهُم دَاعٍ فِي دِمَشقَ.

ادعاء رجل بالهند المهدوية
وَقَد ذَكَرَ الشَّيخُ عَلِيٌّ المُتَّقِي فِي رِسَالَةٍ لَهُ فِي أَمرِ المَهدِيِّ أَنَّ فِي زَمَانِهِ خَرَجَ رَجُلٌ بِالهِندِ ادَّعَى أَنَّهُ المَهدِيُّ المُنتَظَرُ وَاتَّبَعَهُ خَلقٌ كَثِيرٌ، وَظَهَرَ أَمرُهُ وَطَارَ صِيتُهُ، ثُمَّ إِنَّهُ مَاتَ بَعدَ مُدَّةٍ، وَأَنَّ أَتبَاعَهُ لَم يَرجِعُوا عَنِ اعتِقَادِهِم. وَقَد قَالَ كَثِيرٌ مِنَ القَادِمِينَ مِن بِلَادِ الهِندِ إِلَى الحَرَمَينِ مِنَ العُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ أَنَّ أُولَئِكَ القَومَ عَلَى ذَلِكَ الِاعتِقَادِ الخَبِيثِ، وَأَنَّهُم يُعرَفُونَ بِالمَهدَوِيَّةِ، وَرُبَّمَا سُمُّوا بِالقِتَالِيَّةِ، لِأَنَّ كُلَّ مَن قَالَ لَهُم: إِنَّ اعتِقَادَكُم بَاطِلٌ قَتَلُوهُ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ الوَاحِدَ مِنهُم يَكُونُ بَينَ الجَمعِ الكَثِيرِ مِنَ المُسلِمِينَ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ: إِنَّ اعتِقَادَكَ بَاطِلٌ قَتَلَ القَائِلَ وَلَا يُبَالِى أَيُقتَلُ أَو يَسلَمُ، وَهُم خَلقٌ كَثِيرٌ.

فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ ادَّعَوُا المَهدِيَّةَ بِالبَاطِلِ وَاتَّبَعَهُم بَعضُ السُّفَهَاءِ وَحَصَلَت مِنهُم فِتَنٌ وَفَسَادٌ كَثِيرٌ فِي الدِّينِ.

ضلالات الروافض وخرافاتهم
وَهَؤُلَاءِ الرَّافِضَةُ يَقُولُونَ بِعِصمَةِ الأَئِمَّةِ، أَي يَقُولُونَ بِأَنَّ الأَئِمَّةَ الِاثنَا عَشَرَ مَعصُومُونَ.

قَالَ أَهلُ التَّرَاجِمِ فِي تَرجَمَةِ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ: مَولَانَا الإِمَامُ عَلِيٌّ: مِنَ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، المَشهُودِ لَهُمْ بِالجَنَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، نُحِبُّهُ أَشَدَّ الحُبِّ، وَلَا نَدَّعِي عِصمَتَهُ، وَلَا عِصمَةَ أَبِي بَكرٍ الصِّدِّيقِ.

وَابنَاهُ الحَسَنُ وَالحُسَينُ: فَسِبطَا رَسُولِ اللهِ ﷺ وَسَيِّدَا شَبَابِ أَهلِ الجَنَّةِ، لَوِ استُخْلِفَا لَكَانَا أَهلًا لِذَلِكَ.

وَزَينُ العَابِدِينَ: كَبِيرُ القَدرِ، مِنْ سَادَةِ العُلَمَاءِ العَامِلِينَ، يَصلُحُ لِلإِمَامَةِ.

وَكَذَلِكَ ابنُهُ أَبُو جَعفَرٍ البَاقِرُ: سَيِّدٌ إِمَامٌ، فَقِيهٌ، يَصلُحُ لِلخِلَافَةِ.

وَكَذَا وَلَدُهُ جَعفَرٌ الصَّادِقُ: كَبِيرُ الشَّأنِ، مِن أَئِمَّةِ العِلْمِ، كَانَ أَولَى بِالأَمرِ مِن أَبِي جَعفَرٍ المَنصُورِ.

وَكَانَ وَلَدُهُ مُوسَى: كَبِيرَ القَدرِ، جَيِّدَ العِلمِ، أَولَى بِالخِلَافَةِ مِن هَارُونَ، وَلَهُ نُظَرَاءُ فِي الشَّرَفِ وَالفَضلِ.

وَابنُهُ عَلِيُّ بنُ مُوسَى الرِّضَا: كَبِيرُ الشَّأنِ، لَهُ عِلمٌ وَبَيَانٌ، وَوَقَعَ فِي النُّفُوسِ، صَيَّرَهُ المَأمُونُ وَلِيَّ عَهدِهِ لِجَلَالَتِهِ، فَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَمِائَتَينِ.

وَابنُهُ مُحَمَّدُ الجَوَادُ: مِن سَادَةِ قَومِهِ، لَم يَبلُغْ رُتبَةَ آبَائِهِ فِي العِلمِ وَالفِقهِ.

وَكَذَلِكَ وَلَدُهُ المُلَقَّبُ بِالهَادِي: شَرِيفٌ جَلِيلٌ.

وَكَذَلِكَ ابنُهُ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ العَسكَرِيُّ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى.

فَأَمَّا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ هَذَا: فَقَد قِيلَ إِنَّ الحَسَنَ مَاتَ عَن غَيرِ عَقِبٍ.اهـ

وَبَعضُهُم يَقُولُ بِتَفضِيلِ الأَئِمَّةِ عَلَى الأَنبِيَاءِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ، وَبَعضُهُم شَطَحَ وَقَالَ إِنَّ الأَئِمَّةَ لَهُم تَصَرُّفٌ فِي الكَونِ خَلقًا، وَالمَعلُومُ الَّذِي نَجزِمُ بِهِ أَنَّهُ لَا خَالِقَ لِشَيءٍ مِنَ الأَعيَانِ وَالأَعمَالِ وَلِكُلِّ مَا دَخَلَ فِي الكَونِ إِلَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَبَعضُهُم يَقُولُ كَمَقَالَاتِ القَدَرِيَّةِ مِن أَنَّ الأَئِمَّةَ أَعطَاهُمُ اللهُ القُدرَةَ عَلَى الخَلقِ فَهُم يَخلُقُونَ بِتَمكِينِ اللهِ لَهُم مِن ذَلِكَ وَالعِيَاذُ بِاللهِ وَكُلُّ هَذَا ضَلَالٌ وَغُلُوٌّ وَقَد نُهِينَا عَنِ الغُلُوِّ فِي الدِّينِ، وَنَحنُ أَهلُ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ نُحِبُّ أَهلَ البَيتِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم، نُحِبُّ عَلِيًّا وَحَسَنًا وَحُسَينًا وَفَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُم أَجمَعِينَ، وَلَكِن لَا نَقُولُ بِالعِصمَةِ لَهُم وَلَا نَقُولُ بِأَنَّهُم أَفضَلُ مِنَ الأَنبِيَاءِ وَلَا نَقُولُ بِأَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَحَقُّ بِالخِلَافَةِ مِن أَبِي بَكرٍ وَعُمَرَ، نُحِبُّ هَؤُلَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم وَكَذَلِكَ نُحِبُّ أَبَا بَكرٍ وَعُمَرَ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُم أَجمَعِينَ، وَكَذَلِكَ لَا نَغلُو فِي أَئِمَّةِ آلِ البَيتِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم، نُحِبُّهُم بِلَا غُلُوٍّ، زَينُ العَابِدِينَ وَمُحَمَّدُ البَاقِرُ وَجَعفَرُ الصَّادِقُ وَغَيرُهُم مِنَ الأَئِمَّةِ، هَؤُلَاءِ بِالأَصلِ أَئِمَّةُ حَقٍّ، وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ الرَّافِضَةَ غَلَوا بِهِم وَأَفرَطُوا، هَذَا الإِمَامُ جَعفَرُ الصَّادِقُ كَانَ شَيخًا لِلإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا، هُم بِالأَصلِ أَئِمَّةُ كِتَابٍ وَسُنَّةٍ وَلَكِن مَن يَزعُمُونَ أَنَّهُم أَتبَاعُهُم، هَؤُلَاءِ غَلَوا بِهِم وَشَطَحُوا وَالعِيَاذُ بِاللهِ مِنَ الغُلُوِّ.

وَأَمرٌ آخَرُ أَذكُرُهُ هُنَا وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الفِرَقَ مِمَّن يَزعُمُونَ مَحَبَّةَ آلِ البَيتِ وَمَحَبَّةَ عَلِيٍّ وَآلِ عَلِيٍّ وَيَقُولُونَ عَن أَنفُسِهِم شِيعَةُ عَلِيٍّ، كَانُوا أَكثَرَ الفِرَقِ دَمَوِيَّةً عَبرَ الزَّمَنِ، وَكَانَ ظَهَرَ مِن بَعضِهِم إِلحَادَاتٌ وَكُفرِيَّاتٌ شَنِيعَةٌ عَجِيبَةٌ، بَعضُهُم فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَزمَانِ -وَلَولَا الإِطَالَةُ لَتَكَلَّمتُ تَفصِيلًا-.

كَانُوا يَقتُلُونَ أَهلَ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ قَتلًا عَجِيبًا، لَا يَقتُلُونَ الرَّجُلَ وَلَا المَرأَةَ وَلَا الطِّفلَ إِلَّا لِأَنَّهُم مِن أَهلِ السُّنَّةِ، فِي القَرنِ الثَّالِثِ كَانَ مِنهُم بَعضُ الفِرَقِ ظَهَرُوا فِي تُونُسَ وَالمَغرِبِ يُنَادُونَ بِحُكمٍ لِبَعضِ أَئِمَّتِهِم حَتَّى قَالَ قَائِلُهُم وَالعِيَاذُ بِاللهِ: لَو أَنَّ صَاحِبَ القَبرِ- يَعنِي النَّبِيَّ ﷺ نَازَعَنَا المُلكَ ضَرَبنَا ‌خَيشُومَهُ ‌بِالسَّيفِ.اهـ

وَهُم فِي الغَالِبِ يُبغِضُونَ أَهلَ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ وَيَستَحِلُّونَ دِمَاءَهُم وَأَعرَاضَهُم وَأَموَالَهُم، وَيَقُولُونَ عَن أَبِي بَكرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا: صَنَمَا قُرَيشٍ. وَبَعضُهُم يَقُولُ إِنَّ المَهدِيَّ فِي آخِرِ الزَّمَانِ عِندَمَا يَخرُجُ يَذهَبُ إِلَى قَبرِ أَبِي بَكرٍ وَعُمَرَ وَيَستَخرِجُهُمَا مِن قَبرِهِمَا وَيَصلِبُهُمَا عَلَى نَخلَةٍ وَيَحرِقُ أَجسَادَهُمَا، وَالعِيَاذُ بِاللهِ مِن هَذِهِ المَفَاسِدِ وَنَسأَلُ اللهَ العَافِيَةَ وَالسَّلَامَةَ مِنَ الفِتَنِ.

السؤال الفقهي
ما حكم صيام مَن أَغمي عليه أثناء النهار؟
مَن أُغمِىَ عَلَيهِ فِي نَهَارِ الصِّيَامِ وَأَفَاقَ وَلَم يَستَغرِق كُلَّ اليَومِ فَلا يُفطِرُ أَمَّا إِذَا استَغرَقَ الإِغمَاءُ كُلَّ اليَومِ مِنَ الفَجرِ حَتَّى الغُرُوبِ لَم يَصِحَّ صِيَامُهُ.

وأَمَّا إِذَا طَرَأَ عَلَيهِ جُنُونٌ وَلَو لِلَحظَةٍ أَفطَرَ.

مختارات من الأدعية والأذكار
الذكر لتيسير الرزق
يا مُغنِي (1111 مرّة).

تُخلِصُ النِّيَّةَ للهِ تَعَالَى، عَلَى نِيَّةِ تَيسِيرِ الرِّزقِ، وَتَقُولُهُ أَلفًا وَمِائَةً وَإِحدَى عَشرَةَ مَرَّةً.

ثُمَّ تَقُولُ: “اللهم اكفِنِي بِحَلَالِكَ عَن حَرَامِكَ، وَأَغنِنِي بِفَضلِكَ عَمَّن سِوَاكَ” (3 مرّات).

الدعاء الختامي
الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِي رَسُولِ اللهِ

اللهم يَا اللهُ يا اللهُ أَذهِبِ الضِّيقَ وَالغُمُومَ عَنَّا، وَأَبعِد كَدَرَ الدُّنيَا وَالهُمُومَ عَن قُلُوبِنَا، وحَسِّن بِفَضلِكَ سِيرَتَنا، وَجَمِّل في الدُّنيَا هَيئَتَنَا، وَسَدِّد في الخَيرِ مَسِيرَتَنَا، وَانشُر بَينَ الملائِكَةِ ذِكرَنَا، وَاحفَظ بَينَ الخَلقِ كَرَامَتَنَا، وَعَطِّر بَينَ النَّاسِ سُمعَتَنَا، وَارفَع بَينَ الحُسَّادِ مَهَابَتَنَا، وَإِلى جَنَّاتِ الخُلدِ أَدخِلنَا، وَفي الدَّرجَاتِ العَالِيَةِ أَنزلنَا، وَيَسِّر أُمُورَنَا، وَطَهِّر قُلُوبَنا، وَاحَفَظ فُرُوجَنا، وسَدّد خُطَانا، وَأَلهِمنَا الطَّاعَاتِ فِي مَحيَانَا، وَأَسعدنَا فِي دُنيَانا وَأُخرَانا يَا اللهُ.

اللهم لا تَجعَلنَا مِنَ الغَافِلينَ، اللهم إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِن غَلَبَةِ الدَّينِ وَغَلَبَةِ العَدُوِّ وَشَمَاتَةِ الأَعدَاءِ اللهم اغفِر لَنَا وَارحَمنَا وَسَامِحنَا وَتُب عَلَينَا وَأَعتِق رِقَابَنَا وَرِقَابَ وَالِدِينَا وَأَهلِينَا وَمَشَايِخِنَا وَأَحبَابِنَا وَأَهلِ الحُقُوقِ عَلَينَا اللهم مَا تُنزِلهُ من خَيرَاتٍ وَبَرَكَاتٍ وَمِنَحٍ وَهِبَاتٍ فِي هَٰذِهِ الأيَّامِ واللَّيالِي المُبَارَكَةِ فَاجعَل لَنَا مِن ذَٰلِكَ نَصِيبًا وَحَظًّا وَافِرًا. وَاجعَلنَا مِنَ المَقبُولِينَ ومِنَ المَرحُومِينَ ومِنَ المَغفُورِ لهم وَمِن عُتَقَاءِ شَهرِ رَمَضَانَ يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ.

اللهم اجعَل لَنَا فِي هَذِهِ السَّاعَاتِ المُبَارَكَةِ وَمَا بَعدَهَا رَحمَةً وَهَنَاءً، وَأَبعِد عَنَّا ضِيقَ المَعِيشَةِ وَالعَنَاءَ، وَاجعَل عَيشَنَا فِي سَعَةٍ وَرَخَاءٍ، وَارفَع عَنا كُلَّ بَلَاءٍ، وَسَلِّمنَا مِن كُلِّ دَاءٍ، وَأَبدِل لَنا الكَدَرَ بِالصَّفَاءِ، وَاستَجِبَ لَنا كُلَّ دُعَاءٍ، وَحَقِّقَ لَنَا كُلَّ رَجَاءٍ، وَاجزِنَا اللهم خَيرَ الجَزَاءِ، وَارزُقنَا رُؤيَةَ حَبِيبِكَ مُحَمَّدٍ ﷺ وَزِيَارَتَهُ وَمُجَاوَرَتَهُ وَالمَوتَ فِي بَلَدِهِ وَشَفَاعَتَهُ وَالحَشرَ مَعَهُ وَشَربَةً مِن حَوضِهِ وَصُحبَتَهُ فِي الفِردَوسِ الأَعلَى.

اللهم كُن لِأَهلِ فِلَسطِينَ وَغَزَّةَ عَونًا وَنَصِيرًا، وَبَدِّل خَوفَهُم أَمنًا. اللهم إِنَّا لَا نَملِكُ إِلَّا الدُّعَاءَ، فَيَا رَبِّ لَا تَرُدَّ لَنَا دُعَاءً وَلَا تُخَيِّب لَنَا رَجَاءً وَأَنتَ أَرحَمُ الرَّاحِمِينَ، اللهم يَا مَن لَا يُهزَمُ جُندُهُ وَلَا يُخلَفُ وَعدُهُ، وَلَا إِلَهَ غَيرُهُ، كُن لِأَهلِ غَزَّةَ عَونًا وَنَصِيرًا وَمُعِينًا وَظَهِيرًا.

اللهم انصُر ضَعفَهُم فَلَيسَ لَهُم سِوَاكَ، اللهم اجعَل لِأَهلِ غَزَّةَ النُّصرَةَ وَالعِزَّةَ وَالغَلَبَةَ وَالقُوَّةَ وَالهَيبَةَ وَثَبِّت أَقدَامَهُم. اللهم احفَظ أَروَاحَهُم وَأَبنَاءَهُم مِن كُلِّ مَن أَرَادَ بِهِمُ السُّوءَ. اللهم انصُرهُم عَلَى مَن عَادَاهُم وَصَوِّب رَميَهُم وَثَبِّتِ الأَرضَ تَحتَ أَقدَامِهِم. اللهم ارحَم شُهَدَاءَهُم وَاغفِر لَهُم وَأَسكِنهُم فِي عِلِّيِينَ.

اللهم ارفَعِ البَلَاءَ وَالوَبَاءَ وَالأَمرَاضَ عَنِ المُسلِمِينَ فِي مَشَارِقِ الأَرضِ وَمَغَارِبِهَا إِكرَامًا لِوَجهِ مُحَمَّدٍ ﷺ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللهم تَوَفَّنَا عَلَى كَامِلِ الإِيمَانِ وَارزُقنَا شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ وَمَوتًا فِي بَلَدِ نَبِيِّكَ ﷺ، وَاحشُرنَا عَلَى نُوقٍ رَحَائِلُهَا مِن ذَهَبٍ آمِنِينَ مُطمَئِنِّينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.

اللهم انصُر عِبَادَكَ فِي فِلَسطِينَ وَسَخِّر لَهُمُ الأَرضَ وَمَن عَلَيهَا وَالسَّمَاءَ وَمَن فِيهَا. اللهم بِقُوَّتِكَ نَسأَلُكَ يَا اللهُ يَا سَمِيعُ يَا قَرِيبُ، يَا مُجِيبُ يَا مُنتَقِمُ يَا جَبَّارُ، يَا قَهَّارُ يَا عَظِيمَ القَهرِ أَن تَجعَلَ كَيدَ المُحتَلِّينَ فِي نَحرِهِم، وَاجعَل مَكرَهُم عَائِدًا إِلَيهِم.

رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ

اللهم أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ، اللهم أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ، اللهم أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ

اللهم أَعِنَّا عَلَى الصِّيَامِ وَالقِيَامِ وَتَقَبَّل مِنَّا يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللهم اجعَلنَا مِن عُتَقَاءِ هَذَا الشَّهرِ الكَرِيمِ وَمِنَ المَقبُولِينَ يَا أَكرَمَ الأَكرَمِينَ، اللهم أَعتِقنَا فِيهِ مِنَ النِّيرَانِ يَا اللهُ يَا اللهُ يَا اللهُ، اللهم أَرِنَا لَيلَةَ القَدرِ المُبَارَكَةَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ وَارزُقنَا فِيهَا دَعوَةً مُجَابَةً بِجَاهِ سَيِّدِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ يَا اللهُ. اللهم ارزُقنَا حُسنَ الخِتَامِ وَالمَوتَ عَلَى دِينِكَ دِينِ الإِسلَامِ وَرُؤيَةَ سَيِّدِ الأَنَامِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ﷺ.

اللهم إِنَّا دَعَونَاكَ فَاستَجِب لَنَا دُعَاءَنَا وَاغفِرِ اللهم لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسرَافَنَا فِي أَمرِنَا وَمَا أَنتَ أَعلَمُ بِهِ مِنَّا وَارزُق كُلَّ مَن حَضَرَ وَاستَمَعَ لِلدَّرسِ سُؤلَهُ مِنَ الخَيرِ وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ وَسَلِّم تَسلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَومِ الدِّينِ.

وَآخِرُ دَعوَانَا أَنِ الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ

 

شاهد أيضاً

شرح دعاء “اللهم إني أسألك من الخير كله” ودلالاته في طلب الجنة والوقاية من النار

المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله الذي أنزلَ على عبده الكتاب ولم يجعل لهُ …