أشراط الساعة (٢٢) | فتنة الدجال وحديث الجساسَة

المقدمة

الحَمدُ للهِ المُستَحِقِّ الحَمدِ لِآلَائِهِ، المُتَوَحِّدِ بِعِزِّهِ وَكِبرِيَائِهِ، العَالِمِ بِكَنِينِ مَكنُونِ النَّجوَى، وَالمُطَّلِعِ عَلَى أَفكَارِ السِّرِّ وَأَخفَى، وَمَا اختَبَأَ تَحتَ عَنَاصِرِ الثَّرَى، وَمَا جَالَ فِيهِ خَوَاطِرُ الوَرَى، الَّذِي أَبدَعَ الأَشيَاءَ بِقُدرَتِهِ، وَذَرَأَ الأَنَامَ بِمَشِيئَتِهِ، فَأَحكَمَ لَطِيفَ مَا دَبَّرَ، وَأَتقَنَ جَمِيعَ مَا قَدَّرَ، فَلَهُ الحَمدُ عَلَى قَدَرِهِ وَقَضَائِهِ، وَتَفَضُّلِهِ بِعَطَائِهِ، وَبِرِّهِ وَنَعمَائِهِ، وَمَنِّهِ بِآلَائِهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الَّذِي بِهِدَايَتِهِ سَعِدَ مَنِ اهتَدَى، وَبِتَأيِيدِهِ رَشَدَ مَنِ اتَّعَظَ وَارعَوَى، وَبِخِذلَانِهِ ضَلَّ مَن زَلَّ وَغَوَى، وَحَادَ عَنِ الطَّرِيقَةِ المُثلَى، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ المُصطَفَى وَرَسُولُهُ المُرتَضَى، بَعَثَهُ إِلَيهِ دَاعِيًا، وَإِلَى جِنَانِهِ هَادِيًا، فَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيهِ، وَأَزلَفَهُ فِي الحَشرِ لَدَيهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَمَنِ اقتَفَى أَثَرَهُم إِلَى يَومِ الفَصلِ وَالدِّينِ، أَمَّا بَعدُ:

كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي أَشرَاطِ السَّاعَةِ الكُبرَى عَن خُرُوجِ المَسِيحِ الدَّجَّاِل، وَبَيَّنا أَنَّهُ لَيسَ ابنَ صَيَّادٍ المَذكُورِ فِي أَحَادِيثِ الصَّحِيحَينِ، وَالمَسِيحُ الدَّجَّالُ فِتنَةٌ تُعَدُّ مِن أَكبَرِ الفِتَنِ الَّتِي تَحصُلُ فِي هَذِهِ الدُّنيَا.

يُقَالُ لَهُ المَسِيحُ الدَّجَّالُ وَالمَسِيحُ الكَذَّابُ، قِيلَ: سُمِّيَ بِالمَسِيحِ لِأَنَّهُ مَمسُوحُ العَينِ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ أَعوَرُ وَالأَعوَرُ يُسَمَّى: مَسِيحًا. وَقِيلَ: لِمَسحِهِ الأَرضَ حِينَ خُرُوجِهِ، وَقِيلَ غَيرُ ذَلِكَ.

وَصِفَتُهُ: الدَّجَّالُ وَمُشتَقٌّ مِنَ الدَّجَلِ، وَهُوَ: الخَلطُ وَاللَّبسُ وَالخَدعُ، فَمَعنَى الدَّجَّالِ: الخَدَّاعُ المُلَبِّسُ عَلَى النَّاسِ.

روى مسلم عن الشَّعْبِيِّ وَاسْمُهُ عامر بن شراحيل «أَنَّهُ سَأَلَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أُخْتَ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ، وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ فَقَالَ: حَدِّثِينِي حَدِيثًا سَمِعْتِيهِ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ لَا تُسْنِدِيهِ إِلَى أَحَدٍ غَيْرِهِ.. فَقَالَتْ سَمِعْتُ نِدَاءَ الْمُنَادِي، مُنَادِي رَسُولِ اللهِ ﷺ يُنَادِي: الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَكُنْتُ فِي صَفِّ النِّسَاءِ الَّتِي تَلِي ظُهُورَ الْقَوْمِ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ ﷺ صَلَاتَهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَ: لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلَّاهُ. ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟ قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: إِنِّي وَاللهِ مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ لِأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كَانَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ، وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ. حَدَّثَنِي أَنَّهُ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامَ (لَخْمٌ حَيٌّ مِنَ اليَمَنِ وَجُذَامٌ قَبِيلَةٌ مِنَ اليَمَنِ)، فَلَعِبَ بِهِمُ الْمَوْجُ شَهْرًا فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ أَرْفَؤُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ (أَرفَأْتُ السَّفِينَةَ إِذَا قَرَّبتُهَا مِنَ الشَّطِ) حَتَّى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَجَلَسُوا فِي أَقْرُبِ السَّفِينَةِ (قَولُهُ: (فَجَلُسُوا فِي أَقرُبِ السَّفِينَةِ) هُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ، وَهِيَ: سَفِينَةٌ صَغِيرَةٌ تَكُونُ مَعَ الكَبِيرَةِ كَالجِنِيبَةِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا رُكَّابُ السَّفِينَةِ لِقَضَاءِ حَوَائِجِهِم، الجَمعُ قَوَارِبُ وَالوَاحِدُ قَارِبٌ بِكَسرِ الرَّاءِ وَفَتحِهَا وَجَاءَ هُنَا (أَقرُبُ) وَهُوَ صَحِيحُ لَكِنَّهُ خِلَافُ القِيَاسِ.اهـ)، فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ (الأَهلَبُ الكَثِيرُ شَعَرِ الرَّأسِ وَالجَسَدِ)، لَا يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقَالُوا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا ‌الْجَسَّاسَةُ. قَالُوا: وَمَا ‌الْجَسَّاسَةُ؟ قَالَتْ: أَيُّهَا الْقَوْمُ، انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ. قَالَ: لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا، فَرِقْنَا مِنْهَا (أَي فَزِعنَا) أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ، فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ، مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى كَعْبَيْهِ بِالْحَدِيدِ، قُلْنَا: وَيْلَكَ مَا أَنْتَ؟ قَالَ: قَدْ قَدَرْتُمْ عَلَى خَبَرِي فَأَخْبِرُونِي مَا أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ، رَكِبْنَا فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ فَصَادَفْنَا الْبَحْرَ حِينَ اغْتَلَمَ (أَيْ هَاجَ)، فَلَعِبَ بِنَا الْمَوْجُ شَهْرًا، ثُمَّ أَرْفَأْنَا إِلَى جَزِيرَتِكَ هَذِهِ، فَجَلَسْنَا فِي أَقْرُبِهَا فَدَخَلْنَا الْجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لَا يُدْرَى مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقُلْنَا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا ‌الْجَسَّاسَةُ، قُلْنَا: وَمَا ‌الْجَسَّاسَةُ؟ قَالَتِ: اعْمِدُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ، فَأَقْبَلْنَا إِلَيْكَ سِرَاعًا، وَفَزِعْنَا مِنْهَا وَلَمْ نَأْمَنْ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً. فَقَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ (قَالَ فِي مُعجَمِ البُلدَانِ لِيَاقُوت الحَمَوِيِّ (تُوُفِّيَ سَنَةَ 626هـ): بَيسَانُ: بِالفَتحِ ثُمَّ السُّكُونِ، وَسِينٍ مُهمَلَةٍ، وَنُونٍ، مَدِينَةٌ بِالأُردُنِّ بِالغَورِ الشَّامِيِّ، وَهِيَ بَينَ حَورَان وَفِلَسطِين، جَاءَ ذِكرُهَا فِي حَدِيثِ الجَسَّاسَةِ، وَتُوصَفُ بِكَثرَةِ النَّخلِ، وَقَد رَأَيتُهَا مِرَارًا فَلَم أَرَ فِيهَا غَيرَ نَخلَتَينِ حَائِلَتَينِ، وَهُوَ مِن عَلَامَاتِ خُرُوجِ الدَّجَّالِ). قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: أَسْأَلُكُمْ عَنْ نَخْلِهَا هَلْ يُثْمِرُ؟ قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ لَا تُثْمِرَ. قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ. قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: هَلْ فِيهَا مَاءٌ؟ قَالُوا: هِيَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ. قَالَ: أَمَا إِنَّ مَاءَهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ. قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ عَيْنِ زُغَرَ (قَالَ ابنُ الأَثِيرِ: زُغَرٌ بِوَزنِ صُرَدٍ، زُغَرٌ عَينٌ بِالشَّامِ مِن أَرضِ البَلقَاءِ). قَالُوا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: هَلْ فِي الْعَيْنِ مَاءٌ؟ وَهَلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بِمَاءِ الْعَيْنِ؟ قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ، هِيَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ، وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِنْ مَائِهَا.

قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَبِيِّ الْأُمِّيِّينَ مَا فَعَلَ؟ قَالُوا: قَدْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ. قَالَ: أَقَاتَلَهُ الْعَرَبُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: كَيْفَ صَنَعَ بِهِمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْعَرَبِ وَأَطَاعُوهُ. قَالَ لَهُمْ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا إِنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، وَإِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي، إِنِّي أَنَا الْمَسِيحُ، وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ فَأَخْرُجَ، فَأَسِيرَ فِي الْأَرْضِ فَلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ، فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا (أَيْ مُجَرَّدًا) يَصُدُّنِي عَنْهَا، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا. قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ (وَهِيَ مَا يُتَوَكَّأُ عَلَيهِ كَالعَصَا وَالعُكَّازَةِ). فِي الْمِنْبَرِ: هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ. (يَعْنِي الْمَدِينَةَ). أَلَا هَلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ ذَلِكَ؟. فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ. فَإِنَّهُ أَعْجَبَنِي حَدِيثُ تَمِيمٍ: أَنَّهُ وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ، وَعَنِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ.. قَالَتْ: فَحَفِظْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم».

ملخص الكلام عن المسيح الدجال
إِنَّ الأَعوَرَ الدَّجَّالَ إِنسَانٌ مِن بَنِي ءَادَمَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِن بَنِي إِسرَائِيلَ، إِحدَى عَينَيهِ طَافِيَةٌ كَالعِنَبَةِ وَالأُخرَى مَمسُوحَةٌ فَلِذَلِكَ يُقَالُ لَهُ الأَعوَرُ. وَهُوَ الآنَ مَحبُوسٌ فِي جَزِيرَةٍ فِي البَحرِ، المَلَائِكَةُ حَبَسُوهُ هُنَاكَ، وَهَذِهِ الجَزِيرَةُ لَيسَت مَعرُوفَةً، رَءَاهُ وَاجتَمَعَ بِهِ الصَّحَابِيُّ تَمِيمُ بنُ أَوسٍ عِيَانًا،

وَهَذَا الأَعوَرُ الدَّجَّالُ اللهُ تَعَالَى ابتِلَاءً مِنهُ يُظهِرُ عَلَى يَدَيهِ خَوَارِقَ.

شكله، وسيرته، وفتنته
أَمَّا شَكلُهُ لَعَنَهُ اللهُ: فَإِنَّهُ رَجُلٌ شَابٌّ، وَفِي رِوَايَةٍ: شَيخٌ، وَسَنَدُهُمَا صَحِيحٌ، فَيُمكِنُ الجَمعُ أَنَّهُ فِي حَالَةٍ كَانَ شَابًّا وَفِي بَعضِهَا كَانَ شَيخًا كَبِيرًا فِي السِّنِّ، جَسِيمٌ (أَي ضَخمُ الجِسمِ وَالجُثَّةِ)، أَحمَرُ، وَفِي رِوَايَةٍ: أَبيَضُ أَمهَقُ، جَعدُ الرَّأسِ (الجَعدُ فِي صِفَاتِ الرِّجَالِ يَكُونُ مَدحًا وَذَمًّا: فَالمَدحُ مَعنَاهُ أَن يَكُونَ شَدِيدَ الأَسرِ وَالخَلقِ أي القوة، أَو يَكُونَ جَعدَ الشَّعَرِ، وَهُوَ ضِدُّ السَّبطِ، لِأَنَّ السُّبُوطَةَ أَكثَرُهَا فِي شُعُورِ العَجَمِ. وَأَمَّا الذَّمُّ فَهُوَ القَصِيرُ المُتَرَدِّدُ الخَلقِ وَيُجمَعُ عَلَى الجِعَادِ)، قَطَطٌ (القَطَطُ: الشَّدِيدُ الجُعُودَةِ).

أَمَّا مَا جَاءَ فِي وَصفِ شَكلِهِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَصَفَهُ فَقَالَ فِيمَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ: «سَأَقُولُ لَكُم فِيهِ قَولًا لَم يَقُلهُ نَبِيٌّ لِقَومِهِ: تَعلَمُونَ أَنَّهُ أَعوَرُ، وَأَنَّ اللهَ ‌لَيسَ ‌بِأَعوَرَ».اهـ

فَالعَوَرُ نَقصٌ، فَإِنَّ الأَعوَرَ مِن كُلِّ شَيءٍ المَعِيبُ، وَلِذَلِكَ قَالَ الرَّسُولُ ﷺ: «أَنَّهُ أَعوَرُ، وَأَنَّ اللهَ ‌لَيسَ ‌بِأَعوَرَ» أَي أَنَّ اللهَ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنِ النَّقصِ، بَل كُلُّ صِفَاتِهِ وَأَسمَائِهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى تَدُلُّ عَلَى الكَمَالِ، وَلَيسَ مَعنَى الحَدِيثِ أَنَّ للهِ عَينَينِ اثنَتَينِ. بَل أَرَادَ الرَّسُولُ ﷺ أَن يُبَيِّنَ لِلنَّاسِ فِي هَذَا الحَدِيثِ أَنَّ الدَّجَّالَ فِيهِ صِفَةُ نَقصٍ وَهِيَ العَوَرُ أَيِ العَيبُ فَلَا يَصلُحُ أَن يَكُونَ إِلَهًا، فَضلًا عَن كَونِهِ جِسمًا، لِأَنَّ الجِسمَ كُلُّ مَا كَانَ لَهُ طُولٌ وَعَرضٌ وَسَمكٌ وَمَن كَانَ كَذَلِكَ مُحدَثٌ مُحتَاجٌ لِمَن حَدَّهُ بِهَذِهِ الأَبعَادِ. أَمَّا اللهُ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى مُنَزَّهٌ عَن صِفَاتِ النَّقصِ. هَذَا مُرَادُ الرَّسُولِ ﷺ عِندَ ذِكرِهِ لِهَذَا الحَدِيثِ. وَلَيسَ كَمَا ادَّعَتِ المُشَبِّهَةُ فِي هَذَا العَصرِ، حَمَلُوا هَذَا الحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالُوا: يَجِبُ أَن نُؤمِنَ بِأَنَّ للهِ عَينَينِ اثنَتَينِ! هَذَا تَشبِيهٌ للهِ بِخَلقِهِ، لِأَنَّ الجَوَارِحَ مِن صِفَاتِ المَخلُوقَاتِ، اللهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي خَلَقَهَا فِينَا فَكَيفَ يَكُونُ مُتَّصِفًا بِهَا؟! قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿أَلَم نَجعَل لَهُ عَينَينِ وَلِسَانًا وَشَفَتَينِ وَهَدَينَاهُ النَّجدَينِ﴾.

فَدَلَّت هَذِهِ الآيَةُ عَلَى أَنَّ مَن كَانَ مُتَّصِفًا بِهَذِهِ الأَوصَافِ مَخلُوقٌ، وَأَنَّ مَن جَعَلَ فِينَا هَذِهِ الأَشيَاءَ مُنَزَّهٌ عَن أَن يَكُونَ مُتَّصِفًا بِهَا، هُوَ الَّذِي خَلَقَهَا فِينَا فَكَيفَ يَكُونُ مُتَّصِفًا بِهَا؟! وَمَا جَاءَ فِي الآيَاتِ وَالأَحَادِيث مِن إِضَافَةِ العَينِ وَالوَجهِ وَاليَدِ إِلَى اللهِ تَعَالَى فَلَيسَ المَعنِيُّ بِهَا الجَوَارِحُ وَالأَعضَاءُ، بَل مَنِ اعتَقَدَ ذَلِكَ يَكُونُ شَبَّهَ اللهَ بِخَلقِهِ، وَمَن شَبَّهَ اللهَ بِخَلقِهِ فَقَد أَنزَلَ اللهَ إِلَى صِفَاتِ المَخلُوقِينَ، أَي نَقَّصَ اللهَ، وَمَن نَقَّصَ اللهَ ذَمَّ اللهَ، وَمَن ذَمَّ اللهَ لَا يَكُونُ مُسلِمًا. وَلِذَلِكَ قَالَ الإِمَامُ أَبُو جَعفَرٍ الطَّحَاوِيُّ: «وَمَن وَصَفَ اللهَ بِمَعنًى مِن مَعَانِي البَشَرِ فَقَد كَفَرَ» أَي لِأَنَّهُ نَقَّصَ اللهَ تَعَالَى، وَاللهُ تَعَالَى أَخبَرَ أَنَّ مَن وَصَفَهُ بِمَعَانِي المَخلُوقَاتِ فَقَد شَتَمَهُ، فَقَالَ فِي الحَدِيثِ القُدُسِيِّ: «شَتَمَنِي ابنُ ءَاَدَم» ثُمَّ قَالَ: «وَأَمَّا شَتمُهُ إِيَّايَ فَقَولُهُ اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا» رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

فَالوَلَدُ فِي حَقِّ المَخلُوقِ زِينَةٌ أَمَّا فِي حَقِّ اللهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يَكُونُ شَتِيمَةً. بَل إِذَا أُضِيفَتِ العَينُ وَالوَجهُ وَاليَدُ إِلَى اللهِ يَكُونُ لَهَا مَعَانٍ تَلِيقُ بِجَلاَلِ اللهِ وَعَظَمَتِهِ، فَالعَينُ فِي لُغَةِ العَرَبِ لَهَا مَعَانٍ كَثِيرَةٌ بَعضُهَا يَلِيقُ بِاللهِ كَالحِفظِ وَالرِّعَايَةِ وَبَعضُهَا لَا يَلِيقُ بِاللهِ كَالعُضوِ وَالجَارِحَةِ، وَاليَدُ كَذَلِكَ وَالوَجهُ لَهُمَا مَعَانٍ عَدِيدَةٌ فِي اللُّغَةِ، بَعضُهَا يَلِيقُ بِاللهِ وَبَعضُهَا لَا يَلِيقُ.

اللهُ تَعَالَى قَالَ إِخبَارًا عَن سَفِينَةِ نُوحٍ: ﴿تَجرِي بِأَعيُنِنَا﴾، مَعنَاهُ بِحِفظِنَا وَرِعَايَتِنَا. وَاليَدُ كَذَلِكَ لَا تُحمَلُ عَلَى العُضوِ فِي حَقِّ اللهِ وَالوَجهُ كَذَلِكَ. المُشَبِّهَةُ يَمنَعُونَ هَذَا، يَقُولُونَ لَا يَجُوزُ أَن نُؤَوِّلَ هَذِهِ الأَلفَاظَ، بَل نُجرِيهَا عَلَى الظَّاهِرِ! وَيُكَفِّرُونَ مَن يُؤَوِّلُ هَذِهِ الصِّفَاتِ، يَعتَبِرُونَهُ مُعَطِّلًا لِصِفَاتِ اللهِ. الإِمَامُ البُخَارِيُّ أَوَّلَ الوَجهَ فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿كُلُّ شَيءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجهَهُ﴾ قَالَ: «إِلَّا مُلكَهُ»، وَسُفيَانُ الثَّورِيُّ أَوَّلَ هَذِهِ الآيَةَ أَيضًا بِتَأوِيلٍ ءَاخَرَ، ﴿كُلُّ شَيءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجهَهُ﴾ أَي مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيهِ، مَا ابتُغِيَ بِهِ وَجهُهُ.

وَهَذَانِ الإِمَامَانِ مِنَ السَّلَفِ، لَم يَحمِلُوا الوَجهَ فِي هَذِهِ الآيَةِ كَمَا تَحمِلُهُ المُشَبِّهَةُ مِنَ الرَّأسِ المُرَكَّبِ عَلَى البَدَنِ، صَرَفُوهُ عَن ظَاهِرِهِ. المُشَبِّهَةُ يَمنَعُونَ ذَلِكَ يَقُولُونَ هُوَ عَلَى الظَّاهِرِ (مُرَادُهُمُ الرَّأسُ المُرَكَّبُ عَلَى البَدَنِ) ثُمَّ يُمَوِّهُونَ عَلَى النَّاسِ فَيَقُولُونَ لَيسَ كَوُجُوهِنَا. وَكَذَلِكَ الصَّحَابِيُّ الجَلِيلُ تَرجُمَانُ القُرءَانِ عَبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ أَوَّلَ اليَدَ فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَينَاهَا بِأَيدٍ﴾ قَالَ (بِقُوَّةٍ). فَسَّرَ اليَدَ هُنَا بِالقُوَّةِ. وَكَذَلِكَ تِلمِيذُ ابنِ عَبَّاسٍ مُجَاهِدٌ قَالَ فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجهُ اللهِ﴾ (أَي قِبلَةُ اللهِ).

مبحث التأويل وفهمه
يَجِبُ مَعْرِفَةُ أَنَّ الْقُرْءَانَ تُوجَدُ فِيهِ ءَايَاتٌ مُحْكَمَاتٌ وَءَايَاتٌ مُتَشَابِهَاتٌ، قَالَ تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ ءَايَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾ [سُورَةَ ءَالِ عِمْرَان:7]. الآيَاتُ الْمُحْكَمَةُ: هِيَ مَا لا يَحْتَمِلُ مِنَ التَّأْوِيلِ بِحَسَبِ وَضْعِ اللُّغَةِ إِلَّا وَجْهًا وَاحِدًا أَوْ مَا عُرِفَ الْمُرَادُ بِهِ بِوُضُوحٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾ وَقَوْلِهِ: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ وَقَوْلِهِ: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [سُورَةَ مَرْيَم:65]. وَالْمُتَشَابِهُ هُوَ مَا لَمْ تَتَّضِحْ دِلالَتُهُ أَوْ يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا عَدِيدَةً وَاحْتَاجَ إِلَى النَّظَرِ لِحَمْلِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُطَابِقِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الرَّحْمٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾. فَتَفْسِيرُ الآيَاتِ الْمُتَشَابِهَةِ يَجِبُ أَنَّ يُرَدَّ إِلَى الآيَاتِ الْمُحْكَمَةِ.

أذكر عددا مِنَ الأَحَادِيثِ الثابتة وأوضح معناها
قَولُهُ ﷺ فيما رواه مسلم: «إِنَّ قُلُوبَ بَنِي ءَادَمَ كُلَّهَا بَينَ إِصبَعَينِ مِن أَصَابِعِ الرَّحمَنِ، كَقَلبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيثُ يَشَاءُ». رواه مسلم.
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ: أَي أَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ بِحَسَبِ قُدرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، لَا يُعتَرَضُ عَلَيهِ وَلَا يَفُوتُهُ مَا أَرَادَهُ.
وَحَدِيثُ رَسُولِ اللهِ ﷺ الَّذِي فِيهِ: «لَا أَحَدَ أَغيَرُ مِنَ اللهِ». رواه البخاري.
وَقَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: الغَيرَةُ مُشتَقٌّ مِن تَغَيُّرِ حَالِ الغَيرَانِ لِمَا رَءَاهُ مِن قَبِيحِ فِعلِ مَن غَارَ عَلَيهِ، وَتَغَيُّرِّ قَلبِهِ وَهَيَجَانِ حَفِيظَتِهِ بِسَبَبِ هَتكِ حَرِيمِهِ لَدَيهِ عَنهُم وَمَنعِهِم مِن ذَاكَ، وَاللهُ تَعَالَى يَتَقَدَّس عَن تَغَيُّرِ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ، وَغَيرَتُهُ مَا غَيَّرَهُ مِن حَالِ العَاصِي بِانتِقَامِهِ مِنهُ وَأَخذِهِ لَهُ وَمُعَاقَبَتِهِ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ.اهـ
وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي الحَدِيثِ القُدُسِيِّ: «يَا ابن ءَادَمَ مَرِضتُ فَلَم تَعُدنِي». رواه مسلم.
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: قَد فَسَّرَ فِي هَذَا الحَدِيثِ مَعنَى المَرَضِ، وَأَنَّ المُرَادَ بِهِ مَرَضُ العَبدِ المَخلُوقِ. اهـ
وَأَمَّا حَدِيثُ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَالَّذِي فِيهِ: «يَطوِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّمَاوَاتِ يَومَ القِيَامَةِ، ثُمَّ يَأخُذُهُنَّ بِيَدِهِ اليُمنَى، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ، أَينَ الجَبَّارُونَ، أَينَ المُتَكَبِّرُونَ، ثُمَّ يَطوِي الأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ أَينَ الجَبَّارُونَ، أَينَ المُتَكَبِّرُونَ». رواه مسلم.
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: أَرَادَ أَنَّهُ يَطوِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ بِقُدرَتِهِ.اهـ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: وَأَمَّا إِطلَاقُ اليَدَينِ للهِ تَعَالَى فَمُتَأَوَّلٌ عَلَى القُدرَةِ. اهـ
وَقَالَ مُلَّا عَلِيٌّ القَارِي: قَالَ أَصحَابُ التَّأوِيلِ: المُرَادُ بِاليَدِ اليُمنَى وَالشِّمَالِ القُدرَةُ، وَالمُرَادُ مِنَ الطَّيِّ التَّسخِيرُ التَّامُّ وَالقَهرُ الكَامِلُ، وَهُوَ كَذَلِكَ الآنَ أَيضًا، وَلَكِن فِي القِيَامَةِ يَكُونُ أَظهَرَ.
وَحَدِيثُ رَسُولِ اللهِ ﷺ: «للهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوبَةِ أَحَدِكُم مِن أَحَدِكُم بِضَالَّتِهِ إِذَا وَجَدَهَ». رواه مسلم.
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: فَالمُرَادُ هُنَا أَنَّ اللهَ سُبحَانَهُ يَرضَى بِتَوبَةِ العَبدِ أَشَدَّ مِمَّا يَرضَى الوَاجِدُ لِنَاقَتِهِ بِالفَلَاةِ، فَعَبَّر عَنِ الرِّضَا بِالفَرَحِ تَأكِيدًا لِمَعنَى الرِّضَا فِي نَفسِ السَّامِعِ وَمُبَالَغَةً فِي مَعنَاهُ.اهـ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ وَالحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ فِيمَا نَقَلَهُ عَنِ الخَّطَّابِيِّ: مَعنَاهُ أَرضَى بِالتَّوبَةِ وَأَقبَلُ لَهَا وَالفَرَحُ المُتَعَارَفُ فِي نُعُوتِ بَنِي ءَادَمَ غَيرُ جَائِزٍ عَلَى اللهِ تَعَالَى إِنَّما مَعنَاهُ الرِّضَا.اهـ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ العُلَمَاءُ فَرَحُ اللهِ تَعَالَى هُوَ رِضَاه.اهـ
وَمَا وَرَدَ فِي الحَدِيثِ القُدُسِيِّ: «يَسُبُّ بَنُو ءَادَمَ الدَّهرَ، وَأَنَا الدَّهرُ». رواه البخاري.
قَالَ ابنُ المُلَقِّنِ: أَي أَنَا مَالِكُ الدَّهرِ وَمُصَرِّفُهُ، فَحُذِفَ اختِصَارًا لِلَّفظِ وَاتِّسَاعًا فِي المَعنَى.اهـ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: وَالتَّقدِيرُ: أَنَا مُقَلِّبُ الدَّهرِ وَالمُتَصَرِّفُ فِيهِ، وَالمَعنَى أَنَّ الزَّمَانَ يُذعِنُ لِأَمرِي لَا اختِيَارَ لَهُ.اهـ
وَأَمَّا حَدِيثُ رَسُولِ اللهِ ﷺ: «إِنَّ أَحَدَكُم إِذَا قَامَ فِي صَلاَتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، أَو إِنَّ رَبَّهُ بَينَهُ وَبَينَ القِبلَةِ». رواه البخاري.
وَقَالَ الحَافِظُ ابنُ عَلَّان: هُوَ عَلَى تَقدِيرِ مُضَافٍ: أي ثَوَابُهُ.اهـ
أَمَّا مَعنَى مَا وَرَدَ فِي الحَدِيثِ: «فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لاَ تَجعَلنِي أَشقَى خَلقِكَ، فَيَضحَكُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنهُ». رواه البخاري.
قَالَ ابنُ فُورَكَ: أَصلُ مَعنَى الضَّحِكِ فِي اللُّغَةِ هُوَ الظُّهُورُ وَالبُرُوزُ وَالإِيضَاحُ عَلَى وَجهٍ مَخصُوصٍ مِنهُ، يقَالُ: ضَحِكَتِ الأَرضُ بِالنَّبَاتِ إِذَا ظَهَرَ نَبَاتُهَا، وَمِنهُ قَولُ القَائِل: وَالأَرضُ تَضحَكُ مِن بُكَاءِ السَّمَاءِ وَسَقيِهَا أَي بِظُهُورِ زَهرَتِهَا وَنُورِهَا مِن مَطَرِ السَّمَاءِ وَسَقيِهَا، وَأَنَّ مَعنَى وَصفِ اللهِ جَلَّ ذِكرُهُ بِهِ مِنَ الضَّحِكِ فَهُوَ عَلَى مَعنَى إِظهَارِ أَلطَافِهِ وَفَوَائِدِهِ وَمِنَنِهِ وَنِعَمِهِ، وَكَذَلِكَ مَعنَاهُ فِي هَذَا الخَبَر أَن يُظهِرَ نِعَمَهُ وَمِنَنَهُ لهَذَا الدَّاخِلِ أَخِيرًا الجنَّةَ.اهـ
وَقَالَ بَدرُ الدِّينِ العَينِيُّ: وَهُوَ الرِّضَا مِنهُ وَإِرَادَةُ الخَيرِ لَهُ، لِأَنَّ إِطلَاقَ حَقِيقَةِ الضَّحِكِ عَلَى اللهِ تَعَالَى لَا يُتَصَوَّرُ.اهـ
وَقَالَ ابنُ الدَّمَامِينِيِّ: مَعنَاهُ عِندَ العُلَمَاءِ: الرِّضَا، لَا ضَحِكٌ بِلَهَوَاتٍ وَتَعَجُّبٍ كَمَا هُوَ مِنَّا.اهـ
وَقَالَ زَكَرِيَّا الأَنصَارِيُّ: وَهُوَ رِضَاهُ وَإِرَادَتُهُ الخَيرَ.اهـ
وَمَعنَى مَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ: «خُذُوا مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا». رواه البخاري ومسلم.
قَالَ أَبُو بَكرِ بنُ العَرَبِيِّ: مَعنَاهُ لَا يَقطَعُ وَيَترُكُ حَتَّى تَترُكُوا وَتَقطَعُوا كَمَا تَقَدَّمَ، يُرِيدُ: لَا يَترُكُ ثَوَابَكُم حَتَّى تَترُكُوا طَاعَتَهُ.اهـ
وَقَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: إِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى مَعنَى المُقَابَلَةِ: أَي لَا يَدَعُ الجَزَاءَ حَتَّى تَدَعُوا العَمَلَ.
ومن صفة شكل الدجال
أَنَّهُ أَفحَجُ – بِفَاءٍ سَاكِنَةٍ وَجِيمٍ آخِرَهُ – مِنَ الفَحَجِ، وَهُوَ: تَبَاعُدُ مَا بَينَ السَّاقَينِ وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي فِي رِجلَيهِ اعوِجَاجٌ. ضَخمٌ فَيلَمَانِيٌّ: بِفَتحِ الفَاءِ وَسُكُونِ التَّحتَانِيَّةِ، أَي عَظِيمُ الجُثَّةِ كَأَنَّ رَأسَهُ أَغصَانُ شَجَرَةٍ، أَي: شَعَرُ رَأسِهِ كَثِيرٌ مُتَفَرِّقٌ قَائِمٌ، مَكتُوبٌ بَينَ عَينَيهِ: «ك ف ر»، بِحُرُوفٍ مُتَقَطِّعَةٍ يَقرَؤُهَا كُلُّ مُسلِمٍ كَاتِبٍ وَغَيرِ كَاتِبٍ وَلَا يَقرَؤُهَا الكُفَّارُ. لَا يُولَدُ لَهُ، وَلَا يَدخُلُ المَدِينَةَ وَمَكَّةَ، تَتبَعُهُ أَقوَامٌ كَأنَّ وُجُوهَهُمُ المِجَانُّ المُطَرَّقَةُ، وَسَبعُونَ أَلفًا مِن يَهُودِ أَصبَهَانَ عَلَيهِمُ الطَّيَالِسَةُ. وَفِي لَفظٍ: عَلَيهِم مِن السِّيجَانِ (نَوعٌ مِنَ القُمَاشِ)، وَكُلُّهُم ذُو سَيفٍ مُحَلَّى.

جَاءَ فِي حَدِيثٍ عِندَ الحَاكِمِ فِي وَصفِ حِمَارِهِ: مَا بَينَ أُذُنَيهِ أَربَعُونَ ذِرَاعًا، يَضَعُ خَطوَةً عِندَ مُنتَهَى طَرفِهِ.

وَرَوَى السُّيُوطِيُّ عَن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ: «أَنَّ طُولَ الدَّجَّالِ أَربَعُونَ ذِرَاعًا بِالذِّرَاعِ الأَوَّلِ، تَحتَهُ حِمَارٌ أَقمَرُ، أَي شَدِيدُ البَيَاضِ، طُولُ كُلِّ أُذُنٍ مِن أُذُنَيهِ ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا، مَا بَينَ حَافِرِ حِمَارِهِ إِلَى الحَافِرِ الآخَرِ مَسِيرَةُ يَومٍ وَلَيلَةٍ، تُطوَى لَهُ الأَرضُ مَنهَلًا مَنهَلًا، يَتَنَاوَلُ السَّحَابَ بِيَمِينِهِ، وَيَسبِقُ الشَّمسَ إِلَى مَغِيبِهَا، يَخُوضُ البَحرَ إِلَى كَعبَيهِ».

وَأَمَّا سِيرَتُهُ: يَدَّعِي الإِلَهِيَّةَ وَيَقُولُ: أَنَا اللهُ، فَيُفَارِقُهُ كُلُ أَحَدٍ مِنَ الخَلقِ فِي قَلبِهِ مِثقَالُ ذَرَّةٍ مِنَ الإِيمَانِ.

وَيَتبَعُهُ سَبعُونَ أَلفًا مِن يَهُودِ أَصبَهَانَ، وَعَامَّةُ مَن يَتبَعُهُ اليَهُودُ وَالتُّركُ وَالنِّسَاءُ، وَيَبعَثُ اللهُ لَهُ شَيَاطِينَ فَيَقُولُونَ: استَعِن بِنَا عَلَى مَا تُرِيدُ، فَيَقُولُ: نَعَم، اذهَبُوا إِلَى النَّاسِ فَقُولُوا: أَنَا رَبُّهُم. فَيَبُثُّهُم فِي الآفَاقِ، إِلَى غَيرِ ذَلِكَ.

وأما فِتَنُهُ: فكثيرة لا تكاد تنحصر وفيها من العجائب ما فيها
مِنهَا: أَنَّهُ يَسِيرُ مَعَهُ جَبَلَانِ أَحَدُهُمَا فِيهِ أَشجَارٌ وَثِمَارٌ وَمَاءٌ، وَأَحَدُهُمَا فِيهِ دُخَانٌ وَنَارٌ، فَيَقُولُ: هَذِهِ الجَنَّةُ وَهَذِهِ النَّارُ، رَوَاهُ الحَاكِمُ وَابنُ عَسَاكِرَ عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا.

وَمِنهَا: أَنَّ مَعَهُ جَنَّةً وَنَارًا، وَرِجَالًا يَقتُلُهُم ثُمَّ يُحيِيهِم، وهَؤُلَاءِ الرِّجَالَ هُم شَيَاطِينُ، وَقَتلُهُ إِيَّاهُم وَإِحيَاؤُهُ إِنَّمَا هُوَ فِي رَأيِ العَينِ لَا عَلَى الحَقِيقَةِ، مَعَهُ جَبَلٌ مِن ثَرِيدٍ وَنَهَرٌ مِن مَاءٍ، رَوَاهُ نُعَيمٌ عَن حُذَيفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَفِي رِوَايَةٍ: «مَعَهُ جِبَالٌ مِن خُبزٍ، وَالنَّاسُ فِي جَهدٍ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَهُ، وَمَعَهُ نَهَرَانِ أَنَا أَعلَمُ بِهِمَا مِنهُ، نَهَرٌ يَقُولُ لَهُ: الجَنَّةُ، وَنَهَرٌ يَقُولُ لَهُ: النَّارُ، فَمَن أُدخِلَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الجَنَّةَ فَهُوَ النَّارُ، وَمَن أُدخِلَ الَّذِي يُسَمِّيهَ النَّارَ فَهُوَ الجَنَّةُ»، رَوَاهُ أَحمَدُ وَابنُ خُزَيمَةَ وَالحَاكِمُ وَسَعِيدُ بنُ مَنصُورٍ عَن جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. وَفِي رِوَايَةٍ: «لَأَنَا أَعلَمُ بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ مِنهُ، مَعَهُ نَهَرَانِ يَجرِيَانِ: أَحَدُهُمَا رَأيَ العَينِ مَاءٌ أَبيَضُ، وَالآخَرُ رَأيَ العَينِ نَارٌ تَأَجَّجُ، فَأَمَّا إِن أَدرَكَ ذَلِكَ وَاحِدٌ مِنكُم فَليَأتِ النَّهَرَ الَّذِي يَرَاهُ نَارًا وَليُغمِض، ثُمَّ ليُطَأطِئ رَأسَهُ فَليَشرَب، فَإِنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ». وَفِي رِوَايَةِ البُخَارِيِّ عَنِ المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ: «مَعَهُ جَبَلُ خُبزٍ». زَادَ مُسلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ: «مَعَهُ جِبَالُ خُبزٍ وَلَحمٍ، وَنَهَرٌ مِن مَاءٍ». وَفِي رِوَايَةِ إِبرَاهِيمَ: «أَنَّ مَعَهُ الطَّعَامَ وَالأَنهَارَ». وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بنِ هَارُونَ: «أَنَّ مَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ».

وَمِنهَا: أَنَّهُ تُطوَى لَهُ الأَرضُ مَنهَلًا مَنهَلًا، وَأَنَّهُ يَسِيحُ الأَرضَ كُلَّهَا فِي أَربَعِينَ يَومًا، وَمَا مِن بَلَدٍ إِلَّا وَسَيَطَؤُهَا إِلَّا مَكَّةَ وَالمَدِينَةَ.

وَسُرعَتُهُ فِي السَّيرِ كَالغَيثِ استَدبَرَتهُ الرِّيحُ.

وَمِنهَا: أَنَّ لَهُ ثَلَاثَ صَيحَاتٍ يَسمَعُهَا أَهلُ المَشرِقِ وَأَهلُ المَغرِبِ، وَيَتَنَاوَلُ الطَّيرَ مِنَ الجَوِّ وَيَشوِيهِ فِي الشَّمسِ شَيًّا، رَوَاهُ الحَاكِمُ وَابنُ عَسَاكِرَ عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا.

وَمِنهَا: أَنَّهُ يَخُوضُ البَحرَ فِي اليَومِ ثَلَاثَ خَوضَاتٍ لَا يَبلُغُ حِقوَيهِ، وَإِحدَى يَدَيهِ أَطوَلُ مِنَ الأُخرَى، فَيَمُدُّ الطَّوِيلَةَ فِي البَحرِ فَيَبلُغُ قَعرَهُ فَيُخرِجُ مِنَ الحِيتَانِ مَا يُرِيدُ» رَوَاهُ أَبُو نُعَيمٍ عَن حُذَيفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَمِنهَا: أَنَّهُ يَخرُجُ فِي خِفَّةٍ مِنَ الدِّينِ وَإِدبَارٍ مِنَ العِلمِ، فَلَا يَبقَى أَحَدٌ يُحَاجُّهُ فِي أَكثَرِ الأَرضِ وَيَذهَلُ النَّاسُ عَن ذِكرِهِ، وَأَنَّ أَكثَرَ مَا يَتبَعُهُ الأَعرَابُ وَالنِّسَاءُ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَرُدُّ أُمَّهُ وَبِنتَهُ وَأُختَهُ وَعَمَّتَهُ فَيُوثِقُهُنَّ رِبَاطًا مَخَافَةَ أَن يَخرُجنَ إِلَيهِ. وَأَنَّهُ يَأتِي فَيَقُولُ لِأَعرَابِيٍّ: أَرَأَيتَ إِن بَعَثتُ لَكَ أَبَاكَ وَبَعثتُ لَكَ أُمَّكَ، أَتَشهَدُ أَنِّي رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ لَهُ: نَعَم، فَيَتَمَثَّلُ لَهُ شَيطَانٌ عَلَى صُورَةِ أَبِيهِ وَآخَرُ عَلَى صُورَةِ أُمِّهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: يَا بُنَيَّ، اتَّبِعهُ فَإِنَّهُ رَبُّكَ، فَيَتَّبِعُهُ، وَمِن ثُمَّ قَالَ حُذَيفَةُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: لَو خَرَجَ الدَّجَّالُ فِي زَمَانِكُم لَرَمَتهُ الصِّبيَانُ بِالخَزَفِ، وَلَكِنَّهُ يَخرُجُ فِي نَقصٍ مِنَ العِلمِ وَخِفَّةٍ مِنَ الدِّينِ. وَالمُرَادُ بِالأَعرَابِ هُنَا: كُلُّ بَعِيدٍ عَنِ العُلَمَاءِ سَاكِنٍ فِي البَادِيَةِ وَالجِبَالِ، لِأَنَّهُم لَيسَ عِندَهُم مَا يُمَيِّزُونَ بِهِ بَینَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، وَأَكثَرُ النُّفُوسِ مَائِلَةٌ إِلَى تَصدِيقِ الخَوَارِقِ.

وَمِنهَا: أَنَّ اللهَ يَبعَثُ لَهُ الشَّيَاطِينَ مِن مَشَارِقِ الأَرضِ وَمَغَارِبِهَا فَيَقُولُونَ: استَعِن بِنَا عَلَى مَن شِئتَ، فَيَقُولُ: نَعَم، انطَلِقُوا فَأَخبِرُوا النَّاسَ أَنِّي رَبُّهُم، وَأَنِّي قَد جِئتُهُم بِجَنَّتِي وَنَارِي، فَتَنطَلِقُ الشَّيَاطِينُ فَيَدخُلُ عَلَى الرَّجُلِ أَكثَرُ مِن مِائَةِ شَيطَانٍ، فَيَتَمَثَّلُونَ لَهُ بِصُورَةِ وَالِدِهِ وَوَالِدَتِهِ وَإِخوَتِهِ وَمَوَالِيهِ وَرَفِيقِهِ فَيَقُولُونَ: يَا فُلَانٌ أَتَعرِفُنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمُ الرَّجُلُ: نَعَم، هَذَا أَبِي، وَهَذِهِ أُمِّي، وَهَذِهِ أُختِي، وَهَذَا أَخِي، فَيَقُولُ الرَّجُلُ: مَا نَبَأُكُم؟ فَيَقُولُونَ: بَل أَنتَ أَخبِرنَا مَا نَبَأُكَ؟ فَيَقُولُ الرَّجُلُ: إِنَّا قَد أُخبِرنَا أَنَّ عَدُوَّ اللهِ الدَّجَّالَ قَد خَرَجَ، فَتَقُولُ لَهُ الشَّيَاطِينُ: مَهلًا، لَا تَقُل هَذَا، فَإِنَّهُ رَبُّكُم يُرِيدُ القَضَاءَ فِيكُم، هَذِهِ جَنَّتُهُ قَد جَاءَ بِهَا وَنَارُهُ، وَمَعَهُ الأَنهَارُ وَالطَّعَامُ، ، فَيَقُولُ الرَّجُلُ: كَذَبتُم، مَا أَنتُم إِلَّا شَيَاطِينُ وَهُوَ الكَذَّابُ، وَقَد بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَد حَدَّثَ حَدِيثَكُم وَحَذَّرَنَا وَأَنبَأَنَا بِهِ، فَلَا مَرحَبًا بِكُم، أَنتُمُ الشَّيَاطِينُ وَهُوَ عَدُوُّ اللهِ، وَلَيَسُوقَنَّ اللهُ إِلَيهِ عِيسَى ابنَ مَريَمَ فَيَقتُلَهُ، فَيَخسَؤُوا فَيَنقَلِبُوا خَائِبِينَ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّمَا أُحَدِّثُكُم هَذَا لِتَعقِلُوهُ وَتَفهَمُوهُ وَتَفقَهُوهُ وَتَعُوهُ، فَاعمَلُوا عَلَيهِ، وَحَدِّثُوا بِهِ مَن خَلفَكُم، وَليُحَدِّثِ الآخَرُ الآخَرَ، فَإِنَّ فِتنَتَهُ أَشَدُّ الفِتَنِ» رَوَاهُ نُعَيمٌ.

وَرَوَى هُوَ وَالحَاكِمُ فِي المُستَدرَكِ: عَنِ ابنِ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ بِلَفظِ: «وَتَأتِيهِ المَرأَةُ فَتَقُولُ: يَا رَبِّ أَحيِ ابنِي وَأَخِي وَزَوجِي، حَتَّى إِنَّهَا تُعَانِقُ شَيطَانًا، وَبُيُوتُهُم مَملُوءَةٌ شَيَاطِينَ، وَيَأتِيهِ الأَعرَابِيُّ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَحيِ لَنَا إِبِلَنَا وَغَنَمَنَا، فَيُعطِيهِم شَيَاطِينَ أَمثَالَ إِبِلِهِم وَغَنِمِهِم سَوَاءً بِالسِّنِّ وَالسِّمَةِ، فَيَقُولُونَ: لَو لَم يَكُن هَذَا رَبُّنَا لَم يُحيِ لَنَا مَوتَانَا»، أَي وَكَأَنَّ الحَدِيثَ الأَوَّلَ وَارِدٌ فِيمَن يَكفُرُ بِهِ، وَهَذَا فِيمَن يُؤمِنُ وَيَتَّبِعُهُ.

وَمِنهَا: أَنَّهُ يُنَادِي بِصَوتٍ لَهُ يُسمِعُ مَا بَينَ الخَافِقَينِ: إِلَى أَولِيَائِي، إِلَى أَولِيَائِي، إِلَى أَحبَابِي، إِلَى أَحبَابِي، فَأَنَا الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى، وَأَنَا رَبُّكُمُ الأَعلَى، كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ لَيسَ رَبُّكُم كَذَلِكَ، أَلَا إِنَّ الدَّجَّالَ أَكثَرُ أَتبَاعِهِ اليَهُودُ رَوَاهُ ابنُ المُنَادِي عَن عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ.

وَمِنهَا: أَنَّهُ يَأتِي عَلَى القَومِ فَيَدعُوهُم فَيُؤمِنُونَ بِهِ، فَيَأمُرُ السَّمَاءَ فَتُمطِرُ وَالأَرضَ فَتُنبِتُ، فَتَرُوحُ عَلَيهِم سَارِحَتُهُم – أَي مَاشِيَتُهُم – أَطوَلَ مَا كَانَت ذُرًى، أَي أَسمَنَهُ وَأَسبَغَهُ، أَي أَطوَلَهُ ضُرُوعًا وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأتِي عَلَى القَومِ فَيَدعُوهُم فَيَرُدُّونَ عَلَيهِ قَولَهُ فَيَنصَرِفُ عَنهُم، فَيُصبِحُونَ مُمحِلِينَ – أَي مُقحِطِينَ – لَيسَ بِأَيدِيهِم شَيءٌ مِن أَموَالِهِم، رَوَاهُ مُسلِمٌ عَنِ النَّوَّاسِ بنِ سَمعَانَ.

وَمِنهَا: أَنَّهُ يَمُرُّ بِالخِربَةِ فَيَقُولُ لَهَا: أَخرِجِي كُنُوزَكِ، فَتَتبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحلِ، رَوَاهُ مُسلِمٌ عَنِ النَّوَّاسِ. وَاليَعَاسِيبُ: جَمعُ يَعسُوبٍ، وَهُوَ ذَكَرُ النَّحلِ. وَالمُرَادُ هُنَا: جَمَاعَةُ النَّحلِ، لَكِنَّهُ كَنَّى عَنِ الجَمَاعَةِ بِاليَعسُوبِ وَهُوَ أَمِيرُهَا، لِأَنَّهُ مَتَى طَارَ تَبِعَتهُ جَمَاعَتُهُ.

وَمِنهَا: أَنَّهُ يَأتِي عَلَى النَّهَرِ فَيَأمُرُهُ أَن يَسِيلَ فَيَسِيلَ، ثُمَّ يَأمُرُهُ أَن يَرجِعَ فَيَرجِعَ، ثُمَّ يَأمُرُهُ أَن يَيبَسَ فَيَيبَسَ، رَوَاهُ نُعَيمُ بنُ حَمَّادٍ عَن كَعبِ الأَحبَارِ.

وَمِنهَا: أَنَّهُ يَأمُرُ جَبَلَ طُورِ سَينَاءَ وَجَبَلَ زِيتَا أَن يَنتَطِحَا فَيَنتَطِحَا، وَيَأمُرُ الرِّيحَ أَن تُثِيرَ سَحَابًا مِنَ البَحرِ فَتُمطِرُ الأَرضُ، رَوَاهُ نُعَيمٌ عَنهُ أَيضًا.

وَمِنهَا: أَنَّ قَبلَ خُرُوجِهِ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ شَدَائِدَ يُصِيبُ النَّاسَ فِيهَا جُوعٌ شَدِيدٌ، يَأمُرُ اللهُ السَّمَاءَ فِي السَّنَةِ الأُولَى أَن تَحبِسَ ثُلُثَ مَطَرِهَا، وَيَأمُرُ الأَرضَ أَن تَحبِسَ ثُلُثَ نَبَاتِهَا، ثُمَّ يَأمُرُ اللهُ السَّمَاءَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَتَحبِسُ ثُلُثَ مَطِرِها، وَيَأمُرُ الأَرضَ فَتَحبِسُ ثُلُثَ نَبَاتِهَا، ثُمَّ يَأمُرُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّمَاءَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ فَلَا تُمطِرُ قَطرَةً، وَيَأمُرُ الأَرضَ فَلَا تُنبِتُ خَضرَاءَ، فَلَا يَبقَى ذَاتُ ظُلفٍ إِلَّا هَلَكَت إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا يُعِيشُ النَّاسَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «التَّسبِيحُ وَالتَّكبِيرُ، يَجرِي ذَلِكَ مِنهُم مَجرَى الطَّعَامِ»، رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَابنُ خُزَيمَةَ وَالحَاكِمُ عَن أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَمِنهَا: أَنَّهُ يُسَلَّطُ عَلَى نَفسٍ وَاحِدَةٍ فَيَنشُرُهَا بِالمِنشَارِ حَتَّى يُلقِيَهَا شِقَّينِ، فَيَمُرُّ الدَّجَّالُ بَينَهُمَا ثُمَّ يَقُولُ: انظُرُوا هَذَا فَإِنِّي أَبعَثُهُ الآنَ ثُمَّ يَزعُمُ أَنَّ لَهُ رَبًّا غَيرِي، ثُمَّ يَبعَثُهُ اللهُ فَيَقُولُ لَهُ الخَبِيثُ: مَن رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللهُ وَأَنتَ عَدُوُّ اللهِ الدَّجَّالُ، وَاللهِ مَا كُنتُ قَطُّ أَشَدَّ بَصِيرَةً فِيكَ مِنِّي الآنَ، فَيُرِيدُ أَن يَقتُلَهُ ثَانِيًا فَلَا يُسَلَّطُ عَلَيهِ، رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَابنُ خُزَيمَةَ وَالحَاكِمُ وَالضِّيَاءُ عَن أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

السؤال الفقهي
لمن تُدفع الزكاة؟
لَا يَجُوزُ دَفعُ الزَّكَاةِ إِلَّا إِلَى مُستَحِقِّيهَا وَهُمُ الأَصنَافُ الثَّمَانِيَةُ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي القُرآنِ الكَرِيمِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ (سورة التوبة ءاية 60).

الأَصنَافُ الثَّمَانِيَةُ
هُمُ: الفُقَرَاءُ وَالمَسَاكِينُ وَالعَامِلُونَ عَلَيهَا وَالمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُم وَالرِّقَابُ وَالغَارِمُونَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابنُ السَّبِيلِ.

فَشُرُوطُ صِحَّةِ دَفعِ الزَّكَاةِ
صَرفُهَا لِمُستَحِقِّيهَا وَهُمُ الأَصنَافُ الثَّمَانِيَةُ الَّذِينَ مَرَّ ذِكرُهُم.

صَرْفُها لِمسلِمٍ وَلَا يَصِحُّ دَفعُها لِكَافِرٍ.

وَدَفْعُهَا لِحُرٍّ فَلَا يَجُوزُ دَفعُهَا لِلرَّقِيقُ إِلَّا المُكَاتَبِ.

وَأَنْ لَا يَكُُونَ آخِذُهَا مِن بَنِي هَاشِمٍ أَو بَنِي المُطَّلِب. فَالمَنسُوبُ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم لَا يَجُوزُ لَهُ أَكلُ مَالِ الزَّكَاةِ وَلَو كَانَ فَقِيرًا.

إِذًا هَل يَجُوزُ دَفعُ الزَّكَاةِ لِبَنَاءِ المَسَاجِدِ؟ لَا يَجُوزُ وَلَا تَسقُطُ الزَّكَاةُ.

هَل يُقبَلُ العَمَلُ الخَيرِيُّ بَدَلًا مِن دَفعِ الزَّكَاةِ؟ لَا يُقبَلُ وَلَا تَسقُطُ الزَّكَاةُ.

هَل يَجُوزُ دَفعُ الزَّكَاةِ لِلأَقَارِبِ؟ إِذَا كَانَ قَرِيبًا لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ كَابنِ العَمِّ وَابنِ الخَالِ وَكَانَ فَقِيرًا، أَمَّا مَن تَجِبُ نَفَقَتُهُ كَالزَّوجَةِ وَالأَولَادِ الصِّغَارِ وَالأَبِ وَالأُمِّ الفَقِيرَينِ فَلَا تُدفَعُ لَهُم.

مختارات من الأدعية والأذكار
ما يقول عند الغضب
عَن سُلَيمَانَ بنِ صُرَدَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: استَبَّ رَجُلَانِ عِندَ النَّبِيِّ ﷺ فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا تَحمَرُّ عَينَاهُ وَتَنتَفِخُ أَودَاجُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنِّي لَأَعرِفُ كَلِمَةً لَو قَالَهَا ذَهَبَ عَنهُ الَّذِي يَجِدُ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ». رواه مسلم.

الدعاء الختامي
الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِي رَسُولِ اللهِ.

اللهم ارحَمنا بِتَركِ المَعَاصِي أَبَدًا مَا أَبقَيتَنا، وَارحَمنا أَن نتَكَلَّفَ مَا لَا يَعنِينا، وَارزُقنا حُسنَ النَّظَرِ فِيمَا يُرضِيكَ عَنا، اللهم بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ ذَا الجَلَالِ وَالإِكرَامِ والقوة الَّتِي لَا تُرَامُ، نسأَلُكَ يَا اللَّهُ يَا رَحمَنُ بِجَلَالِكَ ورحمتك، أَن تُلزِمَ قَلوبنا حِفظَ كِتَابِكَ كَمَا عَلَّمتَنا، وَارزُقنا أَن نتلُوَهُ عَلَى النَّحوِ الَّذِي يُرضِيكَ عَنا، اللهم بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ ذَا الجَلَالِ وَالإِكرَامِ وَالعِزَّةِ الَّتِي لَا تُرَامُ نسأَلُكَ يَا اللَّهُ يَا رَحمَنُ بِجَلَالِكَ ورحمتك، أَن تُنَوِّرَ بِكِتَابِكَ أبصارنا، وَأَن تُطلِقَ بِهِ لِسَاننا، وَأَن تُفَرِّجَ بِهِ عَن قَلوبنا، وَأَن تَشرَحَ بِهِ صُدُورَنَا، وَأَن تَشغَلَ بِهِ أَبدَانَنَا، فَإِنَّهُ لَا يُعِينُنا عَلَى الحَقِّ غَيرُكَ، وَلَا حَولَ وَلَا قُوَّةَ إِلَاّ بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

اللهم إِنَّك أَعطَيتَنَا الإِسلَامَ مِن غَيرِ أَن نَسأَلَكَ فَلَا تَحرِمنَا الجَنَّةَ وَنَحنُ نَسأَلُكَ.

اللهم لَا تَحرِمنَا خَيرَ مَا عِندَكَ لِشَرِّ مَا عِندَنَا فَإِن لَم تَقبَل تَعَبَنَا وَنَصَبَنَا فَلَا تَحرِمنَا أَجرَ المُصَابِ عَلَى مُصِيبَتِنَا، اللهم لَا تَكِلنَا إِلَى أَنفُسِنَا وَلَا إِلَى النَّاسِ فَنَضِيعَ اللهم زَهِّدنَا فِي الدُّنيَا اللهم امحُ مَا فِي قُلُوبِنَا مِن كَذِبٍ وَخِيَانَةٍ وَاجعَل مَكَانَهُ صِدقًا وَأَمَانَةً.

اللهم إِنَّا نَسأَلُكَ مِن خَيرِ مَا أَحَاطَ بِهِ عِلمُكَ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّ مَا أَحَاطَ بِهِ عِلمُكَ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ….

اللهم إِنا نعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِن عُقُوبَتِكَ، وَنعُوذُ بِرِضَاكَ مِن سَخَطِكَ، وَنعُوذُ بِكَ مِنكَ، اللهم لَا نستَطِيعُ أَن نبلُغَ ثَنَاءً عَلَيكَ وَلَو حَرَصنا، وَلَكِن أَنتَ كَمَا أَثنَيتَ عَلَى نَفسِكَ.

اللهم إِنَّا نَسأَلُكَ لِأَهلِ غَزَّةَ النَّجَاةَ النَّجَاةَ يَا اللهُ، اللهم وَلَا تُشَمِّت أَعدَائَكَ فِينَا وَلَا تُؤَاخِد أَهلَ غَزَّةَ بِذُنُوبِنَا. اللهم بِحَقِّ أَسمَائِكَ الحُسنَى احفَظ أَهلَنَا وَأَحبَابَنَا فِي غَزَّةَ وَسَبِّب لَهُم سَبَبًا لِلنَّجَاةِ مِن عَدُوِّهِم وَقَرِّب إِلَيهِمُ النَّصرَ. يَا رَبُّ نَسأَلُكَ بِعَظِيمِ فَضلِكَ أَن تَرحَمَ ضَعفَ أَهلِ غَزَّةَ وَتَنصُرَهُم عَلَى أَعدَائِهِم نَصرًا عَظِيمًا، كَمَا نَجَّيتَ نَبِيَّكَ إِبرَاهِيمَ مِن نَارِ النُّمرُودِ. اللهم رُدَّ كَيدَ اليَهُودِ وَاجعَل نَارَهُم بَردًا عَلَى أَهلِ غَزَّةَ، وَنَجِّهِم بِقُوَّتِكَ وَسَلِّط جُنُودَكَ عَلَى المُعتَدِينَ.

اللهم ارفَعِ البَلَاءَ وَالوَبَاءَ وَالأَمرَاضَ عَنِ المُسلِمِينَ فِي مَشَارِقِ الأَرضِ وَمَغَارِبِهَا إِكرَامًا لِوَجهِ مُحَمَّدٍ ﷺ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللهم تَوَفَّنَا عَلَى كَامِلِ الإِيمَانِ وَارزُقنَا شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ وَمَوتًا فِي بَلَدِ نَبِيِّكَ ﷺ، وَاحشُرنَا عَلَى نُوقٍ رَحَائِلُهَا مِن ذَهَبٍ آمِنِينَ مُطمَئِنِّينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.

اللهم انصُر عِبَادَكَ فِي فِلَسطِينَ وَسَخِّر لَهُمُ الأَرضَ وَمَن عَلَيهَا وَالسَّمَاءَ وَمَن فِيهَا. اللهم بِقُوَّتِكَ نَسأَلُكَ يَا اللهُ يَا سَمِيعُ يَا قَرِيبُ، يَا مُجِيبُ يَا مُنتَقِمُ يَا جَبَّارُ، يَا قَهَّارُ يَا عَظِيمَ القَهرِ أَن تَجعَلَ كَيدَ المُحتَلِّينَ فِي نَحرِهِم، وَاجعَل مَكرَهُم عَائِدًا إِلَيهِم.

رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

اللهم أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ، اللهم أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ، اللهم أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ

اللهم أَعِنَّا عَلَى الصِّيَامِ وَالقِيَامِ وَتَقَبَّل مِنَّا يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللهم اجعَلنَا مِن عُتَقَاءِ هَذَا الشَّهرِ الكَرِيمِ وَمِنَ المَقبُولِينَ يَا أَكرَمَ الأَكرَمِينَ، اللهم أَعتِقنَا فِيهِ مِنَ النِّيرَانِ يَا اللهُ يَا اللهُ يَا اللهُ، اللهم أَرِنَا لَيلَةَ القَدرِ المُبَارَكَةَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ وَارزُقنَا فِيهَا دَعوَةً مُجَابَةً بِجَاهِ سَيِّدِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ يَا اللهُ. اللهم ارزُقنَا حُسنَ الخِتَامِ وَالمَوتَ عَلَى دِينِكَ دِينِ الإِسلَامِ وَرُؤيَةَ سَيِّدِ الأَنَامِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ﷺ.

اللهم إِنَّا دَعَونَاكَ فَاستَجِب لَنَا دُعَاءَنَا وَاغفِرِ اللهم لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسرَافَنَا فِي أَمرِنَا وَمَا أَنتَ أَعلَمُ بِهِ مِنَّا وَارزُق كُلَّ مَن حَضَرَ وَاستَمَعَ لِلدَّرسِ سُؤلَهُ مِنَ الخَيرِ وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ وَسَلِّم تَسلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَومِ الدِّينِ.

وَآخِرُ دَعوَانَا أَنِ الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

 

شاهد أيضاً

شرح دعاء “اللهم إني أسألك من الخير كله” ودلالاته في طلب الجنة والوقاية من النار

المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله الذي أنزلَ على عبده الكتاب ولم يجعل لهُ …