فضل العلم والتعلم

إن العلم والتفقه في الدين أسنى سائر الاعمال التي يتقرب بها العبد المؤمن الى الله تعالى. والعلم هو اسنى ما انفقت فيه نفائس الاوقات ومن أولى ما علقت به الرغبات. قال الله تبارك وتعالى: ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾ ويقول: ﴿قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾ أي لا يستويان. ويقول الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم: “من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين” رواه البخاري.

إن علم الدين يحتاج اليه سائر طوائف الناس: الحكام والآباء والامهات والتجار وغيرهم. ولا يستغني عن العلم، علم الدين، طبقة من طبقات الناس. ولما كان علم الدين في العصور المتقدمة الفاضلة عصر الصحابة والتابعين واتباع التابعين وما يلي ذلك أوفر بكثير كانت حال المسلمين أحسن بكثير مما صرنا اليه في هذه العصور.

الدعوة الى وقاية النفس والاهل من النار

أخي المسلم، إن العبد لا يكون عبداً تقياً صالحاً إلا بالعلم مع العمل. ولا يكون مطبقاً لقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون﴾ إلا بالتعلم فقد جاء في تفسير هذه الآية عن الامام علي بن ابي طالب رضي الله عنه أن وقاية النفس والاهل تكون بتعلم الامور الدينية أي تعلم ما فرض الله علينا فعله وتعلم ما فرض الله علينا اجتنابه، أي الحلال والحرام.

روى الترمذي بإسناد صحيح من حديث ابي امامة الباهلي رضي الله عنه قال: كان رجلان احدهما عابد والآخر عالم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، وإن الله وملائكته حتى الحيتان في البحر ليصلون على معلم الناس الخير”. إن هذه المفاضلة المذكورة هي بين عالم هو حق العالم وبين عابد هو حق العابد.

لقد رفع الله سبحانه وتعالى درجة العلماء العاملين لأن بالعلم يصلح الله فساداً كثيراً وينجي به من المهالك خلقاً كثيراً. وبالعلم يعرف العبد مراتب الاعمال: المحرم والمكروه والمندوب وما هو من المعاصي في مرتبة الكبائر وما هو في مرتبة الصغائر.

أخي المسلم، إن أردت إطاعة الله فعليك أن تطبق قول الله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة﴾ وإن أردت أن تكون محباً للرسول الحب الكامل فالتزم بقوله صلى الله عليه وسلم: “طلب العلم فريضة على كل مسلم” رواه البخاري أي أن الله فرض على كل مسلم بالغ عاقل ذكراً كان أو أنثى أن يتعلم القدر الضروري من علم الدين، وطبّق ما تعلمته على نفسك.

أخي المسلم، انك ترى ما تعانيه مجتمعاتنا وما تقاسيه من التخبط بالجهل وعدم الادراك وقلة الوعي.وإن علاج أمراضنا متوقف على مدى التزامنا بحدود الله وتطبيقنا لشرعه الحنيف القويم.

يُروى أن الفقيه المحدث أبا عمرو بن الصلاح الشهرزوري الدمشقي من اهل القرن السادس الهجري حُفر عن قبره في دمشق منذ خمسة وعشرين سنة تقريباً من اجل التخطيط الهندسي فعثر على جثته صحيحة لم يبل شيء من جسده ولا كنفه ثم نقلت الى مكان آخر ودفنت فيه. لقد نال ذلك بالعلم والعمل والولاية حق الولاية. والمعلوم أن أجساد الانبياء والشهداء لا تبلى وكذلك اجساد بعض الاولياء الذين أخلصوا نياتهم لله والتزموا بشرعه واستقاموا على طاعته.

بيان أن التوحيد أفضل العلوم

إعلم أخي المسلم، ان شرف علم التوحيد على غيره من العلوم لكونه متعلقاً بأشرف المعلومات التي هي أصول الدين أي: معرفة الله ورسوله. قال الله تعالى: ﴿فاعلم أنه لا إله إلا الله﴾ وقال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كِفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به ويغفر لكم﴾.

وقال الامام أبو حنيفة في “الفقه الابسط”: “أصل التوحيد وما يصح الاعتقاد عليه وما يتعلق منها بالاعتقاديات هو الفقه الاكبر”.
وقال الامام ابو الحسن الاشعري “أول ما يجب على العبد العلم بالله ورسوله ودينه” إن شرف العلم بشرف المعلوم. فلما كان علم التوحيد يفيد معرفة الله على ما يليق به ومعرفة رسوله على ما يليق به، وتنزيه الله عما لا يجوز عليه وتبرئة الانبياء عما لا يليق بهم، كان أفضل من علم الاحكام.

قال الامام الشافعي “أحكمنا هذا قبل ذاك” أي أتقنا علم التوحيد قبل علم فروع الفقه.

أخي المسلم، عليك بوقاية نفسك وأهلك من النار، فإن أشدّ ما خلق الله من نار هي نار الآخرة. وأقْبِل الى مجالس العلم التي فيها كل الخير والبركة والنفع لك في الدنيا والآخرة. بل واهرع الى هذه المجالس لتتزود من المسائل الضرورية في أصول العقيدة والاحكام الفقهية لتكون لك ذخراً.

شاهد أيضاً

نبي الله ءادم عليه الصلاة والسلام

قال الله تعالى :{ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى ءادَمَ وَنُوحًا وَءالَ إِبْرَاهِيمَ وَءالَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} …