الآن نتكلم إن شاء الله عن النشوز وهو ارتفاع الزوجة عن أداء الحق الواجب عليها كالخروج عن طاعته بالخروج من بيته بغير إذنه وتركِ الإجابة إلى الجماع فى الفراش مثلا. وليس مجرّد شتمِ الزوج نشوزاً وإن كان حراماً. وإذا خاف الزوجُ نشوزَ المرأة أى الزوجة وفى بعض النسخ وإذا بان نشوزُ المرأة أى إذا ظهرت أماراتُه أى علاماتُه بأن كانت العلامةُ فعلاً أو قولاً فإن الزوج عند ذلك يَعِظُها لتَترُكَ ذلك. يعنى الآن كلامنا عن العلامة، ليس أنها نشزت بالفعل إنما ظهرت له علامات أحسَّ أنها مقدِّماتٌ للنشوز، فإنه عند ذلك يَعِظُها لتترُكَ ذلك فيُذَكِّرها بعواقب مثلِ هذا الأمر ويكون ذلك من غير هجرها فى الفراش ومن غير ضربِها لأنها ليست ناشزة بعد. يقول لها مثلاً اتقِى الله بأداء حقى لا تقصرى بأداء حقى اعرفِى أنَّ هذا معصية تستحقين عليها العقاب فى الآخرة ويذكِّرُها بأن نشوزَها يُسقِطُ نفقَتَها ويُسْقِطُ قسْمَها فلا يعود لها حق فى النوبة. يذكِّرُها لعلها تُبدِى عذراً أو تتوب إذا كان حصل منها معصية. ومثال العلامة بالفعل الإعراض والعبوس بعد اللطف وطلاقة الوجه فهذا علامة أن هذا قد يتبَعُه النشوز، هذه علامة فعلية أي بالفعل. ومثال القول أن تُجيبَه بكلام خَشن بعد أن كانت تكلِّمْه بلِين. فمعنى قولِ الله تعالى { وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ } أنه إذا خِفتم أيها الرجال نشوزَ أزواجِكم فعِظوهن، ابدأوا بالوعظ فإن نشزن فعند ذلك اهجُروهن فى المضاجع، أي لكم الهجرُ والضربُ هذا معنى الآية، ليس معناها أنه إذا خاف الرجل النشوز من زوجته له أن يهجر أو أن يضرب لا، إنما إذا خاف النشوز وعظ فإذا تحقق النشوز هجرَ وضربَ مع الوعظ لا شك. فإن أبت المرأةُ بعد الوعظ إلا النشوز، معناه لم ينفع الوعظُ معها لقساوة قلبِها، هجرها فى الْمَضْجِع، معناه ترك مضاجَعَتَها فى الفراش بالوطء وغيرِه، ليس معناه هجرها بالكلام، الهجرُ هنا معناه تركُ المضاجعة فى الفراش بالوطء وغيره، وضَرَبَها تأديباً لها. ولا يجوز ضربُها على الوجه ولا فى المقاتل. ويسقُطُ بالنشوز ولو فى أثناء اليوم قَسْمُها، يسقُطُ قسمها فى ذلك الدور وفيما بعدَه طالما هى ناشز، وكذلك تسقُطُ نفقَتُها، النفقة المراد الطعامُ وتوابِعُهُ والسُّكْنَى والكِسوة، كل هذا يسقط، يعنى حتى لو نشزت فى أثناء الفصل سقطت كسوة ذلك الفصل عنه فإن رجَعت إلى طاعته لم ترجِع لها إنما تكسو نفسَها إلى نهاية الفصل ثم يكسوها هو فى الفصل الذي بعده، لكن السكنَى ترجِعُ لها فى اليوم الذي عادت فيه إلى الطاعة لأن السكنَى لا بد منها. بهذا نكون أنهينا الكلام على النشوز والحمد لله رب العالمين.
