الآن إن شاء الله نتكلم عن الطلاق. وألفاظُ الطلاق نوعان صريح وكناية. الصريح هو الذي لا يحتَمِلُ إلا معنى الطلاق، لا يحتَمِلُ معنًى ءاخر ولا بد لوقوعه من التلفظ به فلا تكفى الإشارة ولو كان الشخص يقصِدُ بها الطلاق طالما هو قادر على النطق، ولا بد أن يُسْمِعَ نفسَه على الأقل عند التلفظ ولو تقديراً بمعنى أنه لو كان هناك ضجيج فتلفظ بالطلاق ولم يَسْمَع نفسه لكن لو كان هناك هدوء لكان سَمِع، يقع الطلاق لأنه هنا يُقَدَّر كأنه سمع أما إن حرك شفتيه مجرد تحريك من غير صوت لا يقع الطلاق بذلك. ولا يُشتَرَطُ فى الصريح نية. والألفاظُ الصريحة بنفسها أي التي تُعتَبَر صريحة من غير شىء معها ثلاثةُ ألفاظ، أوَّلُها الطلاق مثل أن يقول الرجل لزوجته أوقعتُ عليكِ الطلاق أو كأن يقول لها أنت طالق أو كأن يقول لها أنت مطلّقة. واللفظ الثاني هو الفِراقُ والثالثُ السَّراحُ فإذا قال الرجل لزوجته طلقتُك أو قال لها فارقتك أو قال لها سرّحتك فهو صريح فى الطلاق. ومثلُ فارقتُك أنت مُفارَقَة، وسرّحتك أنت مسرَّحة. وليس من الصريح أنت طلاق، إنما طلقتك يصح، أنت طالق يصح أما أنتِ طلاق أو أنتِ فِراق أو نحو ذلك هذا ليس من الصريح. ويستثنى مما ذكرناه فى وقوع الطلاق الصريح من غير حاجة إلى نية، المكرَه فإن الصريح فى حقه كالكناية فى حق غيره يعني إذا أُكره على النطق بلفظ صريح فى الطلاق لا يقع إلا إن نوى به الطلاق فإن لم ينو لا يقع وإن كان اللفظ صريحاً لأنه مكره.
وأما الكناية فهى كلُّ لفظ احتمَلَ الطلاقَ وغيرَه.كأن يقولَ الزوج لزوجته أنت بَرِيَّة، قد يقصد بهذا أنت برية منى يعنى من الزواج، وقد يقصِد أنتِ برية من العيوب فيُنظَرُ إلى قصده فيَفْتَقر إيقاع الطلاق عند ذلك إلى النية، إن نوى بهذا اللفظ الطلاق وقع وإلا فلا. مثال ذلك مثلاً أنتِ بَتَّةٌ، بتةٌ يعنى مقطوعةٌ، قد يقصِدُ بها أنت بتةٌ من النكاح، أنت بتةُ النكاح مقطوعةُ النكاح يعنى طلقتُك، وقد يقصِد أنتِ بتةُ الأهل مقطوعةٌ من الأهل أو غيرَ ذلك، فيُنظَرُ هنا إلى قصده إن قصد الطلاق وقع وإلا فلا. ومن ذلك أيضاً دعينِى، إن نوى به الطلاق فهو طلاق وإلا فلا. مثال ءاخر لا حاجة لى فيك. ومنها أنتِ عَلَىَّ حرام، قد يقصِد بذلك الطلاق وقد يقصِد بذلك أَمنعُ نفسى منكِ، فإن قَصَدَ الطلاق فهى طالق وإلا فلا. وألفاظُ الكناية كثيرة لا تَنْضَبِط الآن إنما من عَرَفَ القاعدة الشرعية طَبَّقَها. أما مثلاً لو قال لها بارك الله فيك، لا يعتبر لا صريحاً ولا كناية لأنه لا يحتمل الطلاق، معنى بارك الله فيك لا يحتمل الطلاق، هذا لا يدخل فى الصريح ولا فى الكناية فالقاعدة الشرعية فى الكناية هي أن كلَّ لفظ احتمل الطلاق وغيرَه يُنظَرُ فيه إلى نية القائل إن قصد الطلاق فهو طلاق وإلا فلا.