وجوب تحري الحلال في اللحوم

الحمد لله رب العالمين، الملك الحق المبين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد النبيين والمرسلين وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين وبعد.

اعلم أخي المسلم أن الله تبارك وتعالى حث على طلب علم الدين فقال: ﴿قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾. ومن ذلك معرفة أحكام الذبائح، فإن الذكاة الشرعية تكون بقطع مجرى الطعام والشراب ومجرى النفس بما له حد بشرط أن يكون الذابح مسلمًا أو يهوديًا أو نصرانيًا، فإذا حصل هذا وكان المذبوح مأكولا حل أكله لمن علم، وأما ما كان موته بما لا حد له كأن مات بسبب التردي أو الغرق أو شىء يزهق الروح بثقله أو كانت وفاته بالصعق الكهربائي فلا يحل أكله.
لقد بيّن الله تعالى لنا أمور الحلال والحرام فقد قال ربنا في كتابه العزيز: ﴿حرّمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير﴾. فالله تعالى أخبرنا أن الميتة محرّمة علينا، والنبي صلى الله عليه وسلم بيّن لنا كيف تكون الميتة كما ذكر الفقهاء وبيّن لنا كيف يكون اللحم المذكى ذكاة شرعية وهي أن يكون الذابح مسلمًا أو كتابيًا (يهوديًا أو نصرانيًا) وأن يذبح بآلة حادة غير الظفر والعظم وأن يقطع مجريي الهواء والطعام.

فلولا هذا البيان الذي لا نعرفه إلا بتعلم أمور الفقه كيف كنا نعرف ما هي الميتة وما شروط التذكية الشرعية؟ لمّا سأل رجل الرسول صلى الله عليه وسلم عن طير رماه بسهم فوقع الطير في الماء فلا يدري ألسهم قتله أم الماء قال له عليه الصلاة والسلام: “هو حرام”. فإذا كان المشكوك في كيفية قتله لا يجوز أكله فكيف بما علم يقينًا أنه غير مذكى ذكاة شرعية، فاحذروا من يفتي بغير شرع الله ويستحل أكل الميتة التي كان وفاتها بالصعق الكهربائي، واحذروا من استحل أكل المطعومات التي تحتوي على كميات قليلة من لحم الخنزير وشحمه وهذا خلاف الآية الصريحة التي ذكرناها وهي في أول سورة المائدة.
وقد موّه البعض بإيراد حديث أخرجه البخاري وفسروه على غير وجهه، والحديث ورد في ذبيحة أناس مسلمين قريبي عهد بكفر فعن عائشة أن قومًا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن قومًا يأتوننا بلحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا، فقال: “سمّوا عليه أنتم وكلوه”، قالت: “وكانوا حديثي عهد بالكفر”. ومعنى الحديث: أن هذه اللحوم حلال لأنها مذكاة بأيدي مسلمين ولو كانوا حديثي عهد بكفر، ولا يضركم أنكم لم تعلموا هل سمّى أولئك عند ذبحها أم لا، وسمّوا أنتم عند أكلها ندبًا لا وجوبًا لأن التسمية سنّة عند الذبح فإن تركها الذابح حلّ الأكل من الذبيحة.

أيها الأحبة الكرام، الأدلة الشرعية تشير إلى وجوب تعلم أمور الفقه فلا يجوز أن نهمل كلام النبي صلى الله عليه وسلم ونصوص العلماء المعتبرين فنعمل بكلام فيه معارضة للشريعة.

شاهد أيضاً

التسوية بين الزوجات

ننتقل الآن للكلام على القَسْم بين الزوجات. والتسويةُ فى القسم بالنسبة للمبيت واجبةٌ بين الزوجات. …