حكم الخواطر وكيفية صرف خواطر السوء

الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن والصلاة والسلام على رسول الله النبي الأمي القرشي وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين، وبعد.

اعلم أخي المسلم أن الله تبارك وتعالى قد حذّرنا حبائل الشيطان وأمرنا أن نتخذه عدوًّا فقال: ﴿فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ فمن تلك الحبائل ما ذكره النبي عليه الصلاة والسلام مما رواه الإمام ابن حبان من حديث أبى هريرة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يَأْتِىالشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالأَرْضَ فَيَقُولُ: الله، فَيَقُولُ (أَيِ الشَّيْطَانُ) مَنْ خَلَقَ اللهَ، فَإِذَا أَحَسَّ أَحَدُكُمْ بِذَلِكَ فَلْيَقُلْ ءَامَنْتُ بِاللهِ وَبِرُسُلِهِ”.

وروى البخاري من طريق أبى هريرة رضي الله عنه قال: “قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا لَنَجِدُ شَيْئًا فِي أَنْفُسِنَا مَا لا نُحِبُّ أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهِ وَأَنَّ لَنَا مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَقَدْ وَجَدْتُمْ ذَلِكَ، قَالُوا نَعَمْ، قَالَ فَذَلِكَ صَرِيحُ الإيمَانِ”. الحديث الأول معناه أنّ الشيطان يأتي إلى المسلم ليضله فيقول له أو يلقي في نفسه في صدر المسلم حديثًا لا تسمعه أذناه أو يتصور له بصورة إنسان فيجلس إليه يتكلم معه فيظنه أنسانًا فيقول له من خلق السموات والأرض فيقول هذا المسلم الله، ثم يقول الشيطان من خلقك فيقول المسلم الله، ثم يقول الشيطان من خلق الله، وهذا كفر والعياذ بالله؛ وهذا الشيطان قصده أن يدخل عليه الشك في الإيمان ويوقعه في الكفر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فَإِذَا أَحَسَّ أَحَدُكُمْ بِذَلِكَ فَلْيَقُلْ ءَامَنْتُ بِاللهِ وَبِرُسُلِهِ”.وفي بعض روايات هذا الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فَإِذَا أَحَسَّ أَحَدُكُمْ بِذَلِكَ فَلْيَنْتَهِ” معناه يترك هذا ويشغل خاطره بشىء ءاخر ولا يميل نحو الشك وإنما يستمر على عقيدة الإسلام والإيمان ولا يضره هذا الوسواس الذي كرهه في قلبه.

والحديث الثاني معناه انّه أذا طرأ على قلب المسلم شىء لا يحبه من كل ما هو يضادّ الإيمان ويخالف الإسلام وكرهه ولم تقبله نفسه فهذا هو صريح الإيمان كالوسواس الذي يأتي للشخص ويقول له الله جالس علىالعرش أو الله ساكن في السماء أو يقول له الله له بداية أو هو مخلوق فكل هذه الخواطر من الكفر والعياذ بالله والمؤمن يرفضها ولا يقبلها وهذا دليل إيمانه لأنه لولا إيمانه لقبل هذا الشىء واتبعه لكنّ الإيمان الذي أستقر في قلبه ردّ ذلك فلم يقبله لذلك يكتسب أجرًا عند الله تعالى لأنه لو قبِله لهلك ولخرج عن الإيمان.

وروى ابن حبان أيضًا عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إِنَّ لِلشَّيْطَانِ لَمَّةٌ وَلِلْمَلَكِ لَمَّةٌ فَأَمَّا لَمَّةُ الشَّيْطَانِ فَإِيعَازٌ بِالشَّرِ وَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ وَأَمَّا لَمَّةُ الْمَلَكِ فَإِيعَازٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فَلْيَحْمَدِ اللهَ”، فهذا الحديث الثالث فيه تحذير من وساوس الشيطان وفتنته وفيه بيان أن الشيطان يوعد بالشر ويحرك الإنسان إلى الشر ويحدّثه بعمل الشر والتخذيل للحق، يحركه ليشك بالحق أي لما جاء به الدين كأن يقول له شيطانه ماذا يدريك أنه يكون الأمر في الأخرة كما تعتقدون هناك، يقول له مايدريك أنه يوجد جنة والمؤمنون والأتقياء يتنعمون فيها لايصيبهم عذاب أو أن هناك نارًا للكفار والعصاة ما يدريك بذلك، يقول له لعله غير صحيح، والذي يشك بذلك يكون كافرًا من الكافرين، وقد يأتيه الشيطان ليمنعه من البر وتصدقة على الفقراء فيقول له لا تتصدق فقد تصيبك قلّة وفقر في المستقبل فيثبّطه عن هذا العمل الذي هو خير وهذا إلقاء الشيطان. أما الملك المؤكل بالإنسان فعكس ذلك يعده بالخير أي يلقي إليه في نفسه ما يحركه إلى عمل الخير والتصديق لما جاء في دين الله تعالى في أمر الآخرة ولينشطه إلى عمل البر؛ وهكذا الإنسان أحيانًا يجد في قلبه شيئًا يدفعه إلى الضّلال ويحرّكه على الفساد على المعاصي وأحيانًا يجد عكس ذلك يجد كأنّ شيئًا يحركه على عمل الخير على البعد عن الذنوب في الدنيا؛ فليكن المرء منا مستجيبًا لما يحركه إليه الملك وليكن مبتعدًا عن وساوس الشيطان ولايستجيب لما يلقيه إليه الشيطان من البعد عن الخير حتى يكون من الفائزين.

نسأل الله تبارك و تعالى أن يحفظنا من وساوس الشيطان وأن يثبتنا علىالحق وأن يكرمنا برؤية حبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام وءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

شاهد أيضاً

التسوية بين الزوجات

ننتقل الآن للكلام على القَسْم بين الزوجات. والتسويةُ فى القسم بالنسبة للمبيت واجبةٌ بين الزوجات. …