فضل الكلمات الأربع – سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله الَّذي لا مانعَ لما وَهَب، ولا مُعْطيَ لما سَلَب، طاعتُهُ للعامِلِينَ أفْضلُ مُكْتَسب، وتَقْواه للمتقين أعْلَى نسَب، هَيَّأ قلوبَ أوْلِيائِهِ للإِيْمانِ وكَتب، وسهَّلَ لهم في جانبِ طاعته كُلَّ نَصَب، أحمدهُ على ما مَنَحَنَا من فضْله وَوَهَب، وأشهَدُ أن لا إِله إلّا الله وَحْدهُ لا شريكَ لَهُ هزَمَ الأحْزَابَ وَغَلَب،

وأشْهَدُ أنّ محمدًا عبدهُ وَرَسُولهُ الَّذي اصْطَفاه وانتَخَبَ، صلَّى الله عَلَيْهِ وعلى صَاحِبه أبي بكر الْفائِقِ في الفَضَائِلِ والرُّتَب، وعلى عُمَرَ الَّذي فرَّ الشيطانُ منهُ وهَرَب، وعَلَى عُثْمان ذي النُّوُريَنِ التَّقيِّ النَّقِّي الْحسَب، وَعَلى عَليٍّ صهره وابن عمه في النَّسب، وعلى بقِيَّةِ أصحابه الذينَ اكْتَسَوا في الدِّيْنِ أعْلَى فَخْرٍ ومُكْتسَب، وعلى التَّابِعين لهم بإحْسَانٍ ما أشرق النجم وغرب، وسلَّم تسليمًا، وبعد:
الحديث

وَرَوَى النَّسَائِىُّ فِى عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ وَأَبِى هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اصْطَفَى مِنَ الْكَلامِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ سُبْحَانَ اللَّهِ كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ عِشْرِينَ حَسَنَةً، وَإِذَا قَالَ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ فَمِثْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ كُتِبَتْ لَهُ ثَلاثُونَ حَسَنَةً وَحُطَّتْ عَنْهُ ثَلاثُونَ سَيِّئَةً)). وَحُطَّتْ عَنْهُ أَىْ نَزَلَتْ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ [سورة البقرة/ الآية 58] أَىْ حُطَّ عَنَّا أَوْزَارَنَا، وَقِيلَ: هِىَ كَلِمَةٌ أُمِرَ بِهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لَوْ قَالُوهَا لَحَطَّتْ أَوْزَارُهُمْ.
الشرح والتعليق على الحديث

((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اصْطَفَى مِنَ الْكَلامِ سُبْحَانَ اللَّهِ إن أهل الجنة كما جاء في الحديث يلهمون التسبيح، فقد روى أحمد في مسنده عَن جَابر بن عبد الله أَنه قَالَ، قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ((يَأْكُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِيهَا، وَيَشْرَبُونَ وَلَا يَتَمَخَّطُونَ، وَلَا يَتَغَوَّطُونَ، وَلَا يَبُولُونَ، وَيَكُونُ طَعَامُهُمْ ذَلِكَ جُشَاءً، وَيُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ، وَالْحَمْدَ كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ)).

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قال الله تعالى في وصف حال أهل الجنة: ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [سورة يونس/ الآية 10]

العبد المؤمن إذا مات على الإيمان فإنه يكون من أهل الجنة لأن الجنة لا يدخلها إلا نفس مؤمنة، عند سماع المؤمن لهذا النداء نداءِ الملائكة للمؤمنين وهم داخلون الجنةَ فإنه أي المؤمن ينسى كل ما لاقاه في هذه الدنيا من الآلام والأوجاع والبلايا والمصائب والأكدار والهموم والشدة وغير ذلك من كربات الدنيا، وهو أي المؤمن الكامل يكون ارتاح قبل ذلك بموته على الإيمان على التقوى يكون ارتاح من هذه الدنيا وشدتها، ما أجمله من نداء،﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ نسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنة ويرزقنا سماع هذا النداء إنه على كل شيء قدير.

قال القرطبي: ‌التَّسْبِيحُ وَالْحَمْدُ وَالتَّهْلِيلُ قَدْ يُسَمَّى دُعَاءً،

رَوَى مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ: ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ. لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السموات وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ)).

قَالَ الطَّبَرِيُّ: كَانَ السَّلَفُ يَدْعُونَ بِهَذَا الدُّعَاءِ وَيُسَمُّونَهُ دُعَاءَ الْكَرْبِ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ هَذَا فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: (إِذَا شَغَلَ عَبْدِي ثَنَاؤُهُ عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِيَ السَّائِلِينَ). وَالَّذِي يبين أن هَذَا يُسَمَّى دُعَاءً ما رواه النسائي عن سعد بن أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون إذا دَعَا بِهَا فِي بَطْنِ الْحُوتِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فإنه لن يدعو بها مسلم في شي إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ).

وَلا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لا إله إلا الله كما تعلمون هي كلمة التوحيد التي لا يصح إيمان العبد إلا إذا اعتقد معناها ونطق بها مع الشهادة الثانية، ومعناها: أي لا خالق إلا الله، وقال بعض الفقهاء في شرح معنى الشهادة الأولى: وَمَعْنَى أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَعْلَمُ وَأَعْتَقِدُ وَأُصَدِّقُ بِقَلْبِى وَأَعْتَرِفُ بِلِسَانِى أَنْ لا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلَّا اللَّهُ أَىْ لا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ أَنْ يُعْبَدَ أَىْ أَنْ يُتَذَلَّلَ لَهُ نِهَايَةُ التَّذَلُّلِ إِلَّا اللَّهُ وَهَذَا هُوَ مَعْنَى الْعِبَادَةِ الَّتِى مَنْ صَرَفَهَا لِغَيْرِ اللَّهِ صَارَ مُشْرِكًا،

ومن كان معبودا بحق كان موصوفا بصفات لائقة به، عز وجل، فهو الْوَاحِدُ الَّذِى لا شَرِيكَ لَهُ فِى الأُلُوهِيَّةِ، الأَحَدُ الَّذِى لا يَقْبَلُ الِانْقِسَامَ لِأَنَّهُ لَيْسَ جِسْمًا، الأَوَّلُ الَّذِى لا ابْتِدَاءَ لِوُجُودِهِ وَبِمَعْنَاهُ الْقَدِيمُ إِذَا أُطْلِقَ عَلَى اللَّهِ، الْحَىُّ أَىِ الْمُتَّصِفُ بِحَيَاةٍ أَزَلِيَّةٍ أَبَدِيَّةٍ أَىْ لا بِدَايَةَ وَلا نِهَايَةَ لَهَا لَيْسَتْ بِرُوحٍ وَلَحْمٍ وَدَمٍ، الْقَيُّومُ الَّذِى لا يَحْتَاجُ إِلَى غَيْرِهِ، الدَّائِمُ الَّذِى لا يَلْحَقُهُ فَنَاءٌ، الْخَالِقُ الَّذِى أَبْرَزَ جَمِيعَ الْمَخْلُوقَاتِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ أَىْ صَارَتْ مَوْجُودَةً بِإِيجَادِ اللَّهِ لَهَا بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ، الرَّازِقُ الَّذِى يُوصِلُ الأَرْزَاقَ إِلَى عِبَادِهِ وَالرِّزْقُ مَا يَنْفَعُ حِسًّا وَلَوْ كَانَ مُحَرَّمًا، الْعَالِمُ أَىِ الْمُتَّصِفُ بِعِلْمٍ أَزَلِىٍّ أَبَدِىٍّ لا يَتَغَيَّرُ لا يَزْدَادُ وَلا يَنْقُصُ، الْقَدِيرُ أَىِ الْمُتَّصِفُ بِقُدْرَةٍ تَامَّةٍ بِهَا يُوجِدُ وَيُعْدِمُ، الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ أَىْ أَنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ لا يُعْجِزُهُ شَىْءٌ وَلا يُمَانِعُهُ أَحَدٌ وَلا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِعَانَةٍ بِغَيْرِهِ، مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ أَىْ مَا أَرَادَ اللَّهُ وُجُودَهُ لا بُدَّ أَنْ يُوجَدَ وَمَا لَمْ يُرِدِ اللَّهُ وُجُودَهُ لا يَدْخُلُ فِى الْوُجُودِ وَمَشِيئَةُ اللَّهِ لا تَتَغَيَّرُ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ دَلِيلُ الْحُدُوثِ وَالْحُدُوثُ أَىِ الْوُجُودُ بَعْدَ عَدَمٍ مُسْتَحِيلٌ عَلَى اللَّهِ.

الَّذِى لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ أَىْ لا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِلَّا بِعِصْمَةِ اللَّهِ أَىْ بِحِفْظِهِ وَلا قُوَّةَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ إِلَّا بِعَوْنِ اللَّهِ أَىْ أَنَّ الإِنْسَانَ لا يَسْتَطِيعُ تَجَنُّبَ الْمَعْصِيَةِ إِلَّا أَنْ يَحْفَظَهُ اللَّهُ وَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَفْعَلَ الْخَيْرَ وَالطَّاعَةَ إِلَّا أَنْ يُعِينَهُ اللَّهُ الْمَوْصُوفُ بِكُلِّ كَمَالٍ يَلِيقُ بِهِ أَىْ أَنَّ اللَّهَ مُتَّصِفٌ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ اللَّائِقَةِ بِهِ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالإِرَادَةِ الْمُنَزَّهُ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ فِى حَقِّهِ أَىْ عَنْ كُلِّ مَا لا يَلِيقُ بِهِ تَعَالَى كَالْحَجْمِ وَاللَّوْنِ وَالشَّكْلِ وَالتَّحَيُّزِ فِى الْمَكَانِ وَالْجِهَةِ وَكُلِّ مَا كَانَ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [سورة الشورى/ الآية 11] أَىْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لا يُشْبِهُهُ شَىءٌ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ بِأَىِّ وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَأَنَّهُ مَوْصُوفٌ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ، فَـهُوَ الْقَدِيمُ الَّذِى لا ابْتِدَاءَ لِوُجُودِهِ وَكُلُّ مَا سِوَاهُ حَادِثٌ أَىْ وُجِدَ بَعْدَ عَدَمٍ، وَهُوَ الْخَالِقُ وَكُلُّ مَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ، فَكُلُّ حَادِثٍ دَخَلَ فِى الْوُجُودِ مِنَ الأَعْيَانِ أَىِ الأَحْجَامِ وَالأَعْمَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ وَغَيْرِ الِاخْتِيَارِيَّةِ فَهُوَ بِخَلْقِ اللَّهِ فَالأَعْيَانُ كُلُّهَا مِنَ الذَّرَّةِ وَهِىَ الْهَبَاءُ الَّذِى يُرَى فِى ضَوْءِ الشَّمْسِ الدَّاخِلِ مِنَ النَّافِذَةِ أَوْ مَا كَانَ أَصْغَرَ مِنْهَا وَهُوَ الْجَوْهَرُ الْفَرْدُ إِلَى الْعَرْشِ وَهُوَ أَكْبَرُ الْمَخْلُوقَاتِ حَجْمًا خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِظْهَارًا لِقُدْرَتِهِ وَلَمْ يَتَّخِذْهُ مَكَانًا لِذَاتِهِ وَكَذَلِكَ الأَعْمَالُ الظَّاهِرَةُ، ومِنَ كُلِّ حَرَكَةٍ لِلْعِبَادِ وَسُكُونٍ وَالأَعْمَالُ الْبَاطِنَةُ مِنَ النَّوَايَا وَالْخَوَاطِرِ الَّتِى تَرِدُ عَلَى الْقَلْبِ بِلا إِرَادَةٍ فَهُوَ بِخَلْقِ اللَّهِ لَمْ يَخْلُقْهُ أَحَدٌ سِوَى اللَّهِ لا خَلَقَتْهُ طَبِيعَةٌ وَلا عِلَّةٌ وَالطَّبِيعَةُ هِىَ الصِّفَةُ الَّتِى جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْهَا الأَجْرَامَ كَالنَّارِ طَبِيعَتُهَا الإِحْرَاقُ وَلا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ خَالِقَةً لِشَىْءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ لِأَنَّهُ لا إِرَادَةَ لَهَا وَلا مَشِيئَةَ وَلا اخْتِيَارَ فَكَيْفَ تُخَصِّصُ الشَّىْءَ أَىِ الْمُمْكِنَ الْوُجُودِ بِالْوُجُودِ بَدَلَ الْعَدَمِ.

وَأَمَّا الْعِلَّةُ فَهِىَ مَا يُوجَدُ الْمَعْلُولُ بِوُجُودِهَا وَيُعْدَمُ بِعَدَمِهَا كَالإِصْبَعِ الَّذِى فِيهِ خَاتَمٌ فَإِنَّ حَرَكَةَ الإِصْبَعِ عِلَّةٌ لِحَرَكَةِ الْخَاتَمِ بَلْ دُخُولُهُ أَىِ الْحَادِثِ فِى الْوُجُودِ بَعْدَ أَنْ كَانَ مَعْدُومًا يَحْصُلُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ بِتَقْدِيرِهِ أَىْ بِإِيجَادِ اللَّهِ لَهُ عَلَى حَسَبِ مَشِيئَتِهِ الأَزَلِيَّةِ وَعِلْمِهِ الأَزَلِىِّ وَيَحْصُلُ بِخَلْقِهِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْفُرْقَانِ: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [سورة الأنعام/ الآية 101] أَىْ أَحْدَثَهُ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ وَلَفْظَةُ شَىْءٍ فِى الآيَةِ شَامِلَةٌ لِكُلِّ مَا دَخَلَ فِى الْوُجُودِ فَلا خَلْقَ بِهَذَا الْمَعْنَى لِغَيْرِ اللَّهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ فَاطِرٍ: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾ [سورة فاطر/ الآية 3] أَىْ لا خَالِقَ إِلَّا اللَّهُ، وَقَالَ الإِمَامُ عُمَرُ النَّسَفِىُّ صَاحِبُ الْعَقِيدَةِ النَّسَفِيَّةِ مَا مَعْنَاهُ: فَإِذَا ضَرَبَ إِنْسَانٌ زُجَاجًا بِحَجَرٍ فَكَسَرَهُ فَالضَّرْبُ – وَهُوَ فِعْلُ الْعَبْدِ وَقَدْ يَحْصُلُ مِنْهُ انْكِسَارٌ وَقَدْ لا يَحْصُلُ – وَالْكَسْرُ – وَهُوَ فِعْلُ الْعَبْدِ الَّذِى فَعَلَهُ فِى الزُّجَاجِ بِوَاسِطَةِ الرَّمْىِ بِالْحَجَرِ – وَالِانْكِسَارُ – وَهُوَ الأَثَرُ الْحَاصِلُ فِى الزُّجَاجِ مِنْ تَشَقُّقٍ وَتَنَاثُرٍ – بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لا بِخَلْقِ الْعَبْدِ فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ مِنْ فِعْلِهِ هَذَا إِلَّا الْكَسْبُ وَهُوَ تَوْجِيهُ الْعَبْدِ قَصْدَهُ وَإِرَادَتَهُ نَحْوَ الْعَمَلِ أَىِ الِاخْتِيَارِىِّ فَيَخْلُقُهُ اللَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْخَلْقُ أَىِ الإِبْرَازُ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ فَلَيْسَ لِغَيْرِ اللَّهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْبَقَرَةِ: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ﴾ [سورة البقرة/ الآية 286] أَىْ لِلنَّفْسِ جَزَاءُ مَا كَسَبَتْهُ مِنَ الْخَيْرِ أَىْ تَنْتَفِعُ بِذَلِكَ ﴿وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ أَىْ وعَلَيْهَا وَبَالُ مَا اكْتَسَبَتْهُ مِنْ عَمَلِ الشَّرِّ أَىْ تَنْضَرُ بِذَلِكَ.

وَاللَّهُ أَكْبَرُ الله أكبر بنفس معنى الله كبير، والكبير من أسماء الله تعالى معناه: الجليلُ كبيرُ الشَّأنِ، واللهُ أكبرُ معناه أنَّ اللهَ أكبرُ مِنُ كلِّ شيءٍ قَدرًا فهوَ أقدرُ مِن كُلِّ قادرٍ وأَعلمُ مِن كلِّ عليمٍ.

قال الرازي: قال تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ﴾ [سورة الرعد/ الآية 9] وهو تَعالى يمتَنِعُ أنْ يكونَ كبيرًا بحسَبِ الجُثَّةِ والحجمِ والمِقدارِ فوَجَبَ أنْ يكونَ كبيرًا بحسَبِ القُدرةِ، ثُمَّ وَصَفَ تعالى نفسَهُ بأنَّه المتعالِ وهو المنَزَّهُ عنْ كلِّ ما لا يجوزُ عليهِ وذلك يَدُلُّ على كونِهِ مُنزَّهًا في ذاتِهِ وصِفاتِهِ وأفعالِهِ فهذه الآيةُ دالَّةٌ على كونِهِ تعالى موصوفًا بالعلمِ الكامِلِ والقدرةِ التامَّةِ ومُنزَّهًا عن كلِّ ما لا يَنبغِي.اهـ

إذًا: الكبير والأكبر بنفس المعنى إذا أطلق على الله، فالتَّكْبِيرُ «اللَّهُ أَكْبَرُ» مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ أَكْبَرُ من كلّ كَبِيرٍ قَدْرًا وَعَظَمَةً لا حَجْمًا لِأَنَّ اللَّهَ مُنَزَّهٌ عَنِ الْحَجْمِ، فَكَلِمَةُ «اللَّهُ أَكْبَرُ» عَلَى هَذَا مُرَادِفَةٌ لِكَلِمَةِ «اللَّهُ كَبِيرٌ».

نَفْيُ الجسميةِ عن اللهِ هو ممَّا أجمعَتْ عليه الأمةُ ومما نصَّ عليه السلفُ الصالحُ، فقد نَقَلَ أبو الفَضْلِ التميميُّ البغداديُّ رئيسُ الحنابِلةِ في بغدادَ في زمانِهِ وابنُ رئيسِها أنَّ الإمام أحمدَ بنَ حنبلٍ أَنكَرَ على مَنْ قال بالجسمِ – أي في حَقِّ اللهِ – وقال: إنَّ الأسماءَ مأخوذةٌ مِنَ الشريعةِ واللغةِ، وأهلُ اللغةِ وَضعُوا هذا الاسمَ – أيِ الجسمَ – لِذِى طولٍ وعَرضٍ وسَمْكٍ وتركيبٍ وصورةٍ وتأليفٍ، واللهُ سبحانه وتعَالَى خارجٌ عن ذلك كلِّهِ ولم يَجِئْ ذلك في الشريعةِ – أي ولم يَرِدْ إطلاقُ الجسمِ على اللهِ في الشرعِ – فبَطَلَ – أي إطلاقُ ذلك على اللهِ شَرْعًا ولغةً-“.اهـ

ومعنى كلامِهِ إجمالًا أنَّ أسماءَ الأشياءِ تُعرَفُ إمَّا مِنَ اللغةِ وإمَّا مِنَ الشرعِ، فهناك أشياءُ عُرِفَتْ أسماؤُهَا مِن اللغةِ كالرَّجُلِ والفرسِ وأشياءُ عُرِفَتْ أسماؤُهَا مِن طريقِ الشرعِ مثلُ الصلاةِ الشرعيةِ.

والجسمُ في اللغةِ يُطلَقُ على ما له طُولٌ وعَرضٌ وسَمْكٌ وتركيبٌ وصورةٌ وتأليفٌ واللهُ لا يُوصَفُ بشىءٍ مِن ذلك وإِلَّا لَكَان مُشابِهًا لِخَلقِهِ وذلك ضِدُّ قولِهِ تَعَالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [سورة الشورى/ الآية 11]، ثم لو كان اللهُ جسمًا ذا طولٍ وعرضٍ وسمكٍ وتركيبٍ وصورةٍ وتأليفٍ لاحتاجَ لمن خَصَّصَهُ بذلك الطولِ وذلك العرضِ وذلك السَّمكِ وذلك التركيبِ وتلك الصورةِ، والمحتاجُ لا يَصِحُّ في العقلِ أنْ يكونَ إلهًا فمعنى الجسمِ لا يَجُوزُ وَصْفُ اللهِ بهِ شرعًا ولا عقلًا ولفظُ الجسمِ لم يَرِدْ في الشرعِ إطلاقُهُ عليه ولا يَجوزُ في الشرعِ تسميةُ اللهِ إِلَّا بما سَمَّى بهِ نفسَهُ أي إلا بما ثَبَتَ في الشرعَ تسميتُهُ بهِ فبَطَلَ إطلاقُ ذلك على اللهِ تعَالَى،

بل نَقَلَ صاحبُ الخِصالِ مِن الحنابلةِ عن الإمامِ أحمدَ نفسِهِ تكفيرَ مَنْ قال عن اللهِ جسمٌ لا كالأجسامِ، وهذا موافقٌ لما جاء عن باقِى الأئمةِ فقد ثَبَتَ عن الشافعيِّ تكفيرُ المجسِّمِ كما نَقَلَ عنه ذلك السيوطيُّ بل قالَ ابنُ حَجَرٍ الهيتميُّ: واعلمْ أَنَّ القرافيَّ وغيرَهُ حَكَوا عن الشافعيِّ ومالكٍ وأحمدَ وأبي حنيفةَ القولَ بكُفرِ القائلين بالجهةِ والتَّجسِيمِ وهمْ حقيقونَ بذلكَ.اهـ أي بكُفرِ مَن يَنسُبُ إلى اللهِ سبحانه وتعَالَى الجسميةَ أو الكونَ في جهةٍ لأنَّه مِن معاني البشرِ،

وقد ذَكَرَ الإمامُ أبو جعفرٍ الطَّحاوِيُّ في عقيدتِهِ التى ذَكَرَ أنَّها بيانٌ لِعقيدةِ أهلِ السنةِ والجماعةِ أنَّ “مَن وَصَفَ اللهَ بمعنًى مِن مَعاني البشرِ فَقَد كَفَرَ”.اهـ

والجسميةُ والتركيبُ والصورةُ والهيئةُ كُلُّ ذلك مِن معاني البشرِ، وقال الإمامُ أبو الحَسَنِ الأشعريُّ: مَنِ اعتقدَ أنَّ اللهَ جِسمٌ فهو غيرُ عارِفٍ برَبِّهِ وإنَّهُ كافِرٌ بهِ.اهـ

مِن خَواصِّ اسمِ اللهِ “الكبير”: لِفَتْحِ بابِ العلمِ والمعرفةِ لِمَن أكثرَ ذِكرَهُ، وإِنْ قُرِئَ عَلى طعامٍ وأَكَلَـهُ الزوجانِ تَصَالَحَا وتَوَافَقَا.

والتكبير من أركان الصلاة القولية، يقول فقهاء الشافعية: وَيَقُولُ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ كَكُلِّ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ اللَّهُ أَكْبَرُ وَهُوَ ثَانِي أَرْكَانِهَا، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ لا يَمُدَّ الْبَاءَ بِحَيْثُ يَكُونُ اللَّفْظُ أَكْبَار فَإِنَّهُ يُفْسِدُ الصَّلاةَ أَيْ لا تَنْعَقِدُ الصَّلاةُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الأَكْبَارَ فِي اللُّغَةِ جَمْعُ «كَبَرٍ» وَهُوَ الطَّبْلُ الْكَبِيرُ، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ وَكَانَ جَاهِلًا بِالْمَعْنَى لَمْ تَصِحَّ صَلاتُهُ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْمَعْنَى وَقَالَ ذَلِكَ عَمْدًا كَفَرَ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كُفْرٌ مَعَ الْعِلْمِ بِالْمَعْنَى وَالتَّعَمُّدِ لِلنُّطْقِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ فَلْيُحْذَرْ ذَلِكَ فِي الأَذَانِ أَيْضًا.

وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ أَنْ لا يَمُدَّ الأَلِفَ الَّتِي هِيَ أَوَّلُ لَفْظِ الْجَلالَةِ فَلَوْ قَالَ «ءَاللَّهُ أَكْبَرُ» لَمْ تَنْعَقِدْ صَلاتُهُ وَيَحْرُمُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَتَغَيَّرُ، وَإِنْ فَهِمَ الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ الِاسْتِفْهَامُ وَنَطَقَ بِهِ عَمْدًا فَقَدْ كَفَرَ [أَمَّا إِنْ كَانَ مُوَحِّدًا وَلا يَفْهَمُ مِنْهُ الشَّكَ هَلِ اللَّهُ أَكْبَرُ مِنْ غَيْرِهِ أَمْ لا فَلا يَكْفُرُ لَكِنَّهُ قَبِيحٌ] لِأَنَّهُ يَكُونُ كَأَنَّهُ قَالَ هَلِ اللَّهُ أَكْبَرُ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ قَدْرًا وَعِلْمًا أَمْ لَيْسَ أَكْبَرُ؟.

وَيُشْتَرَطُ أَنْ لا يَزِيدَ وَاوًا قَبْلَ لَفْظِ الْجَلالَةِ فَلَوْ قَالَ وَاللَّهُ أَكْبَرُ لَمْ تَصِحَّ صَلاتُهُ، كَذَلِكَ لَوْ زَادَ وَاوًا بَيْنَ لَفْظِ الْجَلالَةِ وَ(أَكْبَرُ)، وَكَذَلِكَ لَوْ أَبْدَلَ هَمْزَةَ أَكْبَرُ بِالْوَاوِ فَقَالَ اللَّهُ وَكْبَر.

فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ سُبْحَانَ اللهِ كَتَبَ اللهُ تَعَالَى لَهُ عِشْرِينَ حَسَنَةً «سُبْحَانَ اللَّهِ» فَمَعْنَاهُ تَنْزِيهًا لِلَّهِ مِنْ كُلِّ نَقْصٍ وَعَيْبٍ، أَيْ أَنَّنَا نُنَزِّهُ اللَّهَ عَنْ كُلِّ مَا لا يَلِيقُ بِهِ مِنَ الْعَجْزِ وَالضَّعْفِ وَالْجَهْلِ وَالْخَوْفِ وَالتَّغَيُّرِ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْبَشَرِ لِأَنَّ صِفَاتِ الْخَلْقِ حَادِثَةٌ كَمَا أَنَّ ذَوَاتِهِمْ حَادِثَةٌ أَيْ وُجِدَتْ بَعْدَ الْعَدَمِ السَّابِقِ وَاللَّهُ ذَاتٌ لَمْ يَسْبِقْهُ الْعَدَمُ وَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ مِنْ حَيَاةٍ وَقُدْرَةٍ وَمَشِيئَةٍ وَسَمْعٍ وَبَصَرٍ وَعِلْمٍ وَكَلامٍ وَبَقَاءٍ لَمْ يَسْبِقْهَا عَدَمٌ فَمَنِ اعْتَقَدَ خِلافَ هَذَا فَهُوَ جَاهِلٌ بِخَالِقِهِ.

وَمَعْنَى «سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى» التي نقولها في السجود في الصلاة: أُنَزِّهُ رَبِّيَ الأَعْلَى أَيِ الَّذِي هُوَ أَعْلَى مِنْ كُلِّ عَلِيٍّ أَيْ عُلُوَّ قَدْرٍ لا عُلُوَّ حَيِّزٍ لِأَنَّ الشَّأْنَ فِي عُلُوِّ الْقَدْرِ لَيْسَ فِي عُلُوِّ الْحَيِّزِ وَالْمَكَانِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ وَالْحَافِّينَ حَوْلَهُ مِنَ الْمَلائِكَةِ مَكَانُهُمْ أَرْفَعُ مَكَانٍ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَيْسُوا هُمْ أَفْضَلَ مِنَ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ هُمْ فِي حَيِّزٍ وَمَكَانٍ دُونَ ذَلِكَ بِمَسَافَةٍ كَبِيرَةٍ، بَلِ الأَنْبِيَاءُ وَإِنْ كَانَ مُسْتَقَرُّهُمُ الأَرْضَ أَعْلَى قَدْرًا عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أُولَئِكَ الْمَلائِكَةِ.

هذا الذكر أي التسبيح بقول: (سبحان ربي الأعلى) نقوله في الصلاة في السجود كما لا يخفى عليكم، والسجود من أركان الصلاة المتفق عليها بين العلماء، نشرحه للفائدة:

هو الركن التَّاسِعُ من أركان الصلاة، السُّجُودُ مَرَّتَيْنِ بِأَنْ يَضَعَ جَبْهَتَهُ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا عَلَى مُصَلَّاهُ مَكْشُوفَةً وَمُتَثَاقِلًا بِهَا وَمُنَكِّسًا أَيْ يَجْعَلُ أَسَافِلَهُ أَعْلَى مِنْ أَعَالِيهِ. أي هُوَ السُّجُودُ مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَالسُّجُودُ فِي الشَّرْعِ هُوَ وَضْعُ الْجَبْهَةِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ عَلَى الأَرْضِ، وَيُطْلَقُ لُغَةً عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى مَا هُوَ شَبِيهٌ بِذَلِكَ.

وَمِنْ شُرُوطِهِ: أَنْ يَكُونَ مُتَثَاقِلًا بِجَبْهَتِهِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ تَحْتَهُ قُطْنٌ لَانْكَبَسَ وَظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى يَدِهِ لَوْ فُرِضَتْ تَحْتَ الْقُطْنِ. وَتَنْكِيسُ رَأْسِهِ بِارْتِفَاعِ أَسَافِلِهِ عَلَى أَعَالِيهِ يَرْفَعُ عَجِيزَتَهُ وَيَخْفِضُ رَأْسَهُ وَيَضَعَ شَيْئًا مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَمِنْ بُطُونِ كَفَّيْهِ وَمِنْ بُطُونِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ.

فمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ السُّجُودِ أَنْ يَضَعَ جُزْءًا مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَمِنْ بُطُونِ كَفَّيْهِ وَمِنْ بُطُونِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مَكْشُوفَةً. وَيُشْتَرَطُ فِي السُّجُودِ أَيْضًا عَدَمُ وُجُودِ الصَّارِفِ، فَلَوْ سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ قَهْرًا لَمْ يُحْسَبْ فَيَجِبُ الْعَوْدُ إِلَى الِاعْتِدَالِ.

وَإِذَا قَالَ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِثْلَ ذَلِكَ وَإِذَا قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ فَمِثْلَ ذَلِكَ وَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْحَمْدُ هُوَ الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِىِّ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ هُوَ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ لإِنْعَامِهِ وَإِفْضَالِهِ وَهُوَ مَالِكُ الْعَالَمِينَ وَالْعَالَمُ هُوَ كُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ سُمِّىَ عَالَمًا لِأَنَّهُ عَلامَةٌ عَلَى وُجُودِ اللَّهِ.

إشارة: في هذه الآية – أي قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [سورة الفاتحة/ الآية 2] – إثبات الربوبية لله عز وجل فهو المتصرف في هذا العالم خلقا وإيجادًا لا غيره، والذي يدل على ربوبيته كثير، قالَ أبو العتاهيةِ:
فَيَـــا عَجَبًا كَيْفَ يُعْصَىَ الإِلَهُ أَمْ كَيْفَ يَجْحَدُهُ الجَاحِدُ
وَفِـْـــي كُــــلِّ تَحْرِيْكَةٍ آيَـــــةٌ وَفِي كُلِّ تَسْكِيْنَةٍ شَاهِـدُ
وَفِـــي كُـلِّ شَىءٍ لَـــــهُ ءايَــةٌ تَـــدُلُّ عَلَـى أَنَّــهُ وَاحِدُ

فيا أيُّها القارئُ لفاتحةِ الكتابِ المتأملُ بمعانِيها العظيمةِ هلْ تفكرتَ عظمةَ اللهِ سبحانَه وتعالى؟ إذا سَكنَ الليلُ وعمَّ الظلامُ، وهدأتِ العيونُ وغارتِ النجومُ أذكرْ قولَ اللهِ تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ﴾ [سورة القصص/ الآية 71] وهلْ تأملتَ إذا بَزغَ الفجرُ وسطعَ الضياءُ كاشفًا عَتمَةَ الليلِ وأشرقتِ الشمسُ فَمَلَأَتِ الأفقَ ضياءً ونورًا، عندَها قفْ وتفكرْ في عظمةِ اللهِ الخالقِ العظيمِ وقدرتِه وعظيمِ فضلِه وكرمِه وكثرةِ نَعْمَائِهِ على الناسِ قالَ اللهُ تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [سورة القصص/ الآية 72] تفكَّرْ في هذا وقلْ سبحانَ اللهِ الواحدِ الأحدِ، سبحانَ اللهِ الخالقِ العظيمِ: أيِ اللهُ منزهٌ عنْ كلِّ نقصٍ وعيبٍ كالشبيهِ والمثيلِ والولدِ والحدِّ والمكانِ والصورةِ والشكلِ تعالى اللهُ عنْ ذلك كلِّه وتنزَّهَ، واللهُ أعظمُ مِنْ كلِّ عظيمٍ في القدرِ والجلالِ وهوَ الخالقُ وحدَه الموجِدُ للأشياءِ مِنَ العدمِ جلَّ جلالُه.

وإذا مَا رأيتَ الجبالَ الشاهقةَ الشامخةَ الراسيةَ الثابتةَ تذكرْ عظمةَ اللهِ تعالى كيفَ نَصَبَها ورَفَعَها وأمسَكَهَا بقدرَتِه وجعلَ فيها الفوائدَ ومَكَّنَ الإنسانَ مِنَ الصعودِ والنزولِ عليها قالَ اللهُ تعالى: ﴿وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ﴾ [سورة فاطر/ الآية 27]،

وإذا رأيتَ خليةَ النحلِ ودقةَ ونظامَ ما فيها مِنْ عجيبِ قدرةِ اللهِ تعالى تَعْجَبُ وتحتارُ في عظيمِ صنعِ اللهِ تعالى كيفَ أُلْهِمَتْ بناءَ خلِيَّتِها بطريقةٍ مذهلةٍ مِنَ الهندسةِ والنظافةِ والحفظِ للعسلِ وكلُّ ذلكَ مسخرٌ للبشرِ،

ثم انظرْ إلى السماءِ وهيَ مرفوعةٌ فوقَنا تحملُ ما فيها مِنْ مخلوقاتٍ مِنَ الملائكةِ الكرامِ سكانِ السماواتِ وغيرِهم، وتأمَّلِ النجومَ وزينَتَها وكثرَتَها وضَوْئَها ثُمَّ الشمسَ وحسنَها وجمالَها مَعَ شدةِ حرارتِها واذكُرْ عظيمَ نفعِها وفوائِدَها والكواكبَ وروعَتَها والبدرَ وإشراقَه واكتمالَه واضمحلالَه ومنازلَه وتحوُّلَه مِنْ مكانٍ لمكانٍ ومِنْ شكلٍ لآخرَ وارتباطَ الناسِ بهِ بالشهورِ والمواقيتِ وغيرِها والفضاءَالفسيحَ الواسعَ برحابَتِه، سترى جمالًا وحسنًا مبهرًا مدهشًا يتوقفُ عندَه أولو الألبابِ والعقولِ النيِّرَةِ متفكّرينَ متبصّرينَ مستذكرينَ عظمةَ الخالقِ العظيمِ لَا إلَه إلَّا هَو خالقُ كلِّ شيءٍ، قالَ اللهُ تعالى: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ [سورة الروم/ الآية 17-19]

بلِ انظرْ إلى نفسكَ التي بينَ جَنبَيكَ وما جعلَ اللهُ فيها مِنَ العجبِ العُجابِ سُبحانَ مَنْ خَلقكَ، وعلى مَا شَاءَ جَعلَ شَكلَكَ وهيئَتَكَ وأَسْمَعَكَ وَأَبْصَرَكَ وَأَضْحَكَكَ وَأَبْكَاكَ وَأَضْعَفَكَ وَقَوَّاكَ قَالَ اللهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ [سورة الانفطار/ الآية 6-8].اهـ
قل للطبيب تخطفته يــــد الــــردى يا شــافي الأمراض من أرداكا
قــــل للمريض نجا وعوفي بعد ما عجزت فنون الطب من عافاكا
قل للصحيح يمـــــــوت لا من علة من بالمنايا يا صحيـــــح دهاكا
قل للبصيـــــر وكـــان يحذر حفرة فهوى بها من ذا الـــذي أهواكا
قل للجنين يعيش معـــزولًا بــــــلا راعٍ ومرعى من الذي يـرعاكا
قـــل للوليد بــــكى وأجهش بالبكاء لـــدى الــــولادة ما الذي أبكاكا
وإذا تـــرى الثعبان ينفث سمـــــــه فاسأله من ذا بالسمـــوم حشاكا
واسألــــه كيف تعيــش يا ثعبان أو تحيا وهــــذا الســـمّ يمــلأ فاكا
واسأل بطون النحل كيف تقاطرت شهدًا وقـــل للشهد من حـــلاكا
بل سائل اللبن المصفى كــــان بين دمٍ وفَــــرثٍ ما الذي صفــــاكا
وإذا رأيت الحي يخرج من حنــايا ميــــت فاسأله مــــن أحيــــاكا
وإذا رأيت النخل مشقوق النــــوى فاسأله من يا نخل شــــق نواكا
وإذا تــــرى صخرًا تفجـــر بالمياه فسله من بالمــــاء شــق صفاكا
وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال جـرى فســـله مــــــن الــــذي أجراكا
وإذا رأيت البحر بالملح الأجاج طــغى فســـــله مــــن الـــذي أطغـاكا
وإذا رأيـــــت الليــــل يغشى داجيًا فاسأله مَــــنْ ياليلُ حـاك دُجَاكا
وإذا رأيــــت الصبح يسفر ضاحيًا فاسأله من ياصبحُ صاغ ضُحَـــاكا
فتجيـب مـــا في الكــــون من آياته عجبٌ عجـــابٌ لو ترى عيناكا
ربي لـــك الحمــــد العظيم لـــذاتك حمــــدًا وليــــس لـــواحد إلاكا
إن لـــــم تكن عيني تـــــراك فإنني في كـــل شيء أَسْتَبينُ عُـــلاكا
يا منبت الأزهار عاطــــرة الشذى ما خاب يومًا من دعـا ورجاكا
يا أيـــــها الإنسان مهلًا ما الــــذي بـالله جَـــلَّ جَلالــــه أغراكـــــا

وقيل:

انظر لتلك الشجرة.. ذات الغصون النضرة
كيف نمت من حبة .. وكيف صارت شجرة
فانظر وقل من ذا الذي يُخرج منها الثمرة
ذاك هو الله الذي أنعمه منهمرة
ذو حكمة بالغة وقدرة مقتدرة
انظر إلى الشمس التي جذوتها مستعرة
فيها ضياء وبها حرارة منتشرة
من ذا الذي أوجدها في الجو مثل الشررة
ذاك هو الله الذي أنعمه منهمرة
ذو حكمة بالغة وقدرة مقتدرة
انظر إلى الليل فمن أوجد فيه قمره
وزانه بأنجم كالدر المنتثرة
ذاك هو الله الذي أنعمه منهمرة
ذو حكمة بالغة وقدرة مقتدرة
انظر إلى المرء وقل من شق فيه بصره
من ذا الذي جهزه بقدرة مبتكرة
ذاك هو الله الذي أنعمه منهمرة
ذو حكمة بالغة وقدرة مقتدرة

قال القرطبيُّ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ مَحْمُودٌ عَلَى سَائِرِ نِعَمِهِ، وَأَنَّ مِمَّا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ الْإِيمَانَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ فِعْلُهُ وَخَلْقُهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ وَالْعَالَمُونَ جُمْلَةُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْإِيمَانُ، لَا كَمَا قَالَ الْقَدَرِيَّةُ: إِنَّهُ خَلْقٌ لَهُمْ.اهـ – فإنَّهم يقولونَ إنَّ العبدَ يخلُقُ فعلَه والعياذُ بالله، فكيفَ يكونُ ربًّا لشيءٍ هوَ لا يخلُقُه بزعمِهِم-.

وفي هذهِ الآيةِ ردٌّ على الملاحدةِ الذينَ ينفونَ وجودَ اللهِ، فإنَّه وصَف نفْسَه بأنَّهُ ربٌّ، وفيهَا ردٌّ علَى السُّفسطَائيةِ الذِين يَنْفُونَ حقائقَ الأشياءِ بزعمِهم ويقولونَ إنَّ هذَا العالمَ غيرُ موجودٍ وهوَ عبارةٌ عنْ أوهامٍ على زعمِهم. وفيها ردٌّ كذلكَ على القائِلِينَ بأنَّ اللهَ اتَّحَدَ معَ العالمِ حتَّى صارَا شيئًا واحدًا والعياذُ باللهِ، ولكنْ في هذهِ الآيةِ بيانُ أنَّ الربَّ الخالقَ هوَ غيرُ المخلوقِ المربوبِ.

مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ كُتِبَتْ لَهُ ثَلاثُونَ حَسَنَةً وَحُطَّتْ عَنْهُ ثَلاثُونَ سَيِّئَةً)). قال ابن الجوزي: ذكر فِي بعض الْأَخْبَار أَن العَبْد أَو الْأمة إِذا ذكر الصِّرَاط وهوله وصعوبته ورقته وَطوله وَبعد مسافته ثمَّ بَكَى ثمَّ قَامَ فصلى عشر رَكْعَات يقْرَأ فِي كل رَكْعَة بِفَاتِحَة الْكتاب مرّة وَقل هُوَ الله أحد ثَلَاث مَرَّات وَيسلم عَن كل رَكْعَتَيْنِ فَإِذا فرغ من الْعشْر رَكْعَات صلى على النَبِيّ صلى الله عليه وسلم وَشرف وكرم مائَة مرّة ثمَّ قَالَ ‌سُبْحَانَ ‌الله من خلق مَا شَاءَ وَقضى بِمَا شَاءَ وَالْحَمْد لله على كل شَيْء ثَلَاث مَرَّات ثمَّ يَقُول اللَّهُمَّ اجعلني اجوز الصِّرَاط ونجني من هوله

الله لَا إِلَه إِلَّا أَنْت لَا شريك لَك وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله.

فَمن صلى هَذِه الصَّلَاة وَقَالَ هَذَا القَوْل جوزه الله تبارك وتعالى الصِّرَاط وَهُوَ لَا يشْعر بِهِ وَلَا يهوله مَعَ أول زمرة تمر إِلَى الْجنَّة فاغتنموا رحمكم الله هَذَا الثَّوَاب وتحصنوا بِهِ من أَلِيم الْعَذَاب يَا أولي الْعُقُول والألباب لِأَن الصِّرَاط حاد رَقِيق وَطَرِيقه أبعد الطَّرِيق يَا لَهُ من طَرِيق مَا يعين على جَوَازه أَخ وَلَا صديق إِلَّا عمل صَالح وَرب كريم.

وَاعْلَمُوا وفقنا الله وَإِيَّاكُم أَن الْعُمر يذهب وَالدُّنْيَا تفنى وتخرب وَالنَّفس تَمُوت والمرد إِلَى الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت فَاسْتَعدوا بِكَثْرَة الْأَنْوَار وبالصلاة وَفعل الْخَيْر فِي اللَّيْل وَالنَّهَار وبالطاعة للنَّبِي الْمُخْتَار وبالعمل بِكِتَاب الْملك الْوَاحِد القهار وابكوا على هول الصِّرَاط الْمَنْصُوب على متن النَّار يسره الله لنا وهونه علينا آمين رب الْعَالمين إِنَّه قريب مُجيب.

وروي عن علي بن نصر قال رأيت الخليل بن أحمد رحمه الله في النوم فقلت في منامي لا أرى أحدا أعقل من الخليل فقلت: ما صنع الله بك؟ قال: رأيت ما كنا فيه فإنه لم يكن شيء أفضل من ‌سبحان ‌الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.

روى الإمام أحمد في الزهد عن وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: “كَانَ لِسُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عليه السلام أَلْفُ بَيْتٍ؛ أَعْلَاهَا قَوَارِيرُ، وَأَسْفَلُهَا حَدِيدٌ، فَرَكِبَ الرِّيحَ يَوْمًا، فَمَرَّ بِحَرَّاثٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْحَرَّاثُ، فَقَالَ: لَقَدْ أُوتِيَ آلُ دَاوُدَ مُلْكًا عَظِيمًا، فَحَمَلَتِ الرِّيحُ كَلَامَهُ، فَأَلْقَتْهُ فِي أُذُنِ سُلَيْمَانَ عليه السلام قَالَ: فَنَزَلَ حَتَّى أَتَى الْحَرَّاثَ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ قَوْلَكَ، وَإِنَّمَا مَشَيْتُ إِلَيْكَ لِئَلَّا تَتَمَنَّى مَا لَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ، ‌لَتَسْبِيحَةٌ ‌وَاحِدَةٌ يَقْبَلُهَا اللَّهُ عز وجل خَيْرٌ مِمَّا أُوتِيَ آلُ دَاوُدَ، فَقَالَ الْحَرَّاثُ: أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّكَ، كَمَا أَذْهَبْتَ هَمِّي”.

والله تعالى أعلم وأحكم

شاهد أيضاً

شرح دعاء “اللهم إني أسألك من الخير كله” ودلالاته في طلب الجنة والوقاية من النار

المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله الذي أنزلَ على عبده الكتاب ولم يجعل لهُ …