وجوب صلة الأرحام

الحمد لله رب العالمين، الملك الحق المبين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد النبيين والمرسلين وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين وبعد.

أخي المسلم يقول الله عز وجل: ﴿فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم﴾ وقد روى البيهقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعقبة بن عامر لما سأله: ما النجاة يا رسول الله؟ قال: “تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك”.

إن هذه الخصال الثلاثة كانت من أوصافه صلى الله عليه وسلم وأخلاقه. الخصلة الأولى في قوله: “تصل من قطعك” أن للرحم حق الصلة، واجب فرض، والرحم هم الأقارب من جهة الأم أو الأب كالخالات والعمّات وأولادهن والأخوال والأعمام وأولادهم، فلا يجوز للمرء أن يقطع من تجب عليه صلته من الأقارب بحيث يشعر بالجفاء والنفور والوحشة إما بترك الإحسان بالمال في حال الحاجة النازلة بهم أو ترك الزيارة بلا عذر. ومن العذر أن يفقد ما كان يصلهم به من المال أو يجد المال لكنه يحتاجه لما هو أولى بصرفه فيه منهم.والصلة الكاملة للرحم هي أن يصل المرء من قطعه من الرحم فلا يقول هذا رحمي لا يزورني فلا أزوره، لا يجوز له أن يقابل بالقطيعة، بل يجب عليه أن يقابل القطيعة بالصلة. وتكون الصلة بالنسبة للمغتربين بالاتصال بالأهل والأقارب عبر الهاتف أو الرسائل أو غيرها من وسائل الاتصال وذلك في العيدين وفي الأفراح والأحزان. فكم تفرح الأم بكلمة طيبة تصلها من ولدها وكم يسعد الأب بكلمة تبلسم الجراح وتزيل عنه التعب. وقد روى الإمام مسلم فيما يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ليس الواصل (أي واصل الرحم) بالمكافئ ولكن الواصل من وصل رحمه إذا قطعت”.
ففي الحديث النبوي الشريف أن بِصِلة المرء أرحامَه الذين لا يصلونه يكون له ثواب كبير مثل صلته أرحامه الذين يصلونه، لأن ذلك من حسن الخلق الذي حض الشرع عليه حضًّا بالغًا. ثم إن قطيعة الرحم ذنب كبير من كبائر الذنوب وقد أجمع علماء المسلمين على ذلك، فقد روى البخاري في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا يدخل الجنة قاطع” يعني قاطع رحم، والمراد أنه لا يكون مع الأولين الداخلين إلى الجنة وذلك لعظيم ذنب قاطع الرحم.

أخي المسلم إن زيارة الأقارب الذين لا يزورونك ليست مهانة ولا مذلة بل إنك إذا ما فعلت فليكن قصدك الأجر والثواب من الله تعالى، وأنعم به من أجر، وأنعم به من مزية خير. فيا أيها الأخ المسلم المتّخذ النبي قدوته صلى الله عليه وسلم لنحرص جميعًا على وصل أرحامنا امتثالاً لأمر الله تعالى ولنتقرب إليهم بالمودة والعمل على إعانتهم على فعل الخيرات والله المستعان.

شاهد أيضاً

التسوية بين الزوجات

ننتقل الآن للكلام على القَسْم بين الزوجات. والتسويةُ فى القسم بالنسبة للمبيت واجبةٌ بين الزوجات. …