عند نزول البلآء وحصول المحن والمصائب لابد لنا من مراجعة الأمور وإصلاح النفوس والقلوب إذ أن عامة البلاء ينزل بكثرة الكفربالله تعالى وقد ضرب الله تعالى المثل بالأمم السابقة أن منها كانت في رغد من العيش وطمأنينة ورخاء فكفروا بأنعم الله تعالى فأذاقهم الله البأساء والضراء وأنزل فيهم المحن والبلاء وهو معنى الآية(إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ولذلك جاء في الأثر أنه في زمن الصحابة وبعد موت النبي صلى لله عليه وسلم حصل قحط وجفاف فتوسل الناس بعم رسول الله العباس رضي الله عنه ليدعو الله لهم بنزول المطر فكان من دعائه ((اللهم لاينزل بلآء ٌإلابذنب ويرفع إلا بتوبة اللهم تُبنا إليك)) فنزل المطر حينها,واليوم ونحن في خضم هذه المحن والبلايا لابد لنا من التوبة وعمل الخير ليدفع الله عن الأبرياء والمظلومين والمتضهدين البلايا قال الله تعالى:
فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ ءامَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا ءامَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْىِ فِى الْحَيَواةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىا حِينٍ [يونس:98].
فالبعد عن المحرمات وعمل الخيرات والتوبة إلى الله سبب لحصول الأمن والرخاء من الله تعالى المدبر للعالم سبحانه وتعالى,وكما شرع الله كثرةَ أبوابِ الخير وأسباب الحسنات سدَّ أبوابَ الشرِّ والمحرَّمات، وحرَّم وسائلَ المعاصي والسيِّئات، ليثقلَ ميزان البرِّ والخير، ويخِفَّ ميزانُ الإثم والشرِّ، فيكون العبد من الفائزين المفلحين، قال الله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبّيَ الْفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْىَ بِغَيْرِ الْحَقّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سُلْطَـاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [الأعراف:33]، قال تعالى: وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىا أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ [هود:3]وجِماع الخيروسببُ السعادة التوبةُ إلى الله، قال الله تعالى: وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31].فمن وقع في الذنب فليعقد النية على عدم العود إليها وليندم على ما فعل من معصية الله وليكثر من الإستغفار هذا في المعاصي التى لادخل للبشر فيها أما ما كان متعلق بحقوق البشر كالسرقة والظلم وأكل الأموال بغير حق فلا بد من إعادة الحق لأهله أوالمسامحة ,وأما من كان واقع في الكفر والعياذ بالله أوالردة كأن كان ينكرأويشك في وجود الله أوالآخرة أوالجنة أوالنار أوكان منمن تلفظ بألفاظ الردة كسب الله أوالدين أو القران أوإستخف بالصلاة أوالحج أوالزكاة فالتوبة من ذلك الرجوع إلى الإسلام بالنطق بالشهادتين لأن توبة الكفر والردة الشهادتين فقط.
ومعنى التوبةِ هي الرجوع إلى الله والإنابةُ إليه من فعل المحرّم والإثم، أو من ترك واجب أو التقصير فيه، بصدقِ قلبٍ وندمٍ على ما كان.وتجب التوبة من الذنوب فوراً وهي الندم والإقلاع والعزم على أن لايعود إليها وإن كان الذنب ترك فرض قضاه أوتَبعة لآدمي قضاه أو استرضاه. والتّوبة بابٌ عظيم تتحقّق به الحسنات الكبيرةُ العظيمة التي يحبّهاالله؛لأنّ العبد إذا أحدث لكلّ ذنبٍ يقع فيه توبةً كثُرت حسناته ونقصت سيّئاتُه،قال الله تعالى: وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَـاهَا ءاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذالِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَـاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيـامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلاَّ مَن تَابَ وَءامَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَـالِحاً فَأُوْلَـئِكَ يُبَدّلُ اللَّهُ سَيّئَاتِهِمْ حَسَنَـاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً [الفرقان:68-70].
الملائكة الكرام
إن اللهَ تبارك وتعالى خلقَ هذا العالمَ بأسرِهِ العُلويَّ والسُّفليَّ والعرشَ والكرسِيَّ والسماواتِ والأرضَ وما فيهِما وما بينهُما من مخلوقاتٍ كثيرةٍ عجيبةٍ ومتنوعَةٍ تدُلُّ على أنَّ هذا العالَمَ مخلوقٌ بتدبيرٍ وتقديرٍ وأن له خالِقًا وصانِعًا قديرًا حكيمًا تامَّ القدرةِ بالغَ الحِكْمَةِ، مُتَّصِفًا بِصِفاتِ الكمالِ مُنَزَّهًا عن صفاتِ النقصانِ وهو اللهُ سبحانَهُ وتعالى.
ومن مخلوقاتِ اللهِ وءاياتِهِ الباهرةِ الدالَّةِ على وجودِهِ تعالى وعظيمِ قُدرتِهِ الملائكةُ الذين لا يُحصِي عددَهم إلا اللهُ تبارك وتعالى، خلقَهُمُ اللهُ عزّ وجلّ وجعلَ عددَهُم أكثرَ منَ الجِنِّ والإنسِ.
الملائكةُ أجسامٌ لطيفةٌ نورانِيةٌ أي خَلَقَهُمُ اللهُ منْ نورٍ لَيسوا من جِنْسِ البَشَرِ، لا يتوالَدونَ ولا يأكُلونَ ولا يَشربونَ ولا ينامونَ ولا يَتعَبونَ َ ولا يتَناكحونَ لأنَّهُم ليسوا ذُكُورًا ولا إناثًا، هم سكانُ السماواتِ السبعِ شرَّفَهُمُ اللهُ عز وجلَ وأكرَمَهم وجعلَهم مجبولينَ على طاعتِهِ، وقد خلَقَهُمُ اللهُ عزَّ وجلَّ لطاعَتِهِ وعبادتِه وليسَ لمساعدَتِه وإعانَتِه لأنهُ الصمدُ الذي لا يَحتاجُ إلى أحدٍ، قالَ اللهُ سبحانَهُ وتعالى في وصفِهم: }لا يعصُونَ اللهَ ما أمرَهُم ويفعلونَ ما يُؤمَرون{ ليسَ فيهِم كافرٌ ولا عاصٍ، ويشفعونَ يومَ القيامَةِ لبعضِ عُصاةِ المسلمينَ، قال اللهُ عز وجل:
}وقالوا اتَّخّذَ الرحمنُ ولداً سبحانَهُ بل عبادٌ مُكْرَمُون، لا يَسْبِقُونَهُ بالقولِ وهم بأمرِه يعمَلُون{ (الأنبياء / 26 – 27). خلقَ اللهُ تعالى الملائكةَ واصطفاهم لعبادَتِه فهُمْ صفوةٌ شريفةٌ لا يختارونَ إلا الطاعةَ لخالِقِهم ليس فيهم مَيْلٌ إلى معصيةٍ لا بالقولِ ولا بالفِعلِ، لأنهُ سبحانَهُ وتعالى جَبَلهُم على طاعَتِه، ولذلك وَجَبَتْ لهُمُ العِصمةُ من المعاصي فلا يوجدُ فيهم كافرٌ ولا عاصٍ.
ملائِكَةُ الرحمنِ المكرمونَ هم سكانُ السمواتِ السبعِ، فالسمواتُ السبعُ التي خلقَها اللهُ عز وجل مشحونةٌ بِهم، فليسَ في السمواتِ موضعُ أربعِ أصابع إلا وفيها ملكٌ قائمٌ أو راكعٌ أو ساجدٌ يعبُدُ اللهَ، ولهم بيتٌ مُشَرَّفٌ في السماءِ السابِعةِ يُسمَّى “البيتَ المعمور” وهو بالنسبةِ إلى الملائكةِ كالكعبةِ لأهلِ الأرضِ، وقد قالَ النَّبِيُّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: “أَطَّتِ السماءُ وحُقَّ لها أن تَئِطَّ، ما في السماءِ موضعُ أربعِ أصابع إلا وفيهِ ملَكٌ قائِمٌ أو راكعٌ أو ساجدٌ”. فيجب على كل مسلم أن يعتقد هذا في الملا ئكة الكرام لاْ ن الإيمان بملائكة الله من أصول عقيدة المسلمين.