فصل معقود لبيان نواقض الوضوء
قال المؤلف رحمه الله (فصل)
الشرح أن هذا فصل معقود لبيان نواقض الوضوء.
قال المؤلف رحمه الله (وَيَنْقُضُ الوضوءَ ما خرج منَ السبيلينِ غيرَ المنيِّ ومسُّ قُبُلِ الآدميِّ أو حلْقةِ دبرِهِ بِبَطنِ الكفِّ بلا حائلٍ ولمسُ بشرةِ الأجنبيّةِ التي تُشتَهى وزوالُ العَقلِ لا نومُ قاعدٍ ممكّنٍ مَقعدتَهُ.)
الشرح أن أسباب الحدث الأصغر هذه المذكورات. أوّلها ما خرج من أحد السبيلين أي القُبُل أو الدُّبُر وهما مخرجا البول والغائط1 إلا المنيَّ فإنه لا ينقض الوضوء عند الإمام الشافعي2
والسبب الثاني مسُّ قُبل الآدميّ أو حلقة دُبره فإنه ناقضٌ إنْ كان بلا حائل3. والناقضُ من الدُّبر ملتقى المنفذ فقط4 فلا ينقض مسُّ الألية5. والناقض من قُبلِ المرأة ملتقى شُفْريها على المنفذ فقط6. ولا ينقضُ اللمس بظهر الكفّ أو اللمس بحائل كما أَنَّه لا ينقض مسُّ دبرِ أو قُبُلِ غيرِ ءادميّ7. ويُعرفُ بطن الكف من ظاهرها وسائرِ أجزائها بوضع إحدى الكفين على الأخرى مع تحاملٍ يسير8 وتفريق الأصابع فالقدر الذي لا يظهر عند ذلك هو بطن الكف9. والسبب الثالث لمسُ بشرة الأجنبية مع كِبَرٍ10 لكل من اللامس والملموس والمرادُ بالكِبَر بلوغُ حدٍّ يُشتهى فيه أو تُشْتهى فيه بالنسبة لأَهلِ الطباع السليمة. ولا ينقض إلا لمسُ الجلد فلو لمسَ سِنَّ الأجنبيَّة أو شعرَها أو ظفرهَا لم ينتقض الوضوء11 لكن يحرم لمسُ ذلك من الأجنبي والأجنبية مع الكِبر.
والسبب الرابع زوال العقل أي التمييزِ12 بنحو جنون أو صَرْعٍ أو سُكر13 أو نومٍ إلا نومَ قاعدٍ ممكنٍ مَقعدته من مقرّه14 كأرضٍ وظهرِ دابة ولو سائرةً للأمن من خروج الريح ونحوه وإن طال الوقت.
————-
1- قال الشافعي في الأم فدلت السنة على الوضوء من المذي والبول مع دلالتها على الوضوء من خروج الريح فلم يجز إلا أن يكون جميع ما خرج من ذكر أو دبر من رجل أو امرأة أو قبل المرأة الذي هو سبيل الحدث يوجب الوضوء اﻫ وفي حاشية قليوبي قوله (من قُبُله) هو مفرد مضاف فيعم مخرج البول والحيض وقُبُلَي الخنثى اﻫ
2- قال في روضة الطالبين إلا المني فلا ينقض الوضوء بخروجه اﻫ
3- قاله في نهاية المحتاج.
4- قال في نهاية المحتاج والمراد بحلقة الدبر ملتقى المنفذ دون ما وراءه اﻫ
5- قال في نهاية المحتاج ولا ينتقض بمس العانة ولا الأنثيين والأليين ومابين القبل والدبر لأنه لا يسمى فرجًا اﻫ
6- قال في إعانة الطالبين والناقض من الدبر ملتقى المنفذ ومن المرأة ملتقى شُفريها بضم الشين وهما طرفا الفرج وقوله على المنفذ أي المحيطين به إحاطة الشفتين بالفم دون ما عدا ذلك فلا نقض بمس موضع ختانها من حيث إنه مس لأن الناقض من ملتقى الشفرين ما كان على المنفذ خاصة لا جميع ملتقى الشفرين وموضع الختان مرتفع عن محاذاة المنفذ وخالف الجمال الرملي في ذلك وذكر ما يفيد أن جميع ملتقى شفريها ناقض لا ما هو على المنفذ فقط اﻫ ففي حاشية الرملي على الروض المرادُ بقُبُل المرأة الشفران من أولهما إلى ءاخرهما لا ما هو على المنفذ فقط كما وهم فيه جماعة من المتأخرين وقد صرح القفال بأنه ينقض موضع مس ختانها اﻫ وهو الذي يقتضيه كلام ولده في النهاية قال علي الشبراملسي قضيته أن جميع ملتقاهما ناقض ونُقل عن والد الشارح محمد الرملي بهوامش شرح الروض ما يوافق إطلاقه وهو المعتمد اﻫ قال البجيرمي ولم يقيد الجلال المحلي بقوله على المنفذ فأفاد النقض بغير المحاذي للمنفذ من الشفرين والمراد ما يظهر منهما عند جلوسها على قدميها والظاهر أن منه ما يظهر عند الاسترخاء المطلوب في الاستنجاء وعبارة شرح الروض المراد بقبل المرأة الشفران من أولهما إلى ءاخرهما لا ما هو على المنفذ منهما كما وهم فيه جماعة من المتأخرين اﻫ
7- قال في الروضة ولا ينقض مس دبر البهيمة قطعًا ولا قبلها على الجديد المشهور اﻫ
8- التحامل اليسير معناه كبس خفيف.
9- قال في روضة الطالبين هو القدر المنطبق إذا وضعت إحدى اليدين على الأخرى مع تحامل يسير اﻫ
10- قال في روضة الطالبين الناقض لمس بشرة امرأة مشتهاة اﻫ
11- قال في روضة الطالبين فإن لمس شعرًا أو سنًا أو ظفرًا أو عضوًا مبانًا من امرأة أو بشرةَ صغيرةٍ لم تبلغ حد الشهوة لم ينتقض وضوؤه اﻫ
12- قال في نهاية المحتاج زوال العقل أي التمييز اﻫ
13- قال في نهاية المطلب فمهما زال العقل بجنون أو صرعة أو غشية أو سكر ينتقض الوضوء اﻫ
14- قال في الروضة فإن نام ممكنًا مقعده من مقره لم ينتقض اﻫ
فصل معقود لبيان أحكام الاستنجاء
قال المؤلف رحمه الله (فصل)
الشرح أن هذا فصل معقود لبيان أحكام الاستنجاء.
قال المؤلف رحمه الله (يجبُ الاستنجاءُ مِنْ كلِّ رَطْبٍ خارج من أحد السبيلينِ غيرَ المنيِّ بالماءِ إلى أن يطهُرَ المحلُّ أو بمسحِهِ ثلاثَ مَسحاتٍ أو أكثرَ إلى أن يَنقَى المَحَلُّ وإن بقيَ الأثرُ بقالعٍ طاهرٍ جامدٍ غيرِ محترمٍ ولو معَ وجودِ الماءِ مِن غيرِ انتقالٍ وقبلَ جفافٍ فإنِ انتقلَ عنِ المكانِ الّذي استقرّ فيه أو جَفَّ وجبَ الماءُ)
الشرح هذا الفصل معقودٌ للاستنجاء كما تقدم. وأوجبُ ما يُوجب الاستنجاء وأشدّه البولُ لأن التَّضمُّخ بالبول من أكبر الكبائر1 2 وهو أكثر ما يكون سببًا لعذاب القبر3. فما كان خارجًا من أحد السبيلين وكان رطبًا بحيث لوَّثَ المخرَج4 وجب الاستنجاء منه إن كان مُعتادًا أو غيرَهُ كالدم.
ولا يجب الاستنجاء من الخارج الجامد كالحصى الخارج بلا بلل5. ثم إن كان الاستنجاء بحجر يعفى عن الأثر الذي يبقى وهو الذي لا يزيله إِلا الماءُ أو صغارُ الخَزَف6 أي الفخار ثم إذا عَرِقَ المحلُّ فأصاب ما يليه من الثوب عُفِيَ عنه7 لأنَّ هذا مما يَكثُر الابتلاء به ولا سِيَّما في البلاد الحارّة.
وقول المؤلف “غيرَ المنيِّ” أراد به أن المنيّ لا يجب الاستنجاء منه لأنه طاهر8 عند الإمام الشافعي رحمه الله ولكنه يُسَنُّ الاستنجاءُ منه للخروج من خلاف الأئمة القائلين بنجاسته9.
ثم الواجب على المستنجي الماءُ فقط أو الحجرُ أو ما يقوم مقامه. وكيفيّة الاستنجاء10 أن يضعَ يده على المخرج مع سكب الماء ويدلك المخرجَ11 إلى أن يذهب الخارجُ عينُهُ وأَثَرُهُ ويكفي غلبة الظن في زواله12 فإن مسح بحجر أو نحوه وجب أن يمسح ثلاث مسحات إمَّا بثلاثة أحجار وإِمَّا بحجر واحد له ثلاثةُ أطراف أو أكثرَ إلى أن يُنْقِيَ المحلّ13.
وفي حكم الحجر كل شىء قالع طاهر جامد غير محترم14 فلا يُجْزِئ أي لا يكفي غيرُ القالع لِمَلاسَتِهِ كالزُّجاج أو القصب15 أو لغير الملاسة كالتراب المتناثر16 ولا يكفي الجامد النجسُ أو المتنجّس ولا الرَّطْبُ كالجلد الرطب17 ولا ما عليه رطوبة ولو خرقةً مبلولة بالماء فإن كانت جافَّةً فهي مثل الحجر فيكفي الاستنجاء بها. ولا يكفي أيضًا للاستنجاء القالعُ المحترم كورقة علم شرعي18 بل من استنجى بها عالِمًا بما فيها كفر. ومن المحترم مطعوم الآدمي كالخبز19. ثم إنَّما يكفي الاستنجاء بالحجر ونحوه20 إذا لم ينتقلِ الخارج عن المخرج إلى غيره أي لم يجاوز الحشفة والصفحتينِ21 أي ما ينضمُّ من الأليتين عند القيام. ويُشترط لكفاية الاستنجاء بالحجر للنساء أن لا يصل البول إلى مدخل الذَّكر وإلا تعيَّن الماء22. ويكفي الاستنجاء بالحجر من الغائط ولو كان على المخرج شعرٌ.
ويُشْتَرَط أن يكون المسحُ قبل الجفاف ، ولا يمنع اختلاط العَرَقِ بالخارج من إجزاء الاستنجاء بالحجر.
وما يفعله بعضُ الناس عند الاستنجاء من الغائط من أن يأخذوا بالكف اليسرى ماءً ثم يدلكوا به المخرج فذلك قبيح غير كافٍ
والاستبراء وهو إخراج بقيةِ البول بعد انقطاعه بتنحنح أو نحوه يكون واجبًا في حال وسنةً في حال، يكون واجبًا إذا كان يَخشى من تركه تلويثَ نفسه بالبول ويكون سنة إذا كان لا يخشى من تركه تلويثَ نفسه بالبول23.
————-
1- قال النووي في شرح مسلم وجاء في النميمة وعدم الاستبراء من البول أنهما من الكبائر اﻫ
2- قال في تحفة المحتاج وقولهم وهو لا يجب في غير الصلاة محله في غير التضمخ به في البدن فإنه حرام وكذا في الثوب على تناقض فيه اﻫ قال عبد الحميد الشرواني قوله وكذا في الثوب هو الصحيح اﻫ ومثله في حاشية ابن قاسم على التحفة اﻫ وقال في شرح فتح المعين ولا يجب اجتناب النجس في غير الصلاة ومحله في غير التضمخ به في بدن أو ثوب فهو حرام بلا حاجة اﻫ ومعنى التضمخ به التلطخ بالنجس عمدًا. قال في نهاية المحتاج نعم يحرم التضمخ به (أي البول) خارجها (أي الصلاة) في البدن بلا حاجة وكذا الثوب كما في الروضة كأصلها وما في التحقيق من تحريمه في البدن فقط مراده به ما يعم مُلابِسَه ليوافق ما قبله اﻫ قال علي الشبراملسي قوله ليوافق ما قبله قضية هذا الحمل عدم حرمة تنجيس ثوب غير ملبوس له ولعل هذه القضية غير مرادة بل المراد ما من شأنه أن يلابسه بدليل قوله ليوافق ما قبله اﻫ
3- في سنن ابن ماجه عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر عذاب القبر من البول اﻫ
4- قال في شرح روض الطالب وإنما يجب الاستنجاء إذا كان الخارج ملوثًا ولو نادرًا كدم ومذي وودي اﻫ
5- كما في التنبيه للشيرازي.
6- قال في إعانة الطالبين قوله مع تنقية أي للمحل والإنقاء أن يزيل العين حتى لا يبقى إلا أثر لا يزيله إلا الماء أو صغار الخزف اﻫ
7- قال في نهاية المحتاج ويعفى عن أثر محل استجماره لجواز اقتصاره على الحجر وإن عرق محل الأثر وتلوث غيره لعسر تجنبه كما في الروضة والمجموع اﻫ
8- قال في إعانة الطالبين ويستثنى المني فلا يجب الاستنجاء منه لأنه طاهر اﻫ
9- قال في فتح الوهاب فلا يجب الاستنجاء منه لفوات مقصوده من إزالة النجاسة أو تخفيفها لكنه يسن خروجًا من الخلاف وبزيادتي لا مني المنيُّ فكذلك اﻫ
10- قال في شرح التنبيه ويقدم رجله اليسرى في الدخول للخلاء واليمنى في الخروج اﻫ ثم قال ولا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض وينصب رجله اليمنى ويعتمد على اليسرى ولا يتكلم اﻫ
11- قال في المجموع وإن كان يستنجي بالماء صب الماء بيمينه ومسحه بيساره اﻫ
12- قال في شرح روض الطالب فإن غلب على ظنه زوالها أي النجاسة كفى ذلك في إزالتها اﻫ
13- قال في نهاية المحتاج ويجب الاستنجاء بالحجر ليجزئ ثلاثَ مسحات ولو بأطراف حجر إذ المقصود عدد المسحات ثم قال فإن لم يَنْقَ المحل بالثلاث وجب عليه الإنقاء برابع فأكثر لأنه المقصود من الاستنجاء اﻫ
14- قاله في نهاية المحتاج.
15- قال في الروضة يشترط أن يكون منشفًا قالعًا للنجاسة فلا يجزئ زجاج وقصب وحديد أملس اﻫ
16- قال في إعانة الطالبين وأن يكون بقالعٍ لعين النجاسة فلا يكفي نحو الفحم الرخو والتراب المتناثر اﻫ
17- قال في الروضة ولو استنجى برطب من حجر أو غيره لم يجزئه على الصحيح اﻫ
18- قال في أسنى المطالب ومن المحترم ما كتب عليه علمٌ كحديث وفقه كما صرح به الأصل اﻫ
19- قال في الروضة أن لا يكون محترمًا فلا يجوز الاستنجاء بمطعوم كالخبز والعظم اﻫ
20- قاله في نهاية المحتاج.
21- الصفحتان هما ما ينضم من الأليين عند القيام.
22- قال في نهاية المحتاج ويتعين أي الماء في بول ثيب أو بكر وصل لمدخل الذكر يقينًا اﻫ
23- قال في أسنى المطالب ويستبرئ ندبًا من البول عند انقطاعه وقبل قيامه إن كان قاعدًا لئلا يقطر عليه ثم قال ولو غلب على ظنه أنه لو لم يستبرئ لخرج منه شىء وجب الاستبراء اﻫ
فصل معقود لبيان موجبات الغسل وأركانِه
قال المؤلف رحمه الله (فصلٌ)
الشرح هذا فصل معقود لبيان موجبات الغسل وأركانِه.
قال المؤلف رحمه الله (ومنْ شروطِ الصلاةِ الطهارةُ مِنَ الحدثِ الأكبرِ بالغُسلِ أو التيمّم لمن عجزَ عن الغُسلِ والذي يُوجبُهُ خمسةُ أشياءَ خروجُ المنيّ والجماعُ والحيضُ والنفاسُ والولادةُ.)
الشرح أنَّ من شروط الصلاة التي لا تصح الصلاة بدونها الطهارةَ عن الحدث الأكبر وتُسمَّى هذه الطهارة الغسل والذي يوجب ذلك خمسةُ أشياء.
الأول خروج المنيّ1 أي ظهورهُ إلى ظاهر الحشفة من الرجل ووصولُه إلى ظاهر فرج البِكْر أو وصولُه إلى ما يظهر من فرج الثيّب عند قعودها2 على قدمَيْها لقضاء الحاجة أو للاستنجاء فما لم يصل إلى ذلك فلا يوجِبُ الغسلَ فلو وقف المني فيما دون ظاهر الحشفة من الرَّجُلِ لا يجب الغسل عليه.
وكذلك البكر إذا لم يظهر المني إلى ظاهر فرجها لا يجب عليها الغسل وكذا الثيب فلا يجب عليها الغسل إن لم يصل منيها إلى ما يظهر من فرجها عندما تقعد لقضاء الحاجة3. وللمني ثلاث علامات يعرف بها إحداها التَّدفُّقُ أي الانصباب بشدّة شيئًا فشيئًا وثانيها التلذُّذ بخروجه بحيث يعقبه فتور الشهوة وثالثها ريح العَجين في حال الرطوبةِ وريح بياض البيض بعد الجفاف وهي علامات مشتركة بين الرجال والنساء4. ومن رأى منيًّا في ثوبه أو في فراشه الذي لا ينام فيه غيرُه وَجَبَ عليه الغُسلُ وإعادةُ كل فرض صلاه إذا كان لا يَحتمل حدوثُهُ بعده5.
والثاني الجماع وَهُوَ إِيلاجُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ فَاقِدِهَا فِي فَرْجٍ وَلَوْ دُبُرًا
والثالث الحيضُ وهو الدم الخارج من رحم المرأة على سبيل الصحة من غير سبب الولادة وإمكانُهُ بلوغُ تسعِ سنينَ تقريبًا بالسنينَ القمرية6. وأقلُّه يومٌ وليلةٌ أي مقدار أربع وعشرين ساعة سواءٌ كان متّصلاً أو متقطعًا في ظرْفِ خمسةَ عَشَر يومًا فلو رأت ستةَ أيام كل يوم أربع ساعات دمًا ثم انقطع كانت تلك المدّة كلها حيضًا. وأكثره خمسة عَشَرَ يومًا مع أوقات النقاء التي تتخللها. وَغالِبُهُ سِتةٌ أوْ سَبْعٌ.
والرابع النفاس وهو الدم الخارج بعد خروج الولد ولو مَجَّة أي قدر بزقةٍ واحدة وهو أقل النفاس وأكثره ستُّون يومًا وغالبه أربعون يومًا. والموجِبُ للغسل مِنَ الحيض والنفاس هو انقطاع الدم.
والخامس الولادة ولو كان الذي خرج منها عَلَقةً7 أو مُضْغةً8 أخبَرَتِ القوابلُ أنها أصل ءادميّ ولو بلا بللٍ وذلك لأن الولد منيٌّ منعقد9.
فهذا القدر من العدد هو بالنسبة للحيّ أما الميت فيجب غسلُه على المكلّفين ليس عليه لأنَّهُ خرج عن التكليف.
ومن مسائل الحيض أن الدمَ لا يعتبرُ حيضًا إلا أن تراهُ المرأةُ بعد تسعِ سنينَ قمريةٍ أو قبلَها بأقلَّ من ستة عشر يومًا كما تقدم وما سوى ذلك فهو دمُ فساد تستنجي منه ثمَّ تتوضأُ فتصلي. ومنها أنَّ المرأة متى ما رأتِ الدَّمَ في وقت الحيض تتجنّب ما تجتنبه الحائض من صوم وصلاة ووطئ وغير ذلك10 ولا تنتظر بلوغه يومًا وليلة ثمّ إن نقصَ عن يوم وليلة قضت ما كانت قد تركته من صوم وصلاة ولا يلزمُها غُسلٌ عند ذلك لعدمِ الحيض11. ومنها أنّه متى ما انقطع الدمُ بعد بلوغِ أقلِّهِ أي أربع وعشرين ساعة تغتسل وتصلِّي وتصوم ويحلُّ وطؤُها فإن عاد في زمن الحيض تبيّن وقوعُ عبادتِها في الحيضِ فتؤمر بقضاء الصوم فقط ولا إثم بالوطئ لبناء الأمْر على الظاهر وإذا انقطعَ حُكِم بطُهرها وهكذا ما لم يَعْبُر خمسة عَشَرَ يومًا12. ومنها أنّ الانقطاع يُعْرَفُ بأن تكون بحيثُ لو أدخلتِ القُطنةَ فرجَها خَرَجت بيضاء13 وليس شرطًا أن تنظر كل ساعة لتتأكد من نقائها.
قال المؤلف رحمه الله (وفروض الغُسل اثنان نية رفعِ الحدث الأكبر أو نحوُها وتعميم جميع البدن بشرًا وشعرًا وإنْ كَثفَ بالماء.)
الشرح فرضُ الغسل يحصل بأمرين الأول النيَّة فينوي رفعَ الحدث الأكبر بقلبه أو ينوي رفعَ الحدث أو ينوي فرض الغسل أو ينوي الغسل الواجب أو ما يقوم مقام ذلك كاستباحة الصلاةِ أو الطوافِ بالكعبة14 بخلاف نيّة الغسل فقط15 أو الطهارة فقط فإِنَّ ذلك لا يكفي. ويجب قرن النيّة القلبية بأول مغسول فلو غسل بعض جسمه بدون هذه النيّة ثم نوى في أثناء الغسل وجب إعادة ما غسل قبل النيّة16. والثاني تعميم جميع البدن أي ظاهره بالماء
فيجب تعميم البشر أي الجلد والشعر ظاهره وباطنه، ويجب إيصال الماء إلى ما يظهر من الصماخ أي خَرْقِ الأُذن17 لا باطنِ فمٍ وأنفٍ فإن ذلك لا يجب18.
وينبغي الاعتناءُ بالطهارتين الوضوء والغسل لقول النَّبيّ صلى الله عليه وسلم «الطُّهُور شطر الإيمان» أي نصف الإيمان، رواه مسلم19، ولا يتقن صلاته من لا يتقن طهارته أي من كان لا يؤدِّي طهارته على الوجه التام لا يكون مؤديًا صلاتَهُ على التمام بل لا بد من أمور تنقصه، قال الله تعالى ﴿إن اللهَ يحبُّ التوّابين و يحبُ المتطهِّرين﴾20.
————-
1- قال في إعانة الطالبين واعلم أن خروج المني موجب للغسل سواء كان بدخول حشفة أم لا اﻫ
2- أي القرفصاء.
3- قال في إعانة الطالبين قوله خروج منيِّ نفسه وانفصاله إلى ظاهر الحشفة وظاهر فرج البكر وإلى محل الاستنجاء في فرج الثيب وهو ما يظهر عند جلوسها على قدميها اﻫ
4- ذكر كل ذلك في شرح الروض.
5- قال في أسنى المطالب وإن رأى في فراشه أو ثوبه منيًّا ولو بظاهره لا يحتمل أنه من غيره لزمه الغسل وأعاد كل صلاة لا يحتمل خلوها عنه ويستحب الغسل وإعادة ما أي صلاة احتمل خلوها عنه كما إذا احتمل كونه من ءاخر نام معه في فراش مثلاً فإنه يستحب لهما الغسل فيستحب لهما الإعادة اﻫ
6- قال في شرح الوجيز إن أقل سن تحيض فيه المرأة تسع سنين ثم قال لو كان بين رؤية الدم وبين استكمال التسع على الوجهِ الأصحِّ ما لا يسع لحيض وطهر يكون ذلك الدم حيضًا وإلا فلا اﻫ
7- في مختار الصحاح العلق الدم الغليظ والقطعة منه علقة اﻫ
8- قال في لسان العرب في المضغة وهي القطعة من اللحم قدر ما يمضغ وسماها مضغًا على التشبيه بمضغة الإنسان في خلقه يذهب بذلك إلى تصغيرها وتقليلها اﻫ
9- قاله في شرح الروض.
10- قال في الروضة وإذا بلغت المرأة سن الحيض فرأت دمًا لزمها ترك الصوم والصلاة والوطئ بمجرد رؤية الدم على الصحيح اﻫ
11- قال في الروضة فإذا أمسكت فانقطع الدم لدون يوم وليلة تبينّا أنه دم فساد فتقضي الصلاة بالوضوء ولا غسل اﻫ
12-قال أصحابنا ونتبين أن وطئ الزوج لم يكن مباحًا لكن لا إثم للجهل قال أصحابنا وكلما عاد النقاء في هذه الأيام إلى الرابع عشر وجب الاغتسال والصلاة والصوم وحل الوطئ وغيره اﻫ
13- قال في المجموع روى مالك في الموطأ عن عقبة بن أبي عقبة عن أمه مولاة عائشة قالت كانت النساء يبعثن إلى عائشة رضي الله عنها بالدِّرَجة فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيض فتقول لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء تريد بذلك الطهر من الحيضة هذا لفظ الموطأ وذكره البخاري في صحيحه تعليقًا بصيغة جزم فصح هذا اللفظ عن عائشة رضي الله عنها والدرجة بضم الدال وإسكان الراء والجيم وروي بكسر الدال وفتح الراء وهي خرقة أو قطنة أو نحو ذلك تدخله المرأة فرجها ثم تخرجه لتنظر هل بقي شىء من أثر الحيض أم لا اﻫ
14- قال في الروضة ولو نوى استباحة ما يتوقف على الغسل كالصلاة والطواف وقراءة القرءان أجزأ اﻫ
15- قال في أسنى المطالب ويجزئ فريضة الغسل أو الغسل المفروض كما صرح به الأصل وقوله لا الغسل من زيادته أي لا نية الغسل فلا تجزئ اﻫ
16- قال في إعانة الطالبين قوله (فلو نوى) أي الجنب أو الحائض ونحوه وقوله (بعد غسل جزء) أي من بدنه قوله (وجب إعادة غسله) أي ذلك الجزء الذي لم تقترن النية به وذلك لعدم الاعتداد به قبل النية اﻫ
17- قال في شرح روض الطالب والشىء الثاني تعميم البدن بالماء شعرًا وإن كثف وبشرًا وظفرَا وما ظهر من صماخ اﻫ
18- قال في شرح روض الطالب ولا تجب مضمضة واستنشاق في الغسل اﻫ
19- صحيح مسلم، كتاب الطهارة.
20- [سورة البقرة/ الآية ٢٢٢].
فصل معقود لبيان شروط الطهارة
قال المؤلف رحمه الله (فصل)
الشرح أن هذا فصل معقود لبيان شروط الطهارة.
قال المؤلف رحمه الله (شروطُ الطهارةِ الإسلامُ والتمييزُ وعدمُ المانعِ من وصولِ الماءِ إلى المغسولِ والسيلانُ وأَنْ يكونَ الماءُ مُطهِّرًا بأنْ لا يُسْلَبَ اسمهُ بمخالطةِ طاهرٍ يستغني الماءُ عنهُ وأن لا يتغيّرَ بنجسٍ ولو تغيّرًا يَسيرًا. وإنْ كانَ الماءُ دونَ القلّتينِ اشتُرطَ أن لا يلاقيَهُ نجسٌ غيرُ معفوٍّ عنه وأنْ لا يكون استعملَ في رفعِ حدثٍ أو إزالةِ نجسٍ)
الشرح أنَّ من شروط الطهارة عن الحدث الأصغر والأكبر الإسلامَ فالكافر لا تصح طهارته من الحدثين لعدم صحة نيّته والتمييزَ فغير المميّز لا تصح طهارته. ويستثنى من اشتراط الإسلام للطهارة غُسلُ الزَّوجة الكافرةِ بلا نية لتحلَّ لزوجها المسلم من حيضها أو نفاسها فإِنَّه يصح للضرورة بلا نية منها فالكتابية عندما تغتسل من الحيض لتحل لزوجها المسلم لا تنوي شيئًا ثم لو أسلمت وجب عليها إعادةُ ذلك الغُسل1. وكذلك غُسلُ الصبي غير المميز للطواف فإنه يصح وكذا يوضئه وليه للطواف وتقوم نية الولي مقام نية الطفل2. ويشترط عدمُ المانع من وصول الماء إلى العضو المغسول أو الممسوح كالشحم اللاصق بالجلد الذي يمنع وصولَ الماء إليه وكالذي تضعه النساء على أظافيرهنَّ الْمُسَمَّى بالـمَنَكير.
وأَمَّا الوسخ الذي يكون تَحت الأَظفار فقد اختُلف هل يمنع صحّة الطهارة أو لا وقد تقدم.
أمّا ما يستر لون البشرة ولا يمنع الماءَ من الوصول إلى الجلد فلا يضر كالحبر وما يسمى بالدواء الأحمر والحنّاء ونحوها3. ويشترط السيلانُ وهو أن يكون الماء جاريًا على الجلد بطبعه ولا يشترط فيه تقاطر الماء فلو جرى الماء على الجلد ولو بواسطة إمرار اليد أجزأ فلا يجزئ مجرد المسح الذي لا يُسمَّى غَسْلاً. ويشترط أن يكون الماء مطهِّرًا مطلقًا يطلق اسم الماء عليه بلا قيد فما لا يسمى إلا ماء الزهر مثلاً لا يكون4 مطهرًا فالمراد بقولهم طاهرٌ مطهِّرٌ هو ما يصحُّ إطلاق اسم الماء عليه بلا قيد كماء البحر وماء البرد والثلج بعد أن يذوبا. وما تغير بطاهر مخالط أي لا ينفصل في رأي العين عنه بعد مخالطته مما يمكن5 صون الماء عنه فليس بطهور صالحٍ للوضوء والغسل وإزالة النجاسة إن كان تغيُّره به بحيث يَسلُب اسمَ الماء عنه أي خالطه طاهر بحيث غَيَّرَ لونَهُ كالحبر أو طعمَهُ كالعسل أو ريحَهُ كماء الورد تغييرًا كثيرًا فليس مُطهِّرًا6 بخلاف ما لو غيّره قليلاً فإنه لا يؤثر أي إن كان تغيّره به بحيث لا يسلب عنه اسم الماء فهو طهور تصح الطهارة به7. ولو تغيّر الماء تغيّرًا كثيرًا بما لا يمكن صون الماء عنه أي يشق أو يعسر لم يؤثِّر ذلك كالماء الذي مقرُّه فيه مَعْدِنٌ من المعادن8 كالكبريت فمهما تغيّر هذا الماء به فلا يخرج عن كونه مطهِّرًا. وكذلك لا يضرُّ التغيُّر بما لا يخالط الماء بل يجاوره كالماء الذي تتغيّر رائحته بالعود الصُّلب الذي لا يتحلَّل في الماء لأن هذا العود الذي يُتبخّر به إذا وضع في الماء لا ينحل منه شىء في الماء فإذا صارت رائحة الماء عطرة جازت الطهارة بذلك الماء9. ويشترط لصحة الطهارة بالماء إن كان دون القلتين أن لا يلاقيه نجسٌ فالماء الذي لاقاه نجسٌ غير معفو عنه كالبول ليس بطاهر10 إن كان دون القلّتين غَيَّرَهُ النجس أو لم يغيّره.
وإن كان الماء قلّتين فأكثر فلا يضرُّ ملاقاة النجاسة له إلا أن يتغيَّر الماءُ بها أي بأن يظهر فيه طعم النجاسة أو لونها أو ريحها11. وكذلك إذا استُعمل ماءٌ دون القلتين في رفع حدث12 أو إزالة نجس معفوًّا عنه كان أوْ لا فإنه لا يصلح للطهارة13
بخلاف الماء الذي يبلغ القلّتين فإنه لا يخرج عن كونه طهورًا باستعماله في رفع حدث أو إزالة نجس إذا لم يتغيّر بالنجاسة14 أي أنَّه يبقى طَهورًا مطهِّرًا ولو تكرَّر ذلك. والقلتان15 بالمربع ما تَسَعُهُ حفرة طولها ذراع وربع16 وكذلك عرضها وعمقها وبالمدَوَّرِ ما تسعه حفرةٌ عرضها ذراع وعمقها ذراعان ونصف بالذراع المعتدل17 وهو نحو عشر صفائح من الماء
قال المؤلف رحمه الله (ومنْ لمْ يجدِ الماءَ أَو كانَ يضرُّهُ الماءُ تيمَّمَ بعدَ دخولِ الوقتِ وَزَوالِ النجاسةِ التي لا يعفى عنها)
الشرح: من فقد الماء بأن فقده حِسًّا أو معنى يجوز له التيمّم
أمّا الفقد الحسِّي فهو أن لا يجد الماء معه ولا مع رُفقته ولا في القدر الذي يجب الطلب فيه من المِساحة وهو حد القرب فإن كان الماء في مسافة تبعد عن المكان الذي هو فيه فوق حد القرب فإنه لا يجب طلبه في هذه الحالة. وحدُّ القُرْبِ قُدِّرَ بنحو نصف فرسخ18 فمن عَلِمَ وجودَه أي علمَ بوجود الماء في حدّ القرب فإِنَّه يعد واجدًا للماء فلا يصح تيمّمه. وأمّا إن لم يتأكّد من وجود الماء بل كان عنده احتمال فقط فيجب عليه الطلب في حدّ الغوث وهو المسافة التي يُسْمِع فيها رفقاءه لو نادى، وقُدِّرَت هذه المسافة بثلاثمائة ذراع شرعي وهو أي الذراع مقدار شبرين فإن لم يجد الماء فهذا يُعَدُّ فاقدًا له.
وأمَّا الفقد المعنوي فهو كأن يحولَ بينه وبين الماء الذي هو بالقرب منه سبُعٌ أو عدوٌّ وكأن يحتاج الماء لشربه أو لشرب حيوانه المحترم19 فيصح له التيمم مع وجود الماء. ومن تَيَمَّمَ بدون طلب أي في الموضع الذي يجب فيه الطلب فلا يصح تيمّمه لقوله تعالى ﴿فلمْ تَجدُوا مَاءً فتيمموا﴾20 وأمَّا الضرر الذي يبيح التيمُّم فهو أن يخاف على نفسه من استعمال الماء أن يضرَّه في جسمه أو على عضو من أعضائه21 أو طولَ مرضه أما مجرد الألم من برد الماء فليس عذرًا إذا كان لا يُعقِّبُ ضررًا22.
ولا يصح التيمُّمُ إلا بعد دخول الوقت فلو تيمم للظهر قبل الزوال لم يصح تيممه. ويشترط أيضًا أن يكونَ بعد إزالة النجاسة إن كانت ببدنه فلو تيمّم قبل ذلك لم يصحَّ فإن لم يتمكن من إزالة النجاسة بسبب فقد الماء فحكمه كحكم فاقد الطهورين23.
قال المؤلف رحمه الله (بترابٍ خالصٍ طهورٍ لهُ غبارٌ)
الشرح التيمّم لا يصح إلا بالتراب الذي له غبار ، ويُشترط أن يكون خالصًا من نحو الرَّماد، وأن يكون طهورًا لا متنجسًا بنحو بول ولا مستعملاً في تيمم بأن يكون تناثر من العضو عند التيمم فإن كان استُعمل للتيمم بأن تناثر من الوجه مثلاً فهو غير صالح للتيمم مرة ثانية24. ولا يجزئ الحَجَر ويجزئ في بعض المذاهب25 وفي ذلك تَيْسِيرٌ وفسحة فيجوز للشافعي أن يقلِّد في ذلك غير الإمام الشافعي.
قال المؤلف رحمه الله (في الوجهِ واليدينِ يُرَتِّبُهُمَا بضربتينِ بنيّةِ استباحةِ فرضِ الصلاةِ معَ النقلِ ومسحِ أولِ الوجهِ)
الشرح محل التيمم الوجه واليدان إلى المرفقين كالوضوء ويقدِّمُ مسح الوجه وجوبًا على مسح اليدين. ولا بد فيه من النقل ويجب أن يكون النقل إلى الوجه بنيّة مجزئة26 كنية استباحة فرض الصلاة والنقلُ معناه تحويل التراب إلى عضو التيمم27 فيكون مرتين على الأقل28
والذي يبطل التيمم ثلاثة أشياء ما أبطل الوضوء ورؤية الماء في غير وقت الصلاة29 والردة .
————-
1- كذا ذكر النووي في المجموع.
2- قال الأنصاري في شرح الروض في سنية الغسل للإحرام وحتى غير المميز فيغسله وليه اﻫ قال الرملي في الحاشية قوله فيغسله وليه وينوي اﻫ
3- قال في المجموع قال أصحابنا فلو أذاب في شقوق رجليه شحمًا أو شمعًا أو عجينًا أو خضبهما بحناء وبقي جرمه لزمه إزالة عينه لأنه يمنع وصول الماء إلى البشرة فلو بقي لون الحناء دون عينه لم يضره ويصح وضوؤه اﻫ
4- قال في شرح روض الطالب الماء المتغير طعمًا أو لونًا أو ريحًا بمخالطة طاهر يستغني الماء عنه كالمني والزعفران تغيرًا يمنعه الإطلاق أي إطلاق اسم الماء عليه غير طهور لأنه غير مطلق اﻫ
5- أي لا يشق ولا يعسر صون الماء عنه.
6- قال في شرح روض الطالب الماء المتغير طعمًا أو لونًا أو ريحًا بمخالطة طاهر يستغني الماء عنه كالمني والزعفران تغيرًا يمنعه الإطلاق أي إطلاق اسم الماء عليه غير طهور لأنه غير مطلق اﻫ
7- قال في نهاية المطلب وإن حصل أدنى تغير ولم يصر الماء بحيث يتجدد له اسم سوى الماء فهو على موجب هذه الطريقة طهور فإنه يسمى ماء على الإطلاق اﻫ
8- قال في الروضة وأما المتغير بما لا يمكن صون الماء عنه كالطين والطحلب والكبريت والنورة والزرنيخ في مقر الماء والتراب الذي يثور وينبت في الماء والمتغير بطول المكث والمسخن فطهور اﻫ
9- قال في شرح روض الطالب ولا يضر تغير كثير بمجاوره أي الماء كعود ودهن ولو مطيبين وكافور صلب لأن تغيره بذلك لكونه تروحًا اﻫ
10- قال في الروضة ثم الماء القليل ينجس بملاقاة النجاسة المؤثرة تغير أم لا اﻫ
11- قال في الروضة وأما الكثير فينجس بالتغير بالنجاسة للإجماع سواء قل التغير أم كثر وسواء تغير الطعم أو اللون أو الرائحة وكل هذا متفق عليه اﻫ
12- قال في المجموع الماء المستعمل ضربان مستعمل في طهارة الحدث ومستعمل في طهارة النجس فأما المستعمل في طهارة الحدث فينظر فيه فإن استعمل في رفع الحدث فهو طاهر لأنه ماء طاهر لاقى محلاً طاهرًا فكان طاهرًا ثم يقول وهل يجوز الطهارة به أم لا فيه طريقان ثم قال قال الشيخ أبو حامد نص الشافعي في جميع كتبه القديمة والجديدة أن المستعمل ليس بطهور اﻫ
13- قاله في المجموع.
14- قال في الإقناع للشربيني لا يتنجس الكثير إلا بالتغير بالنجاسة ثم قال فإن لم يتغير فطهور اﻫ
15- قال في إعانة الطالبين القلتان هما في الأصل الجرتان العظيمتان اﻫ
16- قال في روضة الطالبين وقدر القلتين بالمساحة ذراع وربع طولاً وعرضًا وعمقًا اﻫ
17- قال في إعانة الطالبين إن العمق ذراعان بذراع النجار وهو ذراع وربع بذراع الآدمي فهما به ذراعان ونصف وإن العرض ذراع اﻫ
18- والفرسخ ثلاثة أميال.
19- وقال الشربيني في الإقناع والشيء الخامس إعوازه أي الماء أي احتياجه إليه بعد الطلب لعطشه أو عطش حيوان محترم كما مر وهو ما لا يباح قتله اﻫ وفي المجموع للنووي أما إذا كان الحيوان غير محترم كالحربي والمرتد والخنـزير والكلب وسائر الفواسق الخمس المذكورة في الحديث وما في معناها فلا يجوز صرف الماء إلى سقيها بالاتفاق اﻫ
20- [سورة المائدة/ الآية ٤٣].
21- قال في إعانة الطالبين في بيان أسباب التيمم وخوف محذور من استعمال الماء بأن يكون به مرض يخاف معه من استعماله على منفعة عضو أو يخاف زيادة مدة المرض أو يخاف الشين الفاحش من تغير لون ونحول في عضو ظاهر وفي الحقيقة هذا الثاني يرجع للفقد الشرعي اﻫ
22- قال في أسنى المطالب ولا يبيحه التألم باستعمال الماء بقرح أي جرح أو برد أو حرٍّ أو غيره كصداع ووجع ضرس وحمى لا يخاف من استعمال الماء معه محذورًا في العاقبة أو يخاف مع البرد محذورًا ووجد نارًا يسخن بها الماء أو ما يدثر به أعضاءه لأنه واجد للماء قادر على استعماله بلا ضرر شديد اﻫ
23- صحح النووي في الروضة والتحقيق في باب الاستنجاء أن التيمم لا يصح قبل إزالة النجاسة وذلك لأن التيمم للإباحة ولا إباحة مع المانع فأشبه التيمم قبل الوقت وصحح في الروضة والمجموع في باب التيمم الجواز. قال الشربيني في مغني المحتاج والأول هو الراجح فإنه هو المنصوص في الأم كما في الشامل والبيان والذخائر والأقيس كما في البحر اﻫ
24- قاله في حاشية البجيرمي.
25- قال ابن المنذر في الأوسط وقال الشافعي لا يقع اسم صعيد إلا على تراب ذي غبار وقال أحمد الصعيد التراب اﻫ قال في المغني وجملة ذلك أنه لا يجوز التيمم إلا بتراب طاهر ذي غبار يعلق باليد لأن الله تعالى قال ﴿فتيمموا صعيدًا طيبًا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه﴾ قال ابن عباس الصعيد تراب الحرث وقيل في قوله تعالى ﴿فتصبح صعيدًا زلقًا﴾ ترابًا أملس والطيّب الطاهر وبهذا قال الشافعي وإسحاق وأبو يوسف وداود وقال مالك وأبو حنيفة يجوز بكل حال ما كان من جنس الأرض كالنورة والزرنيخ والحجارة. ثم قال وعن أحمد رواية أخرى في السبخة والرمل أنه يجوز التيمم به قال أبو الحرث قال أحمد أرض الحرث أحب إلي وإن تيمم من أرض السبخة أجزأه قال القاضي الموضع الذي أجاز التيمم بها إذا كان لها غبار والموضع الذي منع إذا لم يكن لها غبار قال ويمكن أن يقال في الرمل مثل ذلك وعنه أنه يجوز ذلك مع الاضطرار خاصة اﻫ قال المرداوي في الإنصاف قوله ولا يجوز التيمم إلا بتراب طاهر له غبار يعلق باليد هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه يجوز بالسبخة أيضًا وعنه بالرمل أيضًا اﻫ ثم قال وقيد القاضي وغيره جواز التيمم بالرمل والسبخة بأن يكون لهما غبار وإلا فلا يجوز رواية واحدة وقال صاحب النهاية يجوز التيمم بالرمل مطلقًا نقلها عنه أكثر الأصحاب ذكره ابن عبيدان وعنه يجوز التيمم بهما عند العدم واختاره ابن عبدوس في تذكرته وعنه يجوز التيمم أيضًا بالنورة والجص نقلها ابن عقيل وقيل يجوز بما تصاعد على الأرض لا بعدم على الأصح قال ابن أبي موسى يتيمم عند عدم التراب بكل طاهر تصاعد على وجه الأرض مثل الرمل والسبخة والنورة والكحل وما في معنى ذلك ويصلي وهل يعيد على روايتين اﻫ ثم نقل عن بعضهم جواز التيمم بغير التراب من أجزاء الأرض إذا لم يجد ترابًا وقال وهو رواية عن أحمد اﻫ وفي المبسوط للسرخسي وهو من كتب الحنفية وقد تدركه الصلاة في غير موضع التراب كما تدركه في موضع التراب فيجوز التيمم بالكل تيسيرًا ثم حاصل المذهب أن ما كان من جنس الأرض فالتيمم به جائز وما لا فلا اﻫ وقال والتيمم بالحجر يجوز في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وإن لم يكن عليه غبار اﻫ وقال في مواهب الجليل وهو من كتب المالكية بل يجزئ التيمم على الحجر الصلب والرمل والسباخ والنورة والزرنيخ وجميع أجزاء الأرض ما دامت على وجهها لم تغيرها صنعة ءادمي بطبخ ونحوه اﻫ
26- قال في إعانة الطالبين وأركانه أي التيمم قوله نية استباحة الصلاة أي ونحوها مما يفتقر إلى طهارة كطواف وسجود تلاوة وحمل مصحف ويصح أن يأتي بالنية العامة كأن يقول نويت استباحة مفتقر إلى طهر اﻫ
27- قال في إعانة الطالبين المراد بالنقل تحويل التراب إلى العضو الذي يريده ولو من الـهواء اﻫ
28- قال في فتح الوهاب (ويجب نقلتان) للوجه واليدين وإن أمكن بنقلة بخرقة أو نحوها لوروده في خبرَي أبي داود والحاكم ولفظ الحاكم «التيمم ضربتان ضربةٌ للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين» اﻫ
29- أما إذا رأى الماء في أثناء الصلاة فإن كان الموضع الذي تيمم فيه يغلب فيه وجود الماء بطلت صلاته وإلا فلا. انظر كفاية الأخيار.
فصل معقود لبيان ما يحرم على المحدث
قال المؤلف رحمه الله (فصلٌ)
الشرح أن هذا فصل معقود لبيان ما يحرم على المحدث.
قال المؤلف رحمه الله (ومَن انتقضَ وضُوؤهُ حَرُمَ عليه الصلاةُ والطوافُ وحملُ المصحفِ ومسُّهُ ويُمَكَّنُ من ذلكَ الصبيُّ للدراسةِ.)
الشرح الحَدَثُ الأصغرُ يُحَرِّمُ الصلاة1 ولو صلاة جنازة2 ويحرِّم الحدثُ أيضًا الطوافَ بالبيت إن كان طوافَ الفرض أو طوافَ التطوع3. ويحرّم أيضًا حملَ المصحف4 وكذلك ما كُتِبَ من القرءان للدراسة5 ولا يحرم ما كُتِبَ لحرزٍ6. وكذلك يحرّم الحدثُ مسَّ المصحف7 أي وَرقِهِ وجلده8 المتّصل به9 وحواشيه إلا لضرورة10 كخوف تنجُّسه ويستثنى من ذلك الصبي11 فإنه يُمَكَّنُ من مسه وحمله مع الحدث لغرض الدراسة والتعلم فيه لمشقة دوام طُهره لكن يشترط أن يكون الصبي مميزًا فلا يُمكَّن غير المميز من ذلك12.
قال المؤلف رحمه الله (ويحرمُ على الجُنُبِ هذه و قراءةُ القرءانِ والمكثُ في المسجدِ)
الشرح الجنب يزيد على المحدِثِ حُرمةَ قراءة القرءان ولو حرفًا13 منه بقصد القراءة وحدها أو مع غيرها فإن قصد الذكر جاز له. ويزيد أيضًا حرمة المكث في المسجد14 أو التردد فيه15. روى أبو داود16 في السنن أنّه صلى الله عليه وسلم قال «إنّي لا أُحِلُّ المسجد لحائضٍ ولا جُنُبٍ» وهو حديثٌ ثابتٌ. ويُخَصّ من ذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم فإنه يجوز له المكث في المسجد مع الجنابة17.
قال المؤلف رحمه الله (وعلى الحائضِ18 والنفساءِ هذه19 والصومُ قبلَ الانقطاعِ وتمكينُ الزوج والسيدِ من الاستمتاعِ بما بين السرّةِ والركبةِ قبل الغسلِ20 وقيل لا يحرمُ إلا الجماعُ21)
الشرح الحائض والنفساء يحرم عليهما ما يحرم على الجنب وتزيدان تحريمَ الصوم قبل الانقطاع أمّا بعد الانقطاع فيحِلُّ لهما ولو قبل الغسل ، وتحريمَ تمكين الزوج والسيِّد أي سيدِ الأمة المملوكة من الاستمتاع بما بين السرّة والركبة بلا حائل أما بحائل فيجوز22.
وأمّا المرور في المسجد كأن كان للمسجد بابان يُدخَلُ من أحدهما ويُخرَجُ من الآخر من دون توقف ولا ترددٍ فيجوز إلا أن تخافا تلويثه بالدم، فإن أمنتا التلويثَ كُرِه المرور23.
————-
1- روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه قال «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» اﻫ
2- قال في إعانة الطالبين ولا تصح صلاة بغير طهور إما بالماء وإما بالتيمم بشرطه سواء صلاة الفرض والنفل وصلاة الجنازة وسجود التلاوة والشكر هذا مذهبنا وبه قال العلماء كافة اﻫ
3- قال في شرح روض الطالب يحرم بالحدث صلاة وطواف ولو نفلاً اﻫ
4- قال في شرح روض الطالب في بيان ما يحرم على المحدث ومس مصحف وورقه وجلده وظرف منسوب إليه ولو مسَّ من وراء ثوبه أو فَقَدَ الطهورين كحمله لأنه أبلغ من مسه اﻫ
5- قال في المجموع قال إمام الحرمين لو كان على اللوح ءاية أو بعض ءاية كتب للدراسة حرم مسـه وحمله اﻫ
6- قال في المجموع قال القاضي حسين وغيره يكره للمحدث حمل التعاويذ يعنون الحروز. ثم قال وقال [أي ابن الصلاح] في فتوى أخرى يجوز تعليق الحروز التي فيها قرءان على النساء والصبيان والرجال يجعل عليها شمع ونحوه ويستوثق من النساء وشبههن بالتحذير من دخول الخلاء بها والمختار أنه لا يكره إذا جعل عليه شمع ونحوه لأنه لم يرد فيه نهي ونقل ابن جرير الطبري عن مالك نحو هذا فقال قال مالك لا بأس بما يعلق على النساء الحيض والصبيان من القرءان إذا جعل في كن كقصبة حديد أو جلد يحرز عليه اﻫ
7- قاله في شرح روض الطالب اﻫ
8- قال في شرح روض الطالب ومس ورقه حتى حواشيه. ثم قال ومس جلده المتصـل به اﻫ ذكره في بيان ما يحرم على المحدث.
9- في قوت الحبيب للجاوي أما المنفصل ففيه خلاف فعند ابن حجر لا يحرم مسه وعند الرملي يحرم ما لم تنقطع نسبته عنه وإلا كأن جُعِلَ جلدًا لكتاب فلا يحرم مسه حينئذ اﻫ
10- قال في المجموع لو خاف المحدث على المصحف من حرق أو غرق أو وقوع نجاسة عليه أو وقوعه بيد كافر جاز أخذه مع الحدث صرح به الدارمي وغيره بل يجب ذلك صيانة للمصحف اﻫ
11- قال في شرح روض الطالب ولا يمنع صبي مميز من مس وحمل مصحف أو لوح يتعلم منه لحاجة تعلمه ومشقة استمراره متطهرًا اﻫ
12- قال في شرح روض الطالب أما غير المميز فلا يمكن منه لئلا ينتهكه اﻫ
13- قال في شرح روض الطالب يحرم على الجنب ما يحرم على المحدث وشيئان أحدهما القراءة للقرآن بقصدها ولو بعض ءاية كحرف للإخلال بالتعظيم سواء أقصد مع ذلك غيرها أم لا فلا يضر قراءة بنية الذكر اﻫ
14- قال في شرح روض الطالب في بيان ما يحرم على الجنب الثاني المكث والتردد اﻫ
15- في قوت الحبيب للجاوي وتردد الجنب في المسجد كأن يدخل لأخذ حاجة ويخرج من الباب الذي دخل منه من غير وقوف بمنـزلة اللبث فيحرم اﻫ
16- روى أبو داود في سننه عن عائشة رضي الله عنها قالت جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد فقال «وجهوا هذه البيوت عن المسجد» ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئًا رجاء أن تنـزل فيهم رخصة فخرج إليهم بعدُ فقال «وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب». ذكره في باب في الجنب يدخل المسجد.
17- قال في حاشية البجيرمي من خصائص الأنبياء جواز المكث في المسجد مع الجنابة اﻫ
18- قال في إعانة الطالبين ويحرم بالحيض ما يحرم بالجنابة اﻫ
19- قال في إعانة الطالبين قوله ويحرم به أي بالنفاس ما يحرم بالحيض اﻫ
20- قال في المجموع ولا يحل الاستمتاع بها حتى تغتسل لقوله تعالى ﴿ولا تقربوهن حتى يطهرن﴾ اﻫ
21- قال في إعانة الطالبين قوله ومباشرة ما بين سرتها وركبتها أي ويحرم ذلك سواء كان بوطئ أو بغير وطئ وسواء كان بشهوة أو بغيرها واعلم أنه يحرم على المرأة أن تباشر الرجل بما بين سرتها وركبتها في أي جزء من بدنه ولو غير ما بين سرته وركبته قوله وقيل لا يحرم غير الوطئ أي من بقية الاستمتاعات ولو بما بين السرة والركبة اﻫ
22- روى البخاري في صحيحه في باب مباشرة الحائض عن عائشة قالت كانت إحدانا إذا كانت حائضًا فأراد رسول الله أن يباشرها أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرهـا اﻫ
23- قال في المجموع قال الشافعي رضي الله عنه في المختصر أكره ممر الحائض في المسجد قال أصحابنا إن خافت تلويثه لعدم الاستيثاق بالشد أو لغلبة الدم حرم العبور بلا خـلاف اﻫ
فصل معقود لبيان اشتراط الطهارة عن النجاسة في الصلاة ولكيفية إزالة النجاسة
قال المؤلف رحمه الله (فصلٌ)
الشرح أن هذا فصل معقود لبيان اشتراط الطهارة عن النجاسة في الصلاة ولكيفية إزالة النجاسة.
قال المؤلف رحمه الله (ومن شروطِ الصلاةِ الطهارةُ عنِ النجاسةِ في البدنِ والثَّوْبِ والمكانِ والمحمول لهُ كقنينةٍ يحملُها في جيبِهِ)
الشرح من شروط الصلاة الطهارة عن النجاسة في البدن كداخل الفم والأنف والعين والمحمولِ له كالشىء الذي يحمله في جيبه سواء كان قنينةً أو ورقةً أو غيرَ ذلك. وكذلك يشترط طهارة المكان الذي يلاقي بدَنه أي يُماسُّ ذلك فلا تضرُّ المحاذاةُ بلا مُمَاسَّة فلو كان يحاذي بصدره نجاسة فإن ذلك لا يضر.
قال المؤلف رحمه الله (فإِن لاقاهُ نجسٌ أو محمولَهُ بَطَلَتْ صلاتُهُ إلا أنْ يلقيَهُ حالاً أو يكونَ مَعْفُوًّا عنه كدمِ جُرْحِهِ.)
الشرح أنَّ مَنْ طرأ له في الصلاة نَجسٌ غيرُ معفو عنه لاقاه أو لاقى ثَوبَه أو شيئًا يحمِلُه بطلت صلاته إلا أن يُلْقِيَهُ حالاً بأن كان يابسًا فألقاه لا بيده أو كمه بل بنفض ثوبه مثلاً أو كان فألقى المحمول في الحال من غير حملٍ ونحوه فلا تبطل صلاته. أما لو أزال النجس اليابس بيده أو كُمِّه أو ألقى عين النجاسة الرطبة مع إبقاء ما تضمّخَ بالنجاسة عليه فسدَتْ صلاتُه1. ويُستثنى من ملاقاة النجس وهو في الصلاة دمُ جُرحِه فإنه يُعفى عنه أي يُسامَحُ فيه ولو سال ولوَّث الثوب
قال المؤلف رحمه الله (ويجبُ إزالةُ نَجسٍ لم يُعْفَ عنه بإزالةِ العينِ من طعم ولونٍ وريحٍ بالماءِ المطهِّر، والحكميةِ بجريِ الماءِ عليها، والنجاسةُ الحكميّةُ هي التي لا يُدرَكُ لها لونٌ ولا طعمٌ ولا ريحٌ)
الشرح يشترطُ لصحَّة الصلاة إزالة النَّجس غير المعفو عنه أمَّا المعفو عنه فلا يُشترط كدم جرحه. وقد ذكر المؤلِّف هنا أَنَّ إزالة النجاسة تكون بإزالة عينها والمراد هنا إزالة جِرْمِها وأوصافِها من طعمٍ ولونٍ وريح فبعد إزالة جرمها يشترط إزالة أوصافها أي اللونِ والطعم والرائحة. وأما أثر لون النجاسة الذي يبقى على الثوب بعد غسله جيدًا فلا يَضُرُّ بل يُعفى عنه2 وتصح الصلاة مع وجوده3. وقوله “بالماء المطهِّر” يفهم منه أَنَّ الشمس والريح لا تُطهِّران بل المطهر هو الماء. وقوله “والحكميّةِ بجري الماء عليها” يريد به أنّ النجاسة الحكمية وهي التي لا يدرَك لها جِرْمٌ ولا وصف كبول جَفَّ لا ريح له ولا طعم ولا لون تحصل إزالتها بجري الماء عليها مرة واحدة.
قال المؤلف رحمه الله (والكلبيّةِ بغسلها سبعًا إحداهنّ ممزوجةٌ بالتراب الطهور، والمزيلةُ للعين وإن تعددت واحدةٌ. ويشترط ورود الماء إن كان قليلاً.)
الشرح النجاسة الكلبية وكذلك الخنـزيريّة تُزال بغسلها سبع مرّات إحداهنّ ممزوجةٌ بالتراب الطهور كأن يوضعَ الترابُ في الماء فيكدِّرَهُ فإذا وصل هذا الماء الذي كدّره إلى جميع المحل الذي أصابته النجاسة الكلبيّة أو الخنـزيريّة أجزأ وكذلك لو كانت المراتُ السبع التي غُسِلَ بها ممزوجةً بالتراب صحّ لأن الماء لو دخلَه التراب يبقى طهورًا.
وما يزيل الجرم مع الوصف من الغَسَلات يُعدّ غسلة واحدة.
ثم بيَّن أنه يشترط في طهر المتنجس مطلقًا ورود الماء على المتنجِّس إن كان الماء دون القلتين ولا فرق بين الْمُنْصَبِّ من نحو أنبوبة وصاعدٍ من نحو فَوَّارة. فإن وَرَدَ المتنجس على الماء الذي هو دون القلّتين تنجس.
————-
1- قال في شرح التنبيه وإن وقع عليه نجاسة يابسة فنحّاها عنه في الحال لا بيده أو كمه بل بنفض ثوبه أو رطبة فألقى الثوب في الحال لم تبطل صلاته اﻫ قال في إعانة الطالبين قوله إن دفعه حالاً أي إلا إن دفع المصلي النجس عنه حالاً فإنه لا بطلان وصورة دفعه حالاً أن يلقي الثوب فيما إذا كان النجس رطبًا وأن ينفضه فيما إذا كان يابسًا ولا يجوز له أن ينحيها بيده أو كمه أو بعود على أصح الوجهين فإن فعل بطلت صلاته وفي ابن قاسم صورة إلقاء الثوب في الرطب أن يدفع الثوب من مكان طاهر منه إلى أن يسقط ولا يرفعه بيده ولا يقبضه بيده ويجره وصورة نفضه في اليابس أن يميل محل النجاسة حتى تسقط اﻫ
2- والمراد هنا أنه يطهر. قال في كفاية الأخيار وإن عسر [أي زوال اللون] كدم الحيض يصيب الثوب وربما لا تزول بعد المبالغة فالصحيح أنه يطهر للعسر وإن بقيت الرائحة وحدها وهي عسرة الإزالة كرائحة الخمر مثلاً فيطهر المحل أيضًا على الأظهر اﻫ
3- ومثل اللون الريح فلا تجب إزالته إن عسر فإن اجتمع بقاء اللون والريح وجب إزالتهما مطلقًا لقوة دلالتهما على بقاء العين، كما يدل على بقائها بقاء الطعم وحده وإن عسر زواله. انظر فتح الوهاب.