الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر
الحمدُ للهِ ثُمَّ الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ الذي لا مَعبودَ بحقٍ سِواهُ، وتنَزَّهَ عَنِ الأشباهِ، وأحْصَى كُلَّ شيءٍ عَدَدَا، وتَقَدَّسَ عَنِ الأندادِ وَلَمْ يَزَلْ فَرداً صَمَداً. الحَمْدُ لَكَ رَبَّنَا على ما أنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْنَا، لا إلهَ إلا أنتَ سُبْحَانَكَ لا تُشْبِهُ الأنَامْ، حَيٌّ قَيُّومٌ لا تَنَامْ، والصّلاةُ والسّلامُ على قائِدِ الأمَّةِ سيدِنَا محمَّدٍ بَدْرِ التَّمَامْ، وعلى ءالِهِ أهْلِ الوَفَا وَأَصْحَابِهِ أولي الصَّفَا، وَمَنْ تَبِعَهُم عَلَى الهُدَى والإسْلامْ. أمَّا بَعْدُ أيُّهَا الأخْوةُ الأحْبَابُ أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوى اللهِ العَظِيمِ وَلُزُومِ طَاعَتِهِ في كُلِ الأوْقَاتِ والأحْيانِ، والبُعْدِ عَنْ كُلِ ما فِيهِ سَخَطُهُ، والقُرْبِ مِنْ كُلِ مَا فِيهِ رِضَاهُ، وَتَذَكَّرُوا في كُلِ سَاعَةٍ أنَّ اللهَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ، لا يَمْنَعُ نَفَاذَ مَشِيئَتِهِ مَانِعٌ، وَلا يُعْجِزُهُ شَيءٌ في الأرْضِ ولا في السَّمَاءِ، وَلا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيءٌ مِمَّا تَرْتَكِبُهُ الجَوَارِحُ أَوْ يَنْطِقُ بِهِ اللِّسَانُ أو تُخْفِيهِ الصُّدُورُ. لَقَدْ أَهَلَّ عَلينا هِلالُ عِيدٍ مُبَارَكٍ، وَرَحَلَ عَنَّا شَهْرٌ مُبَارَكٌ، شَهْرٌ استَقْبَلْنَاهُ بالبِشْرِ والتَّرْحَابِ، وَوَدَّعْنَاهُ بِأَمَلٍ يَتَأَجَّجُ في قُلُوبِنَا بِأَنْ يَتَقَبَّلَ اللهُ طَاعَاتِنَا، وَيَغْفِرَ لَنَا ذُنُوبَنَا، وَيُثَبِّتَنَا عَلَى الصِرَاطِ المُستَقِيمِ.
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى في مُحْكَمِ التَنْزِيلِ: ]قَدَ أفْلَحَ مَنْ تَزَكّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِهِ فَصَلّى[. وقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَسَلَّم: “لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِهِ” وَقَالَ أَيْضاً: “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتاً مِنْ شَوَّالَ كَانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ” إنَّ هَذا هُوَ مَوْعِدُ خُرُوجِ المُسْلِمِينَ الصَّائِمِينَ مِنْ شَهْرٍ كَرِيمٍ إلى عِيدٍ سَعِيدٍ، وَهُمْ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ أَنْ يَتَقَبَّلَ صِيَامَهُمْ وَقِيَامَهُمْ، وَيَغْفِرَ ذُنُوبَهُمْ وَءاثَامَهُمْ، وَيَأْتُونَ إلى المَسَاجِدِ مُصْبِحِينَ بِتَهْلِيلٍ وَتَكْبِيرٍ، وَتَمْجيدٍ وَتَحْمِيدٍ، يَشْهَدُونَ صَلاةَ العِيدِ خَاشِعِينَ مُبْتَهِلِينَ، يَتَبَادَلُونَ التَّهَاني والأُمْنِياتِ، وَيُعَبِّرُونَ عَنِ المَحَبَّةِ بِفَرَحٍ وَسُرُورٍ، ثُمَّ يُمْضُونَ يَوْمَهُمْ في صِلَةِ الأرْحَامِ وَزِيَارَةِ الجيرانِ والأصْحَابِ، وَيَبْذُلُونَ وَيَأتَلِفُونَ وَيَتَنَاصَحُونَ وَيَتَعَاهَدُونَ عَلى التَّنَاصُرِ في السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ. هكذا يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ حَالُ المُسلمينَ الذينَ كَانَتْ أَمَامَهُمْ فُرْصَةٌ كُبرى في شهرِ رَمَضَانَ المُبَارَكِ حتى يَتَزَوَّدُوا مِنَ الخَيراتِ، وَيَتَفَقَّهُوا في أَمْرِ دِينِهِمْ، كَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَسَلَّمَ، فَالعِلْمُ حَيَاةُ الإسْلامِ، وَهُوَ الطَّريقُ المُوصِلُ إلى تَقْوَى اللهِ.
أيُّهَا الإخوَةُ الأحْبَابُ، يَقُولُ اللهُ في كِتَابِهِ العَزيزِ: ]قُلِ اللّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤتي المُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ المُلْكَ ممن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إنَّكَ عَلى كُلِ شَيءٍ قَدِير[. كُلُّ شَيءٍ يَحْصُلُ في هذِهِ الدُّنْيَا بِيَدِ اللهِ، مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍ، وَعِزٍّ وذُلٍّ، وَغِنىً وَفَقْرٍ، وَحَيَاةٍ وَمَوْتٍ، كُلُّ شَيءٍ يَجْري في مُلْكِ اللهِ كَمَا يَشَاءُ اللهُ، فَلْيَكُنِ اتِّكَالُنَا عَلَى اللهِ لأنَّ الإتِّكَالَ عَلَى اللهِ دَلِيلُ الرِّضَا بِقَضَاءِ اللهِ. وَقَدِ امتَدَحَ اللهُ سُبْحَانَهُ عِبَادَهُ المُتَّقينَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى: [رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ، ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ].
أيُّهَا الإخْوَةُ الأحْبَابُ، إنَّ النَّاسَ في هَذا العَصْرِ بِحَاجَةٍ لِيَفْهَمُوا الإسْلامَ عَلى حَقِيقَتِهِ وَيَسْتَـبِـينُوا تَعَالِيمَهُ وَمَبَادِئَهُ السَّامِيَةَ الرَّاقِيَةَ كَمَا نَزَلَتْ عَلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَسَلَّمَ، وَكَمَا فَهِمَهَا أَصْحَابُهُ الكِرَامُ والتَزَمُوا بِهَا، وَسَارَ عَلَى هَدْيِهَا السَّلَفُ الصَّالِحُ والخَلَفُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ.
مَا أَحْوَجَ النَّاسِ لِيَفْهَمُوا حَقَائِقَ الإسْلامِ وَتَعَالِيمَهُ، خَاصَّةً في هذا الزَّمَنِ الذي كَثُرَتْ فِيهِ التَّسَرُّباتُ الفِكْرِيَّةُ، واخْتَلَطَتِ المَفَاهِيمُ، وَتَبَدَّلَتِ المَوَازينُ، وَشَذَّ مَنْ شَذَّ عَنْ طَرِيقِ الصَّوَابِ، وَتَنَطَّعَ مَنْ تَنَطَّعَ ،وَغَلا مَنْ غَلا، وَتَطَرَّفَ مَنْ تَطَرَّفَ، حَتّى ظَنَّ الكَثيرُونَ مَا لَيْسَ مِنَ الإيمانِ إيماناً ومَا لَيْسَ مِنَ الدّينِ دِيناً وَمَا لَيْسَ مِنَ الأخْلاقِ خُلُقاً. وَمَهَمَّةُ الدُّعاةِ إلى اللهِ أَنْ يُبَـيِّـنُوا هَذِهِ الحقائِقَ لِلنَّاسِ، حَتّى تَزُولَ الشُّبُهَاتُ وَتَنْدَحِرَ التُّرُهَاتُ، وَيَبْدُوَ جَلِيّاً الفَرْقُ بَيْنَ تَعَالِيمِ الإسْلامِ وَمُمَارَسَاتِ الغُلُوِّ التي لا علاقَةَ لَهَا بِشَرِيعَةِ الإسْلامِ.
أيُّها الإخوَةُ، شَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرٌ عَظِيمٌ عِنْدَ اللهِ، وَهُوَ الشَّهْرُ الذي أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ، وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ ،وءاخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ، وَلَكنْ عَلَيْنَا أنْ نَـتَنَـبَّهَ إلى أنَّ بَابَ التَّوْبَةِ لم يُقْفَلْ بَعْدُ وَهُوَ مَفْتُوحٌ لِمَنْ طَلَبَهَا وَأَرَادَهَا، فَالرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ”. فَطُوبى للتَّائِبِينَ الرَّاغِبينَ بِرَحْمَةِ اللهِ وَعَفْوِهِ، وَطُوبى للطّائِعِينَ الرَّاغِبِينَ بِثَوابِ اللهِ وَفَضْلِهِ، وَطُوبى لِمَنْ أَصْلَحَ نَفْسَهُ في دُنْيَاهُ وَهَيَّأَ قَبْرَهُ لآخِرَتِهِ، وَخَرَجَ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا سَالِماً غَانِماً على مَا يُحِبُّهُ اللهُ وَيَرْضَاهُ.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.