المقدمة
الحَمدُ للهِ الَّذِي ذِكرُهُ سُبحَانَهُ حَرِيٌّ أَلَّا يُفَارِقَ الخَلَدَ وَالبَالَ، كَمَا بَدَأَنَا عزَّ وَجَلَّ بِجَمِيلِ فَضلِهِ قَبلَ الضَّرَاعَةِ إِلَيهِ وَالِابتِهَالِ، فَلَهُ الحَمدُ تَعَالَى حَمدًا لَا يَنقَطِعُ وَلَا يَزَالُ، جَدِيدًا عَلَى مَرِّ السِّنِينَ غَيرَ بَالٍ، عَلَى أَنَّ حَمدَهُ سُبحَانَهُ وَشُكرَهُ عَلَى نِعَمِهِ، مِنّةٌ مِن مِنَنِهِ، وَآلَاءٌ مِن آلَائِهِ، فَسُبحَانَ مَن لَا غَايَةَ لِجُودِهِ وَنَعمَائِهِ، وَلَا حَدَّ لِجَلَالِهِ، وَلَا نَقصَ فِي صِفَاتِهِ وَأَسمَائِهِ، وَالحَمدُ للهِ الَّذِي أَلحَقَنَا بِجَمَاعَةِ المُوَحِّدِينَ، وَوَفَّقَنَا لِلِاعتِصَامِ بِعُروَةِ هَذَا الأَمرِ المَتِينِ، فَلَهُ الحَمدُ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، حَمدًا لَا يَزَالُ يَتَجَدَّدُ وَيَتَوَالَى، وَهُوَ المَسئُولُ سُبحَانَهُ أَن يَخُصَّ بِأَشرَفِ صَلَوَاتِهِ، وَأَكثَفِ بَرَكَاتِهِ، المُجتَبَى مِن خَلِيقَتِهِ، وَالمَهدِيَّ بِطَرِيقَتِهِ، المُؤَدِّيَ إلَى الطَّرِيقِ الوَاضِحِ، وَالهَادِيَ إلَى مَعَالِمِ دِينِ اللهِ مَن أَفلَحَ، نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ كَمَا قَد أَقَامَ بِهِ المِلَّةَ العَوجَاءَ، وَأَوضَحَ بِهَديِهِ الطّرِيقَةَ البَلجَاءَ، وَفَتَحَ بِهِ آذَانًا صُمَّا، وَعُيُونًا عُميًا، وَقُلُوبًا غُلفًا، فَصَلَّى اللهُ وَسَلَّم عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ صَلَاةً تُحِلُّهُ أَعلَى مَنَازِلِ الشَّرَفِ وَالقُربَى، أَمَّا بَعدُ:
ذِكرُ وُصُولِه ﷺ إِلَى قُباءٍ ثُمَّ إِلَى المَدِينَةِ
وَحَـوْلَـهُ مَـنَـازِلًا لِأَهْـلِـهِ *** وَحَـوْلَـهُ أَصْـحَابُـهُ فِي ظِـلِّـهِ
(وَ)بَنَى ﷺ (حَوْلَهُ) أي حولَ مسجِدِه حُجَرًا لتكونَ (مَنَازِلًا) بالتّنوينِ للضَّرورةِ جمعُ مَنزِلٍ (لِأَهْلِهِ) أي أزواجِهِ أُمَّهاتِ المُؤمنِينَ ومَوالِيه.
قال معاذُ بنُ محمدٍ الأنصارِيُّ: سَمِعتُ عطاءً الخراسَانِيَّ في مَجلِسٍ فيه عِمرَانُ بنُ أبِي أَنَسٍ يقولُ وهو فيما بينَ القبرِ الشريفِ والمنبَرِ المُنِيفِ: أدرَكتُ حُجَرَ أزوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ مِن جَرِيدٍ عَلَى أَبوَابِهَا المُسُوحُ مِن شَعَرٍ أَسوَدٍ، فحَضَرتُ كتَابَ الخليفةِ الوَلِيدِ بنِ عبدِ الملِكِ يُقرَأُ، يَأمُرُنَا بِهَدمِ حُجَرِ أَزوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ، فما رأيتُ يومًا كانَ أكثرَ باكِيًا من ذَلِكَ اليومِ.
قال عطاءٌ: فسَمِعتُ سَعِيدَ بنَ المُسَيِّبِ يقولُ يومئِذٍ: واللهِ لوَدِدتُ أنَّهُم تَرَكُوهَا عَلَى حَالِهَا، يَنشأُ نَاشِئٌ مِن أَهلِ المَدِينَةِ وَيَقدَمُ القَادِمُ مِنَ الآفَاقِ فيرَى ما اكتَفَى بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي حيَاتِهِ، فيَكُونُ ذلِكَ مِمَّا يُزَهِّدُ النَّاسَ فِي التَّفَاخِرُ والتَّكَاثُرِ.
وعَنِ الحسَنِ أنَّهُ قالَ: كنتُ أدخُلُ بيوتَ أزواجِ النَّبيِّ ﷺ في خلافَةِ عثمَانَ رضِيَ الله عنه فأتنَاوَلُ سقفَهَا بيَدِي.
ورُويَ عن عمرَ أنَّه كتبَ: لا تُطِيلُوا بنَاءَكم فإنَّه شَرُّ أيامِكُم.
وخَرَّجَ ابنُ مَاجَه مِن حَدِيثِ أَنَسٍ عَنِ النَّبيِّ ﷺ قال: “لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي المَسَاجِدِ“.
وعَنِ الحسَنِ رضي اللهُ عنه قَالَ: لَمَّا بَنَى رَسُولُ اللهِ ﷺ المَسجِدَ قَالَ: “ابنُوهُ عَرِيشًا كَعَرِيشِ مُوسَى“، قيلَ للحَسَنِ: ومَا عَرِيشُ مُوسَى؟ قال: إِذَا رَفَعَ يَدَهُ بلَغَ العَرِيشَ، يعنِي: السَّقفَ.
ثم بنى أصحابُ النبِيِّ ﷺ مِنَ المهاجرِينَ وَالأَنصَارِ مَسَاكِنَهُمْ حوالَيْهِ فِي ظلِّهِ وَكَنَفِهِ، وإنَّ مِنَ الأنصارِ مَنْ تَرَكَ مَسْكَنَهُ البعيدَ وسَكَنَ بِقُرْبِهِ، كلُّ هذَا لِيَنَالُوا القُربَ مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ ويَنَالُوا بَرَكَةَ مُجَاوَرَتِهِم لَهُ.
اللهُ أَكبَرُ مَا هَذَا الخَيرُ الذِي نَالَهُ الصَّحَابَةُ رِضوَانُ اللهِ عَلَيهِم، جاوَرُوا خَيرَ خَلقِ اللهِ، يَأكُلُونَ مَعَهُ ويَشرَبُونَ مَعَهُ، وَيُصَلُّونَ مَعَهُ، وَيَنَامُونَ بِجِوَارِهِ ﷺ، نَسأَلُ اللهَ أَن يَرزُقَنَا مِن برَكَاتِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَن يَحشُرَنَا مَعَهُ يَومَ القِيَامَةِ. وصدق من قال:
هَنَاؤُكُمْ يَا أَهْلَ طَيْبَةَ قَدْ حَقَّا *** فَبِالقُرْبِ مِنْ خَيرِ الوَرَى حُزتُمُ السَّبقَا
فَكَم مَلِكٍ رَامَ الوُصُولَ لِمِثلِ مَا *** وَصَلتُم فَلَم يَقدِر وَلَو مَلَكَ الخَلْقَا
فَبُشرَاكُمُ نِلتُم عِنَايَةَ رَبِّكُم *** فَهَا أَنتُمُ فِي بَحرِ نِعْمَتِهِ غَرْقَى
تَرَونَ رَسُولَ اللهِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ *** وَمَن يَرَهُ فَهُوَ السَّعِيدُ بِهِ حَقَّا
مَتَى جِئتُمُ لَا يُغلَقُ البَابُ دُونَكُم *** وَبَابُ ذَوِي الإِحسَانِ لَا يَقبَلُ الغَلقَا
فيسمعُ شكواكم ويكشفُ ضُركمْ … ولا يمنعُ الإحسانَ حرًّا ولا رِقَّا
بِطَيبَةَ مَثوَاكُمُ وَأَكرَمُ مُرسَلٍ *** يُلَاحِظُكُمْ فَالدَّهرُ يَجرِي لَكُم وِفقَا
وَكَم مِنْ نِعمَةٍ للهِ فِيهَا عَلَيكُمُ *** فَشُكرًا وَنِعَمُ اللهِ بِالشُّكرِ تُستَبقَى
أَمِنتُمْ مِنَ الدَّجَّالِ فِيهَا فَحَولَهَا *** مَلَائِكَةٌ يَحمُونَ مِن دُونِهَا الطُّرُقَا
كَذَاكَ مِنَ الطَّاعُونِ أَنتُم بِمَأمَنٍ *** فَوَجهُ الليالي لَا يَزَالُ لَكُم طَلقَا
فَلَا تَنظُرُوا إِلَّا لِوَجهِ حَبِيبِكُم *** وَإِن جاءتِ الدُّنيَا وَمَرَّت فَلَا فَرقَا
حَيَاةً وَمَوتًا تَحتَ رُحمَاهُ أَنتُمُ *** وَحَشرًا فَسَترُ اللهِ فَوقَكُم مُلقَى
فَيَا رَاحِلًا عَنهَا لِدُنيَا تُرِيدُهَا *** أَتَطلُبُ مَا يَفنَى وَتَترُكُ مَا يَبقَى؟
لَئِنْ سرتَ تبغي مِنْ كريمٍ إعانةً … فأكرمُ مِنْ خيرِ البريةِ مَا تلقَى
هُوَ الرِّزقُ مَقسُومٌ فَلَيسَ بِزَائِدٍ *** وَلَو سِرتَ حَتَّى كِدتَ تَخرقُ الأُفْقَا
فَكَم قَاعِدٍ قَد وَسَّعَ اللهُ رِزقَهُ *** وَمُرتَحِلٍ قَد ضَاقَ بَينَ الوَرَى رِزقَا
فَعِشْ فِي حمَى خيرِ الأنامِ ومُتْ بهِ … إذَا كنتَ في الدارَينِ تطلُبُ أنْ تَرقَا
إذَا قُمْتَ فيمَا بينَ قبرٍ ومنبرٍ … بطيبةَ فاعْرِفْ أنَّ منزِلَكَ الأَرْقَى
طَابَـت بِهِ طَيبَةُ مِن بَعدِ الرَّدَى *** أَشـرَقَ مَا قَد كَانَ مِنهَا أَسـوَدَا
كَانَـت لَـمِـن أَوبَـإِ أَرضِ الله *** فَـزَالَ دَاؤُهَا بِـهَـذَا الـجَـاهِ
وَنَـقَـلَ الله بِفَضــلِ رَحـمَـةِ *** مَا كَانَ مِـن حُمَّى بِهَا لِلجُحفَةِ
(طَابَتْ) أي حَسُنَتْ (بِهِ) أي بالنَّبِيّ ﷺ (طَيْبَةُ) أي المدينةُ المنوَّرةُ وزالَتْ مَكارِهُها (مِنْ بَعْدِ) أنْ كانَ بِها (الرَّدَى) أي كانتْ رَدِيّةً وَ(أَشْرَقَ) أي أضاءَ كُلُّ (مَا قَدْ كَانَ مِنْهَا أَسْوَدَا) مُنذُ دُخولِه إلَيها ﷺ.
وقد (كَانَت) المدِينةُ قبل ذلِكَ (لَمِنْ أَوْبَإِ) أي أكثرِ المُدنِ وَباءً مِن بينِ (أَرْضِ اللهِ) أي التّي هي خَلقٌ للهِ ومِلكٌ له.
(فَزَالَ دَاؤُهَا) هذا (بِـ)ـبَركَةِ (هَذَا) النَّبِيّ العظيمِ (الجَاهِ) أي القَدرِ والمَنزِلةِ عِندَ اللهِ (وَنَقَلَ اللهُ) تَعالَى (بِفَضْلٍ) مِنهُ و(رَحْمَةٍ) عَمِيمةٍ (مَا كَانَ مِنْ حُمَّى بِهَا) أي بالمَدينةِ (لِلْجُحْفَةِ) بِدَعوةٍ مِنَ النّبِيّ ﷺ.
طَابَت يثربُ بالنَّبِيِّ ﷺ فسُمِّيَت طَيبَةَ، ونُوِّرَت بِقُدُومِهِ فَسُمِّيَتِ المَدِينَةَ المنوَّرةَ، وزالَت مَكارِهُها مِن بَعدِ ما كانَت بِها رَدِيئةً، وَأَشرَقَ وأضاءَ كُلُّ مَا قَد كَانَ مِنهَا أَسوَدَا مُنذُ دُخولِه إلَيها ﷺ.
وقد كَانَتِ المدِينةُ قبل ذلِكَ مِن أَوبَإِ المُدُنِ أَي أكثَرِهَا وَبَاءً مِن بَينِ أَرضِ اللهِ، وَالوَبَاءُ هُوَ المَرَضُ العامُّ، والوَباءَ أعَمُّ مِنَ الطَّاعُونِ، فَإِنَّ وَباءَ المدينةِ ما كانَ إلَّا بالحُمَّى، فَزَالَ دَاؤُهَا بِبَركَةِ هَذَا النَّبِيِّ العظيمِ صلوَاتُ رَبِّي وسَلَامُهُ عَلَيهِ، صاحِبِ المَنزِلةِ الرفيعةِ عِندَ اللهِ، وَنَقَلَ الله تَعالَى بِفَضلٍ مِنهُ ورَحمَةٍ عَمِيمةٍ مَا كَانَ بها مِن حُمًّى إِلَى الجُحفَةِ بِدَعوةٍ مِنَ النّبِيِّ ﷺ، فَقَد ثَبَت في الصَّحِيحِ أنّه ﷺ قال: “اللهم حَبِّب إِلَينَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكةَ أَو أَشَدَّ، اللهم بَارِك لَنَا فِي صَاعِنَا وَفِي مُدِّنَا، وَصَحِّحهَا لَنَا، وَانقُل حُمَّاهَا إِلَى الجُحفَةِ“، أي انقُلِ اللهم الحُمَّى الّتي بالمدينةِ إلى الجُحفةِ، وقبل هذا كانَ إذا شَرِبَ مِن مائِها أحَدٌ حُمَّ، بل لو مَرَّ الطيرُ في هوائِها حُمَّ.اهـ
وممَّا ذكِرَ في قِصَّةِ نقلِ الحُمَّى أنَّهُ أَصَابَ أَصحَابَ النبيِّ ﷺ مِنهَا بَلَاءٌ وَسَقَمٌ، فَصَرَفَ الله تَعَالَى ذَلِكَ عَن نَبِيِّهِ ﷺ، لكنَّ أصحَابَهُ كانُوا قد أصابَهُمُ الجَهدُ والتَّعَبُ مِن ذَلِكَ حَتَّى صَلَّوا قُعُودًا.
ففي البخاري عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ:
كُلُّ امْريءٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهْ … وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهْ
وَكَانَ بِلَالٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ الْحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ يَقُولُ:
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً … بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ
وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ … وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ
قَالَ: اللَّهُمَّ الْعَنْ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى أَرْضِ الْوَبَاءِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَفِي مُدِّنَا، وَصَحِّحْهَا لَنَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ قَالَتْ: وَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَهِيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللهِ، قَالَتْ: فَكَانَ بُطْحَانُ يَجْرِي نَجْلًا، تَعْنِي مَاءً آجِنًا [أي متغير اللون والطعم]».
فأَخبَرتُ النبيَّ ﷺ بذلِكَ فدَعَا فنُقِلَتِ الحُمَّى إِلَى الجُحفَةِ، وصَارَت المدِينَةِ بعدَ دعَاءِ النبيِّ ﷺ مِن أطيَبِ البِلَادِ وَأَنقَاهَا.
وَلَيـسَ دَجَّـالٌ وَلَا طَـاعُـونُ *** يَدخُـلُـهَا فَـحِـرزُهَا حَـصِـينُ
أي ولَا يستَطِيعُ أَن يدخُلَهَا الأَعوَرُ الدجَّالُ حينَ يخرُجُ وَلَا يدخُلُهَا مَرَضُ الطَّاعُونِ، فقَد جاءَ في الحديثِ الصّحيحِ عَن أبي هُريرةَ رضيَ الله عنهُ أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قالَ: “عَلَى أَنقَابِ أي مداخل المَدِينَةِ مَلاَئِكَةٌ، لاَ يَدخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ“.
صدَقَ رسولُ اللهِ ﷺ، فَإنّ المدينةَ ءامِنةٌ وَلَهَا مِنَ الدّجالِ والطّاعونِ حِرزُهَا الحَصِينُ الّذي يَمنَعُ عَنها ذلكَ بمشيئةِ الله تعالَى، وقد وَرَدَ أنَّ الدجالَ يأتِي حتَّى يدخُلَ المدينَةَ فيَرَى حولَهَا الملائِكَةَ، فيَضرِبُ برِجلِهِ ضربَةً فيخرُجُ إليهِ منهَا كلُّ منَافِقٍ.
ومِنَ الأحدَاثِ الَّتِي حصَلَت في هذِهِ الفترَةِ وِلَادَةُ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ، فكانَ عَبدُ اللهِ بنُ الزُّبَيرِ أَوَّلَ مَولُودٍ وُلِدَ فِي الإِسلَامِ مِنَ المُهَاجِرِينَ، وَلَدَتهُ أمُّهُ بقُبَاءَ وأَتَت بِهِ إلى المُصطَفَى ﷺ فوَضَعَهُ في حِجرِهِ، ودَعَا بتَمرَةٍ فمَضَغَهَا ووَضَعَهَا فِي فِيهِ، فكانَ أولُ شيءٍ يدخُلُ جوفَهُ رِيقَ النبيِّ ﷺ، فَلَمَّا وَلَدَتهُ كَبَّرَ المُسلِمُونَ تَكبِيرَةً عَظِيمَةً فَرَحًا بِمَولِدِهِ، لِأَنَّهُ كَانَ قَد بَلَغَهُم عَنِ اليَهُودِ أَنَّهُم سَحَرُوهُم حَتَّى لَا يُولَدَ لَهُم بَعدَ هِجرَتِهِم وَلَدٌ، فَأَكذَبَ الله اليَهُودَ فِيمَا زَعَمُوا، وكانَ صوَّامًا قوَّامًا وصُولًا للرَّحِمِ كثِيرَ التَّعَبُّدِ، وكَانَ يُطِيلُ السُّجُودَ حتَّى يأَتِيَ الطَّيرُ عَلَى ظَهرِهِ يَظُنُّه جِدَارًا، وكانَ يُصَلِّي فِي الحِجرِ والمنجنيقُ يَضرِبُ فَوقَهُ لَا يلتَفِتُ إلَيهِ، وأَعطَاهُ المُصطَفَى ﷺ دمَهُ ليُهرِيقَهُ فشَرِبَهُ، فقالَ لهُ النَّبِيُّ ﷺ: “وَيلٌ لَكَ مِنَ النَّاسِ، وَوَيلٌ لِلنَّاسِ مِنكَ“، ويلٌ لكَ منَ الناسِ وهُوَ الحجَّاجُ لأَنَّهُ يقتُلُكَ.
كَمَا أَنَّ النُّعمَانَ بنَ بَشِيرٍ أَوَّلُ مَولُودٍ وُلِدَ لِلأَنصَارِ بَعدَ الهِجرَةِ رَضِيَ الله عَنهُمَا.
وشرب عبد الله دم النبي تبركا به فقد كانوا برسول الله يتبركون وكذلك ما مسه رسول الله، فقد رُوي عَن صَفِيَّة بِنْت نَجْدَة قَالَت كَان لأبي مَحْذُورَة قُصَّة فِي مُقَدَّم رَأْسِه (وهيَ خصلةٌ مِنَ الشعرِ) إذَا قَعَد وَأرْسَلَهَا أَصَابَت الْأَرْض فَقِيل لَه ألا تَحْلِقُهَا فَقَال لَم أكُن بالَّذِي أحْلِقُهَا وَقَد مَسَّهَا رَسُول اللَّه ﷺ بِيَدِه.
وكانت في قَلَنْسُوَة خَالِد بن الْوَلِيد شَعَرَات من شَعَرِه ﷺ ما دخل معركة إلا ورزق النصر ببركتها.
ورؤي ابن عُمَر وَاضِعًا يَدَه عَلَى مَقْعَد النَّبِيّ ﷺ من المنبر ثم وَضَعَهَا عَلَى وَجْهِه، ولهذا كَان مَالِك رَحِمَه اللَّه لَا يَرْكَب بِالْمَدِينَة دَابَّة وَكَان يَقُول أسْتَحْيي مِن اللَّه أن أطَأ تُرْبَةً فِيهَا رَسُول اللَّه ﷺ بِحَافِر دَابّة.
وَوَادَعَ اليَـهُـودَ فِـي كِـتَـابِـهِ *** مَا بَـيـنَـهُـم وَبَينَ مَا أَصـحَابِهِ
وَوَادَعَ النّبِيُّ ﷺ اليَهُودَ أي أجرَى معَهُم صُلحًا وُمعاهَدةً إلى مُدّةٍ، ليسَ معنى هذا أنَّهُ رضيَ لَهُم بالكُفرِ أو أذِنَ لَهُم فيهِ أو أشارَ لَهُم بالبَقاءِ على دِينهِمُ البَاطِلِ، إنَّمَا معنَاه أنّهُ لم يُقاتِلهُم، لأنَّهُمُ التَزَمُوا دَفعَ الجِزيَةِ مَعَ تَطبِيقِ شرُوطِ الصُّلحِ الَّتِي وضَعَها عليهِم إلى مُدّةٍ، وليس هذا رضًا بالكفر فإن الرضا بالكفر كفر بإجماع الأمة كما قال الرازي وغيره.
وحاشَا لِرَسُولِ اللهِ ﷺ أن يَكُونَ قد رَضِيَ لَهُمُ البَقَاءَ عَلَى دِينهِم أَو أَشَارَ لَهُم بذلِكَ أو سَمَحَ لَهُم بالكُفرِ، بل مَنِ اعتَقَدَ ذلِكَ فَهُوَ كافِرٌ باللهِ العظِيمِ مُكَذِّبٌ للقُرءَانِ وَمُنَاقِضٌ لِمَعنَى الدَّعوَةِ الَّتِي جاءَ بِهَا الرَّسُولُ ﷺ وهي إخراجُ النّاسِ مِنَ الكُفرِ إِلَى الإِيمَانِ، فَيَستَحِيلُ أن يَقُولَ الرَّسُولُ ﷺ لَهُم: لَكُم حُرِّيَّةُ العَقِيدَةِ، وخُصُوصًا أَنَّهُ هو الذِي قالَ ﷺ: “أُمِرتُ أَن أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشهَدُوا أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ“، كيفَ سيُقَاتِلُهُم إذَا كانَ يقُولُ بحُرِّيَّةِ العقيدَةِ والعياذُ باللهِ، كيفَ يحذِّرُهُم من عذَابِ اللهِ إذَا كانَ يقولُ بحُرِّيَّةِ العقِيدَةِ والعياذُ باللهِ، كيفَ يُحَذِّرُهُم مِنَ النَّارِ ويَتَوَعَّدُ بِهَا مَن كَفَرَ إذَا كانَ يقُولُ بحُرِّيَّةِ العقيدَةِ والعياذُ باللهِ، هذا لَا يقُولُ بهِ مَن تفَكَّرَ قلِيلًا فِي هَذَا الأَمرِ.
قالَ الرازِيُّ في تفسِيرِهِ: اجتَمَعِتِ الأُمَّةُ على أَنَّ الرِّضَا بِالكُفرِ كُفرٌ، وَقالَ ابنُ العرَبِيِّ في أحكامِ القُرآنِ: المَسأَلَةُ الثَّانِيَةُ عند قوله تعالى (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ): لَا يَخلُو أَن يَكُونَ مَا قَالُوهُ مِن ذَلِكَ جِدًّا أَو هَزلًا، وَهُوَ كَيفَمَا كَانَ كُفرٌ؛ فَإِنَّ الهَزلَ بِالكُفرِ كُفرٌ، لَا خُلفَ فِيهِ بَينَ الأُمَّةِ، فَإِنَّ التَّحقِيقَ أَخُو الحَقِّ وَالعِلمِ، وَالهَزلَ أَخُو البَاطِلِ وَالجَهلِ.اهـ
وَكَـانَ بَــدءُ الأَمــرِ بِالأَذَانِ *** رُؤيَـا ابـنِ زَيـدٍ أَو لِـعَـامٍ ثَانِ
لَمَّا اطمَأَنَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِالمَدِينَةِ وَاجتَمَعَ إِلَيهِ إِخوَانُهُ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَاجتَمَعَ معهم أَمرُ الأَنصَارِ، استَحكَمَ أَمرُ الإِسلَامِ، فَقَامَتِ الصَّلَاةُ وَفُرِضَتِ الزَّكَاةُ وَالصِّيَامُ، وَقَامَتِ الحُدُودُ، وَفُرِضَ الحَلَالُ وَالحَرَامُ، وَتَبَوَّأَ الإِسلَامُ بَينَ أَظهُرِهِم، فشُرِعَ الأذانُ وقتَهَا وللهِ الحمدُ والمِنَّةُ.
وَقَد كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حِينَ قَدِمَ المدِينَةَ إِنَّمَا يَجتَمِعُ النَّاسُ إِلَيهِ لِلصَّلَاةِ عند مَوَاقِيتِهَا بِغَيرِ دَعوَةٍ (بغيرِ أذانٍ)، فَهَمَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَن يَجعَلَ بُوقًا كَبُوقِ يَهُودَ الَّذِي يَدعُونَ بِهِ لِصَلَاتِهِم، ثُمَّ كَرِهَهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِالنَّاقُوسِ (الجرسِ) فَنُحِتَ لِيَضرِبَ بِهِ لِلمُسلِمِينَ لِلصَّلَاةِ، فَبَينَا هُم عَلَى ذَلِكَ، رَأَى عَبدُ الله بنُ زَيدِ بنِ ثَعلَبَةَ بنِ عَبدِ رَبِّهِ أمر النِّدَاءَ في منَامِهِ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ طَافَ بِي هَذِهِ اللَّيلَةَ طَائِفٌ، مَرَّ بِي رَجُلٌ عَلَيهِ ثَوبَانِ أَخضَرَانِ يَحمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ، فَقُلتُ: يَا عَبدَ الله، أَتَبِيعُ هَذَا النَّاقُوسَ؟ فَقَالَ: وَمَا تَصنَعُ بِهِ؟ قُلتُ: نَدعُو بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَيرٍ مِن ذَلِكَ؟ قُلتُ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: تَقُولُ: اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ، اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ، أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشهَدَ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ (أي أَقبِلُوا إلى الصَّلَاةِ)، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ (أيِ الفوزِ، أي هلُمُّوا إِلَى طَرِيقِ النَّجَاةِ وَالفَوزِ)، حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ، اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَلَمَّا أَخبَرَ بِهَا رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: “إِنَّهَا لَرُؤيَا حَقٍّ إِن شَاءَ اللهُ، فَقُم مَعَ بِلَالٍ فَأَلقِهَا عَلَيهِ (أي عَلِّمهُ إِيَّاهَا) فَليُؤَذِّن بِهَا فَإِنَّهُ أَندَى صَوتًا مِنكَ (أي أمدُّ وأبعَدُ وأرفَعُ غَايَةً، وقيلَ: أحسَنُ وأعذَبُ)”، فَلَمَّا أَذَّنَ بِهَا بِلَالٌ سَمِعَهُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ وَهُوَ فِي بَيتِهِ، فَخَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَهُوَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لَقَد رَأَيتُ مِثلَ الَّذِي رَأَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: “فَللهِ الحَمدُ“، وَزَادَ بِلَالٌ فِي نِدَاءِ صَلَاةِ الفجر: الصَّلَاةُ خَيرٌ مِنَ النَّومِ، مَرَّتَينِ، فَأَقَرَّهَا رَسُولُ الله ﷺ.
ثم عَلَّمَهُ ﷺ الإِقَامَةَ، قَالَ: “ثُمَّ تَقُولُ إِذَا أَقَمتَ الصَّلَاةَ: اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ، أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ، قَد قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَد قَامَتِ الصَّلَاةُ، اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا الله“، وكان هذا فِي العامِ الأَوَّل وقيلَ الثَّانِي.
وَمِن أَسرَارِ الأَذَانِ أَنَّهُ حِرزٌ مِنَ الشَّيطَانِ، وقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: إِذَا تَغَوَّلَت لِأَحَدِكُمُ الغِيلَانُ فَليُؤَذِّن، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ، والغيلانُ جِنسٌ مِنَ الجِنِّ.
ومِمَّا حَصَلَ فِي العَامِ الأَوَّلِ مِنَ الهِجرَةِ تَزَوُّجُ الرَّسُولِ ﷺ بِعَائِشَةَ، قَالَت رضي الله عنها: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي شَوَّالٍ، وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ ﷺ كَانَ أَحظَى عِندَهُ مِنِّي؟، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ دُخُولُهُ بِهَا ﷺ بَعدَ الهِجرَةِ بِسَبعَةِ أَشهُرٍ أَو ثَمَانِيَةِ أَشهُرٍ، وعنَها رضيَ الله عنها قالت: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ الله ﷺ لِسِتِّ سِنِينَ، وَبَنَى بِي وَأنَا بِنتُ تِسعِ سِنِينَ، فَقَدِمَ المَدِينَةَ، فَأتَتنِي أُمُّ رُومَانَ (أمُّهَا)، وَأنَا عَلَى أُرجُوحَةٍ وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي، فَصَرَخَت بِي، فَأتَيتُهَا مَا أدرِي مَاذَا تُرِيدُ، فَأخَذَت بِيَدِي وَأوقَفَتنِي عَلَى البَابِ، فَقُلتُ: هَه هَه، شِبهَ المُنبَهِرَةِ، فَأَدخَلَتنِي بَيتًا فَإذَا نِسوَةٌ مِنَ الأنصَارِ، فَقُلنَ: عَلَى الخَيرِ وَالبَرَكَةِ وَعَلَى خَيرِ طَائِرٍ، فَأسلَمَتنِي إلَيهِنَّ، فَغَسَلنَ رَأسِي وَأصلَحنَنِي، فَأسلَمنَنِي إلَى رسول الله ﷺ.اهـ
وَالحُكمُ فِي زِوَاجِ الصَّغِيرَةِ أنَّهُ يجوزُ للوليِّ المُجبِرِ تزويجُ البِنتِ الصّغيرةِ العاقِلةِ في أيِّ سِنٍّ، كانَت إِلَّا أنَّها لا تُسَلَّم للزَّوجِ ليَطأَهَا إلَّا في سِنٍّ تحتمِلُ فيهِ الوطءَ، وقد ثبتَ فيمَا أسلَفنَا أنَّ عائِشَةَ رضِي اللهُ عنهَا دَخَل بِها رسُولُ اللهِ ﷺ وَهِيَ بِنتُ تِسعِ سنِينَ، إلّا أنَّ البعضَ يطعنونَ في ذلِكَ ويغمِزُون مِن قناةِ تضعِيفِ سنَدٍ أو نَحوِ ذلكَ، فيُرَدُّ عليهِم مِنَ الإجماعِ الّذي نقلَهُ منذُ ألفِ سنةٍ الحافظُ ابنُ بَطّالٍ ونصُّ عِبارَتِه: أجمَعَ العُلماءُ على أنه يَجوزُ للآباءِ تزويجُ الصِّغارِ مِن بَناتِهم وإِن كُنَّ في المَهدِ، إلَّا أنَّه لا يَجُوز لأزواجهِنَّ البِناءُ بهِنَّ إلّا إذَا صَلَحنَ لِلوَطءِ واحتَمَلنَ الرِّجالَ، وأَحوالُهُنَّ تختَلِفُ فِي ذَلِكَ علَى قَدرِ خَلقِهِنَّ وطاقَتِهِنَّ.
وَسَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ ﷺ لَم يَكُن مُعلَّقَ القَلبِ بالنّساءِ، فلَم يَتزوَّج قبلَ النُّبُوَّةِ إلّا خَدِيجةَ رضي الله عنه، ثُمَّ بعدَ أن صَارَ عمُرُهُ ثلاثًا وخمسِينَ تزَوَّجَ بِغَيرِهَا، فعدَّدَ ﷺ الزِّواجَ في خِلالِ العَشرِ سنَواتٍ الّتي قَضَاها بالمَدِينةِ حتّى اجتَمَع عِندَه تِسْعُ نِسَاءٍ، وكان غرَضُه ﷺ نَشرَ أحكامِ الشّريعَةِ مِن طَرِيقِ النِّسَاءِ، لأنَّ تعَلُّم النِّساءِ مِن النِّساءِ أسرَعُ للنِّساءِ وأقرَبُ إلَى نُفوسِهِنَّ، لأنَّهُ قَد يَمنَعُهُنَّ الاستِحياءُ مِن تعَلُّمِ أُمورِ الدِّينِ مِنَ الرِّجالِ.
ومِنَ الدّلِيلِ علَى أنَّ الرّسُولَ ﷺ لَم يَكُن مُتَعَلِّقَ القَلبِ بالنِّسَاءِ، أنَّ عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنهَا وَهِيَ أجمَلُ نِسَائِهِ وَأَحدَثُهنَّ سِنًّا حدَّثَت أنّهُ ﷺ كانَ يَذهَبُ في بعضِ اللَّيالِي فِي قَسمِهَا لِيَزُورَ المقابِرَ ويدُعُو لِأَهلِهَا، وكانَ دَورُ عائِشةَ ليلةً مِن تِسعِ ليالٍ حِينَ بلَغَ عَددُ زَوجاتِه تِسعًا، وقد كانَ أقَلَّ مِن ذلكَ مِن قَبلُ، وكانَ لَا يَلزَمُ الفِراشَ تلكَ اللَّيلَةَ معَهَا، بل كان يَتهَجَّدُ مرَّتَينِ ويَترُكُهَا في فِرَاشِهَا.
ومِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ كانَ مَعرُوفًا بينَ أَهلِ مَكَّةَ بِمُحَمَّدٍ الأَمِينِ إِلَى أَن بَلَغَ مِنَ العُمُرِ أَربَعِينَ سَنَةً، وَقَد كَانَ أُوتِيَ مِنَ الجَمَالِ مَا لَم يُسَاوِهِ فِيهِ أَحَدٌ، فَلَو كَانَ كَمَا يَفتَرِي علَيهِ المُلحِدُونَ وَلُوعًا بِالنِّسَاءِ لظَهَرَت مِنهُ رَذِيلَةٌ، بَل رَذَائِلُ كَثِيرَةٌ، وَلَكَانَ أَهلُ بَلَدِهِ طَعَنُوا فِيهِ بِذَلِكَ حِينَ أَعلَنَ دعوَتَهُ ودَعَاهُم إِلَى عِبَادَةِ اللهِ وَحدَهُ وَتَركِ ما كانُوا يَعبُدُونَ مِنَ الأَوثَانِ، ولَكَانُوا اكتَفَوا بالتَّشنِيعِ عليهِ بذلِكَ عن غَيرِهِ مِن أَسالِيبِ الإِيذَاءِ لَهُ وَلِمَن ءَامَنَ بِهِ.
وَعِندَ دُخُولِ الرَّسُولِ ﷺ المَدِينَةَ نَصَبَ أَحبَارُ يَهُودَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ العَدَاوَةَ بَغيًا وَحَسَدًا لِمَا خَصَّ اللهُ تَعَالَى بِهِ العَرَبَ مِن أَخذِهِ رَسُولَهُ مِنهُم، وَانضَافَ إلَيهِم رِجَالٌ مِنَ الأَوسِ والخَزرَجِ ممَّن كانَ عَلَى جَاهِلِيّتِهِ، فَكَانُوا أَهلَ نِفَاقٍ عَلَى دِينِ آبَائِهِم مِن الشِّركِ وَالتّكذِيبِ بِالبَعثِ، إلّا أَنّ الإِسلَامَ قَهَرَهُم بِظُهُورِهِ وَاجتِمَاعِ قَومِهِم عَلَيهِ، فَأظهَرُوا الإِسلَامَ وَاتَّخَذُوهُ وِقَايَةً مِنَ القَتلِ وَنَافَقُوا فِي السِّرِّ.
وَكَانَ هَوَاهُم مَعَ يَهُودَ لِتَكذِيبِهِمُ النّبِيَّ ﷺ وَجُحُودِهِمُ الإِسلَامَ، وَكَانَت أحبَارُ يَهُودِهِم الّذِينَ يَسأَلُونَ رَسُولَ اللهِ ﷺ وَيَتَعَنّتُونَهُ لِيَلبِسُوا الحَقَّ بِالبَاطِلِ، فَكَانَ القُرآنُ يَنزِلُ فِيهِم فِيمَا يَسأَلُونَ عَنهُ، إلّا قَلِيلًا مِن المَسَائِلِ فِي الحَلَالِ وَالحَرَامِ كانَ المُسلِمُونَ يَسأَلُونَ عنهَا.
ومِنهُم مَن آمَنَ بِالنَّبِيِّ ﷺ وحَسُنَ إِسلَامُهُ كَعَبدِ اللهِ بنِ سَلَامٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ وَمُخَيرِيقَ رضي الله عنه.
وَكَانَ عبدُ اللهِ بنُ سلامٍ حَبرًا عَالِمًا، قَالَ: لَمّا سَمِعتُ بِرَسُولِ الله ﷺ عَرَفتُ صِفَتَهُ وَاسمَهُ وَزَمَانَهُ الّذِي كُنّا نَتَوَكّفُ لَهُ (ننتظرُ)، فَكُنتُ مُسِرًّا لِذَلِكَ صَامِتًا عَلَيهِ، حَتّى قَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ المَدِينَةَ، فَلَمّا نَزَلَ بقُباءٍ فِي بَنِي عَمرِو بنِ عَوفٍ أَقبَلَ رَجُلٌ حَتّى أَخبَرَ بِقُدُومِهِ وَأَنَا فِي رَأسِ نَخلَةٍ لِي أَعَمَلُ فِيهَا، وَعَمّتِي خَالِدَةُ ابنَةُ الحَارِثِ تَحتِي جَالِسَةٌ، فَلَمّا سَمِعتُ الخَبَرَ بِقُدُومِ رَسُولِ الله ﷺ كَبّرتُ، فَقَالَت لِي عَمّتِي حَينَ سَمِعَت تَكبِيرِي: خَيّبَكَ اللهُ، وَاللهِ لَو كُنتَ سَمِعتَ بِمُوسَى ابنِ عِمرَانَ قَادِمًا مَا زِدتَ، قَالَ: فَقُلت لَهَا: أَي عَمّةُ، هُوَ وَاللهِ أَخُو مُوسَى بنِ عِمرَانَ وعَلَى دِينِهِ، بُعِثَ بِمَا بُعِثَ بِهِ، قَالَ: فَقَالَت: أَهُوَ النّبِيُّ الّذِي كُنّا نُخبَرُ أَنّهُ يُبعَثُ مَعَ نَفسِ السّاعَةِ؟ فَقُلت لَهَا: نَعَم، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَن ثَلَاثٍ لَا يَعلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ، مَا أَوَّلُ أَشرَاطِ السَّاعَةِ؟ وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأكُلُهُ أَهلُ الجَنَّةِ؟ وَمَا يَنزِعُ الوَلَدَ (يذهبُ ويَمِيلُ بِهِ) إِلَى أَبِيهِ أَو إِلَى أُمِّهِ؟ قَالَ: “أَخبَرَنِي بِهِنَّ جِبرِيلُ آنِفًا“، قَالَ: جِبرِيلُ؟ قَالَ: “نَعَم“، قَالَ: عَدُوُّ اليَهُودِ مِنَ المَلَائِكَةِ، ثُمَّ قَرَأَ رسولُ اللهِ ﷺ: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾، قَالَ: “أَمَّا أَوَّلُ أَشرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَخرُجُ عَلَى النَّاسِ مِنَ المَشرِقِ إِلَى المَغرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأكُلُهُ أَهلُ الجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ المَرأَةِ نَزَعَ الوَلَدَ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ المَرأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ نَزَعَتِ الوَلَدَ“، قَالَ: أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله.
يَا رَسُولَ الله، إِنَّ اليَهُودَ قَومٌ بُهُتٌ، وَإِنَّهُم إِن يَعلَمُوا بِإِسلَامِي قَبلَ أَن تَسأَلَهُم عَنِّي بَهَتُونِي، فَجَاءَتِ اليَهُودُ، فَقَالَ: “أَيُّ رَجُلٍ عَبدُ اللهِ فِيكُم؟“، قَالُوا: خَيرُنَا وَابنُ خَيرِنَا، وَسَيِّدُنَا وَابنُ سَيِّدِنَا، قَالَ: “أَرَأَيتُم إِن أَسلَمَ؟“، قَالُوا: أَعَاذَهُ اللهُ مِن ذَلِكَ، فَخَرَجَ عَبدُ اللهِ فَقَالَ: أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، قَالُوا: شَرُّنَا وَابنُ شَرِّنَا وَانتَقَصُوهُ، فقَالَ: هَذَا الَّذِي كُنتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ الله، قَالَ: فَأَظهَرت إسلَامِي وَإِسلَامَ أَهلِ بَيتِي، وأسلَمَت عَلَيَّ خَالِدَةُ بِنتُ الحَارِثِ فَحَسُنَ إسلَامُهَا، فَكَانَ أَوَّلَ شَيءٍ سَمِعتُهُ يَقُولُ: “أَفشُوا السَّلَامَ، وَأَطعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيلِ وَالنَّاسُ نِيَامٍ، تَدخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلَامٍ“.
وَكَانَ مُخَيرِيقُ حَبرًا عَالِمًا، وَكَانَ رَجُلًا غَنِيًّا كَثِيرَ الأَموَالِ مِنَ النَّخلِ، وَكَانَ يَعرِفُ رَسُولَ الله ﷺ بِصِفَتِهِ وَمَا يَجِدُ فِي عِلمِهِ، وَغَلَبَ عَلَيهِ إلفُ دِينِهِ، فَلَم يَزَل عَلَى ذَلِكَ حَتّى إذَا كَانَ يَومُ معركةِ أُحُدٍ وَكَانَ يَومُ أُحُدٍ يَومَ السّبتِ، قَالَ: يَا مَعشَرَ يَهُودَ، وَالله إنّكُم لَتَعلَمُونَ أَنّ نَصرَ مُحَمّدٍ عَلَيكُم لَحَقٌّ، قَالُوا: إنّ اليَومَ يَومُ السّبتِ، قَالَ: لَا سَبتَ لَكُم، ثُمّ أَخَذَ سِلَاحَهُ، فَخَرَجَ حَتّى أَتَى رَسُولَ الله ﷺ بِأُحُدٍ وأَسلَمَ، وَعَهِدَ إلَى مَن وَرَاءَهُ مِن قَومِهِ: إِن قُتِلتُ هَذَا اليَومَ، فَأَموَالِي لِمُحَمّدٍ ﷺ يَصنَعُ فِيهَا مَا أَرَاهُ الله، فَلَمّا اقتَتَلَ النّاسُ قَاتَلَ حَتّى قُتِلَ، وقَبَضَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَموَالَهُ، فَعَامَّةُ صَدَقَاتِ رَسُولِ الله ﷺ بِالمَدِينَةِ مِنهَا.
فائدة: ءايات التخفيف
تقرأ للشفاء من المرض وتقرأ على المحموم أو تكتب وتعلق عليه.
• يبدأ أولًا:
اللهم ذا السلطان العظيم والمن القديم ذا الرحمة الكريم وليّ الكلمات التّامّات والدّعوات المستجابات عافني من أنفس الجنّ وأعين الإنس. (7 مرات)
• ثم يقرأ الآيات:
قوله تعالى: “ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ”. (7 مرات)
قوله تعالى: “يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا”. (7 مرات)
قوله تعالى: “الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا”. (7 مرات)
• وإذا زاد على ءايات التخفيف هذه الآيات كان أقوى وهي:
قوله تعالى: “أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا”. (7 مرات)
قوله تعالى: “وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”. (7 مرات)
قوله تعالى: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ”. (7 مرات)
⚠️ مع التنبيه أنه ينبغي قراءتها قراءة صحيحة وبالتلقي.
والله تعالى أعلم وأحكم والحمد لله رب العالمين.
دعاء
اللهم اشفِنا واشفِ مرضَانَا اللهم اشفنا واشفِ مرضانا اللهم اجمع لنا بينَ خيرَيِ الدنيَا والآخرةِ اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه اللهم آتِ نفوسَنَا تقوَاها وزكِّها أنتَ خيرُ من زكاها أنتَ وليُّها ومولَاها اللهم أرِنا الحقَّ حقًّا وارزقنا اتباعَه وأرِنا الباطلَ باطِلًا وارزقنَا اجتنابَه ومحاربَتَه اللهم لا سهلَ إلا ما جعلتَهُ سهلًا وأنتَ تجعَلُ الحَزنَ إن شئتَ سهلًا اللهم إنا نعُوذُ بِكَ مِن شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنَا اللهم إنا نعوذُ بك منَ الهمِّ والحَزَن ونعوذُ بك مِنَ العَجزِ والكَسَلِ ونَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبنِ وَالبُخلِ وَنَعُوذُ بكَ مِن غَلَبَةِ الدَّينِ وقهرِ الرجالِ.
اللهم اغفِر لِمَن سبقَنَا مِن إِخوَانِنَا بِالإِيمَانِ اللهم اجمَعنَا بِهِم فِي الفِردَوسِ الأَعلَى اللهم ارحَم مشايخَنَا اللهم اجمَعنا بِهِم في الفردَوسِ الأَعلَى يا اللهُ يا اللهُ يا اللهُ استَجِب لَنَا بِحَقِّ حبيبِكَ محمَّدٍ ﷺ.
اللهم ارزق إخواننا في فلسطين الصمود والقوة في وجه الطغيان وانصرهم. اللَّهُمَّ أنْجِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ. اللهم احفظ أرواح المجاهدين في فلسطين، وردهم إلى أهلهم مردًّا كريمًا آمنًا. اللهم إنّا نبرأ من حولنا وقوّتنا وتدبيرنا إلى حولك وقوّتك وتدبيرك لا إله إلا أنت لا يعجزك شيء وأنت على كل شيء قدير. اللهم إنا لا نملك لأهلنا في فلسطين إلا الدعاء. اللهم احفظهم بحفظك وانصرهم واخذل كل من خذلهم. اللهم يا من لا يهزم جنده ولا يخلف وعده، ولا إله غيره، كُن لأهلنا في فلسطين عونًا ونصيرًا ومعينًا وظهيرًا.
اللهم أعِنَّا علَى الصيامِ والقِيامِ وتقبَّل منَّا يا رَبَّ العالَمِينَ، اللهم اجعَلنَا مِن عتقَاءِ هذَا الشهرِ الكريمِ ومِنَ المقبُولِينَ يا أكرَمَ الأكرَمِينَ، اللهم أعتِقنَا فِيهِ مِنَ النيرَانِ يا اللهُ يا اللهُ يا اللهُ، اللهم أرِنَا ليلَةَ القدرِ المبارَكَةِ يا رَبَّ العالمينَ وارزُقنَا فيهَا دعوَةً مجَابَةً بجَاهِ سَيِّدِ الأولِينَ وَالآخِرِينَ يا اللهُ، اللهم ارفَعِ البَلَاءَ وَالوَبَاءَ والأَمرَاضَ عَنِ المسلِمِينَ في مشَارِقِ الأرضِ ومغَارِبِهَا إكرامًا لوِجهِ محمَّدٍ ﷺ يا ربَّ العالمِينَ، اللهم توفَّنَا عَلَى كامِلِ الإيمَانِ وارزُقنَا شهَادَةً في سبيلِكَ ومَوْتًا في بلَدِ نبيِّكَ ﷺ، واحشرنا على نُوقٍ رحَائِلُهَا مِن ذهَبٍ آمنِينَ مطمَئِنِّينَ يا رَبَّ العَالَمِينَ، اللهم ارزقنَا حُسنَ الخِتَامِ والمَوتَ على دِينِكَ دينِ الإسلامِ ورؤيَةَ سيدِ الأنَامِ سيدنَا مُحَمَّدٍ عليهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، احشُرنَا فِي زُمرَتِهِ وأَورِدنَا حوضَهُ الشريفَ يا ربَّ العالمين.
وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على سيدِ الأنبياءِ والمرسلِينَ وسلَامٌ علَى المُرسَلِينَ والحَمدُ للهِ ربِّ العالَمِينَ.