شرح ألفية السيرة النبوية للحافظ زين الدين العراقي (6)

المقدمة

الحَمدُ للهِ الَّذِي أَزَالَ أُمُورَ الجَاهِلِيَّةِ بِبِعثَةِ خَيرِ البَرِيَّةِ، وَجَعَلَ لِمَن تَبِعَهُ وسَلَكَ مَسْلَكَهُ الدَّرَجَاتِ العَلِيَّةِ، أَشهَدُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلَّا هَوَ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وأَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ شَهَادَةً تُنْجِينَا مِنَ الدَّرَكَاتِ الدَنِيَّةِ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ الهَادِينَ إِلَى السُّنَنِ المَرضِيَّةِ، القَامِعِينَ لِلمَقَالَاتِ الرَّدِيَّةِ، وَعَلَى مَن تَبِعَهُم بِإِحسَانٍ إِلَى يَومِ عَرضِ الأَعمَالِ الجَلِيَّةِ وَالخَفِيَّةِ، وَنَتَبَرَّأُ مِنَ المَذَاهِبِ الرَّدِيَّةِ، كَالمُجَسِّمَةِ وَالمُشَبِّهَةِ وَالمُرجِئَةِ وَالقَدَرِيَّةِ، وَنَلتَزِمُ مَذهَبَ أَهلِ السُّنَّةِ فَهُمُ العُدُولُ وَأَهلُ الوَسَطِيَّةِ، أَمَّا بَعدُ:

فِي تَجوَالِنَا فِي سِيرَةِ حبِيبِنَا ﷺ نُكمِلُ فِي شَرحِ أبيَاتٍ مُنتَقَاةٍ مِن أَلفِيَّةِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ للحَافِظِ العِرَاقِيِّ:

ذِكرُ مَولِدِه وإرضاعِه ﷺ
(وَهوَ عُمُرُه سِتُّ سِنِينَ): أي وَكَانَ عمُرُهُ ﷺ حينَ ماتَت أمُّهُ ستَّ سنِينَ علَى أحدِ الأقوالِ، (مَعَ شَىءٍ يَقْدُرُه، ضَابِطُهُ بِمائَةٍ أَيَّامَا): أي وقيلَ كانَ ﷺ يَزِيدُ عَلَى السِّنِينَ السِتِّ، واختُلِفَ في هذا القَدرِ الزائدِ مِنَ الأيّامِ، فقال بعضُهُم القَدْرُ الزّائدُ مِائةُ يومٍ فوقَ سِتِّ سِنِينَ، (وَقِيلَ بَل أَرْبَعَةٌ أَعْوَامًا): أَي وَقِيلَ كانَ ﷺ يَزِيدُ علَى الستِّ سنِينَ بأربعَةِ أعوامٍ وقيلَ كانَ لَهُ ﷺ سَبْعٌ مِنَ السِّنِينَ، وقيلَ ثَمَانٍ.

وَحِـيـنَ مَـاتَـتْ حَـمَلَتْهُ بَـرَكَـهْ *** لِـجَـدِّهِ بِـمَكَّـةَ الْمُـبَـارَكَـهْ
كَـفَـلَـهُ إِلَى تَـمَـامِ عُـمْـرِهِ *** ثَـمَـانِيًا ثُـمَّ مَـضَـى لِـقَـبْـرِهِ
(وَحِينَ مَاتَتْ حَمَلَتْهُ بَرَكَةْ، لِجَدِّهِ بِمَكَّةَ الْمُبَارَكَةْ): ولمَّا ماتَت أمهُ آمنةُ بنتُ وهبٍ رحمَهَا الله رجعَت بهِ مُرَبِّيَتُهُ وحاضِنَتُهُ بركَةُ الحبشِيَّةُ إلى مكَّةَ المكرَّمَةِ لجدِّهِ عبدِ المطلبِ بنِ هاشِمٍ، (كَفَلَهُ إِلَى تَمَامِ عُمْرِهِ، ثَمَانِيًا ثُمَّ مَضَى لِقَبْرِهِ) وكَفَلَهُ عبدُ المطلبِ في أكرَمِ كفَالةٍ وأحسَنَ إليهِ، ثم ماتَ عبدُ المطلبِ فكفَلَهُ عمُّهُ أبُو طالِبٍ.

يُروَى عنِ العبَّاسِ أنهُ كانَ لعبدِ المطَّلِبِ مَفرَشٌ في الحِجرِ لا يَجلِسُ علَيهِ غيرُه، وكانَ أولادُهُ يجلِسُون حولَهُ دونَ المفرَشِ، فجاءَ رسولُ الله ﷺ يومًا وهو غُلَامٌ لم يبلُغِ الحِلمَ فجلَسَ علَى المفرَشِ، فجذبَهُ رجلٌ فبكَى رسولُ الله ﷺ، فقالَ عبدُ المطلبِ وذلكَ بعدَمَا ذهبَ بصرُهُ: ما لِابني يَبكِي؟ قالوا لَهُ: أرادَ أن يجلِسَ علَى المفرَشِ فمنَعُوهُ، فقالَ: دعُوا ابنِي يجلِسُ علَيهِ، فإنَّهُ يُحِسُّ مِن نفسِهِ بشرَفٍ، وأرجُو أن يبلُغَ مِنَ الشرفِ ما لم يبلُغهُ عربِيٌّ قبلَهُ ولا بعدَهُ.

وروِيَ أَنَّ عبدَ المطلِبِ كانَ إذَا أُتِيَ بالطعَامِ أجلَسَ رسولَ الله ﷺ إلى جنبِهِ، وربَّمَا أقعَدَهُ علَى فخِذِهِ، فيؤُثِرُهُ بأطيَبِ طعامِهِ، وكان رقِيقًا عليهِ بَرًّا بهِ، فرُبَّمَا أُتِيَ بالطعامِ وليسَ رسولُ الله ﷺ حاضِرًا، فلَا يَمَسُّ شيئًا منهُ حتَّى يؤتَى بهِ.

وذاتَ يومٍ قالَ قومٌ مِن بَنِي مُدلِجٍ لعبدِ المطلبِ: احتفِظ بهِ فَإِنَّا لم نَرَ قدَمًا أشبَهَ بالقدَمِ التِي فِي المَقَامِ منهُ، يريدُونَ أنَّ قدمَ سيدِنَا محمدٍ ﷺ أشبَهُ قدمٍ رَأَوهَا بأَثَرِ قدمِ نبِيِّ الله إبراهيمَ الذِي عَلَى الحجَرِ المسمَّى بمقامِ إبراهيمَ.

ورُوِيَ أيضًا أنَّ عبدَ المطَّلِبِ كانَ يومًا في الحِجرِ وعندَهُ أسقُفُ نجرانَ وهوَ يحادِثُهُ، ويقولُ: إنا نَجِدُ صفةَ نبيٍّ بقِيَ من ولَدِ إسمَاعِيلَ، هذَا البلَدُ مولِدُهُ، ومن صفَتِهِ كذَا وكذَا، وأَتَى رسولُ الله ﷺ، فنظرَ إليهِ الأسقُفُ وإلى عينَيهِ، وإلى ظهرِهِ وإلى قدمَيهِ، فقالَ: هو هذَا، ما هذَا مِنكَ؟ قالَ: هذَا ابنِي، قالَ الأسقُفُ: لَا، مَا نَجِدُ أبَاهُ حَيًّا، قالَ: هو ابنُ ابنِي، وقَد ماتَ أبُوهُ وأمُّهُ حُبلَى بهِ، قَالَ: صدَقتَ، قالَ عبدُ المطلبِ لبَنِيهِ: تَحَفَّظُوا بابنِ أخِيكُم، ألَا تسمَعُونَ ما يُقَالُ فيهِ؟.

وعن أمِّ أيمنَ أنهَا حدَّثَت أنَّ رسولَ الله ﷺ كانَ ابنَ ثمانِ سنِينَ ودُفِنَ عَبدُ المطلبِ بِالحَجُونِ.

ورُوِيَ أنهُ قيلَ لرسُولِ الله ﷺ: أتذكُرُ مَوتَ عبدِ المُطَّلِبِ؟ قال: “نَعَم، أَنَا يَومَئِذٍ ابنُ ثَمَانِ سِنِينَ“.

ذِكرُ كَفالةِ أَبِي طالِبٍ لَهُ ﷺ
أوْصَـى بهِ جَدُّهُ عبدُ الْمُطَّلِبْ *** إِلَى أَبِي طَالِـبٍ الحَامِـيْ الحَدِبْ
يَكْفُلُهُ بَعْدُ فَكَـانَـتْ نَشْـأتُـهْ *** طَـاهِـرَةً مَـأْمُـونَـةً غَـائِـلَـتُـهْ
فَكَانَ يُدْعَى بِالأَمِـيـنِ وَرَحَـلْ *** مَعْ عَمِّهِ لِلشَّـامِ حَتَّى إِذْ وَصَـلْ
بُصْـرَى رَأَى مِنْهُ بَحِيرَا الرَّاهِـبُ *** ما دَلَّ أَنَّـهُ الـنَّـبِـيُّ العَاقِـبُ
مُـحَـمَّـدٌ نَـبِـيُّ هَـذِيْ الأُمَّـةْ *** فَـرَدَّهُ تَـخَـوُّفًـا مِـنْ ثَـمَّـةْ
مِـنْ أَنْ يَـرَى بَعْضُ اليَهُودِ أَمْرَهْ *** وَعُـمْـرهُ إِذْ ذَاكَ ثِـنْـتَـا عَشْــرَةْ
(أوْصَى بهِ جَدُّهُ عبدُ الْمُطَّلِبْ، إِلَى أَبِي طَالِبٍ الحَامِيْ الحَدِبْ، يَكْفُلُهُ بَعْدُ): أَوصَى عبدُ المطلبِ ولَدَهُ أبَا طَالِبٍ بحفظِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم والحُنُوِّ عليهِ، فأبُو طالِبٍ هو أَخُو عبدِ الله والدِ رسولِ الله من أُمِّهِ وأبيهِ، فحَفِظَ أبو طَالِبٍ وصيَّةَ أبيهِ في رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وهذَا بِالأَصلِ مِن حفظِ الله لحبِيبِهِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بأَنْ سَخَّرَ لَهُ رَجُلًا كافِرًا يحفَظُهُ، فالله يحفظُ مَن يشاءُ بمَا يشَاءُ.

وكانَ أبُو طالِبٍ يُحِبُّ النَّبِيَّ ﷺ حُبًّا شدِيدًا لا يُحِبُّهُ ولدَهُ، وكانَ لا ينَامُ إلا إِلَى جنبِهِ، وكانَ يخُصُّهُ بالطَّعَامِ، وكانَ عِيَالُ أبِي طالِبٍ إذَا أكلُوا جميعًا أو فرَادَى لم يَشبَعُوا، وإذا أكلَ معَهُم رسولُ الله ﷺ شبِعُوا، وكانَ أبُو طالِبٍ إذَا أرادَ أن يُغَدِّيَهُم أو يُعَشِّيَهُم يقولُ: كما أنتُم حتَّى يحضُرَ ابنِي، فيَأتِي رسولُ الله ﷺ فيأكلُ معَهُم فيفضُلُ من طعامِهِم، وإنْ لم يَكُن معَهُم لم يُشبِعهُم طعامُهُم، وإن كانَ لبَنًا شَرِبَ أَوَّلُهُم، ثم يتَنَاولُ العيالُ القدحَ فيشرَبُونَ منه فيرتَوُونَ عن آخرِهِم مِنَ القدحِ الواحِدِ، وإن لَم يكُن رسولُ الله ﷺ معَهُم كانَ أحدُهُم يشرَبُ قدَحًا وحدَهُ، فيقولُ أبُو طالبٍ: إنَّكَ لمُبَارَكٌ، وكانَ الصِّبيانُ يصبِحُونَ وأثَرُ النومِ علَيهِم، ويُصبِحُ رسولُ الله ﷺ مدهُونًا مكحولًا كأَنَّهُ لم يَنَم.

فشَبَّ رسولُ الله ﷺ يَحفَظُهُ الله ويحمِيهِ من أقذَارِ الجاهِلِيَّةِ ومعايِبِهَا، لمَا يرِيدُ بهِ من كرَامتِهِ ورسالَتِهِ، حتَّى بلغَ أنْ كانَ رجُلًا، فكانَ أفضَلَ قومِهِ مروءَةً، وأحسنَهُم خُلُقًا، وأكرَمَهُم حسَبًا، وأحسَنَهُم جِوارًا، وأعظمَهُم حِلمًا، وأصدَقَهُم حديثًا، وأعظمَهُم أمانَةً، وأبعَدَهُم مِنَ الفُحشِ والأَخلَاقِ الَّتِي تُدَنِّسُ الرجالَ تَنَزُّهًا وتَكَرُّمًا، ما رُئِيَ مُمَارِيًا أحَدًا.

وفِي يومٍ جاءَ أكثَمُ بنُ صَيفِيٍّ حَكِيمُ العربِ (أي مَن كانوا يطلقون عليه حكيم العرب في الجاهلية) إلى الكعبةِ، والنبيُّ ﷺ فِي سنِّ مقارَبَةِ البلوغِ، فرآهُ أكثَمُ، فقالَ لأبِي طالِبٍ: ما أسرَعَ ما شبَّ أخوكَ، فقال ليسَ بأخِي، ولكنَّهُ ابن أخِي عبدُ الله، فقالَ أكثَمُ أهُوَ ابنُ الذَّبِيحَينِ؟ قالَ: نعَم، فجعَلَ يتَوَسَّمُهُ (أي ينظرُ إليهِ بعنايةٍ)، ثم قالَ لأبِي طالِبٍ: ما تَظُنُّونَ بهِ؟، قالَ: نُحسِنُ بهِ الظنَّ، وإنَّهُ لوَفِيٌّ سَخِيٌّ، قال: هل غَيرُ هذَا؟، قال: نَعَم، إنه لذُو شِدَّةٍ ولِينٍ، ومجلِسٍ ركِينٍ (أي له أركانٌ عاليةٌ، أراد بذلكَ شدةَ قومِه وركنُ الشيءِ جانبُه)، وفضلٍ متِينٍ، قال: فهَل غيرُ هذَا؟ قالَ: إنَّا لنَتَيَمَّنُ بمَشهَدِهِ (أي نستبشرُ به خيرًا وبمشاهدتِه)، ونتَعَرَّفُ البَرَكَةَ فيمَا لَمَسَهُ بيَدِهِ (إذا كان المشركونَ في الجاهليةِ يعرفونَ بركةَ رسولِ اللهِ ويشهدونَ له بذلك، فبركاتُ الرسولِ لا يحصيهَا إلا اللهُ)، فقالَ أكثَمُ: أقولُ غيرَ هذَا، إنه لَيَضرِبُ العَربَ جامِعَةً (أي يقاتلُ مَنْ يخالفُه منهم)، بِيدٍ حَائِطَةٍ (أي جامعةٍ، أي يجمعُ عليهمُ المخالفينَ فيقاتلُهم بهم)، ورِجلٍ لائِطَةٍ (أي لاصقةٍ لازمةٍ، أي أنه يلازمُ قتالَهُم حتَّى يتبعُوه)، ثم يصيحُ بهم إِلَى مَرتَعٍ (الْمَرْتَع: هوُ مكانُ الخصبِ والسعةِ) مَرِيعٍ (أي كثيرِ النماءِ والزيادةِ)، ووِردٍ سرِيعٍ (مجيءٍ قريبٍ)، فمَنِ اخرَورَطَ إليهِ (أي مَنْ مالَ إليهِ وتبعَهُ) هدَاهُ (أيْ يهديهِ إلى الصراطِ المستقيمِ)، ومَن احرَورَفَ عنهُ (أي خالفَهُ وتركَ نهجَهُ) أردَاهُ (أي أهْلَكَهُ).

وكَانَ النَّاسُ يتحَاكَمُونَ إِلَى رَسُولِ الله ﷺ في الجاهليةِ قبلَ الإسلامِ.

وَمِن تَهيِأَةِ الله لِنَبِيِّهِ أسبَابَ الرسالَةِ رعيُهُ للغَنَمِ، فعنْ أبي هُريرَةَ رضيَ الله عنْه عن النَّبِيِّ ﷺ أنهُ قالَ: “مَا بَعَثَ الله نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ“، قالَ العلمَاءُ: الحِكمَةُ في إِلهَامِ رعيِ الغنَمِ قبلَ النُّبُوَّةِ أن يَحصُلَ لهُمُ التمرُّنُ برَعيِهَا علَى ما سَيُكَلَّفُونَهُ مِنَ القيامِ بأمرِ أُمَّتِهِم، ولأَنَّ في مُخَالَطَتِهَا ما يَحصُلُ مِنَ الحِلمِ والشَّفَقَةِ، لِأَنَّهُم إِذَا صَبَرُوا عَلَى رَعيِهَا وَجَمعِهَا بعدَ تَفَرُّقِهَا فِي المَرعَى، ونقلِهَا مِن مسرَحٍ إلى مَسرَحٍ، ودفعِ عدوِّهَا مِن سبُعٍ وغيرِه كالسارِقِ، وعلِمُوا اختلافَ طِبَاعِهَا وشدَّةَ تفرُّقِهَا، مَعَ ضعفِهَا واحتِيَاجِهَا إِلَى المعاهدَةِ، ألفُوا من ذلكَ الصبرَ علَى الأمَّةِ، وعرفُوا اختلافَ طباعِهَا وتفاوُتَ عقولِهَا، فجَبَرُوا كَسِيرَهَا، ورفَقُوا بضعِيفِهَا، وأحسَنُوا التَعَاهُدَ لَهَا، فيَكُونُ تحمُّلُهُم لمشَقَّةِ ذلكَ أسهَلَ مِمَّا لو كُلِّفُوا القيَامَ بذلِكَ من أوَّلِ وهلَةٍ، لمَا تحصَّلَ لهُم مِنَ التَّدرِيجِ علَى ذَلِكَ بِرَعيِ الغنمِ.

وكانَ ﷺ فِي هذِهِ الفترَةِ مِن عمُرِهِ الشرِيفِ تظهَرُ عليهِ بشائِرُ النبُوَّةِ وعلامَاتُهَا وإرهاصَاتُهَا فهو محفُوظٌ مكرَّمٌ عندَ الله عزَّ وجلَّ، ومما يدُلُّ على ذلكَ ما رُوِيَ في قصَّةِ قُسِّ بنِ ساعِدَةَ الإِيَادِيِّ، وكانَ من أقوَى خطبَاءِ العرَبِ، فقد رَوَى الحافِظُ الْخَرَائِطِيُّ فِي كِتَابِ هَوَاتِفِ الْجَانِّ: عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ إِيَادٍ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: “يَا مَعْشَرَ وَفْدِ إِيَادٍ، مَا فَعَلَ قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ الْإِيَادِيُّ؟” قَالُوا: هَلَكَ يَا رَسُولَ الله (أي مَاتَ)، قَالَ: “لَقَدْ شَهِدْتُهُ يَوْمًا بِسُوقِ عُكَاظٍ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ، يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ مُعْجِبٍ مُونِقٍ، لَا أَجِدُنِي أَحْفَظُهُ“، فَقَامَ إِلَيْهِ أَعْرَابِيٌّ مِنْ أَقَاصِي الْقَوْمِ فَقَالَ: أَنَا أَحْفَظُهُ يَا رَسُولَ الله، فَسُّرَ النَّبِيُّ ﷺ بِذَلِكَ، قَالَ الأعرابيُّ: فَكَانَ بِسُوقِ عُكَاظٍ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ النَّاسِ، اجْتَمِعُوا، فَكُلُّ مَنْ فَاتَ فَاتَ، وَكُلُّ شَيْءٍ آتٍ آتٍ، لَيْلٌ دَاجٍ (شديدُ السوادِ)، وَسَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ، وَبَحْرٌ عَجَّاجٌ (مرتَفِعُ الصوتِ)، نُجُومٌ تَزْهَرُ، وَجِبَالٌ مَرْسِيَّةٌ (مُثبَتَةٌ)، وَأَنْهَارٌ مَجْرِيَّةٌ، إِنَّ فِي السَّمَاءِ لَخَبَرًا، وَإِنَّ فِي الْأَرْضِ لَعِبَرًا، مَا لِي أَرَى النَّاسَ يَذْهَبُونَ (يمُوتُونَ) فَلَا يَرْجِعُونَ؟ أَرَضُوا بِالْإِقَامَةِ فَأَقَامُوا؟ أَمْ تُرِكُوا فَنَامُوا؟ أَقْسَمَ قُسٌّ بِالله قَسَمًا لَا رَيْبَ فِيه، إِنَّ لِلَّهِ دِينًا هُوَ أَرْضَى مِنْ دِينِكُمْ هَذَا، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

فِي الذَّاهِبِينَ الْأَوَّلِين *** مِنَ الْقُرُونِ لَنَا بَصَائِرْ

لَمَّا رَأَيْتُ مَوَارِدًا لِلْمَوْتِ *** لَيْسَ لَهَا مَصَادِرْ

وَرَأَيْتُ قَوْمِيَ نَحْوَهَا *** يَمْضِي الْأَصَاغِرُ وَالْأَكَابِرْ

لَا مَنْ مَضَى يَأْتِي إِلَيْكَ *** وَلَا مِنَ الْبَاقِينَ غَابِرْ

أَيْقَنْتُ أَنِّي لَا مَحَالَةَ *** حَيْثُ صَارَ الْقَوْمُ صَائِرْ

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أن قُسًّا قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَيَا مَعْشَرَ إِيَادٍ، أَيْنَ ثَمُودُ وَعَادٌ؟ وَأَيْنَ الْآبَاءُ وَالْأَجْدَادُ؟ وَأَيْنَ الْعَلِيلُ (المريضُ) وَالْعُوَّادُ (زوارُ المريضِ)؟ كُلٌّ لَهُ مَعَادٌ، يُقْسِمُ قُسٌّ بِرَبِّ الْعِبَادِ، وَسَاطِحِ الْمِهَادِ، لَتُحْشَرُنَّ عَلَى الِانْفِرَادِ، فِي يَوْمِ التَّنَادِ، إِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ، وَنُقِرَ فِي النَّاقُورِ، وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ (أي بعَدلِ رَبِّهَا)، وَوَعَظَ الْوَاعِظُ، فَانْتَبَذَ الْقَانِطُ (اعتزَلَ القانِطُ من رحمَةِ الله) وَأَبْصَرَ اللَّاحِظُ (أيِ الذِي استَمَعَ الوعظَ وعمِلَ بهِ فإنه يُبصِرُ النعيمَ يومَ القيامَةِ)، فَوَيْلٌ لِمَنْ صَدَفَ (أعرضَ) عَنِ الْحَقِّ الْأَشْهَرِ (المشهورِ)، وَالنُّورِ الْأَزْهَرِ، وَالْعَرْضِ الْأَكْبَرِ (يومِ القيامةِ)، فِي يَوْمِ الْفَصْلِ (يومِ القيامةِ)، وَمِيزَانِ الْعَدْلِ، إِذَا حَكَمَ الْقَدِيرُ (الله)، وَشَهِدَ النَّذِيرُ (النبيُّ) وَبَعُدَ النَّصِيرُ (إلا لِمَن شاءَ الله) وَظَهَرَ التَّقْصِيرُ (عندَ كثيرٍ مِنَ الناسِ) فَفَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ.

ولمَّا ذهبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى الشامِ معَ عمِّهِ أبِي طالبٍ رآهُ بحِيرَا الراهِبُ هناكَ، ورأَى علَيهِ الكَثِيرَ مِن عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ، ومِن جُملَةِ مَا رَءَاهُ بَحِيرَا غَمَامَةٌ تُظِلُّ النبيَّ ﷺ مِن بَينِ القومِ وهوَ راكِبٌ، فَلَمَّا نَزَل النبيُّ صلى الله عليه وسلم تحتَ شَجَرةٍ تَدلَّت أغصَانُهَا علَيهِ ﷺ حتَّى أظَلَّتْهُ، ورُوِيَ أنَّ بَحِيرَا صنَعَ للقَومِ طعامًا وأضافَهُم، وقال لِعَمِّه أبِي طالِبٍ: ارْجِع بابْنِ أَخِيكَ واحْذَرْ علَيهِ اليَهُودَ أنْ يَرَوْا بَعْضَ صِفاتِهِ، فيَعْرِفُوا أنَّهُ النَّبِيُّ المبْعُوثُ مِن العَرَب، فرُبَّما تَحَيَّلُوا على اغتِيالِهِ، فإِنَّهُ كائِنٌ لَهُ شَأْنٌ عَظِيم.

ثُمَّ مَضَـى لِلشَّامِ مَعْ مَيْسَـرَةِ *** فِي مَتْجَـرٍ وَالْمَـالُ مِـنْ خَدِيجَةِ
مِـنْ قَبلِ تَـزْوِيـجٍ بِهَا فَـبَلَـغَا *** بُصْـرَى فَبَاعَ وَتَقَاضَـى مَا بَغَى
وَقَـدْ رَأَى مَيْسَــرَةُ العَـجَـائِبَا *** مِـنْـهُ وَمَـا خُـصَّ بِـهِ مَـوَاهِبَا
كانَت خديجَةُ بنتُ خويلِدٍ مِن أشرَفِ نساءِ قريشٍ وأكثَرِهِم مالًا وأشدِّهِم جمَالًا، وَكَانَت تبحَثُ عمَّن يَتجَرُ بمالِهَا فليسَ لهَا رَجُلٌ يفعَلُ ذلِكَ، فأرسَلَت لسيدِنَا مُحَمَّدٍ ﷺ أَن يَفعَلَ ذلكَ لمَّا رَأَت مِن أمانَتِهِ وصدقِهِ وعفَّتِهِ فوافَقَ وخرَجَ في التِّجَارَةِ لهَا بمالِهَا إلى الشامِ مَعَ غلامِهَا ميسَرَةَ فرأَى العجائِبَ مِن رسولِ الله ﷺ.

لَمَّا بَلَغَ ﷺ مِن العُمُرِ خمسًا وعِشرِينَ سنةً، وليسَ لهُ بمكَّةَ اسمٌ إلا الأمِينَ، لمَا تَكَامَلَ فيهِ مِن خِصَالِ الخَيرِ، قَالَ لهُ أبُو طالِبٍ: يا ابنَ أخِي أنَا رَجُلٌ لا مَالَ لِي، وقَدِ اشتَدَّ الزمانُ علَينَا وأَلَحَّت علينَا سِنُونٌ منكرَةٌ، وليسَت لنَا مَادَّةٌ ولا تجارَةٌ، وهذهِ عِيرُ قومِكَ قد حضَرَ خروجُهَا إلى الشامِ، وخديجَةُ بنتُ خويلِدٍ تبعَثُ رجالًا من قومِكَ في عيرَاتِهَا، فيَتجَرُونَ لها فِي مالِهَا ويُصِيبُونَ منافِعَ، فلو جِئتَهَا وعرَضتَ نفسَكَ عليها لَأَسرَعَت إليكَ وفضَّلَتكَ على غيرِكَ، لمَا يبلُغُهَا عنكَ من طهارَتِكَ، وإن كنتُ أكرَهُ أن تأتِيَ الشامَ، وأخافُ عليكَ من يَهُودَ، ولكن لَا تجدُ من ذلكَ بُدًّا.

فلمَّا بلَغَ خديجةَ ما كانَ مِن مُحاوَرةِ النّبيِّ ﷺ وعَمِّهِ، وكان بلغَهَا قَبلَ ذلكَ ما قَد بَلَغَهَا مِن صِدْقِ حَدِيثِهِ وعُظمِ أمانَتِهِ وكرَمِ أخلاقِهِ ﷺ، أَرْسَلَتْ إليهِ وقالَتْ له: إنهُ دعانِي إلى البعثِ إليكَ ما بلغَنِي مِن صدقِ حديثِكَ وعُظمِ أمانَتِكَ وكرَمِ أخلاقِكَ، وأنَا أُعطِيكَ ضِعْفَ ما أُعْطِي غَيْرَكَ، فأجابَ ﷺ بالقَبولِ.

ونَزَلَ رسولُ الله ومعَهُ غُلَامُ خديجَةَ ميسَرَةُ فِي سوقِ بُصرَى في ظِلِّ شجرَةٍ، قريبًا من صومَعَةِ رَاهِبٍ يقَالُ له نُسطُورَا، فلمَّا رأَى الرَّاهِبُ الغَمَامَةَ فَزِعَ وقالَ: مَا أنتُم؟ قالَ: ميسَرَةُ غلَامُ خدِيجَةَ، فاطَّلَعَ الرَّاهِبُ إلى ميسَرَةَ وكَانَ يعرِفُهُ، فَقَالَ: يا ميسَرَةُ مَن هَذَا الَّذِي نزَلَ تحتَ هذِهِ الشجَرَةِ؟ فقَالَ ميسَرَةُ: رجُلٌ من قرَيشٍ، فقَالَ الرَّاهِبُ: ما نَزَلَ تحتَ هذِهِ الشَّجَرَةِ قطُّ إلَّا نَبِيٌّ، أَفِي عينَيهِ حمرَةٌ؟ قالَ ميسَرَةُ: نعَم، لا تفَارِقُهُ، فقالَ الراهِبُ: هُوَ هُوَ، وهُوَ آخرُ الأنبيَاءِ، ويَا ليتَ أَنِّي أدرِكُهُ حيثُ يؤمَرُ بالخُرُوجِ، ثمَّ اقتَرَبَ الراهِبُ مِنَ النبيِّ ﷺ سِرًّا دونَ أن يَعرِفَ ميسَرَةُ، وقبَّلَ رأسَهُ وقدمَيهِ، وقالَ: آمَنتُ بكَ وأنَا أَشهَدُ أنَّكَ الذِي ذكرَهُ الله في التَّورَاةِ، ثم قَالَ: يا محمدُ، قد عرَفتُ فيكَ العلامَاتِ كُلِّهَا خلَا خصلَةً واحِدَةً، فأوضِح لِي عن كتِفَكَ، فأوضَحَ له فَإذَا هو بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ يتلَألَأُ، فأقبلَ عليهِ يقبِّلُهُ ويقولُ: أشهَدُ أنكَ رسولُ الله النبيُّ الأميُّ الذِي بشَّرَ بكَ عيسَى ابنُ مريمَ، فإنه قالَ: لَا ينزِلُ بعدِي تحتَ هذهِ الشجرَةِ إلَّا النبيُّ الأميُّ الهاشمِيُّ العربيُّ المكيُّ صاحِبُ الحوضِ والشفاعةِ وصاحِبُ لواءِ الحمدِ، فانتبَهَ ميسَرَةُ إلى ذَلِكَ.

ومِن جملَةِ ما كانَ منَ العجائِبِ لرسولِ الله ﷺ في هذهِ الرحلةِ أنهُ إذَا كانَت الهاجِرَةُ واشتَدَّ الحرُّ كانَ ميسرَةُ يرى ملكَينِ يظِلَّانِهِ منَ الشمسِ وهوَ على بعيرِهِ، وكان الله تعالى قَد ألقَى علَى رسولِ الله ﷺ المحبَّةَ مِن ميسَرَةَ، فكأنَّهُ عبدٌ لرسولِ الله ﷺ.

ومِنَ العجائبِ أنهُم باعُوا متاعَهُم وربِحُوا رِبحًا لم يربَحُوا مثلَهُ قط، فقالَ ميسرَةُ: يا محمَّدُ، اتَّجَرنَا لخديجةَ أربعينَ سنةً ما رأيتُ ربحًا قط أكثَرَ من هذَا الربحِ على وَجهِكَ، وكانت خديجةُ قد ذكرَت لورقَةَ بنِ نَوفَلِ بنِ أسدِ بنِ عبدِ العزَّى، وكان ابنَ عمِّهَا، ما ذَكَرَ لهَا غلامُهَا ميسَرَةُ من قولِ الراهبِ، وما كانَ يُرَى منهُ إذ كانَ الملَكَانِ يظلَّانِهِ، فقَالَ ورقَةُ: يا خديجَةُ، إنَّ محمَّدًا لنَبِيُّ هذِهِ الأُمَّةِ، وقَد عرَفتُ أنَّهُ كائِنٌ لهذِهِ الأمَّةِ نبيٌّ يُنتَظَرُ، هذَا زَمَانُهُ.

وَرَغِـبَـتْ فَخَطَـبَتْ مُـحَـمَّـدَا *** فَيَا لَـهَا مِـنْ خِطْـبَةٍ مَا أَسْـعَدَا
وَكَـانَ إِذْ زُوِّجَهَا ابْـنَ خَـمْـسِ *** مِـنْ بَعْدِ عِشْــرِينَ بِغَيرِ لَبْـسِ
رغِبَت خديجةُ بالزواجِ مِن رسولِ اللهِ لِمَا رأَت مِنهُ ولِمَا سمِعَت من ميسَرَةَ من صدقِهِ وأمانتِهِ وعفتِهِ وحُسنِ حالِهِ، فخطبَتهُ لنفسِهَا فوافَقَ وتزَّوَجَها، فنِعمَ الأُمُّ والزَّوجَةُ خديجَةُ ونِعمَ الزوجُ والأبُ والرجلُ هُوَ حبيبُ اللهِ ﷺ.

وجاء في قِصّةِ خِطبَتِها عن نَفِيسةَ بنتِ مُنْيةَ قالت: كانت خديجةُ بنتُ خُوَيلِدِ بنِ أسدِ بنِ عبدِ العُزَّى بنِ قُصَيٍّ امرأةً حازمةً جَلْدةً شريفةً، معَ ما أرادَ اللهُ بهَا مِنَ الكرامةِ والخيرِ، وهي يومَئذٍ أوسطُ قُرَيشٍ نسَبًا، وأعظمُهم شرَفًا، وأكثرُهم مالًا، وكُلُّ قومِها كان حريصًا على نكاحِهَا لو قَدَر على ذلكَ، قد طَلَبُوها وبذَلُوا لهَا الأموالَ، فأرسلَتْنِي إلى محمَّدٍ بَعد أن رَجَعَ في عِيرِهَا منَ الشامِ، فقلت: يا محمَّدُ، ما يمنَعُكَ أن تتَزَوَّجَ؟ فقال: “مَا بِيَدِي مَا أتزَوَّجُ بِهِ“، قُلتُ: فإن كُفِيتَ ذلكَ ودُعِيتَ إلى الجَمالِ والمالِ والشَّرَفِ والكَفاءةِ، أَلَا تُجِيبُ؟ قالَ: “فَمَنْ هِيَ؟“، قلت: خَدِيجةُ، قال: “وَكَيْفَ لِي بِذَلِكَ؟” قلتُ: عَلَيَّ، قال: “فَأَنَا أَفْعَلُ“، فذَهبتُ فأخبَرتُها، فأرسَلَتْ إليه أنِ ائْتِ لساعةِ كذَا وكذَا، وأرسلَتْ إلى عَمِّهَا عمرِو بنِ أسَدٍ لِيُزَوِّجَهَا.

(وَكَانَ إِذْ زُوِّجَهَا ابْنَ خَمْسِ، مِنْ بَعْدِ عِشْرِينَ بِغَيرِ لَبْسِ): أي وكان النَّبِيُّ ﷺ حِينَ تزَوَّجَ مِن خديجَةَ رضِيَ اللهُ عنهَا له مِن السِنِينَ خمسةً وعشرِينَ سَنةً وهُوَ الأثبَتُ وقيلَ غيرُ ذلكَ، وكانَ عمُرُهَا أربعِينَ سنَةً.

وكان تَزوِيجُهُ لهَا بعدَ مجيئِهِ مِنَ الشامِ بشَهرَينِ وخمسَةٍ وعشرِينَ يومًا عقِبَ صَفَرَ.

وبَقِيَتْ خديجَةُ عِندَ النبيِّ ﷺ زوجَةً قبلَ الوَحيِ خمسَ عَشْرةَ سنةً، وبعدَهُ سبعَ سنِينَ أي إِلَى مَا قَبلَ الهجرَةِ بثلاثِ سِنِينَ، وماتَتْ ولِرَسُولِ اللهِ ﷺ تِسعٌ وأربعونَ سنةً وثمانيةُ أشهُرٍ، وكانت له وَزِيرَ صِدْقٍ، وهيَ أوّلُ امرأةٍ تزوّجَها النبيُّ ﷺ مِن غَيرِ خِلافٍ، وكانَت خَديجةُ أوّلَ مَن ءامنَ باللهِ ورسولهِ ﷺ وصَدّقَ بما جاءَ به، ولا خَفَاءَ بمسَاعَدَتِهَا النبيَّ ﷺ وتَثبِيتِهَا لهُ عندَما بدَأَ الوَحيُ إليهِ وشَفقَتِها عَليهِ، وقد حَفِظَ النبيُّ لهَا هذا الفضلَ، فعَن عائشةَ رضِي الله عنها قالَت: مَا غِرتُ على امْرَأةٍ لرسولِ الله ما غِرتُ على خَديجةَ ممَّا كنتُ أسمَعُ مِن ذِكرِه لهَا، ولقَد أمرَهُ ربُّه أن يُبشِّرَها ببَيتٍ في الجنَّة مِن قَصَبٍ أي لؤلؤ لا نَصَبَ فيه ولا صَخَبَ، وقالت: إنّه كانَ يَذبَحُ الشّاةَ ويُهدِي مِنها لِصَدائقِ خَدِيجةَ، وقالَت عائشةُ رضي الله عنها: كانَ رسولُ اللهِ ﷺ إذَا ذكَرَ خَديجةَ لم يَكَد يَسأَمُ مِن ثَناءٍ عَلَيهَا واستِغفَارٍ، فذَكرَها ذاتَ يَومٍ فاحتَمَلتْنِي الغَيرَةُ، فقُلتُ: لقَدْ عوَّضَكَ اللهُ مِنْ كَبِيرةِ السِّنِّ، قالت فرأيتُ رسولَ اللهِ ﷺ غَضِبَ غَضَبًا أُسْقِطْتُ مِنْ جِلدِي (أي نَدِمْتُ)، وقلتُ في نَفسِي اللهم إنّكَ إنْ أَذهَبْتَ غَضَبَ رسولِ اللهِ ﷺ عَنِّي لم أَعُد أَذكُرْهَا بِسُوءٍ ما بَقِيتُ، فلمَّا رأَى النبيُّ ﷺ ما لقِيتُ قال: “ وَاللهِ لَقد ءَامَنَت بِي إِذْ كَفَرَ بِيَ الناسُ، وءَاوَتنِي إذْ رَفَضَنِي النَّاسُ، وصَدَّقَتنِي إِذ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَرُزِقَت مِنِّي الوَلَدَ إِذ حُرِمتُمُوهُ“.

وعَن عائشةَ أنَّ النبيَّ ﷺ قال: “إِنِّي رُزِقتُ حُبَّهَا“، وعنِ النّبيِّ ﷺ أنّهُ قالَ: “كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَم يَكمُل مِنَ النِّساءِ إلَّا أَربَعٌ مَريمُ بِنتُ عِمْرانَ وءاسِيَةُ امرَأةُ فِرعَونَ وخَدِيجَةُ بِنتُ خُوَيلِدٍ وفَاطِمَةُ بِنتُ مُحَمَّدٍ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ“.

قِصَّةُ بِناءِ الكَعبةِ
وَإِذْ بَنَتْ قُرَيْشٌ البَيْتَ اخْتَلَفْ *** مَلَؤُهُمْ تَنَازُعًا حَتَّى وَقَفْ
أَمْـرُهُـمُ فِيمَنْ يَكُـونُ يَضَـعُ *** الْحَجَـرَ الأَسْـوَدَ حَيْثُ يُوْضَـعُ
إِذْ جَـاءَ قَالُـوا كُـلُّـهُمْ رَضِـينَا *** لِـوَضْـعِهِ مُحَـمَّـدَ الأَمِـينَا
فَـحُـطَّ فِي ثَـوْبٍ وَقَـالَ يَرْفَعُ *** كُـلُّ قَبِيلٍ طَـرَفًا فَرَفَعُـوا
ثُمَّـتَ أَوْدَعَ الأَمِينُ الْـحَجَـرَا *** مَكَـانَـهُ وَقَـدْ رَضُـوا بِمَا جَرَى
(وَإِذْ بَنَتْ قُرَيْشٌ البَيْتَ): خافَتْ قُرَيشٌ أنْ تَنهَدِم الكعبةُ المشرفَةُ، فشرَعَتْ في بنائِهَا، وكان بناؤُهُم لَهَا لِأُمُورٍ: الأَوَّلُ: حصولُ الوهَنِ فيها مِنَ الحريقِ الذي أصابَهَا، وذلكَ أنَّ امرَأَةً بخَّرَتِ الكعبةَ فطارَت شرارَةٌ منَ الجمرِ في ثيابِ الكعبَةِ فاحتَرَقَت، والثاني: أنَّ السَّيلَ دخلَهَا وصدَعَ جدرانَهَا بعدَ توهِينِهَا، الثالثُ: أنَّ نفرًا سرقُوا حُلِيَّ الكعبَةِ وغزَالَينِ مِن ذَهَبٍ، فأرَادُوا أن يَشُدُّوا بُنيَانَهَا وأن يَرفَعُوا بابَهَا حتى لا يدخُلَهَا إلَّا من شاءُوا.

فلمَّا أجمَعُوا أمرَهُم في أمرِهَا وبُنيَانِهَا، قامَ رجُلٌ فتنَاوَلَ حجَرًا مِنَ الكعبَةِ فوثَبَ مِن يَدِهِ حتَّى رجَعَ إِلَى مكَانَهُ، فقال: يا معشَرَ قرَيشٍ لَا تُدخِلُوا في بنيانِهَا مِن كسبِكُم إلا طَيِّبًا، لا يَدخُلُ فيهَا مَهرُ بَغِيٍّ، ولَا بَيعُ رِبَا، ولا مظلَمَةُ أحدٍ مِنَ الناسِ، وكانَ رسولُ اللهِ ﷺ ينقُلُ معهُم.

ثُمَّ إنَّ النَّاسَ هَابُوا هدمَهَا وخافُوا منهُ، فقالَ الوليدُ بنُ المغيرَةِ: أنَا أبدَؤُكُم في هدمِهَا، فأخَذَ المِعوَلَ ثُمَّ قامَ عليهَا وهوَ يَقُولُ: اللهم لَم نُرَع، اللهم لَا نُرِيدُ إِلَّا الخَيرَ، ثم هدَمَ من ناحِيَةِ الركنَينِ، فانتَظِرِ الناسَ تلكَ الليلَةَ وقالُوا: ننتَظِرُ، فإِن أُصِيبَ الوليدُ بِأَذًى بسَبَبِ هدمِ جزءٍ مِنَ الكعبَةِ لم نَهدِم منهَا شَيئًا ورَدَدنَاهَا كمَا كانَت، وإِن لَم يُصِبهُ شيءٌ هدمَنا فَقَد رضِيَ اللهُ تعَالَى ما صنَعنَا، فأصبَحَ الولِيدُ من ليلَتِهِ غادِيًا إلى عمَلِهِ، فهدَمَ وهدَمَ الناسُ، حتى إذا انتَهَى الهدمُ بهِم إلى أساسِ إبراهيمَ ﷺ، وصَلُوا إلى حِجَارَةٍ خُضرٍ كالأَسنِمَةِ، يَشُدُّ بعضُهَا بعضًا، فأدخَلَ رَجُلٌ ممَّن كانَ يَهدِمُ عتَلَتَهُ بينَ حجَرَينِ منهَا ليقلَعَ بِهَا بعضَهَا، فلَمَّا تحرَّكَ الحجَرُ أبصرَ القَومُ بَرقَةً خرجَت مِن تحتِ الحَجَرِ كادَت تَخطَفُ بصَرَ الرجُلِ، فتَرَكُوا ذلكَ الأساسَ.

(اخْتَلَفَ مَلَاؤُهُمْ تَنَازُعًا): فلَمَّا أتمُّوا البِناءَ وبقِيَ وَضعُ الحجرِ الأسوَدِ مَكانَه، اختلفَتْ بطُونُ قريشٍ في أيِّهَا يضَعُ الحجرَ الأسودَ مكانَهُ لشرَفِهِ وعظَمَتِهِ، أيِ اختَلَفَ أشرافُهُم وأغنِيَاؤُهُم وتحازَبُوا وتَنازَعُوا تنَازُعًا شدِيدًا فيما بَينَهُم، (حَتَّى وَقَف أَمْرُهُمُ): أي حتَّى بلغَ أمرُهُم في النِّزاعِ مَبلَغًا بعِيدًا، وأَعَدُّوا للقِتالِ وتعاهَدُوا على الْمَوتِ، (فِيمَنْ يَكُونُ يَضَعُ الْحَجَرَ الأَسْوَدَ حَيْثُ يُوْضَعُ): أي وكانَ اختِلَافُهُم عَلَى مَن سَيَكُونُ هُوَ وَاضِعَ الحجَرِ الأَسوَدِ في مَوضِعِهِ، فكُلُّ بَطنٍ يرِيدُ رَفْعَه دُونَ الأُخرَى، فاستَمَرُّوا عليهِ نَحوَ خَمسِ لَيالٍ، ثم اجتَمَعُوا فِي المسجِدِ وقالَ أكبرُهُم سِنًّا أبو أُمَيَّةَ بنُ المُغِيرةِ: يا معشَرَ قريشٍ، اجعَلُوا بينَكُم فيمَا تختَلِفُونَ فيهِ أوَّلَ مَن يدخُلُ مِن بابِ هذَا المَسجِدِ يقضِي بينَكُم، فرَضُوا، فكان أَوَّلُ داخِلٍ رَسُولَ اللهِ ﷺ، (إِذْ جَاءَ قَالُوا كُلُّهُم رَضِينَا لِوَضْعِهِ مُحَمَّدَ الأَمِينَا): أي فعِندَمَا جاءَ سيدنَا محمدٌ رسولُ اللهِ ﷺ فرِحُوا واستبشَرُوا وقالُوا هذا الأَمِينُ رضينَا بهِ، فحَكَم بَينَهُم ﷺ، (فَحُطَّ فِي ثَوْبٍ وَقَالَ يَرْفَعُ كُلُّ قَبِيلٍ طَرَفًا فَرَفَعُوا): عِندَمَا قَصُّوا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ قِصَّةَ النِّزَاعِ وَالخِلَافِ وطَلَبُوا مِنهُ الحُكمَ بَينَهُم طَلَبَ مِنهُم ثَوبًا، ثُمَّ وضَعَ فيهِ الحَجَرَ الأسوَدَ، وقال لَهُمُ: ارفَعُوا الثَّوبَ جمِيعًا وفِيه الحَجَرُ، (ثُمَّتَ أَوْدَعَ الأَمِينُ الْحَجَرَا مَكَانَهُ): أي فَلَمَّا بَلَغُوا بِه مَحَلَّه أخَذَه ﷺ بِيَدِه الشَّرِيفةِ ووَضَعَه مكانِهِ، (وَقَدْ رَضُوا بِمَا جَرَى): أي ورَضُوا مِن سيدِنَا محمدٍ ﷺ هذَا الحُكمَ، وكانَ ذلِكَ يومَ الاثْنَينِ، عامَ خَمْسٍ وَثلاثِينَ مِن مَولِدِهِ الشَّرِيفِ الزَّكِيِّ، وَهَذَا مِن عَظِيمِ ذكائِهِ وحِنكَتِهِ وحِكمَتِهِ وفِطنَتِهِ، حيثُ صَرَفَهُم عَنِ الِاقتِتَالِ وسَفكِ الدِّمَاءِ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ.

ولمَّا وَضَعَ رسولُ اللهِ ﷺ الركنَ، ذهبَ رَجُلٌ من أهلِ نجدٍ ليُنَاوِلَ النبيَّ ﷺ حَجَرًا يَشُدُّ بهِ الرُّكنَ، فقَالَ العَبَّاسُ: لَا، ونَاوَلَ العَبَّاسُ رَسُولَ اللهِ ﷺ حجَرًا فشَدَّ بهِ الرُّكنَ، فغَضِبَ النَّجدِيُّ وقال: واعجَبًا لقومٍ أهلِ شرَفٍ وعُقُولٍ وأَموَالٍ، عمَدُوا إِلَى رَجُلٍ هو أصغَرُهُم سِنًّا وأَقَلُّهُم مَالًا، فرأَّسُوهُ علَيهِم فِي مَكرُمَتِهِم وحِرزِهِم كأَنَّهُم خدَمٌ لَهُ، أمَا وَاللهِ ليُفَرِّقَنَّهُم شِيَعًا، ولَيَقسِمَنَّ بينَهُم حُظُوظًا وَجُدُودًا، وَيُقَالُ إِنَّهُ إبلِيسُ عليهِ لَعَنَاتُ اللهِ تَترَى، فَكَادَ يُثِيرُ شَرًّا فِيمَا بَينَهُم ثُمَّ سَكَنُوا.

فائدة: من خصائص ءاية الكرسي
فمن خواصها: أنّ من قرأها دبر كل صلاة لا يمنعه من دخول الجنة إلا الموت. وهذا جاء في حديث رواه النسائي وابن حبان والدارقطني، بل ورد في بعض الرّوايات وكان في ذمة الله، وهو حديث رواه الطبراني. وفي رواية ويموت شهيدًا إن شاء الله، وهو حديث رواه البيهقي.
ومن خواصها: أنّه من أكثر من تلاوتها حفظ من أذى الجن والإنس إن شاء الله، وإذا قرأها عند النوم حفظ من شرّ الشياطين.
ومن خواصها لقضاء الحوائج: أن تقرأ 12 مرة.
وَاللهُ تَعَالَى أَعلَمُ وَأَحكَمُ وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

دعاء
إِلَهِي دعَوتُكَ وأنتَ الكرِيمُ كمَا مننَتَ علينَا بالأَسبَابِ المبَلِّغَةِ إلى هذَا الخَيرِ العمِيمِ وعرَّفتَنَا بدايَتَهُ ونهَايَتَهُ ورزَقتَنَا التَّصدِيقَ بفَضلِكَ بمَا بهِ أخبرتَنَا أَن تُعِينَنَا عَلَى مَا فِيهِ رِضَاكَ وَدَوَامُهُ فِي الدارَينِ علَينَا بلَا مِحنَةٍ، وأتوسَّلُ إليكَ بِجَاهِ رَسُولِكَ وَمَنِ اصطَفَيتَهُ والمقَامِ المحمودِ الذِي وعدتَهُ أن تُنعِمَ علينَا بمَا فيهِ رغبَتُنَا وأن تُنعِمَ علينَا بالشُّكرِ لِمَا بهِ نعمَاؤُكَ، وأَن تَجعَلَهَا رحمَةً لنَا ولِوَالِدِينَا ولِمُعَلِّمِينَا ولِمَن تَعَلَّمَ مِنَّا ولِمَنِ استَمَعَ لِمَا بهِ فتَحْتَ علينَا ابتِغَاءَ مَرضَاتِكَ وَتَصدِيقًا لِمَا بِهِ عَنِ الصَّادِقِ الكَرِيمِ أَخبَرتَنَا، وأنْ تُعَرِّفَنَا جمِيعًا فِي الدَّارَينِ بَرَكَةَ العِلمِ والشَّرِيعَةِ وَأَن تَحشُرَنَا بحرمَتِهَا في زُمرَةِ عِبَادِكَ المُتَّقِينَ معَ الَّذِينَ أنعَمتَ علَيهِم مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ والشُّهَدَاءِ والصَّالِحِينَ بِرَحمَتِكَ يَا أرحَمَ الرَّاحِمِينَ اللهم إنَّا نَرجُو غُفرَانَكَ وَجُودَكَ وإِحسَانَكَ يَا عَلِيُّ يا عَظِيمُ يَا أرحَمَ الرَّاحِمِينَ ونَسَأَلُكَ أَن تَجعَلَ عَمَلَنَا خَالِصًا لِوَجهِكَ الكَرِيمِ مَقبُولًا بِفَضلِكَ العَمِيمِ قَبُولًا لا يَعقُبُهُ خِزيٌ ولَا تَبدِيلٌ إِنَّكَ وَلِيٌّ حَمِيدٌ.

اللهم يا عليُّ يا عظيم يا حليم يا كريم الطف بالمسلمين في فلسطين اللهم فرج كربهم اللهم ءامن روعاتهم واستر عوراتهم وءامنهم في أوطانهم اللهم اشف مرضاهم وسكن ءالامهم وخفف مصابهم وأنزل السكينة عليهم وأمدهم بأمداد من عندك اللهم أمدهم بجنود لا نراها اللهم اجعلهم من الصابرين الذاكرين الشاكرين اللهم اصرف عنهم بأس الغاصبين ورد الكيد عنهم يا أكرم الأكرمين اللهم عليك باليهود الغاصبين اللهم عليك باليهود الظالمين اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم واجعل دباباتهم وطائراتهم خرابا ووبالا عليهم يا أكرم الأكرمين. اللهم اجعَلنَا مِن عُتَقَاءِ هَذَا الشَّهرِ الكَرِيمِ وَمِنَ المَقبُولِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ وَأَعِنَّا فِيهِ عَلَى الصِّيَامِ وَالقِيَامِ بِجَاهِ سَيِّدِ الأَنَامِ عَلَيهِ أفضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللهم ارزُقنَا رُؤيَةَ لَيلَةِ القَدرِ المُبَارَكَةِ وارزُقنَا فِيهَا دَعوَةً مُجَابَةً يَا رَبَّ العَالَمِينَ يَا اللهُ. تَقَبَّلِ اللهم صِيَامَنَا وَقِيَامَنَا وَدُعَاءَنَا وَارزُقنَا الإِخلَاصَ فِي القَولِ وَالعَمَلِ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.

اللهم اجزِ مَن كَانَ سَبَبًا فِي هَذَا الخَيرِ خَيرَ الجَزَاءِ وَاجزِ مَشَايِخَنَا عَنَّا خَيرَ الجَزَاءِ. اللهم انصُر هَذِهِ الجَمعِيَّةَ عَلَى مَن عَادَاهَا وارفَع رَايَةَ أَهلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ عَلَى أَيدِيهَا وَاجعَلهَا سَبَبًا فِي الخَيرِ لِلعِبَادِ وَالبِلَادِ يَا رَبَّ العَالَمِينَ واجعَلهَا سَبَبًا فِي نُصرَةِ هَذَا الدِّينِ يَا أَرحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللهم ثَبِّتنَا عَلَى الحَقِّ وَثَبِّتِ الحَقَّ بِنَا اللهم ثَبِّتنَا عَلَى الحَقِّ وَثَبِّتِ الحَقَّ بِنَا يَا اللهُ.

وَصَلَّى اللهُ على سيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِهِ وَصَحبِهِ وَسَلَّم، وَءَاخِرُ دَعوَانَا أَنِ الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

 

شاهد أيضاً

شرح دعاء “اللهم إني أسألك من الخير كله” ودلالاته في طلب الجنة والوقاية من النار

المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله الذي أنزلَ على عبده الكتاب ولم يجعل لهُ …