شرح ألفية السيرة النبوية للحافظ زين الدين العراقي (20)

المقدمة

الحَمدُ للهِ الدَّاعِي إِلَى بَابِهِ، المُوَفِّقِ مَن شَاءَ لِصَوَابِهِ، أَنعَمَ بِإِنزَالِ كِتَابِهِ، يَشتَمِلُ عَلَى مُحكَمٍ وَمُتَشَابِه، فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم زَيغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنهُ، وَأَمَّا الرَّاسِخُونَ فِي العِلمِ فَيَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ، أَحمَدُهُ عَلَى الهُدَى وَتَيسِيرِ أَسبَابِهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً أَرجُو بِهَا النَّجَاةَ مِن عِقَابِهِ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ أَكمَلُ النَّاسِ عَملًا فِي ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيهِ وَعَلَى صَاحِبِهِ أَبِي بَكرٍ أَفضَلِ أَصحَابِهِ، وَعَلَى عُمَرَ الَّذِي أَعَزَّ اللهُ بِهِ الدِّينَ وَاستَقَامَتِ الدُّنيَا بِهِ، وَعَلَى عُثمَانَ شَهِيدِ دَارِهِ وَمِحرَابِهِ، وَعَلَى عَلِيٍّ المَشهُورِ بِحَلِّ المُشكِلِ مِنَ العُلُومِ وَكَشفِ نِقَابِهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ وَمَن كَانَ أَولَى بِهِ، أَمَّا بَعدُ:

فقَد وصَلنَا فِي شَرحِنَا لِأَلفِيَّةِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ للحَافِظِ زَينِ الدِّينِ العِرَاقِيِّ إِلَى قَولِهِ رَحِمَهُ اللهُ:

ذكر أحداث السنة الرابعة
‏…………………………….. وَالرَّابِعَه *** بِـئـرُ مَـعُـونَـةٍ بِتِـلـكَ الفَاجِعَه
وَغَـزوُهُ بَـنِـي النَّضِـيـرِ وَجَـلَـوا *** ذَاتُ الرِّقَاعَ بَعدَها كَمَا حَكَوا
وَقَـائِـلٌ فِـيـهَا الصَّـلَاةُ قُصِـرَت *** وَالخَمـرُ حُرِّمَت أَو فِي الَّتِي خَلَت
وَقِـيـلَ فِـيـهَـا ءَايَـةُ التَّـيَـمُّـمِ *** كَذَا صَلَاةُ الخَوفِ مَع خُلفٍ نُمِي
وَقِـيـلَ فِي الخَمـسِ ………………*………………………………………
ذكر أحداث السنة الخامس
………………………… وَفِيهِ نَزَلَت *** ءَايُ الحِجَابِ وَالخُسُوفُ صُلِّيَت
لِقَـمَـرٍ وَفِـيـهِ غَـزوُ الخَـنـدَقِ *** مَـعَ قُرَيظَـةٍ مَـعَ المُصـطَـلِـقِ
عَلَى الصَّـحِـيـحِ وَبِهَا جُـوَيـرِيَـه *** بَـنَـى بِهَا وَالإِفـكُ أَو فِي الآتِـيَـه
وَفِي العامِ الخامِسِ مِن الهِجرةِ نَزَلَت ءاياتُ الحِجَابِ، فعَن أَبِي قِلَابَةَ عَن أَنَسٍ رضي الله عنه قال: أَنَا أَعلَمُ النَّاسِ بِهَذِهِ الآيَةِ ءايَةِ الحِجَابِ، لَمَّا أُهدِيَت زَينَبُ بِنتُ جَحشٍ رَضِيَ الله عَنهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ كَانَت مَعَهُ فِي البَيتِ، صَنَعَ طَعَامًا وَدَعَا القَومَ فَقَعَدُوا يَتَحَدَّثُونَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يَخرُجُ ثُمَّ يَرجِعُ وَهُم قُعُودٌ يَتَحَدَّثُونَ، فَأَنزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ﴾، إلَى قَولِه: ﴿مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾، فَضُرِبَ الحِجَابُ وَقَامَ القَومُ. وَلا نِزاعَ في أنَّ الحُكمَ النازِلَ في ءايَةِ الحِجابِ بتَغطِيةِ الوَجهِ كان خاصًّا بنسَاءِ النبيِّ ﷺ وليسَ عامًّا في جميعِ النِّساءِ، أما نساءُ المؤمنينَ ليسَ عليهِنَّ تغطيةُ الوجهِ، إذ لو لَزِمَ ذلكَ جميعَ النِّساءِ لأَمَرَ النبِيُّ ﷺ الخَثعَمِيَّةَ التِي جاءَتهُ فِي حَجَّةِ الودَاعِ وجعَلَ الفضلَ بنَ العباسِ ينظُرُ إليهَا، فلمَّا لَم يَأمُرهَا بِالِاستِتَارِ ولَمَّا صَرَفَ وَجهَ الفَضلِ، دل على أنَّ سَترَ المرأَةِ وجهَهَا ليسَ فرضًا، لإجمَاعِهِم على أنَّ لِلمَرأةِ أن تُبدِيَ وَجهَها في الصلاةِ ويرَاهُ منهَا الغُرَباءُ.

فائدة
مَنْ كانَت لَهُ إِلى الله حَاجَةٌ:

روى الترمذي عَنْ ‌عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ «مَنْ كَانَتْ لَهُ إِلَى اللهِ حَاجَةٌ أَوْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُحْسِنِ الْوُضُوءَ»، ثُمَّ لِيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ لِيُثْنِ عَلَى اللهِ، وَلْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ لِيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، سُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ ‌وَعَزَائِمَ ‌مَغْفِرَتِكَ، وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، لَا تَدَعْ لِي ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ، وَلَا هَمًّا إِلَّا فَرَّجْتَهُ، وَلَا حَاجَةً هِيَ لَكَ رِضًا إِلَّا قَضَيْتَهَا، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

والله تعالى أعلم وأحكم والحمد لله رب العالمين.

دعاء
اللهم طَهِّر قُلُوبَنَا مِنَ النِّفَاقِ، وَأَعمَالَنَا مِنَ الرِّيَاءِ وَأَلسِنَتَنَا مِنَ الكَذِبِ وَأَعيُنَنَا مِنَ الخِيَانَةِ إنَّكَ تَعلَمُ خَائِنَةَ الأَعيُنِ وَمَا تُخفِي الصُّدُورُ، اللهم لا تَجعَلنَا مِنَ الغَافِلينَ، اللهم إنّا نعوذُ بك مِن غلَبةِ الدَّينِ وغلَبةِ العدوِّ وشماتةِ الأعداءِ، اللهم يا اللهُ يا اللهُ أَذهِبِ الضِّيقَ وَالغُمُومَ عَنَّا، وَأَبعِد كَدَرَ الدُّنيَا وَالهُمُومَ عَن قُلُوبِنَا، وحَسِّن بِفَضلِكَ سِيرَتَنا، وَجَمِّل في الدُّنيَا هَيئَتَنَا، وَسَدِّد في الخَيرِ مَسِيرَتَنَا، وَانشُر بَينَ الملائِكَةِ ذِكرَنَا، وَاحفَظ بَينَ الخَلقِ كَرَامَتَنَا، وَعَطِّر بَينَ النَّاسِ سُمعَتَنَا، وَارفَع بَينَ الحُسَّادِ مَهَابَتَنَا، وَإِلى جَنَّاتِ الخُلدِ أَدخِلنَا، وَفي الدَّرجَاتِ العَالِيَةِ أَنزلنَا، وَيَسِّر أُمُورَنَا، وَطَهِّر قُلُوبَنا، وَاحَفَظ فُرُوجَنا، وسَدّد خُطَانا، وَأَلهِمنَا الطَّاعَاتِ فِي مَحيَانَا، وَأَسعدنَا فِي دُنيَانا وَأُخرَانا يا اللهُ يا اللهُ.

اللهم اغفِر لنا وارحَمنا وسامِحنا وتُب علينا وأعتِق رقابَنا ورقابَ والِدِينا وأهلِينا ومشايخِنا وأحبابِنا وأهلِ الحقوقِ علينا، وبلّغنا ليلةَ القَدرِ، اللهم إنّك عفوٌّ كريمٌ تُحِبُّ العفوَ فاعفُ عنّا، اللهم تقبّل منّا الصّلاةَ والصّيامَ والقيامَ والدُّعاءَ، وبارك لنا فيما بقي مِن رمضانَ وأَعِنَّا على الصّلاةِ والصّيامِ والقيامِ وقراءةِ القرآنِ، اللهم استجِب دعاءَنَا يا ذا الجلَالِ والإكرامِ.

اللهم احفظنا منَ الفتَنِ ما ظهرَ منهَا وما بطنَ وجنِّبنَا الفواحِشَ واحفَظنَا منَ الشِّركِ والكُفرِ والفِسقِ والضلالِ. ونسألك اللهم فرجًا قريبًا، وصبرًا جميلًا، ورزقًا واسعًا،

تقبل اللهم منا صالحَ الأعمال وتجاوَز عن تقصيرِنا، وءاتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار وأدخلنا الجنة مع الأبرارِ برحمتك يا عزيزُ يا غفارُ، يا ذا الجلال والإكرام تقبل منَّا.

اللهم إِنَّا نَسأَلُكَ العَفوَ والعَافِيَةَ اللهم إِنَّا نَسأَلُكَ العَفوَ والعَافِيَةَ اللهم إِنَّا نَسأَلُكَ العَفوَ والعَافِيَةَ وحُسنَ الخِتَام اللهم اغفِر لنَا ولِإِخوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ ولا تَجعَل في قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اللهم ارزُقنَا رُؤيَةَ ليلةَ القَدرِ وَارزُقنَا رؤيةَ سيِّدِنا محمَّدٍ عليه الصلاةُ والسَّلام.

اللَّهُمَّ فكَّ أرض غزة وفلسطين منَ اليهودِ الغاصبينَ. اللَّهُمَّ عليكَ باليهودِ المعتدينَ، اللَّهُمَّ زلزلِ الأرضَ تحتَ أقدامِهم وأرِنَا ذُلَّهُم يا ربَّ العالمينَ، اللَّهُمَّ شَتِّتْ شَملَ المعتدينَ وبدِّدْ قوَّتَهم وفَرِّقْ جمعَهم، اللَّهُمَّ الطُفْ بالمسلمينَ وانصرْهُم يا أرحمَ الرَّاحمينَ يا رَبَّ العالمينَ، اللهم مَكِّنِ المسلمينَ مِنْ تحريرِ القدسِ الشّريفِ وأرضِ فلسطينَ وأرض غزة.

وصلى الله على سيدنا محمد سيد المرسلين، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

شاهد أيضاً

شرح دعاء “اللهم إني أسألك من الخير كله” ودلالاته في طلب الجنة والوقاية من النار

المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله الذي أنزلَ على عبده الكتاب ولم يجعل لهُ …