ثم يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجه النبي صلى الله عليه وسلم ويتوسّل به بحق نفسه ويتشفّع به إلى ربه سبحانه وتعالى.
19- بعض الأماكن التي يُستحب زيارتها في المدينة
البقيع:
يُستحب أن يخرج كل يوم إلى البقيع خصوصاً يوم الجمعة ويكون ذلك بعد السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا انتهى إليه قال: “السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم السابقون وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون، اللَّهمّ اغفر لأهل بقيع الغرقد، اللَّهمّ اغفر لنا ولهم”.
ويزور القبور الظاهرة فيه كقبر إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعثمان والعباس، والحسن بن علي، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد وغيرهم، ويختم بقبر صفيّة رضي الله عنها عمّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت في الصحيح في فضل قبور البقيع وزيارتها أحاديث كثيرة.
شهداء أُحد:
ويُستحب أن يزور قبور الشهداء بأحد وأفضله يوم الخميس وابتداؤه بحمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم ويبكر بعد صلاة الصبح بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قُباء:
ويُستحب استحباباً متأكداً أن يأتي مسجد قُباء وهو في يوم السبت أولى، ناوياً التقرب بزيارته والصلاة فيه للحديث الصحيح في كتاب الترمذي وغيره عن أُسيد بن ظهير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “صلاة في قُباء كعمرة”، وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قُباء راكباً وماشياً فيصلي فيه ركعتين”، وفي رواية صحيحة: “كان يأتيه كل سبت”.
بئر أريس:
يُستحب أن يأتي بئر أريس التي رُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم تفل فيها وهي عند مسجد قٌباء فيشرب من مائها ويتوضأ منه.
بقية المشاهد:
يُستحب أن يأتي ما بقي من المشاهد بالمدينة وكانت نحو ثلاثين موضعاً يعرفها أهل المدينة فليقصد ما قدر عليه منها وكذا يأتي الآبار التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ منها ويغتسل، فيشرب ويتوضأ وهي سبعة ءابار.
الخروج من المدينة:
وإذا أراد الحاج أو المعتمر الخروج من المدينة والسفر استُحب له أن يأتي القبر الشريف فيسلّم كما سلّم أولاً، ويعيد الدعاء، ويودّع النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: “اللَّهمّ لا تجعل هذا ءاخر العهد بحرم رسولك صلى الله عليه وسلم، ويسّر ليَ العَوْد إلى الحرمين سبيلاً سهلةً بمنّك وفضلك، وارزقني العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ورُدَّنا سالمين غانمين إلى أوطاننا ءامنين”.
20- جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم
جواز التوسّل بالنبي عليه الصلاة والسلام:
قد يغتنم زائر النبي صلى الله عليه وسلم الفرصة ويتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو على بعد خطوات منه عليه الصلاة والسلام، وقد يواجه المتوسل بمن يمنع هذا التوسل أو يصفه بالشرك من عند نفسه بلا دليل ولا برهان، لذلك فقد وجدنا لزيادة الفائدة أن نلحق بهذه الحلقات هذا الفصل الذي نبين فيه جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد مماته، وأنه ليس شركاً ولا حراماً ولا بدعة.
إعلم أخي المسلم أنه لا دليل حقيقي يدل على عدم جواز التوسل بالأنبياء في حال الغيبة أو بعد وفاتهم بدعوى أن ذلك عبادة لغير اللّه، لأنه ليس عبادة لغير اللّه مجرد النداء لحي أو ميت، ولا مجرد الاستغاثة بغير اللّه، ولا مجرد قصد قبر نبي للتبرك، ولا مجرد طلب ما لم تجر به العادة بين الناس، ولا مجرد صيغة الاستعانة بغير اللّه تعالى.
فهذه الأمور لا ينطبق عليها تعريف العبادة عند اللغويين، لأن العبادة عندهم: “الطاعة مع الخضوع”، قال الأزهري الذي هو أحد كبار اللغويين نقلاً عن الزجاج الذي هو من أشهرهم: “العبادة في لغة العرب الطاعة مع الخضوع”، وقال مثله الفراء، وقال بعضهم: “العبادة أقصى غاية الخشوع والخضوع”، وقال بعضٌ: “نهاية التذلل”.
فكيف يقول بعض من لا حظ له من العلم إن الذي يتوسّل بالنبي صلى الله عليه وسلم صار مُشركاً لأنه عبد غير الله، وقد بيّنا أن العبادة هي غاية الخضوع والخشوع، ولا نعتقد بأحد مِنَ المسلمين الذين يتوسّلون بالنبيّ صلى الله عليه وسلم أنهم يعبدونه أو يعتقدون أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يضر وينفع على الحقيقة، بل الذي نعتقده فيهم أنهم يدينون لله بأنه هو الضّار والنافع على الحقيقة وإنما يتوسّلون بالنبي صلى الله عليه وسلم لمقامه عند الله عز وجل، وهذا هو الذي فهمه الصحابة والسلف الصالح من التوسل لذلك كانوا يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم وأخذ علماء الخلف منهم جواز التوسّل.
فالذي يدعو الله بجاه محمد فهذا القول جائز ليس شركاً، فلا تلتفت أخي المسلم لمن يرمون الناس بالشرك لأنهم يدعون الله بجاه محمد، وإليك الأدلة على ما نقول: