دليل الحاج والمعتمر

ويُستحبّ أن يكون مُفطراً فلا يصوم وأن يكون حاضر القلب فارغاً من الأمور الشاغلة عن الدعاء، وينبغي أن يُقدم قضاء أشغاله قبل الزوال ويتفرغ بظاهره وباطنه عن جميع العلائق.

ويُستحبّ أن يُكثر من الدعاء والتهليل وقراءة القرءان فهذه وظيفة هذا الموضع المبارك ولا يُقصّر في ذلك، ويُكثر الذكر والدعاء قائماً وقاعداً ويرفع يديه في الدعاء ولا يجاوز بهما رأسه، ولا يتكلف السجع في الدعاء، ويُستحب أن يخفض صوته بالدعاء، ويُكره الإفراط في رفع الصوت، وينبغي أن يُكثر من التضرّع فيه والخشوع فيه وإظهار الضعف والافتقار والذلة، ويُلحّ في الدعاء ولا يستبطىء الإجابة بل يكون قوي الرجاء للإجابة، ويكرر كل دعاء ثلاثاً، ويفتتح دعاءه بالتحميد والتمجيد لله تعالى والتسبيح والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويختمه بمثل ذلك، وليختم دعاءه بآمين.

ويُستحب أن يُكثر من التلبية رافعاً بها صوته، وينبغي أن يأتي بهذه الأنواع كلها فتارة يدعو وتارة يهلل وتارة يكبر وتارة يلبّي وتارة يُصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم وتارة يستغفر.

وليدعُ لنفسه ووالديه وأقاربه وشيوخه وأصحابه وأحبابه وأصدقائه وسائر من أحسن إليه وسائر المسلمين، وليحذر كل الحذر من التقصير في ذلك فإن هذا اليوم لا يمكن تَداركه بخلاف غيره، وليكثر من البكاء مع الذكر والدعاء فهناك تُسكب العبرات وتُستقال العثرات وتُرجى الطلبات، وإنه لمجمع عظيم وموقف جسيم يجتمع فيه خِيار عباد الله المخلصين وخواصّه المقربين وهو أعظم مجامع الدنيا، وقيل: إذا وافق يوم عرفة يوم جمعة غُفر لكل أهل الموقف.

ومن الأدعية المختارة: “اللهم ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار، اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرةً من عندك تُصلح بها شأني في الدارين، وارحمني رحمةً منك أَسعَدُ بها في الدارين، وتُبْ عليَّ توبةً نصوحا لا أنكثها أبداً، وألزمني سبيل الاستقامة لا أزيغُ عنها أبداً، اللهم انقلني من ذلّ المعصية إلى عزّ الطاعة، وأغنني بحلالك عن حرامك وبطاعتك عن معصيتك وبفضلِك عمن سواك، ونوّر قلبي وقبري وأعذني من الشرّ كلّه واجمع لي الخير كله، أستودعك ديني وأمانتي وقلبي وبدني وخواتيمَ عملي وجميع ما أنعمتَ به عليّ وعلى جميع أحبّائي والمسلمين جميعاً”.

ولتحذر أخي المسلم من المخاصمة والمشاتمة والمنافرة والكلام القبيح، واحترز غاية الاحتراز من احتقار من تراه رثّ الهيئة أو مقصّراً في شىء غير واجب.

تنبيه: ما اشتُهِر عند العوام من الاعتناء بالوقوف على جبل الرحمة الذي بوسط عرفات وترجيحهم له على غيره من أرض عرفات حتى ربما توهّم كثيرٌ من جهلتهم أنه لا يصِح الوقوف إلا به فخطأ مخالف للسنة.

9- المبيت بمزدلفة

المبيت بمزدلفة: وهو سنة على قول في المذهب الشافعي، واجب على قول ءاخر:

ثم يرحل الحاج من عرفات إلى مُزدلفة (وهي أرض ما بين مِنى وعرفات) مُلبّياً، فإذا وصل مزدلفة باتَ، ويُستحبّ أن يغتسل في مُزدلفة بالليل للوقوف بالمشعر الحرام وللعيد، والمشعر الحرام هو قُزَح، جبلٌ صغير ءاخر المزدلفة.

وليعتنِ الحاضر بها بإحيائها بالعبادة من الصلاة والتلاوة والذكر والدعاء والتضرّع ويتأهب بعد نصف الليل.

10- رمي الجمار

التقاط الجمار:

ويأخذ من المزدلفة حصى الجِمار لجمرة العقبة يوم النحر (ويوم النحر هو العاشر من ذي الحجة)، وهي سبع حصيات والاحتياط أن يزيد فربما سقط منها شىء.

ومن أراد المبيت بمنى ليلة الثالث من أيام التشريق (ثالث أيام التشريق هو الثالث عشر من ذي الحجة) يلتقط ثلاثةً وستين حصاةً من مزدلفة، ومن أراد الخروج من مِنى قبل غروب شمس اليوم الثاني من أيام التشريق (الثاني عشر من ذي الحجة) يلتقط اثنتين وأربعين حصاةً، ويكون الحصى صغاراً نحو حبة الباقلاء.

فإذا وصل الحاج المشعر الحرام صعده إن أمكنه وإلا وقف عنده أو تحته، ويقف مستقبلاً الكعبة فيدعو ويحمد الله تعالى ويكبره ويهلله ويوحّده ويكثر من التلبية.

ويُستحب أن يقول: “اللهم كما أوقفتنا فيه وأريْتنا إيّاه فوفّقنا لذِكرك كما هديْتنا واغفر لنا وارحمنا كما وعدتّنا بقولك وقولك الحق: “فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” (البقرة/198-199)، ويُكثر من قول: “اللهمّ ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار”، ويدعوا بما أحبّ ويختار الدعوات الجامعة وبالأمور المهمة ويكرر دعواته.

رمي الجمار (10-13 ذو الحجة) : وهو واجب:

شاهد أيضاً

التسوية بين الزوجات

ننتقل الآن للكلام على القَسْم بين الزوجات. والتسويةُ فى القسم بالنسبة للمبيت واجبةٌ بين الزوجات. …