دليل الحاج والمعتمر

على من أراد الإحرام: أن يتجرّد عن كل الملبوس الذي يحرُم لبسه للمحرم وهو المُحيط بخياطة حتى اللباس الداخلي، ويغتسل غُسل الإحرام وهذا سُنّة، ويُسن له كذلك التطيب في البدن دون الثوب وذلك قبل الإحرام، ويلبس الرجل إزاراً ورداءً والأفضل أن يكونا أبيضين جديدين أو نظيفين، وتلبس المرأة ما يستُر جسدها مع كشف الوجه والكفين ولو كان مَخيطاً.

ويُسنّ له أن يُصلي ركعتين يقرأ فيهما سورتي الكافرون والإخلاص، ثم يستقبل القبلة ويقول في نفسه: “دخلت في عمل الحج”، فيكون بذلك قد أحرم أي دخل في النُّسُك، ثم يقول بلسانه: “لبّيك اللهمّ بحج”، ويُسنّ للرجل أن يجهر بالتلبية وللمرأة أن تخفض صوتها قائلين: “لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك”.

ويُستحبّ أن يُصلّيَ على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التلبية، ويسأل الله رضوانه والجنة، ويستعيذ بالله من النار، ثم يدعو بما أحبّ لنفسه ولمن أحب، ويُستحب الإكثار من التلبية، ويُسنّ للحاجّ إذا رأى ما يُعجبه أو يكرهه أن يقول: “لبّيك إن العيشَ عيشُ الآخرة”.

5- دخول مكة

فإذا بلغ مكة اغتسل بذي طُوى، ويُسنّ دخول مكّة قبل عرفة من كَداء، ثم إذا بلغ الحرم يُستحبّ أن يقول: “اللهمّ هذا حرَمك وأمنك فحرِّمني على النار وءامنِّي عذابك يوم تَبعث عبادَك واجعلني مِنْ أوليائك وأهل طاعتِك”.

وينبغي أن يتحفَّظَ في دخوله من إيذاء الناس في الزحمة ويتلطّف بمن يُزاحمه، ويلحَظ بقلبه جلالة البُقعة التي هو فيها والتي هو متوجه إليها ويُمهّد عُذراً لمن يزاحمه.

ويُستحبُّ إذا وقع بصره على البيت العتيق أن يرفع يديه ويقول: “اللهمّ زد هذا البيت تشريفاً وتعظيماً وتكريماً ومهابةً وزد مَن شرَّفه وعظَّمه ممن حجّه أو اعتمرَه تشريفاً وتكريماً وتعظيماً وبِرّاً”، ويضيف إليه “اللهمّ أنت السلام ومنك السلام فحيّنا ربّنا بالسلام”، ويدعو بما أحبّ من مهمّات الآخرة والدنيا، وأهمّها سؤال المغفرة لأنه ورد أنه يُستجاب دعاء المسلم عند رؤية الكعبة.

والدخول من باب بني شيبة مُستحب لكل قادم من أي جهة كان بلا خلاف، ويدخل المسجد برجله اليمنى ويقول: “أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم بسم الله والحمد لله، اللهمّ صلِّ على محمّد وعلى ءاله وسلّم، اللهمّ اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك”.

6- طواف القدوم

وهو سنةٌ من سُنن الحج بَدَل تحية المسجد، فيستحب للحاج أن لا يُعرّج ساعة دخوله على استئجار بيت أو حط قماش ولا شىء ءاخر قبل الطواف، ويقف بعض الرفقة عند المتاع حتى يطوفوا ثم يرجعوا إلى متاعهم وإلى استئجار المنزل.

كيفية الطواف:

إذا دخل المسجد فليقصد الحجر الأسود، ويُستحبّ أن يستقبل الحجر الأسود بوجهه ويدنو منه بشرط أن لا يؤذي أحداً بالمزاحمة فيستلمه ثم يُقبّله، ويضع جبهته عليه ويكرر ذلك ثلاثاً مع التقبيل.

ويُشترط للطواف الطهارة من الجنابة والحيض والنفاس ومن الحدث الأصغر ومن النجاسة التي لا يُعفى عنها في الثوب، ويشترط أيضاً ستر العورة.

ثم يبتدىء الطواف ويقطع التلبية في الطواف ويُستحبُّ أن يقول عند ابتدائه: “بسم الله، الله أكبر اللهمّ إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاءً بعهدك واتّباعاً لسنّة نبيّك محمد صلى الله عليه وسلم”.

والطواف بالبيت سبع مرات، يبدأ الحاج بالحجر الأسود وتكون الكعبة عن يسار الطائف بجميع طوافه، فلو تَحَوَّل صدره بحيث صارت الكعبة مواجِهةً له أو خلفه بسبب الزحمة وَجَبَ عليه أن يعود إلى المكان الذي تحوّل صدره عنه ويُتمّ طوافه، وإن لم يستطِع الرجوع أتى بشوط بدله، ولو تلفّت برأسه لم يَضُر، ولو شكّ في العدد أخذ بالأقل كالصلاة.

ويُستحبّ أن يضطبع مع دخوله في الطواف فإن اضطبع قبله بقليل فلا بأس، والاضطباع هو تغطية الكتف الأيسر وكشف الأيمن، ويُستحب له أيضاً الرّمَل وهو الإسراع في المشي مع تقارُب الخُطا دون الوُثوب والعَدْوِ ويُقال له الخَبَب ويقول فيه: “اللهمّ اجعله حجّاً مبروراً وذنباً مغفوراً وسعياً مشكوراً”، والرَّمَل مُستحبٌّ في الطوفات الثلاث الأولى ويُسن المشي على الهيْنة في الأربع الأخيرة ويقول فيها: “اللهمّ اغفِر وارحمْ واعْفُ عمّا تعلمْ وأنت الأعزُّ الأكرمْ، اللهمّ ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار”.

ويُستحبّ كذلك استلام الحجر الأسود وتقبيله واستلام اليماني وتقبيل اليد بعده عند محاذاتهما في كل طَوْفة وهو في الأوتار ءاكد لأنهما أفضل، فإن منعته الزحمة من التقبيل اقتصر على الاستلام، فإن لم يُمكنه أَشارَ بيده أو بشىء في يده ثم يُقبّل ما أشار به ولا يشير بالفم إلى التقبيل، ولا يُستحب للنساء استلامٌ ولا تقبيلٌ إلا عند خُلُو المطاف.

ويُستحبّ أن يُكثر في طوافه بين الحجر الأسود إلى أن يصل إلى الركن اليماني من قول: “سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر”.

فإذا فرغ من الطواف صلّى ركعتي الطواف وهما سنة مؤكدة، والسنة أن يصليهما خلف المقام، فإن لم يصلهما خلف المقام لزحمةٍ أو غيرها صلاهما في الحِجر، فإن لم يفعل ففي المسجد، وإلا ففي الحرَم، وإلا فخارج الحرم، ولا يتعيّن لهما مكان أو زمان بل يجوز أن يُصليهما بعد رجوعه إلى وطنه.

7- الخروج إلى منى

الخروج إلى مِنى 8 ذو الحجّة: وهو سنة:

والسُّنة أن يخرُج إلى مِنى يوم الثامن من ذي الحِجّة، فيبيت فيها ويُصلي فيها خمس صلوات ءاخرها صُبح يوم عَرفة (9 ذو الحجّة)، ثم يذهب بعد إشراق شمس ذلك اليوم إلى نَمِرة وهي ملاصقة لعرفة، ويغتسل فيها ويمكث فيها إلى أن تزول الشمس، ثم ينتقل من نَمِرة إلى المسجد الذي هو جزءٌ منه مِن عرفة وجزءٌ منه ليس منها، ويصلي فيه الظهر والعصر جمع تقديم، فلا يدخل عرفات إلا بعد الزوال والصلاتين.

8- الوقوف بعرفة

الوقوف بعرفة (9 ذو الحجّة): وهو ركن:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الحج عرفة”، رواه أحمد وأصحاب السنن، فالوقوف في عرفة ركنٌ من أركان الحجّ.

يتوجّه الحُجّاج إلى عرفة وهو جبل معروف هناك، واستحسن بعض العلماء أن يقول في مسيره لعرفة: “اللَّهمّ إليك توجّهت ولوجهك الكريم أردتُ، فاجعل ذنبي مغفوراً وحجي مبروراً وارحمني ولا تُخيّبني إنك على كل شىء قدير”، ويُكثر من التلبية.

ووقت الوقوف بعرفة من زوال يوم التاسع من ذي الحجة إلى طلوع فجر اليوم العاشر من ذي الحجة وهو يوم عيد الأضحى، ويحصل الفرض بالوقوف ولو لحظة في ذلك الوقت، والأفضل أن يجمع بين الليل والنهار فيدخل بعد الزوال وبعد أن يصلي الظهر والعصر جمع تقديم ولا يخرج منها قبل المغرب، والأفضل للرجال أن يقفوا في موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصخرات الكبار المُفترِشة أسفل جبل الرحمة، وللنساء حاشية الموقف حتى لا يُزاحمنَ الرجال.

والأفضل أن يكون مُستقبلاً للقبلة مُتطهراً ساتراً عورته، فلو وقف مُحدِثاً أو جُنُباً أو حائضاً أو عليه نجاسة أو مكشوف العورة صحّ وقوفه ولكن فاتته الفضيلة.

شاهد أيضاً

التسوية بين الزوجات

ننتقل الآن للكلام على القَسْم بين الزوجات. والتسويةُ فى القسم بالنسبة للمبيت واجبةٌ بين الزوجات. …