الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على نبي الهدى محمد المبعوث إلى كافة الورى، وعلى ءاله وصحبه المقتفين ءاثار النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم .يقولُ اللهُ تبارك وتعالى في القرءانِ الكريم: ﴿كلُّ نفسٍ ذائقةُ الموتِ وإنما توفَّونَ أجورَكم يومَ القيامة فمن زُحزِحَ عنِ النارِ وأُدخِلَ الجنةَ فقد فازَ وما الحياةُ الدنيا إلا متاعُ الغُرور﴾.ما أحلى الحياةَ على التقوى والإيمانِ وما أمرَّها مع الكفرِ والهلاكِ والخسرانِ، ما أحلى الحياةَ على التقوى والاعتزازِ بالإسلام، وما امرَّها مع الكفرِ والذُّلِّ والهوان. كتبَ اللهُ الموتَ على كل ذي نفسٍ مخلوقةٍ، كتبَ اللهُ الموتَ على كلٍّ منا فالقبرُ بابٌ وكلٌّ منَّا داخِلُه. القبرُ بابٌ وقد حُمِلَ إليهِ أسلافُنا وسيأتي يومٌ نكونُ على الأكتافِ محمولينَ نُساقُ إلى المقابرِ بلا إرادةٍ منا فهَلْ من حضَّرَ نفسَه وتهيَّأَ لِما بعدَ الموت. الموتُ يأتي بغتةً، سواء على فراشِ الموتِ صحيحاً معافىً أم كنتَ مضرّبا بالسيوفِ وغيرِها من أسبابِ الموتِ والقتلِ.أيها المسلمون، عزرائيلُ لا يستَأْذِنُ على قويٍ ولا صحيحٍ ولا معافىً ولا يترَيَّثُ لجاهِ وجيهٍ ولا لِغنَى غنِيٍّ وكذلك لا يستَمْهِلُ طِفلاً ولا صبِيًّا. ليسَ مقصورًا وظيفتُه على مريضٍ وعاجزٍ ومن أثقلَ كاهلَهُ التَّعَبُ، فمنْ مِنَّا عَمِلَ لِما بعدَ الموتِ، هذا الذي ينفعُنا وكلُّنا يعلمُ أن لا مفَرَّ منَ الموتِ ومن منا لم يرَ من ماتَ إما بالمرضِ أو بغيرِه من أسبابِ الموتِ، وها نحنُ نمضِي أيامَنا قلقِينَ على أنفسِنا وأهلينا وأولادِنا وأحبابِنا خائفينَ من سوء المنقلبِ ننتظِرُ الرحمةَ منَ اللهِ العليِّ العزيزِ التوّابِ الغفّارِ أن يغفِرَ لنا ويلهِمَنا التوبةَ من الذنوبِ والمعاصي والآثامِ لنموتَ على التَّقوى أعزاءَ بالإيمان.لياليكَ تفنى والذنوبُ كثيرةٌ وعمرُك يَبْلى والزمانُ جديدُوتحسبُ أنَّ النقصَ فيكَ زيادةٌ وأنت على النُّقصانِ حينَ تزيد ُهذا حالُ من لم يتزَوَّدْ بالتَّقوى، أما الذينَ تزوَّدُوا بالتَّقْوى فإنَّهم حينَما يأتيهِم ملكُ الموتِ تذهبُ عنهم تلكَ الكراهيةُ التي كانوا يجدونَها في الدُّنيا حينَما يبَشِّرُهُم ملكُ الموتِ برحمةِ اللهِ ورضوانِه. فمِنَ الآنَ لِيُوَطِّدْ كلٌّ منا نفسَهُ على الإقبالِ على الطاعاتِ والتزودِ بالتقوى لما بعد الموتِ.ومن يكن همُّهُ الدنيا ليجمعَها فسوفَ يومًا على رغمٍ يُخلِّيها لا تشبعُ النفسُ من دنيا تجمعُها وبُلغةٌ من قوامِ العيشِ تَكفيهالا دارَ للمرءِ بعدَ الموتِ يسكنُها إلا التي كانَ قبلَ الموتِ يبنِيهافإن بناها بخيرٍ طابَ مسكنُه ومن بناها بشرٍ خابَ بانيها فاغرِسْ أصولَ التُّقى ما عِشتَ مُجتهِداً واعلم بأنَّكَ بعدَ الموتِ تَجنِيهافاطرُقْ بابَ التوبةِ قبلَ أن يفاجِئَكَ الموتُ وحسِّنِ العملَ قبلَ انقضاءِ الأجل.
