الحمد لله العلي الأكرم، الذي علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المشرّف المكرم، المبعوث رحمة ومبشرًا لهذه الأمة، وعلى ءاله وصحبه حماة الدين وأولي الشرف والكرم.
اعلموا أن الله عزّ وجلّ قال في كتابه الكريم: ﴿سَنُرِيهِمْ ءَايَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ﴾.
فالله تعالى أخبرنا في كتابه العزيز وعلى لسان نبيّه الكريم منذ نحو 1400 سنة بأشياء وأشياء ما زال العلماء الكونيين في الدنيا حتى الآن بعد تجارب واختبارات كثيرة يشهدون على ثبوتها وذلك في كافة المجالات، فمن ذلك ما أثبتته الكيميائية المعروفة بمدام كوري عام 1910 أنّ الذّرّة تنشطر وتتولّد منها طاقة وهدمت بذلك نظريات كانت قائمة لأكثر من الألفين من السنين عند علماء المادّة، واستفاد من هذا الكيميائيّون وصنعوا القنبلة النّوويّة وأثبتوا بعد مراقبة انفجار القنبلة أنّ النّار بـ 5000 فهرانهايت حمراء وبـ 12500 فهرانهايت وما فوق بيضاء وبمليون فهرانهايت سوداء.
ومحمد رسول الله النّبيّ العربيّ الأمّيّ يقول منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا: “أُوقِدَ عَلَى النَّارِ أَلْفَ عَامٍ حَتَّى احْمَرَّتْ وَأَلْفَ عَامٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ وَأَلْفَ عَامٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ فَهِيَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ”.
وهناك المزيد… وقد أثبت الطبّ الجنينيّ أنّ الجنين يُحفَظُ في بطن أمّه من وصول النّور إليه بواسطة أغشية ثلاثةٍ وتشكّل هذه الأغشية الثلاثة ثلاث طبقات مظلمة تمنع وصول النّور إلى الجنين، هذه الأغشية تسمّى السَّاقِطُ والأَمِينُوسِيُ والْكُورْيُونِيُّ، وهي عُرفت بواسطة أجهزة مخبرية متطوّرة، فهل كانت هذه الأجهزة في زمن محمّد صلّى الله عليه وسلّم؟ لا، وحتى قبل 70 عامًا لم تكن هذه الأشياء معروفة، وقد قال الله تعالى في القرءان: ﴿يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ﴾.
وهناك المزيد مما لا يسع ذكره في مجلّدات… فترى أنّ هذا الدّين يرعى الحضارة مذّ كانت… فأيّ عبقريّ يصل إلى هذه الحقائق؟ فهذا شاهد لثبوت الحديث والقرءان، وأنّ النّبيّ محمّدًا نبيّ يتلقّى الوحي من الله ليس رجلاً يدعو النّاس إلى فكرته، بعض النّاس يقولون: محمّد عبقريّ ليس نبيًّا كذبوا في قولهم ليس نبيًّا فأيّ عبقريّ يصل إلى هذه الحقائق؟ بل هو نبيّ صادق في كلّ ما أخبر به وبلّغه عن الله، ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى﴾.
فمن أصول الاعتقاد التصديق بأنّ محمّدًا صلى الله عليه وسلم مرسل من عند الله إلى كافّة العالمين من إنس وجنّ، وأنّه صادق في كلّ ما بلّغه عن الله تعالى سواء كان من أخبار مَن قبله من الأمم والأنبياء وبدءِ الخَلْقِ، أو من التحليل أو التحريم لبعض أفعال وأقوال العباد، أو ممّا أخبر به ممّا يحدث في المستقبل في الدّنيا والآخرة، فمن ذلك:
الإيمان بعذاب القبر ونعيمِه، وسؤال الملَكين منكر ونكير للمؤمن والكافر في القبر، والإيمان بالبعث أي خروج النّاس من قبورهم بعد عود الجسد كما كان في الدنيا وعود الروح إليه، وأنّ النّاس يحشرون يوم القيامة للحساب فتوزن أعمالهم إما لهم أو عليهم، وأنّهم يجازون على أعمالهم فيمرّون على الصراط، ففريق يدخلون الجنّة بلا عذاب وهم المؤمنون الأتقياء وبعض عصاة المسلمين الذين عفا الله عنهم ونجّاهم من النّار، وفريق يدخلون الجنّة بعد أن يعذّبوا في النّار برهة من الزمن وهم بعض عصاة المسلمين الذين ماتوا من غير توبة مِمّن شاء الله لهم العذاب في النّار على ذنوبهم، وفريق يدخلون النّار ويخلدون فيها وهم من ماتوا وهم متلبّسون بنوع من أنواع الكفر. ويجب الاعتقاد أن المؤمنين بعد عبورهم الصراط يشربون من حوض لا يصيبهم بعد ذلك ظمأ، وأن الجنّة دار نعيم يخلد أهلها فيها لا يصيبهم نصب ولا نكد ولا هرم، ولا بغضاء فيها ولا شحناء، وأن النّار دار عذاب يخلد فيها الكافرون فلا يخفّف عنهم من عذابها وما هم بخارجين منها أبدًا إلى ما لا نهاية له.
هذا بعض ما أخبر به نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم من أصول العقيدة ممّا فرض الله علينا معرفته، فيا طالب الآخرة عليك بسلوك مسالكها وذلك بطلب علم الدّين والعمل بما فرض الله عليك من أداء الواجبات واجتناب المحرمات.