إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله من بعثه الله رحمة للعالمين هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، بلغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمّة فجزاه الله عنّا خير ما جزى نبيًا من أنبيائه، صلوات الله عليه وعلى كل رسول أرسله.
يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: ﴿ولله المثل الأعلى﴾ فله الوصف الذي لا يشبه وصف غيره، وقال: ﴿فلا تضربوا لله الأمثال﴾ فهو الواحد الذي لا شبيه ولا نظير له.
روى الترمذي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة”، إن هذا الحديث فيه بيان أن لله تسعة وتسعين اسمًا من حفظها وفهم معانيها مضمون له الجنة، والله تبارك وتعالى سمى نفسه بأسماء تدل على كماله أوحى بها إلى نبيه صلى الله عليه وسلم فلا يجـوز لنا أن نطلق على الله أسماءً لا تليق به عزّ وجلّ، فقد قال عزّ وجلّ: ﴿ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون﴾، فهذه الآية الكريمة فيها أن أسماء الله تبارك وتعالى كلها تدلّ على الكمال، فلفظ الله معناه من له الألوهيّة، والرحمن الرحيم من له الرحمة، والملك الموصوف بتمام الملك، والقدّوس معناه المنزّه عن النقص كالاحتياج إلى الجهة والمكان، والسلام الذي سلم من كلّ عيب، والمؤمن معناه الذي يصدق وعده ويفي بما ضمنه لعباده، والمهيمن أي الشاهد على خلقه بما يكون منهم من قول أو فعل أو اعتقاد، وهكذا كلّ أسمائه تعالى تدلّ على الكمال. فلا يجوز تحريف اسمٍ من أسماء الله تعالى كما يحصل من بعض من لم يتعلّم كيفية الذكر الصحيح فيقول اللا اللا أو اللـه من غير مدّ اللام، أو عند قول لا إله إلا الله يقول إيلاه أو إلاها بدل إله، فإن أهل الطريقة الصالحون ما كانوا يحرّفون اسم الله تعالى بل كانوا على اعتقاد أن تحريف اسم الله حرام.
وكذلك لا يجوز تسمية الله بأسماء تدل على النقص كما سمّاه بعضهم (ءاه)، مع أن هذا اللفظ وضع للشكاية والتوجع باتفاق اللغويين، ونصّ أهل المذاهب الأربعة أنّ الأنين يبطل الصلاة وءاه من ألفاظ الأنين، وهؤلاء الذين قالوا ءاه اسم من أسماء الله يعتمدون على حديث مكذوب فلا يجوز روايته.
وكذلك لا يجوز أن يسمى الله روحًا أو عقلاً فإن الروح والعقل مخلوقان والله تعالى منزه عن الاتصاف بصفات الخلق، فقد قال الإمام أبو جعفر الطحاوي المتوفّى سنة 322 هـ في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة: “ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر”.
وأسماء الله تعالى بأي لغة كتبت يجب احترامها، فمن وجد اسمًا من أسمائه تعالى على ورقة مرمية في مكان مستقذر وجب عليه رفعها إن قدر على ذلك وأن يزيل القذر عنها فإن تركها يكون ءاثمًا، أما الذي رماها في القاذورات وهو يعلم بما فيها فهو خارج من الدين لأن ذلك الفعل يدل على الاستهزاء والعياذ بالله.
وكذلك من الكفر قول بعضهم (ما العالم إلا القيوم الحي) أي هذا العالم هو الله والله هو هذا العالم على زعمهم، فهؤلاء أهل الوحدة المطلقة، وقد قال الإمام الصوفي أبو بكر بن عربي رحمه الله: “من قال بالحلول فدينه معلول وما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد”.