الحمد لله رب العالمين وسلام الله ورحمته وبركاته على سيدنا محمد وعلى ءاله الطيبين الطاهرين.
يقول الله تبارك وتعالى: ﴿وقل ربّ زدني علما﴾ وقال: ﴿قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾.
عزيزي القارئ إن الإنسان العاقل الفطن هو الذي يستعمل عقله وجوارحه ليحصل على السعادة في الدنيا والآخرة، فيصرف ما أنعم الله عليه في طاعته سبحانه، فيتعلم ما ينفع ويطبق ما تعلم، وما بين العلم والتطبيق دورة يدخل فيها الأستاذ المربي والأسرة. وميدان التطبيق عنينا به المجتمع الذي يعيش فيه ولا بدّ أن يكون الانسجام تاما بين أولئك فإنه يمنع الخلل والاضطراب في نفس الشخص وداخل الأسرة وفي المجتمع. إنّ التربية عنصر من عناصر تقدم الأمة وهو من حيث ممارستها بواسطة مؤسسات مثل الأسرة والمدرسة، متطابقة ومتناسقة مع عقيدة الأمة. وفي الأمة الإسلامية فإن قضايا التربية تنطلق من موضوع رئيسي هو توحيد ربّ العالمين وهو موضوع علمي لأنه قائم على المعرفة المفهومة من قوله تعالى: ﴿فاعلم أنه لا إله إلا الله﴾.
الاهتمام بالتربية والتعليم:
إذن فالإسلام اهتم بالتربية والتعليم اهتماما خاصا، ولا عجب في ذلك، إذ أنّ أول آيات نزلت على قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كانت: ﴿اقرأ باسم ربك الذي خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم.الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم﴾. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: “طلب العلم فريضة على كل مسلم” رواه البيهقي. وقال: “فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم” رواه الترمذي
والمقصود هنا هو العلم الشرعي لأنه العلم المنجي للإنسان في الدنيا والآخرة. ينجيه من الوقوع في مهالك الدنيا ويحصنه من شرها وفتنها إن هو طبق ما تعلم. لذا قال العلماء أنه أول ما يجب على الإنسان معرفة الله تعالى ومعرفة رسوله صلى الله عليه وسلم وفي هذا يقول ابن رسلان:
أول واجب على الإنسان * معرفة الإله باستيقان
تقدم المسلمين في مجالات العلوم:
والإسلام حثّ أيضا على تعلم العلوم الكونية المفيدة لمجتمع المسلمين مثل الطب والهندسة والكيمياء والفيزياء وغير ذلك. لكن وللأسف كثير من الناس يجهلون ذلك مع أن تلك الحقيقة لا ينكرها علماء الغرب أنفسهم، فهذا الخوارزمي ففي الرياضيات الحديثة قسم يعرف باسم (اللوغاريتم) نسبة لاسمه كان قد ألف في الجبر والمقابلة ليستفيد من ذلك علماء الفرائض (الإرث). وهناك غيره الكثير من العلماء المسلمين هذا في الوقت الذي كانت فيه أوروبا غارقة في جهلها وتخلفها تتصارع فيها القبائل المتوحشة التي تشكلت منها حكوماتهم الحديثة فيما بعد. إنّ الأمة الإسلامية كانت تنشر حضارتها في الربوع التي داستها خيول المسلمين، تؤدب تلك الأمم وتهذبها وتنشر العلم بين أهلها. من أبناء هذه الأمة رجال عظام منهم فاتحون يعز على التاريخ أن ينسى أسمهم، وعلماء أفاضل بينوا للأمة أمر دينهم، ومتفننون في مختلف العلوم، كلهم تخرجوا من مدرسة عقيدتها واحدة شعارها لا إله إلا الله محمد رسول الله. رجال ترعرعوا في ظل تربية أعطت للشخصية الإسلامية البعد المطلوب لبناء أمة عريقة وحضارة واسعة.