الأولياء وكراماتهم | الحلقة 3: عمر بن الخطاب وكرامات الأولياء

المقدمة
الْحَمْدُ للهِ مُحْدِثِ الْأَكْوَانِ وَالْأَعْيَانِ، وَمُبْدِعِ الْأَرْكَانِ وَالْأَزْمَانِ، وَمُنْشِئِ الْأَلْبَابِ وَالْأَبْدَانِ، وَمُنْتَخِبِ الْأَحْبَابِ وَالْخِلَّانِ، مُنَوِّرِ أَسْرَارِ الْأَبْرَارِ بِمَا أَوْدَعَهَا مِنَ الْبَرَاهِينِ وَالْعِرْفَانِ، وَمُكَدِّرِ قُلُوبِ الْأَشْرَارِ بِمَا حَرَمَهُمْ مِنَ الْبَصِيرَةِ وَالْإِيقَانِ، الْمُعَبِّرِ عَنْ مَعْرِفَتِهِ الْمَنْطِقُ وَاللِّسَانُ. وَالْمُتَرْجِمِ عَنْ بَرَاهِينِهِ الأَكُفُّ وَالْبَنَانُ، بِالْمُوَافِقِ لِلتَّنْزِيلِ وَالْفُرْقَانِ، وَالْمُطَابِقِ لِلدَّلِيلِ وَالْبَيَانِ، المَوجُودِ أَزَلًا وَأَبَدًا بِلَا كَيفٍ وَلَا زَمَانٍ وَلَا مَكَانٍ، فَأَلْزَمَ الْحُجَّةَ بِالْقَادَةِ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، وَأَبْهَجَ الْمَنْهَجَ بِالسَّادَةِ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ، الَّذِينَ جَعَلَهُمْ خُلَفَاءَ الْأَنْبِيَاءِ، وَعُرَفَاءَ الْأَصْفِيَاءِ. الْمُقَرَّبِينَ إِلَى الرُّتَبِ الرَّفِيعَةِ، وَالْمُنَزَّهِينَ عَنِ النِّسَبِ الْوَضِيعَةِ، وَالْمُؤَيَّدِينَ بِالْمَعْرِفَةِ وَالتَّحْقِيقِ، وَالْمُقَوَّمِينَ بِالْمُتَابَعَةِ وَالتَّصْدِيقِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى مَنْ عَنْهُ بَلَّغَ وَشَرَّعَ وَبِأَمْرِهِ قَامَ وَصَدَعَ، وَلِمُتَّبِعِيهِ غَرَسَ وَزَرَعَ، مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى الْمُتَّبَعِ، وَعَلَى إِخْوَانِهِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ الْمُنْتَخَبِينَ وَسَلَّمَ. أَمَّا بَعْدُ:

إثبات الكرامات وعدم إنكارها
قَالَ الإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ فِي العَقِيدَةِ الطَّحَاوِيَّةِ: وَنُؤْمِنُ بِمَا جَاءَ مِنْ كَرَامَاتِهِمْ وَصَحَّ عَنِ الثِّقَاتِ مِنْ رِوَايَاتِهِم.

مَعنَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ الإِيْـمَانُ بِكَرَامَاتِ الأَوْلِيَاءِ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ الْمُسْتَقِيمُونَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَالْكَرَامَةُ هِيَ أَمْرٌ خَارِقٌ لِلْعَادَةِ تَظْهَرُ عَلَى يَدِ الْمُؤْمِنِ الْمُسْتَقِيمِ بِطَاعَةِ اللهِ. وَتَكُونُ الكَرَامَةُ لِهَذَا الوَلِيِّ مُعجِزَةً لِلنَّبِيِّ الَّذِي اتَّبَعَهُ، فَهِيَ تَصدِيقٌ لِلتَّابِعِ وَهُوَ الوَلِيُّ وَلِلمَتبُوعِ وَهُوَ النَّبِيُّ، فَلَوْ حَصَلَتْ كَرَامَةٌ لِوَلِيٍّ مِنْ أَتبَاعِ سَيِّدِنَا عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ عَلَى دِينِهِ الحَقِّ وَهُوَ دِينُ الإِسلَامِ فَهِيَ كَرَامَةٌ لِهَذَا الوَلِيِّ وَمعجزة لِعِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ، وَكَذَلِكَ لِمَنِ اتَّبَعَ مُوسَى عَلَيهِ السَّلَامُ عَلَى دِينِهِ الحَقِّ وَهُوَ دِينُ الإِسلَامِ فَهِيَ كَرَامَةٌ لِهَذَا الوَلِيِّ وَمعجزة لِمُوسَى عَلَيهِ السَّلَامُ.

فأَهْلُ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ الأَشَاعِرَةُ وَالمَاتُرِيدِيَّةُ يثبتون كَرَامَاتِ الأَولِيَاءِ وَلَا يُنكِرُونَهَا وَمُستَنَدُهُمْ فِي ذَلِكَ القُرآنُ وَالحَدِيثُ الصَّحِيحُ وَالمُشَاهَدُ مِنْ عَجَائِبِ أَحوَالِهِمْ مَعَ اسْتِقَامَتِهِمْ وَمُوَافَقَتِهِمْ لِلشَّرِيعَةِ، فَقَدْ جَاءَ السِّيَاقُ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَالصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالتَّابِعِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ والْخَالِفِينَ لَهُمْ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ فِي كَرَامَةِ أَوْلِيَاءِ اللهِ تَعَالَى وَإِظْهَارِ الْآيَاتِ فِيهِمْ لِيَزْدَادَ الْمُؤْمِنُونَ إِيمَانًا وَالْمُرْتَابُونَ بِهَا خَسَارًا، فَأَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ: ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [آل عمران: ٣٧] فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: وَجَدَ عِنْدَهَا الْفَاكِهَةَ الْغَضَّةَ حِينَ لَا تُوجَدُ الْفَاكِهَةُ عِنْدَ أَحَدٍ فَكَانَ زَكَرِيَّا يَقُولُ: يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا؟ قَالَتْ: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ، إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَرُوِيَ عَنْهُ قَالَ: عِنَبًا فِي مِكْتَلٍ (أَيْ وِعَاءٍ) فِي غَيْرِ حِينِهِ.

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِي الصَّيْفِ، وَفَاكِهَةَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ فَذَكَرَ الْعِنَبَ وَالرُّمَّانَ وَنَحْوَ ذَلِكَ،

وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ [النمل: ٤٠] رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [النمل:٤٠]، قَالَ: آصِفُ كَاتِبُ سُلَيْمَانَ، وَعَنْ قَتَادَةَ، وَالسُّدِّيِّ، وَأَبِي صَالِحٍ: هُوَ مِنَ الإِنسِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ اسْمُهُ آصِفُ. وَكَانَ صِدِّيقًا يَعْلَمُ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ.

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: دَعَا الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ: يَا إِلَهَنَا وَإِلَهَ كُلِّ شَيْءٍ وَاحِدٍ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ائْتِنِي بِعَرْشِهَا فَمَثُلَ لَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ.

وَعَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، كَانَتْ بِالْيَمَنِ وَسُلَيْمَانُ بِالشَّامِ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَكَانَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ”. وَعَنْ قَتَادَةَ: فَعَلِمَتِ الْجِنُّ أَنَّ الْإِنْسَ أَعْلَمُ مِنْهَا.

﴿هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾ [النمل: ٤٠] قَالَ: لَا وَاللهِ مَا جَعَلَهُ فَخْرًا وَلَا بَطَرًا وَلَا أَشَرًا وَلَكِنْ جَعَلَهُ شُكْرًا وَذِكْرًا وَتَوَاضُعًا”.

وَأَمَّا مَا رُوِيَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ فَكَثِيرٌ جِدًّا وَكُنَّا قَدْ تَكَلَّمْنَا فِي ذِكْرِ بَعْضِ الكَرَامَاتِ لِأَفضَلِ أَولِيَاءِ البَشَرِ وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ وَأَرْضَاهُ، وَنُكْمِلُ فِي الكَلَامِ عَنْ كَرَامَاتِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ أَبِي حَفصٍ الفَارُوقِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ وَأَرضَاهُ وَهِيَ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَبَعضُهَا فِي الصَّحِيحَينِ.

من كرامات أمير المؤمنين أبي حفص الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه
أَوَّلًا نَقُولُ: صَحَّ فِيمَا رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَقَدْ كَانَ فِيمَا قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ نَاسٌ مُحَدَّثُونَ، فَإنْ يَكُ في أُمَّتِي أحدٌ فإنَّهُ عُمَرُ».اهـ «محَدَّثُونَ» أيْ مُلهَمُونَ. جَمعُ مُحَدَّثٍ وَهُوَ الذِي يَجرِي الصَّوَابُ عَلَى لِسَانِهِ أَوْ يَخطُرُ بِبَالِهِ الشَّيءُ فَيَكُونُ بِفَضْلٍ مِنَ اللهَ تَعَالَى وَتَوفِيقٍ.

قَالَ القُرطُبِيُّ: الرِّوَايَةُ بِفَتحِ الدَّالِ اسْمُ مَفعُولٍ جَمعُ مُحَدَّثٍ بِالفَتحِ أَيْ مُلْـهَمٌ أَوْ صَادِقُ الظَّنِّ وَهُوَ مَنْ أُلْقِيَ فِي نَفسِهِ شَيءٌ عَلَى وَجهِ الإِلـهَامِ وَالمُكَاشَفَةِ أَوْ مَنْ يَجرِي الصَّوَابُ عَلَى لِسَانِهِ بِلَا قَصدٍ أَوْ تُكَلِّمُهُ المَلَائِكَةُ بِلَا نُبُوَّةٍ أَوْ مَنْ إِذَا رَأَى رَأْيًا أوْ ظَنَّ ظَنًّا أَصَابَ كَأَنَّه حُدَّثَ بِهِ وَأُلْقِىَ فِي رَوْعِهِ فَيَظهَرُ عَلَى نَحوِ مَا وَقَعَ لَـهُ وَهَذِهِ كَرَامَةٌ يُكرِمُ اللهُ بِهَا مَنْ شَاءَ مِنْ صَالِحِ عِبَادِهِ وَهَذِهِ مَنزِلَةٌ جَلِيلَةٌ مِنْ مَنَازِلِ الأَولِيَاءِ.اهـ

وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ عِندَ البَيهَقِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: كُنَّا نُحَدِّثُ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلبِهِ.اهـ

وَعِندَ البَيهَقِيِّ أَيضًا عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: كُنَّا نُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ يَنْطِقُ عَلَى لِسَانِهِ مَلَكٍ.اهـ

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «إِذَا ذُكِرَ عُمَرُ: للهِ تَأَيَّدَ عُمَرُ، لَقَلَّ ‌مَا ‌رَأَيْتُهُ ‌يُحَرِّكُ ‌شَفَتَيْهِ ‌بِشَيْءٍ قَطُّ إِلا كَانَ».اهـ

وفي البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: «مَا سَمِعْتُ عُمَرَ لِشَيْءٍ قَطُّ يَقُولُ: إِنِّي لَأَظُنُّهُ كَذَا، إِلَّا كَانَ كَمَا يَظُنُّ».اهـ

تنبيهه لسارية وجيشه
وَفِي إِثبَاتِ هَذَا مِنَ المَروِيَّاتِ كَثِيرٌ مِنهَا مَا رَوَى البَيهَقِيُّ وَغَيرُهُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ جَيْشًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا يُدْعَى سَارِيَةَ فَبَيْنَمَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَخْطُبُ فَجَعَلَ يَصِيحُ: يَا سَارِيَةُ، الجَبَلَ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ فَكَتَبْتُ تَارِيخَ تِلْكَ الْكَلِمَةِ، فَقَدِمَ رَسُولٌ مِنَ الجَيشِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَقِينَا عَدُوَّنَا فَهَزَمُونَا، فَإِذَا صَائِحٌ يَصِيحُ: يَا سَارِيَة، الجَبَلَ، فَأَسْنَدْنَا ظُهُورَنَا إِلَى الْجَبَلِ فَهَزَمَهُمُ اللهُ، وَظَفِرْنَا بِالغَنَائِمِ العَظِيمَةِ بِبَرَكَةِ ذَلِكَ الصَّوْتِ، فَقُلنَا لِعُمَرَ: كُنْتَ تَصِيحُ بِذَلِكَ.اهـ

قَالَ فَخرُ الدِّينِ الرَّازِيُّ فِي تَفسِيرِهِ: سَمِعْتُ بَعْضَ المُذَكِّرِينَ قَالَ: كَانَ ذَلِكَ مُعْجِزَةً لِمُحَمَّدٍ ﷺ لِأَنَّهُ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنْتُمَا مِنِّي بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ وَالبَصَرِ فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ بِمَنْزِلَةِ البَصَرِ لِمُحَمَّدٍ ﷺ، لَا جَرَمَ قَدِرَ عَلَى أَنْ يَرَى مِنْ ذَلِكَ البُعدِ العَظِيمِ.اهـ

وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ خَرَجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى الصَّلَاةِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ ثُمَّ صَاحَ: يَا سَارِيَةُ بْنَ زُنَيْمٍ الْجَبَلَ، يَا سَارِيَةُ بْنَ زُنَيْمٍ الْجَبَلَ، ظَلَمَ مَنِ اسْتَرْعَى الذِّئْبَ الْغَنَمَ. ثُمَّ خَطَبَ حَتَّى فَرَغَ، فَجَاءَ كِتَابُ سَارِيَةَ إِلَى عُمَرَ: إِنَّ اللهَ قَدْ فَتَحَ عَلَيْنَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَاعَةَ كَذَا وَكَذَا- لِتِلْكَ السَّاعَةِ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا عُمَرُ فَتَكَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ- قَالَ: سَارِيَةُ فَسَمِعْتُ صَوْتًا يَا سَارِيَةُ بْنَ زُنَيْمٍ الْجَبَلَ، يَا سَارِيَةُ بْنَ زُنَيْمٍ الْجَبَلَ، ظَلَمَ مَنِ اسْتَرْعَى الذِّئبَ الغَنَمَ، فَعَلَوْتُ بِأَصْحَابِيَ الْجَبَلَ، وَنَحْنُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي بَطْنِ وَادٍ، وَنَحْنُ مُحَاصِرُو الْعَدُوِّ فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْنَا. فَقِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَا ذَلِكَ الْكَلَامُ؟ فَقَالَ: وَاللهِ مَا أَلْقَيْتُ لَهُ إلا بشيء أُلْقِيَ عَلَى لِسَانِي.اهـ

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَمرِو بنِ الحَارِثِ قَالَ: بَيْنَمَا عُمَرُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ تَرَكَ الْخُطْبَةَ وَنَادَى: يَا سَارِيَةُ الْجَبَلَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى خُطْبَتِهِ فَقَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ تَرَكَ خُطْبَتَهُ وَنَادَى: يَا سَارِيَةُ الْجَبَلَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَكَانَ يَنْبَسِطُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، تَجْعَلُ لِلنَّاسِ عَلَيْكَ مَقَالًا؛ بَيْنَمَا أَنْتَ فِي خُطْبَتِكَ إِذْ نَادَيْتَ يَا سَارِيَةُ الْجَبَلَ، أَيُّ شَيْءٍ هَذَا؟ فَقَالَ: وَاللهِ مَا مَلَكْتُ ذَلِكَ حِينَ رَأَيْتُ سَارِيَةَ وَأَصْحَابَهُ يُقَاتِلُونَ عِنْدَ جَبَلٍ يُؤْتَوْنَ مِنْهُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلفِهِم، فَلَمْ أَمْلِكْ أَنْ قُلْتُ: يَا سَارِيَةُ الْجَبَلَ لِيَلْحَقُوا بِالْجَبَلِ، فَلَمْ يَمْضِ أَيَّامٌ حَتَّى جَاءَ رَسُولُ سَارِيَةَ بِكِتَابِهِ أَنَّ القَوْمَ لَقُونَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَاتَلْنَاهُمْ مِنْ حِينِ صَلَّيْنَا الصُّبْحَ إِلَى أَنْ حَضَرَتِ الْجُمُعَةُ فَسَمِعْنَا صَوْتَ مُنَادٍ يُنَادِي: الْجَبَلَ مَرَّتَيْنِ، فَلَحِقْنَا بِالْجَبَلِ فَلَمْ نَزَلْ قَاهِرِينَ لِعَدُوِّنَا حَتَّى هَزَمَهُمُ اللهُ تَعَالَى.

وَهَذَا مَعنَى إِلْهَامِ اللهِ لِهَذَا الوَلِيِّ وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ وَأَرضَاهُ، فَاللهُ يُلْهِمُهُ الصَّوَابَ وَيَكشِفُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَذِهِ المَسَافَةِ أَنْ يَعلَمَ وَيَرَى مَا يَجْرِي فِي تِلْكَ البِلَادِ مَعَ جَيشِهِ الَّذِي أَرسَلَهُ لِلجِهَادِ فِي تِلكَ البِقَاعِ مِنَ الدُّنيَا، وَهَذَا مَعنَى مَا وَرَدَ فِي الحَدِيثِ القُدُسِيِّ الصَّحِيحِ: «فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ».اهـ أَيْ يُعْطِيهِ اللهُ قُوَّةً فِي بَصَرِهِ وَقُوَّةً فِي سَمعِهِ بِبَرَكَةِ تَقوَاهُ وَوِلَايَتِهِ وَصَلَاحِهِ، وَعُمَرُ بنُ الخَطَّابِ لَا شَكَّ فِي وِلَايَتِهِ وَتَقوَاهُ وَخَشيَتِهِ مِنَ اللهِ.

إخبار عمر لرجل بأن أهله سيحرقون
رَوَى مَالِكٌ فِي المُوَطَّأ وَغَيرُهُ عَنْ يحْيى بْنِ سَعِيد أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ قَالَ لِرَجُلٍ: مَا اسْمُكَ؟ فَقَالَ: جَمْرَةُ. فَقَالَ: ابْنُ مَنْ؟ فَقَالَ: ابْنُ شِهَاب. قَالَ مِمَّنْ؟ قَالَ: مِنَ الحُرْقَةِ. قَالَ: أَيْنَ مَسْكَنُكَ؟ قَالَ: بِحَرَّةِ النَّارِ. قَالَ: بِأَيِّهَا؟ قَالَ: بِذَاتِ لَظًى. قَالَ عُمَرُ: أَدْرِكْ أَهْلَكَ فَقَدْ احْتَرَقُوا. قَالَ فَكَانَ كَمَا قَالَ عُمَرُ بْن الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.اهـ

فراسته رضي الله عنه بالأشتر النخعي
وَعَنْ عَبدِ اللهِ بنِ مَسلَمَةَ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُمَرَ مَعشَرَ وَفدِ مُذْحِجٍ وَكُنتُ مِنْ أَقرَبِهِمْ مِنهُ مَجلِسًا، فَجَعَلَ عُمَرُ يَنظُرُ إِلَى مَالِكٍ الأَشتَرِ النَّخَعِيِّ وَيُصَوِّبُ فِيهِ نَظَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمِنْكُمْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: قَاتَلَهُ اللهُ وَكَفَى اللهُ أُمَّتَهُ شَرَّهُ، وَاللهِ إِنِّي لَأَحْسَبُ مِنْهُ لِلمُسلِمِينَ يَومًا عَصِيبًا، قَالَ: فَكَانَ ذَلِكَ مِنهُ بَعدَ عِشرِينَ سَنَةً، فَقَدْ كَانَ مِنَ الَّذِينَ قَامُوا عَلَى عُثمَانَ وَخَالَفُوهُ.

إخباره عن ولد ولدته أمه بعد الموت
وَرَوَى ابنُ أَبِي الدُّنيَا وَالسُّيُوطِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَيْنَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ يَعْرِضُ النَّاسَ، إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ مَعَهُ ابْنٌ لَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: «مَا رَأَيْتُ غُرَابًا بِغُرَابٍ أَشْبَهُ مِنْ هَذَا بِهَذَا» فَقَالَ الرَّجُلُ: أَمَا وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَقَدْ‌‌ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ وَهِيَ مَيِّتَةٌ، قَالَ: «وَيْحَكَ وَكَيْفَ ذَاكَ؟» قَالَ: خَرَجْتُ فِي بَعْثِ كَذَا وَكَذَا وَتَرَكْتُهَا حَامِلًا، وَقُلْتُ: أَسْتَوْدِعُ اللهَ مَا فِي بَطْنِكِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ مِنْ سَفَرِي أُخْبِرْتُ أَنَّهَا قَدْ مَاتَتْ، فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ قَاعِدٌ فِي الْبَقِيعِ مَعَ بَنِي عَمٍّ لِي إِذْ نَظَرْتُ، فَإِذَا ضَوْءٌ شَبِيهٌ بِالسِّرَاجِ فِي الْمَقَابِرِ، فَقُلْتُ: لِبَنِي عَمِّي مَا هَذَا؟ قَالُوا: لَا نَدْرِي، إِلَّا أَنَّا نَرَى هَذَا الضَّوْءَ كُلَّ لَيْلَةٍ عِنْدَ قَبْرِ فُلَانَةٍ، فَأَخَذْتُ مَعِي فَأْسًا، ثُمَّ انْطَلَقْتُ نَحْوَ الْقَبْرِ، فَإِذَا الْقَبْرُ مَفْتُوحٌ، وَإِذَا هُوَ فِي حِجْرِ أُمِّهِ، فَدَنَوْتُ فَنَادَانِي مُنَادٍ أَيُّهَا الْمُسْتَوْدِعُ رَبَّهُ، خُذْ وَدِيعَتَكَ، إِنَّكَ لَوِ اسْتَوْدَعْتَهُ أُمَّهُ لَوَجَدْتَهَا، فَأَخَذْتُ الصَّبِيَّ وَانْضَمَّ الْقَبْرُ”.

كرامة عمر في كشفه لمنام رآه علي رضي الله عنهما
رَوَى المُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّهُ رَأَى فِي مَنَامِهِ كَأَنَّهُ صَلَّى الصُّبْحَ خَلفَ النَّبِيِّ ﷺ وَاسْتَنَدَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِلَى المِحرَابِ، فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ بِطَبَقِ رُطَبٍ فَوُضِعَ بَينَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَخَذَ مِنهَا رُطَبَةً وَقَالَ: “يَا عَلِيُّ، ‌تَأْخُذُ ‌هَذِهِ ‌الرُّطَبَةَ؟” فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَدَّ يَدَهُ وَجَعَلَهُ فِي فَمِيْ، ثُمَّ أَخَذَ أُخْرَى وَقَالَ لِي مِثلَ ذَلِكَ فَقُلْتُ: نَعَمْ فَجَعَلَهَا فِي فَمِي، فَانْتَبَهْتُ وَفِي قَلبِي شَوقٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَحَلَاوَةُ الرُّطَبِ فِي فَمِي، فَتَوَضَّأتُ وَذَهَبْتُ إِلَى المَسجِدِ فَصَلَّيتُ خَلفَ عُمَرَ وَاسْتَنَدَ إِلَى الْمِحرَابِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِالرُّؤيَا فَمِنْ قَبلِ أَنْ أَتَكَلَّمَ جَاءَتِ امرَأَةٌ وَوَقَفَتْ عَلَى بَابِ المَسجِدِ وَمَعَهَا طَبَقُ رُطَبٍ فَوُضِعَ بَينَ يَدَيْ عُمَرَ فَأَخَذَ رُطَبَةً، وَقَالَ: تَأْكُلُ مِنْ هَذَا يَا عَلِيُّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَجَعَلَهَا فِي فَمِيْ، ثُمَّ أَخَذَ أُخرَى وَقَالَ لِي مِثلَ ذَلِكَ فَقُلتُ: نَعَمْ، ثُمَّ فَرَّقَ عَلَى أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَمنَةً وَيَسْرَةً وَكُنتُ أَشتَهِي مِنهُ، فَقَالَ: يَا أَخِي، لَوْ زَادَكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لَيلَتَكَ لَزِدْنَاكَ، فَعَجِبْتُ وَقُلتُ: قَدْ أَطْلَعَهُ اللهُ عَلَى مَا رَأَيْتُ البَارِحَةَ، فَنَظَرَ وَقَالَ: يَا عَلِيُّ المُؤمِنُ يَنظُرُ بِنُورِ اللهِ، قُلتُ: صَدَقْتَ يَا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ هَكَذَا رَأَيْتُهُ، وَكَذَا رَأَيْتُ طَعمَهُ وَلَذَّتَهُ مِنْ يَدِكَ كَمَا وَجَدْتُ طَعْمَهُ وَلَذَّتَهُ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ.

تبشير عمر بن الخطاب بعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما
رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ قَالَ يَومًا وَقَدِ انْتَبَهَ مِنْ نَومِهِ وَهُوَ يَمْسَحُ عَينَيْهِ: فَقَالَ: رَأَيتُ فِي المَنَامِ أَنَّ أَحَدًا مِنْ عَقِبِي يَكُونُ أَشَجَّ يَسِيرُ بِسِيرَةِ عُمَرَ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بنِ عَبدِ العَزِيزِ وَهُوَ ابنُ بِنتِ ابنِهِ عَاصِمٍ. وَاسْمُهَا أَيْ أُمُّهُ لَيلَى بِنتِ عَاصِمٍ.

فعُمَرُ بنُ عَبدِ العَزِيزِ هُوَ حَفِيدُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا، فَقَد رَوَى ابنُ الجَوزِيِّ عَن أَسلَمَ قَالَ: “بَينَا أَنَا مَعَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ وَهُوَ يَعُسُّ بِالمَدِينَةِ إِذ عَيِيَ، فَاتَّكَأَ عَلَى جَانِبِ جِدَارٍ جَوفَ اللَّيلِ، وَإِذَا امرَأَةٌ تَقُولُ لِابنَتِهَا: “يَا بِنتَاهُ، قُومِي إِلَى ذَلِكَ اللَّبَنِ فَامذُقِيهِ (المَذِيقُ: اللَّبَنُ المَمزُوجُ بِالمَاءِ) بِالمَاءِ”، قَالَت: “يَا أُمَّاهُ أَوَ مَا عَلِمتِ بمَا كانَ مِن عَزمَةِ (أَي أَمرِ) أَمِيرِ المُؤمِنِينَ؟”، قَالَت: “وَمَا كَانَ مِن عَزمَتِهِ يَا بُنَيَّةُ؟”، قَالَت: “إِنَّهُ أَمَرَ مُنَادِيَهُ فَنَادَى: لَا يُشَابُ اللَّبَنُ بِالمَاءِ”، فَقَالَت لَهَا: “يَا بُنَيَّةُ قُومِي إِلَى اللَّبَنِ فَامذُقِيهِ بِالمَاءِ فَإِنَّكِ بِمَوضِعٍ لَا يَرَاكِ عُمَرُ وَلَا مُنَادِي عُمَرَ”، فَقَالَتِ الصَّبِيَّةُ: “وَاللهِ مَا كُنتُ لِأُطِيعَهُ فِي المَلَإِ وَأَعصِيَهُ فِي السِّرِّ”،

وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَت: وَأَينَ أَنتِ مِن مُنَادِيهِ السَّاعَةَ؟ فَقَالَت: إِذَا لَم يَرَنِي مُنَادِيهِ أَلَم يَرَنِي رَبُّ مُنَادِيهِ؟ وَعُمَرُ يَسمَعُ كُلَّ ذَلِكَ. فَقَالَ: يَا أَسلَمُ اعلَمِ البَابَ وَاعرِفِ المَوضِعَ. فَلَمَّا أَصبَحَ قَالَ: “يَا أَسلَمُ امضِ إِلَى المَوضِعِ فَانظُر مَنِ القَائِلَةُ وَمَنِ المَقُولُ لَهَا، وَهَل لَهُم بَعلٌ؟”، فَأَتَيتُ المَوضِعَ فَنَظَرتُ فَإِذَا الجَارِيَةُ أَيِّمٌ لَا بَعلَ لَهَا، وَإِذَا تِيكَ أُمُّهَا وَإِذَا لَيسَ لَهَا رَجُلٌ، فَأَتَيتُ عُمَرَ فَأَخبَرتُهُ، فَدَعَى وَلَدَهُ فَجَمَعَهُم، فَقَالَ: “هَل فِيكُم مَن يَحتَاجُ إِلَى امرَأَةٍ فَأُزَوِّجَهُ؟”، وَلَو كَانَ بِأَبِيكُم حَرَكَةٌ إِلَى النِّسَاءِ مَا سَبَقَهُ مِنكُم أَحَدٌ إِلَى هَذِهِ الجَارِيَةِ”. فَقَالَ عَبدُ اللهِ: “لِي زَوجَةٌ”. وَقَالَ عَبدُ الرَّحمَنِ: “لِي زَوجَةٌ”، وَقَالَ عَاصِمٌ: “يَا أَبَتَاهُ لَا زَوجَةَ لِي، فَزَوِّجنِي”. فَبَعَثَ إِلَى الجَارِيَةِ فَزَوَّجَهَا مِن عَاصِمٍ فَوَلَدَت لَهُ بِنتًا، وَوَلَدَتِ البِنتُ عُمَرَ بنَ عَبدِ العَزِيزِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى”. فَأُمُّهُ بِنتُ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ.اهـ

اسْتِطْرَادٌ مُهِمٌّ: فِي هَذِهِ القِصَّةِ الحَثُّ عَلَى مُرَاقَبَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاستِحضَارِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَعلَمُ وَيَسمَعُ وَيَرَى كُلَّ شَيءٍ لَا يَخفَى عَلَيهِ شَيءٌ مِنْ خَلقِهِ سُبحَانَهُ، فَعِلمُ اللهِ شَامِلٌ لِكُلِّ المَعلُومَاتِ وَعِلمُهُ كَبَاقِي صِفَاتِهِ أَزَلِيٌّ أَبَدِيٌّ لَا يَتَغَيَّرُ وَلَا يَزِيدُ وَلَا يَنقُصُ، فَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الرَّقِيبُ الَّذِي لَا تَخفَى عَلَيهِ خَافِيَةٌ، وَهُوَ الحَافِظُ الَّذِي لَا يَغِيبُ عَنهُ شَيءٌ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللهَ كَانَ علَيْكُمْ رَقِيبًا﴾، وَمَن كَانَ مُستَحضِرًا أَنَّ اللهَ مُطَّلِعٌ عَلَيهِ لَا يَغِيبُ عَنهُ شَيءٌ كَانَتِ المُرَاقَبَةُ للهِ عِندَهُ أَكثَرَ مِن غَيرِهِ، وَمَعنَى المُرَاقَبَةِ استِدَامَةُ خَوفِ اللهِ تَعَالَى بِالقَلبِ بِتَجَنُّبِ مَا حَرَّمَهُ وَالغَفلَةِ عَن أَدَاءِ مَا أَوجَبَهُ أَي تَجَنُّبِ الغَفلَةِ عَن أَدَاءِ مَا أَوجَبَهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾، وَهَذَا حَالُ أَولِيَاءِ اللهِ الصَّالِحِينَ فَإِنَّ هَذِهِ المَعَانِي العَقَائِدِيَّةِ رَسَخَتْ فِي قُلُوبِهِمْ فَصَارُوا مِنَ الأَولِيَاءِ.

قَالَ يَزِيدُ بنُ الكُمَيتِ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ شَدِيدَ الخَوفِ مِنَ اللهِ فَقَرَأَ بِنَا عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ المُؤَذِّنُ لَيلَةً فِي العِشَاءِ سُورَةَ الزَّلزَلَةِ وَأَبُو حَنِيفَةَ خَلفَهُ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ وَخَرَجَ النَّاسُ نَظَرتُ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ جَالِسٌ يَتَفَكَّرُ وَيَتَنَفَّسُ، فَلَمَّا خَرَجتُ تَرَكتُ القِندِيلَ فِيهِ زَيتٌ قَلِيلٌ يَكَادُ يَنطَفِئُ فَجِئتُ وَقَد طَلَعَ الفَجرُ وَهُوَ قَائِمٌ وَقَد أَخَذَ بِلِحيَتِهِ وَهُوَ يَقُولُ: يَا مَن يَجزِي بِمِثقَالِ ذَرَّةِ خَيرٍ خَيرًا وَيَا مَن يَجزِي بِمِثقَالِ ذَرَّةِ شَرٍّ شَرًّا أَجِرِ النُّعمَانَ عَبدَكَ مِنَ النَّارِ وَمِمَّا يَقرُبُ مِنهَا مِنَ السُّوءِ وَأَدخِلهُ فِي سَعَةِ رَحمَتِكَ قَالَ: فَأَذَّنتُ وَالقِندِيلُ يُزهِرُ فَلَمَّا دَخَلتُ قَالَ لِي: اكتُم عَلَيَّ مَا رَأَيتَ وَرَكَعَ رَكعَتَينِ وَجَلَسَ حَتَّى أَقَمتُ الصَّلَاةَ وَصَلَّى مَعَنَا الغَدَاةَ عَلَى وُضُوءِ أَوَّلِ اللَّيلِ.اهـ

فَليَذكُرْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا هَذِهِ المَعَانِي الَّتِي أَتقَنَهَا الأَولِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ فَصَلَحَ بِهَا حَالُهُمْ، وَاذْكُرُوا أَحبَابِي تَقَلُّبَكُمْ فِي اللَّيلِ وَالنَّهَارِ وَعَجزَكُمْ وَضَعفَكُمْ وَافتِقَارَكُمْ إِلَى اللهِ تَعَالَى وَتَذَكَّرُوا أَنَّ اللهَ رَبَّكُم هُوَ المَوصُوفُ بِالعِلمِ وَالسَّمعِ وَالبَصَرِ وَالقُدرَةِ وَكَلُّ ذَلِكَ لَيسَ كَصِفَاتِ الخَلقِ فَاللهُ يَسمَعُ المَسمُوعَاتِ كُلَّهَا مِن غَيرِ أُذُنٍ وَآلَةٍ وجَارِحَةٍ بَل صِفَاتُهُ لَا تُشبِهُ صِفَاتِ الخَلقِ وَعِلمُهُ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى بِالسَّرَائِرِ وَمَا فِي الضَّمَائِرَ، وَأَحَاطَ بِالأَوَّلِ وَالآخِرِ وَالبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ وَالخَفِيَّاتِ وَالجَلِيَّاتِ وَالمُمكِنَاتِ وَالمُستَحِيلَاتِ وَمَا يَكُونُ وَمَا لَا يَكُونُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغَيبِ لَا يَعلَمُهَا إِلَّا هُوَ، وَيَعلَمُ مَا فِي البَرِّ وَالبَحرِ، وَمَا تَسقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرضِ وَلَا رَطبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾، فَاللهُ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عَلِمَ مَا كَانَ وَمَا سَيَكُونُ وَمَا لَا يَكُونُ لَو كَانَ كَيفَ يَكُونُ بِعِلمٍ وَاحِدٍ أَزَليٍّ غَيرِ مَخلُوقٍ، سُبحَانَ اللهِ رَبِّي، الوَرَقَةُ لَا تَسقُطُ مِنَ الشَّجَرَةِ إِلَّا بِعِلمِهِ، وَالهَمسَةُ الخَفِيَّةُ الَّتِي لَا تَظهَرُ كذلك بِعِلمِهِ وَخَلقِهِ، وَالكَلِمَةُ تُقَالُ بِعِلمِهِ وَتَقدِيرِهِ وَخَلقِهِ، وَالنِّيَّةُ تُعقَدُ في القَلبِ مِن غَيرِ تَحرِيكِ شِفَاهٍ بِعِلمِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَالقَطرَةُ الضَّئِيلَةُ تَنزِلُ وَتَتَحَرَّكُ بِعِلمِهِ، وَالخُطوَةُ تُنقَلُ بِعِلمِهِ وَخَلقِهِ، بَل تَقلِيبُ البَصَرِ الَّذِي لَا يُحصِيهِ أَحَدٌ بِخَلقِهِ وَمَشِيئَتِهِ، أَلَا تَرَى تَحَرُّكَ عَينِكَ يَمنَةً وَيَسرَةً وَفَوقَ وَتَحتَ وَمَرَّةً تَنظُرُ إِلَى الأُفقِ وَأُخرَى إِلَى أَنفِكَ كُلُّ ذَلِكَ بِمَشِيئَتِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ﴾، سُبحَانَهُ العَظِيمُ القَدِيرُ، سُبحَانَهُ العَلِيمِ الشَّهِيدِ الَّذِي يَعلَمُ خَائِنَةَ الأَعيُنِ وَمَا تُخفِي الصُّدُورُ، فَاللهُ تَعَالَى هُوَ الشَّهِيدُ عَلَى خَلقِهِ الَّذِي لَا يَغِيبُ عَنهُ شَيءٌ فِي الأَرضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ.

وَمِمَّا أَلْهَمَ اللهُ بِهِ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ بِبَرَكَةِ تَقوَاهُ مِمَّا ذَكَرنَاهُ أَنَّهُ بَشَّرَ بِعُمَرَ بنِ عَبدِ العَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا كَمَا قُلْنَا، فَكَانَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ بَشَّرَ بِهِ وَذَكَرَهُ وَذَكَرَ عَدلَهُ.. فقد روي عَنْ نَافِعٍ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: إِنَّ مِنْ وَلَدِي رَجُلًا بِوَجْهِهِ شَيْنٌ يَلِي، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا.

وكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ كَثِيرًا: لَيْتَ شَعْرِي من هَذَا الَّذِي مِنْ وَلَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي وَجْهِهِ عَلَامَةٌ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا.اهـ

وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَا عَجَبًا يَزْعُمُ النَّاسُ أَنَّ الدُّنْيَا لَنْ تَنْقَضِيَ حَتَّى يَلِيَ رَجُلٌ مِنْ آلِ عُمَرَ يَعْمَلُ بِمِثْلِ عَمَلِ عُمَرَ. قَالَ: فَكَانُوا يَرَوْنَهُ بِلَالَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: وَكَانَ بِوَجْهِهِ أَثَرٌ، قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ هُوَ وَإِذَا هُوَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأُمُّهُ ابْنَةُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ- رَضِيَ اللهُ عَنهُ.اهـ

وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ وَجَدَ نَشْطَةً فَقَالَ لِرَجُلٍ: مَنِ الْخُلَفَاءُ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ. فَقَالَ سَعِيدٌ: الْخُلَفَاءُ أَبُو بَكْرٍ وَالْعُمَرَانِ. فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ قَدْ عَرَفْنَاهُمَا. فَمَنْ عُمَرُ الْآخَرُ؟! قَالَ: يُوشِكُ إِنْ عِشْتَ أَنْ تَعْرِفَهُ. يُرِيدُ: عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ.اهـ

وَقَدْ تَحَقَّقَ قَولُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ فِي حَفِيدِهِ عُمَرَ بنِ عَبدِ العَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا، فَقَدْ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَلِيًّا وَحَاكِمًا عَادِلًا مَلَأَ الأَرضَ عَدلًا وَقِسطًا.

وَقَدْ رَوَى الْعَبَّاسُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نَزَلَ بِنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَلَمَّا رَحَلَ قَالَ لِي مَوْلَايَ: ارْكَبْ مَعَهُ فَشَيِّعْهُ قَالَ: فَرَكِبْتُ فَمَرَرْنَا بِوَادٍ فَإِذَا نَحْنُ بِحَيَّةٍ مَيْتَةٍ مَطْرُوحَةٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَنَزَلَ عُمَرُ فَنَحَّاهَا وَوَارَاهَا ثُمَّ رَكِبَ فَبَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ وَهُوَ يَقُولُ يَا خَرْقَاءُ يَا خَرْقَاءُ. قَالَ فَالْتَفَتْنَا يَمِينًا وَشِمَالًا فَلَمْ نَرَ أَحَدًا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَسْأَلُكَ بِاللهِ أَيُّهَا الْهَاتِفُ إِنْ كُنْتَ مِمَّنْ يَظْهَرُ إِلَّا ظَهَرْتَ وَإِنْ كُنْتَ مِمَّنْ لَا يَظْهَرُ أَخْبِرْنَا مَا الْخَرْقَاءُ؟ قَالَ: الْحَيَّةُ الَّتِي دَفَنْتُمْ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ لَهَا يَوْمًا: يَا خَرْقَاءُ تَمُوتِينَ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ يَدْفِنُكِ خَيْرُ مُؤْمِنٍ مِنَ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ وَمَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللهُ قَالَ: أَنَا مِنَ التِّسْعَةِ أَوِ السَّبْعَةِ- شَكِّ التَّرْقُفِيُّ- الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللهِ ﷺ فِي هَذَا الْمَكَانِ أَوْ قَالَ: فِي هَذَا الْوَادِي- شَكَّ التَّرْقُفِيُّ أَيْضًا- فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: آللهِ أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ قَالَ: آللهِ إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرُ وَانْصَرَفْنَا.اهـ

كرامات أخرى لعمر بن الخطاب
وَمِمَّا يُذكَرُ فِي كَرَامَاتِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ وَأَرضَاهُ: أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ ابومُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ المَدِينَةَ مِنَ اليَمَنِ، وَكَانَ الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ الَّذِي ادَّعَى النُّبُوَّةَ فِي الْيَمَنِ عَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ فَأَبَى، فَقَالَ: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَمَرَ بِتَأْجِيجِ نَارٍ عَظِيمَةٍ وَأَلْقَى فِيهَا أَبَا مُسْلِمٍ فَلَمْ يَضُرَّهُ، فَأَمَرَ بِنَفْيِهِ مِنْ بِلَادِهِ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا دَخَلَ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ قَالَ عُمَرُ: ‌هَذَا ‌صَاحِبُكُمُ ‌الَّذِي ‌زَعَمَ ‌الْأَسْوَدُ ‌الكَذَّابُ أَنَّهُ يُحْرِقُهُ فَنَجَّاهُ اللَّهُ مِنْهَا، وَلَمْ يَكُنِ الْقَوْمُ وَلَا عُمَرُ سَمِعُوا قَضِيَّتَهُ وَلَا رَأَوْهُ، ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ وَاعْتَنَقَهُ. وَقَالَ: أَلَسْتَ عَبْدَ اللهِ بْنَ ثُوَبٍ؟ قَالَ: بَلَى، فَبَكَى عُمَرُ ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى أَرَانِي فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ شَبِيهًا بِإِبْرَاهِيمَ الخَلِيلِ عَلَيهِ السَّلَامُ.

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَبْصَرَ أَعْرَابِيًّا نَازِلًا مِنْ جَبَلٍ فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ مُصَابٌ بِوَلَدِهِ قَدْ نَظَمَ فِيهِ سَبْعَةَ أَبْيَاتٍ لَوْ أَشَاءُ لَأَسْمَعتُكُم، ثُمَّ قَالَ: يَا أَعْرَابِيُّ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلتَ؟ فَقَالَ: مِنْ أَعْلَى هَذَا الْجَبَلِ. قَالَ: وَمَا صَنَعْتَ فِيهِ؟ قَالَ: أَوْدَعْتُهُ وَدِيعَةً لِي. قَالَ: وَمَا وَدِيعَتُكَ؟ قَالَ: بُنَيٌّ لِي هَلَكَ فَدَفَنْتُهُ فِيهِ. قَالَ: فَأَسْمِعْنَا مِنْ مَرْثِيَّتِكَ فِيهِ. قَالَ: مَا يُدْرِيكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَوَاللَّهِ مَا تَفَوَّهْتُ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا حَدَّثْتُ بِهِ نَفْسِي ثُمَّ أَنْشَدَ:

يَا غَائِبًا مَا يَؤُوبُ مِنْ سَفَرٍ
عَاجَلَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ عَلَى صِغَرِهِ

يَا قُرَّةَ الْعَيْنِ كُنْتَ لِي أُنْسًا
فِي طُولِ لَيْلِي نَعَمْ وَفِي قِصَرِهِ

مَا تَقَعُ الْعَيْنُ حَيْثُمَا وَقَعَتْ
فِي الحَيِّ إِلَّا مِنْ عَلَى أَثَرِهِ

شَرِبْتَ كَأْسًا أَبُوكَ شَارِبُهَا
لَا بُدَّ مِنْهُ لَهُ عَلَى كِبَرِهِ

بِشُرْبِهَا وَالْأَنَامُ كُلُّهُمُ
مَنْ كَانَ فِي بَدْوِهِ وَفِي حَضَرِهِ

فَالْحَمْدُ للهِ لَا شَرِيكَ لَهُ
فِي حُكْمِهِ كَانَ ذَا وَفِي قَدَرِهِ

قَدَّرَ مَوْتًا عَلَى الْعِبَادِ فَمَ
يَقْدِرُ خَلْقٌ يَزِيدُ فِي عُمُرِهِ

قَالَ: فَبَكَى حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: صَدَقْتَ يَا أَعْرَابِيُّ…

وَمِنْ كَرَامَاتِهِ فِي غَيرِ الإِخبَارِ وَالتَّحدِيثِ الَّذِي ذَكَرنَاهُ، مَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ جُنْدًا إِلَى مَدَائِنِ كِسْرَى وَأَمَّرَ عَلَيهِمْ سَعدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَجَعَلَ قَائِدَ الجَيشِ خَالِدَ بنَ الوَلِيدِ، فَلَمَّا بَلَغُوا شَطَّ الدِّجْلَةِ وَلَمْ يَجِدُوا سَفِينَةً تَقَدَّمَ سَعْدٌ وَخَالِدٌ فَقَالَا: يَا بَحْرُ إِنَّكَ تَجْرِي بِأَمْرِ اللهِ، فَبِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ وَبِعَدْلِ عُمَرَ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللهِ إِلَّا خَلَّيتَنَا وَالعُبُورَ، فَعَبَرَ الجَيشُ بِخَيلِهِ وَجِمَالِهِ إِلَى المَدَائِنِ وَلَمْ تَبْتَلَّ حَوَافِرُهَا.

وَرَوَى مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَهُوَ بِالْقَادِسِيَّةِ أَنْ وَجِّهْ نَضْلَةَ بْنَ مُعَاوِيَةَ الْأَنْصَارِيَّ إِلَى حُلْوَانَ الْعِرَاقِ فَلْيُغِيرُوا عَلَى ضَوَاحِيهَا، قَالَ: فَوَجَّهَ سَعْدٌ نَضْلَةَ فِي ثَلَاثِمِائَةِ فَارِسٍ، فَخَرَجُوا حَتَّى أَتَوْا حُلْوَانَ الْعِرَاقِ فَأَغَارُوا عَلَى ضَوَاحِيهَا فَأَصَابُوا غَنِيمَةً وَسَبْيًا، فَأَقْبَلُوا يَسُوقُونَ الْغَنِيمَةَ وَالسَّبْيَ حَتَّى رَهَقَتْهُمُ الْعَصْرُ، وَكَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ، قَالَ: فَأَلْجَأَ نَضْلَةُ الْغَنِيمَةَ وَالسَّبْيَ إِلَى سَفْحِ الْجَبَلِ ثُمَّ قَامَ فَأَذَّنَ فَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، إِذَا مُجِيبٌ مِنَ الْجَبَلِ يُجِيبُهُ: كَبَّرْتَ كَبِيرًا يَا نَضْلَةُ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ: كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ يَا نَضْلَةُ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، قَالَ: هُوَ الدِّينُ وَهُوَ الَّذِي بَشَّرَنَا بِهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَعَلَى رَأْسِ أُمَّتِهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: طُوبَى لِمَنْ مَشَى إِلَيْهَا وَوَاظَبَ عَلَيْهَا، قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَالَ: أَفْلَحَ مَنْ أَجَابَ مُحَمَّدًا ﷺ، قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، قَالَ: أَخْلَصْتَ الْإِخْلَاصَ يَا نَضْلَةُ فَحَرَّمَ اللهُ جَسَدَكَ عَلَى النَّارِ، قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ أَذَانِهِ قُمْنَا فَقُلنَا: مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللهُ؟ أَمَلَكٌ؟ أَمْ سَاكِنٌ مِنَ الْجِنِّ؟ أَمْ مِنْ عِبَادِ اللهِ؟ سَمِعْنَا صَوْتَكَ فَأَرِنَا صُورَتَكَ فَإِنَّا وَفْدُ اللهِ وَوَفْدُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: فَانْفَلَقَ الْجَبَلُ عَنْ هَامَةٍ كَالرَّحَى أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ عَلَيْهِ طِمْرَانِ مِنْ صُوفٍ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، قُلْنَا: وعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللهُ؟ قَالَ: أَنَا زُرَيْبُ بْنُ بَرْثَمْلَا وَصِيُّ الْعَبْدِ الصَّالِحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ أَسْكَنَنِي هَذَا الْجَبَلَ وَدَعَا لِي بِطُولِ الْبَقَاءِ إِلَى نُزُولِهِ مِنَ السَّمَاءِ فَأَمَّا إِذَا فَاتَنِي لِقَاءُ مُحَمَّدٍ ﷺ فَأَقْرِئُوا عُمَرَ مِنِّيَ السَّلَامَ وَقُولُوا: يَا عُمَرُ سَدِّدْ وَقَارِبْ فَقَدْ دَنَا الْأَمْرُ، وَأَخْبِرُوهُ بِهَذِهِ الْخِصَالِ الَّتِي أُخْبِرُكُمْ بِهَا، يَا عُمَرُ إِذَا ظَهَرَتْ هَذِهِ الْخِصَالُ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ فَالْهَرَبَ الْهَرَبَ، إِذَا اسْتَغْنَى الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ، وَالنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ، وَانْتَسَبُوا إِلَى غَيْرِ مَنَاسِبِهِمْ، وَانْتَمُوا إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِمْ، وَلَمْ يَرْحَمْ كَبِيرُهُمْ صَغِيرَهُمْ، وَلَمْ يُوَقِّرْ صَغِيرُهُمْ كَبِيرَهُمْ، وَتُرِكَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ فَلَمْ يُؤْمَرْ بِهِ، وَتُرِكَ النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ فَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ، وَتَعَلَّمَ عَالِمُهُمُ الْعِلْمَ لِيَجْلِبَ بِهِ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ، وَكَانَ الْمَطَرُ قَيْظًا، وَالْوَلَدُ غَيْظًا، وَطَوَّلُوا الْمَنَائِرَ، وَفَضَّضُوا الْمَصَاحِفَ (أَيْ تَزيِينُ المَصَاحِفِ أَو تَذهِيبُهَا بِالفِضَّةِ)، وَزَخْرَفُوا الْمَسَاجِدَ، وَأَظْهَرُوا الرِّشَا، وَشَيَّدُوا الْبِنَاءَ (أَيْ أَطَالُوهُ)، وَاتَّبَعُوا الْهَوَى، وَبَاعُوا الدِّينَ بِالدُّنْيَا، وَاسْتَخَفُّوا بِالدِّمَاءِ، وَتَقَطَّعَتِ الْأَرْحَامُ، وَأُكِلَ الرِّبَا فَخْرًا، وَصَارَ الْغِنَى عِزًّا، وَرَكِبَتِ النِّسَاءُ السُّرُوجَ، قَالَ: ثُمَّ غَابَ عَنَّا، قَالَ: فَكَتَبَ بِذَلِكَ نَضْلَةُ إِلَى سَعْدٍ، فَكَتَبَ سَعْدٌ إِلَى عُمَرَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: سِرْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ حَتَّى تَنْزِلَ هَذَا الْجَبَلَ، فَإِنْ لَقِيتَهُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: إِنَّ بَعْضَ أَوْصِيَاءِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ نَزَلَ ذَلِكَ الْجَبَلَ نَاحِيَةَ الْعِرَاقِ، فَرَحَلَ سَعْدٌ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، حَتَّى نَزَلَ ذَلِكَ الْجَبَلَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُنَادِي بِالْأَذَانِ فِي وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ فَلَا يَرَى جَوَابًا.اهـ

سؤال فقهي
متى يدخل وقت جواز الذبح للأضحية؟
الجواب:
قَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِنَّ وَقتَهَا يَدخُلُ بِطُلُوعِ شَمسِ يَومِ النَّحرِ وَمُضِيِّ قَدرِ صَلَاةِ عِيدِ الأَضحَى وَخُطبَتَيهَا، فَإِذَا ضَحَّى بَعدَ هَذَا الوَقتِ أَجزَأَهُ، سَوَاءٌ صَلَّى الإِمَامُ أَم لَا، وَسَوَاءٌ صَلَّى المُضَحِّي أَم لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ مِن أَهلِ الأَمصَارِ أَو مِن أَهلِ القُرَى أَو البَوَادِي أَو مُسَافِرًا، وَسَوَاءٌ ذَبَحَ الإِمَامُ أٌضحِيَةً أَم لَا.

الدعاء الختامي
الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِي رَسُولِ اللهِ،

اللَّهُمَّ أنْتَ رَبّي، لَا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ، عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وأنْتَ رَبّ العَرْشِ العَظِيمِ، ما شاءَ اللَّهُ كان، وما لم يشأ لم يكن، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا باللَّهِ العَلِيّ العَظِيمِ، أعْلَمُ أنَّ اللَّهَ عَلى كل شيء قديرٌ، وأن الله قد أحَاطَ بِكُلِّ شيءٍ عِلْمًا؛ اللَّهُمَّ إِني أعوذُ بِكَ مِنْ شَرّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرّ كُلّ دابةٍ أنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتها، إنَّ رَبِّي على صراطٍ مُسْتَقِيمٍ اللهم إني أسأَلُك مِنَ الخَير كُلِّهِ عاجِلِهِ وءاجِلِهِ، ما عَلِمتُ منهُ وما لم أعلَم، وأعوذ بك من الشر كله عاجِلِهِ وءاجِلِهِ ما عَلِمت منه وما لَم أعلَم، وأسأَلكَ الجنةَ وما قرَّبَ إليها من قولٍ أو عملٍ، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عملٍ، وأسأَلكَ من خيرِ ما سألكَ بِهِ عبدُكَ ورَسُولُك محمّدٌ ﷺ، وأعوذُ بك من شر ما استعاذَكَ مِنهُ عبدُكَ ورسُولُك محمّدٌ ﷺ وأسأَلُك ما قَضَيتَ لي مِن أَمرٍ أن تَجعَل عاقِبَتَه رُشَدًا اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا.

اللهم مَن أَرَادَ بِفِلَسطِينَ أَو بِأَهلِهَا السُّوءَ فَاجعَل دَائِرَةَ السَّوءِ تَدُورُ عَلَيهِ يَا رَبَّ العَالَمِينَ. اللهم كُن لِأَهلِ غَزَّةَ عَونًا وَنَصِيرًا، وَبَدِّل خَوفَهُم أَمنًا. اللهم ارزُق إِخوَانَنَا فِي فِلَسطِينَ الصُّمُودَ وَالقُوَّةَ فِي وَجهِ الطُّغيَانِ وَانصُرهُم. اللهم أَنجِ المُستَضعَفِينَ مِنَ المُؤمِنِينَ. اللهم وَرُدَّ إِلَينَا المَسجِدَ الأَقصَى رَدًّا جَمِيلًا.

اللهم ارزُقنَا حُسنَ الخِتَامِ وَالمَوتَ عَلَى دِينِكَ دِينِ الإِسلَامِ وَرُؤيَةَ سَيِّدِ الأَنَامِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ﷺ.

اللهم إِنَّا دَعَونَاكَ فَاستَجِب لَنَا دُعَاءَنَا وَاغفِرِ اللهم لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسرَافَنَا فِي أَمرِنَا وَمَا أَنتَ أَعلَمُ بِهِ مِنَّا وَارزُق كُلَّ مَن حَضَرَ وَاستَمَعَ لِلدَّرسِ سُؤلَهُ مِنَ الخَيرِ وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ وَسَلِّم تَسلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَومِ الدِّينِ.

وَآخِرُ دَعوَانَا أَنِ الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

شاهد أيضاً

شرح دعاء “اللهم إني أسألك من الخير كله” ودلالاته في طلب الجنة والوقاية من النار

المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله الذي أنزلَ على عبده الكتاب ولم يجعل لهُ …