إرشاد الأنام لمعرفة أحكام الصيام

إرشاد الأنام لمعرفة أحكام الصيام
مقدمة

عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال: “الله أكبر اللهم أهِلّه علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والتوفيق لما يحب ربنا ويرضى، ربنا وربك الله” رواه الدارمي.

عن عبد الله بن أبي مليكة قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن للصائم عند فطره دعوة: اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شىء أن تغفر لي ذنوبي”.رواه الحاكم في المستدرك.

صيام رمضان

أما بعد، فإن صيام شهر رمضان المبارك عبادة عظيمة خصها الله بخصائص منها ما ورد في الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري، قال الله تعالى: “كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به”.
فرض صيام رمضان في السنة الثانية للهجرة وقد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنوات توفي بعدها.
وصيام رمضان وجوبه معلوم من الدين بالضرورة، فمن جحد فرضيته فهو كافر إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام أو نحوه كمن نشأ في بادية بعيدة عن العلماء، أما من أفطر في رمضان لغير عذر شرعي وهو يعتقد وجوبه عليه فلا يكفر بل يكون عاصيًا وعليه قضاء الأيام التي أفطر فيها.
والصيام لغة الإمساك وشرعًا الإمساك عن المفطرات من أكل وشرب وغيرهما من الفجر حتى المغرب مع النية المبيتة بالقلب.
والأصل في وجوب صيام رمضان قبل الإجماع ءاية: ﴿كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِيَامُ﴾ 183 [سورة البقرة] وقوله صلى الله عليه وسلم: “بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان” رواه البخاري ومسلم.
وتجب مراقبة هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان لأنه يجب صيامه بأحد أمرين:
1- إكمال شعبان ثلاثين يومًا.
2- رؤية هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان لقوله صلى الله عليه وسلم: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غمَّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا” رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن وغيرهم.
فمن رأى هلال رمضان صام ومن لم يره وأخبره مسلم ثقة عدل حر غير كاذب وجب عليه الصيام، فقد روى أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: “أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيت الهلال فصام وأمر الناس بالصوم” صححه ابن حبان.
ويجوز لمن أخبره صبي أو فاسق أو امرأة أو عبد برؤية الهلال الصوم إن وثق به، وإلا أكمل عدة شعبان ثلاثين يومًا. فإذا أثبت القاضي الصوم وجب الصيام على أهل بلد الإثبات وسائر أهل البلاد القريبة من بلد الرؤية باتحاد المطالع أي الشروق والغروب لا من خالف مطلعهم مطلعها وذلك عند الشافعي. أما عند أبي حنيفة فيجب الصيام على أهل كل بلد علموا ثبوت الصيام في بلد ما مهما بعدت تلك البلاد عن البلد الذي ثبتت فيه الرؤية فيجب عنده على أهل المغرب الأقصى إذا علموا بثبوت الصيام في المشرق وكذلك العكس.

فرائض الصيام

وفرائض الصوم اثنان: النية والإمساك عن المفطرات.
1- النية: ومحلها القلب فلا يشترط النطق بها باللسان ويجب تبييتها أي ايقاعها ليلا قبل الفجر لكل يوم من رمضان بالقلب ولو قضاء، فإذا غربت الشمس على الصائم فنوى قبل أن يتعاطى مفطرا صوم اليوم التالي عن رمضان ثم لم يعد هذه النية بعد الأكل كفته. ويجب أيضًا تعيين الصوم في النية كتعيين أنه من رمضان أو أنه عن نذر أو أنه عن كفارة وإن لم يبين سببها. ثم إنه يجب أن ينوي لكل يوم فلا يكفي أن ينوي أول الشهر عن الشهر كله عند الشافعي.
قال العلماء: “كمال النية في رمضان: “نويت صوم غد عن أداء فرضِ رمضانَ هذه السنةَ إيمانًا واحتسابًا لله تعالى”. والاحتساب طلب الأجر. وقال بعض يكفي أن ينوي في ليلة اليوم الأول منه عن جميع أيام رمضان فيقول بقلبه: “نويت صيام ثلاثين يومًا عن شهر رمضان هذه السنة”.
وعلى الحائض والنفساء إذا انقطع الدم ليلة الصيام أن تنوى صيام اليوم التالي من رمضان وإن لم تغتسل ولا يضرّ الأكل والنوم والجماع بعد النية وقبل طلوع الفجر. ومن نام ليلا ولم ينو الصيام حتى استيقظ بعد الفجر وجب عليه الإمساك عن المفطرات وعليه قضاء هذا اليوم، أما صوم النفل فلا يشترط في نيته التبييت فلو استيقظ بعد الفجر ولم يأكل شيئًا ولم يشرب ونوى صيام هذا اليوم قبل الزوال تطوعًا لله تعالى صح صيامه.
2- الإمساك عن المفطرات: يجب الإمساك عن:
أ- الأكل والشرب وعن إدخال كل ما له حجم ولو صغيرًا إلى الرأس أو البطن ونحوهما من منفذ مفتوح كالفم والأنف (ولو كان ذلك أجزاء صغيرة كدخان السيجارة) والقبل والدبر من الفجر إلى المغرب.
ومن أكل أو شرب ناسيًا ولو كثيرًا لم يفطر ولو في صيام النفل ففي الحديث الصحيح: “من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه” رواه البخاري.
ب – والاستقاءة أي إخراج القيء بالإصبع ونحوه وإن لم يرجع منه شىء إلى الجوف وأما من غلبه القيء ولم يبلع منه شيئًا فلا يفطر ولكن يطهر فمه قبل أن يبلع ريقه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من ذرعه القيء – أي غلبه – وهو صائم فليس عليه قضاء ومن استقاء فليقض” رواه الحاكم والأربعة.
ج – والجماع وإخراج المني بالاستمناء أو المباشرة فإنه مفطر أما خروجه بالنظر ولو كان محرمًا وبالفكر فهو غير مفطر.
ولما كان وقت الصيام من الفجر حتى المغرب وجب معرفة طرفي النهار على كل مكلف بالصيام، فإن المؤذنين اليوم يغلب عليهم الجهل بمواقيت الصلاة فلا يعتمد على الإسطوانة التي يديرونها وقت الفجر والمغرب.
والفجر: هو البياض المعترض بالأفق الشرقي ويوجد في أوله حمرة خفيفة مختلطة ببياضه، ثم بعد حوالي نصف ساعة تشتد هذه الحمرة فهذا البياض هو الفجر فالنية يجب إيقاعها قبل ظهور هذا البياض.
والغروب: هو مغيب قرص الشمس كله.
فمن أكل بعد الفجر معتقدا أن الفجر لم يطلع فسد صومه ولزمه القضاء وعليه الإمساك عن المفطرات باقي النهار، فإن كان اجتهد فأكل ثم تبين له أنه دخل الفجر لم يأثم كأن اعتمد على صياح الديك المجرب وكذا لو أكل قبيل مغيب قرص الشمس معتقدا أنه قد غربت الشمس ثم تبين له خلاف ذلك فسد صومه ولزمه قضاء هذا اليوم، وأما الذي يأكل بدون عذر قبيل الغروب فقد أثم قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلىَ الَّيلِ﴾ 187 [سورة البقرة]. وغروب الشمس علامة على دخول الليل وكذلك يجب على المسلم الثبوت في الإسلام على الدوام في رمضان وغيره. فيجب عليه تجنب الوقوع في الكفر بأنواعه الثلاثة:
1- الكفر القولي: كالذي يسب الله أو القرءان أو الإسلام أو الصلاة أو الصيام أو الكعبة.
2- الكفر الاعتقادي: كاعتقاد أن الله جسم أو ضوء أو روح أو اعتقاد أنه في جهة أو مكان أو أنه جالس على العرش.
3- الكفر الفعلي: كرمي المصحف في القاذورات أو سجود لصنم أو السجود لإبليس أو كتابة القرءان بالبول أو دم الحيض.
لأن استمرار إيمان الصائم شرط لصحة صيامه فالكفر مبطل للصيام. فمن وقع في شىء منها وهو صائم فسد صومه وعليه العود فورًا إلى الإسلام بالنطق بالشهادتين، والإمساك بقية النهار ثم قضاء هذا اليوم بعد يوم العيد فورًا.

شرائط وجوب الصيام

والصيام واجب على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصيام. فلا يصح من الكافر الأصلي ولا المرتد ولا يصح من حائض ولا نفساء. ولو صامتا حال وجود الدم فعليهما إثم وعليهما القضاء.
ولا يجب على الصبي، ولكن يجب على وليه أن يأمره به إن أكمل سبع سنين وأن يضربه على تركه إذا بلغ عشر سنين وتركه وهو يطيقه ولا يجب عليه القضاء إن أفطر لكن يجب على الولي أمره بالقضاء إن أطاقه.
وكذلك لا يجب على المجنون ولا قضاء عليه، ولا على المريض الذي يضره الصوم ولا المسافر سفرًا طويلاً وعليهما القضاء.
ولو صام المريض والمسافر صح منهما، وإذا ضرهما حرم عليهما.
والمسافر الذي يريد الإفطار في اليوم الأول من سفره عليه أن يخرج من بلده قبل طلوع الفجر. ولا يجب على العجوز الفاني مخافة التلف والموت.

مفسدات الصيام

والذي يبطل الصيام أشياء هي:
الأكل ولو قدر سمسمة أو أقل عمدًا غير مكره عالمًا بالتحريم. والشرب ولو قطرة ماء أو دواء.
ملاحظة: لا يضر غبار الطريق أو غربلة دقيق لعسر التحرز عنه. ولا يضر تذوق الطعام بدون ابتلاع شىء منه أيضًا.
ومن بالغ في المضمضة والاستنشاق فدخل الماء إلى جوفه أفطر. وإذا أخرج ريقه من فمه ولو إلى ظاهر الشفة ثم رده وبلعه أفطر. أما ما دام متصلا باللسان فلا يفطر إن بلعه. وإذا جمع ريقه في فمه وابتلعه صرفًا أي غير متغير لم يضر، أما ابتلاع البلغم ففيه تفصيل:
– فإن كان البلغم بلع من ظاهر الفم فإنه يفطر.
– وإن كان مما تحت مخرج “الحاء” فلا يفطر.
والبلغم لا يفطر عند الإمام أبي حنيفة ولو بلعه بعد وصوله إلى اللسان.
أما إذا بلع ريقه المتغير بدخان السيجارة التي شربها قبل الفجر أو غيرها أفطر.
وإذا غلبه القيء ثم انقطع ثم بلع ريقه قبل أن يطهر فمه فسد صيامه لأن هذا الريق تنجس بالقيء الذي وصل إلى الفم.
أما الدخان الذي يصل إلى جوف الصائم من شارب السيجارة الذي يجالسه في السيارة مثلا فإنه غير مفطر، وكذلك دخان البخور وشم العطور بخلاف دخان السيجارة لمن يشربها لأنه تنفصل من التنباك المحترق ذرات صغيرة تصل إلى جوف شاربها.
والحقنة في القبل والدبر مفطرة، وكذلك القطرة في الأنف والأذن إذا وصل الدواء إلى الجوف، وعلى قول القطرة في الأذن لا تفطر.
وأما القطرة في العين فهي غير مفطرة، وكذلك الإبرة في الجلد والشريان والعضل.
ومن أغمي عليه في نهار الصيام وأفاق ولم يستغرق كل اليوم فلا يفطر. أما إذا استغرق الإغماء كل اليوم من الفجر حتى الغروب لم يصح صيامه. أما إذا طرأ جنون ولو للحظة أفطر.
وكذا إذا طرأ على المرأة حيض أو نفاس ولو قبيل الغروب أفطرت.
أما الصائم النائم إذا احتلم فلا يفطر، بخلاف خروج المني من الصائم بالاستمناء أو مع المباشرة عمدًا لا ناسيًا.
ويفسد صيام من جامع في نهار رمضان عامدًا ذاكرًا للصوم مختارًا ولو لم ينزل المني. أما من جامع ناسيًا فلا يفسد صومه ولا قضاء عليه.
ومن استيقظ جنبًا من جماع أو غيره فإنه يصوم نهاره ويغتسل للصلاة، فعن عائشة رضي الله عنها، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم” رواه البخاري.
ومن مفسدات الصيام:
الوقوع في الكفر عمدًا أي بغير سبق لسان، ولو كان الشخص مازحًا أو غاضبًا باختياره ذاكرًا للصوم أو غير ذاكر لأنه لا تصح العبادة من كافر.
وأما تقبيل الزوجة المحرك للشهوة فمكروه فإن خشي الإنزال فحرام لكنه لا يفطر إلا إذا أنزل المني. أما حديث: خمس يفطرن الصائم: النظرة المحرمة والكذب والغيبة والنميمة والقبلة فلا أصل له بل هو مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم ولكن بعضها يذهب ثواب الصيام كالنميمة.

ما يجب على المفطر عامدًا في رمضان

الإفطار عمدًا في رمضان:
1- منه ما يوجب القضاء فقط. وهو:
أ- الذي أفطر بسبب المرض.
ب- ومن كان في سفر طويل أفطر فيه.
ج – والحائض والنفساء.
د- والذي ترك الصيام في رمضان بدون عذر أو كان صائمًا فأفطر بمفطر غير الجماع.
هـ – والحامل والمرضع إن خافتا على نفسيهما.
فهؤلاء جميعًا عليهم قضاء كل يوم بيوم فقط.
2- ومنه ما يوجب القضاء والفدية معا.
وهو: الحامل والمرضع إن خافتا على ولديهما فأفطرتا فعليهما القضاء والفدية وهي مد من غالب قوت البلد لكل يوم. وفي المذهب الحنفي إطعام مسكين مقدار ما يغديه ويعشيه أو قيمتها.
ومن كان عليه قضاء من رمضان فأخر صيامه حتى جاء رمضان ءاخر فعليه مع القضاء الفدية عن كل يوم مد.
3- ومنه ما يوجب الفدية فقط بدل الصيام. وهو:
أ- الشيخ العجوز الذي لا يتحمل الصوم أو تلحقه مشقة شديدة فإنه يفطر ويفدي عن كل يوم مد.
ب- المريض الذي لا يرجى شفاؤه فلا صوم عليه ولا قضاء وإنما يجب عليه الفدية فقط، وهي مقدار ما يغدي ويعشي عند أبي حنيفة، وعند الشافعي مد قمح أو غيره على حسب قوت البلد الغالب.
4- ومنه ما يوجب القضاء والكفارة معا.
هو الذي أفسد صوم يوم من رمضان بجماع عامدًا باختياره ذاكرا للصيام ولو لم ينزل المني فإن عليه قضاء هذا النهار الذي أفسده كما يجب عليه الكفارة.
والكفارة على هذا الترتيب:
أ‌- عتق رقبة مؤمنة. فإن لم يستطع.
ب‌- فصيام شهرين متتابعين غير يوم القضاء فإن أفطر خلال الشهرين يومًا ولو لمرض استأنف (أي أعاد). فإن عجز عن الصيام أيضا:
ج – فإطعام ستين مسكينًا لكلّ مسكين مد من غالب قوت البلد، وعند أبي حنيفة لكل مسكين مقدار ما يغدي ويعشي.
فإن عجز عنها كلها استقرت الكفارة في ذمته ولا شىء عليه بدلها.

ما يستحب في الصيام

ويستحب في الصيام أشياء هي:
أ- تعجيل الفطر إذا تُحُقِّقَ من غروب الشمس لقوله صلى الله عليه وسلم: “لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر” رواه مسلم. ويستحب أن يفطر على تمر فإن لم يجد فعلى ماء وذلك قبل أن يصلي المغرب لقوله صلى الله عليه وسلم: “إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور” رواه أبو داود.
ويقول: “اللهم لك صمت وعلى رزقك افطرت”.
ولا بد قبل الإفطار من التحقق من غروب الشمس ولا يكفي الاعتماد على أذان أي كان فإنه قد يحصل تسرع في إعلان الأذان قبل وقته كما حصل في الماضي في بعض الإذاعات.
ب- تأخير السحور إلى ءاخر الليل وقبل الفجر ولو بجرعة ماء. فعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تسحروا فإن في السحور بركة”. رواه مسلم.
ج- وكذلك يتأكد في حق الصائم صون لسانه عن الكذب والغيبة والكلام البذيء وغير ذلك من الأمور المحرمة.
فأعلم أخي المسلم أن الصبر على طاعة الله سبحانه وتعالى أهون من الصبر على عذابه.
فكف بطنك عن المحرمات وقت الإفطار وغض بصرك عن النظر المحرم والكلام البذيء المنهي عنه كالكذب والغيبة وهي ذكرك أخاك المسلم بما يكره لغير سبب شرعي بما فيه في خلفه، وكف عن الفحش والخصومة والجفاء والمراء.
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم: “إنما الصوم جنة – أي وقاية – فإذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم إني صائم” وكما يتأكد في رمضان:
كف السمع عن الإصغاء إلى كل ما حرم الإصغاء إليه. وكف بقية الجوارح من اليد والرجل عن المعاصي والآثام والمكاره.
وكما يندب كثرة الجود، وصلة الرحم وكثرة تلاوة القرءان، والاعتكاف في المسجد ولا سيما في العشر الأواخر. فعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان رواه مسلم.
وأن يفطر الصّوّام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من فطر صائمًا كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شىء” رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. ومعنى الحديث أنه يكون له أجر عظيم يشبه أجر الصائم لا أن له مثل أجره تماما من كل الوجوه وكذلك معنى مثل ما ورد في هذا الحديث كحديث “من قرأ قل هو الله أحد فكأنما قرأ ثلث القرءان”.
وأن يقول إن شوتم: إني صائم إني صائم.
تنبيه: من مات وعليه قضاء من رمضان صام عنه وليه. فعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من مات وعليه صيام صام عنه وليه” رواه مسلم.

الأيام التي يحرم الصيام فيها

1- يوم عيد الفطر الذي تصلى فيه صلاة العيد.
2- يوم عيد الأضحى الذي تصلى فيه صلاة العيد.
فقد روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: “نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صومين: يوم الفطر ويوم الأضحى”.
3- أيام التشريق الثلاثة وهي التي تلي يوم عيد الأضحى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أيام التشريق أيام أكل وشرب” رواه مسلم.
4- يوم الشك وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا تحدث من لا يثبت الصيام بقوله من فسقة ونسوة وصبيان ونحوهم أنهم رأوا هلال رمضان، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صومه بقوله: “لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين. صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا” رواه البخاري.
5- النصف الأخير من شعبان فلا يصح صومه إلا أن يصله بما قبله أو صامه عن قضاء أو نذر.
ويندب صوم ستة من شوال، وتندب متتابعة تلي العيد. فإن فرقها حصلت السنة، فعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من صام رمضان ثم اتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر” رواه مسلم.
ومن دخل في صوم فرضًا أداء كان أو قضاء أو نذرًا حرم قطعه، أما إذا كان نفلا جاز قطعه.

زكاة الفطر

وهي زكاة عن البدن لا عن المال، واجبة على كل مسلم فضل عن نفقته ونفقة من يقوته يوم الفطر وليلته صاع من غالب قوت البلد.
والصاع النبوي مقدار أربع حفنات بالكفين المعتدلين.
وتعطى لفقير محتاج ومن يستحق الزكاة، ويجب على الرجل فطرة زوجته وأولاده الذين هم دون البلوغ وكل قريب هو في نفقته أي ممن تجب عليه كالآباء والأمهات، ولا تجب زكاة الفطر عن الكافر، ولا يصح إخراج زكاة الفطر عن الولد البالغ إلا بإذنه فليتنبه لذلك فإن كثيرًا من الناس يغفلون هذا الحكم فيخرجون عن الولد البالغ بدون إذنه. وفي أداء زكاة الفطر لا بد من النية مع الإفراز. والإفراز:
هو عزل القدر الذي سيدفعه زكاة كأن يقول بقلبه: هذه زكاة بدني، لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: “إنما الأعمال بالنيات” رواه البخاري ومسلم.
وتجب زكاة الفطر بغروب الشمس من ءاخر يوم من رمضان على من أدرك جزءًا من رمضان وجزءًا من شوال، فعلى هذا تجب على الولي عن المولود الجديد الذي ولد ءاخر أيام رمضان.
ويجب أداؤها قبل غروب شمس يوم العيد، ويحرم تأخيرها عنه بلا عذر ويجوز تعجيلها من أول رمضان والأفضل أن تخرج يوم العيد قبل الصلاة أي قبل صلاة العيد.
وسبحان الله والحمد لله رب العالمين.

بعض ما ورد في صيام رمضان وأذكاره

عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى سعد ابن عبادة رضي الله عنه فجاء بخبز وزيت فأكل ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلّت عليكم الملائكة”. رواه أبو داود بإسناد صحيح.
عن معاذ بن زهرة أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أفطر قال: “اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت”. رواه أبو داود.
عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: “ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله” رواه أبو داود.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت (شدت وأوثقت بالأغلال) الشياطين” رواه البخاري ومسلم.
عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال: “اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان (أي بدوامه وثباته) والسلامة والإسلام، ربي وربك الله” رواه الترمذي قال: حديث حسن.
عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن صوم يوم عرفة؟ قال: “يكفر السنة الماضية والباقية (أي الآتية)”. رواه مسلم.
و عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عاشوراء فقال: “يكفر السنة الماضية”. رواه مسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من قام رمضان إيمانا واحتسابا (أي قاصدا ابتغاء مرضاة الله) غفر له ما تقدم من ذنبه”. رواه البخاري ومسلم.
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجه من بعده. رواه البخاري ومسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: “قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”.
رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

حدث في شهر رمضان

-أنزل القرءان الشريف ليلة القدر في الرابع والعشرين من رمضان دفعة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا.
-وأنزلت صحف سيدنا إبراهيم عليه السلام في أول ليلة من شهر رمضان، وأنزلت التوراة على سيدنا موسى عليه السلام في السادس منه، وأنزل الإنجيل على سيدنا عيسى عليه السلام في الثالث عشر منه.
-كان فتح مكة في 17 رمضان في السنة الثامنة للهجرة على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-مقتل سيدنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم وجهه بالكوفة على يد عبد الرحمن بن ملجم سنة أربعين للهجرة.
-وقعة عين جالوت في فلسطين يوم الجمعة في 25 رمضان سنة 658ه، انتصر فيها سلطان ديار مصر الملك المظفر سيف الدين قطز على كتبغانوين قائد التتار وكان نائبا لهولاكو على بلاد الشام، ومعنى نوين أمير عشرة ءالاف.
-وقعة بدر الكبرى في 17 رمضان سنة اثنتين للهجرة.
-فتح الأندلس في 28 رمضان سنة 92 للهجرة بقيادة طارق بن زياد.
-فرضت زكاة الفطر سنة اثنتين للهجرة قبل العيد بيومين.

شاهد أيضاً

صحيح مسلم – الجزء الأول – القسم2

الجزء الأول – القسم2 أبواب مختلفة بَابٌ فِي الرِّيحِ الَّتِي تَكُونُ قُرْبَ الْقِيَامَةِ، تَقْبِضُ مَنْ …