أشراط الساعة (٢٥) | يأجوج ومأجوج الفتنة العظيمة من وراء السد

المقدمة

الحَمدُ لله الَّذِي شَرَحَ صُدُورَ أَهلِ الإِسلَامِ لِلسُّنَّةِ فَانقَادَت لِاتِّبَاعِهَا وَارتَاحَت لِسَمَاعِهَا، وَأَمَاتَ نُفُوسَ أَهلِ الطُّغيَانِ بِالبِدعَةِ بَعدَ أَن تَمَادَت فِي نِزَاعِهَا وَتَغالَت فِي ابتِدَاعِهَا، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، العَالِمُ بِانقِيَادِ الأَفئِدَةِ وَامتِنَاعِهَا، المُطَّلِعُ عَلَى ضَمَائِرِ القُلُوبِ فِي حَالَتَيِ افتِرَاقِهَا واجتِمَاعِهَا، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي انخَفَضَت بِحَقِّهِ كَلِمَةُ البَاطِلِ بَعدَ ارتِفَاعِهَا، وَاتَّصَلَت بِإِرسَالِهِ أَنوَارُ الهُدَى وَظَهَرَت حُجَّتُهَا بَعدَ انقِطَاعِهَا، صَلَّى الله وَسَلَّمَ عَلَيهِ مَا دَامَتِ السَّمَاءُ وَالأَرضُ، هَذِهِ فِي سُمُوِّهَا وَارتِفَاعِهَا، وَهَذِهِ فِي اتِّسَاعِهَا، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ الَّذِينَ كَسَرُوا جُيُوشَ المَرَدَةِ وَفَتَحُوا حُصُونَ قِلَاعِهَا، وَهَجَرُوا فِي مَحَبَّةِ رَسُولِ الله الأَوطَارَ وَالأَوطَانَ وَلَم يُعَاوِدُوهَا بَعدَ وَدَاعِهَا، وَحَفِظُوا عَلَى أَتبَاعِهِم أَقوَالَهُ وَأَفعَالَهُ وَأَحوَالَهُ حَتَّى أَمِنَت بِهِمُ السُّنَنُ الشَّرِيفَةُ مِن ضَيَاعِهَا، أَمَّا بَعدُ:

تَكَلَّمنَا فِي ذِكرِ أَشرَاطِ السَّاعَةِ الكُبرَى عَن خُرُوجِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ وَنُزُولِ سَيِّدِنَا عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ وَالآنَ نَتَكَلَّمُ عَن خُرُوجِ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ.

خروج يأجوج ومأجوج

وَهِيَ مِنَ الفِتَنِ العِظَامِ، وَقَد أُشِيرَ إِلَيهِم فِي غَيرِ آيَةٍ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿قَالُوا يَا ذا القَرنَينِ إِنَّ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ مُفسِدُونَ فِي الأَرضِ﴾، وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الأَنبِيَاءِ: ﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَت يَأجُوجُ وَمَأجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ﴾. وَقَالَ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ عَشرُ آيَاتٍ: وذكر يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ».اهـ

تلخيص الكلام عن يأجوج ومأجوج وذكر نسبهم

مِن أَشرَاطِ السَّاعَةِ الكُبرَى خُرُوجُ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ، وَهُمَا فِي الأَصلِ قَبِيلَتَانِ مِن بَنِي آدَمَ مِنَ البَشَرِ، مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ وَحَوَّاءَ عَلَيهِمَا السَّلَامُ، ثُمَّ مِن بَنِي يَافِثِ بنِ نُوحٍ وِبِه جَزَمَ وَهبٌ وَغَيرُهُ، رَوَى أَبُو هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «وُلِدَ لِنُوحٍ سَامٌ وَحَامٌ وَيَافِثٌ، فَوُلِدَ لِسَامٍ العَرَبُ وَفَارِسُ وَالرُّومُ، وَوُلِدَ لِحَامٍ القِبطُ وَالبَربَرُ وَالسُّودَانُ، وَوُلِدَ لِيَافِثٍ يَأجُوجُ وَمَأجُوجُ وَالتُّركُ وَالصَّقَالِيَةُ».اهـ قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتحِ: وَفِي سَنَدِهِ ضَعفٌ.اهـ

وَيَأجُوجُ وَمَأجُوجُ بِغَيرِ هَمزٍ لِأَكثَرِ القُرَّاءِ، وَقَرَأَ عَاصِمٌ بِالهَمزَةِ السَّاكِنَةِ فِيهِمَا وَهِيَ لُغَةُ بَنِي أَسَدٍ، وَهُمَا اسمَانِ أَعجَمِيَّانِ عِندَ الأَكثَرِ مُنِعَا مِنَ الصَّرفِ لِلعَلَمِيَّةِ وَالعُجمَةِ، وَقِيلَ، بَل عَرَبِيَّانِ، وَاختُلِفَ فِي اشتِقَاقِهِمَا، فَقِيلَ مِن أَجِيجِ النَّارِ وَهُوَ التِهَابُهَا، وَقِيلَ مِنَ الأَجِّ وَهُوَ سُرعَةُ العَدوِ، وَقِيلَ مِنَ الأُجَاجِ وَهُوَ المَاءُ الشَّدِيدُ المُلُوحَةِ، وَقِيلَ مَاجُوجُ مِن مَاجَ إِذَا اضطَرَبَ.

مكان يأجوج ومأجوج

وَأَمَّا مَكَانُهُم فَهُوَ مَحجُوبٌ عَنِ النَّاسِ، فِي طَرَفٍ مِن أَطرَافِ الأَرضِ، اللهُ تَعَالَى حَجَزَهُم عَنِ البَشَرِ، فَلَا يَرَاهُمُ النَّاسُ، فَلَا هُم يَأتُونَ إِلَينَا وَلَا نَحنُ نَذهَبُ إِلَيهِم، الصَّعبُ ذُو القَرنَينِ عَلَيهِ السَّلَامُ الَّذِي كَانَ مِن أَكَابِرِ الأَولِيَاءِ حَجَزَهُم عَنِ البَشَرِ، بِقُدرَةِ اللهِ تَعَالَى بَنَى سَدًّا، اللهُ تَعَالَى أَعطَاهُ مِن كُلِّ شَىءٍ سَبَبًا لِأَنَّهُ وَلِيٌّ كَبِيرٌ، وَذُو القَرنَينِ عَلَيهِ السَّلَامُ بِكَرَامَةٍ أَعطَاهُ اللهُ إِيَّاهَا بَنَى سَدًّا جَبَلًا شَامِخًا مِن حَدِيدٍ ثُمَّ أُذِيبَ عَلَيهِ النُّحَاسُ فَصَارَ أَمتَنَ، لَا يَستَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ البَشَرِ أَن يَتَرَقَّاهُ بِطَرِيقِ العَادَةِ، وَهُم يُحَاوِلُونَ أَن يَختَرِقُوا هَذَا الجَبَلَ كُلَّ يَومٍ فَلَا يَستَطِيعُونَ وَيَقُولُونَ كُلَّ يَومٍ بَعدَ طُولِ عَمَلٍ وَجُهدٍ غَدًا نُكمِلُ، فَيَعُودُونَ فِي اليَومِ القَابِلِ فَيَجِدُونَ مَا فَتَحُوهُ قَد سُدَّ إِلَى أَن يَقُولُوا: غَدًا نُكمِلُ إِن شَاءَ اللهُ فَيَعُودُونَ فِي اليَومِ القَابِلِ فَيَجِدُونَ مَا بَدَؤُوا بِهِ قَد بَقِيَ عَلَى حَالِهِ فَيُكمِلُونَ الحَفرَ حَتَّى يَتَمَكَّنُوا مِنَ الخُرُوجِ.

ثُمَّ يَأجُوجُ وَمَأجُوجُ لَا يَمُوتُ أَحَدُهُم حَتَّى يَلِدَ أَلفًا مِن صُلبِهِ أَو أَكثَرَ كَمَا ذَكَرَ الرَّسُولُ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَيَصِيرُ عَدَدُهُم قَبلَ خُرُوجِهِم كَبِيرًا جِدًّا، حَتَّى إِنَّ البَشَرَ يَومَ القِيَامَةِ بِالنِّسبَةِ لَهُم مِن حَيثُ العَدَدُ كَوَاحِدٍ مِن مِائَةٍ، اللهُ أَعلَمُ كَيفَ يَعِيشُونَ الآنَ وَمَاذَا يَأكُلُونَ.

وَمَا يُروَى مِن أَنَّ آذَانَهُم طَوِيلَةٌ يَنَامُونَ عَلَى وَاحِدَةٍ وَيَتَغَطَّونَ بِالأُخرَى وَأَنَّهُم قِصَارُ القَامَةِ فَغَيرُ ثَابِتٍ.

وَفِي أَيَّامِهِم تَحصُلُ مَجَاعَةٌ يَمُرُّونَ عَلَى بُحَيرَةِ طَبَرِيَّا الَّتِي فِي فِلَسطِينَ فَيَشرَبُونَهَا، فَيَمُرُّ آخِرُهُم فَيَقُولُ كَانَ هُنَا مَاءٌ، فَلَا يَتَجَرَّأُ المُسلِمُونَ لِحَربِهِم، فَيَذهَبُ سَيِّدُنَا عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ وَالمُؤمِنُونَ إِلَى جَبَلِ الطُّورِ يَدعُونَ اللهَ يَستَغِيثُونَ بِهِ مِنهُم، وَيَتَضَرَّعُونَ إِلَى اللهِ أَن يُهلِكَهُم، فَيُنزِلُ اللهُ عَلَيهِم دُودًا يَدخُلُ رَقَبَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنهُم فَيَرمِيهِ صَرِيعًا مَيِّتًا، ثُمَّ اللهُ تَعَالَى يُرسِلُ طُيُورًا فَتَحمِلُهُم فَتَطرَحُهُم حَيثُ شَاءَ اللهُ ثُمَّ يُنزِلُ مَطَرًا فَيَغسِلُ الأَرضَ، وَهَؤُلَاءِ بَعدَ أَن يَنزِلَ سَيِّدُنَا عِيسَى بِمُدَّةٍ يَظهَرُونَ.

صفتهم وسيرتهم

أَخرَجَ أَحمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّكُم تَقُولُونَ لَا عَدُوَّ، وَإِنَّكُم لَا تَزَالُونَ تُقَاتِلُونَ عَدُوًّا حَتَّى تُقَاتِلُوا يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ، عِرَاضُ الوُجُوهِ، صِغَارُ العُيُونِ، صُهبُ الشُّعُورِ [أَي شُقرُ الشَّعَرِ] مِن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المِجَانُّ المُطَرَّقَةُ» (أَرَادَ أَنَّهُم عِرَاضُ الوُجُوهِ غِلَاظُهَا).

وَأَمَّا مَا قِيلَ مِن أَنَّ آدَمَ عَلَيهِ السَّلَامُ احتَلَمَ فَاختَلَطَ مَاؤُهُ بِالتُّرَابِ فَأَسِفَ فَخُلِقُوا مِن ذَلِكَ المَاءِ فَهَذَا بَاطِلٌ رَدَّهُ الإِمَامُ القُرطُبِيُّ فِي الجَامِعِ لِأَحكَامِ القُرآنِ عِندَ تَفسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ وَهِيَ قَولُهُ تَعَالَى: ((قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا))، وَرَدَّ ذَلِكَ أَيضًا النَّوَوِيُّ فِي شَرحِهِ عَلَى مُسلِمٍ، وَابنُ حَجَرٍ العَسقَلَانِيُّ فِي شَرحِهِ عَلَى البُخَارِيِّ، وَقَالُوا: “بِدِلَالَةِ أَنَّ الأَنبِيَاءَ لَا يَحتَلِمُونَ” لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى نَزَّهَ الأَنبِيَاءَ وَصَانَهُم عَن أَن يَتَلَاعَبَ بِهِمُ الشَّيطَانُ فِي يَقَظَتِهِم كَمَا فِي نَومِهِم، هَذَا مَعَ أَنَّ أَبدَانَهُم تَنَامُ وَقُلُوبَهُمُ الشَّرِيفَةُ لَا تَنَامُ. وَلَا يَصِحُّ مَا يُقَالُ إِنَّهُمُ الآنَ هُم أَهلُ الصِّينِ.

سيرتهم وعددهم

أَخرَجَ ابنُ حِبَّانَ فِي «صَحِيحِهِ» عَنِ ابنِ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ أَقَلُّ مَا يَترُكُ أَحَدُهُم مِن صُلبِهِ أَلفًا مِنَ الذُّرِّيَّةِ». وَلِلنَّسَائِيِّ مِن رِوَايَةِ عَمرِو بنِ أَوسٍ عَن أَبِيهِ رَفَعَهُ: «إِنَّ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ لَا يَمُوتُ رَجُلٌ مِنهُم إِلَّا تَرَكَ مِن ذُرِّيَتِهِ أَلفًا فَصَاعِدًا».

وَأَخرَجَ الحَاكِمُ وَابنُ مَردَوَيهِ مِن طَرِيقِ عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُ: «إِنَّ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ، وَرَاءَهُم ثَلَاثُ أُمَمٍ، وَلَن يَمُوتَ مِنهُم رَجُلٌ إِلَّا تَرَكَ مِن ذُرِّيَتِهِ أَلفًا فَصَاعِدًا». وَأَخرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَابنُ مَردَوَيهِ وَالبَيهَقِيُّ وَعَبدُ بنُ حُمَيدٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا بِنَحوِهِ وَزَادَ: «فَسَمَّى الأُمَمَ الثَّلَاثَ: تَاوِيلَ، وَتَارِيسَ، وَمَنسَكَ».

وَقَد جَاءَ فِي خَبَرٍ مَرفُوعٍ: «إِنَّ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ يَحفِرُونَ السَّدَّ كُلَّ يَومٍ»، وَهُوَ فِيمَا أَخرَجَهُ التِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَابنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ: عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، رَفَعَهُ: «يَحفِرُونَهُ كُلَّ يَومٍ حَتَّى إِذَا كَادُوا يَخرِقُونَهُ قَالَ الَّذِي عَلَيهِمُ: ارجِعُوا فَتَخرِقُونَهُ غَدًا، فَيُعِيدُهُ اللهُ كَأَشَدِّ مَا كَانَ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ مُدَّتَهُم، وَأَرَادَ اللهُ أَن يَبعَثَهُم عَلَى النَّاسِ قَالَ الَّذِي عَلَيهِمُ: ارجِعُوا فَسَتَخرِقُونَهُ غَدًا إِن شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَاستَثنَى، قَالَ: فَيَرجِعُونَ فَيَجِدُونَهُ كَهَيَئِتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ، فَيَخرِقُونَهُ فَيَخرُجُونَ عَلَى النَّاسِ».

قَالَ ابنُ العَرَبِيِّ: فِي هَذَا الحَدِيثِ ثَلَاثُ آيَاتٍ: الأُولَى: أَنَّ اللهَ مَنَعَهُم أَن يُوَالُوا الحَفرَ لَيلًا وَنَهَارًا. الثَّانِيَةُ: مَنَعَهُم أَن يُحَاوِلُوا الرُّقِيَّ عَلَى السَّدِّ بِالسُّلَّمِ أَوِ الآلَةِ فَلَم يُلهِمهُم ذَلِكَ وَلَا عَلَّمَهُم إِيَّاهُ، أَي مَعَ أَنَّهُ وَرَدَ فِي خَبَرِهِم عِندَ وَهبٍ أَنَّ لَهُم أَشجَارًا وَزُرُوعًا وَغَيرَ ذَلِكَ مِنَ الآلَاتِ. الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ صَدَّهُم أَن يَقُولُوا: إِن شَاءَ اللهُ تَعَالَى حَتَّى يَجِيءَ الوَقتُ المُحَدَّدُ.

قَالَ الحَافِظُ: يَحتَمِلُ أَن تَكُونَ تِلكَ الكَلِمَةَ تَجرِي عَلَى لِسَانِ ذَلِكَ الوَالِي مِن غَيرِ أَن يَعرِفَ مَعنَاهَا فَيَحصُلُ المَقصُودُ بِبَرَكَتِهَا.

وَرَوَى البُخَارِيُّ عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «يَقُولُ اللهُ تَعَالَى يَا آدَمُ فَيَقُولُ: لَبَّيكَ وَسَعدَيكَ وَالخَيرُ فِي يَدَيكَ فَيَقُولُ: أَخرِج بَعثَ النَّارِ قَالَ: وَمَا بَعثُ النَّارِ قَالَ مِن كُلِّ ‌أَلفٍ ‌تِسعَمِائَةٍ ‌وَتِسعَةً وَتِسعِينَ، فَعِندَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ ﴿وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَملٍ حَملَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ﴾» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَأَيُّنَا ذَلِكَ الوَاحِدُ قَالَ: «أَبشِرُوا فَإِنَّ مِنكُم رَجُلًا وَمِن يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ أَلفًا». ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي أَرجُو أَن تَكُونُوا رُبُعَ أَهلِ الجَنَّةِ» فَكَبَّرنَا فَقَالَ: «أَرجُو أَن تَكُونُوا ثُلُثَ أَهلِ الجَنَّةِ» فَكَبَّرنَا فَقَالَ: «أَرجُو أَن تَكُونُوا نِصفَ أَهلِ الجَنَّةِ».

وقد روى نُعَيمُ بنُ حَمَّادٍ فِي «الفِتَنِ» عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «بَعَثَنِي اللهُ حِينَ أُسرِيَ بِي إِلَى يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ فَدَعَوتُهُم إِلَى دِينِ اللهِ وَعِبَادَتِهِ فَأَبَوا أَن يُجِيبُونِي، فَهُم فِي النَّارِ مَعَ مَن عَصَى مِن وَلَدِ آدَمَ وَوَلَدِ إِبلِيسَ».

من هو ذو القرنين الذي بنى السد على يأجوج ومأجوج

رَوَى الشَّيخُ أَبُو سُلَيمَانَ الخَطَّابِيُّ فِي شَرحِهِ عَلَى البُخَارِيِّ أَنَّ رَجُلًا مِن حِميَرَ أَنشَدَ عِندَ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أَبيَاتًا قَالَهَا تُبَّعٌ مَلِكُ حِميَرَ فِي مَدحِ ذِي القَرنَينِ وَهِيَ:

قَد كَانَ ذُو القَرنَينِ جَدِّي مُسلِمًا…

مَلِكًا عَلَا فِي الأَرضِ غَيرَ مُفَنَّدِ [أَي غَيرَ مُكَذَّبِ].

بَلَغَ المَشَارِقَ وَالمَغَارِبَ يَبتَغِي…

أَسبَابَ عِلمٍ مِن كَرِيمٍ مُرشِدِ

فَرَأَى مَآبَ الشَّمسِ عِندَ غُرُوبِهَا…

فِي عَينِ ذِي خُلُبٍ وَثَأطٍ حَرمَدِ

[الخُلُبُ: الطِّينُ الصُّلبُ، الثَّأطُ: هُوَ الطِّينُ الأَسوَدُ. الحَرمَدُ: هُوَ الطِّينُ الأَسوَدُ كَذَلِكَ].

فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا لِمَن عِندَهُ: يَا غُلَامُ اكتُب.

تسمية ذي القرنين

وَفِي سبب تَسمِيَتِهِ بِذِي القَرنَينِ أَقوَال: أَنَّهُ سُمِّيَ بِذِي القَرنَينِ لِأَنَّهُ سَارَ إِلَى مَغرِبِ الشَّمسِ وَإِلَى مَطلِعِهَا، قَالَهُ ابنُ عَبَّاسٍ، وقيل لِأَنَّهُ رَأَى فِي المَنَامِ كَأَنَّهُ امتَدَّ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرضِ وَأَخَذَ بِقَرنَيِ الشَّمسِ فَقَصَّ ذَلِكَ عَلَى قَومِهِ فَسُمِّيَ بِذِي القَرنَينِ، وقيل: لِأَنَّهُ مَلَكَ الرُّومَ وَالفُرسَ، وَقيل: لِأَنَّهُ كَانَ فِي رَأسِهِ شِبهُ القَرنَينِ، وَقيل: لِأَنَّهُ كَانَت لَهُ غَدِيرَتَانِ مِن شَعَرٍ، قَالَهُ الحَسَنُ، قَالَ ابنُ الأَنبَارِيِّ: وَالعَرَبُ تُسَمِّي الضَّفِيرَتَينِ مِنَ الشَّعَرِ غَدِيرَتَينِ وَجَمِيرَتَينِ وَقَرنَينِ، وَقيل: لِأَنَّهُ كَانَ كَرِيمَ الطَّرَفَينِ مِن أَهلِ بَيتٍ ذَوِي شَرَفٍ، وقيل: لِأَنَّهُ انقَرَضَ فِي زَمَانِهِ قَرنَانِ مِنَ النَّاسِ وَهُوَ حَيٌّ، وَقيل: لِأَنَّهُ سَخَّرَ اللهُ لَهُ النُّورَ وَالظُّلمَةَ فَإِذَا سَرَى يَهدِيهِ النُّورُ مِن أَمَامِهِ وَتُحَوِّطُهُ الظُّلَمُ مِن وَرَائِهِ.

مناقبه

وَذُو القَرنَينِ عَبدٌ تَقِيٌّ وَلِيٌّ صَالِحٌ مِنَ البَشَرِ، لَم يَكُن نَبِيًّا وَلَا مَلَكًا، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيهِ الأَكثَرُونَ.

وَقَد  روي عَن سَيِّدِنَا عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: كَانَ عَبدًا صَالِحًا أَحَبَّ اللهَ فَأَحَبَّهُ اللهُ.اهـ

وَقَد مَلَكَ الدُّنيَا اثنَانِ مُؤمِنَانِ ذُو القَرنَينِ وَسُلَيمَانُ عَلَيهِ السَّلَامُ، وَكَافِرَانِ نُمرُودُ وَبُختَنَصَّرُ…

وَقَد مَلَّكَهُ اللهُ تَعَالَى الأَرضَ وَأَعطَاهُ العِلمَ وَالحِكمَةَ، وَيُروَى أَنَّ سَيِّدَنَا الخَضِرَ عَلَيهِ السَّلَامُ كَانَ وَزِيرَهُ وَعَلَى مُقَدَّمِ جَيشِهِ، وَقَد حَجَّ ذُو القَرنَينِ مَاشِيًا مِنَ اليَمَنِ إِلَى مَكَّةَ المُكَرَّمَةِ وَالتَقَى بِسَيِّدِنَا إِبرَاهِيمَ وَإِسمَاعِيلَ عَلَيهِمَا السَّلَامُ وَطَافَ مَعَهُمَا حَولَ الكَعبَةِ المُشَرَّفَةِ وَذَبَحَ الذَّبَائِحَ للهِ تَعَالَى، وَلَمَّا سَمِعَ سَيِّدُنَا إِبرَاهِيمُ عَلَيهِ السَّلَامُ بِقُدُومِهِ استَقبَلَهُ وَدَعَا لَهُ وَأَوصَاهُ بِوَصَايَا، وَجِيءَ لَهُ بِفَرَسٍ لِيَركَبَهَا فَقَالَ تَأَدُّبًا: لَا أَركَبُ فِي بَلَدٍ فِيهِ الخَلِيلُ إِبرَاهِيمُ عَلَيهِ السَّلَامُ، فَسَخَّرَ اللهُ تَعَالَى لَهُ السَّحَابَ وَبَشَّرَهُ سَيِّدُنَا إِبرَاهِيمُ بِذَلِكَ، فَكَانَت تَحمِلُهُ إِذَا أَرَادَ، وَكَانَ مِن أَمرِهِ أَنَّ اللهَ مَدَّ لَهُ فِي عُمُرِهِ وَنَصَرَهُ حَتَّى قَهَرَ البِلَادَ وَفَتَحَ المَدَائِنَ، وَسَارَ حَتَّى أَتَى المَشرِقَ وَالمَغرِبَ، فَمَنِ اتَّبَعَ دِينَ الإِسلَامِ سَلِمَ وَإِلَّا فَقَد أَخزَاهُ، وَعَاشَ ذُو القَرنَينِ مِئَاتِ السِّنِينَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، وَقَد تَزَوَّدَ لِآخِرَتِهِ بِزَادِ التَّقوَى وَالعَمَلِ الصَّالِحِ، وَقِيلَ فِيهِ:

وَالصَّعبُ ذُو القَرنَينِ أَمسـَى مُلكُهُ…

أَلفَينِ عَامًا ثُمَّ صَارَ رَمِيمًا

قصة ذي القرنين وبنائه للسد على يأجوج ومأجوج مما ورد في سورة الكهف

لَمَّا سَأَلَ المُشرِكُونَ فِي مَكَّةَ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَن ذِي القَرنَينِ بِإِشَارَةٍ مِنَ اليَهُودِ عَلَى جِهَةِ الِامتِحَانِ نَزَلَ قَولُ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَيَسأَلُونَكَ عَن ذِي القَرنَينِ﴾ وَاختَلَفُوا فِي اسمِ ذِي القَرنَينِ عَلَى أَربَعَةِ أَقوَالٍ، أَحَدُهَا: عَبدُ اللهِ، وَالثَّانِي: الإِسكَندَرُ، وَلَكِن لَيسَ الإِسكَندَرَ المَقدُونِيَّ بَل هَذَا غَيرُهُ، وَالثَّالِثُ: عَيَّاشُ، وَالرَّابِعُ: الصَّعبُ بنُ ذِي مُرائِدَ، وَقِيلَ: بَلِ الصَّعبُ بنُ الحَارِثِ مِن حِميَرَ اليَمَنِ، وَاختَارَ الأَخِيرَةَ جَمَاعَةٌ مِن أَهلِ الحَدِيثِ وَالتَّفسِيرِ وَالتَّارِيخِ ﴿قُل﴾ أَي لَهُم يَا مُحَمَّدُ فِي الجَوَابِ ﴿سَأَتلُو عَلَيكُم مِنهُ﴾ أَي سَأَذكُرُ لَكُم مِن حَالِهِ ﴿ذِكرًا﴾ أَي خَبَرًا ﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرضِ﴾ أَي سَهَّلنَا عَلَيهِ السَّيرَ فِيهَا، قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: “إِنَّهُ أَطَاعَ اللهَ فَسَخَّرَ لَهُ السَّحَابَ فَحَمَلَهُ عَلَيهِ وَمَدَّ لَهُ فِي الأَسبَابِ وَبَسَطَ لَهُ النُّورَ فَكَانَ اللَّيلُ وَالنَّهَارُ عَلَيهِ سَوَاءً”.اهـ ﴿وَآتَينَاهُ مِن كُلِّ شَيءٍ﴾ يَحتَاجُ إِلَيهِ مِن مُهِمَّاتِ مُلكِهِ وَمَقَاصِدِهِ المُتَعَلِّقَةِ بِسُلطَانِهِ ﴿سَبَبًا﴾ أَي عِلمًا أَو قُدرَةً أَو آلَةً يَتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى مَقصُودِهِ، وَقَد خَرَجَ ذُو القَرنَينِ مَرَّةً فِي الأَرضِ يُرِيدُ بُلُوغَ المَغرِبِ ﴿فَأَتبَعَ سَبَبًا﴾ أَي سَلَكَ طَرِيقًا نَحوَ مَقصِدِهِ، وَالسَّبَبُ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى المَقصُودِ مِن عِلمٍ أَو قُدرَةٍ، فَأَرَادَ بُلُوغَ المَغرِبِ فَأَتبَعَ سَبَبًا يُوصِلُهُ إِلَيهِ حَتَّى بَلَغَ، وَكَذَلِكَ أَرَادَ المَشرِقَ فَأَتبَعَ سَبَبًا، وَأَرَادَ بُلُوغَ السَّدَّينِ فَأَتبَعَ سَبَبًا ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغرِبَ الشَّمسِ﴾ أَي مُنتَهَى العِمَارَةِ نَحوَ المَغرِبِ وَكَذَا المَطلِعِ، وَمِمَّا يُروَى فِي بَدءِ أَمرِهِ أَنَّهُ أراد ان  يَشرَبَ مِن عَينِ الحَيَاةِ فَيعمر، فَجَعَلَ يَسِيرُ فِي طَلَبِهَا، وَالخَضِرُ وَزِيرُهُ فَظَفِرَ الخَضِرُ فَشَرِبَ مِنهَا وَلَم يَظفَر ذُو القَرنَينِ ﴿وَجَدَهَا﴾ أَيِ الشَّمسَ ﴿تَغرُبُ﴾ أَي فِيمَا تَرَى عَينُ النَّاظِرِ ﴿فِي عَينٍ﴾ مِنَ المَاءِ ﴿حَمِئَةٍ﴾ بِمَعنَى حَارَّةٍ أَو ذَاتِ طِينٍ أَسوَدَ، لَا أَنَّ الشَّمسَ دَخَلَت فِي المَاءِ حَقِيقَةً، بَل حَقِيقَتُهَا أَنَّهَا تَغرُبُ فِي الجِهَةِ خَلفَ تِلكَ العَينِ مِنَ المَاءِ، وَهَذَا يُشبِهُ مَا نُشَاهِدُهُ مِنهَا عِندَ غُرُوبِهَا فِي أَرضٍ مَلسَاءَ كَأَنَّهَا تَدخُلُ فِيهَا، ﴿وَوَجَدَ﴾ ذُو القَرنَينِ ﴿عِندَهَا﴾ أَي عِندَ تِلكَ العَينِ ﴿قَومًا﴾ كَافِرِينَ ﴿قُلنَا﴾ أَي أَوحَى اللهُ إِلَى نَبِيٍّ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ أَن يُخبِرَ ذَا القَرنَينِ بِالتَّخيِيرِ فِي القَومِ بِأَن يَقُولَ لَهُ ﴿يَا ذَا القَرنَينِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ﴾ أُولَئِكَ الكَافِرِينَ بِأَن تَقتُلَ مَن لَم يَدخُل فِي الإِسلَامِ مِنهُم ﴿وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِم حُسنًا﴾ إِن لَم يُؤمِنُوا بِأَن تَجتَهِدَ فِي استِمَالَتِهِم إِلَى الإِيمَانِ وَالهُدَى، وَكَانَ مَعَ ذِي القَرنَينِ جُندٌ كَثِيرٌ وَعَسَاكِرُ ﴿قَالَ﴾ ذُو القَرنَينِ ﴿أَمَّا مَن ظَلَمَ﴾ وَأَكبَرُ الظُّلمِ وَأَشَّدُّهُ الكُفرُ بِاللهِ تَعَالَى ﴿فَسَوفَ نُعَذِّبُهُ﴾ بِالقَتلِ إِن لَم يَرجِع عَنِ الكُفرِ وَيَدخُل فِي الإِسلَامِ ﴿ثُمَّ يُرَدُّ﴾ هَذَا الكَافِرُ المَقتُولُ يَومَ القِيَامَةِ ﴿إِلَى رَبِّهِ﴾ أَي إِلَى جَزَاءِ رَبِّهِ وَالعَذَابِ الَّذِي وُعِدَ بِهِ هُنَاكَ ﴿فَيُعَذِّبُهُ﴾ اللهُ فِي الآخِرَةِ ﴿عَذَابًا نُكرًا﴾ أَي فَظِيعًا بَلِيغًا أَلِيمًا أَنكَرَ أَي أَشَدَّ بِكَثِيرٍ مِنَ العَذَابِ بِالقَتلِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ فِي الدُّنيَا فَيَكُونُ مُعَذَّبًا فِي الدَّارَينِ، وَهَذَا فِيهِ الرَّدُّ عَلَى مَن يَقُولُونَ بِحُرِّيَّةِ المُعتَقَدِ، وَيَقُولُونَ بِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ الحَقَّ فِي أَن يَختَارَ الدِّينَ الَّذِي يُرِيدُ وَلَو كَانَ الكُفرَ وَالعِيَاذُ بِاللهِ، بَل هَذَا تَهدِيدٌ شَدِيدٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى بِالعَذَابِ فِي الدَّارَينِ لِمَنِ اختَارَ غَيرَ الإِسلَامِ دِينًا ﴿وَأَمَّا مَن آمَنَ﴾ بِاللهِ ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ عَلَى حَسَبِ مَا يَقتَضِيهِ الإِيمَانُ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الإِيمَانَ شَرطٌ لِقَبُولِ العَمَلِ الصَّالِحِ ﴿فَلَهُ جَزَاءً الحُسنَى﴾ فَلَهُ جَزَاءُ الفِعلَةِ الحُسنَى الَّتِي هِيَ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ ﴿وَسَنَقُولُ لَهُ مِن أَمرِنَا يُسرًا﴾ أَي ذَا يُسرٍ، أَي لَا نَأمُرُهُ بِالصَّعبِ الشَّاقِّ وَلَكِن بِالسَّهلِ المُتَيَسِّرِ ﴿ثُمَّ أَتبَعَ سَبَبًا، حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطلِعَ الشَّمسِ وَجَدَهَا تَطلُعُ عَلَى قَومٍ﴾ هُمُ الزِّنجُ ﴿لَم نَجعَل لَهُم مِن دُونِهَا﴾ مِن دُونِ الشَّمسِ ﴿سِترًا﴾ أَي أَبنِيَةً، وَرُوِيَ عَن كَعبٍ أَنَّ أَرضَهُم لَا تُمسِكُ الأَبنِيَةَ وَبِهَا أَسرَابٌ أَي أَنفَاقٌفَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمسُ دَخَلُوهَا فَإِذَا ارتَفَعَ النَّهَارُ خَرَجُوا إِلَى مَعَايِشِهِم.اهـ ﴿كَذَلِكَ﴾ أَي كَمَا بَلَغَ ذُو القَرنَينِ مَغرِبَ الشَّمسِ فَقَد بَلَغَ مَشرِقَهَا، أَو مَعنَاهُ أَنَّهُ حَكَمَ فِي الزِّنجِ كَمَا حَكَمَ فِي القَومِ الَّذِينَ فِي جِهَةِ المَغرِبِ، فَأَمرُ ذِي القَرنَينِ كَذَلِكَ، أَي كَمَا وَصَفنَاهُ تَعظِيمًا لِأَمرِهِ ﴿وَقَد أَحَطنَا بِمَا لَدَيهِ﴾ مِنَ الجُنُودِ وَالآلَاتِ وَأَسبَابِ المُلكِ ﴿خُبرًا﴾ أَي قَد عَلِمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعِلمِهِ الأَزَلِيِّ مِن قَبلِ وُجُودِ العَالَمِ بِأَسرِهِ مَا يَكُونُ مِن حَالِ ذِي القَرنَينِ وَمَا مَعَهُ مِنَ الجُندِ وَالعُدَّةِ وَآلَاتِ الحَربِ وَغَيرِ ذَلِكَ مِنَ الأَسبَابِ الَّتِي هَيَّئَهَا اللهُ تَعَالَى لَهُ، وَمَعنَى إِحَاطَةِ اللهِ عِلمًا بِمَخلُوقَاتِهِ كَونُهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلِيمًا بِهَا لَا يَغِيبُ عَن عِلمِهِ شَيءٌ مِنهَا، وَلَا يَجُوزُ وَصفُهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَنَّهُ مُحِيطٌ بِالعَالَمِ بِذَاتِهِ، لِأَنَّ الإِحَاطَةَ بِالشَّيءِ ذَاتًا مِن أَوصَافِ الخَلقِ فَلَا يَكُونُ مَعنَى إِحَاطَةِ اللهِ بِالأَشيَاءِ عِلمًا أَنَّهُ مُحِيطٌ بِهَا بِذَاتِهِ مِنَ الجِهَاتِ بِالتَّحَيُّزِ وَالِالتِفَافِ وَالحُلُولِ وَنَحوِ ذَلِكَ، قَالَ الإِمَامُ أَبُو جَعفَرٍ الطَّحَاوِيُّ: تَعَالَى أَيِ (اللهُ) عَنِ الحُدُودِ وَالغَايَاتِ وَالأَركَانِ وَالأَعضَاءِ وَالأَدَوَاتِ، لَا تَحوِيهِ الجِهَاتُّ السِّتُّ كَسَائِرِ المُبتَدَعَاتِ.اهـ ثُمَّ أَخبَرَ اللهُ تَعَالَى عَن مَسِيرِ ذِي القَرنَينِ فَقَالَ: ﴿ثُمَّ أَتبَعَ سَبَبًا﴾ أَي سَلَكَ طَرِيقًا ثَالِثًا مَا بَينَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ يُوصِلُهُ إِلَى جَبَلَينِ عَظِيمَينِ مُتَقَابِلَينِ ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ﴾ أَي وَصَلَ إِلَى المَوضِعِ الوَاقِعِ ﴿بَينَ السَّدَّينِ﴾ بَينَ الجَبَلَينِ، وَهُمَا جَبَلَانِ سَدَّ ذُو القَرنَينِ مَا بَينَهُمَا، وَهَذَا السَّدُّ فِي مُنقَطِعِ أَرضِ التُّركِ مِمَّا يَلِي المَشرِقَ ﴿وَجَدَ مِن دُونِهِمَا﴾ أَي عِندَ الجَبَلَينِ، أَي مِن وَرَائِهِمَا مُجَاوِزًا عَنهُمَا ﴿قَومًا﴾ أَي أُمَّةً مِنَ النَّاسِ ﴿لَا يَكَادُونَ يَفقَهُونَ قَولًا﴾ لَا يَعرِفُونَ غَيرَ لُغَةِ أَنفُسِهِم إِلَّا بِجُهدٍ وَمَشَقَّةٍ مِن إِشَارَةٍ وَنَحوِهَا، لِأَنَّ لُغَتَهُم غَرِيبَةٌ مَجهُولَةٌ وَمَا كَانُوا يَفهَمُونَ اللِّسَانَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ ذُو القَرنَينِ ﴿قَالُوا﴾ أَي قَالَت لَهُ أُمَّةٌ مِنَ الإِنسِ صَالِحَةٌ: ﴿يَا ذَا القَرنَينِ إِنَّ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ﴾ اسمَانِ أَعجَمِيَّانِ بِدَلِيلِ مَنعِ الصَّرفِ، وَهُمَا مِن وَلَدِ يَافِثَ بنِ سَيِّدِنَا نُوحٍ عَلَيهِ السَّلَامُ ﴿مُفسِدُونَ فِي الأَرضِ﴾ قِيلَ: كَانُوا يَأكُلُونَ النَّاسَ، وَقِيلَ كَانُوا يَخرُجُونَ أَيَّامَ الرَّبِيعِ فَلَا يَترُكُونَ شَيئًا أَخضَرَ إِلَّا أَكَلُوهُ وَلَا يَابِسًا إِلَّا احتَمَلُوهُ، وَهُم كُلَّ يَومٍ يَحفِرُونَ السَّدَّ حَتَّى يَخرُجُوا حَتَّى كَادُوا يَنقُبُونَهُ، فَيُعِيدُهُ اللهُ تَعَالَى كَمَا كَانَ، حَتَّى يَأتِيَ يَومٌ يَقُولُونَ نَنقُبُهُ غَدًا إِن شَاءَ اللهُ تَعَالَى، اللهُ يُجرِي عَلَى أَلسِنَتِهِم هَذِهِ الكَلِمَةَ إِن شَاءَ اللهُ، فَيَنقُبُونَهُ وَيَخرُجُونَ وَيَتَحَصَّنُ النَّاسُ بِالحُصُونِ فَيَرمُونَ إِلَى السَّمَاءِ فَيُرَدُّ السَّهمُ عَلَيهِم مُلَطَّخًا بِالدَّمِ، ثُمَّ يُهلِكُهُمُ اللهُ تَعَالَى بِالنَّغَفِ فِي رِقَابِهِم، وَقَد جَاءَ مَرفُوعًا عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ يَحفِرَانِ كُلَّ يَومٍ، حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَونَ شُعَاعَ الشَّمسِ قَالَ الَّذِي عَلَيهِمُ ارجِعُوا فَسَتَحفِرُونَهُ غَدًا، فَيُعِيدُهُ اللهُ أَشَدَّ مَا كَانَ، حَتَّى إِذَا بَلَغَت مُدَّتُهُم وَأَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَن يَبعَثَهُم عَلَى النَّاسِ حَفَرُوا، حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَونَ شُعَاعَ الشَّمسِ قَالَ: ارجِعُوا فَسَتَحفِرُونَهُ غَدًا إِن شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَاستَثنَوا، فَيَعُودُونَ إِلَيهِ وَهُوَ كَهَيئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ، فَيَحفِرُونَهُ وَيَخرُجُونَ عَلَى النَّاسِ، فَيُنَشِّفُونَ المَاءَ، وَيَتَحَصَّنُ النَّاسُ مِنهُم فِي حُصُونِهِم، فَيَرمُونَ بِسِهَامِهِم إِلَى السَّمَاءِ فَترجِعُ، عَلَيهَا الدَّمُ الَّذِي اجفَظَّ [أَي مَلَأَهَا. أَي تَرجِعُ السِّهَامُ عَلَيهِم حَالَ كَونِ الدَّمِ مُمتَلِئًا عَلَيهَا]، فَيَقُولُونَ قَهَرنَا أَهلَ الأَرضِ وَعَلَونَا أَهلَ السَّمَاءِ، فَيَبعَثُ اللهُ تَعَالَى عَلَيهِم نَغَفًا فِي أَقفَائِهِم فَيَقتُلُهُم بِهَا»، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّ دَوَابَّ الأَرضِ لَتَسمَنُ وَتَشكَرُ [قَالَ ابنُ الأَثِيرِ: أَي تَسمَنُ وَتَمتَلِئُ شَحمًا، يُقَالُ: شَكِرَتِ الشَّاةُ بِالكَسرِ تَشكَرُ شَكَرًا بِالتَّحرِيكِ إِذَا سَمِنَت وَامتَلَأَ ضَرعُهَا لَبَنًا.اهـ] شَكَرًا مِن لُحُومِهِم» ﴿فَهَل نَجعَلُ لَكَ خَرجًا﴾ خَرَاجًا، أَي جَعلًا نُخرِجُهُ مِن أَموَالِنَا ﴿عَلَى أَن تَجعَلَ بَينَنَا وَبَينَهُم سَدًّا﴾ رَدمًا، وَالرَّدمُ مَا جُعِلَ بَعضُهُ عَلَى بَعضٍ حَتَّى يَتَّصِلَ، قَالَ الإِمَامُ القُرطُبِيُّ: فِي هَذِهِ الآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى اتِّخَاذِ السُّجُونِ وَحَبسِ أَهلِ الفَسَادِ فِيهَا وَمَنعِهِم مِنَ التَّصَرُّفِ لِمَا يُرِيدُونَهُ وَلَا يُترَكُونَ وَمَا هُم عَلَيهِ.اهـ ﴿قَالَ﴾ لَهُم ذُو القَرنَينِ ﴿مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي﴾ أَي مَا جَعَلَنِي فِيهِ مَكِينًا قَادِرًا مِنَ المُلكِ وَالمَالِ وَاليَسَارِ وَسَائِرِ الأَسبَابِ ﴿خَيرٌ﴾ أَي أَفضَلُ مِمَّا تُرِيدُونَ جَعلَهُ لِي مِنَ الجَعلِ وَالخَرَاجِ فَلَا حَاجَةَ لِي إِلَيهِ ﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾ بِفَعَلَةٍ وَصُنَّاعٍ يُحسِنُونَ البِنَاءَ وَالعَمَلَ وَبِالآلَاتِ ﴿أَجعَل بَينَكُم وَبَينَهُم رَدمًا﴾ جِدَارًا أَو حَاجِزًا حَصِينًا مُوَثَّقًا، وَالرَّدمُ أَكبَرُ مِنَ السَّدِّ ﴿آتُونِي زُبَرَ الحَدِيدِ﴾ قِطَعَ الحَدِيدِ، ، قِيلَ: حَفَرَ الأَسَاسَ حَتَّى بَلَغَ المَاءَ وَجَعَلَ الأَسَاسَ مِنَ الصَّخرِ وَالنُّحَاسِ المُذَابِ، وَالبُنيَانَ مِن زُبَرِ الحَدِيدِ بَينَهَا الحَطَبُ وَالفَحمُ حَتَّى سَدَّ مَا بَينَ الجَبَلَينِ إِلَى أَعلَاهُمَا، ثُمَّ وَضَعَ المَنَافِيخَ حَتَّى إِذَا صَارَت كَالنَّارِ صَبَّ النُّحَاسَ المُذَابَ عَلَى الحَدِيدِ المُحَمَّى فَاختَلَطَ وَالتَصَقَ بَعضُهُ بِبَعضٍ وَصَارَ جَبَلًا صَلدًا ﴿حَتَّى إِذَا سَاوَى بَينَ الصَّدَفَينِ﴾ جَانِبَيِ الجَبَلَينِ لِأَنَّهُمَا يَتَصَادَفَانِ أَي يَتَقَابَلَانِ، وَقِيلَ بُعدُ مَا بَينَ السَّدَّينِ مِائَةُ فَرسَخٍ ﴿قَالَ﴾ ذُو القَرنَينِ لِلعَمَلَةِ ﴿انفُخُوا﴾ فِي الحَدِيدِ ﴿حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ﴾ أَيِ المَنفُوخَ فِيهِ وَهُوَ الحَدِيدُ ﴿نَارًا﴾ كَالنَّارِ ﴿قَالَ آتُونِي أُفرِغ عَلَيهِ﴾ أَعطُونِي أَصُبَّ عَلَيهِ ﴿قِطرًا﴾ نُحَاسًا مُذَابًا لِأَنَّهُ يَقطُرُ، قِيلَ وَضَعَ زُبَرَ الحَدِيدِ بَعضَهَا عَلَى بَعضٍ حَتَّى صَارَت بِحَيثُ تَسُدُّ مَا بَينَ الجَبَلَينِ إِلَى أَعلَاهُمَا، ثُمَّ وَضَعَ المَنَافِخَ عَلَيهَا حَتَّى إِذَا صَارَت كَالنَّارِ صَبَّ النُّحَاسَ المُذَابَ عَلَى الحَدِيدِ المُحَمَّى فَالتَصَقَ بَعضُهُ بِبَعضٍ وَصَارَ جَبَلًا صَلدًا [قَالَ الفَيرُوزَءابَادِيُّ: الصَّلدُ، وَيُكسَرُ: الصُّلبُ الأَملَسُ]، وَاعلَم أَنَّ هَذَا شَيءٌ عَجِيبٌ، لِأَنَّ هَذِهِ الزُّبَرَ الكَثِيرَةَ إِذَا نُفِخَ عَلَيهَا حَتَّى صَارَت كَالنَّارِ لَم يَقدِرِ الواحد عَلَى القُربِ مِنهَا، وَالنَّفخُ عَلَيهَا لَا يَحصُلُ إِلَّا مَعَ القُربِ مِنهَا، فَكَأَنَّهُ قَد صُرِفَ تَأثِيرُ تِلكَ الحَرَارَةِ العَظِيمَةِ عَن أَبدَانِ أُولَئِكَ النَّافِخِينَ عَلَيهَا بِقُدرَةِ اللهِ تَعَالَى ﴿فَمَا اسطَاعُوا﴾ بِحَذفِ التَّاءِ لِلخِفَّةِ لِأَنَّ التَّاءَ قَرِيبَةُ المَخرَجِ مِنَ الطَّاءِ ﴿أَن يَظهَرُوهُ﴾ أَن يَعلُوهُ، أَي مَا قَدَرُوا عَلَى الصُّعُودِ عَلَيهِ لِأَجلِ ارتِفَاعِهِ وَمَلَاسَتِهِ ﴿وَمَا استَطَاعُوا لَهُ نَقبًا﴾ وَلَا عَلَى نَقبِهِ لِأَجلِ صَلَابَتِهِ وَثَخَانَتِهِ، وَلَمَّا فَرَغَ ذُو القَرنَينِ مِن بِنَاءِ الرَّدمِ ﴿قَالَ هَذَا رَحمَةٌ مِن رَبِّي﴾ فَقَولُهُ هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى السَّدِّ، أَي هَذَا السَّدُّ نِعمَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحمَةٌ عَلَى عِبَادِهِ ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعدُ رَبِّي﴾ يَعنِي فَإِذَا دَنَا مَجِيءُ القِيَامَةِ، وَشَارَفَ أَن يَأتِيَ، وَظَهَرَت عَلَامَاتُ السَّاعَةِ الكُبرَى كَنُزُولِ سَيِّدِنَا عِيسَى عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنَ السَّمَاءِ وَخُرُوجِ الدَّجَّالِ وَبُرُوزِ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ ﴿جَعَلَهُ دَكَّاءَ﴾ أَي مَدكُوكًا مَبسُوطًا مُسَوًّى بِالأَرضِ وَكُلُّ مَا انبَسَطَ بَعدَ ارتِفَاعٍ فَقَدِ اندَكَّ، ﴿وَكَانَ وَعدُ رَبِّي حَقًّا﴾ فَالَّذِي وَعَدَ اللهُ تَعَالَى بِهِ عِبَادَهُ مِن دَكِّ الرَّدمِ وَخُرُوجِ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ عَلَى النَّاسِ قَبلَ قِيَامِ السَّاعَةِ وَغَيِر ذَلِكَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ.

وَرَوَى البَيهَقِيُّ عَن حَبِيبَةَ عَن أُمِّهَا أُمِّ حَبِيبَةَ عَن زَينَبَ زَوجِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَت: استَيقَظَ النَّبِيُّ ﷺ مِن نَومٍ مُحمَرًّا وَجهُهُ وَهُوَ يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ـ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ـ وَيلٌ لِلعَرَبِ مِن شَرٍّ قَدِ اقتَرَبَ، فُتِحَ اليَومَ مِن رَدمِ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ مِثلُ هَذِهِ»، وَحَلَّقَ حَلقَةً بِأُصبُعَيهِ، قُلتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَنَهلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: «نَعَم إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ».اهـ

خروجهم وإفسادهم وهلاكهم

وَرَدَ فِي حَالِهِم عِندَ خُرُوجِهِم مَا أَخرَجَهُ مُسلِمٌ مِن حَدِيثِ النَّوَّاسِ بنِ سَمعَانَ بَعدَ ذِكرِ الدَّجَّالِ وَهَلَاكِهِ عَلَى يَدِ عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ وَغَيرِهِ قَالَ: «ثُمَّ يَأتِيهِ – يَعنِي عِيسَى عَلَيهِ السَّلَامُ – قَومٌ قَد عَصَمَهُمُ اللهُ مِنَ الدَّجَّالِ، فَيَمسَحُ وُجُوهَهُم وَيُحَدِّثُهُم بِدَرَجَاتِهِم فِي الجَنَّةِ، فَبَينَمَا هُم كَذَلِكَ إِذ أَوحَى اللهُ إِلَى عِيسَى: أَن قَد أَخرَجتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ [أَي لَا طَاقَةَ وَلَا قُدرَةَ] لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِم، فَحَرِّز عِبَادِي إِلَى الطُّورِ، وَيَبعَثُ اللهُ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ فَيَخرُجُونَ عَلَى النَّاسِ، فَيُنَشِّفُونَ المَاءَ، وَيَتَحَصَّنُ النَّاسُ مِنهُم فِي حُصُونِهِم، وَيَضُمُّونَ إِلَيهِم مَوَاشِيَهُم، وَيَشرَبُونَ مِيَاهَ الأَرضِ حَتَّى إِنَّ بَعضَهُم لَيَمُرُّ بِالنَّهَرِ فَيَشرَبُونَ مَا فِيهِ حَتَّى يَترُكُوهُ يَبَسًا، حَتَّى إِنَّ مَن يَمُرُّ مِن بَعدِهِم لَيَمُرُّ بِذَلِكَ النَّهَرِ فَيَقُولُ: قَد كَانَ هَهُنَا مَاءٌ مَرَّةً، حَتَّى إِذَا لَم يَبقَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ إِلَّا أَخَذَ فِي حِصنٍ أَو مَدِينَةٍ، وَيَمُرُّونَ بِبُحَيرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشرَبُونَ مَا فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُم فَيَقُولُ: لَقَد كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ، وَيُحصَرُ عِيسَى نَبِيُّ اللهِ وَأَصحَابُهُ حَتَّى يَكُونَ رَأسُ الثَّورِ وَرَأسُ الحِمَارِ لِأَحَدِهِم خَيرًا مِن مِائَةِ دِينَارٍ».

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسلِمٍ وَغَيرِهِ: «فَيَقُولُونَ: لَقَد قَتَلنَا مَن فِي الأَرضِ، هَلُمَّ فَلنَقتُل مَن فِي السَّمَاءِ، فَيَرمُونَ بِنُشَّابِهِم إِلَى السَّمَاءِ فَيَرُدُّهَا اللهُ عَلَيهِم مَخضُوبَةً دَمًا». لِلبَلَاءِ وَالفِتنَةِ، فَيَرغَبُ نَبِيُّ اللهِ وَأَصحَابُهُ إِلَى اللهِ، فَيُرسِلُ عَلَيهِمُ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِم». وَفِي رِوَايَةٍ: «دُودًا كَالنَّغَفِ فِي أَعنَاقِهِم – وَهُوَ بِفَتحِ النُّونِ وَالغَينِ المُعجَمَةِ: دُودٌ يَكُونُ فِي أُنُوفِ الإِبِلِ وَالغَنَمِ – فَيُصبِحُونَ مَوتَى كَمَوتِ نَفسٍ وَاحِدَةٍ لَا يُسمَعُ لَهُم حِسٌّ، فَيَقُولُ المُسلِمُونَ: أَلَا رَجُلٌ يَشرِي لَنَا نَفسَهُ فَيَنظُرَ مَا فَعَلَ هَذَا العَدُوُّ؟ فَيَتَجَرَّدُ رَجُلٌ مِنهُم مُحتَسِبًا نَفسَهُ قَد وَطَّنَهَا عَلَى أَنَّهُ مَقتُولٌ، فَيَنزِلُ فَيَجِدُهُم مَوتَى بَعضُهُم عَلَى بَعضٍ، فَيُنَادِي: يَا مَعشَرَ المُسلِمِينَ، أَلَا أَبشِرُوا إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَد كَفَاكُم عَدُوَّكُم، فَيَخرُجُونَ مِن مَدَائِنِهِم وَحُصُونِهِم وَيُسَرِّحُونَ مَوَاشِيَهُم، فَمَا يَكُونُ لَهَا مَرعَى إِلَّا لُحُومُهُم فَتَشكَرُ عَنهُ – بِفَتحِ الكَافِ، أَي تَسمَنُ – بِأَحسَنِ مَا شَكَرَت عَن شَيءٍ، وَحَتَّى إِنَّ دَوَابَّ الأَرضِ لَتَسمَنُ وَتَشكَرُ شَكَرًا مِن لُحُومِهِم وَدِمَائِهِم، وَيَهبِطُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصحَابُهُ إِلَى الأَرضِ فَلَا يَجِدُونَ فِي الأَرضِ مَوضِعَ شِبرٍ إِلَّا مَلَأَ زَهَمُهُم – أَي شَحمُهُم – وَنُتنُهُم – أَي رِيحُهُم – مِنَ الجِيَفِ، فَيُؤذُونَ النَّاسَ بِنُتنِهِم أَشَدَّ مِن حَيَاتِهِم، فَيَستَغِيثُونَ بِاللهِ….

وَفِي رِوَايَةٍ: «فَيَرغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصحَابُهُ إِلَى اللهِ، فَيُرسِلُ طَيرًا كَأَعنَاقِ البُختِ فَتَحمِلُهُم فَتَطرَحُهُم حَيثُ شَاءَ اللهُ تَعَالَى».

«ثُمَّ يُرسِلُ اللهُ مَطَرًا لَا يُكِنُّ مِنهُ بَيتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ، فَيَغسِلُ الأَرضَ حَتَّى ‌يَترُكَهَا ‌كَالزَّلَقَةِ – أَيِ المَرآةِ، بِحَيثُ يَرَى الإِنسَانُ فِيهَا وَجهَهُ مِن صَفَائِهَا -، ثُمَّ يُقَالُ لِلأَرضِ: أَنبِتِي ثَمَرَتَكِ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَومَئِذٍ تَأكُلُ العِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ وَيَستَظِلُّونَ بِقِحفِهَا، وَيُوقِدُ المُسلِمُونَ مِن قِسِيِّ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ وَنُشَّابِهِم وَأَترِسَتِهِم سَبعَ سِنِينَ».

فائدة

رَوَى البُخَارِيُّ عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَيُحَجَّنَّ البَيتُ ‌وَلَيُعتَمَرَنَّ ‌بَعدَ ‌خُرُوجِ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ».اهـ وَفِي رِوَايَةٍ عَن أَبِي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ النَّاسَ ‌لَيَحُجُّونَ، ‌وَيَعتَمِرُونَ، ‌وَيَغرِسُونَ النَّخلَ بَعدَ خُرُوجِ يَأجُوجَ ومأجوج».اهـ

السؤال الفقهي

هل يجوز الزيادة على عشرين ركعة في التراويح؟

نَعَم يَجُوزُ، لَو صَلَّى مَا يُرِيدُ مِنَ الرَّكَعَاتِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيسَ لِقِيَامِ رَمَضَانَ عَدَدٌ وَأَحَبُّ إِلَيَّ مَا طَالَ قِيَامُهُ. مَعنَاهُ لَو كَانَ العَدَدُ قَلِيلًا إِن أُطِيلَتِ القِرَاءَةُ عِندِي أَفضَلُ مِنَ العَدَدِ الكَثِيرِ الَّذِي لَيسَ فِيهِ طُولُ قِيَامٍ، لَكِن لَا بَأسَ بِالعَدَدِ الكَثِيرِ، وَرَدَ فِي الحَدِيثِ: «صَلَاةُ اللَّيلِ مَثنَى مَثنَى فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُم الصُّبحُ فَليُوتِر بِرَكعَةٍ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وَوَرَدَ فِي الحَدِيثِ: «الصَّلَاةُ خَيرُ مَوضُوعٍ فَاستَكثِر أَو أَقِلَّ»، رَوَاهُ أَحمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.

مختارات من الأدعية والأذكار

مَن قَالَ هَذَا الدُّعَاءَ صَبَاحًا يُحفَظُ إِلَى المَسَاءِ وَمَن قَالَهُ مَسَاءً يُحفَظُ إِلَى الصَّبَاحِ:

«إِنَّ رَبِّيَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرشِ العَظِيمُ، مَا شَاءَ اللهُ كَانَ، وَمَا لَم يَشَأُ لَم يَكُن، لَا حَولَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ، أَشهَدُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، وَأَنَّ اللهَ قَد أَحَاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلمًا، أَعُوذُ باللهِ الَّذِي يُمسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الأَرضِ إِلَّا بِإِذنِهِ مِن شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ رَبِّي ءاخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ».

الدعاء الختامي

الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِي رَسُولِ اللهِ

اللهم إِنَّا نَسأَلُكَ بِأَسمَائِكَ الحُسنَى وَبِاسمِكَ العَظِيمِ الأَعظَمِ الَّذِي إِذَا سُئِلتَ بِهِ أَجَبتَ اللهم إِنَّا نَسأَلُكَ مِنَ الخَيرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَءَاجِلِهِ مَا عَلِمنا مِنهُ وَمَا لَم نعلَم، وَنعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَءَاجِلِهِ مَا عَلِمنَا مِنهُ وَمَا لَم نَعلَم، وَنَسأَلُكَ الجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيهَا مِن قَولٍ أَو عَمَلٍ، وَنعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيهَا مِن قَولٍ أَو عَمَلٍ، وَنسأَلُكَ مِمَا سَأَلَكَ بِهِ عَبدُكَ ونَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ ﷺ، وَنَعُوذُ بِكَ مِمَّا تَعَوَّذَ مِنهُ عَبدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ ﷺ، وَمَا قَضَيتَ لَنَا مِن قَضَاءٍ فَاجعَل عَاقِبَتَهُ رَشَدًا.

اللهم اقسِم لَنَا مِن خَشيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَينَنَا وَبَينَ مَعَاصِيكَ، وَمِن طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَينَا مَصَائِبَ الدُّنيَا، اللهم مَتِّعنَا بِأَسمَاعِنَا، وَأَبصَارِنَا، وَقُوَّتِنَا مَا أَحيَيتَنَا، وَاجعَلهُ الوَارِثَ مِنَّا، وَاجعَل ثَأرَنَا عَلَى مَن ظَلَمَنَا، وَانصُرنَا عَلَى مَن عَادَانَا، وَلَا تَجعَل مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجعَلِ الدُّنيَا أَكبَرَ هَمِّنَا، وَلَا مَبلَغَ عِلمِنَا، وَلَا تُسَلِّط عَلَينَا مَن لَا يَرحَمُنَا.

يَا لَطِيفًا بخَلقِهِ، يَا عَلِيمًا بخَلقِهِ يَا خَبِيرًا بخَلقِهِ الطُف بِنَا يَا لَطِيفُ يَا عَلِيمُ يَا خَبِيرُ

اللهم ارزُقنَا وَأَحبَابَنَا وَأَهلَنَا وَكُلَّ مَن سَأَلَنَا الدُّعَاءَ سُؤلَنَا مِنَ الخَيرِ يَا أَرحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللهم ارزُقنَا رُؤيَةَ الحَبِيبِ مُحَمَّدٍ عَلَى صُورَتِهِ الأَصلِيَّةِ فِي المَنَامِ فِي هَذِهِ اللَّيلَةِ وَكُلَّ لَيلَةٍ وَزِدنَا حُبًّا بِهِ وَاجعَلنَا مِنَ الصَّالِحِينَ الصَّابِرِينَ وَأَجِرنَا مِنَ النَّارِ وَمِن عَذَابِ القَبرِ وَأَدخِلنَا الجَنَّةَ بِلَا سَابِقِ عَذَابٍ. اللهم اشفِ مَرضَانَا وَمَرضَى المُسلِمِينَ وَارحَم مَوتَانَا وَمَوتَى المُسلِمِينَ وَيَسِّر أُمُورَنَا وَفَرِّج كُرُوبَنَا وَارزُقنَا مِن حَيثُ لَا نَحتَسِبُ وَأَعِنَّا عَلَى أَدَاءِ الوَاجِبَاتِ وَاجتِنَابِ المُحَرَّمَاتِ وَتَركِ الكَسَلِ. اللهم سَهِّل عَلَينَا تَربِيَةَ أَولَادِنَا تَربِيَةً حَسَنَةً وَاجعَلهُم مِنَ الأَولِيَاءِ الصَّالِحِينَ.

اللهم انصُرِ المُسلِمِينَ عَلَى أَعدَائِهِم فِي غَزَّةَ وَفِلَسطِينَ وَاليَمَنِ وَالعِرَاقِ وَالصِّينِ وَفِي جَمِيعِ أَنحَاءِ العَالَمِ. اللهم ثَبِّت أَقدَامَهُم وَانصُرهُم عَلَى أَعدَائِهِم وَيَسِّر أَمرَهُم وَفَرِّج كَربَهُم وَاشفِ مَرضَاهُم وَارحَم مَوتَاهُم وَارزُقهُم مِن حَيثُ لَا يَحتَسِبُونَ. اللهم عَلَيكَ بِاليَهُودِ الغَاصِبِينَ وَاجعَل كَيدَهُم فِي نَحرِهِم اللهم ارزُقنَا رُؤيَةَ غَزَّةَ وَفِلَسطِينَ مُحَرَّرَةً وَاضرِبِ الكَافِرِينَ بِالكَافِرِينَ وَأَخرِجِ المُسلِمِينَ مِن بَينِهِم سَالِمِينَ

اللهم ارفَعِ البَلَاءَ وَالوَبَاءَ وَالأَمرَاضَ عَنِ المُسلِمِينَ فِي مَشَارِقِ الأَرضِ وَمَغَارِبِهَا إِكرَامًا لِوَجهِ مُحَمَّدٍ ﷺ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللهم تَوَفَّنَا عَلَى كَامِلِ الإِيمَانِ وَارزُقنَا شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ وَمَوتًا فِي بَلَدِ نَبِيِّكَ ﷺ، وَاحشُرنَا عَلَى نُوقٍ رَحَائِلُهَا مِن ذَهَبٍ آمِنِينَ مُطمَئِنِّينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.

اللهم انصُر عِبَادَكَ فِي فِلَسطِينَ وَسَخِّر لَهُمُ الأَرضَ وَمَن عَلَيهَا وَالسَّمَاءَ وَمَن فِيهَا. اللهم بِقُوَّتِكَ نَسأَلُكَ يَا اللهُ يَا سَمِيعُ يَا قَرِيبُ، يَا مُجِيبُ يَا مُنتَقِمُ يَا جَبَّارُ، يَا قَهَّارُ يَا عَظِيمَ القَهرِ أَن تَجعَلَ كَيدَ المُحتَلِّينَ فِي نَحرِهِم، وَاجعَل مَكرَهُم عَائِدًا إِلَيهِم.

اللهم ارفَعِ البَلَاءَ وَالوَبَاءَ وَالأَمرَاضَ عَنِ المُسلِمِينَ فِي مَشَارِقِ الأَرضِ وَمَغَارِبِهَا إِكرَامًا لِوَجهِ مُحَمَّدٍ ﷺ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللهم تَوَفَّنَا عَلَى كَامِلِ الإِيمَانِ وَارزُقنَا شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ وَمَوتًا فِي بَلَدِ نَبِيِّكَ ﷺ، وَاحشُرنَا عَلَى نُوقٍ رَحَائِلُهَا مِن ذَهَبٍ آمِنِينَ مُطمَئِنِّينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.

اللهم انصُر عِبَادَكَ فِي فِلَسطِينَ وَسَخِّر لَهُمُ الأَرضَ وَمَن عَلَيهَا وَالسَّمَاءَ وَمَن فِيهَا. اللهم بِقُوَّتِكَ نَسأَلُكَ يَا اللهُ يَا سَمِيعُ يَا قَرِيبُ، يَا مُجِيبُ يَا مُنتَقِمُ يَا جَبَّارُ، يَا قَهَّارُ يَا عَظِيمَ القَهرِ أَن تَجعَلَ كَيدَ المُحتَلِّينَ فِي نَحرِهِم، وَاجعَل مَكرَهُم عَائِدًا إِلَيهِم.

رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ

اللهم أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ، اللهم أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ، اللهم أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ

اللهم أَعِنَّا عَلَى الصِّيَامِ وَالقِيَامِ وَتَقَبَّل مِنَّا يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللهم اجعَلنَا مِن عُتَقَاءِ هَذَا الشَّهرِ الكَرِيمِ وَمِنَ المَقبُولِينَ يَا أَكرَمَ الأَكرَمِينَ، اللهم أَعتِقنَا فِيهِ مِنَ النِّيرَانِ يَا اللهُ يَا اللهُ يَا اللهُ، اللهم أَرِنَا لَيلَةَ القَدرِ المُبَارَكَةَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ وَارزُقنَا فِيهَا دَعوَةً مُجَابَةً بِجَاهِ سَيِّدِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ يَا اللهُ. اللهم ارزُقنَا حُسنَ الخِتَامِ وَالمَوتَ عَلَى دِينِكَ دِينِ الإِسلَامِ وَرُؤيَةَ سَيِّدِ الأَنَامِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ﷺ.

اللهم إِنَّا دَعَونَاكَ فَاستَجِب لَنَا دُعَاءَنَا وَاغفِرِ اللهم لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسرَافَنَا فِي أَمرِنَا وَمَا أَنتَ أَعلَمُ بِهِ مِنَّا وَارزُق كُلَّ مَن حَضَرَ وَاستَمَعَ لِلدَّرسِ سُؤلَهُ مِنَ الخَيرِ وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ وَسَلِّم تَسلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَومِ الدِّينِ.

وَآخِرُ دَعوَانَا أَنِ الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ

شاهد أيضاً

شرح دعاء “اللهم إني أسألك من الخير كله” ودلالاته في طلب الجنة والوقاية من النار

المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله الذي أنزلَ على عبده الكتاب ولم يجعل لهُ …