أشراط الساعة | خسوفات، طلوع الشمس، الدابة، والدخان

المقدمة

الحَمدُ للهِ الَّذِي لَا يَغفُلُ وَلَا يَخَافُ فَوَاتًا، الَّذِي خَلَقَ الكَونَ وَمِن نِعَمِهِ ءَاتَى، جَمَعَ بِقُدرَتِهِ مِنَ المُختَلِفَاتِ أَشتَاتًا، وَفَرَّقَ بَينَ الإِلفَينِ وَكَم بَاتَا، وَقَصَمَ بِقَهرِهِ مِن تَكَبُّرٍ وَتَعَاتَى، كَم مُطمَئِنٍّ فِي عِزَّتِهِ أَخَذَهُ بِعِزَّتِهِ بَيَاتًا، وَكَم هَدَمَ قَصرًا مَشِيدًا وَكَم زَلزَلَ أَبيَاتًا، يَعلَمُ ضَمَائِرَ القُلُوبِ وَيَسمَعُ أَصوَاتًا، لَا يَنقُصُهُ مِن مُلكِهِ مَا وَهَبَ وَآتَى، جَعَلَ مَهرَ الأُخرَى طَلَاقَ الدُّنيَا بَتَاتًا، وَأَعلَمَ الزَّاهِدِينَ أَنَّهَا لَا تَستَطِيعُ ثَبَاتًا، مَدَّ الأَرضَ وَأَثبَتَهَا بِالجِبَالِ إِثبَاتًا، وَأَخرَجَ مِنهُ نَبتًا وَزَرعًا وَجَعَلَهُ أَقوَاتًا، وَصَيَّرَهَا مَسَاكِنَ الخَلقِ تُرَبِّيهِم صِغَارًا وَتَضُمُّهُم رُفَاتًا، وَكَتَبَ لِفَنَاءِ سَاكِنِيهَا عُمرًا مُقَدَّرًا وَمِيقَاتًا، فَقَضَى لَهُم حَياةً وَقَضَى عَلَيهِم مَمَاتًا، مَا تَأتِيكَ عِبرَةٌ مِثلُ أَنَّ أَبَاكَ وَأُمَّكَ مَاتَا.

وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ أَكمَلَ البَشَرِ خُلُقًا وَخَلقًا، صَلَّى الله وَسَلَّمَ عَلَيهِ وَعَلَى صَاحِبِهِ أَبِي بَكرٍ الصِّدِّيقِ الحَائِزِ فَضَائِلَ الِاتِّبَاعِ سَبقًا، وَعَلَى عُمَرَ العَادِلِ فَمَا حَابَى خَلقًا، وَعَلَى عُثمَانَ الَّذِي استَسلَمَ لِلشَّهَادَةِ وَمَا تَوَقَّى، وَعَلَى عَلِيٍّ الَّذِي بَاعَ مَا يَفنَى وَاشتَرَى مَا يَبقَى، وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ النَّاصِرِينَ لِدِينِ الله حَقًّا، وَسَلَّمَ تَسلِيمًا كَثِيرًا، أَمَّا بَعدُ:

فَقَد تَكَلَّمنَا فِي عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الكُبرَى وَمِنهَا: خُرُوجُ المَسِيحِ الدَّجَّالِ وَنُزُولُ عِيسَى ابنِ مَريَمَ عَلَيهِ السَّلَامُ وَخُرُوجُ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ

وَمِن عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الكُبرَى الَّتِي تُذكَرُ بَعدَ ذَلِكَ:

وقوع ثلاث خسوفات كبيرة
مِن أَشرَاطِ السَّاعَةِ الكُبرَى الَّتِي أَخبَرَ الرَّسُولُ ﷺ بِحُدُوثِهَا فِي آخِرِ الزَّمَانِ الخُسُوفَاتُ الثَّلَاثَةُ، فَفِي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَن حُذَيفَةَ بنِ أَسِيدٍ الغِفَارِيِّ قَالَ: اطَّلَعَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَينَا وَنَحنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ: «مَا تَذَاكَرُونَ؟» قَالُوا: نَذكُرُ السَّاعَةَ. قَالَ: «إِنَّهَا لَن تَقُومَ حَتَّى تَرَوا قَبلَهَا عَشرَ آيَاتٍ»، فَذَكَرَ ثَلَاثَةَ خُسُوفٍ: خَسفٌ بِالمَشرِقِ، وَخَسفٌ بِالمَغرِبِ، ‌وَخَسفٌ ‌بِجَزِيرَةِ العَرَبِ.

وَرُوِيَ عَن أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا: «سَيَكُونُ بَعدِي خَسفٌ بِالمَشرِقِ، وَخَسفٌ بِالمَغرِبِ، وَخَسفٌ فِي جَزِيرَةِ العَرَبِ»، قِيلَ: أَتُخسَفُ الأَرضُ وَفِيهِمُ الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: «نَعَم، إِذَا أَكثَرَ أَهلُهَا الخَبَثُ»، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرحِهِ لِصَحِيحِ مُسلِمٍ: فَسَّرَهُ الجُمهُورُ بِالفُسُوقِ وَالفُجُورِ وَقِيلَ المُرَادُ الزِّنَا خَاصَّةً وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ المَعَاصِي مُطلَقًا.اهـ

فَهَذِهِ الخُسُوفَاتُ الثَّلَاثَةُ مِنَ الأَشرَاطِ الكُبرَى الَّتِي لَم تَقَع بَعدُ، وَهِيَ غَيرُ الخُسُوفَاتِ الَّتِي وَقَعَت فِي المَاضِي وَفِي أَمَاكِنَ مُتَعَدِّدَةٍ؛ لِأَنَّ تِلكَ مِن أَشرَاطِ السَّاعَةِ الصُّغرَى، أَمَّا هَذِهِ الخُسُوفَاتُ الثَّلَاثَةُ فَهِيَ خُسُوفَاتٌ عَظِيمَةٌ.

طلوع الشمس من مغربها
مِنَ الأَشرَاطِ العِظَامِ: طُلُوعُ الشَّمسِ مِن مَغرِبِهَا، وَخُرُوجُ دَابَّةِ الأَرضِ

وَهَذَانِ أَيُّهُمَا سَبَقَ الآخَرَ فَالآخَرُ عَلَى أَثَرِهِ، فَإِن طَلَعَتِ الشَّمسُ قَبلُ خَرَجَتِ الدَّابَّةُ ضُحًى يَومَهَا أَو قَرِيبًا مِن ذَلِكَ، وَإِن خَرَجَتِ الدَّابَّةُ قَبلُ طَلَعَتِ الشَّمسُ مِنَ الغَدِ.

أَخرَجَ ابنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَحمَدُ وَعَبدُ بنُ حُمَيدٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَابنُ مَاجَه وَابنُ المُنذِرِ وَابنُ مَردَوَيهِ وَالبَيهَقِيُّ كُلُّهُم عَن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: حَفِظتُ مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ: «إِنَّ أَوَّلَ الآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمسِ مِن مَغرِبِهَا، وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ ضُحًى، فَأَيَّتُهُمَا كَانَت قَبلَ صَاحِبَتِهَا فَالأُخرَى عَلَى أَثَرِهَا». قَالَ عَبدُ اللهِ -وَكَانَ يَقرَأُ الكُتُبَ-: وَأَظُنُّ أَوَّلَهُمَا خُرُوجًا طُلُوعَ الشَّمسِ مِن مَغرِبِهَا.

وَقَالَ أَبُو عَبدِ اللهِ الحَاكِمُ: وَالَّذِي يَظهَرُ أَنَّ طُلُوعَ الشَّمسِ مِن مَغرِبِهَا قَبلَ خُرُوجِ الدَّابَّةِ. قَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ مُعتَمِدًا لِمَا قَالَهُ الحَاكِمُ: وَلَعَلَّ الحِكمَةَ فِي ذَلِكَ أَنَّ بِطُلُوعِ الشَّمسِ مِن مَغرِبِهَا يَنسَدُّ بَابُ التَّوبَةِ، فَتَجِيءُ الدَّابَةُ فَتُمَيِّزُ بَينَ المُؤمِنِ وَالكَافِرِ تَكمِيلًا لِلمَقصُودِ مِن إِغلَاقِ بَابِ التَّوبَةِ.اهـ

قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿يَومَ يَأتِي بَعضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا لَم تَكُن آمَنَت مِن قَبلُ أَو كَسَبَت فِي إِيمَانِهَا خَيرًا﴾، أَجمَعَ المُفَسِّرُونَ أَو جُمهُورُهُم عَلَى أَنَّهُ طُلُوعُ الشَّمسِ مِن مَغرِبِهَا. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَجُمِعَ الشَّمسُ وَالقَمَرُ﴾. وَرَوَى الفِريَابِيُّ وَعَبدُ بنُ حُمَيدٍ وَابنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو الشَّيخِ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿يَومَ يَأتِي بَعضُ ءايَاتِ رَبِّكَ﴾ قَالَ: طُلُوعُ الشَّمسِ وَالقَمَرِ مِن مَغرِبِهِمَا مُقتَرِنَينِ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَجُمِعَ الشَّمسُ وَالقَمَرُ﴾.

وَرَوَى أَحمَدُ وَالسِّتَّةُ غَيرَ التِّرمِذِيِّ وَالبَيهَقِيُّ عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطلُعَ الشَّمسُ مِن مَغرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَت وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجمَعُونَ، فَذَلِكَ حِينَ لَا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا»، ثُمَّ قَرَأَ الآيَةَ ﴿يَومَ يَأتِي بَعضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا لَم تَكُن آمَنَت مِن قَبلُ أَو كَسَبَت فِي إِيمَانِهَا خَيرًا﴾.

سبب عدم نفع الإيمان والعمل الصالح لمن لم يكن عليه بعد طلوع الشمس من مغربها
قَالَ القُرطُبِيُّ فِي التَّذكِرَةِ: قَالَ العُلَمَاءُ: وَإِنَّمَا لَا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا عِندَ طُلُوعِهَا مِن مَغرِبِهَا لِأَنَّهُ خَلُصَ إِلَى قُلُوبِهِم مِنَ الفَزَعِ مَا تَخمُدُ مَعَهُ كُلُّ شَهوَةٍ مِن شَهَوَاتِ النَّفسِ، وَتَفتُرُ كُلُّ قُوَّةٍ مِن قُوَى البَدَنِ، فَيَصِيرُ النَّاسُ كُلُّهُم لِإِيقَانِهِم بِدُنُوِّ القِيَامَةِ فِي حَالِ مَن حَضَرَهُ المَوتُ فِي انقِطَاعِ الدَّوَاعِي إِلَى أَنوَاعِ المَعَاصِي عَنهُم وَبُطلَانِهَا مِن أَبدَانِهِم، فَمَن تَابَ فِي مِثلِ هَذِهِ الحَالِ لَم تُقبَل تَوبَتُهُ كَمَا لَا تُقبَلُ تَوبَةُ مَن حَضَرَهُ المَوتُ.اهـ

وَقَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ فِي الفَتحِ: قَالَ الطَّبَرِيُّ مَعنَى الآيَةِ لَا يَنفَعُ كَافِرًا لَم يَكُن آمَنَ قَبلَ الطُّلُوعِ إِيمَانٌ بَعدَ الطُّلُوعِ وَلَا يَنفَعُ مُؤمِنًا لَم يَكُن عَمِلَ صَالِحًا قَبلَ الطُّلُوعِ عَمَلٌ صَالِحٌ بَعدَ الطُّلُوعِ لِأَنَّ حُكمَ الإِيمَانِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ حِينَئِذٍ حُكمُ مَن آمَنَ أَو عَمِلَ عِندَ الغَرغَرَةِ وَذَلِكَ لَا يُفِيدُ شَيئًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَلَم يَكُ يَنفَعُهُم إِيمَانُهُم لَمَّا رَأَوا بَأسَنَا﴾، وَكَمَا ثَبَتَ فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «تُقبَلُ تَوبَةُ العَبدِ مَا لَم يَبلُغِ الغَرغَرَةَ».اهـ

وَرَوَی ابنُ مَردَوَيهِ عَن حُذَيفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَأَلتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ مَا آيَةُ طُلُوعِ الشَّمسِ مِن مَغرِبِهَا؟ فَقَالَ: «تَطُولُ تِلكَ اللَّيلَةُ حَتَّى تَكُونَ قَدرَ لَيلَتَينِ».

وَرَوَی ابنُ مَردَوَيهِ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ قال رسول الله: «لَا تَزَالُ الشَّمسُ تَجرِي مِن مَطلَعِهَا إِلَى مَغرِبِهَا حَتَّى يَأتِيَ الوَقتُ الَّذِي جَعَلَ اللهُ لِتَوبَةِ عِبَادِهِ، فَتَستَأذِنُ الشَّمسُ مِن أَينَ تَطلُعُ، وَيَستَأذِنُ القَمَرُ مِن أَينَ يَطلُعُ، فَلَا يُؤذَنُ لَهُمَا، فَيُحبَسَانِ مِقدَارَ ثَلَاثِ لَيَالٍ لِلشَّمسِ، وَلَيلَتَينِ لِلقَمَرِ، فَلَا يَعرِفُ مِقدَارَ حَبسِهِمَا إِلَّا قَلِيلٌ مِنَ النَّاسِ، وَهُم بَقِيَّةُ أَهلِ الأَرضِ وَحَمَلَةِ القُرآنِ، يَقرَأُ كُلُّ رَجُلٍ فِي تِلكَ اللَّيلَةِ مِنهُم وِردَهُ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنهُ نَظَرَ، فَإِذَا اللَّيلَةُ عَلَى حَالِهَا، فَلَا يَعرِفُ طُولَ تِلكَ اللَّيلَةِ إِلَّا حَمَلَةُ القُرآنِ فَيُنَادِي بَعضُهُم بَعضًا، فَيَجتَمِعُونَ فِي مَسَاجِدِهِم بِالتَّضَرُّعِ وَالبُكَاءِ وَالصُّرَاخِ بَقِيَّةَ تِلكَ اللَّيلَةِ، وَمِقدَارُ تِلكَ اللَّيلَةِ ثَلَاثُ لَيَالٍ، يُرسِلُ اللهُ جِبرِيلَ إِلَى الشَّمسِ وَالقَمَرِ فَيَقُولُ: إِنَّ الرَّبَّ تَعَالَى يَأمُرُكُمَا أَن تَرجِعَا إِلَى مَغَارِبِكُمَا فَتَطلُعَا مِنهَا، فَإِنَّهُ لَا ضَوءَ لَكُمَا عِندَنَا وَلَا نُورَ، وَتَرجِعُ الشَّمسُ وَالقَمَرُ فَيَطلُعَانِ مِن مَغَارِبِهِمَا، فَبَينَمَا النَّاسُ كَذَلِكَ يَبكُونَ وَيَتَضَرَّعُونَ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالغَافِلُونَ فِي غَفَلَاتِهِم إِذ نَادَى مُنَادٍ: أَلَا إِنَّ بَابَ التَّوبَةِ قَد أُغلِقَ، وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ قَد طَلَعَا مِن مَغَارِبِهِمَا، فَيَنظُرُ النَّاسُ وَإِذَا بِهِمَا أَسوَدَانِ كَالعَكَمَينِ وَلَا ضَوءَ لَهُمَا وَلَا نُورَ، فَذَلِكَ قَولُهُ: ﴿وَجُمِعَ الشَّمسُ وَالقَمَرُ﴾».

(العُكُومُ: الأَحمَالُ وَالغَرَائِرُ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الأَمتِعَةُ وَغَيرُهَا، وَاحِدُهَا: عِكمٌ، بِالكَسرِ).

«فَيَرتَفِعَانِ مِثلَ البَعِيرَينِ المَقرُونَينِ يُنَازِعُ كُلٌّ مِنهُمَا صَاحِبَهُ استِبَاقًا، وَيَتَصايَحُ أَهلُ الدُّنيَا، فَأَمَّا الصَّالِحُونَ وَالأَبرَارُ: فَإِنَّهُم يَنفَعُهُم بُكَاؤُهُم يَومَئِذٍ وَيُكتَبُ لَهُم عِبَادَةً. وَأَمَّا الفَاسِقُونَ وَالفُجَّارُ: فَلَا يَنفَعُهُم بُكَاؤُهُم يَومَئِذٍ وَيُكتَبُ عَلَيهِم حَسرَة، فَإِذَا بَلَغَتِ الشَّمسُ وَالقَمَرُ سُرَّةَ السَّمَاءِ -وَهُوَ مُنتَصَفُهَا- جَاءَهُمَا جِبرِيلُ فَأَخَذَ بِقُرُونِهِمَا فَرَدَّهُمَا إِلَى المَغرِبِ، فَلَا يُغرِبُهُمَا فِي مَغَارِبِهِمَا -أَي مَغَارِبِ طُلُوعِهِمَا ذَلِكَ اليَومِ، وَهُوَ جِهَةُ المَشرِقِ- وَلَكِن يُغرِبُهُمَا فِي مَغَارِبِهِمَا الَّذِي فِي بَابِ التَّوبَةِ».

فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: وَمَا بَابُ التَّوبَةِ؟ فَقَالَ: «يَا عُمَرُ، خَلَقَ اللهُ بَابًا لِلتَّوبَةِ خَلفَ المَغرِبِ، فَهُوَ مِن أَبوَابِ الجَنَّةِ، لَهُ مِصرَاعَانِ مِن ذَهَبٍ مُكَلَّلَانِ بِالدُّرِّ وَالجَوَاهِرِ، مَا بَينَ المِصرَاعِ إِلَى المِصرَاعِ مَسِيرَةُ أَربَعِينَ عَامًا لِلرَّاكِبِ المُسرِعِ، فَذَلِكَ البَابُ مَفتُوحٌ مُنذُ خَلَقَ اللهُ خَلقَهُ إِلَى صَبِيحَةِ تِلكَ اللَّيلَةِ، عِندَ طُلُوعِ الشَّمسِ وَالقَمَرِ مِن مَغَارِبِهِمَا، وَلَم يَتُب عَبدٌ مِن عِبَادِ اللهِ تَوبَةً نَصُوحًا مِن لَدُن آدَمَ إِلَى ذَلِكَ اليَومِ إِلَّا وَلَجَت تِلكَ التَّوبَةُ فِي ذَلِكَ البَابِ».

فَقَالَ مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا التَّوبَةُ النَّصُوحُ؟ قَالَ: «أَن يَندَمَ العَبدُ عَلَى الذَّنبِ الَّذِي أَصَابَ، فَيَهرُبَ إِلَى اللهِ مِنهُ ثُمَّ لَا يَعُودَ إِلَيهِ حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ فِي الضَّرعِ».

قَالَ: «فَيُغرِبُهُمَا جِبرِيلُ فِي ذَلِكَ البَابِ ثُمَّ يَرُدُّ المِصرَاعَينِ، فَيَلتَئِمُ مَا بَينَهُمَا وَيَصِيرَانِ كَأَنَّهُمَا لَم يَكُن فِيهِمَا صَدعٌ قَطُّ وَلَا خَلَلٌ، فَإِذَا أُغلِقَ بَابُ التَّوبَةِ لَم يُقبَل مِنَ العَبدِ بَعدَ ذَلِكَ تَوبَةٌ، وَلَم تَنفَعهُ حَسَنَةٌ يَعمَلُهَا بَعدَ ذَلِكَ إِلَّا مَا كَانَ قَبلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجرِي لَهُم وَعَلَيهِم بَعدَ ذَلِكَ مَا كَانَ يَجرِي لَهُم قَبلَ ذَلِكَ، فَذَلِكَ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿يَومَ يَأتِي بَعضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ﴾» الآيَةَ.

فَقَالَ أُبَيُّ بنُ كَعبٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، فَكَيفَ بِالشَّمسِ وَالقَمَرِ بَعدَ ذَلِكَ؟ وَكَيفَ بِالنَّاسِ وَالدُّنيَا؟ قَالَ: «يَا أُبَيُّ، إِنَّ الشَّمسَ وَالقَمَرَ يَكسِبَانِ بَعدَ ذَلِكَ ضَوءَ النُّورِ، ثُمَّ يَطلُعَانِ عَلَى النَّاسِ وَيَغرُبَانِ كَمَا كَانَا قَبلَ ذَلِكَ.

تنبيه في المدة بين قيام الساعة وطلوع الشمس من مغربها
رَوَى ابنُ أَبِي شَيبَةَ عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: «يَمكُثُ النَّاسُ بَعدَ طُلُوعِ الشَّمسِ مِن مَغرِبِهَا عِشرِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ».

وَرَوَى نُعَيمٌ عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَعبُدَ العَرَبُ مَا كَانَ يَعبُدُ آبَاؤُهُم عِشرِينَ وَمِائَةَ عَامٍ بَعدَ نُزُولِ عِيسَى ابنِ مَريَمَ وَبَعدَ الدَّجَّالِ».

وَرَوَى عَبدُ بنُ حُمَيدٍ عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَلتَقِيَ الشَّيخَانِ الكَبِيرَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَتَى وُلِدتَ؟ فَيَقُولُ: زَمَنَ طَلَعَتِ الشَّمسُ مِن مَغرِبِهَا».

خروج دابة الأرض
اختَلَفَ العُلَمَاءُ فِي تَعيِينِ الدَّابَّةِ، فَقِيلَ إِنَّهَا فَصِيلُ نَاقَةِ صَالِحٍ عَلَيهِ السَّلَامُ، وَذَلِكَ أَنَّ الفَصِيلَ لَمَّا قُتِلَتِ النَّاقَةُ هَرَبَ فَانفَتَحَ لَهُ حَجَرٌ فَدَخَلَ فِي جَوفِهِ ثُمَّ انطَبَقَ عَلَيهِ، فَهُوَ فِيهِ حَتَّى يَخرُجَ بِإِذنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَقِيلَ إِنَّهَا الجَسَّاسَةُ المَذكُورَةُ فِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ. وَقِيلَ غَيرُ ذَلِكَ.

معنى الآية الواردة في دابة الأرض عند المفسرين
قَالَ القُرطُبِيُّ: قَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذا وَقَعَ القَولُ عَلَيهِم أَخرَجنا لَهُم دَابَّةً مِنَ الأَرضِ تُكَلِّمُهُم﴾ اختُلِفَ فِي مَعنَى وَقَعَ ‌القَولُ ‌وَفِي ‌الدَّابَّةِ، فَقِيلَ: مَعنَى ﴿وَقَعَ القَولُ عَلَيهِم﴾ وَجَبَ الغَضَبُ عَلَيهِم، قَالَهُ قَتَادَةُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَي حَقَّ القَولُ عَلَيهِم بِأَنَّهُم لَا يُؤمِنُونَ. وَقَالَ ابنُ عُمَرَ وَأَبُو سَعِيدٍ الخُدرِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا: إِذَا لَم يَأمُرُوا بِالمَعرُوفِ وَيَنهَوا عَنِ المُنكَرِ وَجَبَ السَّخَطُ عَلَيهِم. وَقَالَ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعُودٍ: وَقعُ القَولِ يَكُونُ بِمَوتِ العُلَمَاءِ، وَذَهَابِ العِلمِ، وَرَفعِ القُرآنِ. قَالَ عَبدُ اللهِ: أَكثِرُوا تِلَاوَةَ القُرآنِ قَبلَ أَن يُرفَعَ، قَالُوا: هَذِهِ المَصَاحِفُ تُرفَعُ فَكَيفَ بِمَا فِي صُدُورِ الرِّجَالِ؟ قَالَ: يُسرَى عَلَيهِ لَيلًا فَيُصبِحُونَ مِنهُ قَفرًا، وَيَنسَونَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَيَقَعُونَ فِي قَولِ الجَاهِلِيَّةِ وَأَشعَارِهِم، وَذَلِكَ حِينَ يَقَعُ القَولُ عَلَيهِم.اهـ

وَقَالَ القُرطُبِيُّ أَيضًا قوله تعالى حكاية عنها: ﴿أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لَا يُوقِنُونَ﴾ يَعنِي بِالقُرآنِ وَبِمُحَمَّدٍ ﷺ، وَذَلِكَ حِينَ لَا يَقبَلُ اللهُ مِن كَافِرٍ إِيمَانًا وَلَم يَبقَ إِلَّا مُؤمِنُونَ وَكَافِرُونَ.اهـ

ما جاء في شكلها، وسيرتها، وخروجها
أَمَّا شَكلُهَا فَلَم يَرِد حَدِيثٌ صَحِيحٌ مَرفُوعٌ فِيهِ، وَلَكِن نَذكُرُ شَيئًا مِمَّا ذَكَرَهُ الفُقَهَاءُ فِي هَذَا البَاب:

فَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا: أَنَّ لَهَا عُنُقًا مُشرِفًا، أَي طَوِيلًا، يَرَاهَا مَن بِالمَشرِقِ كَمَا يَرَاهَا مَن بِالمَغرِبِ، وَلَها وَجهُ الإِنسَانِ وَمُنقَارٌ كَمُنقَارِ الطَّيرِ، ذَاتُ وَبَرٍ وَزَغَبٍ (صِغَارُ الرِّيشِ أَوَّلَ مَا يَطلُعُ)

وَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا: أَنَّهَا ذَاتُ وَبَرٍ وَرِيشٍ، وَفِيهَا مِن كُلِّ لَونٍ، لَهَا أَربَعُ قَوَائِمَ.

وَعَن حُذَيفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: أَنَّهَا مُلَمَّعَةٌ ذَاتُ وَبَرٍ وَرِيشٍ، لَن يُدرِكَهَا طَالِبٌ، وَلَن يَفُوتَهَا هَارِبٌ.

وَعَن عَمرِو بنِ العَاصِ: أَنَّ رَأسَهَا يَمَسُّ السَّمَاءَ وَمَا خَرَجَت رِجلَاهَا مِنَ الأَرضِ.

وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: أَنَّ فِيهَا مِن كُلِّ لَونٍ، مَا بَينَ قَرنَيهَا فَرسَخٌ لِلرَّاكِبِ.

وَعَن أَبِي الزُّبَيرِ أَنَّهُ وَصَفَ الدَّابَّةَ فَقَالَ: رَأسُهَا رَأسُ ثَورٍ، وَعَينَاهَا عَينَا خِنزِيرٍ، وَأُذُنُهَا أُذُنُ فِيلٍ، وَقَرنُهَا قَرنُ أَيِّلٍ (وَهُوَ الوَعلُ، وَهُوَ تَيسُ الجَبَلِ)، وَعُنُقُهَا عُنُقُ نَعَامَةٍ، وَصَدرُهَا صَدرُ أَسَدٍ، وَلَونُهَا لَونُ نَمِرٍ، وَخَاصِرَتُهَا خَاصِرَةُ هِرٍّ، وَذَنَبُهَا ذَنَبُ كَبشٍ، وَقَوَائِمُهَا قَوَائِمُ بَعِيرٍ.

سيرتها
فَإِنَّ مَعَهَا عَصَا مُوسَى، وَخَاتَمَ سُلَيمَانَ بنِ دَاوُدَ، تُنَادِي بِأَعلَى صَوتِهَا: ﴿أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ﴾، وَإِنَّهَا تَسِمُ النَّاسَ المُؤمِنَ وَالكَافِرَ، فَأَمَّا المُؤمِنُ فَيُرَى وَجهُهُ كَأَنَّهُ كَوكَبٌ دُرِّيٌ، وَيُكتَبُ بَينَ عَينَيهِ مُؤمِنٌ، وَأَمَّا الكَافِرُ فَيُكتَبُ بَينَ عَينَيهِ نُكتَةٌ سَودَاءُ: كَافِرٌ.

وَفِي رِوَايَةٍ: «فَارفَضَّ -أَي تَفَرَّقَ- النَّاسُ عَنهَا شَتَّى، وَثَبَتَ عِصَابَةٌ مِنَ المُؤمِنِينَ وَعَرَفُوا أَنَّهُم لَن يُعجِزُوا اللهَ، فَبَدَأَت بِهِم حَلَّت وُجُوهَهُم حَتَّى جَعَلَتهَا كَأَنَّهَا الكَوكَبُ الدُّرِّيُّ، وَوَلَّت فِي الأَرضِ لَا يُدرِكُهَا طَالِبٌ وَلَا يَنجُو مِنهَا هَارِبٌ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ يَكُونُ بِالصَّلَاةِ فَتَأتِيهِ مِن خَلفِهِ فَتَقُولُ: يَا فُلَانُ، الآنَ تُصَلِّي! فَيُقبِلُ عَلَيهَا فَتسِمُهُ فِي وَجهِهِ، ثُمَّ تَنطَلِقُ، حَتَّى إِنَّ المُؤمِنَ يَقُولُ: يَا كَافِرُ، اقضِنِي حَقِّي، وَحَتَّى إِنَّ الكَافِرَ لَيَقُولُ: يَا مُؤمِنُ، اقضِنِي حَقِّي»

وَفِي رِوَايَةٍ: «لَا يَبقَى مُؤمِنٌ إِلَّا نَكَتَت فِي مَسجِدِهِ (أَي مَوضِعِ سُجُودِ جَبهَتِهِ) بِعَصَا مُوسَى نُكتَةً بَيضَاءَ، فَتَفشُو تِلكَ النُّكتَةُ حَتَّى يَبيَضَّ لَهَا وَجهُهُ، وَلَا يَبقَى كَافِرٌ إِلَّا نَكَتَت فِي وَجهِهِ نُكتَةً سَودَاءَ بِخَاتَمِ سُلَيمَانَ، فَتَفشُو تِلكَ النُّكتَةُ حَتَّى يَسوَدَّ لَهَا وَجهُهُ، حَتَّى إِنَّ النَّاسَ لَيَتَبَايَعُونَ فِي الأَسوَاقِ: بِكَم ذَا يَا مُؤمِنُ؟ وَبِكَم ذَا يَا كَافِرُ؟ وَيَقُولُ هَذَا: خُذ يَا مُؤمِنُ، وَيَقُولُ هَذَا: خُذ يَا كَافِرُ»

وَفِي التِّرمِذِيِّ عَن أَبي هُرَيرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «تَخرُجُ الدَّابَّةُ مَعَهَا خَاتَمُ سُلَيمَانَ وَعَصَا مُوسَى، فَتَجلُو وَجهَ المُؤمِنِ وَتَختِمُ أَنفَ الكَافِرِ بِالخَاتَمِ، حَتَّى إِنَّ أَهلَ الخِوَانِ لَيَجتَمِعُونَ فَيَقُولُ هَذَا: يَا مُؤمِنُ، وَيَقُولُ هَذَا: يَا كَافِرُ».

صفة خروج الدابة
وَأَمَّا خُرُوجُهَا: فَقَد وَرَدَ «أَنَّ لَهَا ثَلَاثَ خَرجَاتٍ فِي الدَّهرِ، فَتَخرُجُ خَرجَةً مِن أَقصَى البَادِيَةِ». وَفِي رِوَايَةٍ: «مِن أَقصَى اليَمَنِ، وَلَا يَدخُلُ ذِكرُهَا القَريَةَ -يَعنِي مَكَّةَ-، ثُمَّ تَكمُنُ زَمَانًا طَوِيلًا، ثُمَّ تَخرُجُ خَرجَةً أُخرَى دُونَ تِلكَ، فَيَعلُو ذِكرُهَا فِي أَهلِ البَادِيَةِ وَيَدخُلُ ذِكرُهَا القَريَةَ -يَعنِي مَكَّةَ-» قال ﷺ: «ثُمَّ بَينَمَا النَّاسُ فِي أَعظَمِ المَسَاجِدِ عَلَى اللهِ حُرمَةً خَيرِهَا وَأَكرَمِهَا المَسجِدِ الحَرَامِ لَم يَرُعهُم إِلَّا وَهِيَ ‌تَرغُو [تُصَوِّتُ وَتَضِجُّ] ‌بَينَ ‌الرُّكنِ وَالمَقَامِ تَنفُضُ عَن رَأسِهَا التُّرَابَ، فَارفَضَّ النَّاسُ منهَا شَتَّى، وَثَبَتَ عِصَابَةٌ مِنَ المُؤمِنِينَ». هَكَذَا وَرَدَ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ وَحُذَيفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُم وَبَعضِ طُرُقِ حَدِيثِ حُذَيفَةَ صَحِيحٌ.

وَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أَيضًا: أَنَّهَا تَخرُجُ مِن بَعضِ أَودِيَةِ تِهَامَةَ، أَي وَهَذَا فِي بَعضِ خَرجَاتِهَا،

وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ وَابنِ عُمَرَ وَابنِ عَمرٍو وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُم: أَنَّهَا تَخرُجُ بِأَجيَادَ.

وَعَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أَيضًا أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أَرَاهُ المَكَانَ الَّذِي تَخرُجُ مِنهُ الدَّابَّةُ وَأَنَّهُ مِن قِبَلِ الشِّقِّ الَّذِي فِي الصَّفَا.

وَفِي بَعضِهَا: أَنَّهَا تَخرُجُ مِنَ المَروَةِ، وَفِي بَعضِهَا: مِن مَدِينَةِ قَومِ لُوطٍ. وَفِي بَعضِهَا: مِن وَرَاءِ مَكَّةَ.

وَجهُ الجَمعِ بَينَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ: أَنَّ لَهَا ثَلَاثَ خَرجَاتٍ، فَفِي بَعضِهَا تَخرُجُ مِن مَدِينَةِ قَومِ لُوطٍ، وَيَصدُقُ عَلَيهَا أَنَّهَا مِن أَقصَى البَادِيَةِ، وَفِي بَعضِهَا تَخرُجُ مِن بَعضِ أَودِيَةِ تِهَامَةَ، وَيَصدُقُ عَلَيهَا أَنَّهَا مِن وَرَاءِ مَكَّةَ وَمِنَ اليَمَنِ، لِأَنَّ الحِجَازَ يَمَانِيَّةٌ، وَمِن ثَمَّ قِيلَ: الكَعبَةُ يَمَانِيَّةٌ. وَفِي المَرَّةِ الأَخِيرَةِ تَخرُجُ مِن مَكَّةَ، وَهِيَ مِن عِظَمِ جُثَّتِهَا وَطُولِهَا يُمكِنُ أَن تَخرُجَ مِن بَينِ المَروَةِ وَالصَّفَا وَأَجيَادٍ، وَحِينَئِذٍ يَصدُقُ عَلَيهَا أَنَّهَا خَرَجَت مِنَ المَروَةِ وَمِنَ الصَّفَا وَمِن أَجيَادٍ وَمِنَ المَسجِدِ، وَبِاللهِ التَّوفِيقُ.

ظهور الدخان
ظُهُورُ الدُّخَانِ مِن أَشرَاطِ السَّاعَةِ الكُبرَى الَّتِي دَلَّ عَلَيهَا الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ. قَالَ تَعَالَى: ﴿فَارتَقِب يَومَ تَأتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ، يَغشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ، رَبَّنَا اكشِف عَنَّا العَذَابَ إِنَّا مُؤمِنُونَ﴾. وَفِي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَن حُذَيفَةَ بنِ أَسِيدٍ الغِفَارِيِّ قَالَ: اطَّلَعَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَينَا وَنَحنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ: «مَا تَذَاكَرُونَ؟» قَالُوا: نَذكُرُ السَّاعَةَ. قَالَ: «إِنَّهَا لَن تَقُومَ حَتَّى تَرَوا قَبلَهَا عَشرَ آيَاتٍ»، فَذَكَرَ «الدُّخَانَ،

وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «وَأَنَّهُ يَمكُثُ فِي الأَرضِ أَربَعِينَ عَامًا». وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّهُ يَأخُذُ بِأَنفَاسِ الكُفَّارِ، وَيَأخُذُ المُؤمِنِينَ مِنهُ كَهَيئَةِ الزُّكَامِ». وهذا الدخان لَا بُدَّ أَن يَكُونَ قَبلَ الرِّيحِ الآتِيَةِ الَّتِي تَمُرُّ تَحتَ إِبطِ كُلِّ مُسلِمٍ، لِأَنَّهُ بَعدَ الرِّيحِ لَا يَبقَى مُؤمِنٌ، وَعِندَ الدُّخَانِ يُوجَدُ المُؤمِنُونَ.

وفي الدخان أقوال ثلاثة
الأَوَّلُ: أَنَّهُ مِن أَشرَاطِ السَّاعَةِ لَم يَجِئ بَعدُ، وَأَنَّهُ يَمكُثُ فِي الأَرضِ أَربَعِينَ يَومًا يَملَأُ مَا بَينَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ، فَأَمَّا المُؤمِنُ فَيُصِيبُهُ مِثلُ الزُّكَامِ، وَأَمَّا الكَافِرُ وَالفَاجِرُ فَيَدخُلُ فِي أُنُوفِهِم فَيَثقُبُ مَسَامِعَهُم، وَيُضَيِّقُ أَنفَاسَهُم، وَهُوَ مِن آثَارِ جَهَنَّمَ يَومَ القِيَامَةِ.

وَرَوَى الطَّبَرِيُّ فِي تَفسِيرِهِ مِن حَدِيثِ رِبعِيِّ بنِ حَرَّاشٍ قَالَ: سَمِعتُ حُذَيفَةَ بنَ اليَمَانِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَوَّلُ الآيَاتِ الدَّجَّالُ، وَنُزُولُ عِيسَى ابنِ مَريَمَ، وَنَارٌ تَخرُجُ مِن قَعرِ عَدَنِ أَبيَنَ تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى المَحشَرِ تَقِيلُ مَعَهُم إِذَا قَالُوا، وَالدُّخَانُ»، قَالَ حُذَيفَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الدُّخَانُ؟ فَتَلَا رَسُولُ اللهِ ﷺ الآيَةَ: «﴿يَومَ تَأتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ يَملَأُ مَا بَينَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ يَمكُثُ أَربَعِينَ يَومًا وَلَيلَةً، أَمَّا المُؤمِنُ فَيُصِيبُهُ مِنهُ كَهَيئَةِ الزُّكَامِ. وَأَمَّا الكَافِرُ فَيَكُونُ بِمَنزِلَةِ السَّكرَانِ يَخرُجُ مِن مِنخَرَيهِ وَأُذُنَيهِ وَدُبُرِهِ».اهـ

وَرَوَى الطَّبَرِيُّ فِي تَفسِيرِهِ وَاللَّفظُ لَهُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي المُعجَمِ الكَبِيرِ عَن أَبِي مَالِكٍ الأَشعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ رَبَّكُم أَنذَرَكُم ثَلَاثًا: الدُّخَانَ، يَأخُذُ المُؤمِنَ كَالزَّكمَةِ، وَيَأخُذُ الكَافِرَ فَيَنتَفِخُ حَتَّى يَخرُجَ مِن كُلِّ مَسمَعٍ مِنهُ، وَالثَّانِيَةُ الدَّابَّةُ، وَالثَّالِثَةُ الدَّجَّالُ».اهـ

وَرَوَى الطَّبَرِيُّ فِي تَفسِيرِهِ أَيضًا عَنِ ابنِ عُمَرَ قَالَ: «يَخرُجُ الدُّخَانُ، فَيَأخُذُ المُؤمِنَ كَهَيئَةِ الزَّكمَةِ، وَيَدخُلُ فِي مَسَامِعِ الكَافِرِ وَالمُنَافِقِ حَتَّى يَكُونَ كَالرَّأسِ الحَنِيذِ».اهـ

وَبَعدَ أَن حَكَمَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ عَلَى رِوَايَاتِ الطَّبَرِيِّ بِالضَّعفِ، قَالَ فِي الفَتحِ: لَكِنَّ تَضَافُرَ هَذِهِ الأَحَادِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِذَلِكَ أَصلًا.اهـ

القَولُ الثَّانِي: أَنَّ الدُّخَانَ هُوَ مَا أَصَابَ قُرَيشًا مِنَ الجُوعِ بِدُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ، حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ يَرَى بَينَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ دُخَانًا، قَالَهُ ابنُ مَسعُودٍ. قَالَ: وَقَد كَشَفَهُ اللهُ عَنهُم، وَلَو كَانَ يَومَ القِيَامَةِ لَم يَكشِفهُ عَنهُم.

وَالحَدِيثُ عَنهُ بِهَذَا فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ وَاللَّفظُ لَهُ وَمُسلِمٍ وَالتِّرمِذِيِّ عَن مَسرُوقٍ قَالَ: قَالَ عَبدُ اللهِ: إِنَّمَا كَانَ هَذَا، لِأَنَّ قُرَيشًا لَمَّا استَعصَوا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ دَعَا عَلَيهِم بِسِنِينَ كَسِنِيِّ يُوسُفَ، فَأَصَابَهُم قَحطٌ وَجَهدٌ حَتَّى أَكَلُوا العِظَامَ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرَى مَا بَينَهُ وَبَينَهَا كَهَيئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الجَهدِ، فَأَنزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿فَارتَقِب يَومَ تَأتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ. يَغشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ قَالَ: فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، استَسقِ اللهَ لِمُضَرَ، فَإِنَّهَا قَد هَلَكَت، فَاستَسقَى لَهُم فَسُقُوا، فَنَزَلَت: ﴿إِنَّكُم عَائِدُونَ﴾ فَلَمَّا أَصَابَتهُمُ الرَّفَاهِيَةُ عَادُوا إِلَى حَالِهِم، فَأَنزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَومَ نَبطِشُ البَطشَةَ الكُبرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ﴾ قَالَ: يَعنِي يَومَ بَدرٍ.اهـ

وَرَوَى البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَن عَبدِ اللهِ بنِ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: «مَضَى خَمسٌ: الدُّخَانُ، وَالرُّومُ، وَالقَمَرُ، وَالبَطشَةُ، وَاللِّزَامُ».اهـ

قَالَ القَسطَلَّانِيُّ فِي شَرحِهِ عَلَى البُخَارِيِّ: «مَضَى خَمسٌ» مِن عَلَامَاتِ السَّاعَةِ «الدُّخَانُ» المَذكُورُ فِي قَولِهِ هُنَا: ﴿يَومَ تَأتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾ «وَالرُّومُ» فِي قَولِهِ: ﴿الم * غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ «وَالقَمَرُ» فِي قَولِهِ: ﴿اقتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ القَمَرِ﴾ «وَالبَطشَةُ» فِي قَولِهِ هُنَا: ﴿يَومَ نَبطِشُ البَطشَةَ الكُبرَى﴾ «وَاللِّزَامُ» فِي قَولِهِ: ﴿فَسَوفَ يَكُونُ لِزَامًا﴾ وَهُوَ الهَلَكَةُ أَوِ الأَسرُ وَيَدخُلُ فِي ذَلِكَ يَومَ بَدرٍ كَمَا فَسَّرَهُ بِهِ ابنُ مَسعُودٍ وَغَيرُهُ اهـ

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرحِ مُسلِمٍ: «اللِّزَامُ» وَالمُرَادُ بِهِ قَولُهُ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: فَسَوفَ يَكُونُ لِزَامًا أَي يَكُونُ عَذَابُهُم لَازِمًا قَالُوا وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيهِم يَومَ بَدرٍ مِنَ القَتلِ وَالأَسرِ وَهِيَ البَطشَةُ الكُبرَى.اهـ

القَولُ الثَّالِثُ: إِنَّهُ يَومَ فَتحِ مَكَّةَ لَمَّا حَجَبَتِ السَّمَاءَ الغَبَرَةُ.

وَقَالَ القُرطُبِيُّ فِي التَّذكِرَةِ: قَد رُوِيَ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ أَنَّهُمَا دُخَانَانِ قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ ابنُ مَسعُودٍ يَقُولُ: هُمَا دُخَانَانِ قَد مَضَى أَحَدُهُمَا وَالَّذِي بَقِيَ يَملَأُ مَا بَينَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ، وَلَا يَجِدُ المُؤمِنُ مِنهُ إِلَّا كَالزَّكمَةِ، وَأَمَّا الكَافِرُ فَتَثقُبُ مَسَامِعَهُ فَتُبعَثُ عِندَ ذَلِكَ الرِّيحُ الجَنُوبُ مِنَ اليَمَنِ فَتَقبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤمِنٍ وَمُؤمِنَةٍ وَيَبقَى شِرَارُ النَّاسِ.اهـ

وَقَالَ بَدرُ الدِّينِ العَينِيُّ فِي شَرحِ صَحِيحِ البُخَارِيِّ: وَقَالَ ابنُ دِحيَةَ الَّذِي يَقتَضِيهِ النَّظَرُ الصَّحِيحُ حَملُ أَمرِ الدُّخَانِ عَلَى قَضِيَّتَينِ إِحدَاهُمَا وَقَعَت وَكَانَت، وَالأُخرَى سَتَقَعُ. اهـ

رفع القرآن من الصدور والسطور
رَوَى الدَّيلَمِيُّ عَن حُذَيفَةَ وَأَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا مَعًا قَالَا: «يُسرَى عَلَى كِتَابِ اللهِ لَيلًا فَيُصبِحُ النَّاسُ وَلَيسَ مِنهُ آيَةٌ وَلَا حَرفٌ فِي جَوفٍ إِلَّا نُسِخَت».

وَأَخرَجَ السِّجزِيُّ عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُرفَعَ الرُّكنُ وَالقُرآنُ».

وَرَوَى الأَزرَقِيُّ فِي تَارِيخِ مَكَّةَ: «أَوَّلُ مَا يُرفَعُ الرُّكنُ، وَالقُرآنُ، وَرُؤيَا النَّبِيِّ ﷺ فِي المَنَامِ».

وَرَوَی ابنُ مَاجَه بِسَنَدٍ صَحِيحٍ قَوِيٍّ وَالحَاكِمُ وَالبَيهَقِيُّ عَن حُذَيفَةَ بنِ اليَمَانِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَدرُسُ الإِسلَامُ كَمَا يَدرُسُ وَشيُ الثَّوبِ حَتَّى لَا يُدرَى مَا صِيَامٌ وَلَا صَلَاةٌ وَلَا نُسُكٌ وَلَا صَدَقَةٌ، وَلَيُسرَى عَلَى كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي لَيلَةٍ فَلَا يَبقَى فِي الأَرضِ مِنهُ آيَةٌ، وَتَبقَى طَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ الشَّيخُ الكَبِيرُ وَالعَجُوزُ يَقُولُونَ: أَدرَكنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الكَلِمَةِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَنَحنُ نَقُولُهَا» فَقَالَ لَهُ صِلَةُ: مَا تُغنِي عَنهُم: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَهُم لَا يَدرُونَ مَا صَلَاةٌ وَلَا صِيَامٌ وَلَا نُسُكٌ وَلَا صَدَقَةٌ؟ فَأَعرَضَ عَنهُ حُذَيفَةُ، ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيهِ ثَلَاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يُعرِضُ عَنهُ حُذَيفَةُ، ثُمَّ أَقبَلَ عَلَيهِ فِي الثَّالِثَةِ فَقَالَ: «‌يَا ‌صِلَةُ، ‌تُنجِيهِم ‌مِنَ النَّارِ» ثَلَاثًا.اهـ

وَعِندَئِذٍ يَمُوتُ الخَضِرُ عَلَيهِ السَّلَامُ…

‏وَرَوَى ابنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَن أَبِي هُرَيرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: وَيُسَرَى عَلَى كِتَابِ اللهِ فَيُرفَعُ إِلَى السَّمَاءِ فَلَا يَبقَى فِي الأَرضِ مِنهُ آيَةٌ، وَتَقِيءُ الأَرضُ أَفلَاذَ كَبِدِهَا مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَلَا يُنتَفَعُ بِهَا بَعدَ ذَلِكَ اليَومِ، يَمُرُّ بِهَا الرَّجُلُ فَيَضرِبُهَا بِرِجلِهِ وَيَقُولُ: فِي هَذِهِ كَانَ يَقتَتِلُ مَن كَانَ قَبلَنَا وَأَصبَحَتِ اليَومَ لَا يُنتَفَعُ بِهَا”.

وَقَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ فِي الفَتحِ: وَعِندَ الطَّبَرَانِيِّ عَن عَبدِ اللَّهِ بنِ مَسعُودٍ قَالَ: وَلَيُنزَعَنَّ القُرآنُ مِن بَينِ ‌أَظهُرِكُم، ‌يُسرَى ‌عَلَيهِ ‌لَيلًا فَيَذهَبُ مِن أَجوَافِ الرِّجَالِ فَلَا يَبقَى فِي الأَرضِ مِنهُ شَيءٌ، وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ مَوقُوفٌ.اهـ

وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ ابنَ مَسعُودٍ قَالَ: «لَيُنتَزَعَنَّ هَذَا القُرآنُ مِن بَينِ أَظهُرِكُم»، قُلتُ: يَا أَبَا عَبدِ الرَّحمَنِ، كَيفَ يُنتَزَعُ وَقَد أَثبَتنَاهُ فِي مَصَاحِفِنَا؟ قَالَ: «يُسرَى عَلَيهِ فِي لَيلَةٍ فَلَا يَبقَى فِي قَلبِ عَبدٍ وَلَا مُصحَفٍ مِنهُ شَيءٌ، وَيُصبِحُ النَّاسُ فُقَرَاءَ كَالبَهَائِمِ»، ثُمَّ قَرَأَ عَبدُ اللهِ: ﴿وَلَئِن شِئنَا لَنَذهَبَنَّ بِالَّذِي أَوحَينَا إِلَيكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَينَا وَكِيلًا﴾.

وَرَوَى الفَاكِهِيُّ فِي أَخبَارِ مَكَّةَ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: «أَكثِرُوا زِيَارَةَ هَذَا البَيتِ قَبلَ أَن يُرفَعَ وَيَنسَى النَّاسُ مَكَانَهُ، وَأَكثِرُوا تِلَاوَةَ القُرآنِ قَبلَ أَن يُرفَعَ».اهـ

وَرَوَى الدَّارِمِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنِ ابنِ مَسعُودٍ قَالَ: «لَيُسرَيَنَّ عَلَى القُرآنِ ذَاتَ لَيلَةٍ وَلَا يُترَكُ آيَةٌ فِي مُصحَفٍ وَلَا فِي قَلبِ أَحَدٍ إِلَّا رُفِعَت».اهـ

وَأَخرَجَ الدَّيلَمِيُّ مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ وَحُذَيفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا: «يُسرَى عَلَى كِتَابِ اللهِ تَعَالَى لَيلًا فَيُصبِحُ النَّاسُ لَيسَ مِنهُ آيَةٌ وَلَا حَرفٌ فِي جَوفِ مُسلِمٍ إِلَّا نُسِخَت».اهـ

فائدة في التوحيد
وَعَن أَبِي مُوسَى عَبدِ اللهِ بنِ قَيسٍ الأَشعَرِيِّ رضِيَ اللهُ عنهُ عَنِ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَبسُطُ يَدَهُ بِاللَّيلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيلِ حَتَّى تَطلُعَ الشَّمسُ مِن مَغرِبِهَا» رَوَاهُ مُسلِمٌ.

قَالَ الحَافِظُ النَّوَوِيُّ: بَسطُ اليَدِ استِعَارَةٌ فِي قَبُولِ التَّوبَةِ، قَالَ المَازِرِيُّ: المُرَادُ بِهِ قَبُولُ التَّوبَةِ، وَإِنَّمَا وَرَدَ لَفظُ بَسطِ اليَدِ لِأَنَّ العَرَبَ إِذَا رَضِيَ أَحَدُهُمِ الشَّيءَ بَسَطَ يَدَهُ لِقَبُولِهِ وَإِذَا كَرِهَهُ قَبَضَهَا عَنهُ فَخُوطِبُوا بِأَمرٍ حِسِّيٍّ يَفهَمُونَهُ وَهُوَ مَجَازٌ فَإِنَّ اليَدَ الجَارِحَةَ مُستَحِيلَةٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.

لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ (قَالَ المُنَاوِيُّ: مِمَّا اجتَرَحَ فِيهِ وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى بَسطِ يَدِ الفَضلِ وَالإِنعَامِ لَا إِلَى الجَارِحَةِ الَّتِي هِيَ مِن لَوَازِمِ الأَجسَامِ فَالبَسطُ فِي حَقِّهِ عِبَارَةٌ عَنِ التَّوَسُّعِ فِي الجُودِ وَالتَّنَزُّهِ عَنِ المَنعِ عِندَ اقتِضَاءِ الحِكمَةِ)

وَيَبسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ (وَقَد وَرَدَ فِي القُرءَانِ نِسبَةُ اليَدِ وَالعَينِ وَالوَجهِ إِلَى اللهِ، لَكِنَّ هَذِهِ الأَلفَاظَ الثَّلَاثَةَ لَا تَأتِي بِمَعنَى الجَارِحَةِ فِي حَقِ اللهِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَشبِيهًا للهِ بِخَلقِهِ.

وَبِمَا أَنَّ القُرءَانَ تَوَقَّفَ عِندَ هَذِهِ الأَلفَاظِ لَم يَجُز إِضَافَةُ شَيءٍ لَم يُضِفهُ اللهُ إِلَى نَفسِهِ، فَيَكفُرُ مَن يَقُولُ: للهِ أُذُنٌ لَيسَت كَآذَانِنَا.

وَكَذَلِكَ مَا وَرَدَ «كِلتَا يَدَيهِ يَمِينٌ» أَي لَا نَقصَ فِي صِفَةِ اللهِ سُبحَانَهُ وَلَيسَ مَعنَاهُ أَنَّ اللهَ يَتَّصِفُ بِاليَدِ الجَارِحَةِ اليَمِينِ وَالشِّمَالِ لِأَنَّ اللهَ مُنَزَّهٌ عَن ذَلِكَ وَكُلُّ مَوضِعٍ وَرَدَ فِيهِ ذِكرُ اليَدِ أَوِ اليَمِينِ أَوِ الكَفِّ أَو «كِلتَا يَدَيهِ يَمِينٌ» أَو مَا فِي الحَدِيثِ: «مَا مِن قَلبٍ مِن قُلُوبِ بَنِي آدَمَ إِلَّا بَينَ إِصبَعَينِ مِن أَصَابِعِ الرَّحمَنِ»، فَإِنَّهُ يَجِبُ أَن يُصرَفَ عَن ظَاهِرِهِ كَمَا نَقَلَ الإِجمَاعَ عَلَى وُجُوبِ صَرفِ الأَخبَارِ المُتَشَابِهَةِ عَن ظَوَاهِرِهَا الفَقِيهُ الحَنَفِيُّ مُلَّا عَلِيٌّ القَارِي فِي كِتَابِهِ المِرقَاةِ فِي شَرحِ المِشكَاةِ، وَأَنَّ مَن حَمَلَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا أَو عَلَى مَا كَانَ مِن مَعَانِي الأَجسَامِ وَصِفَاتِ المَخلُوقِينَ فَإِنَّهُ يَكفُرُ.

وَمَن أَرَادَ السَّلَامَةَ وَالنَّجَاةَ فَليَثبُت عَلَى عَقِيدَةِ أَهلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ السَّلَفِ وَالخَلَفِ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ﴾، فَيَقُولُ إِنَّ هَذِهِ الأَخبَارَ لَهَا مَعَانٍ تُوَافِقُ التَّنزِيهَ وَالتَّوحِيدَ مِن غَيرِ تَشبِيهٍ للهِ بِخَلقِهِ بِالمَرَّةِ.

مِن مَعَانِي اليَدِ فِي لُغَةِ العَرَبِ:
وَاليَدُ تَأتِي لِمَعَانٍ كَثِيرَةٍ مِنهَا القُوَّةُ، وَقَالَ القُرطُبِيُّ: يَدُهُ عِبَارَةٌ عَن قُدرَتِهِ وَإِحَاطَتِهِ بِجَمِيعِ مَخلُوقَاتِهِ، وَالدَّلِيلُ مِنَ القُرءَانِ عَلَى أَنَّ اليَدَ تَأتِي: بِمَعنَى القُوَّةِ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَاذكُر عَبدَنَا دَاوُدَ ذَا الأَيدِ﴾، وَبِمَعنى: النِّعمَةِ تَقُولُ: كَم مِن يَدٍ لِي عِندَ فُلَانٍ، أَي: كَم مِن نِعمَةٍ أَسدَيتُهَا إِلَيهِ، وَبِمَعنَى الجَارِحَةِ، وَمِنهُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَخُذ بِيَدِكَ ضِغثًا﴾ وَبِمَعنَى الذُّلِّ وَمِنهُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿حَتَّىٰ يُعطُوا الجِزيَةَ عَن يَدٍ﴾ أَي عَن ذُلٍّ،

وَقَولُهُ تَعَالَى ﴿يَدُ اللَّهِ فَوقَ أَيدِيهِم﴾ قِيلَ: فِي الوَفَاءِ، وَقِيلَ: فِي الثَّوَابِ. وَاليَدُ السُّلطَانُ، وَاليَدُ الطَّاعَةُ، وَاليَدُ الجَمَاعَةُ، وَفِي الحَدِيثِ: «وَأَخَذَ بِهِم يَدَ البَحرِ»، يُرِيدُ طَرِيقَ السَّاحِلِ، وَاليَدُ الحِفظُ وَالوِقَايَةُ، وَيَدُ القَوسِ أَعلَاهَا، وَيَدُ السَّيفِ قَبضَتُهُ، وَيَدُ الطَّائِرِ جَنَاحُهُ، وَبَايَعتُهُ يَدًا بِيَدٍ أَي بِالنَّقدِ. اهـ

السؤال الفقهي
ما هي أوقات زكاة الفطر في مذهب الإمام الشافعي؟
وَقتُ جَوَازٍ: وَهُوَ رَمَضَانُ، فَيَجُوزُ إِخرَاجُهَا وَلَو أَوَّلَ لَيلَةٍ مِنهُ، وَيُسَمَّى هَذَا تَعجِيلَ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ أَخرَجَهَا قَبلَ وُجُوبِهَا وَهَذَا يَكُونُ أَيضًا فِي غَيرِ زَكَاةِ الفِطرِ بِشُرُوطٍ.
وَقتُ وُجُوبٍ: وَهُوَ غُرُوبُ شَمسِ ءَاخِرِ يَومٍ مِن رَمَضَانَ أَي بِإِدرَاكِ جُزءٍ مِن رَمَضَانَ وَجُزءٍ مِن شَوَّالٍ.
وَقتُ النَّدبِ: وَهُوَ يَومُ العِيدِ قَبلَ صَلَاةِ العِيدِ وَذَلِكَ حَتَّى يَكتَفِي الفُقَرَاءُ فَلَا يَضطَرُّوا إِلَى أَن يَدُورُوا عَلَى النَّاسِ، قَال ﷺ: «أَغنُوهُم عَن طَوَافِ هَذَا اليَومِ».
وَقتُ كَرَاهَةٍ: وَهُوَ بَعدَ صَلَاةِ العِيدِ إِلَى الغُرُوبِ إِلَّا أَن يَكُونَ أَخَّرَهَا لِانتِظَارِ نَحوِ قَرِيبٍ لَهُ لِيُعطِيَهُ الزَّكَاةَ.
وَقتُ حُرمَةٍ: وَهُوَ تَأخِيرُهَا إِلَى مَا بَعدَ غُرُوبِ شَمسِ يَومِ العِيدِ إِلَّا أَن يَكُونَ أَخَّرَهَا لِعُذرٍ.
مختارات من الأدعية والأذكار
مِن خَوَاصِّ اسمِ اللهِ “المُهَيمِنِ”
رَفعُ الهِمَّةِ وَعُلُوُّهَا، يُقرَأُ مِائَةَ مَرَّةٍ بَعدَ الغُسلِ وَالصَّلَاةِ بِخَلوَةٍ لِطَلَبٍ يُرِيدُهُ.

الدعاء الختامي
الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِي رَسُولِ اللهِ:

اللهم فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ عَالِمَ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ رَبَّ كُلِّ شَيءٍ وَمَلِيكَهُ أَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ أَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّ نَفسِي وَشَرِّ الشَّيطَانِ وَشِركِهِ.

اللهم بِجَاهِ هَذَا الشَّهرِ الفَضِيلِ اغفِر لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسرَافَنَا فِي أَمرِنَا اللهم ارحَمنَا إِذَا أَتَانَا اليَقِينُ، وَعَرِقَ مِنَّا الجَبِينُ، وَكَثُرَ مِنَّا الأَنِينُ.

اللهم ارزُقنَا الإِخلَاصَ فِي القَولِ وَالنِّيَّةِ وَالعَمَلِ وَتَقَبَّل مِنَّا الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالقِيَامَ وَالدُّعَاءَ، اللهم استَجِب دُعَاءَنَا يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكرَامِ.

يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحمَتِكَ أَستَغِيثُ أَصلِح لِي شَأنِي كُلَّهُ وَلَا تَكِلنِي إِلَى نَفسِي طَرفَةَ عَينٍ

اللهم أَعِنَّا عَلَى الصِّيَامِ وَالقِيَامِ وَتَقَبَّل مِنَّا يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللهم اجعَلنَا مِن عُتَقَاءِ هَذَا الشَّهرِ الكَرِيمِ وَمِنَ المَقبُولِينَ يَا أَكرَمَ الأَكرَمِينَ، اللهم أَعتِقنَا فِيهِ مِنَ النِّيرَانِ يَا اللهُ يَا اللهُ يَا اللهُ، اللهم أَرِنَا لَيلَةَ القَدرِ المُبَارَكَةَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ وَارزُقنَا فِيهَا دَعوَةً مُجَابَةً بِجَاهِ سَيِّدِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ يَا اللهُ، اللهم ارزُقنَا رُؤيَةَ سَيِّدِ الأَنَامِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ﷺ

اللهم بِحَقِّ هَذِهِ الأَيَّامِ المُبَارَكَةِ وَهَذَا الشَّهرِ الفَضِيلِ احفَظ أَهلَ غَزَّةَ وَفِلَسطِينَ، بِعِزِّكَ الَّذِي لَا يُضَامُ أَرِنَا عَجَائِبَ قُدرَتِكَ فِي نَصرِهِم، اللهم اربِط عَلَى قُلُوبِهِم وَثَبِّتِ الأَرضَ تَحتَ أَقدَامِهِم، اللهم ثَبِّت أَقدَامَهُم عِندَ لِقَاءِ عَدُوِّكَ، اللهم إِنَّ اليَهُودَ الغَاصِبِينَ قَد بَغَوا وَاستَكبَرُوا وَأَفسَدُوا فِي الأَرضِ فَزَلزِلهُم وَدَمِّرهُم وَأَرِنَا القُدسَ وَغَزَّةَ وَفِلَسطِينَ حُرَّةً أَبِيَّةً يَا رَبَّ العَالَمِينَ يَا مُجِيبَ الدُّعَاءِ يَا أَرحَمَ الرَّاحِمِينَ وَمُجِيرَ المُستَضعَفِينَ

اللهم ارفَعِ البَلَاءَ وَالوَبَاءَ وَالأَمرَاضَ عَنِ المُسلِمِينَ فِي مَشَارِقِ الأَرضِ وَمَغَارِبِهَا إِكرَامًا لِوَجهِ مُحَمَّدٍ ﷺ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللهم تَوَفَّنَا عَلَى كَامِلِ الإِيمَانِ وَارزُقنَا شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ وَمَوتًا فِي بَلَدِ نَبِيِّكَ ﷺ، وَاحشُرنَا عَلَى نُوقٍ رَحَائِلُهَا مِن ذَهَبٍ آمِنِينَ مُطمَئِنِّينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.

رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ

اللهم أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ،

اللهم اجعَلنَا مِن عُتَقَاءِ هَذَا الشَّهرِ الكَرِيمِ وَمِنَ المَقبُولِينَ يَا أَكرَمَ الأَكرَمِينَ، اللهم أَعتِقنَا فِيهِ مِنَ النِّيرَانِ يَا اللهُ يَا اللهُ يَا اللهُ، اللهم أَرِنَا لَيلَةَ القَدرِ المُبَارَكَةَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ وَارزُقنَا فِيهَا دَعوَةً مُجَابَةً بِجَاهِ سَيِّدِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ يَا اللهُ. اللهم ارزُقنَا حُسنَ الخِتَامِ وَالمَوتَ عَلَى دِينِكَ دِينِ الإِسلَامِ وَرُؤيَةَ سَيِّدِ الأَنَامِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ﷺ.

اللهم إِنَّا دَعَونَاكَ فَاستَجِب لَنَا دُعَاءَنَا وَاغفِرِ اللهم لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسرَافَنَا فِي أَمرِنَا وَمَا أَنتَ أَعلَمُ بِهِ مِنَّا وَارزُق كُلَّ مَن حَضَرَ وَاستَمَعَ لِلدَّرسِ سُؤلَهُ مِنَ الخَيرِ وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ وَسَلِّم تَسلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَومِ الدِّينِ.

وَآخِرُ دَعوَانَا أَنِ الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ

 

شاهد أيضاً

شرح دعاء “اللهم إني أسألك من الخير كله” ودلالاته في طلب الجنة والوقاية من النار

المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله الذي أنزلَ على عبده الكتاب ولم يجعل لهُ …