هذا الفصل الذي نشرع به الآن معقود لبيان حكم الإيلاء. الإيلاءُ فى اللغة هو الحلف، أما شرعًا فهو حَلِفُ زوجٍ يَصِحُّ طلاقُه ليمتَنِعَ مِنْ وَطءِ زوجَتِه فى قُبُلِها مطلقًا أو فوقَ أربعةِ أشهر، يعنى أن يحلِف أن لا يجامع زوجتَه على الإطلاق مثلا، أو أن يحلِف أن لا يجامعَ زوجتَه أكثر من أربعةِ أشهر، كأن يحلف أن لا يجامعها خمسة أشهر، أو أربعة أشهر ونصف، أو ستة أشهر وهكذا، ومثلُه ما إذا حلف أن لا يجامِعَها إلى أن تموت أو يموت هو فهذا مُلْحَق بهذا. والإيلاء معصية. وبالتعريف الذي ذكرناه خرج ما لو حلف على الامتناع من التمتع بغير الوَطء فلا يكون إيلاءً. فإذا حلف الزوج أن لا يطأَ زوجتَه مطلقًا أى من غيرِ تقييد بمدة أو حلف أن لا يطأَها مدةً تزيدُ على أربعةِ أشهر فهذا مُولٍ من زوجته أى واقع فى معصية الإيلاء وذلك لأنها تتضَرَّر بقطع طمعِيَتِها فى أمرٍ لها فيه حقُّ العَفاف وهو الجماع، ولكونِ المدة أكثر من أربعة أشهر لأنه لو ترك جماعَها بلا حلف، لبَقِى لها طمعية فى ذلك، وإن حلف على مدة دون الأربعة أشهر أو إلى أربعة أشهر فهذه مدة تَصْبِرُ إليها المرأة عادة أما ما زاد عن أربعة أشهر فإنه فى العادة يَقِلُّ صَبْرُها فلذلك كان معصيةً. وقد يكون الإيلاءُ بلفظٍ صريح أو مع الكناية فإذا قال مثلاً لا أُضاجِعُكِ أو لا أُباشِرُكِ فهذه كناية يُنظَرُ فيها إلى نيَّتِه. ومثلُ الحَلِف بالله الحلف بصفة من صفاته. فإذا وَقَعَ فى ذلك يَضْرِبُ له القاضي أجلاً أربعةَ أشهُر تبتَدِئ من الإيلاء، لَمَّا ءَالَ ابتدَأَتْ المدة، فإذا انقضت هذه الأشهر الأربعة ولم يجامعها يُخَيَّر الْمُوْلِي، يعني هذا الزوج الذي ءالَ يخيرُه القاضي بين الجماع مع الكفارة لأنه حلف أو الطلاق، فإذا امتَنَعَ الزوجُ من الرجوع إلى الجماع ومن الطلاق، طلَّق القاضي عليه طلقةً واحدة. يقول القاضي فى التطليق عليه مثلا: أَوقَعْتُ عن فلان على فلانة طلقةً أو نحوَ ذلك.
